رواية جديدة عشق الرعد لسماء أحمد - الفصل 3
قراءة رواية عشق الرعد كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية عشق الرعد
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة سماء أحمد
الفصل الثالث
صرخت عشق بجنون وهي لا تصدق ما قرروه نيابة عنها، عم الهرج والمرج في
العمارة كلها نسبةً لعلم عشق، انفجرت باكية وهي تجسو على ركبتيها بينما تقف فتيات
عمها منهم من شامت ومنهم من حزين
يوسف بحزن : يا عمي يعني دا يرضيك
جلس أحمد أمامها ينظر لها ولدموعها ثم تجمعت دموعه قائلاً : أنتِ
بتعيطي ليه ؟
عشق ببكاء : أنا غلطت لما اختارتك، أنت بتبعني عشان مرة غلطت
أحمد وهو يرفع وجـ ـهها : الضعف عمره ما كان شطارة حتى قدام أبوكي
متضعفيش
مسح دموعها ثم اعتدل واقفاً لينظر لهدير نظـ ـرة قاتـ ـلة جعلتها
تبتلع ريقها ثم كاد يخرج فوجد في وجـ ـهه عاصم ابن عم عشق، مرات كثيرة طلب يـ ـدها
من أحمد لكنه رفض ويرفض وسيظل يرفض فهو لا يليق بصغيرته
أحمد : يلا يا عشق على فوق
وقفت عشق واتجهت لغرفة جدها تطرق الباب بقوة ثم صرخت به : مرتاح
الوقتي يا جلال، قولي مرتاح وهتنام في بيتك ودم نور مش فيه، الفضيحة اللي قولت عشق
هتجيبها ليك هي فعلاً هتجيبها وهخليك مترفعش عينك في كلب من الشارع وحياة أمي
أحمد بصراخ : قولت يا عشق اطلعي على فوق
عشق : معتش ليك دعوة بيا فاهم ؟
فتح جلال الباب واردف : شوفتي حتى بعد ما خسر الكل عشانك واداكي أكتر
من اللي بنـ ـات اعمامك واخدينه بتطاولي عليه، حد من بنـ ـات عمك يقدر يعمل كده
أحمد : على فوق يا عشق
دفعته من طريقها وهي تتجه لأعلى كذلك عاصم الذي قال بصراخ جنوني :
اشمعنا الوقتي بتجـ ـوزها ولما كنت أنا عايزها كنت بتقول صغيرة
عشق بسخرية : ليه أنت مفكر إني طول ما دمك دمهم أنا هستنضف أوافق
عليك
نظر أحمد لها وحرك رأسه بأسف ثم سحبها وصعد لأعلى ليتركها في الشقة
ويغلق الباب عليهما ثم اتجه لغرفته واغلق الباب خلفه يضع وجـ ـهه بين يـ ـديه وفرت
دمعة يتيمة من عيناه، وأسفي على تربيتي ! وأسفي على عمر كامل أضعته وانهدر !
عشق : على فكرة أنا ههرب ومش هتلاقيني، أنا بقولك أهو لو هقعد مع
كلاب الشوارع ولو هشتغل رقـ ـاصة فاهم يا بابا ؟ مش عشق اللي تستسلم للأمر الواقع
فاهم ؟
فتح الباب ومسك يـ ـدها قائلاً : الفرح بعد أسبوع لسه قدامك فرصة،
وبرضو مش أنا اللي هسيب بنتي لكلاب الشوارع ولا هخليها تشتغل أي شغل طالما أنا عايش،
دا تليفونك
ووضع الهاتف في يـ ـدها مكملاً : طلعي رقم أخوكي وكلميه روحيله هو
ومامتك عيشي معاهم، وكمان هديكي فلوس، شنطة فلوس كاملة تعيشك عمر كامل، الباب
المفتاح فيه وهدومك جوه لميها وامشي، عادي مجرد فضيحة والأيام هتسترها
عاد للداخل يجلس على طرف الفر اش واضعاً يـ ـديه بجانبه فاتجهت تجلس
على ركبـ ـتيها أمامه وتبكي بانهيار وهي تضم خصـ ـره
عشق ببكاء : أسفه يا بابا
أحمد بهدوء : على ايه ؟
وكعادتها أتت الأزمة لها بعد مواصلة من الصمود، وقف أحمد واتجه يحضر
لها البخاخ ثم سندها يضعه بفـ ـمها ويضغط على المخزن، هدأت أنفاسها وهي تضمه بقوة
أحمد وهو يربط على ظـ ـهرها : ندمانة يا عشق، طب منا ندمان على جوازي
من أمك من الأول، بقالي خمس سنين مبيعديش ليلة بنام من غيرها غير وأنا بندم، تعبت
منها ومنك ومن أهلي ومن الدنيا يا عشق، دايماً بصة الكل ليا بصة تقليل واتقالتلي مرة
أنت كلب مراتك والتانية أنت كلب بنتك وفي الآخر اكتشفت إن حبي ليكم هو اللي خلاني
فعلاً كلب
بعدها عنه ثم وقف يتجه للخارج فقالت ببكاء : يا بابا متمشيش، أنا
أسفه مقصدش والله حقك عليا، يا بابا والنبي خليك متسبنيش
اغلق باب الشقة خلفه فبدأت تنادي عليها بصوت أعلى وهي تبكي، أما هو
فبدأ يفكر فيما أوصل ابنته إلى هذه المرحلة بالتأكيد ضغطه عليها هو من فعل هذا
عاد للمنزل بعد عدة ساعات وجدها تنام على الأرض وفي يـ ـدها البخاخ،
حملها ووضعها على السرير يجلس بجانبها ويفكر في حبيبته وكيف أنه ظل سنوات يروضها
وفي النهاية فشل أيضاً، فتحت عيناها تنظر له ثم ضمته بقوة وغفت
أحمد : مش هيهون عليا اقعد من غيرك، كنت هتراجع بس صدقيني هو كويس
وأنا خايف عليكي من كل حاجة، أنا مليش غيرك يا عشق ولو مُت محدش هيزعل عليا غيرك،
هياكلوكي يا نور عيني وهيرموكي محدش هيكرمك عشاني يا عشق، أنا غلطان عارف بس
صدقيني مفيش في اليـ ـد حيلة وعارف إني مش هعيش قد ما عيشت
رن هاتف عشق فالتقطه وأجاب : الو
استمع لصوت ابنه قائلاً ببرود : فين عشق ؟
أحمد بهدوء : نايمة يا عمار لما تصحى هخليها ترن عليك، عامل ايه ؟
عمار : كويس، عايز حاجة ؟
أحمد : سلامتك خد بالك من نفسك ومن مامتك
لم يجب واغلق الخط بوجه أحمد الذي وضع الهاتف بينما اهتز جـ ـسد عشق
ببكاء وهي تفتح عيناها وتزيد من ضـ ـمه
أحمد بمرح : بتعيطي ليه بس ؟ من أمته وجواكي چينات النكد دي يا بت
عشق : عمار دا غبي وأنا غبية واخدين جيناتها، أنا بكرهها اوي يا بابا
والله بحبك أنت وفخورة إنك بابايا، والنبي متزعلش مني
أحمد بإبتسامة : عليه الصلاة والسلام، حاضر يا ست عشق
عشق بتنهيد : آخر سؤال بس هتعرف تقعد من غيري
أحمد : تؤ الحوار هيبقى صعب، الوحدة وحشة يا ونسي
عشق بغضب : بكرهها يا رب يخلص منها مرا تك دي
أحمد بحدة : حرام عليكي يا بابا كله سلف ودين
عشق ببكاء : يعني أنت شايف اللي عملته فينا صح يا بابا، يا بابا أنت
بتعاني من يوم ما مشت أنا زعلانة اوي من نفسي ومنها وعليك
أحمد بمرح : اقعد اعيط جنبك يعني ما خلاص يا عشق، بعدين على فكرة لو
اتحطيتي في موقفها هتبعدي
عشق : وأسيب القمر دا هي كانت تطول واحد حليوة وبعضلات وعيون زرقا
وموال يا أخي، هي مبصتش لنفسها في المرايا دي لا شكل ولا لون ولا ريحة
أحمد : عشق يا ماما أنتِ نسخة من نور في الملامح والعناد والعصبية
واللسان الطويل وكل حاجة، لو نور موجود الناس هتوه فيكم
عشق بعبوس : أنا وحشه ؟
أحمد بتنهيد : هي مش وحشه هي الجزء الحلو في كل حاجة، تصدقي أنا مش
قادر أنسى ولا اي لحظة عيشتها معاها ضحكتها بوزها فرحها زعلها لكل سبب
ليكمل بضحك : تعرفي جالها بعد ولادة عمار اكتئاب ومرة دخلت لقيتها
ماسكة سكينة
عاد بذاكرته لذاك اليوم
اتسعت عيناه وهو يتجه لها يسحب السكينه من يـ ـدها، انفجرت باكية وهي
تندفع لحضـ ـنه فبدأ يمسد على شعرها باستغراب
أحمد : كنتِ بتعملي ايه بالسكينة يا مجنونة
نور ببكاء : عايزة أمو ت نفسي
أحمد بضحك : اشمعنا يا جبانة
نور بغضب : كله بسببك أنا بكرهك يا أحمد، ابعد بقى مخصماك
أحمد : طيب ابعدي وقولي في ايه ؟
نور بصدمة وهي تنظر له : عايزني ابعد بجد ! أحمد أنت معتش بتحبني صح
؟ أكيد بعد ما خدت اللي عايزه لازم تعمل كده منا معتش حلوة ومليش لازمة و ...
أحمد : لا أهدي كدة فهميني أنتِ زعلانة ليه من الأول
نور : عشان أنت بتحب عشق اكتر مني وبتقعد تقولها يا عشقي وكمان ...
بدأت تشهق ببكاء وهي تقول : وبتنام وهي في حضـ ـنك كأنك متجوزها هي
أحمد بزهول وضحك : بتغيري من طفلة عندها تلت سنين، أمي وعشق لا بقى
كدة كتير
نور وهي تزيد من ضمه : أعمل ايه بحبك ومكنتش مصدقة إنك هتبصلي
وتتجوزني يا أحمد، أنا بجد بتقهر اوي لما حد بيقربلك عايزاك ليا لوحدي
أحمد وهو يحملها : أنا ليكي لوحدك وتعالي بقى أموتك بنفسي بدل ما
تنتحري وتاخدي ذنب
نور بخجل وهي تدفعه : أحمد الولاد
أحمد بمرح : خليكي في أبو الولاد الوقتي
عشق : هو أنا لما أحب هبقى غيورة كدة
أحمد بضحك : هتبقى بنار وممكن تولعي في جو زك شخصياً، ربنا يسترها
عليه بقى
عشق بانزعاج : ما هو صحيح جو زي لوحدي أنا اللي مخلوقة من ضلعه مش
بنته يحبها عني ليه دا ايه الهم دا يا ربي !
تعالت ضحكات أحمد وهو يقول : أة منك يا نور يا صغيرة أنتِ، مش عايزة
بقى تسألي عن العر يس
عشق بقلق : هو صعيدي بجد ؟
أحمد بتنهيد : حقيقة فعلاً
عشق : طيب هو أكبر مني بكتير ؟
أحمد : شوية يعني
عشق بتوتر وخوف : بيشتغل ايه ؟
أحمد بهدوء : ظابط
نظرت له قليلاً فانفجر ضاحكاً ليردف : من عاب على شيء ابتلى به
عشق : أنا خايفه يا بابا بعدين أنا مبعرفش اعمل كوباية شاي لنفسي
هشيل بيت أزاي، الموضوع كبير
أحمد : بتثقي فيا يا عشق ؟
عشق : أكتر مما تتصور
أحمد وهو يُقـ ـبل جبينها : يبقى سيبيها على الله وملكيش دعوة
عشق : حاضر
"
عشق من الفتيات المتمردة على المتمرد، لسانها السليط أكبر مشكله في حياتها،
تعاملها مع الجميع على أنهم من سنها والجميع سواسية مشكلة أخرى، أخذت حريتها لكنها
استغلتها في بعض الأشياء الخطأ لكنها لم تصل لخطأ فادح، صفاتها سمراء البشرة ذو
شعر أسود ممزوج بالأبيض يصل لقبل خصـ ـرها وأعين سوداء واسعة، أجمل ما تمتاز به هي
تلك النغزة التي تزين ذقنها "
❈-❈-❈
دعونا نتحدث قليلاً عن بطلنا رعد الشافعي، لقد توفي والديه قبل عدة
سنوات في حادث سير وتركوه وحيد، رفض رعد العودة للصعيد والعيش مع أهل جده وقرر
الاستقرار في القاهرة تحديداً منزل أبويه، ترك له والده منزل أشبه بالڤيلا والكثير
من المال كذلك مجموعة مستشفيات استثمارية " مستشفيات الشافعي " فقد كان
والده طبيب جراح ووالدته طبيبة نسا وتوليد، لم يرد رعد يوماً أن يصبح طبيل فهو
أختار حلمه وترك إدارة المستشفيات لنائب عنه
رعد شخصية مسالمة هادئة نظامية في كل شيء، كل حياته بمواعيد، قريب من
ربه كثيراً ويخشاه في كل لحظة من حياته، قام بتأسيس شركة حديد وصلب حتى يدخل مجال
إدارة الأعمال كذلك يمنع أصحاب الواسطات من التدخل ومنعه من السير بجد في عمله،
شاركه صديقه " ياسين المهدي " بنسبة في شركته لكن النسبة الأكبر لرعد
لأنها من البداية رغبته هو، أجمل ما يمتاز به هي أعينه الخضراء الصافية كذلك
غمازتيه التي تشق خده كلما ابتسم فقط ذو بشرة حنطية ولحية خفيفه لا يتركها تنمو
إلا القليل القليل بسبب تعاليم عمله ذو خصلات تمتزج بين البني الداكن والفاتح
يمتلك قدر كبير من الوسامة
وضع رعد القلم من يده يعيد ظهره للخلف، انفتح الباب دون إذن وكالعادة
ومن غيره يفعل هذا مع رعد، رمقه رعد بضيق طفيف
ياسين : أجل البصة دي شوية عشان جايلك بخبر مش تمام اوي
رعد بهدوء : خير ؟
ياسين بتنهيد : كنت مع چمان وحاولت أعرف عن البنت إياها حاجة وعرفت،
بنت خالة چمان
رعد بقلق طفيف : ايوة كمل في حاجة تانية ؟
أكد ياسين برأسه وهو يقول : البنت فرحها بعد أسبوع
اكتفى رعد بهز رأسه ثم أكمل ما يفعل بينما قال ياسين : رعد متزعلش
لسه قدامك فرصة
رعد : فرصة لأيه يا ياسين ؟ البنت أساساً ممكن تكون مشافتش وشي، يلا
ربنا يسعدها مليش نصيب فيها
ياسين : يا رعد أنت ...
رعد وهو ينظر لهاتفه : استنى جدي بيرن
رد رعد عليه قائلاً : سلام عليكم
عتمان بإبتسامة : وعليكم السلام يا عريس، كيفك صحتك عاد ؟
رعد : الحمد لله يا جدي، ازيك أنت وازي ستي واعمامي
عتمان : كلنا بخير وفرحانين ليك يا عريس
نظر رعد لياسين وقال باستغراب : ايه عريس دي يا جدي ؟ وضح كلامك
عتمان بصدمة : معقول يا رعد كيف نسيت فرحك ! أنا قايلك من أسبوع إن
فرحك كمان أسبوعين وكلنا أهنه بنجهز ليه والعروسة هتنور هي وعيلتها كمان أربع أيام
أغمض رعد عيناه بقوة وهو يضغط على الهاتف ثم نظر لياسين الذي حرك
رأسه باستفهام، فاق رعد على صوت جده وهو يقول : هتروح للعروسة أمته عشان تختاروا
الفستان
رعد بخفوت : فستان ! عروسة ! فرح !
ليكمل بصوت : مشغول يا جدي الأيام دي اوي، هي ممكن تختاره وأنا
هبعتلك فلوس توصلها ليها
عتمان باستنكار : ميصحش يا ولدي أنت مشوفتهاش ولا مرة
ردت عشق على والدها قائلة : هشوف الملك ! عنه ما جيه هجيب فستاني
لنفسي
أحمد : عيب يا بابا دا هيبقى جوزك
عشق بغيظ : اتجوزته قردة على غروره ده يا بابا، الحمد لله إني مش
هشوف خلقة أمه العكرة دي
أحمد بزفير : عيب يا بنتي حماتك ميته
عشق بلامبالة : ريحت وإرتاحت أنا مش حمل حوارات الحموات ومرتات الابن
دي
أحمد بضحك : عنده بقى جدته وعمين اكيد مرتاتهم هتبقى في مقام حماتك
وعمتين
عشق وهي تضرب فخذيها : يا نهار أسوح، فينك يا حماتي أي كان هتبقى
أرحم من جيش المغول ده
أحمد بشماته وخبث : تستاهلي عشان تلمي لسانك ده، يلا خدي الفون رني
على واحدة من صحابك ننزل نجيب الفستان
عشق بتفكير : أممم هاته
أخذت الهاتف واتجهت للغرفة تخرج دفتر ومنه شريحة إضافية، اغلقت الباب
وبدلت الشريحة لترن من الآخرى على أحدهم
عشق : الو
الشاب : مين ؟
عشق بخبث : فاعل خير يخص ابن عضو مجلس الشعب التهامي بيه، روح •••
شارع عشرين اول عمارة لونها أصفر الدور التالت هتلاقي ابنه قالبها دعارة، أي خدمة
ومبروك عليك الترقية
اغلقت دون سماع رد وهي تقول : تعيش وتاخد غيرها يا ميرو عشان تعرف إن
لحم عشق مر اوي
فكرت قليلا ثم قالت : دورك يا علياء
رنت على أحدهم فأتاها صوت صارم : أيوة مين ؟
عشق بصوت رقيق تخفي حقيقة نبرتها : فاعلة خير روح لم بنتك اللي
مصاحبة واحد وكل يوم والتاني على شقته، الولد اسمه محمد يسري وعايش في حي الجامعة
في أول شارع •••، اي خدمة يا عمو
اغلقت بوجهه هو الآخر ثم خرجت لوالدها الذي يحرك هاتفه بين يديه
بعشوائية، جلست بجانبه تمسك يده
عشق : اللي واخد عقلك ؟
أحمد : رني على أخوكي وعرفيه هو ومامتك على معاد فرحك إن شاء الله
هيجوا
عشق بمرح : بناقصهم يا جدع كفاية أنت عليا بالله
أحمد : بتكلم بجد يا عشق
عشق بزفير : وأنا كمان بتكلم بجد، مش عايزاهم يا بابا جنبي ولا عايزة
حد جنبي
أحمد : أنا مش باخد رأيك يا عشق أنا بأمرك ترني عليهم وتعرفيهم
عشق بحزن : يا بابا بلاش أنا هقلب عليك وعليها المواجع، مش هسيبها من
غير كلام يسم البدن
أحمد : يا عشق لسانك دا ميأكلش عيش في الجواز، أبوس إيدك ارحمي الناس
من كلامك، عيب يا بابا والله عيب
عشق بعبوس : يا بابا مبعرفش والله اسكت من غير ما اقول الكلام ده،
بموت لو متعبتش الناس بكلامي
نظر لها قليلاً ثم ضحك قائلاً : والله ما حد بوظك غيري
عشق بتأكيد : للأسف صح، هاا مش هنروح نجيب الفستان ؟
أحمد : النهاردة ! كلمتي صحابك
عشق بنفي : لا هاخد زينة وإيمان وأنت كفاية، بلا صحاب بلا بتاع
أحمد بتفكير : اومال كنتِ بتعملي ايه بالفون
عشق بمرح : باخد حقي ولما الفضيحة تحصل هتعرف
أحمد بعدم فهم : هعرف ايه !
همست في أذنه قائلة : لحم بنتك مر اوي ومش سهل حد يجي عليها
أحمد : يا خوفي منك !
❈-❈-❈
"
تتجـ ـوز كمان اسبوع ! ازاي يعني "
هذا ما قاله ياسين بصدمة فضحك رعد بخفة وهو يحرك كتفيه بلامبالة،
أجازة أسبوع سوف يعطل حياته لأجل هذا الزو اج السخيف
ياسين وهو يسحب الملف : كلمني يا رعد
رعد باستغراب : في ايه يا ياسين ! منا كنت قايلك جدي اتقدم لواحدة
وشكله كده عايز يلحقني قبل ما أغير رأيي ويجـ ـوزني
ياسين بصدمة : هتتـ ـجوز بجد !
أكد برأسه ليردف : أيوة بس مع اختلاف بسيط هخليها هناك وكل شهر هروح
أشوفها مره كواجب يعني إنما تشاركني في حياتي هنا لا
ياسين : بسهولة كده، طب وتتجوزها ليه من الأول ؟
رعد بتنهيد : جدي يا ياسين عايز يفرح بيا وأنت عارف حوارات الجدود
ده، فكرت اريحه واريح دماغه وتعيش معاه اللي عايزها او جايز لما اشوفها ربنا يحلها
بعدين في حاجة
ياسين وهو يجلس : اشجيني
رعد بزفير : البنت من المنصورة ومعروفة البنات هناك متحررين جداً
وفيها تمرد شديد وأنا مش عايز مناهدة، أنا بتضايق من ذكر بلدهم بالك أتجـ ـوز منهم
صعبة
ياسين : مش شرط كلهم يبقوا كدة طب ما چمان من هناك وحقيقي البنت لا
تمس جايدا بصلة، چمان هادية اوي وعاقلة و ...
رعد بخبث : شايف في ناس بدأت تقع
ياسين باستنكار تام : مستحيل محدش بيقع في الغلط مرتين
رعد وهو يقف : ياسين المهدي
ياسين باستغراب : مالي ؟
رعد بمرح : هتقع في الغلط مرتين صدقني
ياسين بتحدي : هنشوف
رعد بسخرية : هنشوف
❈-❈-❈
سارت تلك الفتاة على المشاية وشعرها يتطاير بفعل الهواء، عيناها
الفيروزية تلتمع بسبب إضاءة الشمس الطفيفة، جو لا يفهمه سوا أهل المنصورة، وكيف
تشعر بالبرود وفي نفس الوقت تزين الشمس وجهك، تنهدت وهي ترى شاب يمسك يد حبيـ ـبته
ويتجه بها لمركب بسيط لأخذ جولة في بحر المنصورة
سيلا : ناس تتمشى مع حبيـ ـبها وناس حبيـ ـبها متجـ ـوز أساساً، يا
خسارة
ابتسمت وهي تتذكر عيناه الزرقاء وضحكته التي تزينها غمازة رائعة،
بالتأكيد لو تزوجـ ـته أولادها سوف يكونوا وسيمين ذو غمازات
جلست على أحد الآرايك تتخيله يجلس بجانبها ويمسك يـ ـدها متأملها بتلك
النظرة السالبة للأنفاس كما تراها
سيلا وهي ترفع يد يها : يا رب اجعله من نصيبي، حرام يعني عمره ما
كلمني ولا لمحني وتزرع في قلبي كل الحب ده
تنهدت وهي تعود وتقف ثم سارت تنساب دموعها بحزن وفجأة وقفت أمام
عمارته حين لمحته يخرج منها، أطلق صفير مشاغب كطبعه وهو يقول : يا زينووو انزلي يا
بت
مسحت دموعها ثم ابتسمت برقة لتجده يضع الجاكت الخاص به فوق سيارته ثم
ارتفع يجلس فوقـ ـها محركاً قدميه بعشوائية
بدأ يغني بصوت جميل إلى حد ما : وأنا كل ما أقول التوبة يا ابويا
ترميني المقادير يا عيني ترميني المقادير، وحشاني عيونه السودا يا ابويا و ...
وايه ؟
كان قد اتجهت للجهة الآخرى محاولة لفت انتباهه فاردفت : ومدوبني
الحنين يا عين
كاد ينظر لها لكنه لمح حبيـ ـبته تخرج فنزل واتجه لها متجاهل سيلا
التي بدت غبية كثيراً، فرت دموعها وهي تنطلق مبتعدة عنه، التفتت فوجدته يُقـ ـبل
جبين ابنة عمة وخطيبته زينة وهي بالفعل زينة، جمال سيلا صارخ بينما جمال زينة
هادىء رائع
يوسف : كل ده يا زينو
زينة : يوسف لو سمحت ماما قالت عيب تبـ ـوس راسي حتى لو مكتوب كتابنا
يوسف باستنكار : ماما ! طب اركبي بدل ما اطلع روح أمك يا بنت أمنية
بياعت الطعمية
ركبت فأغلق الباب بقوة حقاً وجود أمها في حياته أكبر مشكلة ولا حل
لها، التفت حوله يبحث عن الفتاة لم يجدها لكنه لمح ظهرها من بعيد وشعرها الطويل
كثيراً فزفر بإعجاب واضح بشعرها واتجه يركب بجانب زينة
❈-❈-❈
بعد مرور عدة أيام
جلست عشق في السيارة بجانب والدها تمسك يده بين يد يه وفي الخلف تجلس
فتيات عميها الثلاثة، رفع يد ها يُقبـ ـلها فنظرت للخارج وبدأت دموعها بالإنهمار،
ربط على شعرها وهو ينظر أمامه يشعر بتلك الخنقة تستولي عليه أجل فهو أيضاً لا يرغب
في تركها له
وصل للصعيد واستقبله أهل المنزل أفضل استقبال له وللعائلة، تعالت
زغاريد النساء فور رؤية عر وس الرعد وتميزها عن باقي الفتيات
جدة رعد وهو تضـ ـمها : تعالي في حضـ ـني يا عروسة الغالي، زينة كيف
ما قال جدك عتمان وتليقي صوح بولد الغالي
بدأ الجميع يضمها وهي تنظر لوالدها بانزعاج بينما هو يكبت ضحكته
بصعوبة، انتهت ثم وقفت بجانب والدها تحاوط ذراعه
عتمان : روحي مع البنات يا عشق وسيبي أبوكي نريده في شوية أمور
عشق بنفي : لا سيب بابا معايا
تحدثت الجدة باستنكار : ميصحش يا بتي دلع البنات الماسخ ده
ضيقت عيناها بغيظ ثم ذهبت مع الفتيات لتتجمع وسط الجميع، تعالت
الصيحات والزغاريد بينما انطلقت الفتيات جرياً للخارج
عشق باستغراب : هو في ايه ؟
أحد الفتيات : العريس وصل من البندر
عشق بسخرية : حصلنا الرعب والنبي ما يوصل الدنيا منورة لوحدها
إيمان : مش هتقومي تشوفي العريس
عشق : عريس مين ! لا معلش أنا أعلى من كدة بكتير
زينة بضحك : أعلى من مين يا هبلة دا عريسك
عشق : يا اختي كدة كدة الجوازة اتحسبت عليا وهتجوزه يعني هتجوزه يبقى
ليه اعقد في نفسي واشوفه، خلي الصدمة مرة واحدة
هدير بخبث : بت يا عشق سمعت أنه ظابط
عشق بزفير : وأنا كمان
هدير : لا وكبير وصارم جداً ومتمسك بعاداته وتقاليده، كمان بصراحة
يعني سمعت نينا اللي هنا بتقول هيعملوا دخلة بلدي و ...
عشق بصدمة : بتقولي ايه ! بتهزري صح ؟ هدير
ابتسمت بشماته وهي تعرف ما توصلت له ليأتيها صوت لازع : عندك مشكلة
في حاجة يا عروسة ؟ أنتم بنات البندر عارفة الموضوع ده يقلقكم
عشق بحدة : وأنتِ مالك عندي مشكلة ولا لا
السيدة بصدمة : شوف البت تتحدت كيف مع عمة عريسها، والله العظيم هقول
ليه وأخليه يسودها عليكي من أولها
عشق بسخرية : هخاف أنا صح ! حاضر هخاف أهو يامي يامي يامي
السيدة بحدة : أنتِ واحدة بجحة ومتربتيش وجالك اللي هيربيكي
عشق بصراخ ساخر : يا مامي خوفت اوي يا بااااباااا بااااابااااا
شهقت السيدة بينما وقفت عشق تنادي على أحمد الذي يجلس وسط الرجال ثم
وقف قائلاً بخجل : عن اذنك هروح الحمام
رعد بهدوء : صوت مين ده ؟
عتمان بضيق : العروسة
رعد بزفير : يعني ينفع يا جدي
لم يجب عتمان بل اكتفى بكبت غضبه وهو ينظر باتجاه جلال الذي تجاهل
صوت حفيدته، وصل أحمد يعنفها بصوت هادىء
أحمد : عيب يا عشق
عشق بحدة : ومش عيب الست دي تقولي يا بجحة ومتربتش وكمان بتقولي
هتخلي العريـ ـس يسودها عليا
عتمان بحدة : يسرية !
شهقت بخفة وهي تحني وجـ ـهها فأكمل : حقك عليا يا بتي هي متقصدش
انفجرت عشق باكية وهي تضم أحمد قائلة : يا بابا يلا نروح من هنا، لو
سبتني هنا هيموتوني دول بيغلطوا فيا وأنا لسه مبقتش مرات ابنهم
عتمان بحزن : متقوليش أكده يا بتي أنتِ والله فوق راسنا كلنا، هي
يسرية أكده بس عشان لسه متعرفكيش
عشق بتمثيل : لا أنت بتضحك عليا يا بابا أنا خايفة منهم
أحمد بهمس : بطلي أڤورة يا حبيبة بابا بدأت تفرد منك
كتمت ضحكتها وهي تنظر باتجاه يسرية بخبث ثم غمزت لها تقول بنظراتها :
تعيشي وتاخدي غيرها
يسرية لنفسها : شكلك مش هينه يا بت البندر، الواد المسكين هيبقى ذنبه
ايه عاد !
وبعد مدة استطاع عتمان أن يصالح عشق التي تتوعد للجميع، زفرت هدير
بغيظ ثم قالت : عشق بقولك
عشق بضيق : قولي يا حلوة
هدير بغرور : هو أنتِ متعرفيش إن خطيبك أتقدم ليا وأنا رفضته الأول
وقولت لجدو عندك عشق أهي يا حرام مش بيجيلها عرسان
عشق : أيوة بالظبط ذي ما قولتي لعاصم ابن عمك أنا مش بحبك روح حب عشق
فاضيه فحبني
هدير بحدة : أنتِ مش مصدقة
عشق بسخرية : لا ازاي مصدقة، شوفتي يا بت يا هدير سوسن حناكة لما
تقعد تقول أنا اتقدملي دكتور ومهندس ورجل أعمال وابن وزير الداخلية
عقدت هدير حاجبيها باستفهام فأكملت عشق : أهو أنتِ شبهها بالظبط
وأنتِ أساساً ذي البرص ملكيش غير حلين يا تضربي بالشبشب يا تتنيلي على عينك يتبصلك
بقرف كتك القرف بشنب الإعدادية ده روحي اعملي شنبك يا بت
شهقت هدير كذلك إيمان وزينة التي تعالت ضحكاتهما، اتجهت عشق حيث
النسـ ـاء تجلس وجلست تبتسم باستفزاز لتلك يسرية ثم اخرجت لسانها لها
شعرت بمن تسحب خصلاتها قائلة : شعرك دا حقيقي يا أبلة عِشق
عشق بسخرية : لا شعرك أنتِ يا أبلة عِشق ما تسيبي ياما شعري في ايه !
الآخرى بضحك : لا بس الصرف باين، شكلهم مكلفين عليكي
عشق : بصي طالما مش مكلفين من جيبك يبقى متشغليش بالك
وقفت زهرة زو جة عم عشق تجلس بجانبها ثم لكزتها بحدة ترمقها بغيظ،
همست بخفوت : لمي لسانك كلهم مركزين معاكي
عشق بعبوس : والله نفسي المه بس مش قادرة بلاقي الرد بيتنطق لوحده
زهرة بغيظ : حسبي الله
عشق بإبتسامة واسعة : بقولك يا نينا الحاجة هو أنتم مش فرحانين بالجو
ازة
الجدة باستغراب : بتقولي أكده ليه يا بتي
عشق : مش حاسه بفرحة ما نشغل أغاني او أي حاجة حسسوني كدة إنكم
فرحانين
الجدة بإبتسامة متسعة : بس أكده عروستنا تؤمر
والتقطت الجدة شيء تطرق عليه والفتيات ترقـ ـص كذلك عشق التي قالت
بتحدي : والله اللي ما هترقص ما هتحضرلي فرح، قومي منك ليها
اتسعت أعين أمنية وزهرة لتلطم زهرة خديها بخفة بينما وقعت إيمان
وزينة أرضاً من كثرة الضحك، مجنونة وتفعلها
يسريه بهمس : ياما البت دي شكلها خراب علينا، ولد ابنك هيسيبها ويمشي
وتقع الفاس في راسنا أحنا
الجدة : اسكتي يا يسرية لأبوكي حكمة من اختيارها ولو سمعك أنتِ حرة
عند الرجال
وقف رعد أعلى السطوح يتأمل الخارج ثم السماء في هدوء تام واسترخاء،
استمع لصيـ ـحات النسـ ـاء فابتسم بخفة وهو يتخيل رد فعل جده على هذا، شعر بيد
توضع على كتفه فالتفت ليبتسم بخفة
أحمد : أنت فاكرني ؟
رعد بإبتسامة : أكيد طبعاً أحمد بيه مدير شركة النقل
أحمد : وأبو العروسة لو تاخد بالك
أكد برأسه ليكمل أحمد : شوفت الدوشة اللي تحت دي
رعد باستغراب : مالها ؟
أحمد بضحك : هي اللي عاملاها، هي حيوية اوي ومش بتحب القيود مش معنى
كدة إنك تسيبها ذي ما كانت عندي بس متقيدهاش ولا تسرق منها ده
رعد بتنهيد : أنا مش عارف بلغوك ولا لا بس أنا مش هاخدها معايا
القاهرة، أنا حياتي عجباني كده لوحدي
أحمد بحدة طفيفة : وأنا مجوزتهاش لهنا ولو الأمر كدة بناقص الجوازة
دي
رعد بزفير : افهمني لو سمحت، أنا طول عمري لوحدي وبحب كده ومتعود على
...
صرخت وهي تصعد على السلم : يا بابا، يا أبو حميد، أنت يا واد يا بابا
ضحك أحمد وهو يتجه لها قائلاً : عيب والله عيب يا بابا
ضحكت وهي تضـ ـمه ثم قبلت كلتا وجنتيه قائلة : بتعمل ايه هنا، وفي
الضلمة لا أنت يتشك فيك، معاك مين هنا يا أبو حميد يكونش بتخوني مع بنت تانية
مثلاً
أحمد بصدمة : يا نهار أخون مين يا جزمة أنا واقف مع العريس
نظرت بعيداً لتجد خيال يعطيها ظهره فاردفت بمرح : ازيك يا عريس أعرفك
بنفسي أنا العرو سة، أنا قدرك الأسود اللي لو ملحقتش نفسك فيه هتقع وقعه منيلة، بص
أنا أساساً مش عايزة الجوازة دي ولو جات منك تبقى جدع
أحمد بحدة : عشق !
عشق : يا قلب وروح عشق والله ما عايزة أتجوز واسيبك، أنت روحي يا أبو
حميد
رعد بإبتسامة خافتة : عشق ! وصوتها نغمة بس نغمة مزعجة
عشق : المهم بما إنك مش لوحدك هسيبك، ويا عريسي أيامنا الجاية كتير
هشوفك فيه قال ايه هشوف الأمالة يعني اخترت عشق هتبقى ايه يعني أكيد منيل
اتجه أحمد لرعد الذي يضحك بدون صوت وهو يضع يـ ـده على عيناه، ضحك
أحمد هو الآخر وهو يقول : شوفت أنت هتقع في ايه !
رعد بضحك : دي مش طبيعية، قولي هي مجبرة على الجو ازة
أحمد بزفير : لما هتشوفها هتعرفها وأتمنى يعني متاخدش عنها فكرة وحشة
لأن عشق مش وحشة، هي بس لسانها دا محتاج حد يسيطر عليه
رعد بإبتسامة : عمري ما أتمنيت مراتي تبقى كده
أحمد : وهي عمرها ما أتمنت تتجوز صعيدي أو ظابط أو حلو لأنها للأسف
بتغير اوي، أحذر غيرتها وخليك حنين عليها هتكسبها، متسبهاش يا رعد أنا بأمنك على
حياتي وصدقني موافقتش على الجوازة غير لما عرفت أنا هسلم بنتي لمين
برغم أنه لا يعرف سوا من فترة قليلة إلا أن رعد أحترم حديث أحمد
واعطاه قيمته ليبتسم له قائلاً : صدقني أنا مقدر كلامك جداً وعمري ما هخذلك
أحمد بتنهيد : رعد لو هتسيبها وكان قعادها هنا من غيرك في مشكلة
هيبقى ليا رد فعل تاني
رعد : أنت بتكلمني عن واحدة مشوفتهاش، ربنا يحلها لما اتكلم انا وهي
ويلا بقى ننزل ليهم
أحمد : يلا
❈-❈-❈
بعد مرور يومان
فتحت عشق عيناها على رنين الهاتف، التقطته تنظر لاسم المتصل وإذ به
عمار أخوها، تنهدت بضيق واضح وهي تعلم من فيهم يرن
عشق : ايوة
نور بصوت مرهق : عشق حبيبتي ممكن تقوليلي البيت فين في سوهاج
عشق باستنكار : هو أنتِ جايه ؟ تمام قوليلي أنتِ فين ؟
نور : في موقف الأتوبيسات
عشق : خليكي هبعت حد يجيبك
أغلقت بوجـ ـهها ثم رنت على والدها الذي سرعان ما أجاب لتردف : مراتك
في موقف الباصات ابعت حد يجيبها
أحمد : تمام واجهزي عريسك جايب ليكي واحدة تعملك الميك آب هنا مخصوص
وزمانها على وصول
عشق : طيب
اتجه أحمد إلى موقف الباصات وأوقف سيارته يبحث بعيناه عنها، وجدها
تقف بجانب ابنها الذي عبست ملامحه بضيق، وقف أحمد أمامهما فنظرت نور له بقلب يخفق
بجنون
أحمد : حمد لله على سلامتكم، ازيك يا عمار
عمار ببرود : الحمد لله يلا نمشي
أحمد بمرح : مش هتسلم يعني ولا ايه !
سلم عمار عليه باليـ ـد وتجاهل أحمد نور ثم ذهب لسيارته، جلست نور
بالخلف وعمار بجانب والده
أحمد : عامل ايه في ثانوية يا عمار ؟
عمار : ليه يهم حضرتك اوي ؟ كويس
أحمد بتجاهل : اتجدعن
عمار : هتجدعن وهبقى الدكتور عمار وهعرف حضرتك إني كنت قادر من غيرك
ووجودك ذي قلته
نور بحدة : عمار
نظر لها وتجاهل فأكملت : والله لو ما لميت لسانك ما هيحصلك طيب
أحمد بهدوء : أنا مقولتش ليك ابعد ولا جبرت حد على بعدي يا عمار وذي
ما وجودي كان ذي قلته أنت كمان وجودك ذي قلته لأن كل اللي كنت محتاج أعيشه معاك
عيشته مع أختك لحد ما وصلت لمرحلة النهاردة بجوزها، أنتم هربتوا واختفيتوا مع إن
لو كنتم فضلتوا قدام عيني مكنتش هرجعكم لأن مش أنا اللي مشيتكم، أنا بحاول أكون
ودود معاك بس هتقل أدبك معايا هتاخد فوق دماغك فاهم ؟
نظرت نور للخارج ولم تتحدث، بعد بضع دقائق وصلوا للمنزل فنزلوا خلف
أحمد الذي اتجه لأعلى ينادي عليها، خرجت وهي تضع شيء على وجـ ـهها
عشق : نعم يا بابا
أحمد بضحك : ايه ده !
عشق وهي تحاوط عنقه : وطي وأنا أقولك
انحنى فبدأت تمسح خدها بخده لتعلو ضحكاته وهو يبتعد فنظرت لأخاه
تبتسم بسعادة ثم ضمته بقوة، نظرت لنور وسلمت عليها بفتور تام
نور : مبروك يا حبيبتي
عشق : متشكرة اتفضلي
أحمد : تعالى يا عمار اعرفك على عريـ ـس أختك
عشق بمرح : أيوة يا عمار اتعرف على عتريس الغفلة، متتأخرش عليا بقولك
اهو
أحمد بإبتسامة : حاضر يا بابا
دخلت عشق تجلس وسط الفتيات وبجانبها نور التي تفرك يد يها بتوتر وخجل
ممزوج بحزن، رن هاتف عشق فأجابت قائلة : أيوة يا چمان فينك ؟
چمان بحزن : أسفه والله يا عشق بس بابا تعب اوي ومش هنعرف نيجي
عشق : الف سلامة عليه، تمام ماشي
چمان : هعوضهالك يا عشق أنا أسفة
عشق بلامبالة : أوكى
اغلقت لترن على صديقتها دعاء : أيوة يا دودة فينك اتأخرتي يا بنتي
دعاء : أسفة يا عشق بس بابا رفض أجي لوحدي
عشق باستفهام : تيجي لوحدك ! فين البنات ؟
دعاء : ضحى زعلانة عشان علياء فمش هتيجي من غيرها، كمان شروق بتقولك
هتخرج مع حبيبها وياسمين معزومة عند عيلة خالها كمان يارا زعلانة على أمير فبتقول
مش عايزة تعرفك تاني وأمنية مع الأغلبية
عشق : وأنتِ مش هتعرفي تيجي لوحدك صح ؟
دعاء بتأكيد : أيوة أسفة يا عشق تتعوض يا روحي بعدين دا فرح في
الصعيد مش حوار يعني يستاهل مجيتنا
عشق بضحك : مش حوار ! تعرفي يا دعاء كنت صح لما قولت أنكم ولاد كلب
يا روحي
اغلقت بوجهها لترن بعد دقائق أمنية فأجابت : ايوة
أمنية : عشق أنتِ زعلتي ؟
عشق ببرود : هزعل من ايه أمنية ؟ جايز من الفلوس اللي كنت بصرفها
عليكم ولا الاستغلال اللي كنت عارفاه ومتجاهله، ولا على الخروجات اللي على حسابي،
النهاردة فرحي ومحدش جنبي فيكم بس أقولك على حاجة يا أمنية أنا عملت اللي عملته في
علياء لأنها خدتني لأمير والفضيحة أنا عملتها لأمير وأنتم بقى وحياة زعلي النهاردة
لهدفعكم تمن كل لحظة عملت فيها خير ليكم، مش عشق اللي تزعل على صاحب أو تبقى
المظلومة اللي في الحكاية، تيك كير يا أصدقائي
وانفجرت ضاحكة وهي تغلق بوجهها بثت الرعب داخلها فاردفت إيمان بصدمة
: عشق أكيد مش هتأذيهم
عشق : هي مرة احتاجتهم فيها ومحدش جيه يبقى بقى يعذروني لما أنشر
غسيلهم
إيمان : عشق أمير معتش بيطلع من البيت
عشق بهدوء : ليه ! هو شرف عشق سهل ؟
إيمان : علياء اتمنعت من الكلية
عشق : حتى لو قصدها متاخدنيش لأوضة فيها واحد وتزقني ليه، عارفة لو
مجاش اللي جيه كان هيحصل ايه يا إيمان
إيمان : أنتِ صعبه اوي
عشق بنفي : أنا مش صعبة بس الدنيا اللي متمشيش غير كدة، يقعدوا
ويقولوا عشق عملت فينا أحسن ما أنا اقعد اعيط وازعل من اللي عملوه يا إيمان،
نفسيتي مش هينة عشان أخسرها وناري أنا بعرف أبردها كويس
هدير : في حاجة ولا ايه ؟
عشق بحدة : وأنتِ مالك يا صفرا يا أم نار
زينة بحدة : عشق !
عشق بضحك : بهزر طب والله يا بت يا هدير أنتِ شماتة بس أصيلة عن ناس
كتير
هدير بغرور : منا عارفة
عشق بغيظ : ما عرفتي طريق شيء تاكليه يا بعيدة
هدير باستفزاز : حبيبتشي
بدأت عشق تتجهز وبجانبها بعض الفتيات وأمها، خرج الجميع ولم يبقى سوا
أمها وإيمان، نظرت عشق حولها تحتار في بعض الأشياء
نور : نساعدك يا بنتي ؟
عشق : لا خلي حد ينادي بابا
دقائق وأتى أحمد لتردف : بابا البرفيوم أنهي الأحلى
وبدأت ترش على معصمها ثم تجعله يستنشق حتى أخبرها عن الأفضل لتكمل :
طيب قولي الطرحة الطويلة هتبقى أحلى ولا القصيرة
تأمل الفستان قليلاً ثم قال : الطويلة يا بابا
عشق : طيب الروج أنهي الأحلى على الفستان
أحمد وهو يلتقط واحد ويفتحه : دا أحلى
عشق وهي تنظر لإيمان ونور بخجل : طيب هات ودنك أقولك حاجة بصوت واطي
عشان هتكسف منهم
ضحك وهو ينحني فهمست له بضع كلمات لتعلو ضحكاته وهو يؤكد برأسه ثم
قال : حاجة تانية ؟
عشق : قولي شكلي حلو ؟
أحمد وهو يُقـ ـبل وجنتـ ـيها وجبيـ ـنها : أحلى عرو سة في الدنيا
عشق : بموت فيك
ضمها وهو يُقـ ـبل جبينها عدة مرات ولمعت الدموع في عيناه، نظرت نور
لها بحسرة وحزن ممزوج بألم لأن فراقها لم يكن ذو الآثر القوي كما توقعت، وقعت نور
فجأة على السرير آثر الإغماء
إيمان بخوف : طنط نور .
❈-❈-❈
وضعت چمان الهاتف بجانبها وهي تنظر لوالدها الذي أتاه دور برد طبيعي،
جلست چيلان تبكي كالأطفال وهي تقول : عايز أروح فرح عشق مليش دعوة
ثناء بهدوء : بابا تعبان يا چي چي مينفعش
چيلان بصراخ : دا دور برد عادي ودا فرح أختي، حرام عليكم والنبي أروح
يا ماما عشان خاطري
ثناء بحدة : قولت مينفعش وبطلي شغل العيال ده
صرخت وهي تدب قدمـ ـيها بالأرض ثم اتجهت لغرفتها تبكي بإنهيار بينما
چمان تجلس هادئة كأن عشق لا تعني لها شيء وهذا غير صحيح لكن بطبعها هكذا، مسكت
ثناء يد چمان حتى تنتبه لها
ثناء : أنا عارفه إنك نفسك تحضري فرح عشق بس صدقيني مواجهتنا لنور
هتبين ليها حاجات كتيرة أنا واثقة إنهم هيعرفوا الحقيقة لو شافوا تعاملنا معاها
چمان بشرود : عشق مش هتسامحني ولا بابا أحمد، بجد أحنا وحشين يا ماما
ثناء : أحنا مش وحشين يا چمان، الظروف هي اللي وحشه
اكتفت بهز رأسها دون رد بينما ياسين يتجهز للذهاب إلى الصعيد حيث فرح
صديقه فهو ليس الصديق الذي يترك صديقه في هذه المواقف حتى لو فرح صوري غير حقيقي
وفعلي، فإن كان لكان أكبر من هذا وشيء يليق ب " رعد الشافعي "
"
چمان فتاة هادئة كثيراً قليلة الحديث طيبة القلب محجبة فيها الكثير من الصفات
الجميلة كذلك جميلة كثيراً من الخارج فهي تمتاز بأعين زرقاء تشبه السماء حين تكون
صافية وبشرة بيضاء أنف دقيق صغير وشفتين مكتنزتين، تفوق عشق جمالاً بمراحل ورقة
وهدوء، تنتقد عشق في تصرفاتها الخاطئة كثيراً لكنها تظل تحبها
أخت عشق في الرضاعة، نور خالتها وأحمد صديق والدها "
"
ياسين يكبر رعد ببضع شهور فقط وهو يمتاز بتصرفاته الغريبة وأنانيته أحياناً كذلك
حبه للشهرة والنفوذ والقوة، في العمل قاسي كذلك في الحياة صارم، جهة واحدة لا تظهر
سوا لرعد ويارا أخته وهي الطيبة والمرح، يمتاز بملامح حادة وأعين مظلمة بطريقة
مخيفة ورغم هذا يمتلك كم كبير من الوسامة لكنها لا تفوق رعد بطلنا بالتأكيد "
❈-❈-❈
في إنجلترا تحديداً لندن العاصمة
جلست جميلة الجميلات كما يُقال عليها وهي " لارا المهدي "
تسند يديـ ـها بجانبها ورغم الدموع التي تلتمع في عيناها إلا أنها سعيدة قليلاً
بتحسنه الملحوظ، وقفت واتجهت تتابعه عبر الزجاج متذكرة تحذيراتها المستمرة له
بالبعد عن الطريق الذي يسير فيه
خرج الطبيب بعدما قام بفحص بطلنا الآخر ليردف : Our patient's condition is getting better, don't worry Madam , he will
be fine soon
حالة مريضنا تتحسن، لا تقلقي سيدتي، سوف يكون بخير قريباً
ابتسمت بخفة وهي ترى منه نظرات الإعجـ ـاب الواضحة، ثم قالت : ? When will he wake up متى سوف يستيقظ ؟
الطبيب بإبتسامة : Tomorrow
غدًا
اكتفت بهز رأسها وهي تجد والدته تأتي، تحدثت مع الطبيب قليلاً ثم نظر
للارا قائلة : مش ناوية تروحي ترتاحي شوية
لارا بزفير : ابنك يفوق وأقوله يطلقني بعدين هروح
نورهان بضحك : ربنا يكملكم بعقلكم يا حبيـ ـبتي
تأملته لارا بضع لحظات قبل أن تتجه وتجلس مكانها مرة آخرى وداخلها
يزداد غضبًا منه وحزنًا عليه.
يتبع