قراءة رواية جديدة ابنة القمر لفاطمة الألفي - الفصل 4
قراءة رواية ابنة القمر كاملةتنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ابنة القمر رواية جديدة قيد النشر
من قصص وروايات
الكاتبة فاطمة الألفي
رواية ابنة القمر
الفصل الرابع
❈-❈-❈
في صباح اليوم التالي.
فتحت وتين عيناها بكسل لتجد مكان والدتها خالي، اعتدلت في فراشها
وزفرت أنفاسها بضيق عندما تذكرت ليلة أمس
نهضت من فراشها تغادر غرفتها بحثا عن والدتها وعندما وجدت المنزل
خاوي الا منها ، تنهدت بحزن ثم عادت الي حيث غرفتها وجلست اعلي
مقعدها خلف المكتب الصغير واخرجت دفترها وبدأت تخطى به
"اليوم وصلت الي طريق مسدود مع نفسي، لا أعرف كيف وصلت الي ذلك؟
لا أعرف ما هو السبيل للخروج منما أنا فيه
اليوم والامس لا أعرف ماذا أريد
لقد وصلت إلي مرحلة لا أُحسد عليها ولا أصدق نفسي
والآن أعاهدك يا نفسي أن أكون كما تردين وتلك هي البداية"
أغلقت دفترها ثم نهضت عن المقعد، دلفت إلي المرحاض لتنعش جسدها
أسفل المياة الدافئة لعلها تشعر بالاسترخاء وتنفض عن رأسها تلك الأفكار
المرهقة والعالقة بذهنها.
بعد أن انتهت من حمامها أرتدت البورنص خاصتها ثم غادرت المرحاض،
وقفت أمام دولابها تنتقي ثيابا ترتديها لكي تغادر المنزل وتتوجه إلي حيث
متجر الزهور الخاص بوالدتها القابع أسفل البناية
فقد عزمت علي مصالحة والدتها بعد الحديث المؤلم الذي دار بينهما
بالأمس.
أما عن حورية فلم يهدأ لها بال فقد ظلت طوال الليل تفكر في حل لمشكلة
صغيرتها، أيقنت بأنها لابد وأن تنشغل بعمل تحبه ويناسب وضعها الصحي
جال بخاطرها الشاب التي التقت به عن طريق الصدفة وطلب منها تجهيز
قاعة لاحتفال بشقيقه، التقطت هاتفها بلهفة تبحث عن رقمه لتبتسم
بارتياح ثم قررت الإتصال به
تفاجئت حورية بابنتها تقف أمامها بطلتها المعتادة وهي ترتدي حُلة بيضاء
وكاب أبيض تضعه أعلي رأسها لتواري اشعة الشمس عن وجهها وترتدي
نضارتها الشمسية لتداري عينيها، ابتلعت حورية ريقها بتوتر ثم وضعت
الهاتف جانبا قبل أن تضغط زر الإتصال
اقتربت وتين تعانق والدتها بحب وتقبل وجنتيها وهتفت معتذرة عن ما باحت به أمس:
- حورية قلبي، أنا اسفة عن كل الترهات التي تفوهت بها أمس، لا تغضبي حوريتي
شددت في عناقها وطبعت قبلة رقيقة أعلي رأسها بحنان ثم اردفت قائلة:
- روح قلب حورية لا تعتذري حلوتي، فأنا التي تخاذلت عن أمور كثيرة
بالماضي
قاطعتها وتين بحزن: لا حضرتك لم تتخاذلي عني من قبل، أنا أعتذر كنت
أشعر بالحزن بسبب حديث نادر ومريم فقط
ربت علي كتفها بحنو:
-أنتي فتاة جميلة و من حقك أن تعيشي حياتك مثل أي فتاة بعمرك،
تعلمين أنتي بحاجة إلي عمل يناسبك، وسوف أجد لكي حلا بالخروج نهارًا
هتفت متسائله بدهشة: ماذا!؟
لاحت ابتسامتها الهادئة ثم قالت:
-لا عليكِ، دعي الأمر لي،ثقي بوالدتك
- طوال عمري لم اثق إلا بكِ سيدتي الجميلة، أمي العظيمة التي أعشقها،
ادامك الله تاج رأسي وآدم عمرك يا أعظم نساء العالم
عانقتها بقوة وظلت تمسد علي ظهرها برفق وتدعو الله بأن يغدقها بالسعادة
التي تستحقها فهي ابنتها قطعة من روحها وقلبها ولا تتحمل أن يُصابها
الاذي وتتحطم قواها، عليها الآن أن تثبت للعالم أكمله بأن ابنتها من حقها
العيش والتعايش بهذا المجتمع الذي مازال يقسو عليها بسبب التنمر و
السخرية التي تلاحقها إذا وجدت بمكان، اتخذت القرار الصائب من أجل
طفلتها فقط.
❈-❈-❈
في ذلك الوقت ترك "أمان" الغرفة التي قضي بها ليلة أمس والقي نظرة
خاطفة علي القصر من الخارج ثم هز رأسه بأسي وسار بخطواته الثابتة
مبتعدا ليستقل سيارته متوجها إلي عمله داخل شركته الخاصة.
في غضون دقائق كان يصف سيارته أمام صرح الشركة، ثم ترجل منها والقي مفتاح السيارة لرجل الأمن الذي يقف أمام الشركة ودلف لداخل
بخطوات واسعة، استقل المصعد صعودا إلي الطابق الذي يقبع به مكتبة
الخاص وعندما ترجلا من المصعد سار بالرواق المؤدي لمكتبه، لم ينظر
لتلك الفتاة الجالسة أمام حاسوبها تتابع عملها ولم يكترث لوجودها دلف
لمكتبه مغلقا الباب خلفه بقوة منما جعلها تنتفض بذعر ونظرت حولها
بصدمة عندما علمت بأن رب عملها قد حضر.
نهضت من أعلي مقعدها تحمل بين يديها بعض التصاميم التي تريد أن
تعرضها عليه، ثم وقفت أمام باب المكتب تدقه برقة
لتجحظ عيناها بصدمة عندما اتاها صوته الغاضب يهتف من الداخل قائلا بصرامة:
- لا أريد أن التقي بأحد اليوم
ابتلعت ريقها بتوتر ثم عادت أدراجها إلي حيث مكتبها، ظلت تتطلع لباب
غرفته بشرود، فتلك هي المرة الأولي التي تراه غاضب بهذا الشكل
همست بصوتها الخافت وهي تجلس خلف مكتبها: لا شأن لي بذلك، يجب
أن اتابع عملي.
أما عن أمان فقد كان مثل الأسد الثائر داخله براكين مشتعلة لو خرجت
لأحرقت الأخضر واليابس
وقف خلف النافذة يتطلع للخارج بحزن دفين يريد أن يفصح عنه
دس كفه داخل جيب سترته ليخرج القداحة وعلبة التبغ، أخرج سيجارة ثم
هم بإشتعالها ليحرق صدره بالدخان مثلما يحترق قلبه الآن.
❈-❈-❈
داخل منزل حاتم بالزمالك
كانت تقف بالمطبخ تطهي الطعام بعد أن أنهت أعمال المنزل، ثم أغلقت
الموقد وتركت المطبخ، وقفت أمام المرأة القابعة بجانب باب الشقة هندمت
ثيابها ومسدت علي شعرها الغجري ولملمته علي كتفها ثم تطلعت لساعة
الحائط التي تدق الثانية ظهرًا أبتسمت علي مظهرها برضا وسارت إلي
حيث غرفة نومه لكي تيقظة
طرقت الباب بهدوء ثم دلفت لداخل تبحث بمقلتيها السوداء عن وجوده،
لتجده مازال يغط بنوم عميق أعلي الفراش الذي يتوسط الغرفة، تطلعت
بارجاء الغرفة علي الاثاث الأنيق والوانها المطلية بلون البيچ، وقفت
أمام الفراش تراقب حركته ثم اقتربت تهمس بجانب أذنه تنادي بإسمه لكي
يفيق: حاتم بِك
تحركت جفونه ثم فتح مقلتيه ونظر حوله بنعاس
عادت تهتف بإسمه: أستيفظ سيدي حاتم ، فقد أوشك الظهر علي الأذان
سلل أنامله بين خصلات شعره وهو يتطلع إليها بعدم استيعاب لوجودها ثم
هتف بتسأل: زيزي لما أنتي هنا؟ ثم استطرد قائلا: أنا بمنزلي أم بقصر أمان؟
هزت رأسها نافية ثم قالت: لا سيدي أنت بمنزلك وأنا التي اتيت إلي هنا بالأمس، إلا تتذكر؟
نهض من الفراش بكسل ثم قال:
-ساستحم أولا، احضري لي فنجانا من القهوة
تركها ودلف للمرحاض الملحق بغرفته لتغادر زيزي الغرفة وهي تثرثر بضيق:
-ما هذا الشخص أنه فاقد للذاكرة، كنت أظن بأن الدنيا أبتسمت لي،
ولكن من الواضح سافضل خادمة مدامت حية ولم يتغير شيئًا بمصيري البأس.
بعد أن أنتهي من حمامه وابدل ثيابه ونثر عطرة الفواح الذي عبق به الغرفة، غادر غرفته ليجد زيزي تقف في انتظاره، تنظر له بتوتر
هتف حاتم قائلا: أين فنجان القهوة
أومت براسها ثم ركضت إلي حيث المطبخ لتعد القهوة أما حاتم تَوجه الي
غرفة الصالون التي أصبحت مرتبة بعد الفوضة التي كانت عليها، أبتسم
بخفة ثم جلس أمام التلفاز وهو يلتقط جهاز التحكم ليشعل التلفاز ويشغل نفسه ريثما تعود زيزي
بعد مرور دقيقتين كانت تضع فنجان القهوة وكوب الماء أمامه علي الطاولة
الموضوعة بنصف الغرفة وتهتف بصوت رقيق بعد أن حملت الفنجان ومدت
يدها تقربها إليه قائلة: تفضل القهوة سيدي
التقط منها الفنجان وارتشف منه القليل وعيناه مازالت متعلقة بها، ثم ضيق
عيناه وأشار اليها بالجلوس لكي تتحدث:
-اجلسي زيزي
جلست أرضا ولكن عاد حاتم قائلا بصرامة:
-هيا انهضي واجلسي هنا بالمقعد المقابل لي، أنا أُحب إذا تحدثت مع أحد
ينظر بعيناي لاشعر بالاهتمام
انصاعت لأوامره وجلست بالمقعد المقابل له
هتف حاتم بتسال : أخبريني ماذا حدث ولما اتيتي إلي هنا؟
ابتلعت ريقها بتوتر، شردت لحظات قبل أن تفصح عن كذبة تختلقها لكي
يصدقها ثم بدغات في نوبة بكاء: أشرقت هانم طردتني بعد منتصف الليل
وأنا فتاة مسكينة ليس لدي أهل ولا سند، لم تكترث لكوني فتاة طردتني
بوقت متأخر، أنا أعمل لديهم منذ ثلاثة أعوام وكنت اخدمها برموش عيناي
والله ماقصرت في خدمتها هذا جزائي؟ أشرقت هانم تراني حشرة
وتدعسني تحت قدميها دون رحمة ولا شفقة
حاول ان يهدئها ثم التقط كوب الماء وأعطاه اياها: اشربي واهدئي ولا
تبكين، ثم اردف قائلا : يعقل هذا تطردك دون سبب!
ارتشفت القليل من المياه ثم قالت بكذب: كان الوقت متأخراً عندما عادو
من الخارج، وأنا كنت أشعر بالتعب والارهاق فخلدت للنوم وعندما أتت
الهانم انهالت علي بالسب وطردتني عندما أخبرتها بأنِ غفلت من شدة تعبي
وهذا كل ما حدث ولم أجد أحد أتوجه إليه، تذكرت حضرتك فاتيت إلي هنأ
- أمان وعمي خالد لم يمنعوها
هزت رأسها نافية: لا أحد يقدر علي ردع الهانم
هز رأسه بتفهم ثم قال: حقا ليس لديك عائله تذهبين إليها
انسابت دموعها لأجل أن تكسب تعاطفه وهمست بصوت منكسر:
- ليس لدي عائله ولا مأوه ولم أملك قوت يومي، فعندما طردتني لم تتيح
لي الفرصة بجمع مدخراتي التي ادخرتها بعملي داخل القصر، وجزاك الله
خيرا علي ما صنعته من معروف عندما اويتني بمنزلك، سوف أرحل وابحث عن عمل
اشفق علي حالها ثم قال: لا تتركي المنزل، ظلي هنا اهتمي بالشقة وسوف اخصص لكِ راتب شهري
لمعت عيناها بفرحة ثم هتفت قائلة: حقا لا أستطيع أن أرد لك هذا الجميل،
فأنت طوق النجاه وبئر الامان، لن انسي لك هذا المعروف طوال عمري
ضحك بخفة ثم استطرد قائلا: لم أفعل شي لكل هذا المديح، ثم إن اشتم
رائحة شهية، ماذا صنعتي من طعام؟
نهضت علي الفور قائلة بحماس: دقائق واضع المائدة
ظلت عيناه تتبعها إلي أن اختفت من أمامه ليقضم علي شفاه السفلية ثم
همس بشرود: جسدا ممشوق وقوام ساحر، لن ادعها تفلت من تحت يدي
❈-❈-❈
داخل متجر الزهور الخاص بحورية
بعد أن صعدت "وتين"إلي المنزل ظلت شاردة بحياة ابنتها، تخشي عليها
إذا تركتها بتلك الدنيا الموحشة، وأثناء شرودها كان يقف ابن شقيقتها
رمقته حورية بنظرات غضب واشاحت وجهها مبتعدة عنه، ليقف
"نادر"أمامها وينكس رأسه أرضا بخجل ثم نزل علي ركبتيه أمام خالته،
قائلا بأسف وهو يلتقط كفها ليطبع قبلة أعلاه: أسف خالتي عن ما بدر مني،
لم أقصد أيذاء وتين فهي شقيقتي الصغري
هتفت بأسي وهي تنظر بعيناه: أنت يا نادر، تفعل ذلك مع ابنة خالتك وأنا
مازلت علي قيد الحياة، ماذا كانت ستفعل إذا تركتها بهذا العالم وحدها؟
كنت أظن عندما يسترد الله امانته ستكون ابنتي في رعاية شقيقتي
وأولادها اللذين هم مثابة الأشقاء لديها، كنت دائما أحدث نفسي واقول
نادر هو السند لابنتي بعد مفارقتي الحياة ولم أفكر يوماً بتزوجك ابنتي لان أراك شقيقها الذي سيحميها من عثرات الدنيا وتخبط العالم بها، يا حسرتي
علي ما كنت أظنه يوما طفلي
- خالتي أنا أسف حقك علي رأسي، والله كنت أمزح أنا ومريم، لكن
وتين اختي حقا، وبارك الله في صحتك وآدم عليكِ العمر المديد، أنتِ
الشمس التي تنير حياتنا وتدفئنا، أرجوكي خالتي لا تغضبي منِ
واتركي وتين لي، أريد أن تنتقي باقة من الورد المفضلة لديها لاعتذر منها
واطلب مسامحتها فهي شقيقتي الحبيبة وسأظل في ظهرها مادمت اتنفس
فلا تقلقي عليها بعد الان.
تنهدت بضيق ثم اسنطردت قائلة: وتين لا تحتاج لورد لكي تصفح عنك.
كل ماتحتاجة هو الدعم والاحتواء وتشعرها بانك الاخ والصاحب والسند ،
تحتاج الي عمل لكي تكمل في حياتها دون عزله وانطواء لا اريدها ان تشعر
بالوحده ، اذا كنت تريد مصالحتها حقا، عليك أن تجلب لها عمل يناسبها
همس نادر بشرود: عمل!
- أنت تعمل لدا شركة صيتها مسموع، لما لا تحاول أن تجلب لها عمل يليق بها
- أنا مصور و "وتين"ليس لها في التصوير، و الشركة الذي أعمل بها في مجال التصميم
ثم لمعت فكرة برعاسه ليبتسم لخالته قائلا: وجدتها، تعمل عارضة أزياء
وهذا يناسبها جداً وأنا سوف أظل جانبها
جحظت عيناها بصدمة ثم هتفت : عارضة أزياء
أبتسم علي هيئتها ثم قال : عارضة الأزياء مهنة محترمه ويعمل في ذلك
المجال أرقي طبقات المجتمع، و ملكات جمال، لا تصدقي الأفلام التي
تسيء الي سمعة المهنة، هذا غير صحيح
زفرت أنفاسها بضيق وهزت رأسها نافيا : أنا واثقة في ابنتي يا نادر ولكن
تفاجئت، معني أنها ستكون عارضة أزياء فالضوء يكون مسلطًا عليها
"وتين" ليس مشكلتها الشمس فقط فالاشعة الفوق بنفسجية توجد في الا
ضاءات أيضا
- اتركي لي الأمر وسوف افاجئكي، الآن أريد باقة الزهور التي ساقدمها
لست الحسن والجمال من أجل أن ننال رضاها
نهضت حورية عن مقعدها وبدءت في إختيار باقة من الزهور، انتقتها بحب
من أجل رؤية البسمة علي وجه صغيرتها
❈-❈-❈
كان يلوك الطعام بفمه وهو يختلس النظر إليها، ليصدح رنين هاتفه وينشله
من تلك الفتاة التي شغلت تفكيره بقربها المهلك له
تنحنح وهو ينظر لشاشة هاتفه قائلا؛ "امان "
ابتلعت ريقها بتوتر ثم قالت بتوسل: أرجوك لا تخبره بأنني موجودة بمنزلك
- لا تخافي لم أخبره شيئاً
أجاب علي الهاتف والإبتسامة تعلو ثغره: مرحبا يا صديقي
علي الجانب الآخر هتف أمان بضيق: حاتم أنا أنتظرك بالاسفل
ردد بصدمة: تنتظرني أين؟
-أمام البناية، أنا أشعر بالاختناق وأريد أن أتحدث معك، ليس لدي صديق غيرك
نهض عن مقعده وسار إتجاه باب المنزل ومازال يضع الهاتف أعلي أذنه وقال:
- انا قادم حالا
أغلق الهاتف ثم نظر لزيزي قائلا: علي أن أغادر الآن من أجل أمان، تريدين مني شيء
لمعت عيناها بفرحة وشعرت بانه يهتم بأمرها، قالت برقة: حفظتك السلامة
زفر أنفاسه بضيق وهو يغلق الباب خلفه ثم قال بخفوت: سوف تجعلني
افقد صوابي بلا شك، حركت مشاعري المدفونة منذ عدة ساعات، ثم
اطلق لضحكته العنان وهو يهم ليستقل المصعد الكهربائي ليهبط به إلي
الطابق الأرضي ثم غادر البناية ليجد صديقه يصف سيارته أمام البناية، دار
حول السيارة ليفتح الباب المجاور لصديقه ثم أرسل إليه غمزة مشاكسة:
- ما رائيك في سهرة خاصة تبدل مزاجك السيء
زفر بضيق ثم رمق صديقه بنظرة غاضبة وانطلق بسيارته بسرعة فائقة
شعر حاتم بأن صديقه ليس علي ما يرام ففضل الصمت ولكن هتف به
صارخاً عندما أزداد أمان من سرعة سيارته:
- هدي من روعك يا رجل، خفف من تلك السرعة، تريد أن تخرجنا من
الدنيا، ثم هتف مازحاً:
- مازلت في ريعان الشباب والله حرام ما تفعله بنا الآن، الحياة وردية
جميلة وأنا كالطير أحب التحليق في سماء الحرية
هتف بضيق دون أن ينظر له قائلا: كفا تراهات واصمت
قال علي مضض:حسنا ساصمت لكي تستريح.
❈-❈-❈
حمل نادر باقة الأزهار وصعد إلي حيث شقة خالته،ثم وقف أمام باب
الشقة وضغط زر الجرس وانتظر قليلا إلي عان فتحت "وتين" الباب تفاجئت بشخص يقف أمامها ولكن يضع الباقة أمام وجهه، فقد كان متخفي خلف تلك الزهور.
هتفت"وتين" بتسأل: من أنت؟
قدم لها الباقة وهو يتطلع من خلفها بنظرات معتذرة و همس بأسف: أنا
آسف يا توتي، أرجوكي تقبلي أعتذاري
لوت ثغرها قائلة: وما مناسبة تلك الزهور؟
ضحك نادر بخفة ثم قال مستعطفا إياها : مناسبة كنت أحمق معكِ والآن
عدت إلى صوابي، ممكن تقبلين أعتذاري وتلك الباقة المتواضعة
ثم أردف بمرح: هيا خذيها يدي تُالمني ثم إن دفعت فيها كل ما أملك
هتفت بضيق - شكراً، لا أريد
- لا أعلم بأن قلبك أسود هكذا يا جميلة العائلة، أنتي زهرة جمالها وشقيقتي التي لا أريد أغصابها، أعتذر وبشدة
لوت ثغرها بحزن: لم أتذكر يوماً بأنك عاملتني كشقيقتك
شعر بحزنها فزفر بضيق ثم أقترب عدة خطوات جذب رأسها بين كفيه
وطبع قبلة حانية أعلي خصلاتها: أعدك من الآن لن أكون إلا شقيقيك الذي
يقف في ظهركِ دائما وسأظل سندك ولا تحملين لدنيا هما، لستِ وحيدة
كلنا معكِ وحولك لا تحزني أيها الصهباء الجميلة
أبتسمت برقة ثم سحبت منه باقة الزهور ونظرت له تشهر سبابتها أمام
وجهه قائلة بتحذير: قبلت اعتذارك تلك المرة، لكن إذا فعلتها ثانياً لن اسامحك ولم أعد أعرفك حينها
ضحك باعلي طبقات صوته ثم قال وهو يهندم من ياقة قميصه: وأنتي
تحلمين بمعرفتي، فمعرفتي كنوز ثمينة لن تحصلي عليها ههه
ثم اردف قائلا : اتيت لاخبركِ بوجود عمل لكِ، ولكن من الواضح أنك سترفضين
رفعت عيناها تنظر له بسعادة قائلة: تتحدث بصدق ندور؟
قال بمزاح: الآن أصبحت ندور ، يتبدل مزاجك سريعاً
هتفت ضاحكة: أفضل ندور بالعالم، ولكن اخبرني ما هو العمل؟ وأين؟
-معي في شركة "أمان ديزينر"
عقدت جبينها بضيق: وأنا ماذا سافعل بتلك الشركة؟
قال بجدية وهو يراقب رد فعلها: عارضة أزياء لتصاميم الشركة
همست بحزن: لا يناسبي هذا العمل، ولا يناسب وضعي؟
هتف بجدية: وما هو وضعك؟ هذا عمل مناسب لكِ، صدقيني وأنا
ساظل جانبكِ لا تخافي من ذلك، لا تنسي بأنني المصور الخاص للشركة وأنا
ساتولي أمرك يا فتاة، سوف أضبط الاضاءه ولا يوجد شيء يعوقك أو يأثر عليكِ، ثقي بي هذه المرة
- ولكن عارضات الأزياء لديهما مواصفات محددة ومظهر لائق، أنا لم أفلح بذلك العمل
ارسل اليها غمزه مشاكسه ورفع حاجبيه بمرح: ط والله ستفلحين، أنظري
إلي نفسك بالمرآه أنتي حقا جميلة
نظرت له بدهشة ثم قالت بجدية: سافكر بالأمر
رفع حاجبية مستنكرا:
- لا يا حلوتي لا يأخذك الغرور فلم تستلمي عملك بعد، أجيبي من الآن، ليس لديكِ وقت للتفكير، توجد حملة إعلانية ودعاية الفترة القادمة، أريد موافقتك الأن
هتفت بجدية: دعني أفكر يوم واحد فقط
أوم بخفة ثم ابتسم لها مودعا: أن غداً لناظرة قريب، حسنا ، سأنتظر منك مكالمة غداً، إلي اللقاء
أغلقت الباب خلفه: إلي اللقاء
عادت ركضا لغرفتها، جلست أعلي مقعدها ثم فتحت الحاسوب الشخصي
وبدأت في مشاهدة بعض الفيديوهات الخاصة بعروض الأزياء العالمية.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة فاطمة الألفي لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية