-->

رواية لا أحد سواك رائفي - بقلم الكاتبة سماح نجيب - الفصل الرابع والعشرون

 

رواية أحد سواك رائفي

 بقلم الكاتبة سماح نجيب 




الفصل الرابع والعشرون 

"الطمأنينة بين ذراعيك "

رواية 

لا أحد سواك رائفي 


لم يصدق أن هذا الوجه العابس ، كان منذ برهة قصيرة ينضج بالخجل ، وتلك الشفاه التى همست له بكلمات كألحان الموسيقى ، وتنهيدات حارة أشعلت قلبه ، صارت مطبقة رافضة أن تنطلق من بينهما كلمة أخرى ، فقبض على شفتها السفلى بين سبابته وإبهامه ، محاولة منه أن يمازحها ، قبل أن يخبرها بأسباب رفضه لسفرها معه ، ولكن عادت هى أزاحتها بلطف ، بل أشاحت بوجهها عنه ، فأجزم أنها تظن أنه لا يريدها أن تذهب معه خشية رؤيتها إخفاق الجراحة ، ولكن هو لديه أسباب أخرى لرفضه ، حتى وإن كان بغياهب عقله لا يريدها أن تراه ثائراً إذا عاد مخفقاً فى السير على قدميه كسابق عهده 


أقترب من أذنها هامساً ويداه تمسد على رأسها: 

– حبيبتى زعلتى ليه ، أنا مش عايزة تسافرى معايا ، علشان  دراستك وكليتك يا حبيبتى ، أنتى ناسية أنك خلاص هتمتحنى وتتخرجى


ردت قائلة بسرعة :

– مش مهم أى حاجة ، أنا عايزة أكون معاك ومش هسيبك تسافر لوحدك


زفر رائف قائلاً بهدوء :

– لاء طبعاً أنا ميرضنيش أن تعبك السنين دى كلها يضيع كده دا خلاص مبقاش فاضل كتير وتتخرجى يا سچى


دفنت وجهها بعنقه مغمغمة :

– بس إزاى اسيبك تسافر لوحدك يا رائف ومكنش معاك ، حبيبى بس انا كده مش هبقى مرتاحة وانت بعيد عنى وخصوصا انك هتعمل عملية زى دى


طوقها أكثر بذراعيه قائلاً:

– أنا هسافر أنا واكرم بس ثم إزاى بقى مش هتبقى معايا أنتى فى قلبى على طول يا عمرى حتى لو بعيد عن عينى فأنتى جوا قلبى ، أنا بس عايزك تدعيلى إن ربنا يتم العملية على خير


زادت من إقترابها منه ، حتى تلاحمت نبضات قلبيهما ، فهمهمت بعشق :

–بدعيلك يا حبيبى من غير ما تقول أنا معنديش أهم منك فى الدنيا دى يا رائف ، بس برضه زعلانة أن مش هقدر أسافر معاك 


كادت تقتله بهمهماتها ، فإن كان يشق عليها تركه بمفرده ، فكيف سيكون حاله هو ، إذا إستيقظ من نومه دون أن يراها ، أو أن يستمع لصوتها الشجى ، فأغمض عينيه قائلاً :

– خلاص بقى يا عمرى أنا مبحبش أشوفك مضايقة لو أنتى مكنتيش فى الكلية كنت أخدتك معايا بس دراستك أنتى لازم تخلصيها علشان تفضيلى انا ماشى


حاولت قدر إمكانها أن تبتسم وهى تقول:

– إن شاء الله يا حبيبى وأنت هترجعلى أحسن من الأول كمان


ندت عنه زفرة مرتجفة وهو يقول :

–يارب يا سچى العملية تنجح لأن خلاص تعبت


رفعت وجهها ونظرت إليه قائلة بأمل وتفاؤل :

– إن شاء الله أنا قلبى بيقولى أنها هتنجح وهترجع أحسن من الأول كمان وكل ده هيخلص على خير


وضع شعرها خلف أذنها قائلاً:

– ولو العملية فشلت وفضلت حالتى زى ما أنا كده يا سجى 


أبتسمت سجى قائلة برضا :

– تبقى دى إرادة ربنا أهم حاجة أنك تكون معايا بأى شكل وبأى حالة أنا بحبك أنت يارائف


أخذ وجهها بين يديه فأستندت بذراعيها على صدره تنظر إليه باسمة رغم حزنها ، فقال بوعد :

– إن شاء الله لما أعمل العملية وتنجح وأرجع هعملك مفاجئة حلوة أوى


برقت عيناها ببريق الفضول وتساءلت :

–مفاجئة أى دى يا حبيبى قولى بقى


رد رائف باسماً:

–وتبقى مفاجئة إزاى لو قولتلك


ألحت عليه سجى بأن يخبرها بشأن مفاجأته لها ، فقالت برجاء :

– قولى دلوقتى ولما تعملها هعمل نفسى متفاجئة وأقول هاااا وكده ، قولى بقى انا هموت وأعرف


تبسم ضاحكاً مما قالته ، فرد قائلاً:

–بعد الشر عليكى ، لا يا شيخة بجد الكلام ده أنتى بتهزرى يا سچى


عقدت حاجبيها وقالت بعبوس :

– هزعل منك والله يا رائف ، انت مش راضى تقولى وانا فضولى زايد أوى ، قول بقى قول قول خلص بقى يا رائف


رفع رائف حاجبيه من شدة إلحاحها وإصرارها ، فقرص وجنتها ممازحًا:

– كده هى حصلت كمان تزعلى منى أنا ، هقولك يا ستى وأمرى لله بقى ، لما ارجع إن شاء الله هاخدك ونسافر نعمل عمرة إيه رأيك


ضربت موجة من السعادة وجهها ، فقالت بصوت ينضح بالفرح :

–بجد يا حبيبى الكلام ده ، أهى دى أحلى مفاجئة أنت تعملهالى بجد يا رائف مفيش أحلى من كده مفاجئة


حرك رأسه بالإيجاب قائلاً بإبتسامة :

– أيوة يا عمرى بجد وهنسافر كلنا كمان لأن أنا عايز تبقى دى أول حاجة نعملها بعد ما أرجع من لندن، مبسوطة يا قلبى


وضعت رأسها على صدره وردت قائلة بإرتياح يشوبه الخجل :

– أوى أوى يا رائف ،أنت عارف إيه كمان هفرح بيه أكتر إن انا أخلف منك أولاد وبنات 


راق له قولها ، فتلك الأمنية تراوده منذ أن وعى على عشقه لها ، فقال بحب :

– إن شاء الله تفضلى طول عمرك مبسوطة وفرحانة ، وربنا يرزقنا بالذرية الصالحة ، دول هيبقوا قمرات زى أمهم


ردت سجى مبتسمة:

–لاء دول هيبقوا عسلات زى أبوهم


قال رائف وهو يزم شفتيه مداعباً :

– دا أبوهم رخم ووحش وبيزعلك


رفع سجى سبابتها بوجهه قائلة بتفكه :

– بس لو سمحت متقولش على أبو عيالى كده ماشى أحسن أقوله عليك وأنت متعرفش هو لما بيضايق بيبقى عامل إزاى


ضحك رائف ورد قائلاً: 

–ولا يهمنى منه أنا مبخفش 


وأضاف بحب :

–ربنا يرزقنا بالذرية الصالحة يارب يا عمرى


قالت سجى بصوت خافت مفعم بالرجاء والدعاء :

–اللهم آمين يارب العالمين


بعد إنتهاء حديثهما ، كان بإنتظارهما حديث القلوب والأرواح ، التى تألفت بفضاء الحب ، فإن كان أى منهما بنيته قول شئ أخر ، فلن يكون الوقت ملائمًا ، فلا صوت يعلو على صوت الحب ، فَتن كل منهما الأخر ، تراه رجل جذاب ومميز آسراً لها ولحواسها ، نجح بإقتناص قلبها ، وإقتطاف زهرة الحب الأولى التى نبتت بقلبها ، ويراها حورية صغيرة ، فتنت قلبه منذ ذلك اليوم الذى رآها جالسة على حافة المسبح ولم يكن مر على مجيئها لمنزلهم سوى بضع ساعات ، وأشعلت بقلبه نيران العشق والغيرة ، ولكن ها هى الآن راقدة بين ذراعيه ، تأخذ وتعطى وتملأ قلبه سرورًا وحبورًا


❈-❈-❈


عاد للمنزل بعد يوم شاق قضاه فى البحث عن متجر مناسب من أجل عودته لصناعة الأثاث ، بعد فقدانه لمتجره الأول ، ولج للداخل وجلس على الأريكة العريضة الموضوعة أسفل النافذة بالصالة ، خلع حذاءه ودلك قدميه ، وسرعان ما أستلقى على الأريكة ، يأن بصوت خافت من شعوره بالألم الشديد بعظامه ، ظل على تلك الحالة ما يقرب من النصف ساعة ، حتى سمع باب المنزل يفتح وتلج منه أروى بعد عودتها من الجامعة ، فوضعت حقيبتها وكتبها على مائدة الطعام الصغيرة 


أعتدل حامد بجلسته وقال بإبتسامة خافتة :

– حمد الله على السلامة يا حبيبتى 


ردت أروى مبتسمة:

– الله يسلمك يا بابا أنت رجعت من بدرى ولا إيه ، ثوانى هغير هدومى وأحضرلك الأكل 


ذهبت لغرفتها وأبدلت ثيابها وذهبت للمطبخ ، وأخرجت من مبرد الطعام ، عدة أطباق وبدأت بتحضير الغداء ، وما أن أنتهت خرجت ووضعت الأطباق على المائدة ، فنهض حامد من مكانه وجلس بمقعده 


بدأت أروى بتناول طعامها ، ولكن لاحظت شروده فنظرت إليه وتساءلت بإهتمام :

– مالك يا بابا لسه ملقتش مكان ينفع ورشة ؟


رد حامد قائلاً بهدوء:

– لاء لقيت بس مش هتبقى كبيرة أوى زى الورشة القديمة


إبتسمت أروى له قائلة بقناعة :

– كويس إبتدى فيها وبعد كده أن شاء الله تدور على مكان أكبر ، بس ليه حاسة أنك زعلان ومضايق


زفر حامد زفرة حارقة ورد قائلاً بغصة :

– علشان أمك باعت الورشة القديمة يا أروى ، وباعتها لنجار ورشته جمبى واللى كان نفسه ياخدها من زمان


مدت أروى يدها وربتت على يده بحنو قائلة :

–متزعلش يا بابا كله نصيب ، وربنا يعوض عليك


أسند حامد مرفقه لطرف المائدة ، فوضع رأسه بين يده مدمدماً بحزن :

– هو اللى مزعلنى إن الورشة دى قضيت فيها عمرى كله وبتبقى حاجة صعبة إن الواحد يخسر حاجة كانت بتاعته بقالها سنين ، بس يمكن ده جزء من عقابى على اللى عملته فى نعمة وسچى ، ربنا يسامحنى على اللى عملته ، أنا لازم أروح لسجى علشان تسامحنى


تنهدت أروى بحيرة ، فهى لا تملك أن تفعل شيئًا ، سوى أن تواسيه بكلماتها ، فقالت بأمل :

– ربنا غفور رحيم يا بابا ، وإن شاء الله لما سجى ترجع نروحلها علشان هى مسافرة مع جوزها وأهله، ويلا كل قبل الأكل ما يبرد وعلشان هشام جاى كمان شوية


رفع رأسه عن يده ونظر إليها متسائلاً:

– هشام جاى ليه فى حاجة ولا إيه ؟


إبتسمت أروى وردت قائلة بخجل :

– لاء دى زيارة عادية جاي يشوفنى مش أنا خطيبته يابابا


بادلها أبيها الإبتسام قائلاً:

–ربنا يسعدكم يا أروى ويتمملكم بخير يارب


عادا ليكملا طعامهما ، وبعد إنتهاءهما ، أعدت له قدح من الشاى ، الذى يحب إحتساءه دائمًا بعد تناول طعامه ، ووضعته أمامه على المنضدة الصغيرة بالشرفة الأرضية ، وذهبت للمطبخ لتعد بعض الحلوى من أجل خطيبها ، فراحت تدندن بصوت خافت ، وبعد نضج الكيك الشهى وضعته بالأطباق ، وأعدت كل ما يلزم من أجل أن تضيف خطيبها ، وبعد مرور ساعة ونصف حضر هشام من أجل زيارتهما ، فأرتدت أحد ثيابها الأنيقة ، وخرجت جلست برفقته هو وأبيها وأحضرت كل ما أعدته من أجله بحب ، فكلما ترفع عيناها وتجده ينظر إليها ويبتسم ، تعود وتخفض عيناها سريعاً ، وخفقات قلبها تهدر بصوت عالى ، فمتى يحين ذلك الوقت وتخبره تلك الكلمة الساحرة " بحبك " التى باتت تحرق جوفها 


❈-❈-❈


أنتهت أيام العطلة سريعاً ، وعادوا جميعهم إلى المنزل ، بعد قضاء عدة أيام خيالية ، ساهمت بتحسين الحالة النفسية لرائف ، خاصة بعد علمه بأن عصام عاد للقاهرة ، فإستطاع قضاء ما تبقى من أيام بسعادة بالغة ، لأنه لم يراه ، ومازاد بسعادته ، هو محاولة زوجته المستـ ـمية فى الترويح عنه وإدخال البهجة والسرور على قلبه ، وما أن وصلت السيارات الخاصة بأفراد الأسرة للمرآب الخاص بها داخل المنزل الفسيح ، ترجلوا منها تباعاً ، فكان شادى أولهم فى الوصول للصالة 


ففرد ذراعيه قائلاً :

–عمار يا مصر


أفلتت ريهام مقبض حقيبتها ، التى كانت تجرها خلفها وقالت بإستياء طفيف:

–والله الواحد هناك كان حاسس كأنه فى الجنة ، هنا رجعنا للكلية والدراسة وحاجات مش ظريفة كده


إبتسم ماهر على قولها ، فرد قائلاً بوعد :

– إن شاء الله نبقى نروح تانى قريب


ردت هدى مبتسمة:

– إن شاء الله يا حبيبى يلا روحوا ارتاحوا من المشوار


أخذ أكرم زوجته وصعدا لغرفتهما ، فرفض شادى الذهاب لغرفته قائلاً :

– أنا مش عايز أرتاح ، أنا رايح المعمل


رفعت والدته سبابتها بوجهه قائلة بتحذير:

– شادى حسك عينك تفرقع حاجة أنا عندى صداع وعايزة أنام أنت فاهم


رد شادى قائلاً بإبتسامة عريضة:

–حاضر يا جميلة الجميلات هعمل الفرقعة على الصامت


قبل إبتعاده كان رائف قابضاً على ذراعه قائلاً بحزم :

– شادى بلاها معمل دلوقتى وروح أرتاحلك شوية


أنصاع شادى لقول شقيقه ، فرد قائلاً بطاعة :

– حاضر يا أبيه هروح أوضتى


رفع ماهر حاجبه قائلاً:

– شوف الواد بيسمع كلام رائف أكتر مننا


أقترب شادى من أبيه وقبل يديه قائلاً بحب :

– متقولش كده يا بابا دا أنت الخير والبركة يا حبيبى


شعرت سجى بإرهاق شديد ، فأرادت الذهاب لغرفتها ، فنظرت إليهم قائلة بتهذيب :

– طب عن أذنكم ، لأن المشوار من المزرعة للبيت جابلى تيبس فى المفاصل من القاعدة فى العربية 


ردت هدى قائلة:

–اتفضلى يا سچى وألف سلامة عليكى 


بعد ذهاب كل منهم لغرفته ، تبع رائف زوجته إلى غرفتهما ، ولكن شعوره المتزايد بالألم منعه الراحة أو أن ينام ، فنادى زوجته قائلاً :

–سچى أنتى هتنامى ، عايزك تعمليلى الجلسة ،لأن أنا حاسس إن ضهرى تاعبنى جامد


تركت سجى الفراش وهبت واقفة وقالت:

– لاء يا حبيبى مش جايلى نوم ، أنت مش عارف تنام ، بعد الشر عليك من التعب يلا بينا 


وضعت عليها ثوب الصلاة وذهبا لغرفة العلاج الفيزيائي ، أستلقى رائف على السرير الصغير وبدأت سجى عملها كطبيبته ، فهو ما أن إمتنع عن العلاج ، عاد إليه الشعور بالألم ، وإستطاعت سماع صوت أنينه الخافت 


فمالت برأسها إليه قائلة بإهتمام :

–ضهرك بيوجعك أوى يا حبيبى


رد رائف قائلاً وهو يهز رأسه بخفة:

– شوية ، حاسس أن زى مايكون حد ضربنى على ضهرى بعصاية 


قالت سجى بنبرة إشفاق :

– ألف سلامة عليك يا حبيبى ، بس ده كان بسبب أنك أهملت الجلسات الفترة اللى فاتت ، بعد الشر عليك من الوجع


إبتسم لها قائلاً بهدوء :

–يلا حصل خير ، وتسلميلى يا حبيبتى


حاولت سچى التخفيف من ألمه ، بكل وسيلة تستطيع بها أن تجعله يشعر بالراحة من ذلك الألم الذى أصابه ، فما أن شعر بتسكين ألام ظهره ، حتى غط بنوم عميق 


نظرت إليه سجى وقالت بصوت خافت :

– طب أصحيه إزاى دلوقتى


أدنت بوجهها منه ، وهمست بإحدى أذنيه بصوت هامس حتى لا تفزعه من نومه ، فنادته قائلة :

–رائف رائف حبيبى إصحى


رد رائف قائلاً بنعاس :

–سبينى شوية بس يا سچى


ربتت على وجنته قائلة بمحبة:

–طب قوم نروح الأوضة مش هينفع تنام هنا ، السرير صغير ومش هتعرف تاخد راحتك فى النوم


فتح رائف عيناه قائلاً :

– الأوضة ! أنا نمت لدرجة إن أنا أفتكرت إن أنا فى أوضتنا 


مدت له يدها وقالت باسمة :

– طب تعالى نروح الأوضة ونام براحتك


وضع ذراعه حول كتفيها ، واستند إليها عوضاً عن عصاه حتى وصلا لغرفتهما ، أستلقى على الفراش وأغمص عينيه ليكمل نومه ، فإنحنت على وجنته وطبعت عليها قبلة صغيرة فسمعته يهمس لها :

– بحبك ، شوفى هتعملى إيه وتعالى 


أجابت سجى بصوت هامس وإبتسامة تزين ثغرها :

– بموت فيك يا قلبى نام وأرتاح 


خلعت عنها ثوب الصلاة ، وأرتدت منامتها وأستلقت بجواره ، فما أن شعر بوجودها قريبة منه ، حتى جذبها إليه ، وجعلها تتوسد صدره ، وأكمل نومه ، ولكن ظلت هى تحملق بالفراغ ، فكأن النوم أصبح عاصياً على جفونها ، فهى وإن كانت إستمعت لحديثه بشأن عدم مقدرتها بأن ترافقه أثناء سفره ، إلا أنها باتت من الأن تفكر فى تلك الأيام التى ستقضيها بعيدة عنه ، فكيف ستأوى لفراشها بالمساء ، إن لم يكن هو يجاورها ؟ وكيف سيطيب لها النوم وهى تضع رأسها على وسادة أخرى غير تلك الوسادة التى أعتادت أن تضع رأسها عليها ، تلك الوسادة الصلبة والتى تمثلت بصدره العريض 


❈-❈-❈


أكثرت من وضع طلاء الشفاه الأحمر ، حتى صارت شفتيها بلون الدم ، ولم تفعل ذلك إلا من أجل أن تبدو صغيرة السن على ما هى عليه بالحقيقة ، تظن أن زينة الوجه تستطيع إخفاء سنوات عمرها الخامسة والخمسون ، سمعت صوت رنين هاتفها ، فتركت ما بيدها وأسرعت بإلتقاطه ، وما أن رآت إسم من يهاتفها ، حتى تهللت أساريرها وأسرعت بفتح الهاتف ووضعته على أذنها ، وعادت تقف أمام منضدة الزينة ، سمعت بالبداية صوت موسيقى لإحدى الأغنيات العاطفية ، بدأت برسم عينيها بكحل أسود تضارب مع بياض وجهها الناصع 


وما أن أنتهت الأغنية قالت فادية بغنج :

– أيوة يا حبيبى إيه وحشتك


رد ذلك الشاب على الطرف الآخر ، قائلاً بوله مزيف :

– أوى أوى يا روحى أنا مش هشوفك النهاردة


ردت فادية قائلة بدلال متصنعة عدم الرغبة في فعل شئ :

– بلاش النهاردة مليش مزاج ، مش عارفة صحيت من النوم زهقانة كده مش عارفة ليه


قال الشاب بصوت عابث :

– إيه اللى معكر مزاج الجميل النهاردة ، طب ما تيجى نخرج نشم هوا على الكورنيش


مطت فادية شفتيها ، وسرعان ما قالت :

– لاء تعال نروح لبنتى أروى علشان أقولها إن إحنا هنتجوز بعد العدة ما تخلص هى برضه لازم تعرف


رد الشاب قائلاً :

–ولو قابلنا جوزك الأولانى هناك


طمأنته فادية قائلة:

– لاء متخافش  هو بالنهار بيبقى فى شغله مش فى البيت ، وهنلاقى أروى لوحدها هناك ، ماشى نص ساعة كده ونتقابل


أجابها الشاب بطاعة :

–خلاص ماشى نتقابل ونروح وأنا هستناكى


وضعت الهاتف على الكومود ، وأرتدت ثيابها ووضعت حجابها بمنتصف رأسها ، وصففت مقدمة شعرها ، التى صبغتها بلون أشقر ، لتضفى عليها مظهراً كشابة مازالت بمقتبل عمرها ، وبعد أن أنتهت خرجت من المنزل ، فظلت النسوة ينظرن إليها بإمتعاض ولكن لا أحد منهن تجرأ على أن تتحدث معها 


فبعد أن قابلت ذلك الشاب والذى لم يتعدى عمره الثالثة والعشرون ، ذهبا سوياً للقاء أروى ، وما أن وصلا أمام المنزل ، دقت فادية جرس الباب ، حتى وجدت أروى تفتح الباب بإبتسامة ماتت على شفتيها ، ما أن رآت والدتها بمظهرها الجديد كلياً ولم تكتفى مفاجأتها لها إلى هذا الحد ، بل تصطحب معها شاب لم تراه من قبل 


فإبتسمت فادية لإبنتها قائلة بصوت ناعم :

– أزيك يا أروى ، أخبارك إيه يا حبيبتى ، مش هتقوليلى أتفضلى 


قطبت أروى حاجبيها قائلة بدهشة :

– ماما أهلاً مين ده كمان ، عريس تانى 


ردت فادية قائلة وهى تزيحها من أمامها وولجت تشير للشاب بالدخول :

– طب مش تقوليلى أتفصلى الأول ، وهو أه عريس بس مش علشانك ، تعال أدخل يا حبيبى


ولج الشاب قائلاً بسماجة :

– أزيك يا أنسة أروى


وقفت أروى أمام والدتها ورفعت ذراعها تشير للشاب وتساءلت بإلحاح :

– بقولك مين ده يا ماما


قالت فادية ببرود:

–دا خطيبى يا روح ماما


رمشت أروى بعينيها عدة مرات ، كأنها تحاول فهم ما قالته والدتها ، فردت قائلة بتلعثم :

–خخـ خطيبك ازاى يعنى


جلست فادية واضعة ساق على الأخرى قائلة بلامبالاة :

– مش عارفة خطيبى يعنى إيه ،  زى ما أنتى مخطوبة كده مش أتخطبتى لهشام برضه ، بس كده متعزميش أمك 


لم تكن أروى بوضع يخولها أن تتناقش معها بأمر عدم إخبارهت بشأن خطبتها لهشام ، فهى لديها الآن ما هو أكثر أهمية ، كذلك الخبر الصاعق ، الذى وقع على مسمعها كقصف الرصاص 


ففرت أروى فاها وقالت بصدمة:


– أنتى عايزة تتجوزى واحد تقريباً من سن بنتك يا ماما أنتى جرالك حاجة


هبت فادية واقفة وصاحت بها قائلة بتحذير:

– اخرسى يا بت أنتى واحترمى نفسك وبلاش قلة أدب


إبتسمت أروى بصدمة وهى تقول:

– أحترم نفسى ! عيزانى أعمل إيه لما أعرف إن أمى هتتجوز عيل


عند هذا الحد وصرخ الشاب بوجهها قائلاً بإمتعاض :

– فى إيه يا أنسة أروى عيل إيه ما تحاسبى على كلامك


رفعت أروى حاجبيها وقالت بتهكم :

– أحاسب على كلامى أنت مش مكسوف من نفسك ، تتجوز واحدة قد أمك هو ده الصح


رد الشاب قائلاً بعدم إكتراث لقولها :

– وانكسف من نفسى ليه يعنى هو أنا بعمل حاجة غلط ولا حرام


رآت فادية أن تنصرف ، قبل أن يتفاقم الأمر بينها وبين إبنتها أكثر من ذلك ، فهتفت بها بوجوم :

– إخرصى بقى يا أروى أنا بس جيت أعرفك إن أنا هتجوز


ردت أروى قائلة وهى تلطم خديها :

– ياريتك ما كنتى قولتيلى أنك هتعملى كده على الأقل كنتى حافظتى على شوية الإحترام اللى فاضلين ليكى عندى


رفعت فادية يدها وهوت بها على وجه أروى بصفعة قوية ، فهدرت بصوت عالى :

– أنتى قليلة الأدب ، أنا غلطانة إن جيت ليكى أساساً ، إحنا ماشيين


وضعت أروى يدها على وجنتها وأغرورقت عيناها بالدموع وهى تقول:

–وكمان بتضربينى أنتى إيه ، يا ماما حرام عليكى اللى بتعمليه ده أرجعى لعقلك قبل فوات الأوان


ولكن لم تستمع فادية لكلمة واحدة منها ، إذ أخذت ذلك الشاب من يده وخرجا من المنزل ، بينما ظلت أروى مكانها ، تراهما يغادران المنزل ، فما أن أغلقت والدتها الباب خلفها ، حتى سقطت أروى أرضاً بحالة من الإنهيار ، ظلت تبكى وتصرخ بصوت عالى ، فتبكى تارة وتلطم خديها تارة أخرى ، فبما تخبر خطيبها، هل تخبره بأن والدتها ستتزوج شاب يصغره هو بالعمر ، فهى مررت لها كل أفعالها السابقة ، ولكن كيف تستطيع التغاضى عن فعلتها الصبيانية ، بعد أن رآت بعينيها تصميماً على إتمام زواجها من هذا الشاب ، فأى إنسان بكامل قواه العقلية ، سيفطن من الوهلة الأولى ، أن ذلك الشاب لن يتزوجها إلا من أجل مالها ، وربما بعد أن يسلبها كل أموالها سيتركها ولن يعود بإمكانه النظر بوجهها ثانية 


❈-❈-❈


لن يعود بإمكانها أن تتحمل سماع صوت ريهام وهى تدندن بتلك النغمات الحزينة، فهما منذ وصولهما للمشفى ، وريهام لم تكف عن الغناء ، حتى أصابت سجى بالإستياء ، خاصة أنها لم تنتقى سوى الأغنيات التى دلت كلماتها عن الفراق والإشتياق واللوعة بغياب الحبيب ، فوضعت سجى يديها على أذنيها ونفخت بملل ، وتمنت أن تنتبه ريهام على ما تفعله وتكف عن إزعاجها ، ولكن يبدو عليها أنها سعيدة بذلك الجو الكئيب الذى فرضته على نفسها وعليها 


ولكن ربما حبل نجاتها من شعورها بالصداع والإزعاج ، تمثل بمجى أبيها ، والذى لم تستطع إخفاء دهشتها أو ذهولها من رؤيته هنا بالمشفى


فتركت مكانها وهتفت قائلة :

– بابا أنت جاى هنا ليه 


نظر إليها حامد بإبتسامة هادئة قائلاً :

– جيت أشوفك وكنت عايز أتكلم معاكى شوية 


أقتربت منه سجى قائلة بهدوء :

– تعال يا بابا أتفضل نخرج للكافتريا اللى برا 


خرجت سجى برفقة أبيها حتى وصلت لحديقة المشفى وجلسا بذلك المقهى الصغير ، فصمتت سجى فى إنتظار سماع حديث أبيها ، فحمحم حامد قائلاً:

– هو أنا جيتلك يا سجى علشان أطلب منك تسامحينى على أى حاجة عملتها معاكى أنتى وأمك


ضمت سجى ذراعيها أمام صدرها وردت قائلة بهدوء:

– أنت لسه فاكر يا بابا تطلب السماح ، بس ليه مجتليش فى بيت جوزى وجت هنا المستشفى 


أحنى حامد رأسه من شعوره المتزايد بالخزى ورد مغمغماً:

– الصراحة أتكسفت أجى بيت جوزك وخصوصاً اللى حصل منى يوم كتب كتابك ، فلما عرفت أنك عندك تدريب هنا ، قولت أجيلك وأطلب منك السماح 


وضعت سجى يديها على الطاولة ، وخفضت وجهها وقالت بلطف:

– أنت فى الأول والأخر أبويا ، وأنا مسمحاك يا بابا ، وربنا يسامحنا كلنا 


قبض حامد على كفيها وإبتسم بوجهها قائلاً بإمتنان :

– شكراً يا سجى على طيبة قلبك وسماحك ليا ، عاملة زى أمك الله يرحمها مكنش فى حد فى طيبة قلبها ، وعارف أن أجرمت فى حقها كتير وأن وقت طلب السماح منها عدا وفات بس أنا هفضل الباقى من عمرى أدعى ربنا أن يسامحنى على اللى عملته 


دمعت عيناها رغماً عنها ، إلا أنها إبتسمت من بين دموعها قائلة :

– الله يرحمها وربنا غفور رحيم


ترك حامد مقعده وأقترب منها وقبل رأسها قائلاً:

– ربنا يباركلى فيكى أنتى وأختك أروى ، أنتوا الحاجة الوحيدة الحلوة اللى عملتها فى حياتى ، ربنا يسعدكم يارب ، أنا همشى دلوقتى علشان ترجعى تشوفى شغلك سلام عليكم


نهضت سجى من مقعدها وقالت بنبرة هادئة :

– مع السلامة وسلملى على أروى لحد ما أشوفها 


ذهب حامد وعادت سجى لريهام ، فأخرجت محرمة ورقية وجففت عينيها ، ولم تشأ ريهام سؤالها عما حدث ، بل عادت تدندن مرة أخرى ، فصاحت سجى بوجهها قائلة :

– أخرسى بقى وبطلى تغنى وجعتيلى دماغى


رفعت ريهام شفتها العليا قائلة بإمتعاض :

– فى إيه يا ست أنتى ما تسبينى أغنى مش كفاية كرومتى هيسبنى ويسافر اهىء اهىء ، أنا مش عارفة هعيش من غير أبو غمازات ده الشوية دول إزاى ، وأقعد هنا أغنى ظلموه القلب الخالى ظلموه


تنهدت سجى بعمق ، بعدما تذكرت أمر سفر زوجها وشقيقه أكرم ، فردت قائلة بصوت حنون :

–يروحوا ويرجعوا بالسلامة يارب ، إسكتى بقى متفكرنيش شوفتى الحظ يطلع ميعاد العملية واحنا فى الدراسة وهنقعد هنا أدينا على خدنا ، واخرسى بقى أنتى بتضحكينى فى  مواقف مينفعش أضحك فيها اصلاً


زمت ريهام شفتيها كأنها تمهد لبكاءها وهى تقول بتفكه:

– يعنى هنعمل ايه يا سجى مش كفاية إجوازنا مسافرين بلاد الفرنجة ، وما أدراكى ما بلاد الفرنجة والستات هناك واحدة تشبط فى أكرم أروح أنا فيها ، ويرجعلى فى إيده واحدة عينيها صفرا وشعرها أخضر 


لم تفلح سجى بكتمان ضحكتها فقالت وهى توكزها بكتفها :

–بلاد الفرنجة ! تصدقى مجاش فى بالى الموضوع ده ، يا سوادى لو فى ستات من هناك شبطوا فيهم بجد وخصوصاً رائف بأم عضلاته دى


هزت ريهام رأسها قائلة :

– أه شوفتى بقى وهم بيحبوا الراجل الفتنس اللى زى جوزك كده ، راجل طول بعرض وكان طول عمره رياضى 


جحظت عينى سجى قائلة :

–بت اتكتمى متجننيش دى اللى تبصله أطلع عينها من وشها ، أصل ده ملكية خاصة مينفعش يبقى مشاع ابداً


قضمت ريهام ظفرها وهى تقول : 

–يالهوووى لما بتقلبى شرسة بسبب رائف ، بس تفتكرى نعمل ايه ، نجبلهم جهاز تنصت ونتجسس عليهم ، اه ما إحنا لازم نأمن نفسنا يا أختى 


قالت سجى وهى تحرك شفتيها يميناً ويساراً :

– ايه شغل المخابرات العامة ده هم رايحين تل أبيب ، ما تأجرى واحد يروح وراهم يراقبهم أحسن يا ريهام


نقرت ريهام بإصبعها على طرف ذقنها وهى تقول:

– لاء هيعوز فلوس وتذكرة وحوارات كده لاء لاء مش حلوة الفكرة دى نشوفلنا حاجة تانية ، نعمل ايه يابت يا ريهام نعمل ايه فكرى معايا كده 


دفعتها سجى بخفة وقالت بإستياء :

– هنعمل إيه يا أختى ، وحياة أهلك إسكتى بقى ، أنتى من ساعة ما قولتيلى موضوع الستات الأجانب ده وانا دماغى طارت


ظلت تفكر بالأمر طويلاً ، فريهام إستطاعت تشتيت إنتباهها ، بل شعرت بذهاب عقلها لمجرد تفكيرها بأن ربما تتودد أنثى أخرى لزوجها أثناء غيابه عنها ، معززة الأمر أن ربما النساء فى بلاد الغرب لا يشعرن بالإستحياء فى إبداء إعجابهن بالرجال ، وتعلم أيضاً أن جاذبية زوجها بإمكانها جذب العديد من النساء ، وإلا ما كانت هى صارت مفتونة به ، بل لاترى أى رجل أخر، بإمكانه جعل دقات قلبها تزيد من معدلها الطبيعى فى ضخ الدماء بشرايينها 


بالمساء 

دار نقاش بين أفراد الأسرة خاص بسفر أكرم ورائف ، ومتعلق بإصرار والديهما السفر معهما ، فماهر وضع بطاقات السفر على الطاولة ، ونظرت هدى لولديها قائلة :

– على فكرة أنا وباباكم هنسافر معاكم ، وباباكم خلاص حجز التذاكر أهى ، لأن مقدرش أسيبكم فى الوقت ده يا حبايبى


زفر رائف قائلاً بهدوء :

– لاء يا ماما مش هينفع تسافروا معانا ، وكمان متعطلش شغلك ثم خلاص انا قررت مش هسافر غير انا وأكرم بس


قبل أن يعرب والديه عن دهشتهما برفضه ، سبقه أكرم قائلاً بإيضاح :

– يا بابا مين ياخد باله من شادى وتيتة وريهام وسچى


نظرت إليه هدى وهى تحرك رأسها رفضاً وقالت :

– أنا قلبى مش هيبقى مطمن كده وأنتوا بعيد عنى


رد رائف قائلاً بنبرة عطوفة :

–اطمنى يا ماما احنا هنبقى كويسين وهنطمنكم عليا


أقترب منه شادى وجلس بجواره قائلاً بإهتمام :

–بس كده يا ابيه مش هنبقى مرتاحين وانتوا مسافرين لوحدكم


كسا الحزن وجه صفية هى الأخرى وردت قائلة:

– أيوة يا رائف إحنا بالنا هيبقى مشغول عليكم يا حبيبى وعايزين نطمن ، لو بإيدينا كنا روحنا كلنا معاكم 


انحنى رائف على يد جدته وقبلها قائلاً بحنان :

– أطمنوا يا تيتة ثم هنكلمكم من هناك وهنكلمكم فيديو وهتطمنوا علينا ثم هو احنا عيال صغيرة يعنى إحنا ماشاء الله رجالة أهو ، هو إحنا هنتوه هناك يعنى ولا إيه ، ما أكرم كان بيدرس هناك لوحده قبل ما يرجع مصر يعنى عارف المستشفى كويس


إستمعتا سجى وريهام للحوار الدائر بينهما وهما جالستان بصمت مطبق ، ولم تفه إحداهما بكلمة ، فما دل على أنهما مازالتا على قيد الحياة بتلك الجلسة المتصنمة ، هى حركة أعينهما وخفقات قلبيهما الملتاع بلوعة الفراق ، حتى قبل أن يحين موعده 


فبغرفة أكرم بعدما صعد إليها هو وريهام ، تعجب من صمتها الذى لم يكن يوماً ضمن عاداتها ، فهى دائمة التفكه والمزاح ، بل أحياناً كثيرة تثرثر بدون إنقطاع 


فأقترب منها وأخذ وجهها بين كفيه متسائلاً بإهتمام :

–مالك يا روحى فى إيه ، باين عليكى مضايقة وكمان متكلمتيش طول ما كنا إحنا قاعدين تحت


ردت ريهام قائلة بغصة :

–مفيش يا حبيبى ، أنا بس زعلانة علشان أنت هتسافر وتسيبنى يا أكرم


وضع أكرم قبلة على مقدمة رأسها قائلاً بحنان :

– أنتى عارفة أنا مقدرش أسيب رائف ، حبيبة قلبى معلش إن شاء الله السفرية تخلص على خير ونرجع على طول


قالت ريهام بصوت شابه الإرتجاف :

–عارفة يا حبيبى بس أنت هتغيب عنى فترة ، وأنت عارف أنا مبحبش أنك تغيب عن عينى ابدا ، وإن شاء الله يا حبيبى ترجعوا بالسلامة


طوقها بذراعيه ، فإستكانت وسكنت إليه ، فهتف به بصوت خافت :

–بحبك أوى أوى يا أكرم


رد أكرم قائلاً بحب :

– بموت فيكى يا روح أكرم أنتى عارفة أنتى هتوحشينى أوى يا ريهام


رفعت وجهها ونظرت إليه وقالت بصوت متهدج :

– وأنت كمان واسكت بقى أحسن أعيط وأنا لما بعيط ، شكلى بيبقى زبالة أوى


أرتد أكرم برأسه ضاحكاً وهو يقول :

–وعلى إيه بلاش عياط أنا مسافر بعد كام يوم وعايز  الايام اللى فاضلة تبقى ذكرى حلوة أعيش عليها الأيام اللى هسافرها


بالطابق الأرضي وبالأخص في غرفة رائف ، كانت تعمل على إنتقاء تلك الثياب التى سيكون زوجها بحاجة إليها أثناء سفره للندن ، فبعد أن أنتهت مما تفعله ، ظلت واقفة مكانها تنظر للثياب ، فأجهشت بالبكاء دون أن تعى ما حاجتها للبكاء الآن


ولكن وجدت ذراعان تطوقانها بحب وتملك ، فقالت بنبرة حاولت أن تبدو طبيعية دون إظهار إرتجافها :

–خلاص يا حبيبى أنا جهزتلك كل الهدوم اللى هتحتاجها وأنت مسافر


خانها صوتها وأظهر مدى حزنها ، حتى دموعها بدأت  بالتساقط رغماً عنها ، فانتبه رائف لذلك ، فجعلها تستدير بين ذراعيه ، فنظر إليها قائلاً بقلق :

–بتعيطى ليه يا قلبي


زفرت سجى زفرات متتالية وحاولت الإبتسام وهى تقول:

–علشان خلاص أنت مسافر وهفضل أيام من غير ما نكون مع بعض وأنا مبقدرش يعدى عليا يوم من غير ما أشوفك فيه


مسح وجنتيها بإبهاميه قائلاً بعشق :

–ولا أنا عارف إزاى هيعدوا الأيام دى عليا من غير ما أشوف عينيكى الحلوة دى


ردت سجى قائلة بغيرة بعدما تذكرت حديث ريهام :

– ما أنت ممكن تشوف ستات حلوة هناك ، والستات الأجانب حلوين


ضحك رائف ورد قائلاً بنبرة حنونة :

–يعنى أنا هبقى فى إيه ولا إيه ثم أنتى لسه مش عارفة إن عينى متقدرش تشوف حد غيرك أنتى يا عمرى 


إبتسمت سجى وقالت :

– بجد يا رائف بتحبنى أوى 


هز رائف رأسه قائلاً بثقة :

– طبعاً يا قلب رائف أنا قلبى بقى ملكك أنتى وبس ، كلى ملكك أنتى وبس


وقفت على أطراف أصابعها وأقتربت منه أذنه هامسة برقة ونعومة :

– وأنا بعشقك يا رائفى


ما أن يسمعها تهمس له بصوتها الناعم ، القادر على إشعال عواطفه وحواسه ، لا يستطيع حجم أو إلجام شوقه إليها ، فهى الوحيدة القادرة على أن تجعله ينسى ما عداها ، وتصبح كل خلية من خلاياه تهتف بإسمها هى فقط ، باتت تشعر به ، تشم رائحة عطره وتسمع صوته ، فلقد نال منها حقاً ، نظرت مباشرة إلى عينيه الغامقتين ، ويداها تريحهما على صدره الصلب ، اتكأت عليه وأغمضت عينيها ، شعرت بأن روحها كادت تحترق من دفء عناقه ، ضاعت كل الأفكار والكلمات من شفتيها ، عندما ضمها إليه بقوة وحنان ، مالت برأسها على كتفه ، فكتفيه عريضتين ، كأنهما خُلقا من أجلها ، لتلقى برأسها عليهما لتبتسم وتبكى وتنتحب وترتاح 


❈-❈-❈


وضعت يديها بجيبى كنزتها الصوفية ورفعت غطاء الرأس الخاص بها تخفى وجهها ، كأنها غير راغبة فى أن ترى أو أن يراها أحد ، بل لم تكتفى بذلك بل وضعت سماعات الأذن الخاصة بهاتفها ، حتى لا تستمع لصوت الضجيج بالنادى ، فهى أنتهزت الفرصة بغياب هانى ، لتمارس رياضة المشي دون إزعاج ، ولم يكن ذلك سوى منح نفسها الوقت الكافى بالتفكير فيما هى مقبلة عليه ، فمن المفترض أنه سيقام حفل زفافها بعد بضعة أيام ، ولكن عندما تذكرت ذلك أغمضت مايا عينيها ، كأنها ستستطيع محو تلك الخاطرة من رأسها 


ولكنها لم تنتبه على ذلك الشاب الذى إصطدمت به ، فأسرعت تبدى أسفها وهى تقول:

– سورى مكنش قصدى ، إيه ده عصام أخبارك إيه بقالى كتير مشوفتكش


رد عصام قائلاً بإبتسامة :

– ولا يهمك يا مايا ، أنا الحمد لله تمام ، وأنا برضه آخر مرة شوفتك فيها لما كنتى لسه أنتى ورائف مع بعض


أغتمت ملامحها وغمغمت قائلة بصوت خافت :

– أه ما هو بقى محصلش نصيب نكمل مع بعض


رفع عصام يده يشير لها قائلاً:

– ماتيجى نشرب حاجة ونتكلم شوية


وافقت مايا على مطلبه ، وردت قائلة بإبتسامة :

– أوك ماشى يلا بينا


ذهبت مايا برفقة عصام لأحد المقاهى بالنادى ، فجلسا يتناولا المشروبات المرطبة ،  وأرادت مايا سؤاله عن من تكون زوجة رائف ، فنظرت إليه بإبتسامة هادئة وتساءلت :

–قولى يا عصام أنا سمعت إن رائف أتجوز ده بجد ، وتبقى مين دى وعرفها أمتى علشان يتجوزها أنا اللى أعرفه من ساعة موضوع الحادثة وهو مبيخرجش من البيت


وضع عصام الكوب من يده ورد قائلاً:

– أيوة اتجوز تبقى واحدة قريبتهم كانت عايشة معاهم فى البيت جدته تعتبر جدتها هى كمان


قالت مايا بفضول :

–وبتشتغل إيه دى وهى حلوة يا عصام


أجابها عصام قائلاً بشئ من البرود:

– هى لسه بتدرس فى كلية علاج طبيعى وهى أه حلوة بس مقفلة حبتين،محجبة ومن النوع اللى ما بيتكلمش ولا بيهزر مع أى حد


ضغطت مايا على باطن شفتها السفلى وسرعان ما قالت بغيرة :

– اااه يعنى زى ما كان رائف عايز ، كان دايما يقولى لازم تغيرى لبسك ومتكلميش حد ومتصاحبيش حد والكلام ده كله


أنحنى عصام بكتفيه قليلاً قائلاً بمكر :

–على العموم هو خلاص هيسافر بكرة يعمل العملية فى لندن


أشرق وجهها وتألقت عيناها وهى تقول:

–هو خلاص هيسافر وهيرجع طبيعى


رد عصام قائلاً بغيظ :

– ممكن لأن حالته بالعلاج الطبيعى اتحسنت فاضل بس العملية ويرجع تانى رائف ، قوليلى يا مايا هو رائف كان بيحبك


وضعت مايا شعرها خلف أذنها وردت قائلة بثقة وغرور :

–كان بيحبنى جداً علشان كده كان بيغير عليا لما أخرج أسهر مع أصحابى 


تأمل عصام وجهها متسائلاً: 

– وأنتى لسه بتحبيه يا مايا 


أجابت مايا وشعور بالندم كاد يسحق قلبها :

– منكرش إن أنا لسه بفكر فيه بس خلاص هو أتجوز وأنا هتجوز


قال عصام بنبرة مبهمة:

–مش يمكن يكون أتجوز علشان عايز ينساكى يا مايا ، وأنه عمل كده علشان ميفكرش فيكى ، أنتى عارفة البنى ادم لما يبقى فى ظروف زى اللى هو فيها دى بياخد قرارات ممكن تكون غلط يعنى ممكن يكون هو أتجوز علشان عايز واحدة تساعده أو أتجوز علشان عايز ينساكى ، يعنى وسيلة ينسى بيها أنه لسه بيحبك


أبتهجت مايا بسماع قوله فردت 

– تفتكر يا عصام ، ياريت يكون كلامك ده بجد ورائف لسه بيحبنى ونرجع لبعض تانى أنا اكتشفت إن أنا مش هلاقى واحد زيه أبداً


ربت عصام على يدها بتشجيع :

–خلاص هو هيعمل العملية ويرجع طبيعى يبقى خلاص حاولى ترجعيه ليكى تانى وأكيد أنتى عارفة هتعملى ده إزاى


قطبت مايا حاحبيها قائلة :

– طب ومراته هيعمل معاها إيه 


إلتوى ثغر عصام بإبتسامة لم تكن ذات نوايا حسنة فقال :

–عادى ما ممكن يطلقها ، أنا أعتقد إنه إتجوزها علشان هى دكتورة علاج طبيعى فكانت بتساعده وأظن القلب وما يريد طالما أنتى لسه بتحبيه خلاص أرجعوا لبعض


ردت مايا قائلة بأمل :

– فكرة حلوة دى يا عصام عندك حق رائف مش لازم يبقى لحد غيرى حتى لو كان متجوز الطلاق حاجة سهلة وأنا مش هخلى واحدة تانية تاخده منى


هتف عصام بقرارة نفسه:

–وهو ده المطلوب يا مايا ولما نشوف الدكتورة هتعمل إيه لما ترجعى أنتى لحياة رائف تانى


وكزته مايا بخفة وهى تقول:

– أنت سرحت فى إيه يا عصام


رد عصام باسماً:

– ها ولا حاجة ، اتمنالكم السعادة لأن أنتوا الإتنين لايقين على بعض أوى


قالت مايا مبتسمة :

–فعلاً رائف مشفتش فى رجولته ولا غيرته على الحاجة اللى تخصه


بسماعه ذلك منها ، زاد كرهه لرائف أكثر ، فلماذا دائماً وأبداً ما يكون رائف هو الفائز ؟ ولماذا تتهافت عليه النساء ؟ ما هو الشئ المميز به ؟ فهو أيضاً وسيم وغنى ، وبالرغم من ذلك دائماً ما يكون رائف هو المنتصر بإحتلال قلب كل من يعرفه ، يكاد يطير صوابه من كثرة تفكيره بالشئ المميز برائف يجعل كل من حوله يغرمون به هكذا ، فبالرغم من أن مايا تركته بملأ إرادتها الحرة ، إلا إنها الآن تتمنى أن تعود اليه ، حتى زوجته لا ترى رجل غيره ، تلك العنيدة التى لا تسمح له أن يتحدث معها ، فهو سوف يرى كيف سيكون حالها ؟ عندما تري خطيبة زوجها الأولى ، تعود الى حياته ، وليس هذا فقط بل ستحاول أخذه منها


❈-❈-❈


قد حل صباح اليوم الموعود وأشرقت الشمس معلنة أن اليوم   سيسافر زوجها إلى لندن ، ويتركها هنا وحيدة بدون أن تراه لعدة أيام ، ففضلت أن تقضى نهارها بين ذراعيه ، فلا رغبة لديها بأن تترك الفراش أو أن تتناول طعامها ، فكانت راقدة بين ذراعيه ، لا تريد أن تتركه ، فهى لم تدرك بعد كيف سيتركها ويرحل ؟ نظر إليها وجد الدموع تنساب على وجنتيها بصمت، فهو لا يعلم ماذا يفعل حتى يخفف عنها ؟ أو أن يجعلها تفهم أنه لن يتركها بإرادته، ولكن الظروف هى أقتضته أن يسافر بدونها ، فلولا دراستها ما كان تركها ابداً


جفف عبراتها ونظر إليها قائلاً:

– مالك بس ياسچى متقلقنيش عليكى ، وإيه الدموع اللى فى عينيكى دى ، أنتى عارفة مبحبش أشوف دموعك أنتى بالذات


حاولت سجى إبتلاع تلك الغصة التى منعت عنها أن تتنفس براحة ، فأجابت بصوت حزين مرتجف:

–مفيش يا حبيبى أنا كويسة ، أنا بس مش قادرة أمنع دموعى ، خلاص هسكت أهو ،هى ميعاد الطيارة باليل يا حبيبى مش كده ، طب ما عملتوش الحجز بالنهار ليه لازم سفر باليل ده يا رائف ، أنت هتوحشنى أوى أوى يا رائف ، أنت واحشنى من دلوقتى أصلاً 


رد رائف قائلاً بهدوء:

– أيوة يا روحى الطيارة بالليل ، وهى جت كده بقى ثم بالنهار أو باليل كله سفر يا حبيبتى ، وأنتى هتوحشينى أكتر يا حبيبتى ، بس عايزك تاخدى بالك من نفسك على ما أرجع ماشى يا عمرى


قالت وهى تدفن وجهها بعنقه :

– ترجعلى بالسلامة يارب ، وترجع سليم معافى يا حبيبى 


أنقضى النهار سريعاً وحل المساء وحان ميعاد سفر رائف وأكرم ، فذهبت الأسرة بأكملها للمطار لتوديعهما قبل سفرهما 


فضمت هدى أكرم ورائف وخانتها أدمعها وهى تقول :

–خلوا بالكم من نفسكم يا حبايبى ماشى وأبقوا طمنونا أول ما توصلوا ماشى يا رائف


أجابها رائف بحنان :

– إن شاء الله يا ماما بس خلوا بالكم من سچى على ما أرجع


ربتت صفية على ظهره وردت هى  قائلة:

–سچى وريهام فى عنينا يا حبايبى


أحتضن أكرم جدته وقبل رأسها قائلاً :

–تسلمى يا تيتة سلام يا بابا


أقترب منه والده وأحتضنه قائلاً بحب :

–سلام يا حبيبى تروحوا وترجعوا بالف سلامة ولازم تطمنونا يا أكرم


إبتسم أكرم له وقال وهو يهز رأسه بخفة:

– إن شاء الله يا بابا ، بس مالك ساكت ليه يا شادى


ملأ الحزن صوت شادى وهو يقول :

– علشان دى أول مرة تسيبونى أنتوا الإتنين مرة واحدة مش متعود على كده


أخذه رائف بين ذراعيه وربت عليه بحنان وقال :

–خد بالك من نفسك يا حبيبى وبلاش شقاوة على ما نرجع ماشى يا شادى


إبتسم له شادى قائلاً بطاعة :

– حاضر يا أبيه هكون مؤدب ومش هعمل حاجة خالص لحد ما ترجعوا بالسلامة 


أفسحوا المجال لزوجتيهما كى تستطيعان توديعهما قبل سفرهما  ، فرمقت ريهام أكرم قائلة :

– مع السلامة يا أكرم خلى بالك من نفسك يا حبيبى ماشى ، و حسك عينك تبص كده ولا كده ولا واحدة تشبط فيك بغمازاتك دى أنت فاهم مش هتعرف اللى هيجرالك يا أكرم ، و عيزاك ترجعلى بالسلامة إن شاء الله وهاتلى معاك حاجة حلوة


إبتسم أكرم على قولها ورد قائلاً برفق :

–الله يسلمك يا حبيبتى و خدى بالك من نفسك أنتى كمان ،وحاضر هغمض عينى ، وهجبلك مصاصة وأنا جاى


ربتت ريهام على صدره وهى تقول:

– كل اللى ييجى منك حلو يا دكتور 


وقفت سجى ويديها بين كفىّ زوجها ، يضغط عليهما بمحبة ، لا يريد إفلاتهما من بين كفيه ، ولكن عليه الآن أن يتركها ، فالطائرة لم يتبقى على إقلاعها الكثير ، فعندما ترك يديها وجدها تعود وتتعلق بيديه مرة أخرى ، فهى تزيد الموقف عليه صعوبة


فهتف بها بلطف ولين :

– حبيبتى أنا لازم أمشى دلوقتى كده هتأخر على الطيارة


حركت سجى رأسها وقالت :

– ماشى خد بالك من نفسك يا حبيبى ، وخد المصحف ده معاك ، علشان ربنا يحفظك وترجعلى بالسلامة ان شاء الله ، مع السلامة يا حبيبى


أخذ المصحف الصغير من يدها ورد قائلاً بإبتسامة :

– وأنتى كمان يا سچى خدى بالك من نفسك ، وعايزك تركزى فى دراستك ماشى يا روحى ، ودا أحلى هدية وذكرى منك سلام يا عمرى 


راقبته وهو يسير مبتعداً عنها ، ليصعد على متن الطائرة ، فكأن روحها غادرتها وذهبت معه وتركتها بلا روح ، لوح لها بيده مودعاً ، فرفعت يدها تلوح له أيضًا ، ولكن عبراتها الحارة أغرقت وجنتيها ، ولم تترك مكانها إلا عندما أختفى من أمام عينيها وسمعت صوت هدى وهى تقول :

–يلا يا حبيبتى خلينا  نمشى ونروح البيت


ردت سجى قائلة بحزن :

– حاضر يا طنط هدى 


عادوا جميعهم إلى المنزل  ، فولجت سچى إلى غرفتها ، وأغلقت الباب خلفها مطلقة العنان لدموعها ، التى كانت تخزنها طوال طريقها من المطار للمنزل ، فهى لم تكن تعلم أن فراقه سيكون مؤلمًا إلى هذا الحد الذى تشعر به ، وما أن رآت ثيابه التى كان يرتديها قبل سفره ، حتى أخذتها بين يديها وهى تقبلها وتضمها بين ذراعيها ، تستنشق رائحته العالقة بالثياب ، فمن يراها لن يصدق ، أنه غادرها منذ بضع ساعات فقط ، ولكن سيجزم أنه غادرها منذ دهور عدة


ذهبت إلى الفراش وهى تحتضن ثيابه ،ومدت يدها وأخذت صورته الموضوعة على الكومود ، لكى تشعر أنه ما زال قريبًا منها فنظرت إلى صورته ومررت يدها عليها وهى تقول بصوت ملتاع :

– أنت وحشتنى أوى من دلوقتى يا رائف ، طب هعمل ايه الأيام الجاية دى كلها ، ترجعلى بالسلامة يا حبيبى


أثناء حديثها مع صورة زوجها ، سمعت صوت طرقات مُلحة على باب الغرفة ، فتركت الفراش وأقتربت من الباب وفتحته ، فوجدت ريهام تقف على عتبة الباب ويبدو على وجهها الحزن ، فطالعتها سجى وتساءلت بإهتمام ودهشة :

– فى إيه يا ريهام مالك ؟


يتبع...!!!!