-->

الفصل التاسع - وكر الأبالسة - Den of Devils



الفصل التاسع




❈-❈-❈


شيطان معروف خير من قديس مجهول

مثل حبشي

❈-❈-❈



تنويه: جميع الأحداث الواردة في هذا الفصل حقيقية وحدثت بالفعل
لهث بغضب ضاممًا شفتاه وهو يتفقدها بنظراتٍ لن تقبل سوى الإجابة لتنهض هي ولقد ظنت أن كلمات صديقتها معها قد طمئنتها قليلًا ولكن برؤية هذا الفضولي لم تستطع منع نفسها عن الصياح بوجهه:

- أنت إيه بقى، فاكر نفسك مين علشان تيجي وتدخل في حياتي.. أنا اعرفك منين أصلًا علشان تهتم اوي كده ويفرق معاك فيديو ولا مش فيديو.. اتفضل امشي اطلع برا!

ازداد لُهاثه غضبًا وكاد أن يتحدث بينما تابعت هي بإستهزاء:

- ولا اقولك، روح اعرف من ياسر يمكن يديك شوية فلوس تنفعك..

خرجت "إيناس" على صوتهما من الحمام الملحق بغرفتها ولا تزال آثار المياة على جسدها وحاوطت جسدها بمنشفة سريعًا لترى ما هُناك بينما شعرها مبتل لا تزال قطرات المياة تتساقط منه لتتحدث لكلاهما زاجرة:

- عشر دقايق بس ادخل اخد شاور الاقيكوا ماسكين في بعض!

كان لا ينظر تجاهها أبدًا ولكنها نبهته ليلتفت لها كي ينهاها ليلاحظها بتلك الهيئة، هي بالنسبة لما يراه عارية تقريبًا، من هذه المرأة حقًا التي لا تملك القليل من الخجل لتقف أمامه بهذه الطريقة؟ ولكن رغمًا عن هذا، هي فاتنة.. فاتنة للغاية! أو ربما لقلة تعامله مع النساء يجدها هكذا!

عقد حاجباه محمحمًا وهو يحاول أن يُنهي نفسه على ما يُفكر به ثم قال بصوته المميز:

- خليكي انتي في حالك!

رفعت حاجبيها في دهشة شديدة وابتسامة مستهجنة ارتسمت على شفتاها بينما همست له بنظراتها الجريئة التي لا تتوقف عن الإنهمار من عينيها:

- لا بجد! اخليني في حالي! تمام!

انزعجت "رفيدة" من كل ما يحدث حولها فضلًا عن كل ما تمر به فهي ليست بحاجة كي تشهد نزاعهما لتزجره:

- امشي برا ومظنش اننا لازم صوتنا يعلى في وقت متأخر زي ده.. كفاية بقى كل المشاكل اللي عملتها من ساعة ما دخلت البيت.. اتفضل برا!

اقتربت منه "إيناس" وبمنتهى الأريحية دفعته للخارج وهي تقول:

- نشكركم على حسن تعاونكم معنا.. العاقبة في المسرات.. يالا يا عم جاد تصبح على خير.. ورينا عرض كتافك.. امشي بقى ده أنت دماغك جزمة.. يالا من هنا دلوقتي وأنا ههديها شوية وهنبقى نتكلم.. طريقك زراعي.. ألف سلامة.، مع السلامة.. ليلتك لذيذة..

أخذت تُخبره بكل ذلك وهي تدفعه للخارج بينما أُخذ هو من جرأتها الشديدة بل واقترابها منه بمظهرها شبه العاري ليجد نفسه بالنهاية أمام الباب الذي قد أُغلق بوجهه بالفعل!

توجهت نحو صديقتها بينما اقتربت لتجلس بالقرب منها وهتفت بها متسائلة:

- إيه اللي حصل تاني؟

رمقتها بُحزن لتجيبها بنبرة منكسرة:

- جه وسألني إيه الفيديو اللي ياسر بيتكلم عنه!

رفعت حاجباها وتجهمت ملامحها وسرعان ما تحولت للإنفعال وهي تغمغم:

- الوسخ الحيوان.. مش لاقي غير جاد رايح يقوله.. بيلاعبك وبيلوي دراعك ابن الكلب!

كادت أن تبكي من جديد بينما تلك الكلمات التي سمعتها جعلتها تُفكر قليلًا فتسائلت بعفوية:

- اشمعنى جاد؟ وتفتكري قاله الفيديو فيه ايه ولا بعتهوله أصلًا؟

هزت رأسها بإستنكار لتجيبها:

- هو مفيش رد مقنع غير إنه اختار جاد علشان حاجة من الإتنين.. يا يكسبه في صفه بما إنك مش طايقاه ورافضة وجوده أصلًا.. يا إمّا علشان جاد متربي تربية غيرنا خالص ويوم ما يعرف الحقيقة ممكن يتجنن عليكي أو يقولك ترجعي لجوزك بدل الفضايح ويبقى كده ياسر الكلب عمل اللي عايزه!

تنهدت وهي ترمقها بآسى ثم تابعت:

- ولو كان عِرف ايه اللي في الفيديو مكنش جه زي الحمار المتهور وقعد يجعر بصوته ده اللي زي ما يكون واكل بقرة على العشا لواحده!

قليل من الإبتسامة لمست شفتاها الفاتنتان لتعقب قائلة:

- صدقيني مش وقت هزار.. وحاولي تتكلمي بشياكة شوية يا إيناس.. انتي محسساني إنك مش صاحبتي اللي عرفتها من زمان!

زمت شفتاها لاوية كلتاهما بتهكم إلي احدى الجوانب وقالت مستهزءة:

- وكنا اخدنا إيه من الشياكة! ادينا واقعين اهو ومش عارفين نعمل ايه.. صدقيني لو كنتي واحدة تانية زيي كنتي قولتي طظ وزمانك رافعة عليه قضية خُلع بالفيديو اللي معاكي وكنتي هتمسخري بكرامته الأرض!

تفقدتها بحزن دفين لا تدري على حالها أم حال كلتاهما لتنهض متجولة بالغرفة أمامها وهي تُفكر بصوتٍ مسموع:

- طيب هو مراحش لراغب لأن راغب لو عِرف هيعرف يلاعبه كويس.. وسوزي مش سالكة وهما الاتنين مش طايقين بعض من زمان.. نانسي غلبانة وعلى قدها ومش بتاعة مشاكل.. وطبعًا سلمان بالعافية لما بيتقابلوا صُدفة بيعمل نفسه بيتعامل معاه عادي، ده إذا اتقابلوا أصلًا! بقولك إيه يا روفي!

هي كانت بالفعل تتابعها بنظراتها المتريثة بينما تحولت عينيها الذابلتان من كُثرة البكاء للتعجب وأن تأتي بما لديها وبما يدور بعقلها الشيطاني الذي هي على علم به جيدًا فصديقتها لم تكن غبية يومًا ما وهي تملك الجرأة والشجاعة التي لا تملكها هي واستمعت إليها وهي تقول بحماس:

- ما تحكي لجاد.. اكسبيه في صفك! هيعمل إيه يعني! مصلحتك إنك تكسبيه..

تحولت ملامحها للإمتعاض بينما اندفع لسانها في تساؤل مستنكر:

- إيه! اكسب أنا البتاع ده.. اكسب إيه، ده معرفته خُسارة من يوم ما شوفت وشه! إيناس please قولي كلام غير ده! أنا استحالة اعمل كده..

اقتربت وهي تجلس بالقرب منها ناظرة لها ثم حدثتها بلهجة مُقنعة علها تستجيب:

- بصي يا روفي.. كده ولا كده الواطي اللي انتي اتجوزتيه بعمايلة الواطية راح أصلًا ودخله ما بينكم.. وأنا معاكي إنك متثقيش فيه خالص.. بس هو كده ولا كده دخل ما بينكم.. يبقى تكسبيه.. استعطفيه.. افتكري كل النكد اللي عدا عليكي اليومين اللي فاتوا وعيطيله شوية وهتلاقيه بيطبطب عليكي.. مين عارف، ما يمكن يوقف في صفك.. وبعدين انتي مشوفتيش اللي أنا شوفته معاه النهاردة، لسه متعرفيهوش ولا حاولتي أي مرة تقربي منه.. أنا شوفت حاجات كتيرة بتقول إنه هيوقف لجوزك الكلب ده!

تعجبت وهي تضيق ما بين حاجبيها لتتسائل:

- شوفتي إيه بالظبط؟

تفقدتها لوهلة وهي تحاول أن تصفه وما رأته منه اليوم لتقول بنبرة تبدو أنها غارقة في التفكير:

- بصي.. عارفة كده التعبير بتاع الأفلام إنه ابن بلد! هو ده اللي شوفته.. طماع بقى ولا مش طماع بس هو دمه حامي كده وساب اللي وراه واللي قدامه لما أخته اللي اسمها رحمة دي، البنت الممرضة اللي كانت بتيجي لباباكي لو فاكراها، قالتله إن فيه حد بيضايقها.. غير إنه دمه خفيف ولو إن لسه منعرفش هو طمعان ولا سالك بس من رأيي لو حكتيله هتكسبيه في صفك.. ويا سلام بقى على حنية النسوان هتاكل معاه اوي وهتلاقيه بياخدك بالحضن ومش بعيد يودي نفسه في داهية علشان انتي مظلومة!

رفعت حاجبيها واتسعت عينيها وهي تتفقدها بدهشة وقالت مُستنكرة:

- أوه.. my super hero!! ده حصل امتى كل الكلام ده، وإيه الطيبة والحنان ده كله.. من امتى يا إيناس يا baby بنصدق شويتين يدخلوا علينا من راجل؟ ما اديكي شايفة بعد كل اللي عملته مع ياسر طلع في الآخر زيه زي أي راجل.. فجأة كده هنصدق واحد لسه نعرفه من يومين؟

نظرت إليها بطرف عينيها في تحفز لتقول بنبرة متأففة:

- انتي بتتريقي وأنا بحاول احل.. ماشي يا رفيدة يا بنت أنور! أنا غلطانة!

نهضت وتركتها وتوجهت لغرفة ملابس صديقتها لتجد ما ترتديه بينما تبعتها "رفيدة" وهتفت بها:

- انتي زعلتي بجد ولا إيه؟

هزت كتفيها ولم تلتفت لها بينما حاولت أن تجد ما ترتديه فملابس "رُفيدة" اغلبها لا تلائمها لشدة نحافتها التي تحافظ عليها ولكنها اجابت مُعقبة أثناء ما تفعله:

- لا وهزعل ليه، انتي حرة، أنا خايفة لا ياسر يكسبه في صفه هو ويروح بنفسه بدل ما يعمل اخوكي يبقى ضدك، بس اقولك يا رفيدة، وخديها نصيحة من واحدة عايشة من غير راجل سنين..

التفتت لها بملامح جدية ثم قالت بصوت منخفض عكس بعضًا من حُزنها والكثير من وحدتها:

- أنا اتمنى إني اكسب واحد بجد يبقالي أخ كويس.. ومع إنه لا استايل ولا اتيكيت ولا متربي زينا، بس لو هو اخويا كنت كسبته.. ولو حتى على سبيل المصلحة..

تنهدت بآلم بينما التفتت لترتدي تلك المنامة ذات السروال القصير الواسع فهو الوحيد الذي لا يحتاج للنحافة الموجعة خاصتها ممرة السروال أسفل المنشفة ثم أخذت بالقميص القطني عاري الصدر الخاص بالمنامة التي يُماثلها لترتديه فوق المنشفة وبعدها جذبتها حتى اصبحت مرتدية للمنامة بالكامل وتعجبت صديقتها من كلماتها فهي تبدو منطقية للغاية، هي تعرف أن "إيناس" تركت أُسرتها ولم يكترث أيًا منهم بها وباتت تعيش وحدها منذ سنوات لتجدها تتابع بينما وقفت هي تستمع لها عاقدة ذراعيها:

- براحتك، انتي فاهمة وعارفة كويس إن جاد لو قرب منك يبقى انتي كده كسبتيه بدل ياسر، نكدتي على طنط سوزي الحِشرية، وكمان كسبتي إنه مش هيبوظ لراغب انتخاباته اللي لو باظت هيتأثر الشغل واديكي بتلفي في دايرة مقفولة ومتكتفة مش عارفة تعملي حاجة غير لما الإنتخابات تخلص.. على الأقل اعملي الأخت الحنينة المظلومة الغلبانة مكسورة الجناح وبعدين ابقي افتحي عليهم ار بي جي ناريمان بدوي بعد ما توصلي للي انتي عايزاه.. ابقي اطرديه ولا اسجنيه تاني ولا حتى موتيه انتي حرة! بس أنا من رأيي تكسبيه..

التفتت لها بعد أن وضعت المنشفة بعيدًا ثم سألتها:

- معندكيش روب يدخل فيا؟

أشارت لها بسبابتها إلى الموضع الذي يتواجد بها ما تبحث عنه بينما أخذت تطرق بأناملها في انتظام على شفتاها لتسألها بصوتٍ مستغرق بالتفكير بعد أن حسبت الأمر سريعًا من جميع النواحي:

- يعني انتي شايفة كده؟

التفتت بعد أن وضعت الرداء عليها دون أن تُغلقه واجابتها:

- لو مكانك هاعمل كده، مع إني شايفة إن طظ يعني، virgin (عذراء) ولا مش virgin محدش ليه حاجة عندي.. جسمي ويخصني واعمل اللي أنا عايزاه.. معندكيش حاجة بقى كده البسها في رجلي لزوم الاتيكيت؟

أشارت لها فاتجهت لترى ما سترتديه لتقول الأخرى بإستعلاء:

- بس اديني طردته، مش هاروح يعني واتحايل عليه يسمعني! لما يبقى يجيلي تاني بقى!

التفتت لها بإبتسامة بينما قالت بحماس:

- لا أنا هجيبهولك تاني.. سيبي الموضوع ده عليا.. واحسن اننا بليل والكل نايم.. ادخلي كده انتي كمان اغسلي وشك اللي شبه وش الأموات ده على ما اعملك حاجة تشربيها ولا تاكليها بدل ما انتي مجوعة نفسك وهتوقعي تفرفري مننا ومتقلقيش كلها كده نصاية وهتلاقي جاد جه بنفسه لغاية عندك! بس اعملي كأنك مش فاهمة إن انا اللي زقاه عليكي.. هو في الدور الرابع مش كده؟

أومأت لها بالإيجاب ثم ضيقت عينيها وهي تتفحصها بإستغراب بينما توجهت لتُمسك بعلبة سجائرها وقداحتها ووضعتهما بجيب الرداء غير المُغلق ثم توجهت في هدوء حيث المطبخ بعد أن تركت غرفة "رفيدة" وأخذت تُفكر مليًا بحديثها مع صديقتها وكذلك ما عليها قوله كي تستميل قلبه وتحث شهامته التي رآتها اليوم وهو يتعامل بتلقائية شديدة ثم انتهت من صنع القهوة التي سيحتاج كلاهما لها وبعدها توجهت حيث يمكث ومن نظرتها لهذا الرجل تعلم جيدًا أنه سيختار أفضل غرفة بالطابق.. فهي تؤمن أن الممنوع مرغوب، وهذا الرجل يبدو أنه قد حُرم من الكثير!

طرقت الباب بقدمها أكثر من مرة وهي تحمل الكوبان بينما تعجب هو من الذي يطرق الغرفة بهذه الطريقة الغريبة فنهض ليفتح الباب بينما تفقد مظهرها، اللعنة!! هو يستطيع رؤية كامل تفاصيل جسدها بوضوح، مفاتنها أسفل ذلك القميص القطني، ساقيها العاريتان بأكملهما، ما الذي تركته ليستتر؟ ذراعيها أسفل أكمام هذا الرداء المفتوح؟ يا لها من كريمة غاية في الاحتشام!

رآت نظراته الراغبة بها لتبتسم بخبث لتتسائل مُستنكرة:

- جرا ايه يا عم جاد، أول مرة تشوف واحدة ست قدامك ولا إيه؟ حاسب لا عينيك توجعك!

رفع احدى حاجباه وكاد أن يقول شيئًا لتسبقه هي:

- خد امسك، وعايزة اتكلم معاك شوية..

ناولته كوب القهوة رغمًا عنه فتلك المرأة المجنونة قاربت على سكب الكوب عليه فلم يجد سوى أن يحاول الإمساك به بدلًا من أن يُفسد ملابسه بينما دخلت الغرفة وجلست على فراشه بأريحية في انتظاره ليتابعها بعينيه في استغراب، هل هذه المرأة تجره إلي الرذيلة بمظهرها هذا؟

- اقفل الباب!

رمقها في صدمة وقال:

- باب ايه اللي اقفله.. انتي اتجننتي..

أومأت له بالموافقة بينما ازداد تعجبه بأن إمرأة شبه عارية جالسة على فراشه بعدما مر منتصف الليل بساعتين لتقول هي مُعللة:

- الحيطان ليها ودان يا عم جاد، وبعدين متخافش، ووفر بصاتك دي.. مش هاغتصبك يعني!

بالرغم من جمودها وملامحها التي تتحلى بالقوة والصمود ولكن بداخلها شعرت بغُصة على ما وصلت إليه، الآن الرجال ينظروا إليها كمن تريد أن توقع بهم.. كيف وصلت إلي هذا على كل حال؟

نهضت واضعة الكوب جانبًا ثم أغلقت الرداء عليها وهي تربط حزامه حول خِصرها زافرة بضيق فلوهلة نست اختلاف خلفياتهما الإجتماعية وضيق هو عينيه نحوها ليتفحصها للحظات ثم انصاع مُغلقًا الباب بعد تأتأة منه وزفرة تنم على ضيقه من هذا الوكر الذي كل واحد به يختلف عن الآخر للغاية وكأن كل شخص عبارة عن عالم مُنفصل بما فيه..

اتجه نحوها وملامحه يعلوها الجدية ثم سألها:

- خير ولامؤاخذة أنا مش كان طريقي زراعي من شوية؟ ايه المغزى من مجيتك؟

ابتسمت بإقتضاب على هذا السؤال ذو السجع الخاص به الذي استمعت منه إليه من قبل بينما تفقدته وهي تجلس من جديد وقالت بتنهيدة:

- اقعد يا عم جاد اقعد.. خليني أقولك كلمتين وابقى اعمل اللي أنت عايزه! حاول تسمعني وتركز معايا ووطي صوتك علشان هنا كله بيتصنت على كله!

زفر بمزيدًا من الضيق بينما غمغم:

- وادي قاعدة!

جلس بنهاية الفراش بعيدًا عنها لترمقه بجدية ثم شرعت في الحديث:

- أنا اعرف اختك من أيام ما كنا عيال في ثانوي.. عارف يعني ايه؟ يعني اكتر من عشر سنين وهي صاحبتي.. وجوزها الكلب ده يادوب من أول أيام الخطوبة بعد ما عمل فيها الحنين الطيب وطبطب عليها كنت أنا لسه بنقل وبعيش لواحدي.. راح بكل وساخة فرّق ما بينا وقالها صاحبتك عرضت نفسها عليا.. وطبعًا بالشويتين بتوعه رفيدة صدقته.. وفضلنا متقاطعين من ساعتها لغاية لما عِرفت حقيقته!

زم شفتاه وهو يتفقدها متفحصًا منتظرًا النهاية لحديثها لتتابع هي بتنهيدة:

- بس ده محصلش.. هو اللي حاول يقرب مني وأنا صديته.. وساعتها طبق الدهب اللي هياكل منه بسبب جوازه من رفيدة مكنش هيلاقيه لو صدقتني وكذبته هو.. فخلاني في مرة اسكر من غير ما اخد بالي واتا مكونتش بشرب كتير ساعتها وكان حواليا اصحابه في night club وواحد فيهم قرب مني وخلى رفيدة تشوفني.. قالها شوفي صاحبتك اللي عاملة فيها حبيبتك.. من الآخر طلعني قدامها بتاعة رجالة وشمال وجاية في أي مصلحة.. ياسر ولا اصحابه ولا أي واحد يجي يعيش معايا ويصرف عليا علشان كنت لسه بسيب بيت أهلي ومعالم حياتي مش واضحة!

ابتلعت غُصة بحلقها بينما ازدادت ملامحه وجوم ولم يفهم ما الذي تُعنيه تلك الكلمة بالإنجليزية التي نطقتها ولكنها ارتشفت من قهوتها وهي تحاول التخلص من تأثير تلك الذكرى الموجعة لتحمحم وحاولت التحلي بالثقة وبعدها قالت بتنهيدة مُكملة حديثها:

- حاولت افهمها إن ده مش قصدي الاقيها بتقولي انتي عايزة تفرقي ما بيني وبين ياسر علشان قِبل يتجوزني باللي فيا ومش هيفرق معاه واحدة عايشة لواحدها فقولتي ده مناسب واتجوزه أنا! بس كنت فاهمة إنه مش كلامها!

ابتلعت تلك الغصة من جديد بينما وصل لحد الكفاية ليسألها بإنفعال:

- وهو ايه اللي قِبله في رفيدة لما اتجوزها؟

تنهدت بآلم بينما حدقته للحظات ثم رطبت شفتاها ومن جديد وجدها تدفع عقله عن التفكير بها في شهوة فحاول ألا ينظر لها مباشرة وارتشف من كوبه لتجيبه:

- دي بقى اختك تبقى تفهمهالك مش بتاعتي.. بس خد بالك، ياسر مش كويس.. ياسر ده كلب وتِعبان وبيعرف يتلون كويس اوي.. أنت عندك فكرة إنه كان صاحب سلمان وقريب منه اوي، وكان يعرف إن سلمان بيحب رفيدة بس فِضل يجي معاه البيت كل شوية ويروح معاه الشركة لغاية ما خلى رفيدة تحبه؟

اندهش مما يستمع له ليتمتم متعجبًا:

- سلمان ده مش ابن خالتها؟ ايه اللي خلاها متتجوزهوش؟

أشعلت احدى سجائرها ثم نهضت باحثة عن منفضة لتأتي بها واجابته مُحافظة على صوتها الخافت كي لا يستمع لهما أحد:

- رفيدة لما سلمان فجأة كده أُعجب بيها مكنتش بتبصله غير انه ابن خالتها مش اكتر، غير إنها كانت خايفة من حاجات كتير ممكن طنط سوزان تعرفها عنها، ومعندكش فكرة هي بتحب ابنها ازاي ومدلعاه، كانت استحالة تسكت لما تعرف كل حاجة عن رفيدة!

شعر بأنه كالغبي الذي لا يفهم شيئًا ليقول حانقًا:

- حاجات وتقبل وتسكت وياسر وسلمان والست الأرشانة دي، هو ايه المغزى من رغيك ده؟

لانت شفتاها من جديد لإستماعها تساؤله ثم اجابته:

- ميغركش النفخة الكدابة اللي رفيدة اختك فيها، غلبانة اوي فوق ما تتصور، هي بس خايفة.. يعني زي ما أنا ما دخلت عليك اوضتك بعد الساعة اتنين بليل فجأة حسيت إني ست شمال بالذات وأنا لابسه كده.. برضو انت جيت حياتهم فجأة بتقول إنك اخوها وعايز فلوسك ونسبك وبعدها ورثك.. ورفيدة اللي اتربت إن اهم حاجة في الدنيا هي الفلوس وصورتها قدام الناس عمرها ما هتاخدك بالحضن..

رطبت شفتاها لتزعجه من جديد وهي تثير بداخله غرائز رغبة لم تثرها إمرأة مثلها به بينما تابعت بهمس:

- قوم كده وروق وروحلها واتكلم معاها بهدوء، هي أصلًا محتاجة اللي يوقف معاها ومش لاقية، لا أنور ولا راغب عمرهم كانوا سند وضهر.. روحلها يا جاد وحاول تكلمها بالراحة وياريت متقساش عليها.. اختك جواها متدمر! مبقاش ليها حد ولا حضن غيري ومفيش راجل يسندها..

ضيق عينيه وهو يتفحصها مليًا وازدادت ملامحه وجوم ورمقها وهي تنفث دخانها وترتشف من قهوتها ولكنه لن يتجاوب مع هذا الإستعطاف ولعبها دور المرأة المستضعفة بالإضافة لتلك الجولة التي شاركته بها صباح اليوم، فتلك الشيطانة الفاتنة لا تعرف أنه قد بات شيطانًا مثل كل من بهذا الوكر حتى يستطيع التعامل معهم فقال بنبرة رافضة:

- لا كتر خيرك نورتيني وعرفتيني.. تُشكري!

ابتسمت له نصف ابتسامة وهي تفهم من ملامحه المُعبرة للغاية أنه يظن أن خلف حديثها استعطاف ومحاولة أن تكسب شفقته والدفع به كي يذهب لأخته مرة أخرى فنهضت بعد أن أطفأت بقايا سيجارتها وهمست له بمصداقية:

- مظنش الراجل اللي جري على بنت الراجل اللي رباه علشان واحد في حارتهم بيضايقها، هيسيب اخته اللي من لحمه ودمه تتبهدل وسط الناس.. سوزان هتذل فيها، وسلمان هيشمت فيها، ده غير راغب اللي مبيهموش غير مصلحته! رفيدة فعلًا ممكن تتفضح.. وأنت راجل يا جاد، غير كل اللي في البيت ده.. ده اللي قريته فيك من أول ما شوفتك، جدع وحقاني ومش عايز تعمل مشاكل وكل اللي بتدور عليه هو حقك من أبوك، أنت مغلطتش في حاجة.. أنا في يوم عملت زيك وخدت حقي، بس البيت اللي طلعت منه مفيهوش الراجل اللي خايف عليا.. وصدقني إني كان نفسي الاقيه اوي.. تصبح على خير..

تلاعبت بتلك الكلمات على وتر رجولته بالرغم من أنها بأكملها صادقة سواء ما حدث معها أو حتى من تفكيرها عنه بعد ما تعاملت معه وسرعان ما تركته وحيدًا حتى يُفكر بكلماتها المؤثرة التي تتيقن أنها ستنتصر أمام ذلك الرجل ذو المروءة الذي ترك كل شيء وذهب لإمرأة يعتبرها أخت له..

المرأة حقًا نجحت في المكر على الشيطان نفسه.. طالما أرادت هي هذا واستطاعت التصرف بحنكة وذكاء مُستخدمة كل ما بين يديها من مُعطيات حتى ولو كانت عدة مشاعر في الوصول لما تُريده!

لم تلحظ تلك المتلصصة التي استيقظت على صوت طرقها الذي طرقت به منذ قليل على باب الغُرفة التي تجاورها وتخص "جاد" فكلاهما يمكثان بالطابق الأخير بغرف الزائرين وتملكها الغضب منه تمامًا ولم تُصدق يومًا ما أن "جاد" سيسمح لنفسه بأن يكون بمثل هذه الحقارة بأن يحصل على إمرأة لا تتحلى بالأخلاق بغرفته لكل هذا الوقت، لم تره سوى رجل حقير مثله مثل بقية الرجال لا يختلف عنهم في شيء!

❈-❈-❈

مشى بخطواتٍ واسعة يحرك ذراعاه مجيئًا وذهابًا مع تحركات جسده وهو يزم شفتاه ليتوقف بالنهاية أمام غرفة "رُفيدة" بينما فكر من جديد بالأمر ليجد نفسه يومأ بالرفض ثم ابتعد عن الغرفة بنفس تلك الخطوات الواسعة وبعدها توقف من نفسه زافرًا بحنق جم! هذه المغرورة وذلك الزوج الدنيء! ولكنها اخته بالنهاية..

تنهد وهو يحسم أمره.. حسنًا هذه المرة الثالثة التي سيحاول أن يتحدث معها بالأمر.. ومثل ما يقولوا - التالتة تابتة - ولن يحاول بعدها إذا لم تستجب له وتخبره عن الأمر!

أمّا تلك المرأة الأخرى التي تتعامل معه بجرأة لم يختبرها مع إمرأة قط سيعلم ما خلفها هي الأخرى وما إن كانت تكسب شفقته أم لا.. على كل حال لقد أصبح "جاد الشهابي" وملك الأموال وقد حصل على إرثه! لن يخسر شيئًا على كل حال..

عاد من جديد ثم توقف ليبتلع في ترقب وطرق الباب مرة واحدة وبداخله يريد ألا تفتح هي حتى يذهب ولكن لم يحدث ما يُريده ليرمقها بنفاذ صبر ثم سألها بإقتضاب:

- ناوية تتكلمي في ليلتك ولا ارجع مكان ما جيت؟

نظرت له في ترقب لتدعي الإستياء واستهجنت بنبرة مُرهقة:

- وهيفرق معاك في ايه اتكلم ولا تعرف مالي أنا وياسر؟

تركته قاصدة ثم التفتت آخذة خطوتان لداخل غرفتها وانتظرت مترقبة رده الذي آتاها بحميته الدائمة:

- علشان لامؤاخذة أنا راجل، يوم ما اعرف إن فيه واحد هيفضح اختي هقف جنبها، حتى ولو كان بينا مصانع الحداد!

غريب هذا التعبير، ما هي مصانع الحداد؟ هل هي مصانع شهيرة لم تسمع بها بعد؟ تسائلت لوهلة بينها وبين نفسها ثم التفتت له بملامحها الجامدة التي تستطيع دائمًا ارتدائها وقالت بتكبر وعجرفة:

- وأنا إيه اللي يخليني أضمن إنك فعلًا هتوقف جانبي زي ما بتقول؟ إيه اللي يضمن إن واحد زيك بتربيته المختلفة عني خالص هيقدر يفهمني ومش هيصدق كلام ياسر؟ تقدر تقولي ازاي اثق في واحد معرفتوش غير من كام يوم؟

رفعت احدى حاجباها وحافظت على وقفتها الشامخة لينزعج من تلك الكلمات التي يستمع لها، هل تريد توسل منه مثلًا؟ ولماذا كل تلك العجرفة الشنيعة بهؤلاء القوم؟

زفر بضيق بينما اندفع لسانه دون تفكير:

- بقولك ايه يا ست الانزوحة انتي.. أنا اللي رباني تربية مختلفة زي ما بتقولي علمني اكون راجل ومفتريش على واحدة ست، معرفش اللي رباكي تربية الجاه والعز علمك ايه! وحتى لو كنتي بتكدبي فهقف جنبك علشان انتي عملي الأسود اللي سابهولي الشيطان ابوكي انتي والبارد التاني ده اللي محدش عارفله..

وبصي بقى بقولك إيه أنا مش هتحايل عليكي يعني.. عايزة تتكلمي هسمعك، عايزة متتكلميش انتي حرة! انما تتعدلي معايا وتبطلي تناكة.. ما كلنا ولاد تسعة معندكيش لا لسان ولا إيد زيادة عني!

تفقدته بنظرات مترددة لتزم شفتاها بحركة تلقائية وهي تُفكر أن تخبره أم لا، لم تعلم حينها أنها تُشابه أخيها تمامًا الواقف أمامها بنفس هذه الحركة التلقائية لكلاهما، فكرت قليلًا.. حسنًا.. إمّا كسبته، وإمّا سيُنفذ الكثير مثل ما يهددها به "ياسر" .. وعلى كل حال هي تستطيع التصرف في الأمر، كل ما يؤخرها فقط هو أمر أخيها "راغب" الذي لابد من أن يمر بمنتهى الهدوء وبعد تمكنه من كل ما يُريد ستفعل هي ما تشاء للإطاحة بكلًا من زوجها وأخيها والجميع!

أومأت له بتردد بينما أخبرته:

- طيب.. هافهمك.. اقفل الباب واتفضل اقعد وأنا احكيلك..

أشارت له بغطرسة مكتفية بإستخدام وجهها ليلعن بداخله آلف مرة تلك المتسلطة بأوامرها له وكأنها ملكة ما لا يعرف عنها ولكنه فعل على مضض بينما بدأت هي في الحديث:

- لما.. لما كنت صغيرة!!

تلعثمت وكلما حاولت التنفس لإخباره سكتت من تلقاء نفسها من مشقة ما يحتويه الأمر عليها وهي لا تصدق أنها قاربت على عامها الثلاثون وستقص ما حدث مرة ثانية ولكن هذه المرة أمام رجل بالكاد تعرفه فاقتربت وجلست على مقربة منه وحاولت ألا تنظر له بينما هو لم يستطع سوى رؤية جانب وجهها لتحاول النطق من جديد فهمست بصوت خافت:

- لما كنا صُغيرين مامي وبابي كانوا دايمًا طول الوقت في الشغل، محدش كان هنا غير طنط سوزان.. وهي كانت شديدة دايمًا وغصب عني أنا وراغب وحتى أولادها كنا بنسمع كلامها وبنحاول منعملش مشاكل كتير علشان متعاقبناش أو تزعقلنا أو تحرمنا من حاجة.. يمكن الوحيد اللي كان بيتدلع هو سلمان.. بما إنه كان اكبر مننا وهي بتحبه اكتر واحد!

زمت شفتاها وشردت بالأرضية بينما هو يحاول تبين ما حدث من كل تلك التراهات وانتظرها بنفاذ صبر أن تتابع:

- أنا وراغب توأم.. كنا بنحب بعض أوي.. كنا طول الوقت سوا.. بس زيي زي أي بنت صغيرة كنت ابتديت اتخنق، عايزة يكون ليا اهتمامات لوحدي.. ابتديت طول الوقت اكون قاعدة في الأوضة بتاعتي، اسمع اغاني.. اشوف فيلم اتفرج عليه غير الأفلام اللي هو بيحبها.. كنت بحاول يبقالي حاجة بعيد عن الكل وفي يوم..

حمحمت لتنظف حلقها بينما تابعت بنبرة خافتة لا تدري خزيًا أم من ذلك الآلم الذي ينفجر بداخلها كلما قصت الأمر وتذكرت ما حدث أم من أنها لم ترد حدوث هذا الأمر لها لأنه يُشعرها بأنها تفتقد شيئًا ما:

- في يوم كنت بتفرج على فيلم وخِلص.. وكنت بدور على فيلم تاني.. يعني.. من باب الملل وملقتش فروحت جبت MTV music عارفها؟

التفتت له ليرمقها بإستغراب بينما أومأ لها بالإنكار فهزت هي رأسها وعادت لتنظر في غير مرمى بصره ثم تابعت:

- دي قناة اغاني بس كانت موجودة على الـ hotbird، تعرفه؟

التفتت له من جديد بينما فعل المثل مرة أخرى لتتنهد وهي تُفكر فسألته:

- طيب اكيد تعرف nilesat.. بتاع التليفزيون الطبيعي.. عارفه ده؟

عقد حاجباه بينما تمتم مجيبًا:

- اه ده سمعت عنه قبل ما اتسجن!

رفعت حاجبيها بينما أكملت وهي تريد أي شيء لينشلها من تلك الذكرى الكريهة لتتنفس بعنف وهي تتابع:

- مكونتش اعرف كل القنوات وجبت قناة كده غصب عني ولقيت بنت كانت..

حاولت أن تصوغ الأمر بينما زفرت لتهمس بحرقة:

- كانت لوحدها وكانت بتعمل حاجات غريبة جدًا.. بس لما كِبرت فهمت انها Masturbation

لم يعد يفهم ما تعنيه ليقول متعجبًا بإنزعاج:

- نعم ياختي.. ما كفاية عوجة لسان الله لا يسيئك أنا لامؤاخذة مكملتش تعليمي! كلميني عربي الله يباركلك!

ابتلعت في ارتباك ولكن طريقته انتشلتها من مواجهة هذا الآلم فنهضت وآتت بهاتفها الذي بحثت به عن معنى الكلمة بالعربية فهي حقًا لا تعرفها ثم ناولته الهاتف ليتعجب بينما قرأ ما كُتب أمامه لتحتل الصدمة تقاسيم وجهه وتابعت هي دون أن تنظر له:

- كنت صغيرة اوي، يمكن كنت، كان يعني عندي 12 سنة.. مكونتش فاهمة كل حاجة.. وللأسف أنا قلدت البنت دي..

رمقها بمزيدًا من الصدمة ثم همست بعد أن حسبت قليلًا ذلك العام الذي اكتشفت به الأمر لتقول بخفوت وهي تحاول التغلب على آلمها:

- معرفتش ان اللي عملته ده خلاني مش زي البنات غير وأنا في أولى ثانوي.. كان عندي حوالي 15 أو 16 سنة..

نظفت حلقها ليندفع هو بها دون تفكير:

- ازاي ده يحصل، فين أمك ولا أبوكي ولا حتى خالتك الأرشانة.. ايه مفيش دين ولا عيب ولا غلط عندكو!

التفتت لتنظر له بإنكسار وأومأت له بالنفي لتهمس له وقد بدأت الذكرى تُسيطر عليها تمامًا لتمتلئ عينيها بالدموع:

- ما هو أنا قولتلك البيت في الأول كان عامل ازاي! مكونتش عارفة أقول لحد.. مكونتش فاهمة اصلًا أنا بعمل ايه!

أطبق أسنانه غاضبًا وهي يزم شفتاه ليتلفظ باصقًا للكلمات بلسانه:

- الغلط مش عليكي، الغلط على اللي يسيب حاجة زي دي في بيت فيه عيال! الغلط على اللي ربى ومفهمش!

جعلها حُكمه على الأمر تطمئن لتتنفس قليلًا ولكنها تابعت:

- لما عرفت طبعًا الموضوع كان مُرعب بالنسبالي.. لو قولت لحد مكنش هيصدق إن ده اللي حصل، الموضوع كان عدا عليه حوالي تلت سنين وأنا بكرر الحاجات دي لواحدي.. فحتى لو روحت لدكتور هيقول إني مش بنت بقالي سنين.. وأنا لأني مكونتش فاهمة.. يعني..

تلعثمت وصوتها يُشارف على البُكاء لتُفزعها يده التي امتدت على كتفها بينما أخبرها في هدوء:

- اتكلمي متخافيش.. متتكسفيش أنا اخوكي..

نظرت إليه ولم تعد "رفيدة الشهابي" سيدة الأعمال، هي الآن تحديدًا مجرد فتاة صغيرة لم تكن تعرف ما الذي تفعله لتنهمر دموعها في قهر وهمست مُكملة:

- الفترة دي كانت صعبة أوي عليا.. مكونتش عارفة اعمل ايه، ومكنش فيه حد جانبي غير إيناس.. ده لما عرفت إني كده مش زي البنات.. و.. واكتشفت بعدها لما روحت لدكتور إني بوظت الموضوع خالص.. و..

انهمر المزيد من دموعها ليشعر بصعوبة الأمر عليها فنظر لها بشفقة وسألها بحنان عله يُنبهها قليلًا عن البُكاء:

- وياسر جوزك قِبل لما عرف ولا ايه علاقة اللي بتحكيه بالفيديو اللي اتكلم عنه؟

نظرت إليه وارتجفت ملامحها وهي تقضم شفتاها وأجهشت بالبكاء وهي تشعر بتجدد خيانته لها جسديًا ونفسيًا على جميع الأصعدة وبمختلف الطرق، هو حتى لم يصن ذلك السر بل وبمنتهى البشاعة يهددها بالأمر:

- علشان لما كنا مخطوبين سجلي كل اللي حكيتهولك ده وأنا بخيره يا يكمل معايا يا يسبني.. بس كنت صغيرة ومش فاهمة وفضلت اعيط واتحايل وأنا بقوله إني عمري ما حد لمسني وإني أنا اللي عملت كل ده في نفسي! والمشكلة إني لسه عارفة الموضوع ده النهاردة الصبح!




يُتبع..