رواية كما يحلو لي النسخة القديمة بتول طه - الفصل الحادي والخمسون
رواية كما يحلو لي - النسخة القديمة
حصريًا على مدونة رواية وحكاية
بقلم بتول طه
الفصل الحادي والخمسون
-
سيد عمر رجاء، هذه المرة الرابعة لنا خلال أسبوعين بأكملهما، أرى انعدام
ثقتك بي كطبيبة، وعلى الرغم من أنني أديت القسم وأنت تعلم أكيدا ما هي الإجراءات القانونية
التي قد تتخذها ضدي ولكن أستطيع أن أوقع لك على أي شيء تريد أن تضمن به سرية
معلوماتك
تحدثت "مريم" له لتراه لا ينظر لها مباشرة وتشتت نظراته بالغرفة
كلها عدا أن يتبادل معها النظرات لتتفهم أنه لا يستطيع أن يثق بها بعد بل وبأي أحد
في المُطلق والتحدث بالنسبة له صعب للغاية أن يُدلي بما كون له اضطرابات عدة لتتيقن
أنه قد حدث له اكتفاء شديد تجاه التحدث الذي يحتاج إليه الأشخاص الطبيعيون، لذا أدركت
أن مجرد إقراره شيء لن يكون من السهل وأمامها مهمة شاقة عليها الخوض بها!...
-
أنا أعرف كيف أحمي نفسي تمامًا
كان هذا تعقيبه بتغطرس لاذع لا يُبارى بينما تدارك قوله ليُحمحم ثم حاول
صوغ الكلمات ليقول:
-
إنه ليس هذا الشيء بل...
سكت متأففًا من عدم مقدرته على التحدث والانفتاح لها وهنا تكمن مُشكلة
وحدته، أنه بعد أن اعتاد لمدة سنوات عديدة على عدم البوح وجد نفسه مُطالبا فجأة بالتحدث
ولكنه لم يستطع فعلها فقال:
-
ربما أنا لن ينفعني الحديث معك مثلما نفع روان، أعتذر لك لقد أخذت من
وقـ...
-
لا تعتذر، وأنت إنسان طبيعي يمكنك التحدث عن أي شيء كيفما تريد دون
وجود قيود أو موانع... وإذا لم تشعر بالراحة هنا في هذا المكان نستطيع أن نتفق ونحدد
جلستنا لتُصبح في مكان آخر
قاطعته بنبرة لينة وابتسامة كي تحاول بث الثقة به، عكس ما شعرت به
واستفزتها شخصيته الصعبة التي أصرت على أن تكتشف وتحلل كل ما فيها من أسرار وتلهفت
أن تعلم ما الذي ساق لكل ما به من اضطرابات ولكنها أضافت موضحة:
-
سيد عمر، لقد أخذت القرار بالعلاج، والعلاج هنا يكون بتصحيح الأفكار التي
لا بد من أن تُشاركها معي كمعالجتك، وليس كزو جتك أو صديقتك أو أخيك... بل مجرد عملية
من تبديل الأفكار فيما بيننا... ربما قد أفيد بتوضيح بعض الأفكار الخاطئة لديك بتقويمها
بأفكار صحيحة ببراهين قاطعة... لقد اعترفت لي بالفعل أنك تنتشي وتشعر بالمتعة من
تألم شريكتك في العلاقة نَفْسِيًّا وَجَسَدِيًّا... ولقد اتفقنا على أن هذا السلوك
ليس بسلوك صحيح، لأن العلاقة من المفترض أن يتشارك بها الشريكان الاحترام والتفاهم
والتقبل غير المُضر لاختلافات الآخر... إن تسبيب لغيرك الألم ليس بميول، بل هو تعذ
يب صريح، في حين أن بعض التمــ ــتع مع شريكتك دون تسبيب أذى واضح وصريح هو الذي يكون
ميولا، كالرومانسية المُفرطة، كالتحكم الذي تبتغيه في أن تجعل العلا قة تسير من
منظورك أنت فقط وتصبح لك السيطرة على كل شيء، ولكن- ولنضع سَوِيًّا أسفل هذه اللكن
مليون خط – دون تسبيب ألم، دون التأثير الجــ ــسدي والنفسي بالألم، بتقبل الطرف الآخر،
بعد النقاش السليم والواضح والصريح... هناك هذه النقطة الفاصلة، لنُسميها شعرة ضعيفة
قد لا نُلاحظها، تفرق بين المُتعة والميول، وبين تسبيب الأذى النفسي والجسدي والانتشاء
من آلام الغير!
ابتلع مترقبًا إياها بكلماتها المُقنعة بينما هي لم تر سوى الإطناب بالحديث
لرجل محام مثله، فقد يُفيد الأمر فأضافت قائلة:
-
قد يكون هناك شخص يميل إلى عدم الثرثرة والتحدث، ولكنه يستطيع بكل
سهولة وبراعة أن يتحدث عن أفكاره، يستطيع أن يُعبر، ويصف تمامًا ما يشعر به، يصوغ أفكاره
بكلمات واضحة وصريحة... ولكنه يختار عدم التحدث... هذه ميول كما تريد أنت تسمية السا
دية والإشارة إليها كميول... بينما هناك شخص آخر لا يستطيع التحدث، هو لم يختر أن يتحدث
من الأساس، بل؛ ولا يملك الاختيار في التحدث... يشعر بالصعوبة في التحدث، لا يثق، أو
حدث له اكتفاء بسبب عدم تعبيره عن نفسه منذ صغره، وقد يكون سبب هذا الإهمال، أو العنف
بمنع الطفل عن التحدث، أو الوحدة، هناك الكثير من الأسباب إلى أن يفقد الشخص مقدرته
على التحدث والتعبير ولا يشعر بالإلحاح بترك مكنونات صدره خارجًا... فيُصبح هُنا الأمر
مُشكلة حقيقية، وليست ميولا أو اختيارا، بل نُصبح نعاني من قلة التحدث... كما يُعاني
الشخص السادي أو المازوشي بتسبيب الألم أو تلقيه، ففي كلتا الحالتين هذين اضطرابين
جليين لا نستطيع إهمالهما والإشارة إليهما بميول!!
الميول، أن تقوم بممارسة بعض الألعاب الجنـ ــ ــسية مع زوجتك كتقييد يديها
دون عنف مثلًا، وفي نفس الوقت تسمح لها بأن تفعلها هي الأخرى لو أرادت هذا... أن
تمنعها من التقرب لرجل على سبيل الصداقة، وفي نفس الحين تمنع نفسك
من اكتساب الصدقات من الجـ ـــنس الآخر.. التفاهم، التناغم، وتقبل رأي شريكتك
وما تسمح به لنفسك تسمح به لشريكة حياتك.. هنا تمامًا العقدة بأكملها! أن تفرق بين
الاضطراب وبين التصرفات الطبيعية!
هل الأمر بات أوضح الآن؟
شخص جدلي، سيتقبل هذا حتمًا، وما كان عليها سوى أن تترك له عدة لحظات
كي يستوعب الأمر بعد أن لمست منه رغبته وإرادته في العلاج ليُصبح مؤهلًا كرجل
طبيعي في أن يعيش حياة طبيعية!!
فكر بكلماتها لبُرهة وأومأ بالموافقة ليتنهد مُعقبًا باقتضاب:
-
أوضح كثيرًا!
لوهلة كان سيُجادل بأمر اقتناعه بأن هناك من يُحب تلقي الألم وينتشي به
ولكن بعد أن تذكر خطورة ما قارب على فعله ب "روان" ابتلع عاقدًا حاجبيه وحمحم
ثم زفر بعمق ليشرع بالحديث:
-
حسناً... سأحاول التحدث، عندما كنت صغيراً... لم أكن بالقرب من أهلي لذهابي
للمدرسة العسكرية وكوني بمفردي... كنت...
تريث لوهلة بنفاد صبر امتزج بالغضب ليجد نفسه يهدأ شيئاً فشيء، فحاول من
جديد أن يتابع التحدث، لتُصبح كلماته كثيرة، مُطنبة، يتخللها بعض التريث والصمت ولكنه
يجد ما بداخله يحثه على الاستكمال فربما سيُفيد العلاج من ترميم حياته أولًا، ترميم
تلك الدوامة الفكرية بعقله ثانيًا، وثالثًا في النهاية، إصلاح ما أفسده بيده من علاقة
كانت أفضل ما تملكها...
أخذ أكثر من وقته المسموح له بالجلسة، لم توقفه "مريم" إلا عندما
بدأت تلاحظ أن مجرد تقبله لأن يبدأ بالحديث معها وكأنه يحارب ويفعل شيئا ليس معتادًا
عليه... لم تُرد أن يحدث هذا بالإجبار أو من أجل رغبته في العودة لزوجته... بل أرادت
أن تصحح الأفكار التي تدفعه للقدوم إلى هُنا حتى يُصبح نسخة أفضل من نفسه!
أضاف العديد من التفاصيل التي لم يذكرها من قبل لأحد، لم يخبر بها روان،
ولا يمنى، ولا صوفيا، حتى أبوه الذي يعتبر من أقرب الناس له لم يحدثه من قبل في
هذا...
بدأت وقتها بالتعرف على يمنى، أول مرة تقع عيني على امرأة وأود أن أتزوجها،
أن أشاركها بحياتي، لقد تغلغلت ضحكاتها مباشرة لقلبي دون استئذان... ومن ثم اكتشفت
أنها خاضعة مما بدأ في إشعال تلك الرغبة بداخلي... بالطبع لم أبالغ معها مثل أي امرأة
خاصة وأنها كانت أول امرأة وأول علاقة وأول حب في حياتي ولكنني أيضاً أردت أن أتريث
قدر المستطاع وألا نبالغ بقلة خبرتنا معاً حتى لا يتأذى أحدنا... لكن كلما اقتربت منها
ادعت الخوف والتوتر وكانت تُفزع لتأتي وتصارحني بالنهاية بعد إصراري عليها أكثر من
مرة لأعرف أن سبب توترها أنها ليست عذراء بسبب...
حادثة بصغرها...
ابتلع بغصة وتجعد جبينه ثم تابع مُكملًا:
-
أتعلمين أنه حتى بعد أن أخبرتني أنها لم تكن عذراء صدقتها ولم أما رس معها
علا قة حمــ ــ ــيمية كاملة على الرغم من أن توترها تغير تماماً ولم يكن عندها أية
مخاوف بأن نمارس الجنس سوياً، ولكن أنا احترمت صراحتها معي وأردت أن أحظى بها فقط
تحت مسمى الزواج، أنا حتى لم أُخبر أي شخص غيركِ أنت بهذا...
ابتسم بمرارة عندما أدرك أنه لم يتحدث قط عن الأمر وتنهد بمشقة ثم
واصل:
-
لم أكن حتى صريحاً مع روان عندما حدثتها عنها... ولكن ما دمرني أكثر أنني
رأيتها... بعيني... تخونني أسفل قدم رجل آخر... كانت خاضعته بالأصل وتخدعني... لم
تكترث لأي شيء سوى رغباتها الجنسية وشهوتها والماديات التي كانت تبحث عنها بنهم بالرغم
من أنها ابنة رجل أعمال مشهور وقتها ولكن حبها للأموال أعماها، هي ظنت أن عمر يزيد
الجندي بشهرة أبيه يستطيع أن يفعل الكثير والكثير وأن يحضر لها كل شيء ولكن لم أكن
أنا هذا الشخص الذي يعتمد على مكانة والده أو لنقل أحب أن أعتمد على نفسي وابني
نفسي بنفسي...
سكت ليزفر لتلاحظ "مريم" أنه قد تحدث لما تجاوز الثلاث ساعات
وقد بدأ يتألم حقاً لذا قررت أن توقفه كي لا تحتدم صدماته أكثر من هذا وتبتعد عن
تحفيزها:
-
سيد عمر، أنا حقاً سعيدة أنك تحدثت معي اليوم... أعرف أن هذا ليس بالشيء
السهل ولكن حقاً أقدر أنك حاولت وأرجوك ثق بي... واطمئن... لن يعرف أحد بأي شيء...
ابتسمت له ليومئ لها فحدثته مستفسرة:
-
هل لديك مُشكلة في تناول بعض العقاقير التي من شأنها تُثبت مزاجك كي تدعمك
في تلك الأصوات التي تؤلم رأسك؟
أومأ بالإنكار ثم أجابها باقتضاب:
-
لا...
تعجبت من استسلامه الشديد وتقبله للعلاج ولكنها بدأت في كتابة بعض العقاقير
المُساعدة لتجده نهض فجأة لتضيق عينيها نحوه وسألته مرة ثانية:
-
وماذا عن بعض التمارين ككتابة اليوميات؟
هز رأسه لها بالإيجاب لتظن أن امتثاله لهذا التقبل والعلاج لن يدوم ولكنها
انتهت ثم ناولته الورقة ليحدثها قائلًا:
-
سأهاتف حسناء لتحديد جلسة الأسبوع القادم
ابتسمت له وهي لا تُصدق مدى تقبله للأمر بهذه السهولة ولكنها فسرت الأمر
بسبب تلك الصدمة الشديدة التي واجهها بسبب ما فعله بزوجته لتتعجب بينها وبين نفسها
إلى متى سيدوم هذا التقبل ثم وجدته يتركها وكاد أن يغادر ثم التفت لها بابتسامة لم
تكتمل لصعوبة الأمر عليه وحاول التحدث ببعض اللطف قائلًا:
-
شكراً لك
تمتم باقتضاب وكأنه يجبر نفسه على أن يشكرها وقبل أن تجيبه أو تعقب بامتنان
فتح الباب وغادر وكأنه يتهرب سريعًا من شخص بات يعلم عن حياته الكثير!
هزت هي رأسها بحيرة، لديه العديد والعديد من المواقف غير الاعتيادية بحياته
حتى يُصبح ذلك الرجل الذي هو عليه الآن... تنهدت ثم ظلت تنظر فيما دونته حيث إنه
كان رافضاً لتسجيل ما يقول منذ البداية وخلعت نظاراتها الطبية لتفرك عينيها وتصمم بداخلها
أنها يجب عليها معالجته عاجلاً أم آجلاً حتى ولو كانت شخصيته صعبة وحالته حرجة هناك
نسبة كبيرة في نجاح تصحيح أفكاره بعد تلك الصدمة التي لا تزال قريبة ومن شأنها أن تجعل
حالته أفضل بكثير...
❈-❈-❈
حدقت روان أمامها بتلك الأمواج الزرقاء التي أخذت في الارتفاع لقرب الوقت
من الغروب لتعكس في تتاليها وصخبها وتلاطمها معاً زوبعة الأفكار التي تصفع رأسها صفعاً
مبرحاً حتى تألمت من كثرة التفكير...
-
لن أفرط بكرامتي أكثر من هذا، لقد تحملت كثيراً ولكنه لم يُصارحني بكل
شيء، لقد حاولت الاقتراب حتى ولو أنه كان الجحيم بحد ذاتها ولكن يعلم الله أنني حاولت
ولن أستطيع أن أفعلها مجدداً... طلاقي منه سيشكل الكثير من الأعباء ولن أخدع نفسي بأنني
سأستريح... كما أنني لا أستطيع مسامحته على كل هذا العذاب الذي سببه لي منذ بداية زواجنا
إلى الآن، لقد نفد كل ما في قلبي من غفران وتسامح لحسابه، أنا لم أعط فرصا بحياتي
مثلما أعطيته ولكنه حتى لم يُقدرها، وكيف لي أن أعطي من الأساس فرصة جديدة لرجل لا
يثق بي، هو واجهني بخيانتي بين يوم وليلة، بينما أخفى هو أنني صورة طبق الأصل منها،
قد تكون توأمتي حتى وأنا لا أعرف... حقاً لا أصدق مقدار الشبه بيننا...
ابتلعت بعد أن صاح عقلها مفكراً وتذكرت أنها بحثت عن أصل يمنى كثيراً ولكن
ليس هناك بينهما ولو صلة قرابة من بعيد!!
تحسست أحشاءها لتتهاوى دموعها بصمت وأخذت تتحدث بعقلها:
-
ليس لك ذنب أن تنمو وتكبر دون أبوك وأمك، ليس لي الحق في أن أنتزع أحدنا
من حياتك... لن أستطيع أن أراك تكبر في حضن امرأة أخرى وأعذرني أنا وقلبي الخائنين،
لا أستطيع أن أستبدل والدك...
نحتت بتألم حتى اكتست مقلتاها بشلالة من الدموع التي تأبى التوقف
وانهمرت على وجنتيها متمزقة ألمًا ثم تابعت ندمها الشديد:
-
اعذرني لأنني أحببت الشخص الخاطئ وأعدك لن أخذلك بحياتك كلها مرة أخرى
أغمضت عينيها ثم تذكرت كيف غضب تجاهها كثيراً... تلك الليالي التي
تستيقظ على كوابيسها كل ليلة، كيف سيعامل ابنه أو ابنته؟ أسيذيقهم عذابه أيضاً؟ أيكون
بمثل هذا العنف مع هذا الطفل؟ كيف ستسمح له حتى بأن يرى هذا الطفل يومًا ما؟
حاولت أن تنظر وتقيم علاقتهم من كل الأبعاد... لن تستطيع أن تتهاون معه،
تحاول أن تحرم على نفسها ذلك الاشتياق الذي شعرت به منذ رؤيته متألماً بالمشفى وكيف
أعتذر لها ولكنها لن تقبل بعد الآن...
ستكون أما، سيقع عليها عبء ملاحظة كيف يربي طفلهما وسيقع عليها عبء توفير حياة كريمة سوية لهذا الطفل القادم، عليها أن تدافع
عنه منذ الآن أمام تحكماته اللانهائية وسيطرته المفرطة وغضبه الذي يحوله لشيطان مخيف...
وتصرفاته الغير المُبررة القاسية بمنتهى الجفاء، لن تستطيع أن تتركه يُربي هذا
الطفل بنفس هذه الشخصية التي هو عليها، لو تحملت هي بسذاجتها وغبائها وظنها أن الرجل
قد يتغير بعد الزواج وبدافع العشق لم ترتكب نفس الخطأ الفادح مرة أخرى!!
بالطبع لن تستطيع أن تشكو أمام أمها وأخيها، يكفي تعلقهما به ولكن عليها
أن تحترس منه تجاههما، ومهما فعل أو مهما أخبرها من قبل عنهما وكيف احترمهما بل وأتخذ
من أخيها صديقٌ له لن يغير ذلك الشك والخوف بقلبها مهما فعل...
عليها أن تحتمي بأحد... أن تأخذ درعاً لها كحماية، عدي برهن لها منذ تلك
الليلة إلى الآن أنه شخص يمكن الوثوق به، يعاملها كأخته تماماً ولا يتردد في
مساعدتها، حتى عندما حاولت أن تعرف منه التفاصيل ربما لولا ذهابه معها للمشفى لكان
حدث الكثير، لقد أخبر والدتها وأخيها بشتى الطرق حتى أقنعهما أن روان قد سافرت لحضور
تدريب هام في إحدى الدول وأنها منشغلة كثيراً بسببه ولم تشعر بشكهم تجاهها، كما
أنه أخبر رحمة أنها تعرضت لحادث حركة ولم يلاحظا الدماء إلا مؤخراً فأخذها عمر وتوجه
بها للمشفى وعمل على ألا تُخبر فارس ووالدتها...
فكرت باللجوء إليه لتتحكم في نفسها قليلًا بعد أن تملكت رباطة جأشها على
هذا البُكاء الجارف الذي أصابها بصداع رأس لا يتوقف وحدثته باعتدال بعد أن قامت بطلب
رقمه من هاتفها:
-
كيف حالك عدي؟
-
حالي!! أنتِ تتركيني بهذا الجنون وتذهبين!! كيف تظنين أنني أدير سبع
شركات بالإضافة لشركتي؟ عليك العودة روان أرجوكِ بأسرع وقت...
أتاها رده وصوته يحمل الكثير من المعاناة من كثرة تحمله لكل ما كانت
تتحمله هي دون شكوى أو نفاد صبر لتبتسم قليلًا من استغاثته ثم عقبت قائلة:
-
أعدك ما إن أنتهي من هذا الجبس اللعين سآتي... أخبرني كيف حال العمل؟
تنهد بعمق ثم أجابها بهدوء متخلصًا من صخبه الدائم:
- على الرغم من أن سرعة كل شيء جنونية وتسير بسرعة البرق ولكن اطمئني كل شيء بخير... ألن تشتاقي لـ...