الفصل الخامس عشر - ظلمات حصونه
- الفصل الخامس عشر -
أعتلى وجه "هناء" ملامح الصدمة وعدم التصديق لما تستمع إليه ، أهو يكذب حتى يُخفى حقيقة ما فعلته تلك الفتاة الساقطة!! أم أنه ولأول مرة يعصى أوامرها ولم يستمع إلى تحذيراتها؟!
ضيفت "هناء" ما بين حاجبها مستفسرة بصدمة وملامح مُستهزأة رادفة بتهكم
_ حامل من مين يا بابا؟؟
أغمض "جواد" عينيه بحنق وإنزعاج من طريقتها الباردة تلك الذى تُصله إلى قمة غضبة ليحاول تهدئة وتيرة أنفاسة رادفا بأسنان مُلتحمة
_ حااامل..منى
أقتربت "هناء" منه كثيرا حتى أصبح لا يفرق بينهما سوى ما يُقارب خطوتان ولا تزال تعبيراتها تحمل الكثير من الغضب والاشتعال رادفة بأستفسار
_ حامل أزاى بقى مش فاهمة باللاسيلكى؟؟ ولا أنت نمت معاها!! وبعدين نمت معاها امتى وازاى
أشاح "جواد" بنظره إلى الفراغ حتى لا تتقابل أعينهم فهو يخشى النظر إليها خصيصا عندما يفعل شيء هى تراه خاطئا ليشعر بالتوتر ولكنه سريعا ما نجح بإخفائة رادفا بهدوء
_ نمت معاها ، قبل ما أسافر بعشر أيام
صفعة قوية تهاوت على وجه "جواد" لتُحيى بداخله ذلك الألم الذى ظل أسيره لسنوات طوال ، ليغمض "جواد" عينيه بضعف وكسرة على تلك الذكريات المليئة بالقسوة والأهانة والذُل والضعف الذى كان يشعر به فى كل مرة تقوم بصفعه امام الجميع حتى وهو بسن المراهقة لم ترأف به ، وحتى اليوم وقد أصبح رجلا لم تكف عن إهانتة وإذلاله لتعقب "هناء" مُضيفة بتسلط
_ الطفل ده لازم ينزل
صُعق "جواد" من طلبها ولاول مرة تحجرت الدموع بعينيه مُحاولا منع إياها عن الهبوط ، فقد عاش طوال عمره هى من تتحكم به وقد جعلت منه كائن يُمثل القسوة حتى يُخفى كل ذلك الضعف الذى بداخله ، والآن تحاول التحكم بمصير طفله الذى لم يأتى على ظهر الدنيا بعد ، كاد أن يتحدث ليوقفة صوت والده مُستفسرا
_ طفل مين اللى ينزل؟؟
شعرت "هناء" ان هذه فرصتها لضم "هاشم" إلى صفها ظنا منها أنه سيُؤيدها الرأى لكى ينتقم من تلك الفتاة وستكون هذه فرصته لإطفاء نار قلبه ، ويضغطان معا على "جواد" حتى يقتلها هى والطفل معا لتردف بحدة
_ البيه اللى كان المفروض يجيب بنت لبنى ويقتلها وياخد بتار أمه واللى كان فى بطنها ، راح ينام معاها وخلاها تحمل منه
صُدم "هاشم" من تلك الكلمات التى تفوهت بها "هناء" لا يعلم أيشعر بالغضب لما فعله أبنه وأنه أقترب من أبنة "لبنى" أم يشعر بالفرحة والسعادة لرزقه بذلك الطفل الذى شعر وكأنه تعويض عن طفلته التى ماتت قبل ان تولد فهو سيكون أول حفيد له أيضا ، ليفيق من شروده على صوت "هناء" رادفة بغضب
_ البت دى لازم تموت هى واللى فى بطنها
للحظة أنتفض قلب "جواد" مما أستمع إليه لا يدرى لماذا أهذا من أجل "ديانة" أم من أجل طفله ليرمق "هناء" بكثير من الغضب والحنق ، بينما تحولت ملامح "هاشم" للأنزعاج رادفا بغضب وإنفعال زاجرا إياها
_ أنتى بتقولى أيه أنتى أتجننتى يا هناء ، ده حفيدى وتعويض من ربنا عن كل اللى راحوا وأتحرمنا منهم ومش هسمح لحد انه يأذيه
حول "هاشم" نظره إلى "جواد" الذى يقف أمامه وسريعا ما جذبة من عُنق قميصه رادفا بتحذير
_ اسمعنى كويس انت اتجوزتها وانا مقولتلكش حاجة ، قولتلى هنتقم منها وبعدين اقتلها مفتحتش بوقى بحرف وقولت اسيبك بمزاجك ، لكن بما إن الموضوع وصل لطفل ده مش بمزاجك ، الطفل ده يتولد بعدها انت حر فيها لكن قبل ما تولد لو لمستها يا جواد او فكرت تعمل فيها حاجة انا اللى هقتلك
تدخلت "هناء" بغضب كبير من حديث "هاشم" رادفة بضيق وحنق
_ انت بتقول ايه يا هاشم؟! انت عايز حفيد من بنت لبنى!!
رمقها "هاشم" بغضب وحنق رادفا بأنفعال
_ انا عايز حفيد من أبنى يا هناء من صُلبى ، انا خسرت طفلى فى بطن مراتى من عشرين سنه مش هسمح أخسر حفيدى دلوقتى
شعر "جواد" بالكثير من التخبط لا يدرى ماذا يجب أن يفعل ، لم يستطيع تحمل هذا النقاش القاسى الذى فى جميع أحوله يظل هو المجنى عليه الوحيد أم انه سيكون الجانى ولكن على من سيجنى على أبنة قاتلة والدته أم على زوجته وطفله
أنسحب "جواد" مُسرعا بالشروع فى الخروج من المنزل غير مُلتفتا خلقه ولا حتى عندما أستمع إلى صوت والده محذرا إياه رادفا بغضب
_ إياك يحصل حاجه للطفل يا جواد انت فاهم
خرج "جواد" من القصر وهو يشعر بكثير من الضيق والاختناق غير مُحددا وجهته ، فقط يريد الأبتعاد عن الجميع حتى يستطيع إخماد تلك النيران التى تنهشه بدون رأفة أو رحمة
●●●●
أخذت "زينة" الكأس من يد "ديانة" بعد ان تناولت ذلك العصير الذى أعدته لها ، لتردف بحب
_ ألف هنا وشفاء يا حبيبتى
أغمضت "ديانة" عينيها بحزن وقليل من الأرهاق رادفة بأمتنان
_ شكرا يا زينة
أبتسمت لها "زينة" بحب مُعقبة
_ العفو يا حبيبت قلبى على ايه
شعرت "ديانة" بغصة فى قلبها مما يختر بعقلها لترمق "زينة" بضعف وترجى رادفة
_ زينة ممكن اطلب منك طلب
أومأت لها زينة بالموافقة رادفة بمحبة
_ أكيد يا ديانة
أبتلعت "ديانة" بحزن على ما ستقوله ولكن ليس امامها حل اخر حتى لا تظلم ذلك الطفل معها بتلك المعركة التى لا تعرف متى وكيف بدأت لتفرض عليها المواجة ولكن لوحدها ، ليس برفقة ذلك الطفل ، أستجمعت "ديانة" كامل قواها رادفة بألم
_ انا مش عايزه الطفل ده ، مش عايزه طفل من الشخص ده، انا حتى مش عارفة جوازنا ده اخرته ايه مش عايزه اجيب طفل اظلمه معايا
أغمضت "ديانة" عينيها بألم تُحاول منع دموعها فى الأنسدال رادفة بحدة
_ انا عايزه انزل البيبى ده
شعرت "زينة" بالصدمة الكبيرة مما تفوهت به "ديانة" وكادت ان تزجرها لكى لا تتفوه بما تقوله مرة اخرى ليقاطعها دخول "جواد" الذى كان يقف خلف باب الغرفة وأستمع إلى كامل حديثهما
دلف "جواد" الغرفة ويبدو عليه الغضب والاشتعال مما قالته "ديانة" بينما شهقت "زينة" بخضة على وجوده وملامحة الغاضبة ، بينما "ديانة" لم تهتز بها شعرة وكأنها لم تعد تخشاه او بتلك الطريقة تقوده لكى يضربها ويقتل ذلك الجنين بأحشائها ، ليصيح "جواد" موجها حديثه إلى "زينة" رادفا بحدة
_ زينة اطلعى برا
أبتلعت "زينة"خشية من حدته وغضبه الواضح عليه لتقترب منه مُحاولة تهدئته رادفة بتلعثم
_ جواد..اهدى ارجوك
صاح بها مرة أخرى ولكن تلك المرة بصراخ وهو يدفعها بيديه خارج الغرفة رادفا
_ بقولك براااا
أنتفض جسد "زينة" فزعا من صراخ شقيقها لتصبح خارج الغرفة رغما عنها تخشى أن تدخل مرة أخرى ، وتخشى أيضا ان تتركهما معا ويقوم شقيقها بعمل فعلا غبيا يأذيها أو يأذى الطفل
بينما أقترب "جواد" من "ديانة" ثم جذب ذراعها مما جعلها تنهض لتقف أمامه ليردف بتوعد
_ سمعينى كده تانى كنتى بتقولى أيه؟!
سحبت "ديانة" يدها من يديه بغضب وكراهية رادفة بتحدى غير مُكترثة لغضبه الذى وصل إلى حد السماء
_ بقول هنزل الطفل ده عشان مش عايزه اطفال منك ولا عايزه أشوف وشك أصلا
صفعة قوي تهاوت على وجهها مما جعلها تكاد تسقط على الارض من شدتها لتقوم بدفعه فى صدره مُحاولة إبعاده عنها صارخة بأعلى صوتها بوجهه حتى أن "زينة" قد أستمعت إلى صراخها رادفة بألم
_ أنا بكرهك يا جواد بكرهك عشان انت مش راجل بكرهك
بمجرد ما تفوهت بتلك الجملة لم يستطيع "جواد" التحكم فى غضبه أكثر من ذلك فهو لم ينسى بعد ما أخبرته به "هناء" لتأتى هى الأخرة الأن تُعيد كلامها مرة أخرى لا لم يستطيع التحمل أكثر من ذلك ، ليقوم بجذب شعرها رادفا بغضب وإشتعال
_ تحبى أعرفك أنا راجل قد أيه يا زباله
حاولت "ديانة" التخلص من جذبته لشعرها ولكن دون فائدة لتتدخل "زينة" سريعا صارخة بوجه أخيها وهى تخلص "ديانة" من بين يديه رادفة بغضب
_ أيه اللى بتعمله ده يا جواد انت اتجننت دى حامل أبعد عنها
دفعته "زينة" دفعة قوية من أثرها عاد للوراء قليلا لتحتضن هى "ديانة" التى دفنت وجهها بعنقها خافية ذلك الضعف حتى لا يستطيع هو أن يراه ، لتصيح "زينة" موجها حديثها إلى "جواد" رادفة بترجى
_ ارجوك يا جواد انا هنام معاها النهارده ، لو سمحت اطلع برا
كاد "جواد" ان يصرخ بها لتوقفه "زينة" رادفة بحدة
_ أرجوك يا جواد أرجوك
شعر "جواد" بالغضب ولكنه سريعا ما غادر الغرفة حتى لا يقوم بفعل شيء يندمه فيما بعد ليتجه حتى ينام فى غرفة أخرى ، بينما وبمجرد أن خرج شرعت "ديانة" فى البكاء ، لتضمها "زينة" رابتة على كتفيها رادفة بحزن
_ حقك عليا انا عشان خاطرى اهدى
بينما ظلت "ديانة" تبكى إلى أن سقطت بنوم عميق من شدة بكائها وتعبها لتسلقى "زينة" بجانبها تشعر بكثير من الحزن على ما يحدث تتمنى لو أن تسطيع تحسين الامور
●●●●
بعد مرور أسبوعين..
كان "جواد" كعادتة منذ مرور ذلك اليوم وهو يمكُث فى تلك الغرفة بمفرده وبمجرد ان يستيقظ يأخذ حماما ويُبدل ملابسه ويتجه إلى الشركة ، طوال هذان الأسبوعان وهو لم يرى "ديانة" فهو يتركها تحت رعاية "زينة" التى لا تسمح له بالأقتراب منها ولم تتركها منذ ذلك اليوم
أنتهت "زينة" من إعداد الافطار لها ول"ديانة" حتى يتناولاه معا رادفة بجهد
_ لا لا انا لازم اقول لجواد يجبلنا حد يطبخلنا الموضوع طلع اصعب مما تخيلت
أبتسمت لها "ديانة" فهى قد تحسنت كثيرا عن زى قبل خصيصا وانها طول تلك الفترة لم ترى ذلك الجواد لتشعر انها أحسن بدون رؤيته لتردف بحب
_ أشد حيلى أنا شوية بس وأدوقك أحلى "نجرسكو" ممكن تاكليها فى حياتك
أبتلعت "زينة" بأشتياه رادفة
_ يا سلااام بحبها جدا يا ديانة ، خلاص شيدى حيلك بقى بسرعه عشان ادوقها من ايدك و...
قطلع حديثه صوت رنين جرس الفيلا مُعلنا عن مجئ أحد لتتوتر "ديانة" ظنا منها أنه ذلك الجواد ، بينما توجهت "زينة" إلى الباب لتجدها "ملك" ، رحبت بها كثيرا ودلفا لداخل معا وبمجرد ان رأتها "ديانة" أحتضنتها بكثير من الحب والاشتياق رادفة
_ يا عمرى وحشتينى ، وحشتينى اوى
بادلتها "ملك" العناق وهى لا تقل عنها إشتياق بالأضافة إلى تلك السعادة التى تغمرها لتزداد من أحتضانها لتتدخل "زينة" رادفة بتحذير
_ لا يا كوكو براحة عليها لحسن دى لسه فى البداية
قربت "ملك" ما ببن حاجبيها بعدم أستيعاب رادفة بأستفسار
_ لسه فى بداية أيه؟؟
أبتسمت "زينة" بسعادة رادفة بحب
_ لسه فى بداية الحمل
أتسعت عين "ملك" بصدمة وصاحبتها أبتسامتها التى ملأت وجهها بينما حولت نظرها إلى "ديانة" رادفة بلهفة وسعادة عارمة
_ حمل!! بتهزرى! ديانة أنتى حامل؟؟
أومأت لها "ديانة" بالموافقة لتندفع إليها "ملك" مرة أخرى مُعانقة إياها وسريعا ما خرجت من حضنها وعلى وجهها ملامح خيبة الامل والحزن رادفة بطفولة
_ يعنى انا أجى أفأجئك تقومى أنتى اللى مفجأنى!!
قربت "ديانة" ما بين حاجبيها بأستفسار رادفة بفضول
_ تفاجئينى بأيه
سحبت "ملك" شفتيها إلى داخل فمها وأخذت تحرك عينيها يمينا ويسارا كالأطفال رادفة بطفولة
_ بخطوبتى
توسعت عينى "ديانة" بصدمة رادفة بضيق
_ أيه!! من غير ما حد يعرفى!! ده امتى وازاى و....
أوقفتها "ملك" رادفة بضحك
_ أهدى بس أهدى لسه متخطبتش احنا حددنا الخطوبة بس اهدى انتى وانا هحكيلك كل حاجه
••
صُعق الجميع من طلبه وخصيصا "ملك" ، هى بالطبع كانت تشعر بإعجابه ولكنها لم تتوقع أنه سيفعل ما يفعله الأن بتك السرعة وخصيصا بعد ما فعله منذ قليل عندما كانا معا ليردف والدها بصدمة
_ بس يا ابنى ملك صغيرة ولسه بتدرس!!
رطب "إياد" شفتيه مُحاولا التهادى فى أختيار كلماته مُستخدما إياها لجعل والدها يوافق ، هو بالطبع بارع فى أستخدام الكلمات ويُدرك جيدا كيف يُقنع من أمامه بالموافقة على حديثه ليردف بأحترام
_ أسمع يا أستاذ محمود أنا جيتلك دوغرى وجيت طلبتها عشان انا مش عايز حتى يبقى بينى وبينها مجرد صداقة فى السر بالعكس انا عايز علاقتنا تكون فى النور
شعر "محمود" بالحيرة وما يُشعره بالقلق أن ذك الشاب لم يُحضر والدايه معه ليردف مُستفسرا
_ طيب يا أبنى أنت جيلى بطولك ، مجبتش والدك ووالدتك معاك ليه
أخفض "إياد" وجهه واضعا أياه بالأرض رادفا بحزن
_ والدى ووالدتى تعيش انت ومعنديش اخوات
شعر "محمود" بالأسى على ذلك الشاب وأزدادت حيرته بين ان يرفض لانها مازالت صغيرة أم يُعطى لهما فرصة معا قد يكون ذلك الشاب خيرا لها ، ليحول "محمود" نظره إلى أبنته التى واضح عليها ملامح الصدمة والتشتت ليُعقب "محمود" مُوجها حديثه إلى أبنته رادفا
_ أنتى أيه رأئيك يا ملك
توترت "ملك" كثيرا ولاول مرة تشعر بذلك الكم من الخجل لتنهض سريعا مُسرعة إلى غرفتها ليبتسم والدها على شعورها بالخجل الذى يراه ولأول مرة بحياته لينظر إلى "إياد" رادفا بأبتسامة
_ طيب يا إياد أدينا فرصة نفكر وهرد عليك فى أقرب وقت
أبتسم له بأمتنان ونهض عازما على الذهاب رادفأ بأحترام
_ هستنى رد حضرتك ، بعد أذنكوا
خرج "إياد" وهو يشعر بسعادة كبيرة سيطرت عليه ، يشعر وكأنه لأول مرة يفعل الشيء الصحيح وبمجرد أن دلف سيارتة ، بدأ هاتفه بالرنين مُعلنا عن إتصال منها ليبتسم بمكر مُلتقطا الهاتف رادفا بمشاكسة
_ أيه وافقتى بالسرعة دى
شعرت "ملك" بكثير من الخجل من كلماته ولكنها سريعا ما أستعادت ثباتها لتردف بحدة
_ ومين قالك أصلا أنى هوافق عليك!! ده نجوم السما أقربلك
أعتدل "إياد" فى جلسته بكل غرور رادفا بثقة
_ هتوافقى يا ملك
ضحكت "ملك" بأستهزاء على غروره رادفة بأستهزاء
_ أيه الثقة دى كلها وأيه اللى يخلينى اوافق على واحد قليل الادب زيك؟!
أبتسم "إياد" بمكر رادفا بمراوغة
_ يمكن عشان حبيتى قلة أدبى!!
شعرت "ملك" بالشلل أمتلك كل جسدها وكأنه خدرها حتى أنها لا تستطيع أغلاق المكالمة ، ليبتسم "إياد" على ما أدرك أنه حدث لها لتتعالى ضحكاته ، لتشعر هى بالغضب والحقن تريد أن تُكسر رأسه ليردف هو بجدية بعد أن هدأت ضحكاته
_ أقولك بجد هتوافقى ليه!! هتوافقى عشان انتى مختلفة عن أى بنت شفتها فى حياتى ، هتوافقى عشان انا حسيت معاكى بأحساس أمان مكنتش بحسه غير مع أهلى قبل ما يتوفوا ، هتوافقى عشان من ساعة ما عرفتك وانا مش عارف اشوف واحده غيرك ، هتوافقى عشان مش عارف ده حصل أزاى بس انا من غير ما أحس اتعلقت بيكى وبقيتى اهم حاجة فى حياتى ، حاولت اقنع نفسى أنك زيك زى اى بنت عرفتها ولو بوستك وقربت منك مش هتمانعى وهتتجاوبى معايا لكن لقيتك زقتينى وزعقتيلى وضربتينى كمان ورد فعلك والحاله اللى شوفتك فيها اكدولى انك غير اى حد وانك تستاهلى كل اللى حاسس بيه نحيتك
تنهد براحة بعدما أخبرها بكل شيء كان يحمله بقلبه لها ليبتلع بقلق فهو لاول مرة يختبر ذلك الشعور او يتفوه بتلك الكلمات ولكنه يشعر بالحاجة الشديدة لأخراج كل ما بقلبه ليردف بحب
_ أنا بحبك يا ملك
لم تستطيع تحمل كل ذلك الكم من السعادة والخجل بأنٍ واحد ولم تجد نفسها سوى وهى تغلق الهاتف وتلقيه على الفراش ، سريعا ما نهضت مُتجه إلى الحمام المُصاحب لغرفتها وفتحت صنبور المياة ووقفت أسفله وهى بملابسها عساها أن تُطفئ تلك النيران التى أشتعلت بها من كثرة الخجل ، فتلك الكلمات تستمع إليها لأول مرة بحياتها وبالطبع لم يكن شعورا هينا بالنسبة لها
•••
_ بس يا ستى هو ده كل اللى حصل وبعدها فكرت وقررت انى اوافق خصوصا بقى انه طلع رومانسى أوى
قالتها "ملك" بملامح والهة بينما عقبت "زينة" بضحك رادفة
_ قصدك طلع نحنوح اوى
ضحكن على ما قالته "زينة" لتحتضن "ديانة" "ملك" مُضيفة بحب
_ ربنا يفرحك يا حبيبتى ويحققلك كل اللى بتتمنيه ويكملكوا على خير يارب
عناقتها "زينة" أيضا رادفة بحب
_ ربنا يسعدكوا يا حبيبة قلبى إياد شخص كويس وأبن حلال ، ربنا يحفظكم لبعض ويكملكوا على خير
●●●●
ظل ينظر إلى خارج السيارة و ملامحه تصرخ بالغضب والأنزعاج ، بينما هى تجلس بجانبه مُندهشة مما يفعله خصيا وانها كانت قادمة حتى تشكره مساعدتهم فى سفر "ماجدة" لتزفر بحنق رادفة
_ كل ده عشان مقولتلكش على خبر حمل ديانة؟! طب ما انت مقولتليش على خطوبة ملك ومعرفتش غير منها لما جيت عند ديانة ، ولا انت بقى مكنتش عايز تعرفنى؟
حول "مالك" نظرة إليها مُدركا ما تُحاول فعله رادفا
_ بتحاولى تجيبى الغلط عليا انا يعنى
ضحكت "زينة" لانه أستطاع أن يكشف غرضها لتردف بإلحاح
_ خلاص بقى يا عم بقى متزعلش
كاد "مالك" أن يتحدث ليقاطعه ذلك الطفل الذى لم يتخطى العاشرة من عمره ، الذى وقف بجانب زجاج سيارته رادفا ببكاء وقلة حيلة
_ بالله عليك يا عمو ساعدنى بأى حاجه أنا مش شحات والله أنا ماما تعبانة والدكتور فى المستشفى كتبلها على دوا وأحنا معناش نجيبه بالله عليك يا عمو والله الروشته اهى انا مش بكدب
شعر كلا من "مالك" و "زينة" بالصدمة من حديث ذلك الطفل الذى لا يتوقف عن ذرف الدموع بحزن وكسرة ليحاول "مالك" تهدئته رادفا
_ طيب أهدى يا حبيبى وبطل عياط تعالى أركب متخفش انا هجيبلك الدواء
صعد الطفل السيارة غير مكترسا إن كانا أشخاصا جيدين أم لا فكل ما يُعير أهتمامه هو إحضار الدواء إلى والدته ليُعقب "مالك" مُستفسرا
_ انتوا ساكنين فين يا حبيبى؟
أردف الطفل بانكسار ودموعه لاتزال تغرق وجهه
_ قريب من هنا
مد "مالك" يده بلطف إلى الطفل حتى لا يُخيفه رادفا
_ ورينى يا حبيبى الروشته كده
أعطى الطفل قائمة الأدوية إلى "مالك" الذى تأكد من إصدارها من أحد أطباء النساء والتوليد بأحدى المستشفيات الحكومية ، والتأكد أيضا من تاريخ إصدارها ، هو لم يُشكك فى الطفل ولكنه كان يشك أن يكون هناك من يستغل هذا الطفل ، ولكنه تأكد من صحة حديثة ، ليفتح باب سيارته رادفا وهو يترجل منها
_ هجيب حاجه بسرعة وأجى
أومأت له "زينة" بالموافقة وحولت نظرها سريعا إلى ذلك الطفل مُحاولة تهدأته رادفة بلطف
_ متخافش إن شاء الله هتبقى كويسة بس قولى هى مامتك تعبانة مالها
أجابها الطفل على سؤالها بقدر معرفته بالأمر ، فهو لايزال صغيرا جدا ولا يفقه فى ذلك الأمر شيئا ليردف ببرأة الأطفال مُفسرا
_ مش عارف هى اول امبارح تعبت جدا عشان حامل وروحنا المستشفى والدكتور كتبلها على دوا كتير وماما مكنش معاها فلوس وبابا مسافر وهى تعبانة اوى بقالها كام يوم ومعرفتش اعمل أيه غير انى اشوف حد يساعدنى اجيبلها الدوا
شعرت "زينة" بالتأثر الشديد من حديث ذلك الطفل وبالفعل قد تهاوت دموعها رغما عنها لتردف بين دموعها
_ متقلقش إن شاء الله هتبقى كويسة
عاد "مالك" إلى السيارة بعد أن قام بشراء كل الدواء الموجود بلائحة الأدوية التى وصفها لها الطبيب ليشعر بالصدمة من بكاء "زينة" ليردف بأستفسار
_ فى أيه؟!
جففت "زينة" دموعها مُحاولة الثبات ومنع نفسها من الأنهيار رادفة
_ مفيش حاجة ، يلا بسرعه عشان نوصل الولد
وبالفعل قد تحرك "مالك" مُتجها إلى منزل ذلك الطفل مُتبعا وصفه وإرشادته ، وسريعا ما وصلوا البيت وقاموا بتفحص الأم وأعطائها الدواء وبعض الأموال لكى تستعيد عافيتها ، ولكن لم تقبلهم الأم بسهولة فهى كانت رغم مرضها إلا أنها تشعر بالغضب من طفلها ، ليقوما "مالك" و "زينة" بأقناعها بأن تلك ليست شفقة ولكنها مساعدة فرضها "الله عزوجل" على المُقتدر بأن يُساعد من يحتاج إليه وذلك ليس عطف بل تنفيذ أمر الخالق
خرج "مالك" و "زينة" من المنزل وبمجرد أن دلفت "زينة" السيارة حتى شرعت فى البكاء وكأنها سمحت لنفسها بالأنهيار ، وظلت دموعها فى الأنسيال بسبب تذكرها لحادث والدتها ، بالرغم من انها كانت لا تزال صغيرة إلا أنها تتذكر منظر والدتها والدماء تنسال منها ، لتشهق بألم وحسرة من بين دموعها دون وعى منها رادفة
_ ماما
أدرك "مالك" سبب بكائها عند تفوهها بتلك الكلمة ليشعر بالأسى والحزن الشديد عليها ليغيب عقله بمجرد أن رأى دموعها وبدون إرادة منه جذبها إلى صدره وأخذ يربت ويُملس على شعرها مُحاولا تهدئتها ، ليشعر بأرتجافها داخل أحضانه ليضمها إليه أكثر رادفا بحزن طغى على نبرة صوته
_ الله يرحمها ، أدعيلها بالرحمة
أجهشت "زينة" فى البكاء وكأنها طفلة صغيرة بالخامسة من عمرها غير مُنتبهة لوجودها بداخل أخضان "مالك" صائحة ببكاء مرير رادفة بأشتياق
_ وحشتنى أوى ، كان نفسى تبقى جمبى ، كان نفسى اوى
يضُمها وكأنه قد غاب عقله هو الأخر ، لم يعد يشعر بأى شيء حوله غير مُنتبها لوجودهما داخل السيارة وهى تتوصد صدره ليشعر وكأنه بحلم وليس بواقعا ليُخرج ما بداخله دون وعى منه بما يتفوه به ليضمها بحنان رادفا بحب
_ أنا جمبك يا زينة ، أنا جمبك يا حبيبتى ومش هبعد عنك أبدا ، أنا محتاجك يا زينة محتاجك زى ما أنتى محتاجانى ، محتاج وجود جمبى ، أنا بحبك يا زينة
وقعت كلماته عليها كالصاعقة التى أفاقتها من ذلك الوهن الذى كانت به ، بالطبع كانت كلماته كفيلة بصدمها وإعادتها إلى وعيها لتلاحظ مُعانقتها له لتبتعد عنه سريعا ، ليدرك الأخر مدى تماديه عن سماع صوتها رادفة بصدمة
_ روحنى
شعر "مالك" بصدمة مُماثلة لصدمتها ، ليشعر بالضيق والغضب من نفسه لاعنا غبائه وتماديه ليردف مُعتذرا
_ زينة انا اسف ، انا والله مش عارف عملت كده أزاى و..
قاطع حديثه صوتها الذى لايزال يبدو عليه الصدمة رادفة
_ روحنى
لم يستطيع "مالك" أن يتحدث مرة أخرى ليُدير مُحرك السيارة عازما على أن يوصلها وأن لا يتفوه بكلمة طوال الطريق حتى لا تنزعج أكثر يكفى ما فعله ، بينما "زينة" كانت لاتزال مصدومة فهى لطالما أنتظرت أن يخبرها بأعجابه بها ، ولكنه صدمها بأعترافه ذلك وبتلك الطريقة ، لم تستطيع هى الأخرى فى التحكم فى مشاعرها التى أنجرفت إليه دون إرادتها لتردف بحدة
_ وقف العربية
حول "مالك" نظره إليها خشية من أن تنزل من السيارة والأبتعاد عنه إلى الأبد ، ليرمقها بنظرة أعتذار رادفا
_ زينة أنا بجد أسف ، أرجوكى
كررت "زينة" ما قالته رادفة بأصرار
_ بقولك وقف العربية يا مالك
فعل" مالك" ما أرادت "زينة" وهو بداخله يشعر انه قد خسرها للابد ، بينما بمجرد أن أوقف "مالك" السيارة حتى دفنت "زينة" وجهها بصدره باكية بكثير من الحب والأحتياج لوجوده بجانبها رادفة ببكاء
_ وانا كمان بحبك يا مالك ، أرجوك متبعدش عنى ، انا عمرى ما كان عندى حد قريب منى زيك كده ، أرجوك متسبنيش انا كمان محتجالك
لم يستطيع "مالك" التحمل أكثر ليُبعدها عن صدره رامقا زرقاوتيها وسريعا ما ألتهم شفتيها بقبلة مليئة بالحب والأشتياق والشغف الذى كان يشعر به فى كل مرة كان يراها بها ، بينما صُعقت الأخرى من إندفاعه إليها بتلك الطريقة ولكنها لم تستطيع السيطرة على نفسها لتُبادله تلك القبلة الحارة مُحاولة التعبير عن مدى حبها له
●●●●
كانت جالسة بغرفتها تتصفح إحدى وسائل التواصل الأجتماعى ليصيح هاتفها مُعلنا عن وجود إتصالا لها لتجد أنه أحد الرجال الذين يعملون لحسابها ، فتحت الأتصال رادفة بغرور
_ أيه الجديد؟!
بمجرد أن أنتهى ذلك الشخص من قص الأخبار الجديدة التى توصل لها عليه ملأت البسمة وجه "هناء" رادفة
_ أنت متأكد من الكلام ده ، يعنى فعلا طلع كان بيتعالج عن دكتور نفسى؟!
#يتبع..