رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني - هدير دودو - الفصل 10
قراءة أنين وابتهاج الجزء الثاني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني
بقلم الكاتبة هدير دودو
الفصل العاشر
_ لكل بداية نهاية، ولكن بداية العشق الحقيقي حب وحياة جديدة ليس لها نهاية_
❈-❈-❈
أعدت آلاء ذاتها والحقائب، سارت متحركة نحو الأسفل بو'جه مكهفر عابس، أردفت قائلة له بتذمر وهي تعقد زراعيها أمام صـ ـدرها بضيق
:- عمر أنا خلصت خلاص وجهزت كل حاجة زي ما قولتلي.
اومأ لها إلى الامام وسار متوجه صوب الأمام من دون أن يرد عليها أو يتفوه ولو بحرف واحد، مما ثار غضبها من فعلته المتجاهلة لوجودها، تافأفت عدة مرات بضيق وظلت تبرطم سرًا ببعض من الكلمات الغير مسموعة له، فابتسم على هيئتها وسار يستكمل طريقه كأن لم يحدث شئ، ما أن ركبت السيارة حتى أردفت تسأله بضيق؛ لعلها تعلم سبب عودتهما الذي باغتها به
:- عمر هو في إيه، هو حصل حاجة في الشغل عندك، أو في البيت يعني وكدة؟
رد مجيبًا عليها بجدية ولا مبالاه مطالب السائق بالتوجه نحو المطار
:- مفيش حاجة يا آلاء خلاص، قولتلك هنرجع مصر مش ضروري كل الاسئلة دي.
طالعته بنظرات حادة تعكس مدي الغضب الذي تشعر به والنـ ـيران التي اشتعلت بداخلها، تغيرت ملامح وجهها الهادئة الى أخرى غاضبة مقتضبة
:- هو في إيه يا عمر مالك أنتَ بتتكلم كدة ليه، أنا بسأل عادي يبقى ترد عليا كويس.
يعلم جيدا انها لا تحب ان يتحدث معها بتلك الطريقة الصارمة التي يتحدث بها معها الآن، رد عليها مغمغمًا بجدية
:- وطي صوتك أنا برد عليكي أهو كويس يبقى اتكلمي أنتِ كويس.
تأفأفت عدة مرات بغيظ، وصـ ـدر عنها تنهيدة حا'رة حا'رقة، ثم تحدثت مردفة بغيظ وضيق
:- ماشي يا عمر ماشي براحتك هتكلم عدل.
لم تتحدث معه مرة أخرى وكان الصمت هو الشئ السائد بينهما طوال الطريق، لكنه كان يتابعها بعينيه من دون أن تلاحظ يرى غضبها الواضح فوق قسمات وجـ ـهها بملامحه العاشق لها..
وقفت السيارة أمام الباب الرئيسي للمطار، فترجلت من السياة بعصبية غالقة الباب خلقها بقوة شديدة تحاول ان تفرغ عصبيتها به، نمت فوق شـ ـفتيه ابتسامة لكنه اخفاها بمهارة وسار مرتسم فوق
وجـ ـهه بجانبها بجدية وصرامة، وجدت كل شئ منتهي لكنها عقدت حاجبيها بعدم فهم عندما راته يتوجه نحو الطائرة المتوجهة إلى إيطاليا، أردفت تساله بعدم فهم ودهشة معقدة لحاجبيها بتعجب
:- إيه دة يا عمر هو احنا مش رايحين مصر زي ما قولتلي، إيه اللي هيودينا ايطاليا مش فاهمة؟
لم يرد عليها بل اشار لها بعينيه صوب الأمام لتصعد نحو الطائرة، ورد عليها بعدها بحنو ونبرة عاشقة وقد تبدل حاله مائة وثمانون درجة
:- آه يا قلبي ما أنتِ لو بتركزي في كلامي قولتلك هنروح كذا بلد، وأديني روحت معاكي أهو المانيا زي ما بتحبي هنروح ايطاليا بقى، ولسة في مكان تاني مفاجأة برضو.
ابتيمت بحماس وسعادة طغت فوق جميع ملامحها، ثم اردفت بعدها بجدية مزيفة وهي ترفع سبابتها أمام وجهه محاولة أن تخفي ابتسماتها
:- أيوة هي مفاجأة حلوة يا عمر، بس ليه كنت بتمثل عليا في الأول دة أنا صدقت وكمان كنت متعصب اوي قولت في كارثة حصلت هناك ومش عاوز تعرفني إيه دة
غمز لها بإحدي عينيه الزرقاء المتيمة في عشقهما، عيناه الساحرة التي تأخذها إلي عالم آخر، عالم ملبد بعشقهما، تذوب ذوبًا بمجرد النظر داخل عينيه ورؤيتها لعشقها الذي يلمع بداخلهما، العشق الذي يجعلها تطير وتحلق عاليًا وكأنها في حلم جميل لاتريد الاستيقاظ منه، ولكن بوجوده في حياتها حوَّل كل احلامها إلى واقع حقيقيّ تعيشه.
كل شئ كانت تراه مستحيل أصبحت الآن تراه ممكن ويحققه لها بسهولة، ابتسمت ابتسامة هادئة جاذبة خطفت قلبه وكيانه بها، تلك الابتسامة التي لا تليق سوى بها هي فقط.
يعشق كل تفاصيلها من دون استثناء نظراتها، عينيها، جمالها، وملامحها التي حُفِرت في قلبه، ابتسامتها الحذابة، وغضبها منه، نعم يعشق غضبها وكبرياءها لن ترضى بسهولة معه، متمردة عنيدة متمردة، دائما يحاول أن يفعل المستحيل لأجل أن يراضيها فقط.
ابتسم على ذاته وعلى الدرجة الذي وصل لها في عشقها، فهو قد تخطى جميع الدرجات التي يعرفها في الحب والعشق، لو جاء أحد وأخبره أنه يعشق بكل تلك الدرجة الذي وصل لها كان سيكذبه ويخبره أنه أحمق، لكنه الآن صـ ـدق، حياته مرتبطة بحياتها هي كل شئ وأهم شئ في حياته الذي يعيشها.
فاق من شروده وطالعها وجدها تسند رأسها على كتفه وقد غفت في الطائرة كعادتها.
وصلوا إلى الفندق في ايطاليا، جلست فوق الفراش في الجناح الكبير والرئيبسي الذي حجزه عمر لهما، توجهت لتجلس بين أحضانه، وأردفت متمتمة بجدية
:- عمر اوعى كدة ابعد عني عشان أنا لسة زعلانة منك برضو على فكرة من اللي حصل.
داعب وجنتيها بمرح ثم أردف بحنو وشغف، طابعًا
قـ ـبلة رقيقة حانية فوق وجـ ـنتها
:- خلاص يا لولي متزعليش، دة أنا بحبك حتى وبموت فيكي، كنت عاوز افاجئك يا قلبي.
جاهدت أن تخفى ابتسامتها، ثم تحدثت بدلال
:- لأ برضو يا عمر، ايوة فاجئني انا بحب المفاجأت بس أنتَ زعقتلي وأنتَ عارف إني بتضايق لما بتزعقلي وتعلي صوتك عليا صح يبقى ليا حق إني ازعل منك.
اومأ لها برأسه بتأكيد وهمهم مجيبًا إياها بهدوء ثم دث يده بين خصلات شعرها الذهبية الناعمة
:- أيوة عارف إنك مش بتحبيني اعلى صوتي، لكن برضو أنتِ مبسوطة أهو مينفعش تمثلي وتبقي بتضحكي وفرحانة بالمفاجأة وتخبي ضحكتك مثلا دة أنا حافظ كل تفصيلة فيكي حافظك اكتر من نفسي.
اتسعت ابتسماتها بإشراق وخجل، ثم تمتمت بخفوت بالكاد استمع إلى صوتها
:- ا... ايوة مانا عارفة إنك عارفني اوي يعني، بس اكيد أنتَ عارف برضو أنا عاوزة إيه صح؟
همهم يرد عليها بهدوء وشعف، ثم بدأ يوزع قـ ـبلات رقيقة متفرقة فوق عنـ ـقها ووجـ ـهها، متمتمًا بعدها بحنو في النهاية
:- خلاص يا قلبي متزعليش حقك عليا مش هتعصب عليكي تاني كدة حلو؟
دفنت وجـ ـهها في ملابسه بخجل شديد، وتحدثت مردفة بصوت خافت مبحوح أثر خجلها، شاعرة بأن قلبها سينفجر من سرعة دقاته وأنفا'سها اللا'هثة ستنقطع وهي بين ذراعيه واخل حضـ ـنه من ضراوة الخجل الذي تشعر به
:- لأ عمر بطل بجد أنا كنت عاوزاك تصالحني بحاجة تانية مش اللي أنتَ بتعمله دة.
ضحك بصخب بعد استماعه لحديثها، ورفع رأسها الى أعلى، مغمغمًا بجراءة جعلت خجلها يزداد بشدة
:- براحتي بقى أنا اصالحك بالطريقة اللي تعجبني المهم أنك تتصالحي بس يا قلب وروح عمر.
غرزت أسنانها في شفـ ـتها بخجل، ملتزمة الصمت بعدها لم يقوى لسانها على التفوه بحرف واحد، لا تعلم كيف نجحت في الرد عليه وكيف خرج صوتها الخجل، وهي تضربه بخفة ومرح فوق كتفه
:- طب بس يا عموري اسكت وقولتلك بطل
تكـ ـسفني كل شوية كدة، أنا تعبانة وعاوزة أنام على فكرة.
ضحك بصخب بسببها، ثم ازداد من ضمها داخل حضنه متحدثًا بحنو شديد وعشق جارف
:- نامي يا قلب عمورك، سلامتك من التعب، بعدين
كـ ـسوف إيه احنا خلاص تجاوزنا الحوار دة ولا تحبي تعيد الفرح مرة تالتة.
حركت رأسها نافية في عجالة، وتمتمت مسرعة بخجل شديد
:- لأ لأ خلاص فرح إيه اللي نعيده تالت، بس بقى يا عموري بقولك عاوزة أنام.
اعتدلت في نو'متها داخل حضـ ـنه، ولم يمر سوى دقائق واستمع عمر إلى انتظام انفاسها في دلالة على نو'مها، ظل يطالعها بشغف وعشق شديد وقد تسارعت دقات قلبه مبتسمًا بسعادة لكونها معه وجودها بجانبه يجعله يشعر أنه في حلم لا يعلم كيف نجح وحققه، فهو في الفترة الأخيرة وبعدما رأى كل ما حدث بينهما، ظن أن زواجهما اصبح شئ من المستحيل تحقيقه في حياتهما القادمة، لكنها الآن بجانبه وقد نجح في تحقيق ما يريدوه ويتمنوه سويا، شدد من احتـ ـضانها وكأنه يريد أن يجعلها تدلف بين ضلوعه، ويريد أن تصل إلى قلبه ذلك هو موطنها الحقيقي..
❈-❈-❈
كانت فريدة تجلس فوق الفراش بهدوء ولن تعطِ تامر الذي دلف الغرفة للتو أي اهتمام وكأنه لن يدلف، هو أصبح يتعامل معها بطريقة أفضل، مهتم بتفاصيلها الصغيرة وما تريده يلبيه من دون أن تتفوه به، لكن أيضا ما فعله معها ليس هيّن عليها لتنساه وتمحيه من ذاكرتها بتلك السهولة.
وبعد صمت دام طويلا منها، أردفت متمتمة بتهكم ساخرًا
:- بس غريبة يعني يا تامر، عمر الفترة دي مش موجود في الشغل، ورغم من كدة بترجع من الشغل بدري، لكن الأول وهو موجود كنت بتتأخر عن كدة ومكنتش بترحع ساعات مع أن المفروض يحصل العكس.
يعلم جيدا مغزي حديثها و ما تريد الوصول اليه من خلال ذلم الحديث؛لذلك اقترب منها تى اصبح امامها مباشرة ثم رد عليها بعدها بهدوء و حنو
:- عشان بقيت بحب ارحع بدري و عاوز ابقى اقعد اتكلم مع بنتي شوية.
رفعت كتفيها إلى أعلى مدَّعية اللامبالاه والبرود كأنها لم تستمع الى رده فكل ما فعلته هو أنها اشاحت وجهها على الجهة الأخرى مبتعدة عينيها عنه كانها لم تراه، اقترب منها أكثر واضعًا يده فوق بطنها التي برزت قليلًا يمررها بحنان، متمتمًا بحماس
:- حبيبة قلب بابي انهاردة عاملة ايه، بجد يا فريدة انا عاوزك تولدي بسرعة مش قادر استنى اكتر من كدة، عاوز اشوفها واشيلها.
ابتسمت من حديثه واشتياقه لطفلتهما، وردت عليه مردفة بتعجب مرح
:- ودي اعملها ازاي، بعدين كلها كم شهر وهتيجي ياريت بس أنتَ اللي متزهقش منها.
رد على حديثها مسرعًا بلهفة حقيقية
:- لأ عمري، عمري ما ازهق منها هي بس تيجي وهتشوفي كمان.
اتسعت ابتسامتها مزينة ثغرها بسعادة معطية لملامحها الجمال الحقيقي الخاص بها، وأردفت قائلة له بهدوء
:- ماشي هنشوف لما تيجي، قوم بقى شوف أنتَ هتعمل ايه وغير هدومك دي.
اومأ لها برأسه ونهض من جانبها متوجهًا نحو المرحاض لياخذ دوش هادئ، لعله يريح أعصابه، ويصفي ذهنه، ويرتب أفكاره المشتتة بعض الشئ، تمنى لوهلة لو أن لديه السلطة على كل ما يزعجه يتحكم في قلبه المتحكم في عاطفته، يتحكم في عقله ايضا المتحكم على ذكرياته وأفكاره، من الممكن أن الصراع والحرب الدائرة بداخله تخمد وتنطفئ، ذلك الحرب الذي يجعله مشتت بشدة لا يعلم الصواب من الخطأ لكن كل ما أصبح يعلمه جيدا،هو الفرق الشاسع بين فريدة زو جته وبسملة الذي كان يظن انه يحبها.
ففريدة ذات شخصية هادئة حنونة قوية تتحمل كل ما يحدث وتقف تسنده، شخصية يستند عليها عندما يقع ويضعف متأكدًا من وقوفها بجانبه، على عكس بسملة التي تريده دائما يلبي طلباتها وكل ما تريده فقط، وعندما احتاحها بجانبه وجدها لا تفكر سوى في ذاتها، هي شخصية انانية لم تحب أحد سوى ذاتها هي وفقط الاهم من كل شئ هو ظالم كونه يفعل تلك المقارنة الشاسعة بينهما.
خرج جالسًا بجانب فريدة التي ابتعدت عنه تاركة بينهما مسافة، فقام بتشغيل الفيلم المفضل لدى فريدة ولم يمر سوى دقائق قليلة وأندمجت فريدة معه وقد اعتلت صوت ضحكاتها، فابتسم لسعادتها وظل يتابع ضحكتها المرحة الجذابة وظل شارد بها يطالعها فقط بصمت، لاحظت فريدة شروده بها وعيناه المعلقة عليها لذلك تفوهت باسمه لتجذب انتباهه الذي كان منصب باكمله عليها وأكملت حديثها بجدية وهي تعقد زراعيها أمام صـ ـدرها
:- تامر ركز في الفيلم اللي أنتَ مشغله أحسن.
اومأ لها إلى الأمام ثم ظل يشاهد معها الفيلم حتى انتهى، وغمغم بعدها بحنو وهدوء
:- بتحبي الفيلم دة أوي صح؟
حركت راسها إلى الإمام وردت عليه بخفوت وشغف
:- آه دة حلو أوي بتفرج عليه من زمان من وأنا صغيرة وكل مرة بتابعه وانا مركزة جامد كدة عشان بحبه.
ظل يتحدثا سويا حتى اقترب منها ووضع يـ ـده بحنو فوق كتفها يجذبها نحوه فسندت رأسها فوق صـ ـدره ولم تعترض تلك المرة على اقترابه، مرر
يـ ـده بين خصلات شعرها البنية الناعمة، وتحدث مردفًا بحنان وهدوء
:- سمعتك وأنتِ بتتكلمي مع آلاء بليل وبتقوليلها إنك خايفة من الخطوة الجاية وكدة، بس حبيت اقولك يا ديدا بعيدًا عن إنك انسانة قمر وزو'جة قمرين وأنا محظوظ بيكي أوي، بس أنا واثق إنك هتكوني أم عسل أوي وقدها هو أنتِ في زيك أصلًا يا ديدا.
قبضت فوق يـ ـدها بخجل شديد، فهو نادرا عندما كان يخبرها كلمة حلوة تسعدها، لكنه الآن يخبرها بكلمات متعددة حتى تفرح فقط، اومأت له برأسها إلى الامام وهي تبتسم بسعادة وفخر من حديثه الذي يمدحها فيه، متحدثة بخجل
:- شكرًا يا تامر.
تحدث معترضًا بمرح واضعًا يـ ـده فوق خـ ـصرها يجذبها نحوه أكثر
:- لأ شكرًا يا تامر إيه، وحشتيني على فكرة آه وحياتك وحشتيني.
هربت بعينيها من نظراته المصوبة عليها والمحيطة بها، وردت عليه بخفوت وخجل
:- لأ يا تامر لأ اوعى كدة مـ...مش عا..
ابتلع باقي كلمتها بداخله بعدما التقط شـ ـفتيها بين شـ ـفتيه بحر'ارة وعشق جارف، لوعة طاغية عليه، وضعت يـ ـدها فوق عـ ـنقه وبدأت تبادله قـ ـبلته، ليدخلا سويا في عالم خاص بهما، محلقين في السماء عاليًا بأجنحة الحب الذي وُلد بينهما..
❈-❈-❈
بعد مرور اسبوع...
في ايطاليا عند عمر وآلاء
انتهت آلاء من إعداد ذاتها، لكنها تفاجﭢت بعمر الذي خرح من المرحاض يلف ذاته بمنشفة وحاوط
خـ ـصرها من الخلف فشهقت بصوت مرتفع واوقفت ما كانت تفعله، ثم تمتمت بدهشة
:- إيه يا عمر خضتني، بعدين يلا يا حبيبي اجهز كدة بسرعة عشان أنا خلصت، عاوزين نروح المطعم اللي قولتلك عليه أحلى مطعم بيعمل بيتزا في إيطاليا.
وزع بصره عليها ثم اردف بمرح، يطالعها بنظرات مغزية فهمتها جيدًا
:- ما نأجل المطعم والبيتزا عشان في حاجة أحلى بكتير من البيتزا لازم أكلها في ايطاليا.
ضـ ـربته بخفة فوق صـ ـدره العا'ري وتمتمت بصرامة مزيفة مشيرة له نحو الملابس التي اعدتها له
:- يا أستاذ عمر نأجل الجاحة الاحلى دي دلوقتي، واتفضل البس واجهز عشان نلحق نخلص، بطل قلة أدب شوية.
رد عليها بلا مبالاه فاجئتها وهو يبتسم ومازال لم يحرك بـ ـصره من عليها
:- انا اصلا قلة الادب ذات نفسها ابطلها ازاي، بس تصدقي يا لولي وحشتتي استاذ عمر دي من يوم الفرح وأنا حبيتها، بطلتي تقوليها من ساعة ما اتصالحنا ليه ولا ببقى أستاذ وقت ما نتخانق.
دفعته بمرح صوب الخلف مبتعدة عنه، وأردفت تتحدث بجدية رامقة إياه بغيظ
:- طب يلا يا عمر أجهز هنضيع الوقت والله، وأنا عاوزة اخرج زي ما اتفقنا يلا بقى، ومترجعش في كلامك ماشي.
اومأ لها برأسه إلى الأمام وبدأ يعد ذاته مرتدي الثياب التي احضرتها له، تحدث بمرح
:- أهو يا ستي خلصت تعالي نروح المطعم اللي عاوزاها عشان بعدها اعمل اللي عاوزه أنا.
أنهى حديثه غامزًا لها بإحدي عينيه، ابتسمت بخجل واقتربت ممسكة بذراعه وهي مبتسمة بفخر وسعادة لوجودها بجانبه.
ثم توجه معها نحو المطعم الذي اختارته هي، وطلبت ما تريد كذلك فعل هو، وبدأت تتناول البيتزا بشهية مفتوحة مبتسمة لعمر بسعادة.
لكنها توقفت عن الطعام فجأة عندما رأت تلك الفتاة التي اقتربت من عمر وصافحته بضراوة مما جعل نيران الغيرة تشتعل داخل قلبها وتآكله وتمتمت الفتاة بنبرة مغزية مدللة
:- عمر ازيك عامل إيه بقالي كتير بجد مشوفتكش.
رد عليها بجدية ورسمية تامة
:- أنا تمام الحمدلله.
تطلعت الفتاة نحو آلاء التي كانت مازالت تطالعها بأعين حادة، واردفت متسائلة بضيق
:- إيه دة أنتَ معاك ضيوف يا عمر سوري يا انسة ماخدتش با...
قطعتها آلاء على الفور وأردفت بحدة مصححة لها وهي تضغط فوق كل حرف تتفوهه
:- انا مدام يا حبيبتي مش انسة، أنا مرات عمر اوعي تكوني مشوفتيش صورنا مع بعض، دي الصور بتاعتي أنا وعمر نزلت في international magazines (مجلات عالمية) شكلك كدة مش متابعة الأخبار يا بيبي.
انزعجت ملامح الفتاة انزعاج ملحوظ، وشحب وجهها بضيق، حاولت ان تبتسم في وجـ ـه آلاء التي كانت تبتسم لها بحدة صارمة، لكنها فشلت في إخفاء توترها فاردفت بصوت مهزوز
:- س... سوري يا مدام آلاء، أنا مش متابعة فعلا الأخبار تشرفت بمعرفتك، أنا بس متوقعتش أن عمر يتجوز.
شعرت بالغيظ لكنها لم ترد عليها بل فحصتها من أعلاها إلى أدناها بنظرات حادة كالسهام التي اخترقتها، بل تناولت كوب العصير بين يديها مدعية أنها ستشربه لكنها باغتتها عندما سكبته فوق يـ ـدها الموضوعة فوق المنضدة، تناثر بعضه على ملابسها، هبت آلاء واقفة ببرود وتحدثت باسف مصطنع حاد وهي مبتسمة بانتصار
:- سوري يا حبيبتي مكنش قصدي حقيقي.
تأفأفت الفتاة بغضب بدا عليها، لكنها لم تقوى على الرد عليها خاصة في حضور عمر الذي كان يتابع كل ذلك ببرود ولم يتدخل سوى عندما نهضت آلاء فنهض هو الآخر، سارت الفتاة بغيظ وغضب، أردف عمر يسأل آلاء عما فعلته بجدية وهو يثبت بصره عليها
:- إيه اللي عملتيه دة يا آلاء، إيه دة بهدلتي البنت حرفيا مينفـ..
قطعته بسخرية لازعة وهي تشعر بعدم الرضا من حديث عمر الذي يدافع عن تلك الفتاة الوقحة
:- يا سلام آه صح مانا مفترية معلش أنا اللي غلطانة طبعا هي عملت حاجة، لا هي قمر وكيوت وعسل واقفة بس عمالة تبصلك نظرات مش محترمة زيها وتتكلم بمياعة وكانت عارفاني، وعملت نفسها مش عارفاني وعمالة تحط ايـ ـدها عليك كل شوية وبعدين أنتَ تحمد ربنا يا عمر أن انا مضربتهاش بالسكـ ـينة عشان تتعلم الأدب بعد كدة.
قالت حديثها بعصبية شديدة وطالعته بنظرات حادة مقتضبة غير راضية.
ابتسن هو على حديثها ثم رد يشرح لها الامر بهدوء
:- ماشي يا حبيبتي معاكي كل الحق تغيري وبراحتك بس سكـ ـينة إيه اللي هتمو'تيها بيها وبعدين أنا مش بدافع أنا بس شوفت إنك رديتي عليها ووقفتيها عند حدها كويس أوي فمكنش لازم تبهدليها كدة خلاص.
ابتسمت آلاء بتشفى وهي تتذكر منظرها ثم تمتمت بغيظ
:- أحسن تستاهل عشان تتدلع وتتكلم بمياصة.
ضحك بصخب على طريقتها التي لم تتغير بالطبع مهما فعل وقال فهو أكثر مَن يعلمها جيدًا.
بعدما انتهوا من طعامهما أردف عمر مقترحًا
:- إيه رايك يا قلبي لو تروحي تتفرجي على برج بيزا المائل حلو أوي هيعجبك.
حركت آلاء رأسها نافية مسرعة وتمتمت برفض وخوف
:- لأ طبعا أنتَ عارف يا عمر أن أنا بخاف يلا ياحبيبي نروح أحسن.
ابتسم عمر على خوفها الذي بدا فوق ملامحها، ثم تمتم بجدية مشيرًا لها بسبابته نحو ذاته
:- متخافيش يا لولي طول مانا معاكي مش عاوزك تخافي هنروح عادي وهتفضلي ماسكة فيا ومش هيحصلك حاجة.
تمتمت بنفي وعدم ترجيح لتلك الفكرة
:- لأ يا عمر عشان خاطري يا حبيبي أنا بثق فيك والله وكل حاجة بس مش عاوزة اطلع، تعالى نرجع الاوتيل يلا يا حبيبي مش أنتَ مكنتش عاوز تنزل اصلا.
اومأ لها برأسه امامًا وسار معها نحو الفندق كما تريد، فلم يحب أن يضغط عليها أو يزعجها، بينما هي طالعته بنظرات عاشقة شغوفة وتمتمت بعشق
:- أنا بحبك يا عمر ربنا يديمك ليا يا حبيبي.
طبع قبـ ـلة رقيقة حانية فوق يـ ـدها بحنو وعشق ورد عليها محافظًا على نبرته الشغوفة العاشقة لها
:- وأنا بموت فيكي ياقلب وحياة عمر كلها.
ابتسمت بسعادة عارمة طغت فوق كل مشاعرها الأخرى، تريد أن تظل بجانبه إلى الأبد وبتلك السعادة التي تشعر بها الآن معه..
❈-❈-❈
بعد مرور يومين...
كانت نغم جالسة في غرفتها بملل شديد تفكر فيما ستفعله، لكنها تفاجأت بهاتفها الذي صدح باتصالًا من رقم غريب، قطبت ما بين جبينها بدهشة وردت متسائلة بهدوء
:- ألو مين؟
رد عليها الآخر متسائلًا بتأكيد ومكر
:- نغم السنماري معايا؟
ازدادت دهشتها لكنها ردت مردفة بتأكيد وتعجب
:- ايوة أنا نغم السنماري، مين معايا لو سمحت؟
ضحك الآخر بصوت صاخب ماكر يشبه نواياه، وغمغم بخبث يعرفها على ذاته
:- معاكي عدي السعدني، بصي عاوزك في حاجة هترفعك جامد جامد مصلحتك معايا..
يُتبع..
إلى حين نشر فصل جديد من رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني للكاتبة هدير دودو، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية