-->

رواية رومانسية جديدة قلوب حائرة (الجزء الثاني) لروز أمين - الفصل 1 - 2

  رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة روز أمين

رواية قلوب حائرة

الجزء الثاني



رواية جديدة تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

تابع قراءة الفصل الأول



داخل مسكن سالم عثمان 

 

كان يجلس فوق الأريكة بصُحبة زوجته سُهير وهي تحمل صغيرة نجلها شريف التي بالكاد أكملت شهرها السابع،والتي أطلقوا عليها إسم "هَمسة"، ويجاورها" علي" صغير شريف، يقابلهم "شريف" الذي يجلس بمقعداً مقابلاً 

 

أقبلت عليهم علياء وهي تحمل بين ساعديها صّنية موضوع عليها الكؤوس المعبئة بمشروب "الخُشاف"، وبعضً من الصُحون المليئة بالحلوي التي إرتبط إسمها بشهر رمضان المعظم 

 

تحركت إلي والد زو، جها وتحدثت بإحترام وهي تُبـ ـسط لهُ ساعديها قائلة بنبرة هادئة: 

-إتفضل يا عمو 

 

تناول كأس المشروب وتحدث بنبرة حنون: 

- تسلم ايـ.ـدك يا بنتي 

 

تحدثت شاكرة بإحترام: 

- بالهنا والشفا. 

 

وقدمت إلي والدة زو، جها وشريف ثم وضعت ما بيـ.ـدها فوق المنضدة وحملت إبنتها عن سُهير، تحركت وجلست بجانب زو، جها الذي تحدث قائلاً بنبرة حنون: 

- تسلم إيـ.ـدك يا حبيبتي 

 

إبتسمت له وتناولت صَحنً من الحلوي وبدأت تتناولهُ، سأل سالم إبنه قائلاً بإهتمام : 

-فكرت يا أبني في موضوع قعادكم معانا طول شهر رمضان زي ما قولت لك إمبارح؟ 

 

نظر شريف إلي علياء ليستشف رأيها الأخير قبل أن يُجيب أبيه، حيث طلب سالم وسُهير من شريف وعلياء المكوث معهما داخل الشقة طيلة شهر رمضان ليقضيا معاً الشهر بصحبة طفليهما حتي يشعر الجميع ببركة الشهر وجَمعتهُ الطيبة ،وسألها شريف بوضوح أمام والداه:

-إيه رأيك يا عالية؟ 

 

وجد منها القبول التام حين أردفت بنبرة لينة: 

-ودي حاجة محتاجة سؤال يا شريف، طبعاً موافقة. 

 

إبتسمت سُهير وهتفت برضا: 

-رمضان بيحب اللمة يا ولاد، والشقة كبيرة وفاضية عليا أنا وسالم، هنفطر ونتسحر مع بعض ولما الشهر يخلص علي خير إبقوا إرجعوا شقتكم تاني. 

 

أومات لها علياء وأردفت قائلة بنبرة هادئة: 

-إن شاء الله. 

 

وأكملت بإستحسان وإشادة وهي تتناول قطعة حلوي بالشوكة: 

- تسلم ايـ ـدك يا ماما،  الكنافة طعمها حلو أوي 

 

سعدت سُهير بإشادة زو جة ولدها بصنع يداها ونطقت بنبرة حماسية: 

-بالهنا والشفا 

 

ثم تذكرت وسألتها بنبرة جادة: 

- هديتي النار علي الفول علشان يتدمس كويس قبل السُحور يا عالية؟ 

 

أجابتها بنعم واكملوا حديثهم منتظرين أذان العشاء كي ينصرف الرجال إلي المسجد لتأدية صلاة التراويح والنساء يؤدياها بالمنزل 

 

--

 

خرج "ياسين" إلي الحديقة وبدأ يما رس رياضة المشي حتي يستطيع تهدأت حالهُ من حالة الأسي التي أصابته جراء حزن متيمتهُ وإستيائها منه،  كان شارداً فيما دار بينهُ وبينها بالأمس من حديث إنتهي بمشاجرة ، أخرجهُ من شروده صوت أيسل التي إقتربت عليه وتحدثت وهي تناولهُ قدحً من القهوة التي أوصت العاملة علي صُنعه كي تستجدي به رضا أبيها وتُخرجهُ من حالته تلك 

 

تحدثت أيسل وهي تُبسط ساعديها بقدح القهوة: 

-قهوتك يا Dad 

 

إنتبه لصوت صغيرته ومد يـ.ـدهُ وتناول منها قهوتهُ وشكرها قائلاً بنبرة باردة: 

-تسلم ايـ ـدك يا حبيبتي 

 

نظرت إليه ومطت شـ ـفـ ــتاها كي تستجدي تعاطفهُ وأردفت متسائلة بنبرة حزينة مصطنعة بالتأكيد: 

-بابي،  هو حضرتك زعلان مني؟ 

 

هز رأسهُ بنفيٍ زائف وتحدث كي لا يُحزنها: 

-لا يا حبيبتي مش زعلان 

 

إقتربت عليه ودفنت حالها داخل أحـ.ـضانه وشددت من ضمة ساعديها حول جـ.ـسده مما أدخل السرور علي قلب "ياسين" ،وتحدثت بصوتٍ متأثر كي تستدعي حبهُ الهائل لها:

-علي فكرة يا بابي، أنا لما قولت لحضرتك إني مش هينفع أنزل مصر أول يوم رمضان مكنش قصدي إني أبعدك عن العيلة

 

وأكملت بزيف لأنها كانت تتيقن أن أبيها لن يتركها هي ووالدتها تقضيتان أول أيام الشهر الفضيل لحالهما:

-ولا كُنت أعرف إنك هتقرر تقضيه معانا هنا إنتَ وحمزة 

 

واستطردت: 

-أنا فعلاً مكنتش عاوزة أشتت ذهني بالسفر وأنا عندي lecture ( محاضرة) مهمة جداً رابع يوم رمضان ولازم أذاكر كويس قبلها

 

لف ذراعهُ الخالي من قدح قهوته وضمها إلي صـ.ـدرهُ بحنان كي يُطمئن روح الطفلة المُشتتة بداخلها والتي تنقسم ما بين مراضاة عزيزُ عينيها وبين رغـ ـباتها المُلحة بالإستحواذ عليه وإبعاده بشتي الطُرق عن مليكة ، هو يعلم جيداً كُل ما يدور بمخيلة صغيرتهُ ويُقدر المرحلة العمرية الحرجة التي تمر بها تلك المراهقة 

 

فتحدث بنبرة حنون لإحتواء روحها المُتبعثرة:

-أنا عارف كُل الكلام ده يا سيلا وإنتِ مش محتاجة تفسري لي موقفك 

 

وأكمل بذكاء لتذكيرها:

- لأني واثق فيكي لأبعد الحدود،وعارف إن بنتي اللي ربيتها كويس لا يُمكن تسمح للشيطان بإنه يغلبها ويحاول يغير طهارة روحها البريئة  

 

أخرجت تنهيدة حارة علي صـ.ـدر "ياسين" فشعر هو بها فتحدث بنبرة هادئة كي يُخرجها مما هي عليه متسائلاً بإهتمام :

- أخبارك إيه في الدراسة؟ 

 

هتفت بنبرة حماسية وهي تسحب حالها من بين أحضـ.ـانه: 

-كويسة جداً، 

 

وأكملت بنبرة فخورة بحالها: 

-من الآخر كده هخلي حضرتك تفتخر بيا قدام الكل 

 

إبتسم لها ياسين بشدة بينت صفي أسنانه،فتحدثت هي بمراوغة وتخطيط في محاولة جديدة منها لإبعاد والدها يومً أخر عن مليكة كي تُزعجها وتحظي هي ووالدتها بالظفر بوجودهُ مع كلتاهُما: 

-بابي، ممكن بُكرة تروح معايا المُول اللي روحناه إمبارح مع مامي؟ 

 

واسترسلت مفسرة بنبرة شديدة الحماس:

- فيه كولكشن جديد هينزل بكرة وأعلنوا عنه علي البيدچ بتاعتهم إنما إيه، كُل الموديلات تجنن يا بابي 

 

ونظرت إليه بعيناي مترجية وهي تُميل رأسها بدلال في حركة أذا بت بها قلب والدها رُغم إعتراضه :

-وحياتي عندك توافق 

 

تنفس بهدوء كي لا يُظهر مدي إحتدامه من إسلوبها الإنتهازي والتي دائماً تتبعهُ كي تبتز مشاعرهُ لصالحها، 

 

ثم تحدث بنبرة جادة:

-مش هينفع وإنتِ عارفة كدة كويس 

 

أردفت متسائلة بإعتراض ودلال: 

-ليه مش هينفع يا حبيبي؟ 

 

أجابها بنبرة صارمة لا تقبل المُجادلة:

-قولت مش هينفع يعني مش هينفع يا سيلا 

 

زمت شـ ــفتاها بإحباط وأنزلت وجهها ناظرة للأسفل بحزن سيطر علي ملامحها، مما أحزن ياسين وجعلهُ يتألم علي ما وصلت إليه تلك الطفلة من أنانية، فتحدث شارحً بنبرة جادة :

- إنتِ كِبرتي خلاص ولازم تكوني فاهمة ومقدرة طبيعة شغلي ومكانتي الحــ.ـساسة جوة جهاز المُخابرات، وإني مش حُر نفسي 

 

وأكمل بنبرة حادة وصلت إلي حد الغضب بعدما فاض به الكيل:

- المفروض إني كُنت هرجع مصر معاكم من يومين فاتوا،  لكن لما سيادتك رفضتي ترجعي واتحججتي بالدراسة ، ولما طلبتي مني أروح معاكي المول علشان تاخدي رأيي في اللبس ،مقدرتش أقول لك لا، وبالفعل مديت أجازتي يومين علشان خاطر ما أخلكيش تزعلي 

 

وأكمل بنبرة أكثر حِدة:

- أكتر من كدة هيبقا إهمال مني وأنا اللي طول عُمري معروف عني الإلتزام في شُغلي وفي مواعيدي 

 

إرتبكت بوقفتها وأنكمش جـ.ـسدها، ذُهلت من هيئة والدها الغاضبة والتي ولأول مرة تراهُ عليها وعلي الفور هتفت بإرتباك كي تتفادي غضبهُ: 

- أنا أسفة يا بابي 

 

واسترسلت بنبرة متألمة ودموع صادقة: 

-أنا عمري ما تخيلت إنك هتزعل مني وتضايق بالشكل ده، لمجرد إني طلبت منك تيجي معايا علشان تختار لي لبسي 

 

وأردفت بتعهد وهي تهز رأسها بإعتذار ونبرة متقطعة جراء شهقاتها :

- أنا أسفة وأوعدك إني عمري ما هعمل كدة تاني 

 

إنتفض قلب ياسين مُتأثراً بدموع عزيزة أبيها، لم يتحمل مشاهدة دموعها التي تنزل علي قلبه وتكويه فأقترب عليها وقرب كفاي يـ.ـداه من وجنتيها ومررهُما فوقهما ليجفف لها دموعها وتحدث بنبرة حنون متأثرة:

- أنا اللي أسف يا حبيبتي علشان إتعصبت عليكي 

 

وأكمل بإبتسامة كي يسترضيها : 

- وإوعي تفتكري إني زعلت علشان طلبتي مني أروح أختار اللبس معاكي "بالعكس" أنا فرحت بطلبك ده جداً بدليل إني كُنت مبسوط إمبارح ويعتبر أنا اللي إختارت لك كل اللي إشتريناه 

 

واسترسل شارحً بنبرة لينة:

- أنا كُل اللي بطلبه منك إنك تقدري طبيعة شُغلي وما تحاوليش تضغطي عليا 

 

أومأت له وتنهد هو براحة وأمسك كف يـ.ـدها وأتجه بها إلي الداخل ليكملا مع ليالي وحمزة سهرتهم 

 

 

بعد حوالي ساعة

 

كان يتمدد فوق تخته مُحتـ ــضناً ليالي بإحتواء بعدما أعطاها حقها الشرعي كزو جة له كما أمر الشرع والدين، تنهدت بإنتشاء مما يدُل علي إسترخائها وسعادتها جراء ما حدث بينها وبين ياسين مُنذُ القليل، فحتي وإن لم يكُن يعشقُها فهي زو جته ولها كل الحق عليه في إشبا عه لرغـ ــباتها الجـ.ـسدية والنفسية 

 

تحدثت بإنتشاء وهي تُشدد من ضمتها لهْ:

- وحشتني يا "ياسين"

 

إبتسم لنجاحه في وصولها إلي تلك الحالة من النشـ.ـوة وقام بوضع قُـ.ـبلة حنون فوق مقدمة رأسها وتحدث إليها بكذب مقبول شرعاً: 

-وإنتِ كمان وحشتيني أوي. 

 

ثم سحب جـ.ـسده لأعلي وتحدث وهو يستعد إلي النزول من فوق التخت: 

-أنا هدخل أخد شاور علشان أنزل أقعد شوية مع إيهاب والرجالة علي ما تجهزي السحُور مع هيلين. 

 

أومأت له بموافقة وتحرك هو إلي الحمام واختفي خلف بابه،أما هي فتمددت من جديد وباتت تتقلب بفراشها بإسترخاء وتتمطئ بدلال مما يوحي إلي وصولها للمنتهي من الراحة   

 

-- 

 

صباح اليوم التالي 

 

كان يغفو بثبات فوق تخته الخاص بغرفة ليالي، دلفت لداخل الغرفة وجلست بجانبه وبدأت بإيقاظه قائلة بنبرة هادئة وهي تهز كتفه بخفة: 

-ياسين، ياسين 

 

فتح عيناه ببطئ وأغلقهما عدة مرات حتي إستطاع ثم دقق النظر إلي ليالي التي أردفت بنبرة هادئة: 

- قوم يا حبيبي علشان تلحق ميعاد طيارتك 

 

تنهد براحة وسألها بنبرة جادة: 

-حمزة جاهز ؟  

 

أجابته بنبرة حزينة وذلك لرحيل نجلها الحبيب مع والده، وأيضاً إبتعاد ياسين عنها: 

-جاهز ومستنيك تحت مع أيسل،  

 

وأكملت بتأثر : 

-البنت عمالة تعيط تحت ومتأثرة جداً بسفرك إنتَ وحمزة، وبتحاول تقنع أخوها إنه يتحايل عليك ويحاول يخليك تتراجع عن سفرك وتقعد يومين كمان معانا 

 

سحب جـ.ـسده لأعلي وأستند بظـ ــهره علي خلفية التخت، ثم زفر بضيق وهتف بإستياء: 

-إقعدي مع بنتك وقولي لها إن اللي بتعمله ده ميصحش وإنها كبرت علي تصرفات وحركات الأطفال دي  

 

وأسترسل شارحاً: 

- فهميها إن عندي شغلي اللي محتاج لكل قوتي وتركيزي علشان أقدر أحافظ علي مركزي اللي وصلت له بعد عذاب ،  قولي لها كمان إني بعمل كل اللي أقدر عليه علشان أجي هنا كام يوم في الشهر وأكتر من كده مش هقدر 

 

وأكمل بنبرة حادة وهو يتحرك ويستعد للنزول من فوق التخت : 

-خلي بنتك تبطل أنانية وتفكر في اللي حواليها زي ما بتفكر في نفسها واللي بيسعدها يا ليالي 

 

تحدثت بهدوء مدافعة عن صغيرتها: 

-متزعلش منها يا ياسين، سيلا لسة صُغيرة ومتعلقة بيك جداً وبتغير عليك 

 

أخذ نفساً عميقاً وتحدث مُفسراً بنبرة متفهمة: 

-وأنا عازر سنها وتفكيرها وبحاول علي قد ما أقدر إني أرضي غرورها وأشبع كبريائها، بس غيرتها العامية دي من مليكة هتضرها وهتخلق منها بني أدمه حقودة وأنا مش حابب أشوف بنتي بالصورة دي  

 

ثم زفر بقوة وتحدث وهو يستعد ليتحرك إلي باب الحمام: 

- عقلي بنتك وخلي عينك عليها أكتر من كدة يا ليالي 

 

تحركت إليه سريعاً وأستوقفته قبل أن يخطوا إلي الحمام، وهتفت لإسترضائه: 

-ممكن تهدي وأنا هعمل لك كُل االي إنتَ عاوزة 

 

هز رأسهُ بتفهم فتحدثت بترقُب شديد:

-ياسين، كُنت عاوزة أحجز عند دكتور تجميل علشان أظبط شوية defohat في وشي قبل ما أنزل مصر علي العيد 

 

تنهد بثُقل وحَزن داخلهُ من أفعال تلك التي بات هوسها بعمليات التجميل واقعاً ولن يستطيع ان يجعلها تُحيد عنه مهما فعل،  فلقد فقد الأمل بعد محاولاته العديدة التي باءت جميعها بالفشل الذريع، حيثُ أنه قام بمنعها سابقاً لكنها آُصيبت بإكتأبٍ حـ.ـاد فأُجبِر علي التراجُع عن قرارة مُضطراً كي لا يدع حالتها تسوء أكثر مما كان سيعود بالسلب علي نفسية أطفاله 

 

أومأ لها وتحدث بهدوء كي لا يُحزنها: 

-شوفي المركز اللي حابه تروحيه وإديني إسمه وعنوانه وأنا هبلغ إيهاب يشوف الإجراءات علشان يأمنك قبل ما تروحي  

 

آنير وجهها لمجرد إستماعها لموافقته ورَفعت قامتها لأعلي واقفة علي أطراف أصابع قدميها، ومالت علي وجنته لتطبع لهُ قُـ.ـبلة تعبر بها عن شدة سعادتها، وسار هو إلي داخل الحمام وأغلق بابهُ خلفه ثم تحركت هي بحماس لتُجهز له ثيابهُ التي سوف يرتديها عند خروجه     

 

بعد مّدة كان يقف بالأسفل مقابلاً بوقفته لأيسل التي كانت تبكي بشدة وذلك لحُزنها العميق جراء مغادرة أبيها وإبنعادهُ عنها، نظر لها فأحنت رأسها للأسفل بحُزن مما أحزن ياسين فقام بسحبها وأخذها داخل أحضـ.ـانه وأردف وهو يربت علي ظـ ــهرها بحِنو:

-مش عاوزك تزعلي ،إن شاء الله في أقرب وقت هحاول أخد أجازة يوم ولا إتنين وأجي لكم نقضيهم مع بعض 

 

خرجت سريعاً من داخل أحضـ.ـان والدها وسألته متلهفة بإبتسامة متأملة: 

- بجد يا بابي؟ 

 

أجابها مبتسمً وهو يُمرر أصابع يـ.ـده ليجفف لها دموعها: 

-بجد يا حبيبتي 

 

ثم أدار وجههُ إلي ليالي واقترب منها وأحتضـ..ـنها مربتً علي ظهرها ثم أبعد وجههُ ومال علي وجنتها وقام بوضع قُـ.ـبلة فوق وجنتها وأردف قائلاً بنبرة هادئة:

-خلي بالك من نفسك ومن سيلا

 

واسترسل وهو يتناقل ببصره بين كلتاهما قائلاً بنبرة تنبيهية: 

- وأرجوكم تسمعوا كلام إيهاب وتنفذوه بالحرف، ومتتحركوش خطوة واحدة من غير ما ترجعوا له فيها 

 

واستطرد: 

- أنا عاوز أكون مطمن عليكم وبالي رايق من ناحيتكم. 

 

أومأت لهُ كلتاهُما بتأثر ثم تحركت ليالي وأحتضـ.ـنت صغيرها الذي بلغ عامهُ الخامس عشر وأصبح رجُلاً صغير وتحدثت:

- هتوحشني يا قلب مامي 

 

تنهد حمزة وأردف بتأثر: 

-وحضرتك كمان هتوحشيني جداً 

 

ثم حول بصرهِ إلي شقيقتهً وتحدث بمشاكسة : 

-هتوحشيني 

 

لكزته بكَتِـ ــفهْ بخفة وتحدثت بدُعابة: 

-سخيف 

 

رد الفتي دُعابتها قائلاً بمرح: 

-طالع لك. 

 

تبادل الجميع الأحضـ.ـان ثم تحرك إلي الخارج وتوقف أمام إيهاب ورجالهُ قائلاً بتوصية وإشادة:

-أنا سايب ورايا وحُوشْ وعارف إنكم سدادين وقدها، بس عايزكم تاخدوا حظركم أكتر من الآول 

 

اومأ لهُ الجميع بطاعة عمياء، وأشار هو بكف يـ.ـده مُثبتاً بصره علي إيهاب:

- أي حاجة تحصل تبلغني بيها فوراً، مفهوم يا إيهاب؟ 

 

مفهوم سعادتك... كانت تلك جُملةْ إيهاب التي أجاب بها قبل أن ينطلق ياسين إلي المطار بسيارة تابعة لرجال الحراسة بصحبة نجلهِ حمزة  

 

-- 

 

داخل المطبخ المتواجد بمنزل ثريا، وقبل إنطلاق مدفع الإفطار بحوالي الساعة 

 

كانت جميع نساء العائلة تجتمعن داخل المطبخ ويقفن علي قدمٍ وساق وهُن ينتهين من تجهيزهُن لطعام الإفطار، دخلت مُني إلي الداخل علي عُجالة وهي تهتف بكُل صوتها بنبرة حماسية: 

- ياسين باشا وصل بالسلامة يا ست مليكة 

 

لم تدري بحالها إلا وهي تلتفت إلي تلك العاملة وعلامات اللهفة تغمر ملامحها، وبلحظة تسمرت بوقفتها حينما وجدته يخطوا بساقيه ويتحرك فوق أرضية المطبخ ويتلفت بحماس ولهفة باحثً عن ضالته،  توقفت عيناه وثُبتت فوق ملامح وجهها التي إشتاقها حد الجنون، تشابكت عيناهم بنظرات الإشتياق والولع 

 

أخرجهُ من حالة الوله صوت ثريا التي تحدثت بنبرة مبتهجة تدل علي مدي سعادتها: 

- حمدالله علي السلامة يا "ياسين" 

 

إقترب عليها وقام بتقـ.ـبيل مُقدمة رأسها وتحدث بنبرة صادقة: 

- الله يسلمك يا أمي، كل سنة وانتِ طيبة 

 

وتحرك إلي منال وقام بتقـ.ـبيل رأسها وتهنأتها هي الآخري بقدوم شهر رمضان المبارك وتحدثت إليه بنبرة حنون: 

- حمدالله علي سلامتك يا حبيبي 

 

نظر لها بإبتسامة لطيفة فأكملت هي متسائلة بنبرة متشوقة: 

- ليالي وأيسل أخبارهم إيه؟ 

 

أجابها بنبرة هادئة: 

- كويسين يا حبيبتي وبيسلموا عليكي 

 

وتحرك إلي يسرا التي صافحته بحفاوة وترحاب شقيقة لشقيقها 

 

حتي جاء دورها في المصافحة، وقف قُبالتها ينظر داخل مقلتيها بإشتياقٍ جارف لعاشق ولهان ، بدأ قلبهُ بالإرتجاف والأنين، لم يستطع التحكم بحالة الهيام التي سيطرت علي كيانه بمجرد طلتهِ داخل بحر عيناها العميق 

 

ودَ لو وضع راحتيه حول كتفيها بإحتواء وسحبها لداخل أحضـ.ـانه كي يُشبع روحهُ العطشة لضمتها ويستنشق عبيرها الرائع، ودَ لو بإمكانه الإعتذار منها ألاف المرات عن ما بدر منه من حِدةٍ معها عبر الهاتف وعلو صوتهِ عليها مما أحزنها وجعلها تشعُر بأنها أصبحت وصيفة في مملكة عرشة وليست الملكة كما عودها مُنذ أن إعترف لها وأفصح عن عشقهِ الهائل  

 

تحامل علي حاله وكبت بداخلهِ شعورهُ العظيم بالإشتياق  وسألها بإهتمام دون مُصافحة بالأيدي خشيةً الإنهيار: 

-إزيك يا مليكة 

 

بصعوبة بالغة أخرجت صوتها متحاملة، وأجابته بنبرة جافة أخرجتها بتعسُر رغم الإشتياق الجارف لذاك الواقف أمامها بمظهرهُ الذي خطف قلبها وأصابهُ برجـ ـفة العِشق: 

- الحمدلله 

 

وأردفت بلامبالاة وهي تواليه ظـ ــهرها لتتابع تحريك الحَساء التي كانت تصنعهُ أمام الموقد: 

- حمدالله علي سلامتك 

 

تنفس بيأس بعدما تيقن إستمرار غضبها منه وأجابها بهدوء: 

- الله يسلمك. 

 

ثم نظر إلي ثريا وسألها بإشتهاء في محاولة منه بتغيير مجري الحديث الذي أثار إنتباه جميع المتواجدات: 

- أخبار الكُنافة والقمر الدين إيه يا عمتي؟ 

 

وأكمل بتساؤل في مدا عبة منه: 

- يا تري عملتيهم ولا طنشتيني ؟ 

 

إبتسمت له وأجابتهُ وهي تنظر إلي مليكة مما أشعرها بالخجل: 

-والله يا ابني كان نفسي اعملهم لك بإيـ.ـدي ، لكن مليكة سبقتني وعملتهم لك هي وكمان عملت لك الخُشاف

 

إبتسم وتنفس براحة وهو ينظر إلي تلك التي تواليه ظهرها وتحدث بنبرة شاكرة: 

-تسلم إيـ.ـدك يا مليكة 

 

أغمضت عيناها بإستسلام لنبرة صوتهِ الدافئة التي إشتاقتها بجنون، وقامت بأخذ نفساً عميقاً دون رد

 

تحرك هو إلي خارج المطبخ كي لا يُزيدها عليها وعلي حاله، وصعد الدرج إلي الأعلي، دلف إلي جناحهُ المشترك معها، قام بأخذ حماماً دافئً وأرتدي ثيابً نظيفة ونزل متجهً إلي الحديقة، وإنطلق حينها قرءان ما قبل المغرب، جلس ياسين بجانب والدهُ وبدأ يتحدثان في أمور تخص العائلة حتي إنطلق مدفع الإفطار وتلاهُ أذان المغرب، خرج الجميع لأداة الصلاة وبعدها عاد الجميع وبدأوا بتناول إفطارهم تحت نظرات ياسين المُتشوقة لغالية قلبه 

 

في تمام الساعة العاشرة مساءً 

 

صعد "ياسين" إلي جناحه مرةً آخري بعدما جلس مع والديه وشقيقاه ، وجدها تغفو فوق تختها وتغطُ في ثباتٍ عميق تأثراً بهرمونات الحمل،  تمدد بجا نبها وأحتـ.ـضنها من الخـ ـلف بشدة دافـ ـناً أنفـ ـهُ داخل تجويف عُنـ ــقها البض وبدأ يشـ ــتم را ئحتها العبِقة براحة وإستجمام 

 

شعرت بوجودهُ خلفها، حركت أهدابها ثم فتحت عيناها وأخذت نفساً عميقً يدل علي مّدي إشتياقها له، ضـ.ـمها إليه أكثر وهمـ ـس بجانب أذ نها في حركة أذا بتها: 

-وحشتيني 

 

إقشـ ـعر جـ.ـسدها وبلحظة تناست حُزنها وغضبها السابق منه، أمسكت كفاي يـ ـداه التي تطـ ـوق خصـ ـرها وتلمـ.ـستهما بحنان أثـ ـار جنونه وجعلهُ يتحول من عاشق هادئ يشتاق رائحة متيمتهُ، إلي رجُلً را غب في آُنثـ ـاه وبشدة،  لفها إلي وجهه بحذر كي لا يؤلمها ويؤذي جنينهُ، نظر لداخل عيناها وانتفض داخلهُ حينما رأي بنظراتها التي أخبرته كّم إشتاقت رجُـ ـلها حد الجنون، وبلحظة غاصا معاً بعالمهما المُثـ ــير في جولة عشقية حاول من خلالها كلاهما جاهداً أن يُثبت للاخر مّدي وصولهُ للمنتهي في عشقهما العظيم 

 

بعد مرور بعض الوقت، كان يستند بظـ ـهره علي خلفية التخت ويُجلسها أمامهُ واضعً كف يـ.ـده علي أسفل بطـ ـنها الذي بدأ يظهر ويتحـ.ـسس موضع جنينهُ بحنان، أردف قائلاً بنبرة يملؤها الإشتياق: 

_وحشتيني أوي يا "مليكة" 

 

تنفست بإسترخاء متناسية حزنها منه، وتحدثت بنبرة حنون تدل علي مدي وصولها للراحة النفسية والسلام الداخلي التي كانت تفتقدهُ روحها وكيانها جراء إبتعاد نصفها الآخر عنها: 

-مش أكتر مني يا حبيبي 

 

سألها بإهتمام وهو يتحـ.ـسس أسفل بطنها: 

- ميعادك مع دكتورة مُني أمتي علشان هاجي معاكِ ؟ 

 

ردت عليه بنبرة هادئة: 

- إن شاء الله بكرة 

 

وأكملت بسعادة: 

-للدرجة دي مشتاق تعرف نوع البيبي؟ 

 

أجابها بنبرة صادقة لرجُل عاشق: 

- مايفرقش معايا نوع البيبي قد ما يفرق معايا إنه حتة غالية من روحك 

 

وأسترسل بنبرة حالمة: 

-من يوم ما شفتك أول مرة في الأسانسير وأنا بقي حلم عُمري إنك تكوني حلالي وأم ولادي 

 

شددت من مسـ ـكتها لكـ ـفاي يـ.ـداه بحركة حماسية وأردفت قائلة بصوتٍ هائم: 

-أنا بحبك أوي يا ياسين 

 

شدد هو من ضمـ ـتها، فسألته بنبرة جادة: 

-طمني، ليالي وسيلا أخبارهم إيه؟ 

 

أجابها بهدوء: 

-الحمدلله بخير، ليالي بتسلم عليكِ كتير 

 

تحمحم ثم تحدث برجاء : 

-مليكة، أنا مش عاوزك تزعلي من سيلا 

 

وأكمل شارحاً: 

-البنت لسة صُغيرة ومش عارفة تتحكم في مشاعرها ولا تفسرها صح 

 

أومأت برأسها وأردفت قائلة بهدوء:

- أنا مش زعلانة منها يا حبيبي، أنا بس بيصعب عليا لما ألاقيها حطاني في خانة العدو بعد ما كانت بتعتبرني صاحبتها   

 

شدد من إحتضـ.ـانه لها وتحدث بنبرة صوت راجية : 

-معلش يا حبيبي، هي فترة وهتعدي وبعدها كل حاجة هتبقي كويسة 

 

أومأت له بتفهم فسألها مستفسراً: 

- هتنامي؟ 

 

أجابتهُ بإستفاضة: 

-لا أنام إيه بقي دي الساعة عدت 12، تعال ندخل ناخد شاور ونصلي قيام الليل، وبعدها ننزل علشان نتسحر مع ماما والأولاد ونبقي ننام براحتنا بعد صلاة الفجر 

 

أومأ بموافقة وبالفعل تحركا داخل الحمام ليبدأ ما إتفقا عليه كلاهما 

 


 يُتبع..



إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة روز أمين من رواية قلوب حائرة (الجزء الثاني) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة