رواية في غياهب القدر - للكاتبة بسمة بدران - الفصل السادس
رواية في غياهب القدرللكاتبة بسمة بدران
رواية في غياهب القدر
الفصل السادس
انتقام
❈-❈-❈
إِذا المَرءُ لا يَرعاكَ إِلّا تَكَلُّفاً
فَدَعهُ وَلا تُكثِر عَلَيهِ التَأَسُّفا
فَفِي النَّاسِ أبْدَالٌ وَفي التَّرْكِ رَاحة ٌ
وفي القلبِ صبرٌ للحبيب ولو جفا
فَمَا كُلُّ مَنْ تَهْوَاهُ يَهْوَاكَ قلبهُ
وَلا كلُّ مَنْ صَافَيْتَه لَكَ قَدْ صَفَا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة ً
فلا خيرَ في ودٍ يجيءُ تكلُّفا
(الإمام الشافعي)
❈-❈-❈
بعد انتهاء تناولهم للغداء جلسوا في غرفة المعيشة يحتاثون القهوة كعادتهم الأسبوعية.
وأثناء حديثهم ذكر الحاج سعد تلك المرأة التي تأتي يوميا كي تتشاجر معه وتتركه وتذهب
فقهقه الجميع بسخب تساءل عمار من بين ضحكاته بنبرة مشاكسة: وحلوة على كده الحاجة صباح دي يا بابا؟
تنهد الحاج سعد مغمغما بهيام مصطنع: قوي قوي ياد يا عمار انت ما شفتهاش حاجة كده ما فيش منها اتنين حلوة آه بس لسانها متبري منها والله.
تعالت ضحكات الجميع مرة أخرى.
فولجت زينة تحمل ابنتها لاتين وجلست بجوار زوجها هامسة فأزنه بخفوت وصل إلى مسامع زوجها: أنا زهقت بقى إيه اليوم اللي مش راضي يعدي ده!
رمقها عمار بتحذير ومن ثم وجه حديثه لوالده: طيب بقول لك إيه يا حاج مش ملاحظ ان البت عبير بقلها فترة كده ما بتجييش تزورنا وقطعت كده لا حس ولا خبر.
وقبل أن يتحدث والده استمعوا إلى صوت قرع الجرس فهب عمار واقفا متجها للخارج كي يرى هوية الطارق.
ثواني وفتح الباب فأبصر أخته الصغرى تقف أمامه بحالة يرثى لها ترتدي إسدالها وحجابه وضعته فوق رأسها بشكل عشوائي ناهيك عن خفها المنزلي الذي لم تستطع تبديله خشية أن يمسك بها زوجها.
فصرخ بجزع وهو يجذبها للداخل: عبير إيه ده مالك فيه إيه؟
ومين اللي عمل فيك كده فين جوازك؟
وعلى سيرة ذلك انفجرت في بكاء مرير يمزق نياط القلوب.
فأتى الجميع على صوت نحيبها يتقدمهم والدها الذي ركض باتجاهها ينتشلها من بين أحضان أخيها ويعانقها هو بحنو أبوي اعتادت عليه مذ كانت صغيرة.
تشبثت بحضن أبيها وكأنها أخيرا حازت على الدفء والأمان الذي منذ رحيلها إلى بيت زوجها الذي كانت تظنه سيكون جنة خاصة بها لكن اتضح لها العكس.
تركها تخرج ما بداخلها وهو يمسد فوق حجابها وظهرها حتى هدأت تماما وسكنت بين ذراعه.
فجذبها وهو يحيط كتفها بذراعه يتبعه الجميع حيث كانوا يجلسون منذ قليل وبعد أن استقروا في جلستهم سألها بهدوء عما حدث فراحت بدورها تقص عليهم ما عانته خلال الأعوام المنصرمة منذ زواجها.
وكانت كلما توغلت في الحديث نفرت عروق عمار بأكملها وتغيرت ملامح والدها للحزن الشديد بينما الجميع كانوا يتابعون ما يحدث وهم يشعرون بالشفقة على تلك المسكينة التي يبدو أنها لم ترى يوما هنيئا في حياتها.
قفز عمار من مكانه كمن لدغته أفعى واندفع للخارج وشياطين الأرض تلاحقه غير عابئ بنداءات والده المتكررة وزوج عمته.
بينما في الداخل عادت عبير مرة أخرى للبكاء ووالدها لأول مرة يؤنب ذاته فهو لم يفكر في حالها فطالما كانت تظهر السعادة لدرجة أنه كان يحمد الله دائما بأنه رزقها الزوج الصالح.
لكن يبدو أن المظاهر خداعه لكن لا بأس سيلقن ذلك الحقير درسا لا ينساه سيجعله عبرة لمن لا يعتبر سيعلمه كيف يحترم ويكرم ابنت الناس الذين وثقوا فيه وزوجوه اياها
باختصار سيعرفه من هم عائلة هنداوي.
❈-❈-❈
بمنشفة صغيرة مسحت يديها بعد أن جلت الأواني الخاصة بوجبة الغداء فهي لم تستطع الذهاب إلى التجمع العائلي اليوم بسبب مرض ابنتها بالحمى.
فقد اعتذرت سابقا من خالها والذي أخبرها بدوره أنه سيقوم بزيارتها هو وباقي عائلتها للاطمئنان على الصغيرة.
تنهدت بقوة ثم اندفعت للخارج كي تجالس زوجها الذي كان يتابع إحدى المسرحيات الكوميدية على التلفاز.
لكن قبل أن تجلس بجواره استمعت إلى قرع جرس الباب فذهبت بتكاسل وهي تنفخ في ضيق.
ثواني وأبصرت تلك الحسناء تقف أمامها بقميص منزلي ذو أكمام قصيرة بالكاد يصل إلى ركبتيها مطبوع عليه صورة كرتونية شهيرة وفي قدمها خفا منزليا يماثله في اللون.
تأملتها بإعجاب ثم استدارت تلقي نظرة سريعة على زوجها فتنهدت بارتياح عندما وجدته منهمكا في مشاهدة التلفاز.
وقفت قبالتها واضعة كلتا يديها في خصرها تسألها بحدة طفيفة: خير يا أختي شو بدك؟
إزدردت ريقها في إحراج وإجابتها بخفوت: بعتذر منك إختي بلاقى عندك شي بصلتين منشان المحل اللي تحت لساته ما فتح. لوت شفتيها في ضيق مغمغمة بسخط: في بصلتين حاضر يا حبيبتي هجيبلك بقولك إيه روحي شقتك وأنا هجيبهم لك لحد عندك.
هزت رأسها بعنف: لا لا ما بيصير إختي أنا بنتظرك هون.
عضت باطن شفتيها السفلى بغيظ واندفعت للداخل لكنها عادت مرة أخرى تهتف بتحذير: طيب بقول لك إيه ما تتحركيش من هنا وأنا فريرة وهرجع لك.
وقبل أن تستوعب رغد حديثها اختفت من أمامها بسرعة شديدة.
عقدت يديها أمام صدرها تنتظرها ريثما تعود.
وبالفعل ثواني معدودة وكانت غزل أمامها تحمل البصل في يديها تمده إليها هاتفة بفظاظة: خدي البصل أهه وبعد كدة لما تعوزي حاجة رني عليا هو أنا مش اديتك رقمي امبارح مش لازم تتعبي نفسك ياختي كل شوية.
أومأت لها موافقة ومن ثم شكرتها بامتنان ودلفت للخارج.
تابعتها بعينيها حتى إختفت داخل شقتها ومن ثم أغلقت الباب من خلفها وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة: ودي هتخرط بصل ازاي دي!
❈-❈-❈
وقفا أمام منزلها المتهالك برفقة أحد رجاله المعروفين بالإجرام في المنطقة.
ويدعى عرابي الذي تسائل بصوته الأجش: هنا بقى البيت يا هندسة المدعوقة اللي اسمها أم إسماعيل متلقحة جوه.
هتف وهو يربط بقوة على منكبه: تسلم يا عرابي ما يجيبها إلا رجالها يا صاحبي.
وقبل أن يتفوه ببنت شفا استمع رؤوف إلى صوت رنين هاتفه أخرجه من جيب بنطاله وأجاب بلهفة: عمار إيه يا عم مالك في إيه ما خلاص.
قاطعه الآخر بحدة: اسمعني كويس يا رؤوف الولية اللي عندك دي تجيبها وتحطها في مخزن الخردة وأنا نصاية واكون عندك.
وقبل أن يستمع رد الآخر اغلق الهاتف في وجهه.
زفر رؤوف بقوة فيبدو أن صديقه لن يتغير أبدا سيظل كما هو يقول ما يريده ويغلق الهاتف قبل أن يستمع ردا.
وجه حديثه للرجل الذي يجاوره: جاهز ياعرابي؟
جاهز يا هندسة استعنا على الشقة بالله.
طرق رؤوف الباب بهدوء كي لا يشك. من بالداخل.
ثواني ودلفت المدعوة أم إسماعيل بهيئتها المشعثة ووجهها البغيض
تفحصت وجه كلا الرجلين باهتمام متسائلة بريبة: نعم أنتو مين وعايزين إيه؟
أجابها رؤوف بهدوء يحسد عليه: عايزينك في مصلحة يا أم إسماعيل مش أم إسماعيل برضو.
أومأت مغمغمة: بلهفة: أي نعم أنا هيا يا سعادة البيه.
افسحت لهم كي يستطيعان الدخول.
ثواني وكانت تجلس برفقتهما في رضهة منزلها متسائلة باهتمام: ها عايزني في أي مصلحة خناقة ولا.
قاطعها رؤوف بحدة: عايز الحقيقة يا أم إسماعيل.
ابتلعت ما بحلقها بصعوبة ثم تحدثت بتلعثم: حقيقة حقيقة إيه عدم اللامؤاخزة؟
أجابها عرابي بصوته الخشن: انت هتستعبطي يا روح أمك ما تنجزي مين اللي سلطك على الدكتورة صبا؟
لملمت شتات نفسها بصعوبة وبسرعة تحسد عليها هاتفة بتلعثم: صفا مين صفا دي عدم اللامؤاخزة أنا ما اعرفش حد بالاسم ده .
أجابها رؤوف بحدة لخافتها: صٓبا صبا يا أم إسماعيل وبطلي استعباط.
كادت أن تدعي عدم معرفتها بحديثهم لكن خرجت عنها شهقة عندما رفع المدعو عرابي في وجهها سلاح أبيض مهددا بوعيد: هاا تتكلمي ولا.
قاطعه رؤوف بمراوغة: لا لا يا عرابي أم إسماعيل عاقلة وهتتكلم.
ها بقي يا أم إسماعيل مش كده ولا.
أومأت بنعم وهي تشعر بالخوف فهي مهما كانت ستظل امرأة ضعيفة أمام هذان الرجلين وعندما قرأت الإصرار في أعينهما عزمت على قول الحقيقة وليحدث ما يحدث.
❈-❈-❈
برؤوس منكسة تقفن قبالته كطفلات صغيرات تنتظرن العقاب.
ابتسامة متشفية شقت وجهه ثم هتف بصوته الغليظ: ارفعي راسك يا أختي انتي وهي.
استجبنا لأوامره فاستطرض حديثه مردفا بتوعد: اللي حصل لو اتكرر تاني وديني لاكون قاطع خبرك منك لها أنا مش مستني لما تفضحوني في الحتة خصوصا أنت يا حسناء.
أومأت له موافقة مغمغمة بصوت يكاد يخرج: حقك عليا يا سيد المعلمين مش هتتكرر تاني يا أخويا خلاص توبة وحرمت.
أيد الجميع حديثها.
أي والله خلاص مش هتتكرر تاني يا معلم فكري.
تلك الكلمات هتفت بها السيدة فتحية.
بينما السيدة نعمة اكتفت بئماءة بسيطة من رأسها دليلا على موافقتها على حديثهما.
فتنحنح المعلم فكري بخشونة يخاطبهن بامر: طيب يلة يا أختي منك لها كل واحدة فيكم على شقتها عشان أنا مش ناقص صداع.
انصاعت كل من السيدة فتحية وحسناء بينما نعمة بقيت مكانها تسأله بخفوت: طيب يا معلم مش تروح تصلي العصر يا أخويا عشان يعني خلاص هو على وشك.
قاطعها بهدوء: هصلية هنا يلة انجري من قدامي.
أومأت له بسرعة وهرولت للخارج.
تابعها بعينيه حتى اختفت مغمغما في نفسه: ربنا يستر وابن هنداوي ما يعرفش حاجة وإلا هتكون فضيحة في الحتة كلها.
❈-❈-❈
وفي مكان نذهب إليه لأول مرة.
بالتحديد إمارة دبي المدينة الساحرة التي تقع في دولة الإمارات العربية الشقيقة
بعد أن أدت فريضة العصر خلعت إسدالها فأبصرت زوجها يولج الغرفة هاتفا بهدوء: تقبل الله يا عزة.
منا ومنكم يا حبيبي.
تلك الكلمات هتفت بها وهي تطوي سجادة الصلاة.
جلست فوق طرف الفراش وربطت بكفها في المكان الفارغ موجهة حديثها لزوجها: تعال يا محمد اقعد جنبي عايزة أتكلم معاك شوية.
استجاب محمد لطلب زوجته وجاورها في الفراش هاتفا بجدية: اؤمريني يا عزة.
تنحنحت لتجلي حنجرتها هامسة بصوت مسموع: أنا عايزة ارجع مصر تعبت من الغربة حاسة اني وحيدة ما بعملش حاجة غير اني وخدة بالي منك ومن فهد وفريدة.
طبعا يا حبيبي أنتم عندي بالدنيا بس صدقني شعور الوحدة وحش آوي أنت برة طول النهار وأنا قاعدة بين أربع حيطان.
أومأ لها زوجها متفهما ثم امسك كفها طابعا قبلة دافئة عليه مغمغما بهدوء: حقك عليا يا عزة انا عارف اني مقصر معاكي بس صدقيني شغلي كتير اليومين دول اوعدك يا حبيبتي هاخلص واخدك اجازه انتي والولاد شهر ولا حاجة ونرجع مصر ايه رايك.
على الرغم من أنها أرادت العودة نهائيا لكن ذلك الخبر أسعدها قليلا فهي اشتاقت عائلتها جدا اشتاقت أختها عبير وأخيها عمار ووالدها الحبيب.
كما أنها اشتاقت صٓبا صديقة طفولتها وشبابها فهللت بسعادة: ربنا ما يحرمناش منك أبدا يا محمد دنا منها يقبل وجنتها بحب: ولا يحرمناش منك يا أم فهد.
❈-❈-❈
يقطع رضهة منزله ذهابا وإيابا وهو يتآكل من الغيظ.
فهو منذ خروجها من المشفى لم يعرف عنها شيء.
فقد حرمه عمار من الاطمئنان عليها عندما شكره وأخبره بأنها أصبحت بخير فماذا سيفعل الآن؟
هل يذهب للاطمئنان عليها؟ أم يبقى مكانهم يتابع أخبارها من بعيد.
قبض على يديه بقوة فهو لم يعتد المكوث مكتوف الأيدي هكذا فهو لطالما كان يحارب للحصول على كل ما يتمناه.
ألقى بجسده فوق أقرب مقعد هاتفا بتصميم: أنا مش هسيبك يا صٓبا المرة دي مش هفرط فيك أبدا واهي حجتك بطلت ابن عمك اتجوز وخلف وأنت ليسة حرة يبقى انت من حقي أنا.
هبا واقفا والإصرار يشع من مقلتيه التقط هاتفه ومفاتيح سيارته واندفع للخارج قاصدا منزلها.
❈-❈-❈
كالأسد الجريح يدور حول نفسه يزأر من وقت لآخر.
فهو لا يصدق أن زوجته هربت من برثنه .
لطالما كان يضربها ويهينها كي تبقى دائما تحت طوعه تفعل ما يأمرها به دون نقاش.
لكن يبدو أن كل ما فعله ضاع هباء فزوجته تحررت من أسره ولربما تحررت للأبد.
صك على أسنانه بغضب حارق هاتفا بتوعد: وديني لاكون مربيكي من أول وجديد يا عبير أكيد أبوكي هيرجعك ليا مرة تانية.
قاطع حديثه مع نفسه صوت قرع جرس الباب.
بخطوات واسعة سار حتى بات أمام الباب مباشرة.
أطلق سبة نابية عندما استمع إلى صوت رنين الجرس المتكرر فغمغم بسخط: مين الحمار اللي بيخبط كده ده!
أدار مقبض الباب وقبل أن يتفوه ببنت شفه انهال عليه عمار باللكمات والسباب هاتفا بصوت مرتفع: بتمد أيدك عليها يا جبان بتدربها بتستقوي على واحدة ست وديني لاكون معلمك الرجولة أزلي يا عرة الرحالة.
ظل يسدد له اللكمات العنيفة في وجهه حتى خارت قواه وسقط مغشيا عليه.
بثق عليه ثم اخرج هاتفه من جيب سترته وطلب رقم أحد الرجال الذين أمرهم بالبقاء تحت البناية: هاتفا بأمر: يلة اطلعوا دلوقتي.
❈-❈-❈
كفاية عياط بقي يا عبير قطعتيلي قلبي.
تلك الكلمات هتفت بها صٓبا وهي تجلس بجوارها فوق فراشها في غرفتها القديمة التي كانت لها قبل الزواج.
كفكفت عبراتها بأطراف أناملها هاتفة من بين شهقاتها المرتفعة: تعبت آوي يا صٓبا ما تعرفيش أنا كنت بحس بإيه كل ما يمد أيده عليا ولا يشتمني
كنت بحس اني مكسورة آوي يا صبا.
قالت كلماتها وانخرطت في بكاء مرير يمزق نياط القلوب.
لم تجد صٓبا بدا سوى احتضانها كي تهدأ ولو قليلا.
راحت تمسد فوق ظهرها صعودا وهبوطا وهي تتمتم ببعض آيات القرآن الكريم علها تريح قلبها الملتاع.
فيبدو أن ابنة خالها عانت الأمرين
وهي التي كانت تظن نفسها تعاني من جرح عميق.
حقا من يرى مصيبة الناس تهون عليهم مصيبتهم
❈-❈-❈
ولجت إلى داخل المخزن بصحبة كل من رؤوف والمدعو عرابي وهي ترتجف من شدة الخوف.
فخاطبها رؤوف بأمر: خشي يا أم إسماعيل كده ده أنتي وقعتك سودا شبه قلبك يا مفترية بتتكاترو على صٓبا الغلبانة.
هتفت تبعد التهمة عن نفسها: وربنا الست حسنا مرات المعلم فكري هي اللي طلبت مني كده ما أنا حكتلك على كل حاجة ورسيتك يا باشمهندز.
مفهوم مفهوم بس انتي هتشرفينا شوية لحد عمار ييه ما ييجي دي أوامر ولازم تتنفز.
شعرت بارتياع على ذكر عمار فهي تعرفه جيدا وتعرف عصبيته لطالما كان أمانا لجميع سكان الحي
فما بالك لو تعلق الأمر بأحد عائلته بالطبع سيقيم الدنيا ويقعدها.
دقائق قليلة وولج عمار وخلفه رجاله يحملون حسن زوج شقيقته الذي كان وما زال فاقدا للوعي.
خاطبهم بأمر: ارموه هنا واتفضلوا أنتو يا رجالة استنوني برة عشان ورانا مشوار أخير.
انصاع الرجال لأوامر سيدهم ودلفوا للخارج.
وزع رؤوف نظراته بين عمار وبين المسجي أرضا هاتفا بذهول: إيه كده يا عمار مش ده حسن جوز عبير؟أنت عامل فيه كده ليه؟
ومين اللي مخرشم وشه بالشكل ده؟
أنا.
تلك الكلمة البسيطة هتف بها عمار وهو يلتقط زجاجة ماء كانت موجودة في أحد أركان المخزن وسكبها دفعة واحدة فوق المدعو حسن الذي استيقظ بفزع وهو يتأوه من شدة الضرب الذي تعرض له منذ قليل.
فتح عينيه المتورمتان بصعوبة هامسا بخوف: عمار أنت ناوي تعمل فيا إيه؟
احتضنت جهنم عيناه مجيبا اياه بهدوء ما قبل العاصفة: هعلمك ازاي تبقى راجل يجوز أختي لكن مش هنا.
ما تفهمني في إيه وبتكلم حسن كده ليه؟
ظفر بقوة هاتفا بحدة طفيفة: مش وقته يا رؤوف.
ودلوقتي فهمني الولية دي قالت إيه؟
أخذا نفس عميق وراحا يقص عليه ما أخبرته به المدعوة أم إسماعيل التي كانت تتابع ما يحدث في ذعر شديد.
احمرت عينيه من الغضب ثم هرول بخطوات واسعة باتجاهها حتى بات قبالتها مباشرة يفح من بين أسنانه: كده ده أنتي وقعتك سودا أنت والكلاب اللي حرضوكي.
ابتعد عنها عدة سنتيمترات مستطردا حديثه: وقسما بالله لو ما كنتيشة واحدة ست لكنت علمتك الأدب بس عمار هنداوي ما يوسخش أيده في واحدة زيك.
عاد خطوتين للوراء هاتفا بصوت جهوري: يا رجاله تعالوا يلة.
ثواني وولج الرجال وبرفقتهم المدعو عرابي.
فخاطبهم عمار بأمر: هاتوا شاولين من اللي بنخزنو فيهم البضاعة وحطوا الكلاب دول فيهم.
❈-❈-❈
ألقى الحاج سعد هاتفه أرضا هاتفا بغضب: بقي كده يا عمار ما بتردش عليا.
ربطت أخته فوق منكبه بمؤازرة: إهدى بس يا حاج سعد خير إن شاء الله ما أنت عارف عمار.
قاطعها بحدة طفيفة: ما هي المصيبة اني عارف عمار لما يتجنن مابيشوفش قدامه.
وقبل أن تتفوه الحاجة سعاد بكلمة استمع كل منهما إلى صوت عمار الجهوري يهتف باسم والده: يا حاج سعد هات الحريم وأنزلي هنا.
هرولة كل من الحاج سعد وأخته وكذلك السيد كامل الذي انتهى من أداء فريضة العصر وهم يدعون الله بداخلهم ألا يكون ارتكب عمار أي حماقة.
يتبع...