رواية وصمة عار - خديجة السيد - الفصل السابع عشر
رواية وصمة عار
بقلم الكاتبة خديجة السيد
رواية وصمة عار
الفصل السابع عشر
في منزل آدم، جلس قليلا على حافة الشباك يراقب تلبد الغيوم بالخارج حتي سمع صوت خطوات زين يتقدم منه وهو يحمل كوب القهوه واقترب منه يعطها اليه، ابتسم آدم له، ثم مد هو كف يده وألتقط قدح القهوة وقربة أولاً من أنفه ليشتم رائحتها العبقة ثم أنزل القدح لمستوي فمه وأرتشف رشفته الأولي بتلذذ بينما نظر زين له وسأله بإهتمام
= هل اعجبتك القهوة ؟
هز رأسه آدم بهدوء مبتسم رغم عنه وهو يقول بهدوء
= جيده جدا شكرا لك زين
عقب زين بمحبة صادقة وقال باهتمام
= على الرحب والسعاده .. الم تحكي لي ماذا حدث معك واغضبك الى ذلك الحد
أطلق آدم تنهيده عالية بقوة زافر بتعب شديد وهو يتحدث قائلا بسخرية مريرة
= لا يوجد شيء جديد ، نفس الأوامر ونفس كل شيء يحدث كل يوم وكالعادة بدون موافقتي ، لكن الشيء الذي أغضبني أكثر خلال هذه الفترة هي لارا. لا أنسى أنني عندما حاولت أن أشرح لها الأمر بهدوء وعقلانية ، سخرت مني ، ثم تجاهلت خلافي وكأن شيئًا لم يحدث. أنا لا أكرهها على الرغم من أني لا أعتبرها خطيبتي .. وعلي علم بغطرستها وطريقة تعاملها مع الآخرين بكل وقاحة .. وأحيانًا كنت افكر أن اتنازل عند فسخ الخطوبة و أحاول منح نفسي فرصة للاقتراب منها ، وقلت ربما لأنني لست قريبًا منها ولا أعرفها جيدًا ، ويمكن أن تكون فتاة جيدة ومناسبة لي ، لكن ما صـ.ـدر منها في الفترة الأخيرة تراجعت عن كل ذلك وزاد إصراري عن الابتعاد عنها وأنها الـ.ـزوجة الغير مناسبة لي ..
هز زين رأسه بتفهم قائلا بنبرة حادة مقصودة
= منذ البداية أخبرتك أن لارا ليست مناسبة كـ.ـزوجة ولا صديقة ، هي كل هواياتها في الحياه كانت دائما الموضة والسخرية من الآخرين.. غير انها فتاه مدلله وتعودت علي انها اي شيء تحتاجه مهما كلفها تشتريه.. حتى انت؟.
نظر آدم إليه بحده و احمرت عينه بغضب وهو يقول بتحذير
= زين انتبه لحديثك معي أنا حقاً لم أجد لارا مناسبة لي في أي شيء ، وبالنسبة لي كانت مجرد صديقة ، وحتى كصديقة لم ينجح الأمر معي ، لكنني مجبرة لأبقى بجانبها بأمر من والدي ، لكن قبل أيام قليلة قطعت عهدًا مع نفسي بسبب تصرفاتها ، لذلك يجب أن افسخ هذه الخطوبة... لكن لا اعرف كيف وابي مصمم على هذا الـ.ـزواج
تنهد زين بيأس وعاتب صديقه مستاءة
= الحل بيدك يا آدم. تحدث مع والدك في هذا الموضوع وعليه أن يستمع إليك. ليس كل ما يطلب منك القيام به رغماً عنك ، حتى لو كنت لا تريد ليس لك حق الاعتراض أو الرفض ، والسيد نيشان قد تعود على ذلك منك و بصراحة أنت سبب ذلك. كأن عليك أن تعترض من المرة الأولى لفعل شيء لا تريده و لا ترغب فيه
نفي آدم برأسه وقال بعدم رضا
=الوضع ليس هكذا ، لا يزال لدي شيء غيره في الحياه يا زين، و لديّ دين كبير في رقبتي ، وعليّ أن أدفعه حسب، صحيح أنني لم أشعر أبدًا بحبه لي ، لكنني لم أنسي مساعدته لي ولوالدتي ..رغم أنني أحيانًا أشعر وكأنني عروسة خشبية يحركها كما يشاء ، لكن علي أن أسدد. هذا الدين وإنهائه
اعتلى جانب فمه بشبح بسمة غضب وتهكم بخفة
= أنت لا تزال عازمًا على سداد هذا الدين. حسنًا ، بهذه الطريقة ستبقى هكذا تحت طاعته ، ولا يحق لك الاعتراض أو الرفض. ما تفعله هو خطأ يا آدم. يجب أن تعترض وترفض هذا الموقف... اذهب الى و تحدث معه بهدوء واشرح له الامر بهدوء لكن لا تستسلم هكذا ..
نظر آدم إليه قليلا يفكر في حديثه لكنه لم يستطع الرد عليه، ليرحل زين من أمامه يهز رأسه بيأس منه بينما تنهد آدم بضيق شديد من قله حلته أمام زوج والدته! ثم اشاح وجهه جانبه ليلمح الصور التي التقطها بالكاميرا وهو في رحلته السفينه.. ليمد يده لياخذ أحد الصور التي كانت لتلك الفتاه التي لا يعرفها وقد التقط هذه الصوره دون قصد منه! ليرفعها أمام وجهه ليراها بواضحة لتظهر ملامحها الحزينة ليشرد بها بقوة!.
❈-❈-❈
كسر فجأة ليام باب الغرفة بعـ.ـنف ودلفت شويكار بسرعه إلي الداخل بقلق لتري ما حدث؟ ثم شهقت بفزع واتسعت حدقتاها بذهول وعدم استيعاب وهي تري جـ.ـسد أدريان بالأرض يصرخ بألم ويضع يده على وجهه المشـ.ـوه!.
ثم رفعت مقلتيها ونظرت إلي اليزابيث بعيونها السوداء الحادة بنظره قاسـ.ـية لتجد اليزابيث تقف أمام جـ.ـسد أدريان الذي ممدود بالأرض وهي تبتسم باستخفاف واستمتع بمشاهدة أدريان أمامها وهو ينهار ويبكي من الالام.. فقد حققت انتقامها اخيرا و اخذت حقها منه، لم تشعر شويكار بنفسها لتمد يدها بقوة وتصفع اليزابيث بقوة لتصرخ عليها
= يا حقيرة ماذا فعلتي لقد حذرتك من ذلك
تجمعوا بالخارج جميع الفتيات بصدمه وهم يشاهدون ما يحدث وما فعلته اليزابيث في أدريان... بينما أجبرت اليزابيث نفسها على التماسك و الجمود في مكانها رغم رغبتها اليائسة في الارتماء بين ذراعيه أحدهم ثم البكاء، لكنها ببساطة لم تجد أحد ينقذها ولا يخفف عنها ذلك الضغط الذي يحاوطها من كل الاتجاهات.. لذلك فضلت الصمت!.
وقفت شويكار تفكر في ذلك المازق الذي وضعتها بي اليزابيث؟ فبالتاكيد أدريان لما يمرق ما حدث دون خسائر، مسحت علي وجهها بتوجس ثم امرت ليام بأن يحمل جـ.ـسد أدريان للخارج ويرسلوا الى طبيب ليعالجه بسرعة.. واقترب بالفعل ليام واثنين من الرجال يساعدوه للخروج...
واقتربت شويكار بغل كبير تمسك فك اليزابيث بينما هي كانت تبتلع لعابها وتشعر أن قلبها سيتوقف في حالة من الرعب عندما سمعت صوتها القوي وهي تتحدث بعصبية حادة
= لماذا فعلتي ذلك؟ هل أنتٍ سعيده الآن بهذه المصيبة التي حلت بنا من تحت رأسكٍ؟ بالطبع سيد أدريان عندما يتعافى سيأتي لينتقم منا جميعًا .. منذ أن أتيتي إلى هنا و أنتٍ تتمردي دائمًا على أوامري ولا تريدي أن تستمعي إليه وتفعلي ما أقوله .. ماذا يجب ان افعل معكٍ لا أعلم. بدأ صبري ينفد حقًا لدي و اكتفيت منك ومن أفعالك الوقحة
وعندما لم تأتي منها أجابه دفعت وجهها ورأسها وهي تنظر إليها بكل شر عظيم ، واقتربت أمامها للمرة الثانية ترفع قبضتها على وجهها وتـ.ـضربها بقوة كبيرة كانت اليزابيث تتألم لكن شويكار لم تهتم بها ورفعت يدها الأخرى وصفعتها بسرعة حتى تحول وجهها من قوة الصفعة ونزفت أنفها وفمها وسقطت اليزابيث بالأرض الصلبة بألم لكنها وبدون مقدمات هبت واقفة على قدميها و اتجهت إلى الباب حتى تناهى إليها صوتها تصرخ بغضب و هي توقفها و تجرها اليها
= أتهربين مجدداً ؟؟؟ اهذا هو الحل الامثل لكل المشاكل التي فعلتيها بعد ذلك؟؟ تهربي كالجبانة .
اليزابيث دفعتها عنها و ابتسمت بسخرية و اردفت بحقد دفين
= لست هاربة كا الجبانة بل انا راحلة .. حياتي ملك لي و لي الحق بتقرير مصيري و لا انتٍ ولا غيرك له أي حق علي ..بالماضي كنت ادع الاخرين يقررون عني و انا كنت فقط لعبة بين يديهم .. ابتداءا من نيكولا .. و الرجال اللذين يأتون هنا لأجل أخذ روحي ويرحلون ببساطه.. و انتٍ .. الكل كان.. لكن بعد الآن لم يحدث ومازلت علي رايي لم أخـ.ـضع لكٍ
رأت وجهها يتجهم و أصابعها تقبض على أعلى
ذراعيها بعـ.ـنف و هي تقول صائحة بانفعال شديد
= ماللعنة التي تدفعكٍ دائما لاخراجي عن شعوري هكذا .. هل تستمتعين برؤيتي اتصرف معكٍ بقسوة وجنون..؟ كنت احاول اكبح نفسي عنك بصعوبة الا انك تعزفين دايما على الوتر الحساس الخاص بي و قد تمكنتي من جعلي اطلق العنان الوحش الذي بداخلي .
تطلعت بها بغضب ممزوج بألم و قالت بصوت متهكم ومرتعش
= ليس هنالك وحش بداخلك سيده شويكار ... لأنك ليست انسانه اصلا .. بل وحش بطبيعتك بدون ضمير ولا رحمه... انا في حياتي لم اكره شخص مثلك و أحقد عليها مثلك ،انتٍ مجرد شخصية عبيده للمال ولا يهمك شيء في الكون غير مصلحتك ولا تهتمي بالشؤون الآخرين ،و انتٍ بدون الفتيات هنا ليس لكٍ قيمه مجرد شيء رخيص يبحث عن أي مصلحه لجلب المال مهما كانت الطريقه
كانت شويكار تستمع إلى حديثها وانقلب وجهها بقوة من شدة الغضب داخلها لتصرخ شويكار إنما بنبرة لا تخلو من الانفعال الذي لسعها كسوط قاس... أصبحت عيناها اللتان كانتا مشطورتين باللون الأحمر وازداد لونهما سوادًا مثل ليلة مظلمة وهي تنظر إلى اليزابيث بشكل حاقد وأردفت بصوت عالي
= لــيــام.. خذ هذه الحقيرة من امامي على الفور. انها لكٍ لليلة. افعل بها ما تشاء من ضرب وتعذيب بكل ما هو متاح لكٍ حتى تكون قدوة لكل من يعارض الأمر مثلها..و لا ترحمها أبدًا. أريدها ألا تنسى أبدًا هذه الليلة من حياتها إلى الأبد.
أصابت اليزابيث بالذعر وهي تراجعت بضع خطوات للوراء لكن جـ.ـسدها اهتز عندما نظرت إلي ليام في خوف الذي ابتسم ابتسامه خبيثه باستمتاع بينما امتلأت عيناها بالدموع.. مذهولة مما أمرت به شويكار وابتلعت ريقها بصعوبة وفهمت الآن أنها غرقت في جحيم لا نهاية له.
❈-❈-❈
وفي القصر، كان نيشان ينظر لكلًا من انطون و آدم وببسمة مترقبة آدم الذي دلف من باب القصر بوجه قاتم فهو منذ قليل اتصل بى والده حتي يأتي له وهو فعل ذلك دون نقاش، رغم أنه كان لا يريد أن يأتي مره اخري لانه يعرف السبب جيدا! وهو بالتاكيد طلبه لأجل لارا.. جلس وقد مر اكثر من ساعه والثلاثه مشغولين في العمل حتي دلفت لارا تتمايل بفستان اسود قصير بحملات رفيعه، لتتقدم نحوه آدم مبتسمة بلطف بينما أبتسم نيشان إليها وقال بصوت وقار
= أهلا بكٍ لارا تفضلي اجلسي هنا خمس دقائق فقط وسوف ننتهي من العمل، وبعدها سياخذك ادم للعشاء في اي مطعم تختاريٍ انتٍ على ذوقك
ابتسمت لارا له ابتسامه عريضه بينما ضغط ادم علي يده بعـ.ـنف مكتوم من افعال والد فهو حتى لم ياخذ رايه ويسالة اذا كان مشغول ام لا علي الأقل؟ لكن هذه طريقته معه ولم تتغير أبدا..
لكن فجاه خيب آدم ظن والده وهو ينزع سترته الجلدية عن المقعد متحركًا صوب الخارج دون أن يهتم حتى بقول أسبابه كما فعل والده ووضعه في امر محرج أمام الجميع، بل خرج بكل هدوء وبساطة.
اتسعت لارا عيناها بصدمه من فعلته وشعرت باحراج بينما نظر نيشان نحوه بغضب مكتوم ثم أشار بيده إلي لارا حتى تلحق به، حمحم نيشان وهو يقول ببسمة مصتنع متفهم ملامح لارا و شقيقها العابسة قائلا بتوتر
= هيا لارا ألحقي بي خطيبك عزيزتي، بالتاكيد هو ينتظرك بالخارج في السياره ، هيا حتى تستأنسوا ببعضكم البعض في الطريق الطويل
نظرت لارا إليه بسخرية واستهزاء ثم نهضت بغيظ شديد منه وقالت بصوت مكتوم
= حسنًا فقط لأنك طلبت ذلك، وأنت تعلم يا سيد نيشان أنني لا ارفض لك طلبًا، فأنت كنت أقرب صديق الي والدي وأنا اعتبرك بمثانته في النهاية، والآن سوف اذهب لانفذ ما أمرتني به وألحق بي
ثم تحركت وهي تركض بخطوات سريعة إليه، راقب انطون رحيل لارا وهو ينظر حوله بوجه عابس بضيق شديد بينما أعاد نيشان رأسه للخلف وهو يقول باحراج
= اعتذر انطون لا أعرف لما فعل ذلك فجاه وتركنا ربما تذكر شيء هام
لوى انطون شفتيه بامتعاض، قبل أن يعتدل في جلسته وهو يقول بجدية
= حسنًا دعنا نحن ننتهي من العمل افضل، لارا ستحل الامر بالتاكيد انا واثق بها
❈-❈-❈
في منزل شويكار، بداخل الجنينه الخلفية.
لم تتوقف هانا عن البكاء كلما تذكرت كيف أخذ ليام اليزابيث رغم عنها بأمر من الكونتيسه بينما كان يجلس بجانبها باكر يواسيها ويخفف عنها، ثم رفع يده يمسح دموعها برفق ثم احتـ.ـضن يديها الناعمتين وهو يمرر أصابعه الناعمة على كامل ظـ.ـهرها ويدلكه بحركات دائرية بخفة ونعومة ليقول باعتراض
= توقفي عن البكاء هانا ارجوكٍ، ستعود سلامه صدقيني
زفرت هانا عدة أنفاس كانت تجيش بصـ.ـدرها وقالت بصوتٍ محتج بين بكائها بقهر مريرة
= أعلم أنها ستعود ، لكن لا تكذب علي باكر بشأن انها ستعود سالمًا وبصحة جيدة، السيدة شويكار لم تمرق ما فعلته اليزابيث على خير أبدا انا اعرفها جيدا، لقد حذرت اليزابيث مرات عديدة من تمردها وعدم الخضوع للكونتيسة .. وما فعلته هذه المرة ليس بسيط وسيكون عقابها قاسي للغايه.. رايت بنفسك كيف سمحت إلي ليام ياخذها ويفعل كل ما يحلو له معها.. ربَّاه متى ينتهي هذا الذل الذي نعيش فيه؟!.
ثم عبست ملامح هانا وطالعته ثم صمتت قليلا لتتساءل بخوف
= وهل سنترك اليزابيث هكذا دون مساعده
اتسعت عينا باكر وهتف باستنكار
= وماذا بواسعنا أن نفعل!؟ إذا اعترضتٍ سيعاقبونا نحن الاخرين مثلها؟ أو سيذكروني بالاسباب التي حدثت في الماضي بخصوص ترك العمل والعيش عندهم في القرية لأجل تخلي اهلنا عنا.. مع الاسف يا هانا نحن غير قادرين على أي فعل شيء غير الإنتظار
ثم تنهد باكر وقال مغمومة وأصابعه تتلاعب بخصلات شعرها ويفرغ من توتره بإحراج وحذر ان تفهم حديثه بشكل خاطئ
= وإذا طلبنا المساعدة من شخص آخر خارج القرية ، فمن المستحيل أن يساعد أحدهم أشخاصًا مثلنا عندما يعرفون ما هو العمل هنا ، وماذا تفعل الفتيات بالأخص وكيف يبيعن أنفسهن.
اشتد بؤس هانا وعبوسها من تزمت أحوالها و احوال صديقتها وكأنه لا يكفيها الأشهر التي أضاعتها في العذاب هنا وهي مجبره علي تنفيذ اوامر شويكار.. فهي احيانا تشعر وكانهم يعيشون في سجن بدون قضبان؟!. وهم في سباق مع الزمن لتحصيل كل ما فاتهم بداخله وإدراكه والاستفهام عن كل الأخبار والأحداث والمناسبات التي لم يعشنونها ..حلَّ صمت بائس بينهما قبل أن تكسره هانا قائلة بإحباط ويأس
= أشعر أننا نعيش في غابة مليئة بالوحـ.ـوش الشـ.ـرسة .. إذا أخطأ الذكر ، فلا يلومه على فعله مهما كان حجم الضرر ، ويمضي في حياته بحجة أنه هو رجل وهذا لا يؤذيه ، بل يضيف إلى تجاربه المليئة بالإنجازات ، أما إذا أخطأت الأنثى فهذا يعني أنها قاصر ويجب أن تخضع للقيود. وللسيطرة على شؤون حياتها حتى نهاية حياتها حتى لا تقع في مأزق مرة أخرى ، وكأنها لم تخلق بإرادة حرة ومستقلة وبعقل مساوٍ تمامًا لعقل الرجل ... ما هذا المجتمع الذي نعيش فيه؟
عبس باكر ورد عليها آسفة
= لا أدري ماذا أقول لكٍ، ربما علينا الانتظار أكثر قبل أن نفعل شيئا بشأن وضع اليزابيث هذا.. وبالتاكيد ستعود إلى هنا مره اخرى اين ستذهب إذن
تنهدت تنهيدة استمع لها الأخر، وهي بأسى على حال صديقتها ثم أكملت كمن يفرغ شحنات سلبية من داخلها
= في بداية حياتي هربت من زوج والدتي السكري المتـ.ـحرش لكي أعيش بسلام دون عناء .. ثم وجدت نفسي هنا .. داخل نفس السجن حيث كنت أقيم مع شخص متحرش جاحد وأمي كانت ليس لديها ضمير لتخاف على ابنتها وتحميها من غدر الاخرين وذلك لأجل مصلحتها فضلت الصمت حتي لا تجد نفسها في الشارع بلا مأوى ... لاجد نفسي بعدها بين ذئاب بشرية لا يملكون رحمة ولا انسانية لها ... فليس من المنطقي أن اغادر من حبس إلى حبس جديد
تطلع فيها بيأس وحزن ثم غمغم بصوتٍ متحشرج
= اهدئي يا هانا ، فليس كل شيء يدوم إلى الأبد .. وهذا الظلم الذي نعيش فيه بالتأكيد له نهاية ، وكل ذلك سينتهي!
امتلأت نظراتها بالشجن وهي تقول بعاطفة صادقة
= باكر انت الوحيد من بين الجميع من وقف الى جانبي في أكثر أيامي بحاجة للمساعدة وسندًا.. و سأقولها بصراحة رغم ان الجميع حذرني منك لكنني مهما أنكرت وتمنعت فأنا أحبك بجنون، و أري فيك أحلامي، ولا تغيب عن بالي، وأشعر أيضا بما يُقاسيك، و أنت أيضا تشعر بي وبما أعانيه
ابتسم باكر بحب وسعاده علي حديثها بينما بترت هانا كلامها وهي ترخي أجفانها لتردف وتضع كف يدها دون أن تترك أصابعها منديله، على صدرها تتحس قلبها الصاخب لمجرد قولها ذلك بإحباط و خجل
= باكر! أنا حقا لا أدَّعي أو اصطنع تمنعي، ولكن أشعر دائمًا أنك قد تستحق من هي أفضل مني.. فأنا في النهاية فتاه ليلـ
لم تستطع تكملت حديثها حيث كتم باكر فمـ.ـها بغضب مكتوم وهتف بها باكر مغتاظ منها و همس بتأنيب
= اصمتي ولا تقوليها مرة أخرى ، ولماذا تهتمي إذا كنت أنا راضيًا عنك هكذا ولم أشتكي؟ أنا رجل بالغ عاقل ، وقد اخترتكٍ أنتِ لتكوني شريكة حياتي ، ومصر عليكٍ لذا وافقي على عرض الـ.ـزواج والهروب من هنا ، حتى تنسى كل تلك الأيام البائسة التي عشتي فيها هنا ، وأنا أيضًا. كلنا نرتكب أخطاء يا هانا والخطأ الحقيقي هو الاستمرار به دون محاولات لإصلاح الأمر .. أنا أحبك بصدق يا هانا صدقني لا تخافي، و أرجوكٍ لا تقولي هذا الحديث مرة ثانية.. حسنا
ابتسمت هانا ابتسامه عريضه وسط دموعها وقبل أن تتحدث لاحظت اقتراب شويكار منهم وهي تنظر إلى الاثنين بدهشة وشك ثم هتفت بسخرية
= هل في كل مره سابحث عنك هانا أجدك تجلسين مع باكر! عما ماذا كنتم تتحدثون؟
نهض باكر بسرعه وابتعد عنها بقلق بينما انكمشت ملامح هانا فجاه عندما سالتها شويكار عن تقربها من باكر و إبتلعت ريقها باللاذع بأنها تكون قد لاحظت شيء ما عن علاقتهم الخفية، لكنها حمحمت بارتباك شديد وقالت متلعثمة
= آآ ولا شيء، لا نفعل شيئ تقابلنا هنا بالصدفه أصلا
كانت شويكار تسترق النظر بين الثواني و الدقائق إلى هانا مستغربه ومتسائله باستفزاز معتمدة
= كان مجرد سؤال عادي لما التلبك هكذا؟
انتاب جـ.ـسد هانا رعشة قوية من شكوك و تساؤلات شويكار فصمتت بوجه محتقن وعقب باكر بهدوء ليغير الموضوع مرادفا بضيق
= سيده شويكار بعد اذنك كنت اتساءل متى ستعود اليزابيث إلي هنا مجدداً
شبكت شويكار أصابع يديها في بعض بحدة وقالت بخشونة واستياء
= انفك يستخدم للتنفس وليس لحشره في اشياء لا تخصك سيد باكر.. هيا تحرك من امامي وانتبه لعملك افضل، وانتٍ الاخرى الحقي بي.
يتبع..