-->

الفصل السادس والثلاثون - مملكة الذئاب Black


الفصل السادس والثلاثون

 

لأول مره يحدث أن يغوص ساب.... أعتذر تغوص سابين بنوما عميق كهذا..... نوم بدون كوابيس أو رؤيه شئ ما من ماضيها..... لهذا لم تستجيب لكل محاولات الحكيم فى إفاقتها من نومها بكل الوسائل الممكنه..... منذ ما يقارب النصف ساعه.....

 

كان الحكيم ينقل نظراته مره إليها وهى نائمه بسباتها العميق..... ومره للملك الذى يقطع الغرفه ذهابا وإيابا والتوتر والغضب والقلق يظهر عليه..... وخير دليل على هذا ملامسته لشعره وما بين حاجبيه لأكثر من مره.... وهذه الحركات لا يقوم بها إلا عند توتره الشديد...... وهذا جعل الحكيم يتمالك ذاته..... ولا ينظر له كثيرا حتى لا يثير حنقه.... وهو لا يستوعب ما الذى يحدث مع الملك..... فمنذ تواجد هذا الصبى منذ شهران.... وهو يرأ الكثير من الإنفعالات التى لم يراها علي الملك منذ كان صبى بالحاديه عشر..... ولكنه قرر الصمت والتركيز على ساب.... الذى لم يستجب لرائحه العطور التى جلبها....والتى تساعد على تنبيه العقل وإفاقته....

 

عوده إلى ما يقارب ساعه ماضيه...... حين إنتهى الحكيم وليم من عمله..... وخرج مع دوغلاس للحديقه الخلفيه...... حيث ستتواجد جوليا شقيقه ساب...... وكذلك وجبه فطورهم.....

 

وحين إقتربوا وجدوا المائده قد أعدت بالفعل..... وعليها كل ما لذا وطاب من الطعام الشهى..... ظل دوغلاس يبحث بعيناه عن جوليا.... إلى أن أشار له وليم على فتاة تجلس بجوار بعض الزهور فإقتربا منها...... كانت جوليا تنظر للزهور بشرود..... وتفكر ما الذى سيفعله سام حين يعلم بذهابها هكذا دون إخباره بشئ.....

 

ولكن أخرجها من شرودها رؤيتها للاعم دوغلاس ومعه أحد يشبهه يقتربان منها..... فظهرت إبتسامه واسعه على وجهها.... وقامت مسرعه تجاه دوغلاس وإحتضتنه بقوة..... وهى تقول بإشتياق: لقد إشتقت لك كثيرا عمى.....

 

ربت دوغلاس على ظهرها بحنان أبوى.... وهو يقول: وأنا كذلك صغيرتى..... أم أقول خجولتى كما يلقبك ساب.....

 

إبتعدت عنه جوليا وقد إنتشرت الحمره على وجهها مما أعطها مظهرا خلابا..... وهى تقول بصوتها الرقيق الهادئ: قم بما تراه مناسبا.....

 

ثم وجهت نظرها ل للحكيم وحيته براسها قائله: مرحبا سيدى.....

 

إبتسم الحكيم برزانه وقال: كلما رأيت شقيقه من أشقاء ساب أظن أنها الأجمل...... إلا أن توقعاتى تخيب كلما رأيت أخرى.....وكم صدق ساب بتلقيبك بالخجوله.....

 

إشتد إحمرار وجه جوليا وبان التوتر على صفحات وجهها..... فلم يقم أحد بالتغزل بها بهذه الطريقه من قبل..... حتى سام لم يعاملها بهذا اللطف..... لهذا وقعت بعشق حديث كلا الوسيمين الذان أمامها......

 

فقال دوغلاس ل وليم حين لاحظ توترها: فلترحم الصغيره وليم.... ثم نظر ل جوليا بذات النظرات الحنونه..... التى أثرتها هى وأخواتها جميعا..... وأوقعتهم فى حبه الأبدى...... وأشار ل وليم قائلا: هذا حكيم القصر الملكى وليم أخى الصغير...... ثم أشار ل جوليا قائلا..... وهذه جوليا الشقيقه الوسطى ل ساب.....

 

أومأ لها الحكيم كما فعلت هى..... قالت جوليا وهى تمد يدها لتحيه: تشرفت بمعرفتك عمى وليم.... نظر لها وليم بمحبه أبويه خاصه حين نادته بعمى قائلا ل دوغلاس: هل أخبرك أنتى قد وقعت بحب هذه الصغيرة الأن أم أنتظر قليلا......

 

صدح صوت ضحكاتهم ووليم يسير معهم بإتجاه طاوله الطعام.... أخذ كل واحد منهم مقعدا.... وجلست جوليا جوار وليم بعدما طلب منها هذا...

ثم طلب من أحد الخدم أن يرسل لطلب ديفيد وماكس وكيت وألفين لتناول فطورهم.... وسأله إن كان الملك قد تناول فطوره...... فأخبره الخدم أنه رفض هذا ولا يريد أن يقوم أحد بإزعاجه..... فتنهد الحكيم وهو ينظر ل دوغلاس..... الذى أشار له ليتفادى الحديث بالأمر وخاصه أن شقيقه ساب تجلس بينهم الأن...... فأومأ لأخيه وأمر الخادم بالإنصراف وتنفيذ ما طلبه منه.....

 

كان الحكيم ودغلاس يتبادلون الأدوار فى سؤال جوليا عن أحواله وأحوال أهل بيتها.... والتى لم تمانع هذا..... لأنها تحب التحدث مع دوغلاس بالأساس والأن أصبحت تعشق التحدث مع أخيه هو الأخر.... الذى أشعرها بالألفه..... كما شعرت بها مع دوغلاس وساب فقط..... وليس مع غيرهما.....

 

سألها دوغلاس بهدوء وهو يبدأ بتناول فطوره: إذا كيف هو حال والدتك؟!....

 

ردت عليه جوليا بإبتسامتها الجذابه: مادامت ترى ساب أمامها ستظل بخير.....

 

كان السؤال من نصيب الحكيم هذه المرة.... والذى سألها مستفسرا: لماذا تقولين هذا؟!... هل هى تفضل ساب عليكن؟!....

 

لم تختفى إبتسامه جوليا وهى تنظر له وتجيبه: نحن جميعا نفضل ساب عن الجميع..... فما بالك بوالدتى

 

فسألها الحكيم مستفسرا أكثر: وكيف هذا؟!....

 

صمتت جوليا قليلا وكأنها تقوم بترتيب حديثها.... وكم كانت بريئه مع حركتها هذه.... ثم قالت: كيف أصف لك الأمر أنه ساب..... الذى قد يتعامل مع الجميع بجفاء وعنف ذائد.... ويأتى عندنا ويتحول لشخص أخر...... سواء بنظراته التى تحتوى قلبك وتدفئه..... أو بحديثه الحنون.... حتى بغضبه لا يفعل سوى الصمت والبقاء وحيدا.... حتى لا يطولنا غضبه ثم يأتى بعدها معتذرا عن صمته.... رغم أننا المخطؤون من البدايه..... إنه كما تقول أليس.... ساب ملاك لا نستحق وجوده بيننا...... أنهت حديثها وهى تنظر له بعينين تلمع بالدموع.... وإبتسامتها لم تختفى طوال حديثها....... وحتى بعد إنتهاء.....

 

كان وليم ينظر لها بدهشه وهو يسمع لحديثها.... فلقد كان فضوليا تجاه هذا الصبى الذى يهتم به الملك منذ قدومه...... لهذا كان يريد إشباع هذا فضوله من خلال أسألته التى يطرحها على شقيقته..... ولكنه لم يكن يتوقع أن تتحدث عنه بهذه الطريقه...... كما كان دوغلاس ينظر لها بإبتسامه هادئه..... وكأنه يؤيدها بما تقول..... ولكن لم يكن وليم ودوغلاس فقط من أستمع لحديث جوليا...... فهناك أخر كان قادما لتناول فطوره..... وإستمع لصوتها الذى كان يتحدث بشغف ولقد جذبه الإستماع لهذا الصوت الرقيق...... ومن خلال حديثها أدرك أنها شقيقه ساب.....

 

إقترب ألفين من طاوله الطعام..... وألقى بتحيه الصباح وجلس بالمقعد المقابل ل جوليا..... التى إختفت إبتسامتها.... وظهر توترها... ونظرت لصحنها الذى أمامها..... بسبب نظرات ألفين المثبته عليها....

 

فتحدث دوغلاس بثبات وبعض الحده..... حين لاحظ نظرات ألفين تجاه جوليا: كيف كان صباحك ألفين؟!..

 

تحولت نظرات ألفين بهدوء ل دوغلاس.... قائلا كلمه واحد: جيده معلمى.... وعاد بنظره ل جوليا مره أخرى.....

 

حسنا من لا يعرف ألفين فهو أكثر أصدقاء إستيفان هدوء وهيبه من بعده.... كما أنه كاتم أسرار إستيفان والوحيد بلا منازع..... الذى لا يهاب شئ.... إلا أنه عاقلا كفايه ليتفادى غضب إستيفان.... حتى لا يحدث أشياء سيندم عليها كلاهما فيما بعد.....

 

لاحظ وليم هو الأخر نظرات ألفين الثابته على جوليا..... كما لاحظ بوادر الغضب التى بدأت بالظهور على أخيه بسبب هذه النظرات..... فأدرك أن دوغلاس يغار على الفتاة من نظرات ألفين....

 

فقال وليم ليخفف من توتر الجو: إذن جوليا أخبرينى كم تمتلكين من أخوى بخلاف ساب؟!....

 

نظرت له جوليا وقالت بهدوء: نحن أربع فتيات وساب خامسنا.....

 

فأكمل بإبتسامه مطمئنه ليخفف من توتر الفتاة: وكيف هو ترتيبكم من الأكبر إلى الأصغر؟!...

 

إبتسمت له جوليا بموده قائله: ساب أكبرنا.... فرد وليم بمرح: هذا ما ظننته.... فهو يشعرك بكم هو رجلا مسؤل رغم صغره.....

 

إبتسمت له جوليا وهى تؤمى له مكمله: ثم أليس وهى أكبرنا نحن الفتيات..... فنظر وليم لأخيه سألا إياه: هل هذه الفتاة التى أتت معك أمس؟!..

 

يعلم دوغلاس أن أخاه يرواغ ولكنه تماشى معه خاصه.... حين لاحظ أن توتر جوليا عاد ليختفى مره أخرى..... كما ركز ألفين على صحنه رغم معرفة دوغلاس أنه ينصت لحديث جوليا بإهتمام....

 

فقال دوغلاس: لا هذه ليست أليس.....

 

أكملت جوليا وقد عادت إبتسامتها..... حين لاحظت أن الجالس أمامها لم يعد يوليها إهتمام.... وهى تنظر ل وليم قائله: من الجيد أنها ليست أليس....

 

ألم يقل ساب أنها تحتاج لتتعلم كيف تتعامل مع الأخرين.... لقد صدق بهذا فهى دائما ما تتعامل بفطرتها...... وهذا ليس جيدا لفتاة تلفت أنظار من حولها ك جوليا ..... هذا ما فكر به دوغلاس..... وهو ينظر ل جوليا ويتذكر حديث ساب المتكرر.... أنه لا يخشى على أحد من أخواته مثل خشيته على جوليا..... فهى أكثرهم تشبها بأمه وهذا يقلقه......

 

أخرجه من شروده عوده وليم لسؤالها..... وهو يقول: ولماذا هذا.....

 

أجابته جوليا بتلقائيه وعينها تتسع بدهشه تجعلك تقع بعشها للمرة المئه: لو كانت أليس من أتت لكنت رأيت النسخه الثانيه ل ساب حين يغضب ويثور.... ولم يكن ليستطيع أحد إيقافها......

 

كان ألفين يتابع حديثها وحركات وجهها ويديها وهى تعبر ل وليم..... حتى يصل له ما تريد قوله بطريقه جيده.....

 

لكن قطع تأمله قدوم ماكس وكيت.... التى إبتسمت بإتساع حين رأت فتاه أخرى تجلس على مائدتهم.... لهذا جلست جوارها لتعرف عن نفسها...... وكذلك تعرفت عليها جوليا...... وهز ماكس رأسه لها مرحبا بإبتسامه......فبادلته هى الأخرى.....

 

وخلفهم أتى ديفيد الذى يسير بغضب وهو يلعن بصوتا عالى...... وشعره يتطاير من حوله فجعل الجميع ينظر له بسبب لعنه المتكرر..... رغم جلوسه على مائده الطعام..... ولم يلقى حتى تحيه الصباح كما بدأ بتناول فطوره بغضب..... مما جعل ضحكه تخرج من جوليا وكيت على أفعاله..... فتنبه ديفيد لهم ووجد الجميع ينظرون له نظرات مختلفه.... بين نظرات شفقه.... وأخرى ساخره...... وأخرى ضاحكه....

 

فقال بإنفعال: ماذا ألم تروى شخصا يحدث نفسه من قبل..... اللعنه هذا ما يحدث لكل من يفكر بالعمل مع مجن....ولكنه توقف بنصف حديثه..... حين نظر له ألفين وماكس بحده..... فتأفف وصمت وعاد ليأكل....

 

 

ثم نظر ل دوغلاس قائلا بإبتسامه.... خلاف الإنفعال واللعن الذى كان عليه منذ لحظات: كيف تجد الجو بالقصر عمى العزيز؟!....

 

نظر له دوغلاس رافعا إحدى حاجبيه.... ثم نظر ل ماكس وألفين وقال: ما الذى فعله ملككم بهذا الفتى حتى جعله يفقد عقله بهذه الطريقه؟!.... إبتسم الجميع من حديث دوغلاس.....

 

لاحظ ديفيد وجود فرد جديد على مائدتهم.... كما أن جمالها يلفت الأنظار.... فقال وهو ينظر لها بإبتسامه حالمه.... فهو ديفيد قاهر النساء كما يقال.... أو كما يقول هو: من هذه الجميله؟!....

 

فإتخذ دوغلاس من سؤال ديفيد.... سبب فى إرسال رساله لجميع الجالسين وخاصه ألفين..... فقال بثبات: شقيقه ساب..... كما لا أنصحك بالإقتراب منها.... لأن حينها ستواجه غضب أخيها الذى لا يجب أن يقترب أحد من إخواته.....

 

فقال ديفيد بتعجب: وما الذى سيجعلنا نفعل شئ يغضب ساب عمى..... ف أنت لا تعلم كم أننى أحب هذا الفتى كثيرا...... أومأ له دوغلاس....

 

وقد فهم ألفين ما يرمى إليه دوغلاس..... وأنه المعنى بهذا الحديث..... فلم يصدر منه سوى إبتسامه هادئه فقط..... وجهت كيت سؤال ل جوليا قائله:هل ستظلى هنا معنا؟!.... وهل ستأتى ليلى كذلك؟!...

 

 

أجابتها جوليا قائله: لا أظن هذا.... ف أنا وساب سنرحل بعد قليل..... أما بالنسبه ل ليلى فصدقا لا أعلم علما أتفقت مع ساب......

 

أومأ لها كيت مبتسمه..... فقال وليم ليستكمل أسألته وقد ظهر عليه التشوق لمعرفه ساب وأسرته..... التى وجدها لطيفه من خلال حديث جوليا عنهم: ألن تكملى حديثك معى يا صغيرة..... أم أن وجود كيت لغى وجودى.....

 

ظهر الإحمرار على وجه جوليا مره أخره..... وهى تقول بنفى: لا ليس هكذا..... حسنا لقد وقفنا عند أليس.....

 

فقال الحكيم بهدوء:أجل الفتاة الغاضبه....

 

إبتسم جوليا قائله:لهذا يلقبها ساب بالمشاكسه....

 

فسألها ديفيد  بتذكر: هل يقوم بتلقيب كل واحد منكن بلقب.... لأننى وجدته لا ينادى الصغيره سوى ب جميلتى.....

 

أومأت له جوليا وقالت: أجل ف أليس بناديها ب مشاكستى..... و سيلا صديقتى لأنها أقربنا إليه بالتصرفات...... وحين يريد إغاظتها يناديها بدوده الكتب..... أما ليلى يناديها بجميلتى.... ولكن أليس لا تناديها سوى بالشيطانه الصغيره.... وكذلك سيلا تناديها بالقزمه..... وأحيانا أخرى بسليطه اللسان.....

 

فقال ديفيد مؤيدا: صدقن فيما قالوا..... فحقا هى ليست سوى شيطانه صغيره.... تجعلك تريد قتلها

من أول جمله تخرجها من فمها الصغير هذا....

 

مالت عليها كيت وهى تقول بصوت خافت.... ولكن مسموع للجميع:لا تتعجبى..... فلقد قامت الصغيره بإهانته لأكثر من مره..... وهو لم يستطع الرد عليها....

 

 

فضحك الجميع على هذا.... وديفيد يهز رأسه متنهدا وكأنه شخصا ظلم على يد هذه الصغيره.... وبعد أن توقف الضحك..... باغتها ألفين بسؤاله قائلا.... وهو ينظر لها نظره أربكتها: وأنتى ما هو لقبك؟!...

 

أيده ديفيد دون أن يلاحظ ما يحدث: أجل لقد نسيتى أن تخبرينا ما هو لقبك أنتى الأخرى؟!....

 

كادت جوليا أن ترد عليه..... إلا أن أحد الحرس الذى كان يأتى مهرولا تجاه الحكيم..... لفت أنظار جميع الجالسين...... إقترب الحارس من أذن الحكيم يخبره بأن عليه القدوم معه فورا..... لأن هناك شخصا فاقد الوعى...... وقف الحكيم سريعا عن مقعده وإستأذن من الجميع.....

 

ولكن أوقفه دوغلاس سألا إياه: ما الذى يحدث....

 

فأجابه وليم بإبتسامه هادئه: لا شئ هناك أحد الحرس فاقد الوعى سألقى نظره وسأكون هنا خلال دقائق..... أومأ له دوغلاس وعاد الجميع لإستكمال حديثهم...... وذهب الحكيم وليم مع الحارس إلى غرفه معمله..... والتى يعالج بها المرضى ليرى الشخص الذى فقد وعيه.....

 

 

ولكن حين دلف تعجب من وجود الملك.... وكاد يسأله ما الذى يحدث؟!.... إلا أنه وجد ساب ممد على إحدى الأسره.... وهو فاقد للوعى.....

 

تحدث الحكيم وهو يذهب ليرى ما سبب فقدان ساب لوعيه: ما الذى حدث له..... ولكنه لم يتلقى إجابه من الملك...... فنظر له فوجده ينظر ل ساب بشرود..... وكأنه يتذكر ما الذى حدث...... فترك ساب وذهب ليبحث عن بعض العطور التى تساعده على إفاقته.... وحين عاد وقام بتقريب أحد العطور إلى أنف ساب...

 

ولكن لم يستجيب له ساب حتى ولو بتحريك جزء بسيط منه...... ظل يقرب له كل عطر أحضره إلى أن وصل للعطر الخامس..... ولكن لم يستجب له ساب

 

 

مما جعل إستيفان يسأله بحده..... لم يستطع إخفائها: لماذا لم يستيقظ إلى الأن؟!....

 

نظر له الحكيم بهدوء.... وقال بثبات: أظن أنه من الأفضل أن تهدأ مولاى.... حتى أستطيع أن أشرح لك مايحدث....

 

 

قال الملك ببرود:أسمعك....

 

تنهد الحكيم وهو يقول بعمليه: ما يمر به الأن بسبب إرهاق وتعب كبير.... وكان هذا ظاهرا بوضوح حين رأيته منذ قليل..... كما أننى بعد معاينته..... أظن أنه فقد الوعى بسبب ضغطا نفسى.... وتوتر كبير جعل عقله ينفصل عن واقعه..... لعدم قبوله ما يحدث له لهذا سألتك مولاى...... ما الذى حدث له حتى أستيطع معالجته بطريقه أفضل؟!....

 

أجابه الملك ببرود: لقد أت ليطلب مسامحتى بعد الذى فعله مساء أمس.... وبعدها سقط مغشى عليه....

 

أومأ له الحكيم متفهما وهو يقول: أظن أن لقائك أجهده...... وكذلك طلب مسامحتك لا تقلق سيكون بخير....

 

أومأ له الملك.... فقرر الحكيم أن يجلب بعض العطور ذات الرائحه النفاذه.... حتى تأتى بمفعول فورى....

 

 

 

عوده إلى الحاضر

 

إقترب الحكيم من ساب... وقام بفتح زجاجه العطر التى أنتشرت رائحتها بقوه بأرجاء الغرفه.... ثم وضع قطره منه على يده ثم قرب يده لأنف ساب..... الذى ظهر الإنزعاج على ملامحه.... وبدأ يرمش بعيناه إلى أن إعتادت عيناه على الضوء....

 

 

 

ثم نظر للحكيم بتيه... فسأله الحكيم بهدوء: كيف تشعر ساب؟!... هل أنت بخير ؟!....

 

 

 

لم يجيبه ساب بل ظل صامتا.... وهو ينظر أمامه بتيه تعجب الحكيم من هذا..... فأعاد عليه سؤاله مره أخرى.... ولكن بنبره صوتا أعلى وأقوى: ساب هل تسمعنى جيدا؟!.... هل أنت بخير يا صغير؟!...

 

 

نظر له ساب وأومأ بضعف..... شعر وليم أنه يريد تواجد أحد يشعر بالأمان فى وجوده.... أو التحدث معه عما يشعر.... وهذا أمر خارج تخصصه الطبى....

 

 

 

فخرج أمام نظرات المالك المتابعه لما يحدث بتركيز.... وطلب من الحارس أن يأتى بالسيد دوغلاس فى الحال..... وبالفعل أسرع الحارس

والذى كان بالمصادفه.... ذات الحارس الذى طلب حضور الحكيم منذ قليل.....

 

 

إقترب الحارس من طاوله الطعام..... فنظر له دوغلاس قبل أن يقترب منه.... ووقف مسرعه وهو يقول بقلق: إنه ساب أليس كذلك؟!...

 

 

نظر له الحارس وأومأ برأسه.... فأسرع دوغلاس ليرى ما الذى يحدث..... وخلفه الجميع ليروا..... ما الذى حدث ل ساب..... ولم تترك جوليا الفرصه وبدأت بذرف الدموع الصامته.... وهى تهرول خلف دوغلاس وقلبها ينبض بخوف على أخيها.....

 

 

 

 

حين عاد الحكيم لغرفته.... وجد الملك يجلس أمام ساب وينظر له بثبات..... ولكنه تحدث إليه قائلا ببرود: لماذا أرسلت بطلب دوغلاس؟!....

 

 

 

أجابه الحكيم بهدوء: لأن ساب مجهد نفسيا.... ويحتاج لمن يساعده على التنفيس عما داخله.....

ولا أظن أن هناك أفضل من دوغلاس بهذا الأمر...... وخاصه أن هنام علاقتهم قويه تربطهم سويا.....

 

 

 

 

فعاد الملك ليسأله من جديد وهو لم يبعد عيناه عن ساب..... الذى ينظر الأن للفراغ: ألا تستطيع مساعدته بأى دواء!!....

 

 

 

نفى الحكيم قائلا: هذا شئ خارج مجالى الطبى للعلاج.... وكل ما سأقدمه له سيضره فقط.....

 

 

 

أومأ له الملك ثم قام برفع يده ولامس وجه ساب بخفه..... متفاديا التفكير بتلك الشراره التى حدثت حين تلامسا مره أخرى.... وهو يقول بصوت حانى: ساب إنظر إلى.....

 

 

 

لم يستجيب ساب فى البدايه.... إلا أن إستيفان شعر بإرتعاش جسده حين لامسه.... ولكنه لم يبعد يداه بل مد يده الأخرى وكوب وجهه بيده...... وقال بصوت خافت: لم يحدث شئ يجعلك تصاب بالفزع يا صغير.. إنظر لعينى كما إعتدت أن تفعل.....

 

 

 

 

وبالفعل إستجاب ساب لصوته الحانى.... الذى إقتحم قلبه ونشر الطمئنيه به..... بعد أن كان مليئ بالفوضى ونظر له..... فظهرت إبتسامه الملك التى كشفت عن غمازه لا تظهر إلا نادرا..... ظهرت من أجل ساب فقط....

 

 

 

كان دوغلاس ومن معه وصلوا وشاهدا ما يحدث بعيون متسعه...... كاد دوغلاس أن يتقدم تجاههم..... إلا أن وليم أمسك يديه يمنعه من التقدم..... وهو يقول بخفوت: أظن أنه من الأفضل أن نخرج جميعا للخارج.....

 

 

كاد دوغلاس أن يرفض هذا..... ولكن نظرت وليم المطمئنه والقويه بذات الوقت أجبرته.... كما أجبرت الجميع على الخروج مغلقا الباب خلفه..... ظلوا هكذا لما يقارب العشر دقائق..... ودوغلاس عيناه لا تحيد عن باب الغرفه.... التى يتواجد الملك داخلها مع ساب.....

 

 

وجوليا تبكى بأحضان كيت بصمت... خوفا على أخيها .... وعينى ألفين تتابعها بهدوء..... إقترب وليم من دوغلاس قائلا بهدوء لعل أخيه يهدأ قليلا: إنه يخاف عليه كما تخاف أنت عليه وأكثر..... أنا لم أرى إستيفان يهتم لأمر شخص كما يهتم لأمر هذا الفتى... لهذا يجب أن تهدأ......

 

 

 

حسنا لم يكن حديث وليم بمحله....فبدل من أن يطمئن دوغلاس ويهدأ.....أشعل حديث وليم غضبه كما تشتعل النار فى الهشيم.....

 

 

 

ولهذا أجابه بصوت حاد: إن كان ما تقوله صحيح.... إذا لما قام بكسر قدمه... وجعله طريح الفراش لشهرا كامل..... إن كان يحفل به.... لما  جازف وأخذه لمملكه إستيباليا.... وهو لا يدرى ما الخطر الذى قد يواجهه هناك وهو معه..... لا تخبرنى واللعنه أنه يهتم لأمره... لأنه لا يوجد أحد يهتم لشأن شخص ما ويفعل به ما فعله بصغي......

 

 

توقف دوغلاس عن الحديث وهو يحاول إلتقاط أنفاسه..... ثم إلتفت للواقفين خلفه وأكمل بصوت صارم.... لا تظنوا أننى غافل عما تحيكون به من خلف ظهره...... أو لم ألاحظه..... ولكنى سأعلم ما تحاولون إخفائه..... ولكن فلأطمئان على ساب أولا.... ثم لنا حديثا بعدها..... ثم نظر ل وليم قائلا بنفاذ صبر: هل سيظل معه بالداخل لدهر كاملا..... أريد أن أطمئن على طفلى وليم.....

 

 

أومأ له وليم وهو يرى غضب أخيه.... ويحاول أن يقنع نفسه أنه بسبب قلقه على الفتى.....وأنه لا يوجد شئ أخر يخاف أن يعلم به أحد....

 

 

 

أما بالداخل بعد أن تلاقت نظرات الملك مع ساب أبعد الملك يداه..... وظل الملك يقنع ساب أنه لم يحدث شئ سئ.... يجعله يشعر بالسوء.... وأنه فقد وعيه بسبب شده إعيائه لا أكثر..... كما أنه قد سامحه لهذا لا يجب أن يفكر بالأمر كثيرا.....

 

 

 

كان فم الملك يتحدث بحديث..... مخالف لحديث عيناه الذى إلتقته ساب جيدا...... حديث يعده ألا يتكرر هذا الأمر....كما أنه لا يعلم كيف كان سيحدث هذا الأمر... يعده أن ينسى هذه اللحظه... ويطلب منه هو الأخر نسيانها..... قرأ ساب كل هذا بعينى الملك ولقد كان رأيه هو الأخر من رأى الملك.....

 

 

لهذا أومأ له ساب براحه.... وكأنه كان منتظر هذا الحديث.... حتى يكذب ما كان سيحدث بينهم لولا إغمائه.....ولكى ينشر إستيفان الأمان بقلبه أكثر....


قال بهدوء: الجميع ينتظر بالخارج..... إن أردت أن أجعل دوغلاس يأتى لتتحدث معه عما حدث ..... فأنا لن أمانع هذا...حتى وإن أردت أن تخبره بكل ما حدث فأخبره..... لأنه لم يحدث شئ خطأ..... حتى نقوم بتخبأته.....

 

 

 

أجابه ساب بهدوء: أنت قلتها لم يحدث شئ..... لهذا لا يوجد ما يحكى.... أليس كذلك؟!....

 

 

 

إبتسم له الملك وهو يؤمى له..... وقام ليخرج من الغرفه..... فتبعه ساب واقفا من على فراشه..... ف كاد الملك يعنفه ليعود للفراش مره أخرى......

 

 

إلا أن ساب قال بمرح: لا أحب هذه الغرفه.... ف لقد تم حبسى بها شهرا كاملا..... ولكن لا تخبر الحكيم بهذا..... حتى لا يحزن.....

 

 

 

أومأ له الملك وهو يخرج من الغرفه.... ولم يوجه أى حديث لأى شخص من الواقفين ذاهبا لغرفته...... وحينما كاد دوغلاس أن يدخل الغرفه..... خرج منها ساب وهو يبتسم لهم بهدوء قائلا: أعتذر عما حدث.... ولكن هذا بسبب بعض الإهمال الذى لن يحدث مجددا.....

 

 

إقترب دوغلاس منه وقام بإحتضانه بقوة.... وهو يقول بصوت خافت لم يسمعه سوى ساب: هل أنتى بخير صغيرتى؟!....

 

 

أومأ له ساب وهو يبتسم قائلا: أجل بخير لا تخف.... ولكن أريد أن أذهب لغرفتى لأستريح لبعض الوقت.... هل تستطيع الأعتناء بجوليا لحينها؟!....

 

سأله دوغلاس إن كان يحتاج للمساعده.... فنفى ساب وذهب تجاه غرفته... ولكن بعد أن طمئن جوليا لتكف عن البكاء.....

 

وفى طريقه لغرفته..... تقابل مع ماثيو فإبتسم له بإرهاق وأكمل سيره....لمعرفته أنه لا يحب التحدث معه....... إلا أن حديث ماثيو أوقفه.....

 

ماثيو بإهتمام: هل أنت بخير يا فتى؟!.... سمعت أنك قد فقدت الوعى منذ قليل؟!....

 


إبتسم ساب بسخريه وهو يلتفت له قائلا: كنت أظن النميمه من عادت النساء فقط..... وتنهد ثم نظر ل ماثيو بإبتسامه مرهقه.... أنا بخير وشكرا على سؤالك....


 

إقترب منه ماثيو قائلا بهدوء: هذا أقل شئ استطيع تقديمه لمن قام بإنقاظى وإنقاظ الملك.... كما أننى يجب أن أقدم لك إعتذار..... لأننى ظننت بك السوء وأخبرت الملك بهذا.....


إتسعت إبتسامه ساب لصراحته.... فقال بمرح: لهذا كنت تنظر لى وكأننى عدوك حين إلتقينا.... ولم تقم بتقديم نفسك لى.... أليس كذلك؟!....

 

إبتسم ماثيو قائلا ببعض الخجل: شئ من هذا القبيل.....

 

نظر له ساب وقال بحماس رغم إرهاقه: إذا لنتعرف من جديد..... وقام بمد يده مكملا..... مرحبا أنا أدعى إسبيستيان الكدورى..... ولكن المقربون منى ينادوننى ب ساب.....

 

أبتسم ماثيو وهو ينظر ليد ساب الممدوه له.... فمد يده هو الأخر يصافحه قائلا.... مرحبا بك.... وأنا ماثيو والأصدقاء يلقبونى ب ماث.....

 

 

 

أومأ له ساب قائلا بإحترام: تشرفت بمعرفتك ماث.... فأومأ له ماثيو قائلا بموده: وأنا كذلك ساب......

 

 

يتبع