الفصل السابع والثلاثون_ مملكة الذئاب Black
عادت سابين لغرفتها
وأغلقت بابها خلفها بهدوء..... كما سارت بقدم مثقله إلى حمامها..... وأزالت درعها وملابسها
بأكملها وإغتسلت...... وبعدما إنتهت خرجت من حمامها...... وهى ترتدى قطعه ملابس واحده
تخفى مفاتنها.......
وحين مرت بالقرب
من مرأتها وكادت تتخطاها توقفت محلها لدقيقه.... ثم إلتفتت بوجهها تنظر لمظهرها بدقه.....
ثم إستدارت بكامل جسدها ووقفت مقابله للمرأة..... كان شعرها مازال مبتل ومتناثر على
وجهها..... ظلت تنظر لصورتها لبعض الوقت.... وعيناها تذرف دموعها بسخاء...... وكاد
شهقه تخرج من فمها...... إلا أنها حبستها حين قامت بعض شفتيها بقوة لتمنعها من الخروج......
ثم مدت يدها بهدوء
ورفعت شعرها للأعلى.... وهى تنظر لعيناها المرهقه بشده.... ووجهها الذابل.... وتحدثت
قائله وهى تنظر لصورتها.... وتتسأل بصوت ضعيف: أتتذكر لقائنا الأول ساب.... حين إتخذت
منك حامى ل قلبى الذى تحطم وتحول لشظاريا حاده.... وكلما حاولت مداواته أصبت بجروح
داميه..... أتذكر حين رأيت فيك الجزء الجيد المتبقى داخل ظلمات قلبى....فأعطيت لك كل
شئ بسخاء.... أعطيتك جسدى.... وما تبقى من كيانى.... كله كان لك...حتى أننى إمتنعت
من التلفظ بإسمى سابين....قالته ببطء وكإنها تتذوق أسمها بفمها لأول مره...ثم أكملت:كل
هذا كان من أجلك أنت.... من أجلك ساب...كم عدد المرات التى سوف تتخلى عنى بها ساب وأنا
من أتشبس بك ؟!....رغم أن ما يجب أن يحدث هو العكس.... أن تتشبس أنت بى..... وليس أنا
من أتشبس بك....
توقفت عيناها عن
ذرف الدموع... وأكملت بحده وصوت بح من كثرة إرهاقها: لماذا.... لماذا رغم أنك تعلم
ما عانيته بطفولتى؟!..... إلا أنك لم ترحم قلبى.. وعقلى... وروحى من الألم المميت....
لماذا تخشى المواجهه؟!..... ولماذا يجب على تحمل ما لا أستطيع حمله؟!.... لقد بدأت
أتيقن أنك لست جزء منى ساب.....أصبحت أرى أنك حملا ثقيلا على قلبى.... بدلا من أن تكون
معينن لى....
صمتت وعيناها عادت
لتمتلاء بالدموع مره أخرى فبللت شفتيها.... وهى تكمل بصوت مهزوز: أم أنك تناسيت
أن السبب الأول بوجودك ألا أشعر بالوحده ساب؟!.... أتعلم أننى قرأت يوما ما كلمه فحوها.....
أن الصدمات هى التى تحدث تغيرا بحياة الأنسان.... فتجعله ما هو عليه الأن..... ولكن
لم أفهم وقتها ما تعنيه.... إلا أننى الأن قد فهمت كل حرف منها....
توقفت عن الحديث
حين لم تعد تستطيع كتمان شهقاتها.... فخرجت شهقه من محبسها تعبر عن الجرح المدمى داخل
قلبها..... وأكملت بسخريه
لازعه: وأنت على
يقين أن ما حدث لى يتخطى الصدمات.... ولكن الأن حين نظرات لكل ما عايشته من ألام موجعه
ومؤلمه لروحى.... وجدت أنك لم تكن جزء منها... بل كنت أنا وحدى.....
ونظرت للمرأة تخاطبها
بعيون ذابله وصوتا مقهور: أقسم أننى كنت وحدى..... وهذا ليس له سوى معنى واحد.....
أن وجودك ساب ما هو إلا خيالا أنا صنعته لأحتمى به من واقعى المريض....
توقفت عن الحديث
فى محاوله منها لتأخذ بعض أنفاسها..... إلا أنها أكملت قائله... وهى تشعر أن الراحه
تتسرب لقلبها كلما إستمرت بالحديث: إلا إننى إكتشفت الحقيقه متأخرا..... أكتشفت أننى
تأذيت من وجودك.... أكثر مما إحتمائى بك من الأخرين..... كما أن هناك سؤال طرء على
عقلى الأن....... وصدقا لا أجد له إجابه..... كما لا أعلم لماذا لم أفكر به سابقا؟!.....
وإقتربت من مرأتها
إلى أن أصبحت تلامسها قائله بحقد ملأ روحها وعينها: كيف لى أن أحتمى ب
صورة رجلا وكل
من قاموا بتدمير حياتى كانوا بالأصل رجال؟!.... إبتلعت سابين ما بجوفها..... وإنتظرت
لبعض الوقت وهى تنظر لصورتها بالمرأة لعلها تجيبها...... إلا أن هذا لم يحدث....
فإبتسمت بسخريه
قائله: ألم أخبرك أنك لست سوى ستار واهى..... صنعته لأخفى خلفه سابين الطفله الضعيفه.....
المنكسره.... الخائفه.... المجبوره على أمرها.... والأهم سابين المشوهه..... ونسيت
أنه كان بإستطاعتى خلق سابين جديده.... قويه..... شرسه ذات كبرياء.... وغرور..... ولكن
بدلا من هذا صنعت ساب الرجولى..... صاحب المكانه المرموقه..... الحداد المشهور.....
وقمت بطمس ذاتى أنا.....
وقامت بالضرب على
صدرها بقوة..... وهى تبكى بحرقه قائله بين شهقاتها: أنا..... أنا سابين الكدورى....
لا إسبيستيان الكدورى.....وقامت بلكم مرأتها فتسببت بكسرها.... وجرح يديها التى بدأت
الدماء تتدفق منها بغزاره..... توقفت عن الحديث لتأخذ أنفاسها بعنف..... ثم أكملت وهى
لا تعطى لجرح يدها أدنى إهتمام: ولكن أنا لها... أناسأقوم بإصلاح ما صنعته من حطام
داخل حصون قلبى....فكما صنعت ساب سأمحيه وسأعيد إحياء سابين.... لهذا منذ اليوم لم
يعد هناك وجود ل إسبيستيان الكدورى.... لا وجود لك ساب بعد اليوم.... سوى إسما فقط.....
ومنذ اليوم أصبحت
سابين لا شخصا أخر.... أنهت حديثها وإستدارت عائده لفراشها.....وتمددت عليه وهى
تغمض عينها فى محاوله منها للراحه.... وحقا كم أراحها هذا الحديث.... وأزاح ثقلا كبيرا
كان على عاتقها.....
نظرت ليدها وجدت
دمائها مازالت تتساقط..... كما رأت بعض شظايا المرأة عالقه بيدها... لم تهتم للألم
الذى تشعر به..... فلقد عايشت ألما أكبر منه بالماضى.. لهذا لم تحفل بألمها.... بل
كان كل ما يهمها ألا يتسخ الفراش بدمائها..... لهذا لم تقم من مكانها.... بل قامت بجذب
إحدى قطع ملابسها ومزقتها.... ثم قامت بلفها على يدها..... دون أن تقوم بإخراج
الشظايا العالقه بيدها متعمده..... فهى تعلم أن الألم سيذيد بمرور الوقت..... مما يجعلها
تستيقظ بوقت قريب.... حتى تستطيع اللحاق بسفرها.....
لم تنم بل ظلت
تنظر لسقف الغرفه وهى تفكر بما حدث معها بمكتب الملك....حيث جعلها تشعر بأشياء ظنت
أنها لن تشعر بها يوما ما..... لقد شعرت أنه مرغوبا بها رغم أنها فتى بنظره لا فتاة.....
توقف تفكيرها وهى تتذكر ملمس يده الحانيه على وجهها..... فمدت يدها السليمه بتلقائيه
ووضعتها بموضع يده..... وظلت تحركها بنعومه كما كان يفعل هو.....
إلى أن تذكرت نظراته
إلى شفتيها وكيف تحولت عيناه للاسود..... فتسارعت أنفاسها وهى تلامس شفتاها..... ولكنها
إستفاقت وقامت بالجلوس على فراشها..... وهى تحاول أخذ أنفاسها بهدوء..... وهى تذكر
نفسها وتعنفها أنها ستظل بالنسبه له ولهم الحداد ساب.... وهذه حقيقه لن تتغير.....
كما أنها ستبتعد
عن هذا الملك..... ولن تقترب منه هكذا مرة أخرى..... ورغم أن ما حدث زلزل كيانها إلا
أنه أعاد لها بقايا سابين..... وكم هى مكتفيه بهذه البقايا.... قررت سابين عدم التفكير
كثيرا بهذا الأمر.... فهى سترحل عن هذا القصر بعد ساعات...... ومن المحتمل أنها لن
تعود إليه مرة أخرى.....
إرتسمت إبتسامه
مشرقه على شفتيها لأول مره.... إبتسامه كانت موجهه لذاتها لا لأحد غيرها.... ومعها
عادت للنوم على فراشها..... ولم يدوم الأمر سوى لحظات وسقطت بنوما عميق..... ولأول
مره تنام بعمق لا ترى ظلام..... أو ترى شبيها لها..... لم ترى أى شئ.....
ولأول مره تنام
وإبتسامتها مرتسمه على وجهها لا دموعها.... وهى تشعر بالإنتماء.... الإنتماء لذاتها
فقط لا لأحد غيرها.....
❈-❈-❈
كان إستيفان يسير
بالردهه بهدوء وبرود واضح للعيان...... إلى أن وصل لغرفته وقام بإغلاق بابها خلفه بهدوء
مريب.....وسار بثبات إلى أن وصل لمقعده الوثير وجلس عليه.... وظل ينظر أمامه بشرود....
إلى أن صدح صوت
ضميره يحدثه قائلا: كيف لك
أن تقوم بفعل شئ
بهذه الدنائه والوضاعه؟!.... منذ متى وأنت هكذا؟!..... تستغل من أمامك..... وللكارثه
ليس فتاة..... بل فتى واللعنه ما الذى كنت تفكر به وقتها هاا؟!...
وكأن ما حدث لا
يكفيه حتى يأتى ضميره ليكمل عليه...... هنا رد عقله مجيبا بثقه: وماالذى حدث؟!...أنا
أرى أنه لم يحدث شئ..... كما لا تتدخل بما لا يعنيك هذا شئ لا يخصك أنت......
أجابه ضميره قائلا
بحده: كما لا يخصك أيها الوضيع الذى تحلل كل شئ تريده.... حتى وإن كان سيوقعك بخطأ
فادح..... كما فعلت سابقا ب ديفيد وغيره..... وهو للأسف الشديد دائما ما يتبعك أنت....
ظنن منه أنه إذا إتبعنى أو إتبع قلبه فإن هذا سيضعفه.....
رد عقل إستيفان
قائلا: بل يتبعنى لأننى أنا من أقوم بإصلاح ما تحاول أنت وصديقك تدميره.... كما أن
ما كان سيحدث بالمكتب..... كان طلب قلبه الذى ظل ينبض بجنون وأرد الإقتراب من الفتى....
وأنا لم أفعل سوى تنفيذ رغبه قلبك.....أليس كذلك أيها القلب النابض؟!.... قالها بسخريه
ثم أكمل.... لهذا الخطأ يقع على قلبه لا على أنا.....
هنا تحدث ضميره
بعنف قائلا: كلانا يعلم أن قلبه لم يكن يرد هذا.... بل كان جسده من أرد هذا وأنت قمت
بإستغلال هذا..... ولبيت رغبه جسده....لأنه لاقى إستحسانك....
رد عقله بسخريه:
كل هذا لا يهم.... سواء كان هذا مطلب جسده... أم قلبه....حيث أن كلاهما لم يمانعوا
هذا القرب....
هنا لم يعد ضميره
يتحمل هذا الكم الكبير من النفاق الذى يستخدمه عقله..... حتى يخفف من وطئ ما حدث له.....
فقال بثبات: إذا أنت ترى ما كان سيحدث بالمكتب كان صحيح؟!.....
هنا توتر عقله....
ولكنه قرر إكمال مراوغته حتى لا يشعر بتفاقم ألمه.... وتأنيب ضميره الذى لا يرحمه ويشعر
بالتقزز من حاله..... فقال بهدوء: أنا لم أقل أن ما كان سيحدث أمر جيد أو صحيح....
بل ما أحاول توصليه إليك..... أنه مادام لم يحدث شئ بينه وبين الصبى.... إذا لا يجب
أن نحاسب عليها.... كما يحدث للمذنب..... إذا سرق أو قتل يحاسب على فعلته.... ولكن
إذا لم يفعلها الجرم..... حتى وإن كان مقدما عليه..... هل يحق لنا محاسبته؟!... لا....
لا يحق لنا محاسبته....لهذا لا يحق لك محاسبتى على شئ لم أفعله..... أليس ما أقوله
صحيح؟!... أم أننى مخطأ؟!...
إبتسم ضميره بسخريه
قائلا: بلى يا صديقى كل كلمه قلتها صحيحه.... ولكن أنت لم تلاحظ أمر ما... أتعلم ما
هو....
فسأله عقله قائلا:
ما هو؟!.. أجابه ضميره بثبات: كل ما تحدثت عنه كان عن أفعال الجسد فقط.... وهو ما يحكم
به البشر على أقرنائهم من أفعال وتصرفات.... صدرت عنهم من خلال أفعال قامت بها أجسادهم....
لهذا حين يذنب أحدهم أجسدهم هى من تتم محاسبتها..... لهذا حديثك صحيح..... ولكنك لم
تنظر لما داخل هذا الجسد.... من قلب... وعقل.... وروح أليس هؤلاء مشتركين معه بالجرم؟!....
أليسو هم من أقنعوه على فعل هذا الجرم؟!.... وهنا يا صديقى نطرح سؤال هام...... كيف
سيتم محاسبه هؤلاء؟!... عندها سأخبرك.... أن بسبب هذا وضع لنا الإله ضمائرنا.... التى
تحاكم هؤلاء الثلاثه على أفعالهم.... سواء إستمع لهم الجسد أو لم يستمع..... لأنه بمجرد
شعورهم وتفكيرهم بهذه الأعمال الخطأه..... فهم بهذا قد أجرموا رغم أنه لا يعلم أحد
ما يدور داخلك.... ولكن يكفى أن صاحبها قد فكر بها..... كما أنه لو لم يخلق الله ضمائرنا.....
لما شعرنا بالأسف على حديث عابر جرحنا به من نحب..... ولا شعرنا بالندم حين نخسر شخص
كان وجوده كالحياة لنا.... لما شعرنا بالحب.... بالإشتياق.... أو الكره.... والغضب....
لأنه لو كنا كما تقول أنت نحاسب على ما يفعله أجسادنا فقط.... لما حاسبنا الصغير على
كذبه..... ولا قاطعنا المسبب ببكاء غيره..... بل سنكون أقرب ل كيشان تحركنا أجسدنا
بدون تفكير أو شعور.... كما أقسم أنتى ظلمت كيشان بهذا.... لأن كيشان يملك قلبا نقى
يحب بصدق ولا يقوم بإذاء....لهذا هو الأفضل.....
توقف ضمير إستيفان
عن الحديث.... وعم سكون موحش داخله..... فلم يجرأ عقله على الحديث مرة أخرى..... بعدما
كشف ضميره الستار عن هذه الحقائق المؤلمه..... ولم يكسر هذا السكون سوى قلبه... الذى
قال بوهن: صدقت بكل ما قلته يا صديق... ولكن عذار لما سأقول... أعلم أن كلا منكما ينظر
للأمر من وجهة نظره..... ولكن لم يفكر أحدكم بهذا الصبى الذى.... وتوقف قلبه عن الحديث
ثم أكمل بضعف.... لا أعلم كيف أصف شعورى..... لقد أخطأنا خطأ لا يغتفر.... ولهذا أريد
منكم أن نتفق على الإبتعاد عن هذا الفتى حتى لا يصيبه شئ أخر بسبب قربنا منه.... لأنه
حينها لن أسامح ذاتى وقتها.... وافق عقله وضميره على حديث قلبه....
ولكن غضب إستيفان
من ذاته مازال كما هو لم يهدأ... لهذا قرر التتفيس عن هذا الغضب بأى طريقه ممكنه....
فقرر الخروج والذهاب ل كيشان لعله ينسيه ما يفكر ويشعر به..... رغم معرفته بصعوبه الأمر
إلا أنه سيحاول.....
خرج من غرفته متجها
للإسطبل.... ولكنه توقف حين لاحظ وجود عدد لا بأس به من رجاله البسلاء والأقوياء.....
حول الساحه الخلفيه بجانب الإسطبل فتجعد ما بين حاجبيه يفكر.... ما هو سبب فى هذا التجمع؟!...
إلا أن تذكر عقله أن هذا هو المعاد الإسبوعى..... الذى يجتمع فيه رجاله للترفيه عن
أنفسهم.... من خلال مبارزتهم لبعضهم البعض..... ويكون هناك بالنهايه فائز واحدا فقط.....
ظهرت إبتسامه خفيفه
على وجهه الملك.... حين أدرك كيف سيقوم بالتنفيس على غضبه بطريقه جيده وممتعه بذات
الوقت..... إقترب منهم الملك ووقف مستندا على أحد الأعمده دون أن يلاحظه أحد..... فالجميع
يتابع ما يحدث فى الساحه بإهتمام كبير.... وهو يرى المبارزه القائمه بين رجلين من أشداء
رجاله بالجيش على أشدها.... كانت مبارزه جيده إنتصر بها أحدهم.....
وقد كانت هذه اللعبه
تتم بشروط معينه حيث تتكون من ثلاث جولات..... يفوز من ينتصر بجولتان أو ثلاثه أمام
خصمه..... ويظل هو البطل مادام يفوز على كل من يقابله..... إلى أن يأتى أحدهم ويهزمه
فيخرج الخاسر ويكمل الفائز وهكذا.....
بعد إنتصار الرجل
قام برفع سيفه متباهيا.... وسأل بصوت متعالى وقوى: من الخاسر التالى؟!.... فرد عليه
ديفيد ضاحكا: اللعنه على غرورك أيها المتعالى؟!... فقد تخطى غرورك غرورى..... أكل هذا
لأنك هزمت ثمانيه رجال فقط...فما الذى ستفعله بنا إذا تخطيت العشرين....
فضحك الجميع على
حديث ديفيد.... وكذلك من كان يقف بجواره كأبيه وعمه... وكيت التى تنظر بإبتسامه لما
يحدث... فهى إعتاده على رؤيه هذه الأشياء..... بخلاف جوليا التى كانت تنظر لما يحدث
من بدايه المبارزه إلى الأن.... بإنبهار وتشويق لما سيحدث تاليا....
تحدث ماكس الواقف
بجوار كيت قائلا بصوتا مرتفع وهو يبتسم: إذا فلندع كبار المغرورين لدينا يتقاتلا....
صاااح الجميع مؤيد لهذه الفكره..... وإشتدد الصياح حين نزل ديفيد للساحه.....وهو ينظر
بإبتسامه شرسه لخصمه الذى يناظره بذات الإبتسامه..... المصحوبه بإيمأه إحترام ل ديفيد
فهو أعلى منه رتبه.....
تقابل كلاهما وأصبح
المكان يعم بالسكون رغم إمتلأه على أخره..... وبدأت أصوات السيوف تتلاحم و تتصاعد كنغمه
محببه لجميع الحاضرين..... الذين يشاهدون ما يحدث بحماس شديد.....
إقترب ألفين من
أذن ماكس قائلا بمكر: أتراهن على الفائز؟!.... نظر له ماكس بذات المكر قائلا: حسنا
أظن أن ديفيد سيفوز بالثلاث جولات..... وأخرج خمس عملات ذهبيه من جيبه وأعطاها ل ألفين.....
الذى قال بإبتسامه:
بل سيترك لخصمه الجوله الأوله ليزداد غرور خصمه....ومن ثم سيهزمه فى الثانيه والثالثه.....
نظر كلا منهم للأخر بتحدى.... وأومأ كلا منهم للأخر وعادوا يتابعون ما سيحدث.....
كان ألفين ينظر
بين كل فنيه وأخرى تجاه جوليا الواقفه بجوار كيت..... وكامل تركيزها موجه للمبارزه
التى تحدث أمامها..... تاه بمحلامها البريئه وإنفعلات وجهها ويدها حين تتصادم السيوف
بقوه.... وشهقتها الهادئه التى تصدر بين كل فنيه والأخره..... ولكنه كان يسمعها بوضوح
ويبتسم على كتله البرائه التى أمامن....
أعاده من شروده
صياح الجميع حين فاز خصم ديفيد بالجوله الأوله.... مما جعله يصدر ضحكه لعوبه وهو ينظر
ل ماكس..... الذى ينظر ل ديفيد بغضب لأنه تسبب بخسارته للرهان..... ثم نظر ل ألفين
وقال بحده: لا تفرح لهذه الدرجه.... قد يخسر بإحدى الجولات القادمه.....
إرتفع حاجب ألفين
ومازالت إبتسامته مرتسمه على وجهه قائلا: سنرى هذا..... وبالفعل بدأت الجوله الثانيه
والتى قام بها ديفيد بالمراوغه..... إلى أن أسقط سيف خصمه مما جعله يفوز بالجوله.....
هذا جعل إبتسامه ألفين تتسع لأن ما قاله يتحقق....
وكذلك إستيفان
الذى أدرك هو الأخر أن هذا ما سيفعله ديفيد قبل دخوله لساحه المبارزه..... لأنه حين
أمسك سيفه باليمين أدرك أنه سيترك الجوله الأوله لخصمه ليتباهى أمام الجميع..... ومن
ثم يتحول هذا الفوز لخساره ساحقه..... وخاصه أن ديفيد قام بتحويل سيفه من اليمين إلى
اليسار بنصف الجوله الثانيه..... وقام بهزيمه خصمه بسهوله
خلال هذا الصياح
والحماس المشتعل بالساحه الخلفيه للقصر...... إستيقظ ساب من سباته وهو يشعر براحه قلبيه
غريبه....... وكما توقع ألم يده هو من أيقظه لأنه يشعر الأن بألم حاد بيده..... وخاصه
بوجود الشظايا التى مازال عالقه داخلها...... نظر لقطعه القماش التى قام بلفها على
جرحه وجدها أصبحت حمراء بالكامل بسبب دمائه.....
فقام بقطع قطعه
أكبر وأزال التى على يده.... ثم دخل حمامه وقام بغسلها بهدوء.... وهو ينظر للجرح هو
ليس بالعميق ولكن الشظايا قامت بتلويثه... ظل ينظر حوله إلى أن وجد شئ يشبه الإبره....
أخذه وقام بغسله ثم قام بإخراج الشظايا بأيدى مرتعشه..... وهو يضغط على شفتيه بأسنانه
حتى لا يخرج صوته.... بعد أن إنتهى حاول أخذ أنفاسه بقوه..... فقد إنتهت نصف المهمه...ومازال
أمامه النصف الأخر....
وهو أن يقوم بخياطه
جرحه حتى يلتأم سريعا... ظل يبحث حوله عن خيط وإبره إلا أنه لم يجد شئ.... فقرر الإستعانه
بأدوات الحكيم لهذا قام بلف يده جيدا.... وإرتدى ملابسه بصعوبه بالغه خاصه أنه لا يستطيع
تحريك يده أو أصابعه..... وبعد عناء شديد إنتهى وخرج من غرفته صوب غرفه الحكيم....
وقام بطرق الباب
ولكن ما من مجيب.... ظل هكذا لبغض الوقت إلى أن أدرك عدم وجود الحكيم داخل غرفه معمله.....
وقال فى نفسه: إذا هو مع دوغلاس....
وهذا أرح ساب الذى
دلف للداخل يبحث عن مبتغاه إلى أن وجد ما يريد.... فجلس على أحد الأسره وقام بتخيط
جرحه.... رغم إنتفاضه جسده بين كل لحظه وأخرى بسبب شعوره بالألم الشديد....كما كان
يتوقف بين كل غرزه والأخرى فى محاوله منه لأخذ أنفاسه.... وهو يلعن غضبه الذى تسبب
بهذا الجرح.... بعد مرور بعض الوقت إنتهى من الأمر وأعاد كل شئ موضعه..... حتى لا يلاحظ
الحكيم دخوله.... ولف يده مره أخرى بقطعه القماش التى كانت معه....
وخرج يبحث عن جوليا
ودوغلاس ليخبره برحيله لوجهته.... فقد أصبحت الشمس فى وسط السماء وهذا دليل على إقتراب
ذهابها وحلول الليل.... لهذا ذهب تجاه غرفه دوغلاس وطرق بابه..... ولكن لم يجد أحد
بالغرفه.... ولا يدرى إلى أين ذهبوا.... ما داموا ليسوا بغرفه الحكيم وليم أو بغرفه
دوغلاس....
فقام بإقاف أول
حارس قابله وسأله إن كان رأئهم بمكان ما..... فأجابه الحارس أن الجميع بالساحه الخلفيه...
يحضرون المبارزه الأسبوعيه التى يقيمها رجال الملك..... فتعجب ساب لأنه أول مره يسمع
بهذا الأمر.... فسأله ما تعنى هذه المبارزه.. فأخبره الحارس أنها مبارزه يحضرها أقوى
وأشد وأبسل رجال الملك والأقرب إليه..... يوما بالإسبوع للتفريج عن أنفسهم.... كما
أخبره بشروطها.....
أومأ له ساب وذهب
تجاه الساحه الخلفيه للقصر للبحث عن العجوز وشقيقته.... وكلما إقترب كلما عالى الصياح
والهتاف الحماسى..... وبالفعل وصل للساحه الخلفيه وجد الجميع يلتفون حول الساحه....
التى كان هو داخلها منذ أياما مضدت ولكن لم يكن يبارز أحد..... بل قام الملك الكريم
بوضعه بها أمام كيشان....
إبتسم ساب بسخريه
وهو يبحث بعيناه عن شقيقته ودوغلاس.... إلى أن وجد مكانهم بجوار ماكس وألفين وكيت والحكيم
وليم..... تنفس ساب براحه لعدم وجود الملك معهم...... وإقترب منهم كان ألفين هو أول
من رأه فإبتسم له.... فبادله ساب إبتسامته وإقترب إلى أن أصبح بجواره.....
وسأله ساب بهدوء:
لم أكن أعلم بوجود مثل هذه النشطات التى تقومون بها؟!! إبتسم ألفين وقال له وهو ينظر
إليه: أنت لم ترى شئ بعد....
كان الجميع يتابع
الجوله الثالثه والأخيره بين ديفيد وخصمه..... وقد كانت مواجهه شرسه مما جعل ألفين
وساب ينظر ل ديفيد.... وهو يبارز بخفيه شديد وسرعه....
فقال ساب بإعجاب:
يبارز بشراسه وقوه وهذا جيد.... وصمت وهو يضيق عيناه وأكمل سائلا..... ولكن هل يهيئ
لى أنه يتباهى بما يفعله الأن؟!....
ضحك ألفين حين
لاحظ ساب هذا.... وكان الرد من نصيب ماكس الذى قال بسخريه..... وهو يشير ل ديفيد: هذا
هو ديفيد بساحه المعركه.... لمن لا يعرفه مغرورا.... ومتغطرس.... ولعين كبير.... هذا
جعل ضحكه ألفين تعلو قليلا.... وكذلك ضحك ساب بهدوء وهو يقول..... وعيناه تنظر بتركيز
للمواجهه الطاحنه بين ديفيد وخصمه: أتعلم أن بسبب هذا هناك العديد من الثغرات التى
قد يلاحظها خصمه....ويتخذها سببا لتساعده فى هزيمته.....
إرتفع حاجب ألفين
بإعجاب لهذا الفتى.... الذى لا يجب أن يستهان بقدراته.... وكذلك نظر له ماكس بتعجب
من سهوله إدراك ساب لهذا الأمر.... وسأله: إذا لماذا لم يهزمه خصمه إلى الأن؟!... إن
كان هزيمته بهذه السهوله....
أجابه ساب وهو
مازال ينظر إلى ديفيد: لأن خصمه يشعر بالغضب الأن.... وهذا جعله مشتت لأن كل ما يفكر
به الأن.... كيف يستطيع كسر غرور السيد ديفيد ولكن إن كنت أنا محله..... كنت سأنظر
كيف أستطيع كسر سيف السيد ديفيد.... وحينها أحصل على كسر غروره..... توقف عن الحديث
للحظات ومازالت عيناه لم تبتعد عن المواجهه التى تدور أمامه..... وأكمل ولأن الغضب
هو ما يدمر صاحبه.... فإن الإنتصار من نصيب الغرور لا الغضب.....
وبالفعل صاح الجميع
بقوه حين إستطاع ديفيد هزيمه خصمه بشراسه..... فإبتسم ساب وإلتفت ينظر ل ألفين وماكس
الذى كان تعبير وجوههم مختلف.... ف ماكس ينظر له بصدمه.... وألفين بنظر له بأبتسامه
ماكره لم تريح ساب.... ولكنه أدرك من نظراتهم أنهم كانوا يتابعون حديثه وينظرون له
منذ البدايه.....
فسألهم ساب وهو
يرفع إحدى حاجبيه قائلا: ماذا هناك؟!... لماذا تنظرون إلى بهذه الطريقه؟!... فقال ماكس
بهدوء... وهو يجلى صوته: إحم فقط أنت قمت بتحليل الجوله بطريقه مفصله وجيده بذات الوقت....
فإبتسم له ساب
ونظر ل ألفين الذى مازال ينظر له بمكر.... فإقترب ساب منه وهو يضيق عيناه قائلا: لا
تريحنى هذه النظره فلتعلم هذا.....
لم تختفى إبتسامه
ألفين بل إتسعت إبتسامته وهو يجيبه: لك كل الحق بهذا..... ولهذا لأطلب منك مسامحتى
على ما سأفعل.....
كاد ساب يسأله
عن مقصده..... إلا أن صياح ديفيد لفت إنتباه وهو يقول بصوت مرتفع: من التالى.... وكاد
يكررها إلا أن ألفين لم يعطيه فرصه..... وقام برفع أيدى ساب عاليا.... وقال بصوت مرتفع
جذب أنظار الجميع أليه: هنا.....وهو يشير بيده الأخرى ل ساب....
كان الملك قد قرر
مواجهه ديفيد بعد إنتهائه من مبارزته.... وسار تجاه الساحه ولكنه توقف حين إستمع لصوت
ألفين..... وهو يرفع يدى ساب كان الجميع قد رأى الملك فتنحوا له ليصبح فى مقدمه الصفوف....
حتى تكون الرؤيه واضحه له.... وهو ينظر ل ساب الذى ينظر ل ألفين بدهشه.... فظهرت إبتسامه
طفيفه على شفتاه قائلا بصوت هامس لا يسمعها أحد: إذا لقد أوقع بك يا صغير...
كان ساب مازال
ينظر ل ألفين بدهشه.... ولكنه قام بسحب يده بعنف من يده..... وكاد يتحدث ألا أن ديفيد
قال بسخريه: هيا ساب سأكون رفيقا بك.....
ما قاله ديفيد
جعل الجميع يضحك حتى جوليا ودوغلاس وكذلك الملك..... ولكن رد عليه دوغلاس قائلا بتفاخر:
بل هو من سيكون رفيقا بك إبن أخى..... حتى لا تضع هيبتك أمام جنودك.....
وهذا جعل ساب ينظر
إليهم بصدمه قائلا بذاته: أحدهم يرمى بى داخل الساحه بدون إذنى.... والأخر يتفاخر بذاته
أمامى.... ولكن دوغلاس تباه وتفاخر به.... لهذا لا يستطيع الرفض رغم أن يده تؤلمه....
ولكن لابد له من المواجهه حتى لا يسبب بإحراج دوغلاس..... كما أنه لاحظ جلوس الملك
أمامهم.... وظن أن الفرصه قدمت له على طبق من ذهب.... ليثبت للملك من هو ساب.... كما
أنه فضل أن تكون هذه هى الذكرى الأخيره التى تجمعهم......
لكنه لم يكن يملك
سيفه.... فقام بسحب سيف ألفين من خصره دون أن يطلبه منه..... فنظر له ألفين بحاجب
مرفوع ولكن لم يمنعه..... فقال له ساب بسماجه: أعلم السبب وراء ما فعلته الأن.... لذلك
أنت مدين لى بواحده..... أومأ له ألفين وهو مبتسم وقال له بصوتا هامس: إجعلهم إثنان
إن قمت بهزيمته.....
نظر له ساب وهو
ينفى برأسه ما يراه ولم يعلق.... وهو يتجه لمواجهة ديفيد..... هو يعلم أن ديفيد أقوى
منه بدنيا كما أن حركاته سريعه وسلسه.... وهذا ما يشركون به..... إلا أن ديفيد أشد
منه بأسا.... لهذا قرر إستخدام ثغرات ديفيد ضده.... كنا أنه يظن أن ديفيد سينهى الأمر
من بدايته..... أو سيكون رحيما معه بالبدايه وينهي أمره بالنهايه.....لهذا تيقظ ساب
لأقل حركه منه.....
بعد أن توقف ساب
أمام ديفيد... سأله ديفيد: هل تعلم شروط المبارزه؟!.... أومأ له ساب... فقال ديفيد:
حسنا لنبدأ وقام بتحريك سيفه بسرعه أصدرت صوتا كالغوغاء....
تلاحم السيفان
وبدأت المواجهه....
يتبع