-->

رواية جديدة نفوس طاغية لشهد السيد - الفصل 2

 

 قراءة رواية بين نفوس طاغية كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية بين نفوس طاغية

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة شهد السيد


الفصل الثاني




المواقف التي يُشفِق بها المرء على نفسه، 

لا تُنسى ..

نظرت لقدمها الموضوعة المعقود حولها شريط طبى لاصق ويـ ـديها المجـ ـروحه تريح ظهرها لظهر الفراش تزفر بتثاقل، السيدة التى جلبتها بالأمس غادرت هى حتى لا تعلم أين هى الآن، أستيقظت لتجد ذاتها بغرفة نظيفة للغاية تتنافى مع حالتها البشـ ـعة.! 

❈-❈-❈


نظرت لسقف الغرفة تستعيد بذاكرتها ماحدث أمس.. 


عودة لما حدث أمس..




بعدما عَم الهدوء الشديد وغادر الجميع وانطفأت الأنوار غير عابئين بالألـ ـم التى تعانيه تعقد يـ ـدها أمام

 صـ ـدرها تكتم بكائها من التصاعد، تشعر بالقهـ ـر الشديد يكاد يفتـ ـك بـقلبها، أستمعت لصوت صفير خافت يصدر من أسفل النافذة جعلها تتحامل بأصرار على ألامـ ـها تقف فوق لوح الخشب السميك تُدلى الحَبل لزكريا الذى سارع بعقد قطعة حديـ ـديّـ ـه فيه، جذبتها للأعلى تمسكها بين يـ ـديها وهى تنظر حولها بتوتر وأرتجـ ـاف يصيب قدمها تكاد لا تقدر على الوقوف.. 


بدأت بمحاولة فك النافذة بحرص بالغ رغم سحابة الدموع التى تمنع رؤيتها بشكل جيد، زفرت ببعض الراحة عندما أستطاعت فك النافذة الحديـ ـديّـ ـه تضعها جانبًا بحـ ـذر شديد ووقفت مجددًا فوق المقعد

 تتمـ ـسك بسور النافذة تقفز عدة مرات رغم ألـ ـمها الذى زاد من أصرارها حتى أستطاعت الجلوس فوق حافة النافذة تنظر للمسافة بينها وبين الأرض وسؤال واحد شغل عقلها بتلك اللحظة، هل ستتحمل القفز من مسافة كـتلك.!


شعرت بهروب الــ ـد ماء من جـ ـسـ ـدها عندما صاح من خلفها صوت غلـ ـيظ حـ ـاد: 


_"يا ليلة أهلك اللى مش فايته". 


نظرت خلفها سريعًا وعادت للنظر أمامها تقفز دون المزيد من التفكير، سقطت أرضًا بعـ ـنف بالغ أصاب قدمها اليمنى بالأكثر لكنها تحملت ونهضت عندما أستمعت لصوت نباح الكلاب، بالتأكيد علم الجميع بشأن هروبها. 


ركضت سريعًا وسط ظلمات الليل الحالك رغم تعثرها لأكثر من مره وما يدفعها للمواصلة إقتراب صوت النباح، تعثرت بحجر كبير لتسـ ـقط على وجهها وتنجـ ـرح 

يـ ـديها تزامنًا مع سماعها صوت صياح أحدهم: 


-"هناك اهى شوفتها بتجرى، والله لتاخدى علـ..ـقة تحلفى بيها طول حياتك يا تربية الشوارع". 



أنسابت دموعها ونهضت رغم ألـ ـمها تركض جهة اليسار بكل ما تبقى لديها من قوي وإصرار، لا ترى شيئًا سوى مظهرها وهى تقف بأشارات المرور تعرض على المارين شراء الفل والياسمين.


نظرت خلفها بعدما أبتعدت بقدر كافى عن مركز الأحداث، أرتعش جـ ـسـ ـدها تجهش رغمًا عنها فى البكاء وهى تتابع الركض حتى سقـ ـطت فوق ركبتيها لعدم تحملها مواصلة السير بسبب ألـ ـام قدمها. 


تفحصت موضع ألمها برفق بالغ ترفع رأسها للسماء ودموعها تنساب تناجى ربها بصوت منخفض راجى: 


-"يارب". 


نظرت حولها تبحث عن زكريا حتى يعاونها على النهوض لكنها التفتت نحو اليسار سريعًا عندما أقتربت منها سيارة تضئ أنوارها، أتسعت أعينها تزحف للخلف بعـ ـجز لكنها أبتلعت لعابها بقـ ـلق عندما توقفت السيارة وهبطت منها سيدة لم تتبين ملامحها بسبب ظلمة الليل يظهر على نبرتها القـ ـلق والخـ ـوف معًا: 


-"سامحيني مشوفتكيش، انتِ كويسة فيكِ حاجه".؟ 


أنفلتت شهقة متألـ ـمة من بين شفـ ـتيها تجيبها بصوت باكي قائلة: 


-"رجلى..ساعديني". 


نظرت السيدة للمنطقة المخـ ـيفة حولهما وتسألت بداخلها عن سبب وجود فتاة صغيرة مثلها بتلك المنطقة وهذا التوقيت لكنها حركت رأسها بالرفـ ـض تبعد تلك الأفكار عن رأسها وأحاطت جـ ـسـ ـدها تعاونها على الصعود لسيارتها تنطلق نحو أقرب مشفى.




عودة للوقت الحالي...




أستفاقت سريعًا عندما فتح باب الغرفة ورأت سيدة راقية للغاية كـ من كانت تشاهدهم بالتلفاز، ترتدى تنورة وسترة بيضاء تمـ ـسك بباقة ورود رائعة الجمال وتبتسم بصفاء تجلس للمقعد المجاور لفراشها قائلة: 


-"مالك أتخـ ـضيتي كده ليه، طمنيني عليكِ حـ ـاسه بقيتي أحسن". 


أبتلعت لعابها الجاف تحرك رأسها بالإيجاب تنظر حولها بتوجـ ـس تشعر بأنه سيتم الإمـ ـساك بها فى اى لحظة: 


-"ممكن أمشى". 


مدت السيدة يـ ـديها لتتلمـ ـس خصلات شعرها المشعثة والمجعدة للغاية لتبتعد "زينة" قبل ان تلمـ ـسها يـ ـد السيدة تنظر ليـ ـديها بخـ ـوف، أبتسمت السيدة تطمئنها تحاول تهدئة خـ ـوفها: 


-"أهدى أنا مش هأذيـ ـكِ، اعتبريني صاحبتك واحكيلي باباكِ ومامتك فين".؟ 


صمتت للحظات تشعر نحوها بالألفة، سنوات عمرها التى مرت عليها بالشارع أكسبتها خبرة فى معرفة الأشخاص لتجيبها بصوت هادئ: 


-"معرفش..معرفش غير عم عطية". 


أنعقد حاجبى السيدة قليلًا تتسأل بلطف: 


-"ده يبقى عمك اخو باباكِ".؟ 


حركت رأسها بالنفى تجيبها بتوضيح: 


-"يبقى الريس بتاعنا، هو اللى بيسرحنا". 


ظهر على وجهها عدم الفهم لتزفر الفتاة تجيبها بتوضيح أكثر: 


-"بيسرحنا نبيع مناديل وفل فى الإشارات". 


ظهر العطف والصدمة على وجهة السيدة تجيبها بصوت حزين لحالها: 


-"كنتِ هربـ ـانة منه لما لقيتك".؟ 


حركت رأسها بالنفى مجددًا تجيبها ببساطة: 


-"كنت ممـ ـسوكة تسـ ـول ومحبـ ــوسة فى الأحداث وكنت هربـ ـانة منهم لما لقيتينى". 


تجمعت الدموع بأعين السيدة ونهضت تجلس لجوارها تضـ ـمها لأحضانها تربت فوق رأسها بأمومه أفتقدتها:


-"ياحبيبتي..طيب هربـ ـتى ليه هما كانو هيودوكِ دار رعاية أكيد وهتكون أحسن ليكِ من الشارع". 


ضحكت بسخرية مريرة تبتعد عن أحضانها التى شعرت بداخلهما بالغربة، شعور لم تعرفه طوال حياتها: 


-طب لما كنت فى الشارع وحد يتعرضلى بلم عليه الناس، جوه لما الصول يتحـ ـرش بيا أشتكى لمين.؟ 

أنا حكيتلك عشان مش خايـ ـفة منك، شكلك مبتعرفيش الـ ـأذي فى زمن الطيب فيه بيتـ ـداس، كتر خيرك عشان ساعدتيني جميلك فوق راسى ولو عاوزه حق الجبس اديني عنوانك وأنا أول ما أشتغل واجمع الفلوس هجبهالك.."


بكت رغمًا عنها تكمم فـ ـمها لتصمت تنظر لها بحرمان، كيف لأبويين أن يفعلوا هذا، لأ يوجد مبرر لتركهم لأبنتهما وغيرهما يتمنى فقط سماع كلمة أمى: 


-"بس اسكتي أنا مش عاوزة فلوس أنا عاوزاكِ انتِ، أنا عندي فلوس كتير أوى أوعدك هعوضك عن كل اللى عيشتيه". 


ضحكت بتهكم تعقد يديها أمام صـ ـدرها تجيبها: 


-"تتبنيني يعنى، حلو عيلة من الشارع تبيعي منها 

قرنـ ـية ولا كبـ ـد وترميها فى أقرب خـ ـرابه ولا تخليني أخـ ـد-مك". 


نفت السيدة سريعًا تحاول أثبات صدق نواياها: 


-"لأ والله أنا مش كده صدقيني، أطلبى اى حاجه وهحققهالك، أنا عاوزاكِ بنتى واوعدك كل طلباتك مجابة". 


صمتت تبعد وجهها للجهة الأخرى، أن كانت تريد منها أعضـ ـاء فـ كان يمكنها فعل ذلك عندما غفت، ماذا سيفعل عطية أن عادت إليه.؟ 


سيجعلها تعاود العمل دون راحة حتى تكتسب المزيد من المال بفضل جبيرة قدمها، وان أمـ ـسكت بها الشرطة من جديد فـ سيكون عقـ ـابها عسـ ـير للغاية.! 


شعرت السيدة بحيرتها لتحيط كتفيها تحادثها بلهفة ألتمعت بأعينها: 


-"أنا عندي فلوس كتير أوى، كل اللى بتتمنيه هيبقي عندك من قبل ما عينك تغمض، هتروحي أرقى الأماكن وهتاكلى أحسن أكل، هجبلك لبس كتير ومجوهرات أكتر". 


أنفلتت منها ضحكة صغيرة تجيبها ساخرة: 


-"ده انتِ تخلفى واحدة أوفر". 


زفرت السيدة بحزن ظهر بأعينها الدامعة تضم شفيتها بأسف:


-أنا مبيكمليش حمل للأسف، والمره الوحيدة اللى حصل حمل فيها من جوزي الأولاني الطفل بعد ما أتولد بساعة واحدة أتوفى، صدقيني سبحان من زرع محبتك فى قلبى من غير سابق إنذار". 


لا تعلم كم من الوقت ظلت صامته تسترجع كل ماهو حزين ومؤلـ ـم قبل أن تجيبها بصوت هادئ للغاية:


-"موافقة". 


أبتهج وجة السيدة تضمها لأحضانها بقوة تسألها بسعادة: 


-"أوعدك عمرك ما هتندمي، قوليلي بقى أسمك أى وعندك كام سنة".؟ 


ألتوت شفتها للجانب الأيسر تجيبها ببساطة: 


-"زينة.."عطية" بيقولى أنى أسمى زينة، عندي كام سنة دى تقريبًا كده حسب كلام " عطية" يعتبر عندي ستاشر سنة". 


أبتسمت السيدة تتفحص ملامح وجهها رغم الأتربة وبقايا الد..ماء تجيبها بحنو:


-"زينة وانتِ زينة".


صمتت للحظات قبل ان تكمل السيدة: 


-"وأنا أيمان..ماما أيمان، عاوزة أسمعها منك". 


-"ماما أيمان". 


إزداد إحتـ ـضان "أيمان" لها تشعر بإنتـ ـشاء يسرى

 بجـ ـسـ ـدها وكأنها تكاد تحلق من فرط سعادتها، حصلت على ما تريد رغم أنف الجميع، لا يهم كيف لا يهم سوى أنها حصلت على أبنه كما أرادت. 


بينما "زينة" شردت أعينها لخارج الشرفة، لا تعلم ما هى مقدمة عليه لا تعلم اهو خير أم شـ ـر، تشعر بالغرق فى اللاشئ وانها قد هـ ـوت بأرادتها داخل عالم مُبهم لا يظهر منه، التشتت يصيب روحها وهى تنظر لإيمان بنظرات خاطـ ـفة، ألم تتمنى ان يكون لكِ أم من قبل.! 

لما الخـ ـوف يا صغيرة.؟ 


سؤال طرحة عقلها ولن يجيبها عليه سوى الأيام... 


❈-❈-❈



أغلق الباب العملاق من خلفه يلهو بالميدالية التى بيـ ـده يبتسم بثـ ـمالة ويدندن بصوت خافت سرعان ما أنتبة لـ"أيمان" الواقفة أمام سور الدرج العلوي تحدجه بنظرات متوعـ ـدة وخرج صوتها قويًا ذو كبرياء وهيبة لاقت لمظهرها الراقي لحد بالغ: 


-"واخيرًا شرفت، توقعت هرجع من السفر الاقيك فى انتظاري". 


أمتعض وجه "رياض" يتمتم بكلمات متذمرة لرجوعها بعدم وعي وأكمل طريقة للصعود يجيبها بأحرف ثقيلة: 


-"نورتينا". 


وقفت "أيمان" قبالـ ـتة تشملة بنظرات نـ ـارية قبل أن تجيبه بنبرة أمره: 


-"أدخل نام، كلامي معاك لما تفوق". 


هم "رياض" بالإقتراب منها يضم شفـ ـتيه ينوي 

تقبـ ـيلها لتدفـ ـعه "أيمان" بحـ ـدة تزمجـ ـر بقوة: 


-"ريحتك مقـ ـرفة، أمشى من وشي". 


لوح "رياض" بلامبالاة يدلف للغرفة يسـ ـقط فوق الفراش يفرد يـ ـديه بجانبه وغرق بالنوم العميق، زفرت "أيمان" تحاول أستعادة هدوئها واغلقت باب الغرفة وهبطت بخطوات متأنية للغاية فوق الدرج الرخامى اللامع تتفحص مُقتنيات قصرها العريق تأخذ شهيق مُمتلئ بالإنتشاء، أكملت سيرها حتى غرفة مُنفتحه على الحديقة شاسعة المـ ـساحة، جلست فوق إحدى المقعدين الموجودين تضع قدم فوق الأخرى تمـ ـسك بعلبة فاخرة تخرج منها سيجار رفيع تشـ ـعلة بقداحتها الثمينة والمرصعة بفصوص الذهب الخالص. 


تقدمت العاملة تدفـ ـع عربة صغيرة مُخصصة لنقل المأكولات والمشروبات تضع أمامها فنجال صغير من الشاي السـ ـاخن تتسأل بنبرة مُهذبة منخفضة: 


-"تحبي حضرتك نحضر الفطار".؟ 


أجابتها دون إشاحة نظرها عن الحديقة الخلابة بالخارج: 


-"لأ". 


أنسحبت العاملة من جديد تتركها لصمتها، ودون وعي منها أشتدت أصابعها فوق السيجار مما جعلها تطفئه تشعر بتـ ـلف أعصابها، زوجها اللعـ ـين يثبت كل يوم عن سابقة أنه غير جدير بأى شئ، لا يحق له ان يمتلك قرشًا واحد من أموالها بعد مـ ـوتها، أموال أجداد عائلتها التى توارثتها هى بعد وفـ ـاتهم جميعًا على مر السنوات وحافظت عليهم بشدة وأحبتهم حبًا جمًا سيهـ ـدرهم ويلطـ ـخ أسم عائلتها بالتأكيد. 


نهضت "أيمان" تغادر الغرفة نحو الباب الخارجي لكنها توقفت تهدر بصوت حـ ـاد: 


_"زينب". 


لحظات مرت وأتت احدي العاملات سريعًا تجيبها بتهذيب: 


-"أمرك يا هانم". 


صكـ ـت "أيمان" فوق أسنانها تجيبها بضيـ ـق بالغ: 


-" تبلغي "رياض" بيه لما يصحى ميخرجش غير لما أرجع، سامعة".!! 


اومأت "زينب" تجيبها بطاعة: 


-"حاضر يا هانم". 


التفتت تقترب من باب المنزل لتسارع "زينب" بفتحه حتى تخرج وأسرع السائق بفتح باب السيارة الفارهة التى بأنتظارها تنقلها حيث تشاء. 


وبعدما أغلقت "زينب" الباب تنفست براحه تخللت روحها بعد مغادرتها لكنها سرعان ما رأت صورة فوتغرافية كبيرة معلـ ـقة بالردهة لسيدتها وهى جالسة فوق أحد المقاعد الملكية بـ كبرياء وصـ ـرامة أشتهرت بهما دومًا ولجوارها وقف "رياض" ، تأملته بمقـ ـت شديد وغادرت عائدة نحو المطبخ الموجود بأقصى المنزل تنشغل بإعداد الطعام بمـ ـساعدة العاملات الباقيات. 



❈-❈-❈‏



ظهر الأستياء والضيـ ـق على وجه عاملة صالون التجميل وهى تحاول فك التشابك بين خصلات شعر زينة"، بينما صـ ـرخات "زينة" تصدح فى نغمة مزعـ ـجة للأذن تحاول تخليص رأسها من بين يـ ـد تلك الحمقاء من وجة نظرها: 


_حرام عليكِ قطـ ـعتيه فى أيـ ـدك أنا بحبه كده سبيني بقا، والله هخـ ـبط المرايا برجلي أكسـ ـرهالكم، يا ماما أيمــــان. 


صـ ـرخت بأستنجاد أتت على أثرة صاحبة صالون التجميل تحاول تهدئتها: 


-"ياحبيبتي مينفعش كده الزباين كلها مشيت من 

الصريـ ـخ". 


ثـ ـارت "زينة" أكثر تحاول الأفـ ـلات بشتى الطرق: 


_حـ ـرام عليكم خليها تسيب شعري بدل والله أقوم 

أكسـ ـر الكوافير ده على دماغها". 


أنتبهت صاحبة الصالون لدلوف "أيمان" لتشير نحو "زينة" وهى تخبرها بيأس: 


-"من ساعة ما حضرتك مشيتى صريـ ـخها موقفش لحظة غير أزازة شامبو أوريجنال كسـ ـرتها وهى بتحاول تقوم". 


تركتها عاملة التصفيف وطلبت منهم "أيمان" الأبتعاد قليلًا واقتربت تحادثها بهدوء بالغ وعتاب: 


_"هو ده اللى أتفقنا عليه".؟ 


حاولت "زينة" السيطرة على دموعها المتجمعة بأعينها تجيبها بتذمر: 


-"غصب عنى شعرى بيـوجـ ـعنى وهى بتشـ ـده جامد ومش معبراني وبتبصلى بقـ ـرف من أول ما قعدت، احنا متفقناش على التعـ ـذيب ده، خلى حد غيرها يعملى". 


زفرت "أيمان" بتروى تقترب من صاحبة الصالون تحادثها للحظات قليلة قبل ان تقترب فتاة أخرى من "زينة" تحادثها بإبتسامة لطيفة: 


-"متخـ ـافيش هعملك براحة خالص". 


وبالفعل بدأت بحل التشابك برفق شديد مما جعل "زينة" تنظر بجانبها حيث العاملة السابقة وفاجئتهم جميعًا وهى تبـ ـصق ارضًا بإزد-راء شديد وعاودت النظر أمامها بلامبالاة شديدة تختار لون جديد لخصلاتها.. 


وضعت "أيمان" يدها فوق وجهها بحـ ـرج شديد تحاول التحلي بالصبر، يبدو أن مرحلة تغيير "زينة" ستستغرق مجهود أكبر مما ظنت. 



❈-❈-❈



جلست فوق مقعد والدها بأنتظار عودته هو والعمال الباقيين من أقامة الصلاة حتى تشكو له أفعال شقيقته التى تخبرها دومًا دون كلل أو ملل: 

"انتِ أستحالة تكونى بنت رضا، رضا لقاكِ وانتِ صغيرة وبيربيكِ يكسب فيكِ ثواب" 


أنتبهت لصوت رجولي يأتى من الخارج يبحث عن والدها، لم تعير الأمر أهتمام حتى تفاجأت بالصوت خلفها مباشرةً وحديثه موجه لها هى: 


_"عم رضا فين يا أنسة". 


أستدارت برأسها تنظر نحو اليسار تبصر شاب فارع الطول ذو بنية عريضة بعض الشئ يرتدى قبعة رياضية وسترة مغلقة وكأنه متخفيًا من أمر ما، أجابته بضيق وهى تعاود النظر لدفترها من جديد: 


-"خمسة وجاي أستناه برا". 


-"طب روحى أستعجليه عشان ورايا مشوار مهم يا عسل". 


تركت القلم بضيق شديد ونهضت تجيبة بغـ ـضب طفيف: 


-"هو اى اللى عسل انتَ شايفني فى تانية حضانة يا جدع انتَ". 


قاطع شجـ ـارهم الذى كان على وشك البدء صوت "رضا" الذى عاد للتو يلقى التحية مقتربًا من الشاب

 يحتـ ـضنه بحفاوة: 


-"يا أهلًا يا بشمهندس والله كنت فى بالى النهاردة، انتَ هنا من بدري".؟ 


بادلة الشاب العـ ـناق يجيبه بأبتسامة: 


-" لسه جاي من عشر دقايق وكنت بسأل الأنسة عليك". 


نظر "رضا" نحو "فجر" يجيبه بأبتسامة بشوشة: 


-"دى فجر بنتى واخر العنقود عندى بتحب تيجي تذاكر جمبي هنا، دعواتك أمتحانتها قربت". 


أجابه الشاب ببسمة هادئة: 


-"ربنا معاها معاذ أخويا برضو أمتحاناته قربت زيها". 


تسأل "رضا" بأستغراب فـ هو سبق له ورأى ذلك الصبى من قبل: 


-"هو أخوك فى سنة كام".؟ 


أجابة الشاب ببساطة شديدة: 


-"أولى ثانوي". 


أتسعت أعين"فجر" بدهشة وهى تردد بصوت هامـ ـس: 


-"أنا يتقال عليا أولى ثانوي! "


أرتفعت ضحكات "رضا" الشديدة وهو يجيبه برفـ ـض: 


-"لأ فجر أكبر منه حاجة بسيطة هى أولى جامعة قسم هندسة ميكانيكا بس هى قصيرة شوية". 


حملت حقيبتها بأغتـ ـياظ تغادر صوب المنزل تنظر نحوه بغضـ ـب شديد تضاعف وهى تراه يكاد يستطيع

 بصـ ـعوبة كتم ضحكاته، ما خطـ ـأها هى إن كان نموها توقف عند هذا الحد.!!! 


زفرت بضـ ـيق ووضعت يـ ـديها بجيوب سترتها تتوقف عن السير بأنتظار سيارة أجرة لتستقلها ولحظات قليلة وكانت دراجة نـ ـارية تمر من أمامها سريعًا وفوقها شابان أحدهما يقود والآخر خلفه جـ ـذب منها حقيبتها بعنـ ـف كاد يسـ ـقطها وأنطلقوا مغادرين غير عابئين لصرا-خها المتواصل: 


-"حـ ـرامي الحقـ ـوني". 


❈-❈-❈



دندن بكلمات منخفضة وأبتسامة ظهر بها الأنتـ ـشاء الشديد بعدما عاد من أحدى سهراته الخاصة بعد منتصف الليل ومما أثار تعجبه كان الإضاءة المفعلة بالقصر بأكملة ليحادث نفسه بصوت منخفض ساخر: 


-"أيمان خانم هتيجى تقول هو أنا كام مرة نبهت أن النور يتقفل بعد الساعة عشرة لازم...."


توقف عن أستكمال حديثه فور ان أبصر جـ ـسـ ـد أنثوي يقف أمام اللوحة الكبيرة المعلقة ببهو القصر..


شملها من أول خصلات شعرها متوسطة الطول والمصففه بعناية فائقة وثوب طويل أحمر اللون يعلوه سترة سوداء نظرًا للبرد القـ ـارص وما زاد تعجبه أكثر كان هبوط أيمان من الأعلى وعلى وجهها أبتسامة دافئة تخص بها تلك الفتاة.!! 


أنتبهت أيمان لمجيئة لتخبره بهدوء: 


-"كويس إنك جيت قبل ما ننام، تعالى أعرفك". 


أستنكر "رياض" صيغة الجمع بحديثها ورغم ذلك أقترب يتأمل تلك الفتاة التى التفتت تنظر نحوه فى هدوء تام، وقف أمامهما فى أنتظار حديث "أيمان" الذى خرج ببساطة بالغة: 


-"أحب أعرفك، بيسان أبو المكارم .. بنتي". 


أومأ بالأيجاب سرعان ما ضـ ـربته صاعـ ـقة الأستيعاب، أبنتها.!! 


تلك الشابة اليافعة الواقفة أمامه أبنة زوجته.؟ 


من المؤكد أنه أسرف فى تناول الكحـ ـوليات اليوم لذلك ظل يرمقها بعدم أستيعاب، ليخرج صوت"أيمان" مخاطبًا لـ "بيسان": 


-" مش هتسلمي على أونكل رياض ".؟ 


مدت "بيسان" يدها نحوه بأبتسامة بسيطة تجيبه بما أصابة بدوار كاد يسـ ـقطه أرضًا: 


-"هاي يا أونكل، سعيدة أنى شوفتك مامي حكيتلى كتير جدًا عنك ". 


نظرت لها" أيمان" بأستحسان لما قالته ورتبت فوق ذراعها برفق تخبرها بنبرة حانية لأول مرة يستمع لها: 


-"أطلعى أوضتي يا مامي لحد ما أتكلم مع أونكل شوية وأجيلك". 


أبتسمت"بيسان" وطبعت قبـ ـلة رقيقة فوق وجنتها تجيبها بطاعة: 


-"أوكية يا مامي". 


وبالفعل صعدت "بيسان" للأعلى كأنها نشأت هنا وتحفظ تفاصيل القصر عن ظهر قلب تخاطب نفسها بسخـ ـرية: 


-"فينك يا عطية تشوف زينة وهى بتقول أونكل وهاي، ده أنا لابسة فستان بتمن غدا العيال لمدة شهرين". 


دلفت للغرفة التى رأتها سابقًا برفقة "أيمان" قبل مجيئ "رياض" ترتـ ـمي فوق الفراش بعشوائية وأعينها معلـ ـقة بالحائط تسترجع ما حدث طوال اليوم من مرحلة تنظيفها وإعدادها بهيئة راقية حتى ذهابها برفقة "أيمان" وشراء الكثير من الملابس وجميع مستلزمات الفتيات التى لم تعلم عنها شئ طوال حياتها.. 


غامت أعينها بدموع كثيفة وعقلها يعيد عليها الكثير من المشاهد القاسـ ـية، ها هى بين ليلة وضحاها أنقلـ ـبت حياتها بأكملها بطريقة لم تكن تتخيلها حتى فى أحلامها الوهمية قبل خلودها للنوم فوق الأرضية البـ ـاردة تلتحف بغطاء مهتـ ـرئ... 


بالأسفل.. 


جن جـ ـنون "رياض" يحاول أستيعاب أصرار أيمان على أن تلك الفتاة ليست سوى أبنتها هى وزوجها السابق الذى توفى: 


-"ازاى مستحيل انتِ طول عمرك مبتخلفيش وعمى أكدلى ده قبل مـ ـوته، أنا اه سكران بس مش لدرجة أصدق التخريف اللى بسمعه ده، قوليلى إنك أتبنتيها وأنا هصدقك". 


خرجت نبرة "أيمان" باردة وقاسـ ـية تقف قبالته

 بتحـ ـدي: 


-"انتَ مقدمكش أختيارات غير أنك تصدق يا رياض، واللى أنا قولته هو اللى هيتقال لكل الناس حتى بينك وبين نفسك مش هيتقال غير كده وملكش الحق تعرف أكتر من كده إلا بقى لو عاوزني أزعل منك وانتَ أكيد مش هتحب تزعلني..صح ياحبيبي ".؟ 


أنهت حديثها بنعومة مصتنعة تمرر أصابعها فوق عنـ ـقة بأنسيابية ونظرات محـ ـذرة بعيدة كل البعد عن الحنان الذى رأه منها قبل قليل.. 


أبعد يدها عن عنـ ـقة يجيبها بتصميم: 


-"ماشي يا حبيبتي براحتك، بس مسيري هعرف ولو مش دلوقتي يبقى بعدين، تصبحي على خير يا أم بيسان". 


أنهى حديثة بسـ ـخرية واستـ ـهزاء وغادر غرفة المكتب صاعدًا للأعلى قاصدًا غرفتة، توقف أمام الباب المفتوح منه جزء بسيط يراها واقفة كفراشة محلقة ببستان السعادة تدور حول نفسها كـ طفل تذوق جميع مشاعر العطاء الذى تطوق عمرة بأكمله لتذوقها ولو حتى

 كـ ـذبًا..


توقفت عن الدوران تلتقط أنفاسها الهـ ـاربة بأبتسامة سعيدة تلاشت فور ان لاحظت وجودة، وكل ما أهداها أياه كانت نظرة خـ ـبيثة كأنه ذئـ ـب ألتمعت بأعينه حلوي شهية وغادر ببطئ شديد صوب غرفتة، شعرت بريـ ـبتها نحوه تزاد أكثر.! 


دلفت "أيمان" للغرفة تغلق الباب من خلفها بالمفتاح والتفتت تحادثها بأبتسامة حانية: 


-"لسه مغيرتيش هدومك". 


سارعت "زينة" نحو الحقائب الموضوعة جوار خزانة الملابس تخرج إحدى المنامات الثقيلة التى أبتاعتها لها "أيمان" وأختفت داخل المرحاض لدقائق وعادت لتجد "أيمان" قد أبدلت ملابسها لمنامة حريرية وحـ ـررت خصلاتها القصيرة من تلك التصفيفة المنمقة.. 


نظرت "زينة" نحوها بتردد وحيرة دامت للحظات قبل أن تقترب من الأريكة الصغيرة للغاية تنوى النوم فوقها لكن مـ ـنعها عن الأقتراب منها صوت "أيمان" المتسأل: 


-"رايحة فين يا بيسان.؟ "


خرج صوت "زينة" مترددًا وهى تشير نحو الأريكة: 


-"هنام ".


-" مش عاوزة تنامي جمبي.؟ "


-"مش قصدي والله أنا بس مينفعش أنام جمب حضرتك أكيد نومي هيدايقك". 


أبتسمت "أيمان" بهدوء وفتحت ذراعيها دعوة منها للأقتراب، أنصاعت "زينة " وأقتربت رغم التضـ ـارب الشديد لمشاعرها، أستلقت وأقتربت تضع رأسها فوق 

صـ ـدر "أيمان" والتى بدورها أحتضـ ـنتها بحنو بالغ تطبع قبـ ـلة عميقة فوق رأسها متسائلة بهدوء: 


-"مبسوطة معايا يا زينة.؟ "


خرجت أجابتها بعد لحظات قليلة تخبرها بما يشغل أفكارها: 


-"اى حد مكاني وشايف منك الدلع والحنية دى كلها هيكون مبسوط بس أنا..حا-سة أنه غريب عليا ومش من حقي..خايـ ـفة فى اى لحظة أرجع للشارع تانى". 


أختـ ـنقت نبرتها بأخر حديثها رغم تشـ ـديد "أيمان" من عناقها حول جـ ـسـ ـد "زينة" تحاول بث شعور الأمان لها تخبرها بنبرة حنونة صادقة: 


-"أوعدك طول ما فيا نفس مش هترجعي للشارع تانى، أطمنى وانتِ معايا يا "زينة"، احنا الأتنين هنعوض بعض عن كل اللى فات، أنا أكتر واحدة هتخـ ـاف عليكِ وتحميكِ صدقيني محدش هيحبك قدي وهبذل كل جهدي عشان أفرحك". 


طمئنها حديث" أيمان" بعض الشئ وبادلتها العنـ ـاق تسمح لأعينها بالأنغلاق تستشعر لـ ـذة الحنان والدفئ، كـ قط شارد وجد مأواه بعدما تخبط بين شوارع الخـ ـوف والقسـ ـوة. 


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة شهد السيد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية




رواياتنا الحصرية كاملة