-->

الفصل الرابع عشر - مرآة مزدوجة



الفصل الرابع عشر


عاد عمر لمنزله أخيرًا بعد عدة مقابلات قام بها، ألقى بسلسلة مفاتيحه على الطاولة ثم خلع سترته ودلف لغرفته، استلقى فوق فراشه ونظر للسقف بشرود، كان مرهقًا بشدة من كثرة التفكير، أحيانًا يلعن نفسه على تفكيره المفرط ولكنه ببساطة لا يستطيع التوقف، يجب عليه التفكير في كل شيء وحساب كل خطوة يخطوها وحساب نتائج أفعاله وكيف سيراها الآخرون، هذا ما تعلمه من الحياة وهو يفضل أن يظل متذكرًا هذا الدرس، ولكن رأسه ما عادت تحتمل وأصبح الصداع صديقه الذي يرافقه في كل الأوقات، هل هذا لأنه أصبح ناضجًا؟ هل تلك هي الأشياء التي تلازم الناضجين؟ ربما، ولكن لا بأس بأمور الناضجين، هي أفضل من أي ذكرى من ذكريات الطفولة، التقط مسكن للصداع من فوق الطاولة القصيرة بجانب فراشه وابتلع قرص عله يخفف من ألم رأسه، أخذ يذكر نفسه أن الأمر يكاد ينتهى، سينتهى تفكيره المفرط بالمستقبل ورغبته في أن يتم كل شيء على ما يرام، مؤكد عندما يباشر العمل بالدار حتمًا سيقل تفكيره.


 عاد مجددًا لتذكر تلك الفتاة التي أتت اليوم من أجل الوظيفة، إنها الفتاة التي رآها بالمعرض والتي رآها للمرة الأولى في المقهى، الفتاة التي أحرجها، أقل ما يقال عنها أن التوتر هو أسلوب حياة بالنسبة إليها، هي تتوتر كثيرًا، كلما نظر إليها تتوتر، كلما سألها سؤال تتوتر، لا يمكنه تفسير سبب توترها هذا، لا يمكنه اعتباره خجل لأنها لا يبدو عليها الخجل ببساطة ولا يحمر وجهها أو يظهر عليها أي علامة من علامات الخجل تلك، لا هو توتر فقط، ولا يمكنه فهم لماذا هي تتوتر بهذا الشكل، يمكنه قراءة عينيها ومعرفة بماذا تفكر ولكنه لا يمكنه معرفة الأهم، لماذا تفكر أو تشعر بتلك الطريقة؟ والأكثر أهمية: لماذا يستمر في تذكرها والتفكير في أمرها؟ لقد فكر فيها صباحًا بعد أن رحلت وكان هذا كافيًا لها، أما أن يفكر بها عدة مرات في اليوم هذه ليست إشارة جيدة. 


- عمر يلا علشان الغدا. 


صاحت والدته من الخارج ليتنهد وينهض لتبديل ملابسه وقد زال ألم رأسه أخيرًا.


❈-❈-❈

تنهدت ليلى وقد أنتهت من غسيل الصحون أخيرًا، بينما وقفت ليليان تطهي الطعام بجانبها أمام الموقد، جففت ليلى يديها المبتلتين وقالت:


- أديني خلصت أهو، هروح أكتب بقا علشان في كلمتين كدا عايزة احكيهم. 


قالت ليليان وهي تتذوق الأرز:


- بقيتِ بتكتبي كتير الفترة دي، حتى الصبح. 


- بسلي وقتي وخلاص. 


أومأت ليليان ونصبت تركيزها على الطعام، بينما تركت ليلى المطبخ وأخذت نعناع وجلست على الأريكة بغرفة الجلوس تلاعبه قليلًا، جلست والدتها على مقعد ضخم تنظر لهما بصمت ثم عادت لتشاهد التلفاز، نام نعناع فوق ساقيها والتقطت الدفتر الذي كانت قد تركته مسبقًا على الطاولة الموضوعة أمام الأريكة وبدأت بالكتابة: « أعلم أنني ظللت الأسبوع الماضي أتحدث عن أمور عشوائية غير مترابطة وأسئلة وجودية بلا إجابة، ولكن اليوم سأسرد ما حدث بالأسبوع الماضي والذي لم يكن به الكثير من الأحداث.


وافق والد هاجر على زواجها من زين وتحدد موعد الخطبة، والذي سيكون بعد أسبوعين من الآن وهذا رائع نوعًا ما، رغم أن هناك بعض الشكوك تساورني تجاه زين، لا يبدو أنه يكن لهاجر مشاعر حقيقية ولكني أتغاضى عن الأمر فقط لأنه يجعلها سعيدة ولأنهما يليقان ببعضهما البعض حتى وإن لم يكن هناك حب بينهما، حسنًا ليس لدي الكثير للحديث عن هذا الأمر؛ لأن هاجر لا تريد أن تتحدث عما ستفعله بشأن الخطبة، تريد أن يكون الأمر مفاجئ للجميع، حتى والدتها لا تعلم ما هو شكل الفستان الذي سترتديه، ولا أستبعد أن هذا الفستان سيكون فستان من الفساتين التي ترتديها الراقصات! ستبدو فكرة مضحكة في نظرها.


وبما إني لا أملك المزيد للحديث عنه بشأن هذان المختلان، سأنتقل إلى حدث آخر، تمكنت أنا وأمي أخيرًا من إقناع ليليان بأن تخرج خارج قوقعتها قليلًا وتواجه العالم الخارجي عبر التقدم لوظيفة بدار نشر، ولكن المشكلة هي أن ليليان ما زالت تدرس وهذا سيجعل فرص قبولها بالعمل ضعيفة، وربما هذا ما تفكر به ليليان في الوقت الحالي، ربما هي خائفة من الرفض، رغم أنها لم ترد أن تعمل بالأصل ولكن هناك نوع من البشر يخشى الرفض وربما شقيقتي العزيزة من هؤلاء البشر.


منذ أن عادت من المقابلة سردت علي ما حدث وبماذا سألها وبماذا أجابت، كل شيء بالمعنى الحرفي وهذا ليس من خصال ليليان، فهي مستمعة بطبيعتها وتفضل ألا تتحدث كثيرًا ولكنها أثبتت لي وهي تسرد ما يحدث أنها تهتم بأدق التفاصيل وتركز على صغائر الأمور وربما هذا شيء اكتسبته مع الدراسة، وأظن أنه سيساعدها في الترجمة عندما تعمل في المستقبل. »


قطع كتابتها صوت ليليان الذي صدح من داخل المطبخ وهي تقول بحماس:


- اتقبلت! 


خرجت ليليان من المطبخ ووقفت أمام والدتها وشقيقتها وهي تحمل هاتفها في يدها وقالت بسعادة:


- اتبعتلي e-mail من شوية. 


قفزت ليلى سريعًا مما جعل نعناع ينتفض ويركض ليختبئ خلف المقعد الذي تجلس عليه والدتهما، بينما أخذت ليلى الهاتف من شقيقتها وقرأت البريد الالكتروني لتصيح بسعادة وتحتضن شقيقتها وتقول:


- مبارك يا ليلي. 


نهضت والدتهما وعانقتهما وقالت:


- مبارك يا ليليان. 


ضحكت ليليان وقالت بسخرية:


- مالكوا محسسني إني كسبت بطولة مثلًا. 


فصلت ليلى عناقهما وقالت موضحة:


- علشان الموضوع كان مستبعد جدًا بسبب حوار إنك لسه بتدرسي وكدا، وبعدين بصراحة كان شكلك خايفة ومكتئبة كأنك ميت لك ميت. 


صاحت ليليان باستنكار:


- أنا؟! 


أومأت والدتها وهي تكتم ضحكتها، فنقلت ليليان نظراتها المستنكرة بين والدتها وشقيقتها، ثم ابتعدت عنهما وقالت:


- أنا أروح أشوف هلبس ايه أحسن لي. 


صاحت ليلى وهي تلحق بها:


- لا استني أنا هختار لك بدل ما تخضي زمايلك في أول يوم. 


❈-❈-❈

شعرت ليليان بالهلع من تواجدها بجانب هذا العدد من الموظفين، جميعهم ينظرون لها نظرات عابرة، ربما لتقييمها وهذا أكثر ما جعلها تتوتر وتهلع ولكنها حاولت الحفاظ على رباطة جأشها، كان المكان أشبه بروضة أطفال، الجميع لا يعلم ماذا يفعل وأين يذهب، مما جعل ليليان تنظر لهم بتعجب، لماذا يبدون كأطفال تائهين لا يفقهون شيئًا بينما يبدون أكبر منها سنًا؟ لا تفهم ولكنها استشعرت التوتر السائد بينهم، ربما هم من متابعينه الذين يريدون أن يحصلوا على إعجابه من اليوم الأول.


أتى شخص من بين الجموع يرتدي ملابس غير رسمية، وقف أمام مكتب عمر وتحدث بصوت عالٍ حتى يستمع إليه الجميع، عرف نفسه أنه يدعى محمد مساعد عمر الذي سيشرف على عملهم حتى يأتي عمر لأنه سيتأخر قليلًا، تحدث قليلًا وألقى بعض النكات ليخفف من التوتر الواضح، ثم أرشد الجميع لمكاتبهم واتجه نحو المكتب الذي يجاور مكتب عمر.


جلست ليليان أمام مكتبها بصمت تحاول استيعاب ما عليها فعله، تنهدت وأغمضت عينيها للحظة تتذكر كل ما درسته، ثم بدأت بالعمل بصمت.


كانت تشعر بنظرات عابرة من الوقت للآخر من الموظفين الآخرين حولها مما جعلها تشعر بالتوتر، ولكنها نصبت تركيزها على العمل متجاهلة النظرات الفضولية الموزعة حولها وعليها، يبدون كأطفال أجبروا على التواجد بمكان واحد فيشعروا بالفضول تجاه بعضهم البعض.


بعد ساعة أو اثنين أتى عمر أخيرًا وهو يرتدى بذلة رسمية سوداء، مر سريعًا بجانب المكاتب دون أن ينظر لأحدهم حتى دلف مكتبه وأغلق الباب خلفه، كانت جميع الأنظار جميعها قد توجهت نحوه في تلك اللحظة العابرة حتى ليليان التي حمحمت بخفوت وعادت للعمل.


بعد بعضًا من الوقت، خرج عمر من مكتبه وبدأ يأخذ جولة حول المكاتب، يتوقف عند كل مكتب لدقيقة بينما ينظر بجمود نحو كل شيء، ابتلعت ليليان لعابها بتوتر عندما رأته يتجه نحو مكتبها ويقف على مسافة جيدة منها، حاولت ليليان التركيز على عملها ويبدو أنها قد نجحت عندما لم يبدي أية ملاحظات على عملها وتحرك ليكمل جولته بصمت، تنفست ليليان براحة وقد شعرت أن عينيه الجامدتان قد اخترقتا ظهرها.


بعد أن أنهى عمر جولته وقف في منتصف الطابق، نظر ساعتها وقال:


- خمس دقايق يا شباب وهناخد بريك. 


أومأ الجميع وعادوا لعملهم بحماس منتظرين مرور تلك الدقائق الخمس سريعًا حتى يرتاحوا قليلًا، وبالفعل عندما انقضت الخمس دقائق هرع الجميع نحو الطابق السفلي حيث يوجد مقهى صغير، بينما لم تشعر ليليان بالجوع ولم ترد أن تختلط بزملائها أو تتعرض لنظراتهم الفضولية؛ لهذا قررت أن تمكث بالمكتب بعيدًا عن جميع الأعين، وضعت حقيبتها على المكتب وأخرجت منها الرواية التي اشترتها سابقًا، شغلت نفسها بالقراءة لبعض من الوقت حتى سمعت باب مكتب عمر يفتح ويخرج عمر، لتترك ليليان الرواية سريعًا وتحاول أن تخفي رأسها حتى لا يلاحظها ولكنه فعل، فاتجه نحوها وقال:


- منزلتيش ليه يا آنسة ليليان؟ 


حمحمت ليليان بتوتر وقالت:


- مفيش يعني مش عايزة أنزل بس. 


لاحظ عمر الرواية الموضوعة على مكتبها والتي حاولت ليليان أن تخفيها عن ناظريه ولكنها فشلت، فقرر أن يسألها السؤال التقليدي الذي يمل منه ولكنه شبه مجبر على ذلك، فقال:


- عجبتك الرواية؟ 


أجابت ليليان بخفوت:


- هي حلوة ووحشة في نفس الوقت. 


قطب عمر جبينه بتعجب، ثم سحب كرسي ووضعه بجانبها وقال:


- لا فهميني قصدك ايه؟ 


ابتلعت ليليان لعابها، فهي لم تكن مستعدة لخوض هذا النقاش معه، خاصة بشخصيته تلك التي وبالرغم من علمها بأنها مزيفة إلا أنها تخشى أن يجرحها بكلماته الحادة مثله، ولكنها بالنهاية حسمت قرارها وبدأت بالشرح بتوتر:


- يعني فيها أفكار غريبة عن حاجات مجتمعية، وأكيد حضرتك فاهم قصدي ايه بالظبط والواضح إني مش الوحيدة اللي لاحظت ده بل كتير من الناس اللي انتقدوك، المهم إن دي النقطة الوحشة لأنها بتأثر بشكل سلبي على اللي سنهم صغير وده شيء مش كويس، إنما في نفس الوقت مقدرش أقول إن حضرتك كنت لازم تشيلها لأنها بتخدم فعلًا في أحداث الرواية وحضرتك عرفت توظفها صح علشان تخدمك وأنت بتكتب ومتحسسش القارئ إنك بتمط في الأحداث رغم إنك بتمط فعلًا في الأحداث. 


ابتسم عمر وصمت لوهلة، لقد كشفت أمره تلك الفتاة بالفعل ولكنها لا تعلم سوى نصف الحقيقة وهذا يعني أنها لا تستطيع التعمق في الأمر بشكل أكبر، سألها بعد وهلة من الصمت؛ ليحرجها:


- وأنتِ شايفة إن اللي بينتقدوني معاهم حق؟ 


شعرت ليليان بالارتباك عندما وجدت وجهه الجامد يتحول أخيرًا لوجه بشري به تعابير واضحة للمرة الثانية منذ أن التقت به، وقد بدا في تلك اللحظة شخص صاحب ملامح هادئة تدعو الجميع لتأملها ولكنه يفسدها برسم الجمود على ملامحه، نظرت ليليان نحو الرواية وأجابت وكأنها تحادث الرواية لا عمر:


- معاهم حق، بس حضرتك بردو معاك حق، بس الموضوع معقد شوية، لأن هما عندهم حق في خوفهم على العقول الصغيرة اللي ممكن تقرأ لحضرتك وتأثرهم بأفكارك اللي ممكن تبني عقولهم بطريقة غلط، وحضرتك معاك حق لأنك بطريقة أو بأخرى بتوصل نوع تفكير موجود في المجتمع، يعني لا هما غلط مية في المية ولا حضرتك غلط مية في المية. 


شعرت بنوع من التحرر عندما وجدته يستمع لرأيها بصدر رحب رغم أنها ليست متيقنة هل يستهزئ برأيها داخليًا أم لا؟ لا تعلم ولكنها لن تتوقف، فهو السبب في حيرتها تلك طوال كل هذا الوقت وعليه أن يدرك ما يفعله حقًا، وضع عمر مرفقه على مكتبها وأسند وجنته إلى كفه، ثم قال بتسلية:


- ويا ترى ممكن أحل الموضوع ده ازاي؟ 


أجابت ليليان بتلقائية لا تخلو من الجدية:


- تخلي تصنيف الروايات بتاعت حضرتك للبالغين علشان الأهالي ميخلوش أولادهم يقرأوها لأن رغم إن روايات حضرتك حلوة والله، بس متنفعش للمراهقين علشان هما بيتغيروا وتفكيرهم بيتغير لسه وبيتأثروا بكل حاجه حواليهم، فـ ممكن يتأثروا بالأفكار دي بطريقة وحشة، هي أفكار حقيقية بس عقلهم ميستوعبش إنها أفكار غلط ومينفعش تتعمل لأن تفكيرهم بيبقا مشتت في المرحلة دي، فـ علشان كدا لازم إنها تكون موجهة للبالغين فوق سن المراهقة، لأنهم already هيبقا تفكيرهم اتبنى ومش هيتأثروا بالأفكار دي، بس كدا. 


- بس كلمة للبالغين فقط دي للحاجات الخادشة للحياء. 


تنهدت ليليان وقالت وقد اندمجت تمامًا في هذا النقاش وتغافلت عن توترها:


- الكلمة دي مش للحاجات الخادشة للحياء بس، الكلمة دي بشكل عام على كل حاجه متنفعش المراهقين، ورغم إن المشاهد الخادشة للحياء دي المفروض لا تبقا للمراهقين ولا للبالغين حتى، بس هتغاضى عن النقطة دي حاليًا، المهم كلمة للبالغين فقط أو +18 زي ما بتتقال مش بتتضمن المشاهد الخادشة للحياء بس، إنما بتتضمن حاجات كتيرة زي أفكار العقل المراهق مش هيعرف يستوعبها ويفهمها صح زي ما العقل البالغ بيعمل، أو زي حاجات تبان حلوة من برا إنما هي مش كدا في الواقع، دي العقل المراهق هيشوف لمعانها الخارجي بس فـ يحب يقلد إنما العقل البالغ هيبقا فاهم أبعاد الموضوع بشكل أعمق فـ مش هيعمل كدا وده زي فيديوهات الرقص والـ Tik tok المشهورة حاليًا، وحاجات كتيرة تانية بينطبق عليها المنطق نفسه واللي لازم تبقا للبالغين بس لأني زي ما قولت لحضرتك قبل كدا إن عقل المراهقين مش ثابت وبيبقا متغير وبيتغير كتير لحد ما يوصل لسن الرشد زي ما بيتقال، فـ الفترة دي بتبقا خطيرة ومحتاجة رقابة لأنهم ممكن يتأثروا بالسلب من الأفكار في روايات حضرتك وممكن تفكيرهم يتبني على إن الأفكار السامة دي إنها صح وده يدمره قدام أو ببساطة يقلد. 


استمع لها عمر بتركيز وقد لاحظ أنها تخلت أخيرًا عن توترها وتحدثت معه بحرية، هو لم يجد شخصًا يتحدث معه بحرية بتلك الطريقة، جميعهم يتعاملون بتحفظ، إما خوفًا منه ومن احتمال أنه يخفي خلف جموده قسوة، إما محاولة لنيل إعجابه الذي لا يناله أحد بتلك الطريقة المصطنعة، هو حتى لم يجد شخصًا يمتلك تفكير كتفكيرها، لم يستطع منع الابتسامة التي شقت وجهه بينما قال بهدوء:


- عارفه؟ أنا مكنتش واثق من نفسي بصراحة لما اخترتك، بس حاليًا أنا سعيد جدًا أني أقدمت على الخطوة دي؛ لأني محتاج حد بالتفكير ده معايا في الشغل. 


حمحمت ليليان وقد عاد التوتر لتملكها من نبرته الرخيمة التي لم تسمعها يومًا منه وقد شعرت بالاضطراب بداخلها، بينما قالت:


- طب بمناسبة كدا، تسمح لي أسئلك سؤال؟ 


نظر لها عمر نظرة بمعنى أنه ينتظر فقالت:


- هو ليه حضرتك بتستخدم الأفكار دي؟ يعني الموضوع عامل لحضرتك حوارات ملهاش لازمة بصراحة. 


ابتسم عمر ونهض لتشعر ليليان بخيبة لأنها علمت أنه سيرحل دون أن يجيبها، ولكنه انحنى قليلًا وقال مبتسمًا:


- هبقا أقولك في الوقت المناسب. 


أومأت ليليان سريعًا، ليبتعد عنها وينظر في ساعته ويقول:


- البريك خلص بسرعة، هضطر أمشي علشان أكمل شغل. 


أومأت ليليان مجددًا، بينما ابتعد عمر ليتجه نحو مكتبه، اعتدلت ليليان في جلستها لتعود لعملها، فاستدار عمر ليواجهها وقال:


- بالمناسبة 


رفعت رأسها لتنظر له بانتباه، فقال:


- أنا مش حضرتك، أنا عمر. 


يُتبع..