رواية جديدة في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 28
قراءة رواية في غياهب القدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية في غياهب القدر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل الثامن والعشرون
اعتذار
لِماذا أُحبُّكِ رَغمَ اعتِرافي
بأنَّ هَوانا مُحالٌ مُحالْ ؟
ورَغمَ اعتِرافي بأنَّكِ وَهمٌ
وأنَّكِ صُبحٌ سَريعُ الزَّوالْ
ورغمَ اعترافي بأنَّكِ طَيفٌ
وأنَّكِ في العِشقِ بعضُ الخَيالْ
ورغمَ اعتِرافي بأنَّكِ حُلمٌ
أُطارِدُ فيهِ وليسَ يُطالْ
وأسألُ نفسي لماذا أحبُّكِ
إذا كنتِ شيئًا بعيدَ المنالْ
لماذا أحبُّكِ في كلِّ حالْ
لماذا أُحبُّكِ أنهارَ شَوقٍ
وواحاتِ عِشقٍ
نَمَتْ في عُروقي وأضحَتْ ظِلالْ
وأسألُ نَفسي كثيرًا كثيرًا
وحينَ أجَبتُ
وَجدتُ الإجابةَ نَفسَ السؤالْ
(فاروق جويدة)
❈-❈-❈
ها قلت إيه يا عمي في الكلام ده؟
تلك الكلمات هتف بها رؤوف الذي وضع كوب القهوة خاصته فوق المنضدة المقابلة له.
تبسم الحاج سعد ثم ارتشفا من كوبه رشفة صغيرة وهتف بمشاكسة: انت مستعجل ليه يا رؤوف يا ابني بس ده أنتم لسه كاتبين الكتاب من كم يوم.
تناول كوب القهوة خاصته وهتف قبل أن يرتشف منه: والله يا حاج خير البر عاجله بما اننا كتبنا الكتاب ومش هنعمل فرح يبقى ليه التأخير بس؟
صمت الحاج سعد يفكر ثم هتف بجدية: بص يا رؤوف يا ابني انا مش هحكي لك اللي شافته عبير بس كل اللي عايزه منك وعد انك تشيلها في عينيك وإن كان يا سيدي على قعادها مع والدتك أنا عن نفسي ما عنديش مانع بس ما تأخزنيش يعني القرار برده ليها هي فالآخر هي اللي هتتجوز مش أنا.
أومأ رؤوف متفهما ثم هتف بجدية مماثلة: والله يا حاج سعد انت مش محتاج توصيني على عبير انت ما تعرفش أنا بحبها قد إيه وناديها يلا عشان ناخد رأيها خليني الحق الورشة أنا وصيت الولا يفتحها على ما ارجع.
عبير يا عبير تعالي يا بنتي دقيقة.
وما هي إلا ثواني حتى امتثلت بين يدي والدها تهتف باحترام: نعم يا بابا؟
اغتاظ رؤوف من تجاهلها المباشر له لكنه أسرها في نفسه ولم يعقب.
فسألها والدها بهدوء: بصي يا بنتي رؤوف عايز يتمم جوازكم مش بس ده المهم المهم لنه عايز انكم تسكنوا مع والدته مش عشان هو مش عايز يجيب شقة بس عشان والدته مش حابة تقعد لوحدها والاقتراح ده هي اللي اقترحته عليه والقرار الأول والأخير ليكي طبعا يا بنتي.
صمتط قليلا فهي لا يعنيها الأمر من الأساس فهي لم ترد الزواج وتزوجت فلماذا ستعترض على السكنة مع والدة رؤوف
لم تشعر بلسانها وهو يتحدث بطلاقة غريبة: أنا ما عنديش مشكلة يا بابا شوف حضرتك المناسب واعمله.
ألقت كلماتها واستدرات عائدة من حيث أتت تاركة الآخر يشيعها بنظرات ولها وابتسامة كبيرة ترتسم فوق محياه.
أجفل على صوت الحاج سعد الحاد: ولا احترم نفسك البت لسة في بيتي لما تروح عندك ابقى سبلها يا أخويا زي ما أنت عايز
ودلوقتي أنا هتمم كتب كتابي يوم الجمعة الجاية باذن الله بالمرة بقى نعمل دخلتك على عبير يلا يا فالح الحق اشتري اوضة نوم جديدة وجهز حالك.
صفق بحماس هاتفا بسعادة مبالغ فيها: والله يا حاج سعد انت أجدع راجل في الدنيا والله والله أنا ما شفت حد زيك لا في كرمك ولا في طبطك ولا في أخلاقك ولا...
قاطعه وهو يشير له بكفه: خلاص كفاية يلا مش كنت مستعجل على الشغل أتفضل.
هب واقفا ثم انحنى طابعا قبلة طويلة فوق جبينه باحترام ربنا ما يحرمني منك أبدا يا حاج.
❈-❈-❈
صمت أطبق على المكان بعد فعلته الشنعاء تلك رمقته بعتاب مجبول بالخذلان ثم استقامت واقف واندفعت إلى غرفتها قبل أن تخونها دموعها وتسقط أمامه.
بينما هو ظلت يده معلقة في الهواء فهو لم يفعلها قط من قبل لم يرفع يده على امرأة أبدا لطالما كان يعامل المرأة وكأنها جوهرة ثمينة حتى زوجته خلال فترة سنوات زواجهم العشر لم يفعلها معها ولو لمرة
كيف يفعلها مع ابنة عمته صَبا التي تحملت مسئوليته ومسؤولية أبنائه في الوقت الذي تخلت فيه زوجته عنه وعن أبنائها كيف فعلها؟
ترك يده لتسقط فوقه وكأنها مسير بون الإرادة ثم هز رأسه هاتفا بتعنيف: إيه اللي انت عملته ده يا عمار ازاي تعمل كده أكيد انت اتجننت ترفع ايدك على صَبا صبا يا عمار اللي طول عمرها بتعتبرك أخ ليها وعمرها ما رفعت صوتها عليك فوق بقى يا عمار فوق قبل ما تخسر كل حاجة.
بينما في الداخل عند صَبا التي سمحت لدموعها بالهطول وهي على يقين أنها تستحق تلك الصفعة فهي جرحته كثيرة تعلم أن كلامها المسموم أيقظ جرحا بداخله
أقسمت بداخلها أن ما فعلته وقالته كان بدافع غيرتها عليه فهي لن تقبل أبدا أن بعد ما فعلته طليقته يتحدث عنها بكل هذا الحب وكأنه في أكتر وقت يحتاجها فيه
كيف له أن يكون أعمى لهذه الدرجة؟
في ذلك الوقت أيقنت أن كما يقال بالعامية مراية الحب عميا فالمحب لا يرى أي عيب في محبوبه يراه وكأنه ملاكا هابطا من السماء وليس بشريا عاديا يخطئ ويصيب في بعض الأحيان
كفكفت عبراتها بأطراف أناملها وهتفت بتصميم: هتنساها يا عمار أقسم لك انك هتنسى زينة أوعدك اني همسح اسمها من دماغك باستيكة هاخليها ما لهاش وجود في البيت ده أنا دخلت معركة ولازم أبقى قدها.
❈-❈-❈
تجلس في الغرفة التي أعطاها إياها حسام وهي تتآكل من الغيظ فهي لم ولن تقبل بأن تكون ضحية أبدا هي تركت كل شيء من أجل أن تحيا حياة كريمة ولن تفرط في ذلك أبدا مهما كلفها الأمر حتى لو اضطرت بأن تخضع لكل ما يطلبه منها ذلك البغيض وبعدها ستفعل ما يحلو لها
فهي ليست بالضعيفة ولا بالساذجة كي تسمح لشخص مثل حسام أن يتلاعب بها
ابتسمت بدهاء فهي امرأة جميلة وجذابة ولديها سلاح قوي لتحصل على ما تريد ألا وهو إخضاع المدعو حسام.
هبت واقفة وفتحت خزانة الملابس وانتقت منها منامة باللون الأرجواني ثم تأملتها بإعجاب سافر فقد كانت منامة قصيرة للغاية بلا أكمام عارية الظهر ضيقة جدا.
وضعتها فوق الفراش ثم اتجهت إلى المرحاض كي تنعم بحمام دافئ وبعدها ستبدأ خطتها المحكمة.
لكن هل يا ترى ستنجح زينة في إخضاع حسام أبو الدهب أم أن انوثتها وجمالها سيجعلاها رخيصة في نظره.
هذا ما سنعرفه خلال الأحداث.
❈-❈-❈
أنهى عمله سريعا ثم عاد وهو يشعر بالاشتياق الشديد لها.
وما هي إلا دقائق حتى دلفا من المصعد وقرع جرس منزلها ثواني وكانت أمامه ترمقه بنظرات تصـ رخ بالإعجاب والاشتياق.
دفـ عها برفق وولج مغلقا الباب من خلفه ثم استدار لها يختطفها داخل أحضـ انه وهو يغمغم بصوت أجش من أثر الرغـ بة والاشتياق: وحشتيني قوي يا رغد وحشتيني.
تشبثت بعنقه وراحت تصفف خصلاته بأناملها: وأنا كمان اشتقت لك كتير يا حبيبي.
تأوه بصوت مسموع ثم حملها بقوة ورحا يدور بها حول نفسه ويهتف بسعادة: بحبك قوي يا رغد بحبك.
ابتسمت بقوة ورددت ذات الكلمة خلفه ثم طلبت منه ان يضعها ارض فامتثل لرغبتها ووقف قبالتها يرمقها بنظرة أربكتها كثيرا فوضعت يدها على عينيه هاتفة باستحياء مزيف: ما تطلع فيني هيك بعرف بعد النظرة ما بتقعد عاقل أبدا.
أزاح يدها برفق ثم دنا منها ملتقطة شفـ تيها بخاصته في قبـ لة ناعمة سرعان ما تحولت إلى عاصفة شغوفة وبعدها حملها بين ذرا عيه متجها إلى غرفة نومهما التي كلما رآها يشعر بامتلاكها
والغريب بالنسبة له أنه لا يمل منها أبدا وكأنها اكسير الحياة بالنسبة له لا يعرف متى وكيف أحبها لكن كل ما يعرفه أنها باتت شيئا مهما مهما جدا في حياته.
❈-❈-❈
وفي دبي
فتحت عزة تطبيق الماسنجر فوجدت رسالة من ابنة عمتها غزل ففتحتها وكان محتواها
لما تفضي كلميني.
سرعان ما ضغطت زر الاتصال وانتظرت الرد وبعد وقت ليس بالقصير استمعت إلى صوتها على الطرف الآخر: أهلا أهلا بالشيخة عزة مش انت في دبي يعني جدتي الشيخة.
ضحكت عزة بقوة ثم هتفت بمزاح: أيوة يا أختي بقيت شيخة ونص المهم قولي لي قلتي كلميني ضروري ليه حصل حاجة عمار كويس؟
قطعتها بهدوء: اهدي يا بت كلنا كويسين بس حصل معايا حاجة كده كنت عايزة احكي لك عليها.
أخذت نفسا وراحت تقص عليها بالتفاصيل ما حدث بينها وبين زوجها ليلة أمس والأخرى تستمع لها وعقلها في عالم آخر.
فبعد أن انتهت غزل هتفت عزة بحزن: اوعي تخوني جوزك يا غزل الخيانة مش بس انك تكوني مع راجل في سرير الخيانة انك تفكري أو تكلمي واحد غريب عنك.
قاطعتها غزل بدهشة: خيانة وسرير وراجل إيه يا معتوهة أنتي هو أنا بقول لك أنا اللي خنت رامي بقول لك أنا اللي شكيت فيه وطلع مظلوم.
تنحنحت عزة لتخفي حرجها وهتفت مغيرة دفة الحديث: طيب أهم حاجة إن انتم اتصالحتم عموما بلاش الشك يا غزل كلنا عارفين انت وجوزك بتحبوا بعض قد إيه ده أحنا كنا مسمينكم روميو وجوليات العيلة.
تنهدت غزل بحرارة: آه والله يا عزة يا بنتي ما كنت عارفة اوري وشي ليه تاني حسيت قد إيه أنا غبية ومتسرعة ومتهورة بس والله ما سبته غير لما سامحني يلا احكي لي انت عاملة إيه كويسة وفهد وفريدة كويسين ومحمد؟
اجابتها بهدوء: الحمد لله كلنا كويسين.
وبعد وقت ليس بالقصير أغلقت عزة الهاتف وهي تشعر بالحزن الشديد فحديث غزل ذكرها بما فعلته منذ عدة سنوات.
فعند منتصف الليل ذات ليلة بعد زواجها بحوالي بضعة أشهر تركت زوجها في الفراش واتجهت إلى شرفة المنزل وفتح تطبيق الماسنجر كعادتها اليومية ابتسمت بقوة عندما جاءها رسالة منه فتحتها على الفور وكان محتواها: يا قلبي طمنيني عليك عاملة إيه دلوقتي يا وزة؟
كتبت له بسرعة غريبة: مفتقداك قوي يا حسام.
انتظرت ثواني معدودة وأبصرت رسالته التي كان محتواها: وحشاني صورتك قوي يا حبيبتي إيه رأيك لو تفتحي الكاميرا.
ترددت وقتها كثيرا لكنها حسمت قرارها في آخر الأمر وفتحت الكاميرا وراحا يتحدثان بأريحية أكثر صورة وصوت.
استفاقت من شرودها على صوت زوجها: عزة يا حبيبتي انت سرحانة في إيه؟
أجابته بتلعثم: ما فيش ما فيش يا محمد عايزني اعمل لك حاجة؟
هز رأسها نفيا: لا يا حبيبتي أنا هدخل أريح شوية وانت كمان هتيجي تريحي معايا.
هتفا كلمته الأخير وهو يجذبها من يدها برفق فانصاعت لأمره وهبت واقفة تسير بمحاذاته باتجاه غرفتهما وبداخلها حزن وندم كبير.
❈-❈-❈
توالت الأيام على الجميع باعتيادية شديدة حتى جاء اليوم المنتظر بالنسبة للحاج سعد ورؤوف.
وبعد صلاة المغرب أنهى المأذون عقد قران السيدة صباح والحاج سعد فانهالت التهنئات عليهم من الجميع.
هتفت الحاجة سعاد بابتسامة بشوشة: ألف مبروك يا صباح يا أختي نورتيل عيلة هنداوي عايزة أقول لك إن لنت أخدتي جوهرة الحاج سعد ده ما فيش منه والله راجل بمعنى الكلمة وكمان...
قطعها الحاج كامل بمشاكسة: طبعا ومين يعني هيشهد للعروسة قصدي للعريس ما هو اخوكي لازم تنفخي فيه بس لعلمك بقى لما تقعدي تنفخي تنفخي تنفخي ممكن يفرقع مننا وده لسه عريس جديد محتاج لصحته.
قهقهة الجميع في سعادة فزجرته الحاجة سعاد هاتفة بحدة مصطنعة: لا أخويا ما فيش منه في الدنيا كلها والكل يشهد بدع أدب وأخلاق واحترام وا...
قاطعها وهو يرفع كفه باستسلام: كفاية أبوس ايدك كفاية.
خرج الحاج سعد عن صمته أخيرا هاتفا. وهو يراقص حاجبيه: انت زعلان من إيه بس يا أبو نسب لو غيران مني أنا ممكن أشوف لك عروسة عادي.
قهقهة الجميع بصخب فرمقته الحاجة سعاد بحدة وهتفت بغضب مصطنع: كده برده يا حاج سعد وأنا اللي بدافع عنك طيب ماشي خليك فكرها.
قاطع مزاحهم صوت صَبا المميز: مبارك يا خالي.
قالتها وهي تحتضنه ثم انحنت تعانق الحاجة صباح التي كانت تجاوره في المقعد: مبارك يا حاجة صباح.
بادلتها الحاجة صباح العناق: الله يبارك فيك يااا مش صَبا برده عرفتك من كلام العيلة عليك بسم الله ما شاء الله الكلام ما اداكيش حقك.
ابتسمت صَبا في خجل وشكرتها ثم عادت إلى مكانها بجوار عمار الصامت طوال الوقت.
وزعت نظراتها بينه وبين الجالسين فشعرت بالشفقة والحزن عليه فهتفت موجهة الحديث له دون أن تنظر إليه: روح بارك لخالي ومراته مينفعش تفضل قاعد بعيد كده الناس هتفتكر انك مش راضي عن الجوازة دي.
رمقها بنظرات غير مفهومة ومن ثم تحرك بكرسيه باتجاه والده
شيعته بنظرات حانية ثم أمسكت هاتفها وراحت تتحدث مع غزل هاتفة بهدوء: انتم فين يا غزل هي كل ده عبير ما خلصتش مكياج؟
صمتت تستمع إلى صوت شقيقتها على الطرف الآخر: لا خلصت بس رؤوف أصر انه ياخدها ويتصورو مع بعض ربنا يعنيهم يا رب.
اللهم أمين.
تلك الكلمات غمغمت بها صَبا ومن ثم أغلقت الهاتف وهي تتمنى السعادة للجميع.
وكما يقال من دعا دعوة في ظهر الغايب ترد ملائكته على الداعي ولك بالمثل.
❈-❈-❈
بعد أن تأكدت من إتمام زينتها راحت تدور حول نفسها كالفراشة وهي تنظر إلى جـ سدها بإعجاب شديد فقد كانت في منامه سوداء بالكاد تغطي خصرها عا رية الظهر والكتفين وصففت خصلاتها بطريقة مميزة كما أنها طلت شفـ تيها باللون الأحمر القاني المثير.
ألقت قـ بلة لنفسها في الهواء وانطلقت للخارج عازمة على تنفيذ مخططها اليوم فهي في المرة السابقة فعلت كل هذا لكنها لم ترى ذلك البغيض حسام لقد قضى ليلته برفقة تلك الشمطاء ليالي.
واليوم ستجعلها تندم على تحديها لها ستأخذه منها تلك الليلة فهي أجمل منها بكثير فكيف له أن يتزوجها منذ عدة أيام ولم يتطلع في وجهها حتى.
صكت على أسنانها بغضب فهي لطالما كانت مرغوبة من زوجها وعلى ذكر زوجها تحولت ملامحها إلى الحزن الشديد والندم فغمغمت بخفوت: يا ترى أنت عامل إيه يا عمار دلوقتي؟
هزت رأسها بعنف كي تزيل تلك الأفكار من رأسها وفتحت الباب بعد أن أخذت نفس عميق وزفرته على مهل
بخطوات هادئة هبطت الدرج فأبصرته يجلس فوق الأريكة واضعا ساق فوق الأخرى ويرتشف من كأس الخمر الخاص به وعينيه معلقتان في الفراغ.
ابتسم بخبس عندما غزى عطرها أنفه وارتشف الكأس دفعة واحدة وهب واقفا ينظر لها كالأسد الجائع مما جعلها تخشاه كثيرا فتلك النظرات مريبة حقا.
كادت أن تعود ادراجها لكنه هتف بصوته الشبه نائم: أهلا أهلا بحرمي المصون تعالي.
دنت منه بخطوات مترددة حتى باتت قبالته وتوقت عنقه بذرا عيها هاتفة بدلال: اديني جيت أهو يا حسام هتعمل إيه يعني؟
جذبها من خصرها بعنف حتى اصطدمت بصـ دره فهتف بضحكات مجلجلة: لا من نحية هعمل فهعمل كتير.
وقبل أن تستوعب ما يتفوه به انقد على شفـ تيها يقـ بلها بعنف ألمها كثيرا حتى إنه تذوق طعم الدماء في فمه.
تركها وما زالت تلك الابتسامة ترتسم فوق محياه
كادت أن تذهب إلى غرفتها لكنه امسك بها وحملها فوق كتفيه وصعد بها إلى غرفته غير عابئا باعترادها وصراخها فتح الباب بقدمه واغلقه بنفس الطريقة ثم ألقاها فوق الفراش وراحا يتذكر عزة ويتخيلها بين أحضـ ان زو جها
تطاير الشر من مقلتيه ثم دنا منها ومزق ثيابها وانقض عليها كالوحش الضاري غير عابئ بتوسلاتها ولا بكائها الذي كاد أن يصم الآذان.
❈-❈-❈
بعد أن انتهى الحفل العائلي البسيط الذي أقامه الحاج سعد في منزله.
ذهب الجميع إلى منازلهم.
فتحت صَبا باب الشقة بمفتاحها الخاص ثم افسحت لعمار والطفلين للولوج وبعد أن ولجوا أغلقت الباب من خلفهم وهتفت بإرهاق: يلا يا ولاد غيروا هدمكم واغسلوا أسنانكم وناموا علطول.
هتفت بصوت طفولي: بس أنا جعانة يا صَبا ما اكلتش عند جدو كويس.
ضحكت صَبا بخفة ثم دنت مقبلة جبينها هاتفة في حنو: عيوني يا لاتين هعمل لك أحلى ساندوتش وكباية لبن بس روحي غيري هدومك وأنا كمان هغير هدومي واعمل لك علطول.
أومأت لها الطفلة واتجهت إلى غرفتها.
بينما ليث وقف مكانه يحدج والده بنظرات غير مفهومة جعلته يسأله بارتباك: ليث حبيبي مالك بتبص لي كده ليه؟
أجابه بخفوت: ولا حاجة يا بابا بعد ازنكم.
أوقفته صَبا بصوتها العذب: طب بقول لك إيه يا ليث انت كمان مش جعان تحب اعمل لك...
قاطعها باختصار: لا أنا أكلت تحت.
ألقى كلماته واندفع إلى الغرفة خلف أخته.
تبعته صَبا إلى الداخل لكنها توقفت على صوت عمار: صَبا استني -من فضلك-.
تسارعت خفقات قلبها عندما نطق اسمها بتلك الطريقة المحببة إلى قلبها فتنهدت بهدوء ثم استدارت له ترمقه باستفهام؟
فاستطرد بخفوت وصل إلى مسامعها: صَبا أنا آسف أسف على اللي حصل مني صدقيني أنا من يومها وأنا زعلان وبفكر ازاي أنا عملت كده انت ما تستاهليش مني ده يا صَبا.
كادت أن تتحدث لكنه أوقفها بإشارة من يده: أرجوكي سيبيني أكمل كلامي أنا عمري ما عملتها يا صَبا عمري ما مديت ايدي على واحدة ست بس علشان تكوني فاهمة انت السبب انت اللي استفزتيني وقلت كلام وجعني قوي يا صَبا وعارف إن هي دي الحقيقة بس صدقيني قلوبنا ملناش صلطان عليها ما حدش بيختار يتوجع
لو كان الواحد يقدر يتحكم في قلبه كان قدر يحب اللي هو عايزة ويكره اللي هو عايزة بس للأسف دي الحاجة الوحيدة اللي ملناش إرادة فيها.
أومأت له متفهمة فهي أكثر شخص يعرف هذا الحديث جيدا.
فهتفت بابتسامة مصطنعة: ولا يهمك يا عمار حصل خير أنا برده كنت غلطانة زي ما أنت قلت قبل كدة أنا ما ليش دعوة بحياتك الخاصة بس كل اللي أنا عيزة اسأله لك من يوميها إيه الحاجة اللي في دماغك اللي خلتك تتجوزني انت قلت كده لما كنت بتزعق.
ارتبك فماذا سيقول لها صمت قليلا يفكر في كذبة يتفوه بها
لكنها قرأت أفكاري فهتفت بجدية: أرجوك يا عمار قل لي من غير ما تزوق الكلام أو تكدب عليا إيه السبب اللي خلاك تتجوزني واتأكد اني مش هزعل كده كده أنا عارفة أنك اتجوزتني غصب عنك بس أنا حابة اعرف السبب اللي خلاك توافق خالي سعد في القرار بتاعه.
أجابها بهدوء ممزوج بالخجل: زينة ما كانت بتغير منك جدا واحنا متجوزين ودايما يعني كانت بتقول انك بتحبيني وكانت بتطلب مني اني ما اقفش معاكي لوحدنا أو أتكلم معاكي لمجرد الكلام عشان كده كنت عارف ان جوازي منك هيضايقها جدا طبعا أنا مش عارف هي عرفت أو لا أو اللي أنا فكرت فيه كان صح ولا لأ بس على الأقل أنا عملت حاجة من الحاجات اللي ما كانتش بنحبها
سامحيني عارف انك ما تستاهليش...
قاطعته بإشارة من يدها ورسمت ابتسامة صغيرة فوق شفتيها ودنت منه وانحنت بجزعها هاتفة أمام وجهه: ما تكملش يا عمار أنا مش زعلانة منك وأنا كمان آسفة على الكلام اللي قلته لك.
أنهت كلماتها وطبعت قبلة طويلة فوق رأسه واستقامت واقفة متجهة إلى غرفتها عازمة على تغيير ملابسها ومن ثم تقوم تخضير وجبة خفيفة للطفلة.
بينما عمار فقد شيعها بنظرات غير مفهومة فتلك الفتاة غريبة الأطوار كان يظن أنها ستثور وتغضب عندما يتفوه بتلك الكلمات لكنها فاجأته كعادتها
لطالما كانت صَبا مختلفة بالنسبة للجميع في ردود أفعالها.
هز رأسه بالنفي كي يزيل تلك الأفكار من رأسه واتجه بالكرسي لغرفته عازما على تغيير ملابسه.
والسؤال الذي يدور في رأسه لماذا تتحمل صَبا كل هذا وكيف ستكون أيامهم سويا في الفترة المقبلة؟
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران من رواية في غياهب القدر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية