الفصل الرابع - مرآة مزدوجة
الفصل الرابع
ارتدت ليلى ملابسها بصعوبة وهي تضع الهاتف على أذنها وتسنده بكتفها، كانت متأخرة علی موعد المحاضرة الأولى والتي تفضل أن تبدأ بها في يومها الأول، ولكنها لم تعلم لماذا لم يرن المنبه ليوقظها، يبدو أنه معطل. كانت ليليان تهرول يمينًا ويسارًا بلا وهجة محددة، مما أزاد من توتر ليلی التي استمعت لصوت هاجر تقول ساخرة عبر الهاتف:
- يعني طول الأجازة بتصحي من النجمة وجاية دلوقت تتأخري؟
صاحت ليلى وهي تحاول لملمة أغراضها بقلة حيلة:
- مش وقتك خالص يا هاجر!
- أعملي حسابك إن محاضرة دكتور ياسر هتبدأ بعد ربع ساعة وأنتِ لسه في البيت.
تأفأفت ليلى وأغلقت الخط بعد أن ودعت هاجر سريعًا ثم ركض لترتدي حذائها، بينما كانت ليليان قد انتهت من ارتداء حذائها، والتي رغم كونها عكس ليلی تمامًا فهي لا تهتم كثيرًا إن فاتتها المحاضرة الأولی، إلا أنها كانت خائفة من التأخير اليوم، تنهدت ليلی براحة عندما انتهت في وقت قياسي لتنضم لليليان وتركضا على السلم علهما تصلان على الموعد.
وصلت ليلى الجامعة متأخرة عشرة دقائق، استمرت بالركض نحو المدرج الخاص بالمحاضرة وهي تدعو أن يتأخر أستاذها ولكنها ما إن دلفت حتى وجدته يقف وقد بدأ محاضرته بالفعل، نظر لها بجمود فقالت سريعًا:
- أسفة والله راحت عليا نومة.
أومأ بتفهم وأشار لها أن تدلف فدلفت وقد شعرت بالحرج، جلست بجانب هاجر التي همست لها ما إن جلست:
- مال ياسر كلاحة ملايكته حاضرة النهاردة.
همست لها ليلى وهي تخرج دفتر ملاحظاتها من حقيبتها:
- حلو خلينا نعدى السنة على خير.
في تلك اللحظة دلف أحد الطلاب ليعم الصمت للحظة حتى صاح ياسر بحنق:
- أنا مش قولت مفيش حد يدخل بعدي؟ يلا أطلع برا!
نظر لها الطالب ببرود للحظة قبل أن يضع سماعة هاتفه في أذنه وانسحب ببطء متعمدًا اثارة حنق ياسر.
كانت ليلی تحاول تجاهل هذا المشهد الذي حدث أمامها والذي يثبت شيئًا واحدًا لم تحبذ الأعتراف به وحاولت أن تلقي به بعيدًا عن أفكارها علها تستطيع التركيز في الشرح، ولكنها شعرت بهمسات وضحكات من حولها، حاولت تجاهلها مخبرة عقلها أنهم ربما يسخرون من الطريقة التي تعمد بها الشاب استفزاز الأستاذ، ولكن كلما مر الوقت كلما ازدادت تلك الهمهمات قربًا منها، أو ربما ازدادت صخبًا مما جعلها تسمعها بوضوح، فرفعت نظرها لترى ماذا يحدث لتجد جميع العيون تنظر إليها نظرة متهكمة ماكرة، شعرت بالحرج بعد أن فهمت مقصدهم، فنهضت وقاطعت المحاضرة قائلة بعد أن بللت شفتيها الجافتين عادة:
- دكتور ياسر، هو حضرتك مش سمحت لي أدخل؟ ليه مسمحتش للي جه ده رغم اننا احنا الاتنين متأخرين زي بعض؟
صمت ياسر للحظة بدا بها يحاول إيجاد إجابة مرضية فقال بعملية:
- علشان أنتِ مجتهدة ومبتفوتيش محاضرة وحرام أضيع عليكِ المحاضرة علشان غلطة صغيرة عمرك ما عملتيها في السنين اللي فاتت، إنما الواد ده مهمل ومبيحضرش ولا محاضرة ومش مهتم فـ مش هضيع وقتي عليه.
كانت ليلى تعلم أن هذا مجرد عذر واهي، وقد وضح أن الجميع يعلمون هذا وذلك لأنها سمعت أحد الشباب يهمس بعبارة ساخرة التقطتها أذنيها بصعوبة؛ لهذا قالت نافية:
- لا يا دكتور مينفعش المعاملة دي، مش علشان أنا ملتزمة حبه زيادة عنه ده يديني زي حصانات وكدا، طالما حضرتك حطيت قانون الكل يلتزم بيه وأنا أفضل إني أبقا ملتزمة بيه زي البقية.
أخذت دفترها وقلمها فنظرت لها هاجر نظرة محذرة تجاهلتها ليلى وأخذت أغراضها وخرجت، رغم أنها تعلم أن هذا لن يحسن من موقفها في نظر جميع زملائها ولكنه على الأقل لن يجعلها تشعر بأنها قبلت بالظلم.
وضعت دفترها وقلمها في الحقيبة وهي تسير دون أن تنظر للطريق ليوقفها صوت من خلفها يقول:
- ايه اللي خلاكي تعملي كدا؟
انتفضت ليلى وكادت أن توقع الحقيبة من يدها إلا أنها أمسكت بها جيدًا، استدارت لترى من صاحب الصوت لتجد نفسها في مواجهة عينان ثاقبتان تحدقان بها بجمود خلف عدسات زجاجية، لم يكلف نفسه حتی أن ينزع سماعات الأذن، وكأنه لا يهتم لسماع إجابتها أكثر من كونه يرغب في الشجار وحسب، عقد سليم ذراعيه أمام صدره منتظرًا منها إجابة ولكنها نظرت له باستغراب وصمتت للحظة، ثم قالت شيئًا مختلفًا لم يتوقعه:
- هو أنت كنت واقف بتتنصت ولا ايه؟
لم يجد سليم إجابة واضحة لهذا إلتجأ إلى الجملة التي يستخدمها دائمًا في تلك المواقف:
- من حقي ما أردش عليكِ.
رفعت ليلى حاجبها الأيسر باستهجان وقالت:
- طب ما.أنا كمان من حقي ما أردش.
استدارت لترحل، فصاح بها سليم قبل أن تبتعد:
- لا استني أنا لازم أفهم ليه عملتِ كدا؟
عادت ليلی لتواجهه وقد ضاقت ذرعًا من هذا النقاش عديم النفع، فصاحت به بانفعال:
- من حقي مجاوبش على سؤالك مش كفاية اللي خلتني أعمله علشان أحافظ على شكلي!
لم يفهم لماذا تقول تلك الأشياء أو لماذا عليه حتى أن يستمع لها، لماذا بالأصل أوقفها؟ ليفرغ عليها جام غضبه و استياءه من والده؟ وما شأنها هي؟، شعر بحماقته عندما قرر أن يتحدث معها فقام بدفعها بعيدًا عنه وقال بسئم:
- بقولك ايه ابعدي عني.
ثم تركها ورحل لتصيح بانفعال خلفه وتضرب الأرض بقوة بقدمها:
- هو مش أنت اللي جيت لي أصلًا! أنت مجنون يلا؟
لكنه لم يلتفت لها ولم يعبأ بما قالته، لأنه داخليًا اعترف أنها محقة في سؤالها، هل هو مجنون؟ هو عنيد متمرد وسخيف -في معظم الأوقات- والآن مجنون؟ يا لها من حُزمة رائعة.
بينما على الجانب الآخر نظرت ليلی لطيفه الذي بدأ يختفي تدريجيًا منتظرة منه أن يعود ليكمل الشجار بعد أن سبته ولكن يبدو أنه لم يستمع لها، ما باله هذا الأخرق؟، لا تعلم ولم تعد تهتم، حاولت ليلى تهدئة نفسها وقد شعرت بنوع من الذنب تجاهه كونها صبت غضبها واستياءها عليه وهو لا ذنب له، نوعًا ما، في الحقيقة هو السبب في كل هذا فإن لم يأتِ متأخرًا مثلها لما اضطرت للإنصراف من المحاضرة واعتبار نفسها مطرودة، تنهدت ليلى وتوجهت نحو المقهى الخاص بالكلية تنتظر هاجر حتى تأتي.
❈-❈-❈
- أنا بردو مش فاهمه ايه اللي عملتيه في المحاضرة ده؟
قالت هاجر وهي تجلس في مواجهة ليلى بالمقهى بعد أن انتهت المحاضرة، زفرت ليلی بسئم وأجابت بإيجاز:
- يا بنتي افهمي، هو سمح لي أدخل وأنا بنت ومسمحش للولد إنه يدخل.
حدقت هاجر بها بعدم فهم، رمشت عدة مرات محاولة أن تتبين مقصدها ولكنها لم تستطع فقالت:
- أيوه يعني فين المشكلة؟
تنهدت ليلى بنفاذ صبر وقالت:
- دكتور ياسر ده معروف عنه ايه؟
أجابت هاجر بتلقائية:
- إنه كلح وبصباص.
صمتت هاجر للحظات حتى فهمت مقصد ليلى وصاحت بصوت مرتفع:
- آه، يعني أنتِ قصدك إنه عمل كدا علشان عينه منك!
وضعت ليلى يدها على فم هاجر تسكتها وقد شعرت بجميع العيون تنظر لهما فصاحت زاجرة:
- صوتك يا فضيحة!
ثم نزعت يدها من فوق فم هاجر التي ابتسمت بسخرية وقالت بنبرة حالمة لا تليق بالموقف:
- ياه وتبقي مرات الدكتور ياسر، يا بنتي ده هيخونك كل ثانية إلا ثانية.
ضربت ليلى جبهتها بقلة حيلة وقالت بانفعال:
- بس أحسن لك علشان أنا على أخري.
- مالك؟
تنهدت ليلى وأجابت:
- اتخانقت مع الأستاذ اللي حطني في دايرة الشك بعد ما خرجت من المدرج.
أسندت هاجر وجنتها إلى كفها وقالت مستفسرة:
- إلا صحيح هو مين ده أصلًا أنا أول مرة أشوفه كانت من شوية.
- مش الدكتور بيقول مهمل وكدا، أكيد واحد من الفاشلين اللي بيعدوا بالعافية كل سنة ومبيحضروش.
أومأت هاجر موافقة وصمتت لتقول ليلى بهدوء عكس ما يعتمل داخلها من سخط على كل من التقت بهم اليوم:
- هاتي الدفتر بتاعك أشوف المحاضرة كانت ايه النهاردة عقبال ما تجيب لنا حاجه نشربها.
أومأت هاجر وأعطتها الدفتر، ثم نهضت لتحضر لهما كوبين من القهوة، غير مدركة للعينين القاتمتين التي تتبعانها أينما ذهبت.
دلف سليم للمقهی بعد أن اعتزم أن يضايق تلك الفتاة التي تشاجر معها منذ لحظات حتی يثير حنقها، كان ينتظر أن يهدأ قليلًا عن الطريق الاستماع للأغاني الهادئة والتجول بالحرم الجامعي حتی يتسنی له الشجار واستفزازها بذكاء، ولكنه لاحظ جلوسها مع فتاة أخرى تدرسان معًا، صديقتها مؤكد، ولكن تلك الصديقة ستصعب عليه خطته، فهي ستقف بجانب تلك الفتاة وتدعمها ضده، عليه أن يعيد ترتيب خطته مجددًا، لتشمل تلك الصديقة، حامت عيناه بالمكان بلا هدى حتى وجد شيئًا ربما قد يساعده، في الواقع كان شخصًا، كان ينظر نحو الطاولة التي تجلس عليها الفتاتان من حين إلى آخر، ينظر للأوراق ويدرس لبعض الوقت، ثم يعود للنظر للطاولة، لم يعلم سليم أين ينظر تحديدًا ولكنه شعر أنه قد يساعده، فقد بدا كمن يخطط لشيء، ربما يود الانتقام منهما مثله، ماذا تفعل تلك الفتاتان في زملائهما بحق!
تقدم سليم وجلس أمام الشاب الذي نظر له بتعجب، بينما عدل سليم من وضعية نظارته وقال بغرور يفصح عن اكتشافه:
- لو فضلت تبص كتير كدا هتتفضح.
نظر له الشاب بتعجب، ثم اقترب منه وقال هامسًا:
- هتفضح ازاي يعني؟
أجاب عليه سليم بنفس النبرة المنخفضة:
- هيفكروك معجب مش عايز تنتقم زيي.
قطب الشاب جبينه بتعجب وعاد يهمس:
- ومين قال إني عايز تنتقم منهم؟
- قاعد بتراقبهم زيي علشان تحط خطة للانتقام.
عاد الشاب بظهره للخلف ونظر له بتعجب، قبل أن يضحك بخفوت ويقول:
- ويا ترى عايز تنتقم ليه؟
أشار سليم نحو ليلی مجيبًا:
- شايف اللي لابسة طرحة زرقا دي؟ اتخانقت معاها من شوية وعايز أجر شكلها تاني علشان معجبتنيش الخناقة.
ضحك الشاب مجددًا بخفوت غير مصدق لما يقوله سليم وقال:
- دي ليلی دحيحة الدفعة، متعرفهاش؟
صمت سليم ونظر لها مفكرًا وهو يهمهم:
- دحيحة الدفعة، يعني مؤدبة وكدا.
كان هذا الشاب يشعر بالراحة كون سليم يحاول التقرب من ليلى، صحيح إنه تقرب لا يمت للود بصلة ولكنه يُحسب تقربًا، فقد كان معجبًا بهاجر منذ أن رآها بعامهم الأول واستمر يراقبها عن بعد كطفل يراقب لعبة من نافذة محل بيع الألعاب بشغف، ولكنه لم يأخذ خطوة جدية، لأنهما ما زالت صغيرين، ولأنه يخاف أن يفعل مثل الطفل الذي يشبه نفسه به حالما يحصل عليها، أن يزهدها ويتركها بعد أن يجرحها.
تنهد طاردًا تلك الأفكار عن عقله ونظر لسليم الذي كان ينظر لليلى بتفكير مضيقًا عينيه، فقال الشاب:
- أنت بتعمل ايه؟
أجاب سليم دون أن يحيد بنظره بعيدًا:
- بفكر أجر شكلها ازاي.
شعر الشاب أنه إن ساعد سليم في التقرب من ليلى قد يجعله هذا يتقرب بدوره من هاجر، قليلة وهاجر لا تفترقان؛ لهذا كان من الواجب أن يساعده، أسند ذراعيه فوق الطاولة ضامًا إياهما معًا وقال:
- ايه رأيك أساعدك؟
نظر له سليم باستهجان بعد أن سقطت نظارته عن عينيه وبقيت متعلقة بطرف أنفه وقال بجدية مصطنعة:
- كنت مفكرك هتساعدني، إنما طلعت معجب فعلًا، يا خسارة.
نطق بكلمته الأخيرة بخيبة، ثم عدل من وضعية نظارته، بينما ضحك الشاب من طريقته الاستعراضية وقال:
- أنا معجب بهاجر صاحبتها مش هي، متقلقش هساعدك.
نظر له سليم بشك، فقال مؤكدًا:
- والله هساعدك.
ضيق سليم عينيه مفكرًا للحظة، ثم قال:
- لا مينفعش، أنت معجب بواحدة منهم أصلًا، أنا توقعت إنك هتتحد معايا ضدهم ونوريهم الـ men power وكدا.
ضحك الشاب مجددًا وقال بقلة حيلة:
- أنت ليه مصر تضحكني؟
تأفأف سليم وامتنع عن الإجابة على السؤال الذي يستمر الجميع في طرحه عليه، لماذا عندما يتحدث بجدية مع الجميع يضحكون؟ لماذا عندما يظن أن جاد يراه الآخرون شخص فكاهي؟، هذه لعنة حلت عليه ربما.
تنهد سليم مجددًا وقال:
- خلاص يعني عقدت العزم هتساعدني خلاص؟
أومأ الشاب، فابتسم سليم وقال:
- ما دمنا اتفقنا نبقا صحاب.
كان سليم يشعر بالاضطراب والتوتر من ردة فعل الشاب، فهو لم يكن له أصدقاء يومًا؛ لهذا لم يعلم كيف يتم الحصول على أصدقاء ورغم أنه حاول كثيرًا ولم يفلح إلا أن على ما يبدو الحظ حليفه في تلك المرة، عليه فقط أن يترقب ردة فعل الشاب الذي ابتسم وقال:
- بس أنت مش فاضي للصحوبية، أنت كل شوية مع واحدة شكل.
نظر له سليم نظرة ثاقبة وقال:
- عرفت منين؟ أنت بتراقبني يلا ولا ايه ؟
أجاب الشاب نافيًا:
- لا أنا بس بقعد أذاكر هنا وبشوفك كتير، بس.
أومأ سليم متفهمًا، ثم عاد يقول مبررًا موقفه:
- الموضوع مش زي ما أنت متخيل، أنا ببقا بتعامل معاهم على إنهم صحاب وهما بيطوفوا في الأحلام الوردية والحب رغم إني ببقا قايل من الأول، فـ بصراحة زهجت وقولت يا واد يا سليم مفيش أحسن من إن يكون لك صاحب مجدع معاك على الحلوة والمرة.
ضحك الشاب على طريقته في الحديث وقال:
- هو أنت بتتكلم كدا على طول؟
زفر سليم بنفاذ صبر وأجاب بانفعال طفيف:
- أيوه أنا كدا على طول، ليه الكل يعني بيشوفني أراجوز؟
- يمكن علشان طريقتك بتضحك؟
نظر له سليم بجدية وأجاب:
- اقتنعت
ابتسم الشاب ومد يده له وقال:
- خلاص يعني اتفقنا؟، صحاب على الحلوة والمرة؟
ابتسم سليم وعدل نظارته، وضع كفه في كف الشاب وقال:
- وعلى البتين دول.
سحب يده ليبعثر بها شعره وقال:
- هو أنت إسمك ايه صحيح؟
- زين
ابتسم سليم وقال:
- طيب تعالى نخطط بقا يا استاذ زين.
هز زين رأسه معارضًا وقال:
- لا مش دلوقت، أنا محتاج أذاكر المحاضرة.
نظر له سليم باحتقار وقال بتقزز:
- دحيح
نظر له زين مبتسمًا وهو يعيد فتح دفتره وقال:
- يعني عايز تقنعني إنك مبتذاكرش خالص؟
قال سليم بغرور وكأن هذا شيء يفخر به:
- مببدأش غير قبل الامتحانات بشهر كدا علشان ألم المنهج.
نظر له زين بتعجب للحظة، ثم رفع كتفيه وأخفضهما وقال:
- أنت أدرى بردو، أنا بالنسبة لي لازم أذاكر المنهج وأراجعه كذا مرة علشان أحصل جيد في الآخر.
- خلاص ذاكر أنت وأنا هروح أجيب حاجه نشربها وأقعد أخطط.
قال سليم وهو ينهض ويضع سماعات الأذن ليشغل إحدى الأغاني الصاخبة التي لا يحبها.
❈-❈-❈
عادت ليلى إلى منزلها بعد أن انتهت محاضراتها، لتجد والدتها بالمطبخ فتوقعت أن ليليان بغرفتها تدرس وهي دائمًا تعود قبل ليلى، دلفت ليلى المطبخ وقالت:
- ماما أنا اتطردت النهاردة من المحاضرة.
تركت والدتها المعلقة التي كانت تمسكها ونظرت لها وقالت:
- ليه؟
نظرت ليلى للأرض ولا تعلم لماذا شعرت بالخجل من نفسها رغم أنها في الحقيقة هي من أصرت على أن تطرد وأجابت بإيجاز:
- علشان وصلت متأخرة.
بتسمت والدته وقالت مواسية:
- يلا يا ستي خليها مرة في السنة علشان نغزي العين.
ابتسمت ليلى بضعف وقالت:
- ماشي، هروح أذاكر بقا.
أومأت والدتها مبتسمة لتخرج ليلى من المطبخ نحو غرفتها وقد قررت أن تخبر ليليان بالقصة كاملة، فهي تشعر بنصف الثقل الذي حملته بداخلها يسقط عنها عندما اعترفت لوالدتها بجملة بسيطة كتلك، هذا يعني أنها إن أفضت لها بكل شيء سيسقط الحمل عنها تمامًا، فهي لا تحب أن تهتز صورتها في أعين أحدهم؛ ولأنها اليوم اهتزت صورتها في أعين الكثيرين فقد شعرت بالحزن وتدريجيًا شعرت بحمل ثقيل يوضع فوق صدرها.
دلفت لتجد ليليان تجلس فوق الفراش وتحمل دفترًا بيدها تتدون به بعض الأشياء بينما ينام بجانبها نعناع بسلام، فابتسمت متناسية ما كانت تفكر به وقالت:
- مالك راضية عن نعناع جامد الفترة دي؟
رفعت ليليان نظرها لشقيقتها ثم نظرت لنعناع وقالت وقد بدا كأنها قد استيقظت من شرودها توًا:
- آه، محستش بيه وهو جنبي بس.
خلعت ليلى حقيبتها ووضعتها على المقعد القصير أمام طاولة الزينة وقالت متجاهلة ملاحظتها لتدخل في صلب الموضوع:
- ليليان عايزة أحكيلك على حاجه.
❈-❈-❈
جلست ليلى بالمقهى تراقب الجالس بالطاولة التي أمامها عن كثب، كانت قد أخبرت ليليان بالأمس عما حدث معها وقد دعمت ليليان موقفها ورأت أنها تصرفت تصرفًا سليمًا مما جعلها تفكر بشيء آخر تجاه هذا الشخص.
كان سليم يرفع عينيه عن الدفتر الذي كان يقوم ببعض الخدوش به ليرسم رسمة بسيطة، كلما رفع عينيه وجدها تراقبه، إنها الفتاة التي تشاجر معها بالأمس والتي حتى الآن لم يفهم موقفها أو السبب الذي جعلها تدعم موقفه، وربما هي لم تدعم موقفه بل أرادت فقط الهروب من المحاضرة، كان قد فشل في إيجاد شيء يثير حنقها، أو بالمعنى الحرفي سيطر عليه الكسل ولم يعد يشعر بالرغبة في هذا، كان من المفترض أن يأتي زين منذ حوالي نصف ساعة، ولكنه لم يأتِ، لا بأس هو بدوره لا يلتزم بالمواعيد وربما تأخره قد يعطيه وقتًا ليرسم قليلًا، كانت ما زالت تراقبه كقاتل متسلسل ينتظر وقوع فريسته في الفخ، مما جعله يضحك بعدما فشل في كتم ضحكه.
ظلت ليلى تراقبه بينما لم تستمع لما تقوله هاجر حتى، رأته يضحك فهمست بعدم فهم:
- هو بيضحك ليه؟
- يا بنتي بقالك ساعة مراقباه ناقص تصوريه.
صاحت هاجر بامتعاض لتنتبه لها ليلى أخيرًا وتقول بحرج:
- أصلي بفكر في حاجه كدا.
زمت هاجر شفتيها بعدم رضى وقالت:
- حساكِ عايزة تصلحيه وتخليه ميبقاش مهمل ويحضر والكلام ده كله، ليلى بقولك ايه شغل I can fix him ده مبيشتغلش في الواقع اجمدي كدا علشان احنا مش ناقصين عقد نفسية.
قالت ليلى مجادلة:
- يا بنتي ما أنا دخلت طب أصلا علشان أدرس طب نفسي.
- طب ما هو كمان في طب يعني عارف اللعبة دي.
تأفأفت ليلى وقالت:
- أنا بس هخليه يعتذرلي بطريقة ممكن تـ fix...
بترت عبارتها سريعًا قبل أن تكمل الجملة بينما نظرت لها هاجر بمكر لتقول ليلى مصححة:
- هخليه يعتذر لي وبس مش اكتر.
نظرت لها هاجر بتحدي وقالت:
- طب اتفضلي.
- اتفضل فين؟
أشارت هاجر اتجاه الطاولة التي جلس عليها وقالت:
- اتفضلي خليه يعتذر لك.
قالت ليلى مؤكدة:
- هخليه يعتذر لي.
- طب اتفضلي أنا قولت حاجه؟
نظرت لها ليلى بحدة ثم أخذت دفترها ونهضت وسارت إليه، كلما تقدمت خطوة زاد توترها حتى وقفت أمامه ولكنه لم يلحظ وجودها فحمحمت بحرج ولكنه لم يستمع لها مجددًا فقالت بتوتر:
- السلام عليكم.
ما زال واضعًا رأسه بدفتره ولم يلتفت لها، هل يتجاهلها؟ شعرت بالغضب من تلك الفكرة فقامت بإلقاء دفترها الضخم بكل قوتها على الطاولة ليرتطم الدفتر مسببًا ضوضاء انتفض سليم على أثرها ونظر لها بدهشة بينما ابتسمت ابتسامة سمجة وجلست أمامه قبل أن يدعوها حتى وقالت:
- صباح الخير.
عدل سليم نظارته وقد علم سابقًا أنها ستأتي للتحدث معه بسبب مراقبتها الطويلة له، ويمكنه الأعتراف أنه رآها وهي تقترب منه وتعمد تجاهلها في البداية، أومأ لها بصمت وعاد للنظر في دفتره فاستند ليلى على الطاولة التي فصلت بينهما ونظرت داخل دفتره لتجده يرسم هرة صغيرة ذات فراء كثيف فقالت:
- شكلها كيوت أوي.
نظر لها سليم بحدة فابتعدت وجلست مرة أخرى على الكرسي بخوف بينما قال بجمود:
- عايزة ايه؟
اتسعت ابتسامة ليلى ونظرت لهاجر بانتصار، ثم عادت تقول:
- مش أنت حضرت المحاضرة معايا من شوية؟
همس سليم بلا مبالاة:
- لا مش فاكر.
اختفت ملامح الانتصار عن وجهها بعد تعليقه غير المشجع، أخذت نفسًا عميقًا وقالت بحدة:
- لا حضرتها وأنا شوفتك.
ترك سليم القلم من يده وأغلق الدفتر ليعطيها كامل تركيزه وقال بهدوء عله يشعرها بالخجل فترحل وتتركه بسلام، فهو لم يعد يريد أن يتحدث معها، هذه هي حاله، يزهد الأشياء بسرعة:
- هو أنتِ بتراقبيني؟
توترت ليلى وحامت عيناها بالمكان كله، فابتسم سليم بزهو ظنًا منه أنها سترحل، ولكنها قالت محاولة اصطناع المرح:
- دي شكليات ملناش دعوة بيها، المهم.
صمت ونظر لها مترقبًا، صمتت هي بدورها ثم أمسكت بدفترها وفتحته وأشارت على إحدى الصفحات وقالت:
- بما إنك حضرت المحاضرة، أنا مكنتش فاهمه الجزئية دي ممكن تفهمها لي.
نظر للصفحة التي أشارت لها نظرة عابرة ثم عاد لينظر إليها وقال:
- ما الدحيحة كلهم عندك اشمعنا أنا يعني؟
تأفأفت ليلى وقالت:
- الدحيحة كلهم رخمين ومحدش بيرضى يديني حاجه ووالله شكلك أنت كمان رخم علشان كدا عمال تلف وتدور علشان متدينيش حاجه.
تنهد سليم ورغم أنه علم أنها تختلق الأعذار لتتحدث معه، ولكنه لم يعلم لماذا تريد هذا؛ لهذا قرر مسايرتها فقط، ابتسم ببساطة وقرأ الصفحة مجددًا، ثم أمسك بقلمه وقال:
- ماشي بس بمقابل.
أرجعت ظهرها للخلف بخوف بينما شحب وجهها وقالت:
- مقابل ايه ده؟
ضحك سليم على مظهرها الذي لم يتوقعه فقال موضحًا:
- هو أنا بقولك تعالي معايا الشقة؟ هو مجرد سؤال هتردي عليه وخلاص.
أومأت ليلى بشك، فقال سليم:
- يلا نبدأ طيب.
استمعت ليلى إلى شرحه والذي كان بسيطًا وسهلًا، فهي إن لم تكن قد فهمت تلك الجزئية بالفعل لتمكنت من فهمها بسرعة من شرحه، هذا غير مألوف، عندما انتهی ابتسمت ليلى وقالت:
- ما أنت شاطر أهو أومال مش بتنافس على القمة زي البقية ليه؟
أغلق سليم القلم وأرجع ظهره للخلف وأجاب بإيجاز:
- مليش في صراع البقاء ده.
ثم أقترب وأسند ذراعيه على الطاولة فنظرت له بترقب بينما قال:
- دلوقت وقت المقابل.
صمت للحظة يتبين ردة فعلها ثم تابع:
- ايه السبب اللي خلاكي تعملي اللي عملتيه امبارح؟
تنهدت وبحثت عن أقل شرح قد تقوله ليرضي فضوله، فهي لم ترد أن تتحدث عن هذا الأمر مجددًا، قالت:
- علشان الدكتور ده معروف أنه بيحب يعمل علاقات مع البنات اللي بيدرس لهم، فـ كونه يسمح لي أنا أدخل بعد ما إتأخرت وأنت لا ده معناه أني على علاقة بيه، ورغم إن ده دليل ضعيف إلا إن الدفعة كلها مستعدة تصدقه عادي فـ عملت كدا علشان سمعتي.
حدق بها سليم بصمت بعدما انتهت من الحديث، كان هذا هو السبب إذًا، لقد أجبره حديثها هذا على احترامها، فهو لم يفكر أبدًا في أن يكون السبب قريبًا من هذا رغم أنها قالت له بالأمس « من حقي مجاوبش على سؤالك مش كفاية اللي خلتني أعمله علشان أحافظ على شكلي! » الآن فقط فهم ما قصدته بتلك العبارة، جذبت ليلى انتباهه عندما قالت:
- بتبص لي كدا ليه؟
هز رأسه بالنفي وأجاب:
- لا كنت فاهم الحوار كله بطريقة مختلفة خالص.
أومأت ليلى وقالت وهي تنظر إلى ساعتها:
- أه ما هو واضح.
ثم صاحت:
- ياللهوي المحاضرة ناقص عليها عشر دقايق وتبدأ.
أمسكت بدفترها سريعًا ونهضت لتجده يجلس بأريحية وكأنه لن يتأخر مثلها مجددًا، فنظرت له ليلى وقالت:
- مش هتقوم؟
- مليش مزاج.
وضعت ليلى ذراعيها على خصرها وقالت:
- والله؟ هو بالمزاج؟ ما أنت لسه حاضر محاضرة من شوية عادي.
وضع سليم يديه خلف رقبته وقال بلا مبالاة:
- كنت زهقان فـ قولت أحضرها وخلاص.
- اعتبر نفسك زهقان تاني ويلا نحضرها.
نظر لها سليم بملل وقال:
- يا ستي روحي أنتِ محاضرتك علشان متتأخريش وسيبيني أنا مع فشلي.
نظرت له ليلى بجمود وقالت بابتسامة صفراء:
- دكتورة منه بتسامح اللي بيتأخروا عادي.
- خلاص روحي لها بقا.
تأفأفت ليلى وقالت:
- أعمل حسابك إني اتطردت بسببك وأنت معتذرتش، وأنا مش هقبل اعتذارك غير لما تحضر المحاضرات كاملة لمدة أسبوع.
- لا مش لاعب متقبليش براحتك.
تنهدت ليلى بنفاذ صبر وقالت بتهديد:
- يلا أحسن لك، أنا زنانة ومش هسيبك في حالك.
تنهد سليم ونهض وهو يتذمر:
- مش عارف هتاخدي جايزة لو خليتيني أحضر مثلًا.
لم يحبذ ما تفعله، خاصة أنه إن بدأ بالدراسة وحضور المحاضرات الآن ستتحسن تقديراته وهذا ما لا يريده، ولكنه استمر في مسايرتها وهو حقًا لا يفهم لماذا يفعل هذا؟
حمحمت ليلى جاذبة انتباهه وقالت بحرج:
- لا مهو أصل الدكتورة دي شرحها وحش ومبفهمش منها حاجه ف أنت هتحضر علشان تشرح لي بعد كدا.
نظر لها سليم بدهشة للحظة ثم ضحك وقال:
- طالما شرحها وحش بتحضري لها ليه؟
أجابت ليلى وهي تشير لهاجر أن تلحق بهما:
- مهو مفيش غيرها بقا هعمل ايه؟
أومأ بتفهم بينما نظرت ليلى لخلفها لتجد هاجر تلحق بهما، ثم عادت تنظر له وقالت بفضول:
- هو أنت اسمك ايه صحيح؟
- سليم
- وأنا ليلى.
❈-❈-❈
عاد سليم لمنزله ليجد والده ينتظره وسأله ما إن دلف:
- اتأخرت ليه؟
كان معتادًا أن سليم لا يمكث طويلًا بالكلية لهذا بدا تأخره أمرًا غريبًا، بينما في نظر سليم لم يجعله هذا يشعر إلا أنه مجرد طفل صغير في نظر والده مما جعله يشعر بمزيد من الاستياء، زفر بملل وأجاب:
- كان فيه محاضرات كتيرة النهاردة.
قال والده بسخرية:
- وأنت من أمتى بتحضر محاضرات أصلًا.
رفع سليم كتفيه بلا مبالاة وقال منهيًا النقاش:
- عادي كنت زهقان، ولو سمحت سيبني أدخل أريح شوية.
تركه ودلف غرفته، بينما نظر والده لأثره بصمت، تنهد بحزن وجلس يفكر ماذا عليه أن يفعل بكتلة العناد تلك، ألا يدرك أن كل ما أراده هو أن يؤمن مستقبله؟ يعلم أن الطريقة خاطئة ولكن للأسف لا يوجد سوى هذا الحل، ود لو يدعمه في مشواره بالرسم ولكنه علم أنه سيواجه الكثير من المشكلات مع هذا المجتمع الغريب، أبسطهم أنه بنسبة كبيرة سيتم رفضه من عائلة أي فتاة قد يود أن يتزوج بها عندما يعلموا أنه رسام، هذا كل ما أراده، أن يكون له مستقبل آمن ويتم احترامه من الجميع، ليته فقط يعلم هذا، تنهد ونهض متوجهًا نحو غرفته لينام قليلًا.
بينما دلف سليم غرفته وألقى بدفتره بإهمال فوق المكتب واستلقى فوق الفراش، تلك العنيدة لم تتركه إلا وجعلته يحضر جميع المحاضرات وناقشته في كل محاضرة بعد انتهائها، ولكنه لا ينكر أنه كان يومًا لطيفًا، فهو لم يفعل هذا منذ أن كان بالثانوية وعليه الاعتراف بأنه روتينًا لطيفًا لطالما أحبه ولكنه توقف عن القيام به متحديًا والديه اللذان أجبراه على الالتحاق بكلية لم يحبها أو يميل لها حتى.
توقف عن التفكير في والديه المملان ليتجه تفكيره نحو تلك الفتاة التي تدرس معه بنفس الكلية لثلاث سنوات ولم يقابلها سوى بالأمس، شعر بالتعجب منها بحق، ليته يفهم غرضها من كل هذا، ولكنه لم يحاول، أو بالمعنى الأصح يترك كل شيء ليسير دون أي تدخل منه، ابتسم وقال وهو يدثر نفسه أسفل الأغطية:
- ما كنتِ تقولي من الأول السبب كان لازم نتخانق؟
ولكن قبل أن يغفو صدح صوت هاتفه، فتأفأف ونهض ملتقطًا إياه وضغط على زر الرد بعد أن رأى اسم زين.
- أزيك يا سليم، معلش معرفتش آجي النهاردة علشان بابا دبسني في كام مشوار كدا.
ابتسم سليم وهو لم يتوقع أن يبرر زين عدم حضوره اليوم رغم أنه اتفق معه مسبقًا، فهو لم يعتد أن يبرر له أحدهم ابتعاده أو أي تصرف سيء يصدر منه تجاه سليم، فشعر بقليل من البهجة عندما أخبره زين عذره.
- ولا يهمك عادي.
- طب كنت عايز أسألك عن محاضرات النهاردة.
ضحك سليم ضحكة قصيرة ساخرة وقال:
- يا ابني مش قولت لك أنا مليش في حوار المذاكرة ده؟
تنهد زين بقلة حيلة وقال:
- صحيح نسيت إنك مش معانا على الكوكب.
ابتسم سليم على سخريته تلك، بينما قال زين:
- صحيح أنا نازل أقعد مع كام صاحب ليا على القهوة ما تيجي تقعد معانا؟
صمت سليم للحظة يفكر، هل يفعلها؟ ولكن مظهره سيبدو ساذجًا بين هؤلاء الشبان، فهم أصدقاء معًا ولا يظن أنهم سيحبون أن ينضم إليهم أحد.
جذب انتباهه زين عندما أعاد سؤاله، تنهد قليلًا كثيرًا الرد على تلك الحيرة في نفسه بالشيء الوحيد الذي يجيده، التمرد؛ لهذا قال:
- تمام هاجي، فين المكان؟
❈-❈-❈
- وبس كدا.
قالت ليلى منهيه سردها لما حدث لها باليوم لليليان التي نظرت لها نظرة ثاقبة وقالت بجدية:
- ليلى، أنا ليه حاسه إنك ماشية بمبدأ I can fix him مع سليم ده.
نظرت لها ليلى بعدم تصديق وقالت بطريقة مسرحية:
- أنا؟! أنا؟! لا لا أنا كنت أصدق إن حاجه زي دي تطلع من أي حد إلا أنتِ يا ليليان، إلا أنتِ يا توأمي.
عقدت ليليان ذراعيها أمام صدرها وقالت بحزم:
- ليلى!
صاحت ليلى مدافعة عن نفسها:
- بادلله ما هصحله هو أولريدي متصلح ولسه خارج من التوكيل بالله، الواد شاطر ومحترم وكل شيء اللهم بارك بس هو تقريبًا مبيحبش الكلية دي فـ كاره الدراسة وكدا.
اقتربت منها ليليان وهي تنظر لها بشك وسألتها بهدوء:
- وأنتِ عرفتِ منين أنه محترم وشاطر؟
أجابت ليلى بتلقائية:
- علشان كنت لازقة له طول النهار لحد ما روح.
سألتها ليليان مجددًا بنفس الهدوء:
- وأنتِ كنتِ لازقة له طول النهار ليه؟
أجابت ليلى وقد بدأت تتوتر من أسئلة شقيقتها التي بدا عليها أنها على وشك قتلها:
- علشان..علشان أتأكد إنه بيحضر المحاضرات..أه علشان أتأكد بس.
كررت ليلى جملتها لتؤكد لليليان أن شكوكها خاطئة، ولكن ليليان لم تتوقف عند هذا الحد بل عادت تسألها:
- وأنتِ مالك بيه يعني؟ ما يحضر أو ميحضرش براحته.
صاحت ليلى وقد شعرت بالضيق من تلك الأسئلة:
- علشان أنا لقيته مبيكرهش حاجه قد المحاضرات فـ قررت أعاقبه إنه كان سبب في إني أطردت بأني أخليه يحضر كل المحاضرات، بس كدا ويا ريت تنامي بقا مش أنتِ عندك كلية بكرة؟
ضحكت ليليان وقالت:
- خلاص، عفونا عنكم، هنام أنا بقا وأنا مرتاحة.
جمعت ليلى شعرها في ذيل حصان وقالت بعد أن هدأت قليلًا:
- يكون أحسن، وأنا هشوف نعناع خلص أكله ولا لسه وأجيبه علشان ننام.
ثم نهضت لتبحث عن قطها بينما دثرت ليليان نفسها وغفت.
يتبع