-->

رواية جديدة عشق الرعد لسماء أحمد - الفصل 22

 

قراءة رواية عشق الرعد كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية عشق الرعد

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سماء أحمد


الفصل الثاني والعشرون



جلس رعد أمام أعمام سيلا الذي تجاوز عددهم الخمسة، بينما تقف سيلا خلف الباب تحاول الاستماع لما يُقال، بكت بخفوت وهي تضغط على يـ ـد والدتها داعية ربها أن يستطيع رعد حل الأمر 


رعد بهدوء : ودا اللي حصل بدون إضافة او نقص كلمة، يوسف مش وحش ذي ابن عمه وهو شاري سيلا لولا كده مكنش حاول يقـ ـتل عاصم عشانها 


عم سيلا الأكبر : كلامك ومجيتك على راسنا يا سعادة البيه بس بنتنا معدتش هتتسمى للعيلة دي كلها، أحنا كشفنا عليها وعرفنا أنها مش حامل وكده البلا أخف وبكفاية اوي اللي التاني عمله، أحنا معدناش عارفين نرفع راسنا من كلام الناس 


رعد : أنا مقدر موقفكم والله بس سيلا ويوسف ميستاهلوش اللي بيحصل، وملهمش ذنب وصدقوني يوسف لو وحش أنا مش هحط نفسي في الموقف ده 


تحدث أحد أعمامها : أنت يا باشا بتتكلم عن واحد على ذمته واحدة تانية غير بنتنا وهي بنت عمه، بنتنا غلطت برضو وأحسن حل يطلقوا 


أغمض عيناه لبرهة يستغفر ثم قال : مغلطتش ولو غلطت هي الوقتي مر..اتي الأولى وأولى بيه، والمشاكل مش بينها وبين جو..زها عشان نعاقبهم هما، خراب البيوت مش سهل


عم سيلا : هي ملحقتش تعمل بيت وبكفاية اوي اللي حصل، دا قـ ـتال قتـ ـله وزمانه اتمسك، والله ما تتسمى ليه ليلة، خليه يجي ونخرج بالمعروف 


رعد بضيق : طيب كلام عاصم كان ليك الحق بس الوقتي دي كلها حجج، يعني أنتم هتفرحوا لما البنت تطلق 


تحدث أحد أعمامها بصوت عالي : أحنا حرين في بنتنا يا عم وعلى الأقل يبقالنا عين نرفعها وسط ناسنا بدل ما الدنيا كلها كلت وشنا وهيقولوا أنهم كاسرين عينا 


رعد : لو سمحت هدي صوتك 


رد الآخر بصوت أعلى : أنت هتحكمه في بيت أخونا ولا ايه ؟ 


شهقت سيلا بخفة وهي تضع يـ ـدها على فـ ـمها ليردف رعد بحدة : والمفروض من الاحترام يا ولاد الأصول تحترموا ضيفكم دا أنا في بيتكم 


نظروا لبعض ليعم الصمت، وقف رعد مكملاً بحدة : والناس اللي بتتكلم عنهم دول لو بنت أخوك فضلت طول عمرها تعيسه مش هيزعلوا، لو رجعتله هيتكلموا بس مش هيفرحوا لفرحها، ذي ما بالظبط اللي محروق على المتوفي مر..اته وبنته وأنتم مش الناس بكره أنتم هتنسوا والجرح هيفضل في مر..اته وولاده، الناس لا هيفرحوا لفرحكم ولا هيزعلوا لزعلكم ولا هيشيلوا همكم 


عم سيلا الأكبر : معاك حق يا باشا بس برضو الواحد مننا كلمة في بوق الناس وكلمة بتجيبه وكلمه بتوديه، وأحنا عالم غلابه محلتناش غير شرفنا 


رعد بنفاذ صبر : ايه علاقة رجوع البنت بالشرف، أنت لو طلقتها هتأكد كلام واحد زبالة ذي عاصم


تحدث أحد أعمامها : يا جدع هيقولوا كاسرين عينا 


قبض رعد على أنامله يحاول السيطرة على غضبه الذي بدأ يتفاقم داخله فقال : ما يقولوا اللي يقولوه اسألوا البنت عايزة ايه وهي تتحمل نتيجة اختيارها، أحنا ربنا مخلقناش عشان نغطي على بعض 


استمع لصوت يقول : البنات في عيلتنا ملهمش كلمة، الكلمة كلمة الراجل 


رعد : هو فين الراجل ؟ 


نظروا لبعضهم ثم له بانفعال يتضح على ملامحهم ليكمل بغضب : مفهومكم للرجولة غلط، الواحدة احترامها من احترامك ووجودها ذي وجودك، خلاصة الكلام يوسف مش هيطـ ـلق والموضوع ملوش حل عندنا غير رجعتها لجو..زها، سلام عليكم


خرج رعد ونزل بخطوات ثابته يركب سيارته، قاد متجه لأول البلد ثم نزل ينظر ليوسف الذي قال بفضول : عملت ايه ؟ 


ضحك رعد بخفة ثم قال : هما دول صعايدة ؟ 


يوسف : لا يا عم فلاحين عادي 


رعد : دماغهم ايه يا ابني يابسه عن الصعايدة، تقريبًا كده أنا غلطت فيهم 


يوسف بصدمة : بتهزر ! وديتك تصلحها عطلتها 


رعد : خرجوني عن شعوري، بيقولي الناس تقول كاسرين عينا


يوسف : اتكسر رقبتهم 


رعد : استغفر الله العظيم، المهم قولتلهم يشوفوا المدام عايزة راحوا قالوا البنات ملهمش كلمة الكلمة كلمة الراجل


يوسف وهو يضرب كف بآخر : هو فين الراجل دا ؟


رعد بهدوء : دا اللي أنا قولته ليهم 


اتسع فاه يوسف كذلك ضحك بسام، لطم يوسف خديه قائلاً : خربتها يا رعد وارتاحت


رعد : اعمل ايه يا يوسف ؟ مش راضيين كأنهم حالفين تطلقوا برغم إني قولت كل حاجة وعلوا صوتهم 


بسام ليوسف : أكتر حاجة بتنرفز الباشا عملوها 


يوسف بصراخ : نرفزك الصوت العالي دا أنا هولول الوقتي


رعد وهو يشير بيـ ـده : براحتك بس بصوت هادي


يوسف بصراخ جنوني : تؤمر 


نظر رعد له قليلاً ثم اشاح بوجهه قائلاً : اطلبها في بيت الطاعة 


يوسف بصدمة : ايه ! 


رعد بغموض : اسمع مني 


يوسف بقلق : في ايه يا رعد ؟ 


رعد بهدوء ظاهري : مفيش يلا بجد اسمع مني 


يوسف : طيب هعمل كده، يلا نمشي 


رعد : يلا اركب عربيتك 


أشار بسام لأحد سيارات الحراسة خلف يوسف ثم نظر لرعد قائلاً : في ايه ؟ 


رعد : عالم تعبانة يا بسام، مش بعيد يحطوا الحق عليها ويمدوا إيـ ـديهم، شايفين نفسهم رجالة وكفى هما الأمر الناهي


بسام : يعني الموضوع ملوش حل 


رعد بهدوء : الموضوع معقد اوي 


بسام : يعني لو حاصل معاك هتعمل ايه ؟ 


رعد بإبتسامة بسيطة : هتقي ربنا في كل خطوة ليا، شوفت سهلة خالص أزاي ! 


بسام بإبتسامة : ادفع نص عمري وافهمك 


رعد : مش كيميا يا بسام، ربنا سبحانه وتعالى قال " وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ " وقال بسم الله الرحمن الرحيم " اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ "


ربط على كتفه ثم أكمل : وقال سبحانه وتعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " وقال كمان " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ "، أنا لو فضلت ساعة قدامك اقولك كم آيه في التقوى مش هنتهي يا بسام 


بسام بمرح : وأنا بقول ربنا فاتحها في وشك على طول ليه 


ضحك رعد بخفة ثم قال : بسم الله الرحمن الرحيم " مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ " 


لمعت عيناه وهو يقول : بعد الآية دي لازم ولابد اتقي الله في كل وأي حاجة، يلا خلينا نلحق يوسف 


بسام : يلا. 


❈-❈-❈


وبالفعل حدث ما توقع رعد فأحد أعمام سيلا انهل عليها بالضرب وهو يلقي عليها أسوأ الشتائم، صراخها وبكائها لم يشفع لها عند اي منهم فهم وجدوا أن هذا عقاب هين لزو..اجها من ذاك الشاب الذي يدعى يوسف، بكت والدتها بانهيار وهي تجد ابنتها تقع ولا حياة فيها 


والدة سيلا بصراخ : بنتي 


فتحت سيلا عيناها قليلاً ثم أغمضتها تبكي داخليًا بألم، نصيب القلب الذي أحب هذا، لم يشفق أحد عليها او يفكر بأخذها للمستشفى لوقت طويل فقط والدتها بجانبها تبكي 


دقات قوية على الباب فوقفت تفتح سريعًا لتجد يوسف ومعه بعض الرجال، خرج أحد أعمامها قائلاً : مين يا أم سيلا ؟ هو أنت، أنت ليك عين ... 


الضابط بحدة : اسكت وقولي مش دا بيت سيلا ناصر السيد 


والدة سيلا بلهفة : اة يا بيه هو 


الضابط : ناديلها يا حاجة جو..زها طالبها في بيت الطاعة 


نظرت باتجاه اخو زو...جها ليردف الآخر بغضب حين خرج : أنتِ واقفه قدام الرجاله بوشك كده، أما بجحة بصحيح مش جو..زك ميت يا مرا 


يوسف بتمتمة : تك مر أما يلهفك 


ليكمل بحدة : نادوا لسيلا يلا 


عم سيلا بتوتر : مهيش هنا، منعرفش راحت على فين 


نظر يوسف له بشك ليكمل : لو مش مصدق ادخل فتش ما هو مش غريب عليك 


تنهد يوسف وهو يرى ان تفتيشه لا يصح، كاد يذهب لتردف والده سيلا بانفعال : عايز منها ايه مش كفاية اللي عملته فيها وفينا 


نظر لها وكاد يبرر ليجدها توسع عيناها وتشير للداخل، اردف عم سيلا ناويًا إشعال الأمر : يا باشا دا قتـ ـال قتـ ـله واسأل اي حد، جبلنا الفضيحة في البلد ومعتش ليا عين قدام اهلنا وناسنا 


يوسف : هي بقت كده طب يا باشا مر..اتي جوه وأنا عايزك تفتش، هما مدارينها مني


عم سيلا بانفعال : قولنالك مش هنا 


نظر الضابط له ثم أشار لهم بالدخول ليردف : شوفوا المدام جوه


خرج عم سيلا الأكبر قائلاً : في ايه ؟ 


الآخر بغضب : جايب ليها بيت الطاعة، بنقوله مش هنا عايزين يفتشوا 


الأكبر : البيت ليه حرمه يا باشا 


يوسف بحدة : طلعوا مر...اتي وهو مش هيفتش، دي اوضتها يا باشا اسمحلي اشوفها 


الضابط : استنوا اتفضل 


اتجه يفتح الغرفة ليجدها تفترش الأرض فاردف بصوت صارخ : سيلا 


انطلق للداخل يرفعها قائلاً بغضب : يا ولاد الكلب أنتم عملتوا ايه فيها ؟ والله ما هعديها 


خرج بها ليجد والدتها تبكي بألم، تحدث يوسف بصراخ : والله ما هرحمكم 


نزل بها جريًا ليقترب بسام قائلاً بصدمة : ايه ده ؟ 


يوسف : افتح العربية يا بسام بسرعة


فتح السيارة له ليركب يوسف ويتجه بها لأقرب مستشفى. 


❈-❈-❈


رن آدم على حورية للمرة الخامسة لكنها تجاهلت الرد تحاول العمل بنصائح صديقاتها، استمعت لصوت دوشة في الخارج فتجاهلت الخروج لتجد حياة أختها تدخل لها، انتفضت واقفة تضـ ـمها بلهفة 


حورية : حياتي وحشـ ـتيني اوي 


حياة : يلا يا ندلة وحشً ـتيني أكتر 


حورية بإبتسامة : عارفة، فين ابن الجزمة ؟ 


حياة : سيبته مع حماتي عشان اعرف اقعد معاكم، خدني منكم


حورية بضيق : اخس عليكي يا حياة، يعني يرضع الوقتي أزاي ؟ 


حياة : صناعي يا حبيبتي عادي جدًا 


حورية بنفور : قلبكم جامد اوي، أخلف أنا بس ومش هبعده عن حضـ ـني لحظة


حياة وهي تجـ ـذبها لتجلس : اقعدي هنا عايزين نتكلم


حورية : قعدت خير بقى ؟ 


حياة : أنا مش فاهماكي، في ايه يا حورية بينك وبين آدم ؟ متعصب ومش طايق حد يكلمه، كنت طالعة شقتي لقيته بيقول ماشي يا حورية، هو في ايه ؟ 


حورية : مفيش بس ... 


صمتت حين عاد يرن لتضحك بخفة وهي ترمي الهاتف بإهمال قائلة : رن من هنا للسنة الجاية


حياة بحدة : حورية ! 


حورية : مفيش يا بنتي اللي حصل إني خلاص قررت اعملي كرامه وابطل سذاجة، كنا اتصالحنا وبفكر أزاي افتح الموضوع مع بابا بس عشق وسيلا غيروا رأيي، أنا لازم أغلي نفسي يا حياة صح ؟ 


حياة بإبتسامة : صح يا حوري 


حورية بتنهيد مبتسمة : تعرفي يا حياة أنا بحب سيلا وعشق اوي، لما بصيت لحياتهم لقتني عايزة كدة يعني مثلاً رعد تعامله مع عشق برغم كل حاجة الاحترام هو أول حاجة، برغم أنها سابته في شدته وكلامها دايمًا بيسبب احراج ليه بس هو عمره ما رفع إيـ ـده عليها، دا مش معناه إنها مش عاملاله الف حساب بالعكس دي بتتجنن لما بيخاصمها، وسيلا علاقتها بيوسف بسيطة لدرجة الجمال، يعني كان قاعد معانا وحاضـ ـنها وبيبـ ـوس في وشها وإيـ ـديها من غير كسوف وعلاقتهم حلوة يعني بتقولي قعدتهم كلها هزار وضرب في بعض ومشاغبه وهو كأنه ابنها، أنا عايزة علاقة كدة يا حياة مش عايزة أبقى دايمًا الواقعة اللي عايزة وحابه وبقدم وبظهر الحب، يا علاقتي الأولى بآدم يا بلاش 


حياة بهدوء : هو كلام يحترم وكل حاجة بس ابنه ومر..اته مفكرتيش فيهم 


حورية بزفير : ابن أمجد يا حياة مش آدم 


حياة باستغراب : يعني ايه ؟ بتتكلمي جد


أكدت برأسها لتكمل حياة : متأكدة ولا عومتي على عومه وخلاص 


نظرت حورية حولها ثم لأختها لتعلو ضحكات الاثنتين، حورية هي حورية يا سادة. 


❈-❈-❈


دخلت لارا مكتب أدهم في المنزل تضع النتيجة في مكتبه فهي لم تفكر في طريقة غير هذه ليعلم، حسنًا هو لا يرغب فبالتأكيد لن تفكر في طريقة رومـ ـانسية تؤدي بها المهمة، خرجت تنتظر قدومه ومنها رد فعله 


لارا : خير خير أنتِ متوترة ليه، دا أدهم مش حوار يعني 


أدهم باستغراب : مين دا اللي مش حوار


انتفضت واقفة وهي تقول : بسم الله الرحمن الرحيم، في ايه يا أدهم ما تحمحم 


أدهم : احمحم حاضر المرة الجاية من عيوني


لارا بإبتسامة : يسلمولي يلا اطلع خد شاور وانزل ناكل


أدهم : هدخل الأول المكتب احط الملف وراجع 


اكتفت بهز رأسها ورفعت عيناها تتابعه، دخل أدهم المكتب يضع الملف عليه فلمح الظرف ليردف بصوت عالي : لارا مين جاب الظرف دا ؟ 


لارا بصوت عالي ليصل له : شوفه يا حبـ ـيبي 


التقطه يفتحه باستغراب، نظر لاسمها ثم لما هو مكتوب، ظل دقيقتان ينظر لكلمة " positive " ثم قبض على الورقة بين أنامله يرميها، وخرج لها 


أدهم بحدة : ايه ده ؟ 


لارا بهدوء : أنت شايف ايه ؟ 


أدهم بغضب : دا اللي احنا اتفاقنا عليه يا لارا، أنتِ بتغفليني 


ضحكت بسخرية لتردف بحدة : أحنا متفقناش على حاجة يا أدهم، أنت اللي اصدرت وقولتلي نفذي، بعدين ايه بغفلك دي ! 


أدهم بهدوء ظاهري : تروحي وتنزليه وخلاص خلصت


لارا بإبتسامة ساخرة : أة ومالو تؤمر هروح حالاً، هاا وايه كمان ؟ 


أدهم بغضب : أنتِ بتستهزئي بيا 


لارا بغضب : أنت اللي مش طبيعي، ارحم نفسك وارحمني معاك، أنت محسسني إني عملت معصية، كل دا عشان حامل، هو ابن حرام لا قدر الله، ما تفوق يا أدهم 


أدهم بسخرية : حاضر هفوق اهو ونروح سوا تنزليه، يا انا يا هو 


لارا بصوت مرتفع : يبقى هو يا أدهم منا ياما اختارتك استفدت ايه ؟ في النهاية حاجة واحدة بس عوزتها منك وماخدتش منك غير الرفض والأنانية، أنا مش هنزله وأعلى ما في خيلك اركبه 


أدهم وهو يشير للباب : يبقى ملكيش قاعدة معايا، امشي اطلعي بره 


هزت رأسها بهدوء وهي تقول : همشي يا أدهم وأنا فعلاً استاهل أكتر من كده 


اتجهت تصعد لأعلى تحضر حقيبتها سريعًا كأنه تريد الفرار منه؛ لمعاقبة نفسها على خسارتها الجميع لأجله، نزلت وجدته يجلس محني الرأس يضعها بين يـ ـديه 


لارا بهدوء : أنا عايزاك تعرف بس إني المرة الوحيدة اللي فضلت حاجة عليك، كانت الحاجة دي منك 


غادرت من أمامه في لحظات ليجد نفسه وحيد في منزل أبيه، تنهد بحزن كبير ليعيد رأسه للخلف وقد امتلأ قلبه بالحزن والألم. 


❈-❈-❈


" خسرت كل الناس علشانو، علشانو اتحملت اللوم، أزاي بعد دا كله يسبني، متصورتش غدره في يوم، تيرا تيرا ريرا را " 


انفجرت عشق ضاحكة بشماتة واضحة لتردف لارا بغيظ : صحيح ما أنتِ مر..ات رعد بقى، ملكيش في المشاكل دي 


عشق بضحك : عشان كدة بتريق عليكي، ربي يحفظلي رعودي حبيـ ـبي اللي معندوش المشاكل الهطلة دي، هو اة بحسه والع نار مني بس يلا مش مشكلة 


تنهدت لارا وهي تتمدد بجانبها جاذبة الغطاء عليها ثم قالت : فعلاً الاختلاف بيولد الكمال، يعني أنتِ اهو مهببه بهباب وخدتي رعد 


عشق بضيق : على فكرة فكرتكم عن رعد فاشلة جدًا، هو بشر زينا فيه الميزات والعيوب بس الفرق إنكم مثلاً عادي جـ ـوزك يخاصمك أنا لا اضربني ومتخاصمنيش، رعد بياخد موقف من اقل حاجة ومزاجي جدًا ساعة تلاقيه رايق وبيهزر وما احلاه وساعة تلاقي كلمة منك هدمت الدنيا معاه ودي حاجة فوق بشعة، بشر والله 


لارا بضيق : يا شيخة والله كلهم أنيل من بعض


عشق وهي تربط على كتفها : معلش يا مطرودة، واحدة مطرودة والتانية مضروبة والتالتة مخلوعة 


عادت تضحك باستفزاز لتردف لارا بغيظ : اخرسي يا بت بقى بدل ما اقوم واسيبهالك 


عشق بضحك : حاضر خرست 


لارا وهي تنظر لساعة يـ ـدها : رعد هيتأخر 


عشق : معرفش هو اساسًا المفروض مش هينزل الشغل النهاردة، باين وراه مشوار 


لارا باستفهام : مشوار فين ؟ يمكن اتجـ ـوز عليكي 


عشق بضحك : يمكن برضو 


أتت الخادمة قائلة : البيه وصل يا هانم 


عشق : خليه يجي قوليله لارا اللي هنا 


هز رأسها وهي تتجه للداخل ثم أتى رعد ملقيًا السلام، ابتسم قائلاً : ازيك يا لارا، ايه النور دا !


عشق بضحك : دا نور اللمبة وحياتك، هاا كنت فين ؟


رفع حاجبه باستنكار لتزداد ضحكتها وهي تقول : روح صلي بعدين تعالى أحاسبك 


رعد : صليت متشغليش بالك أنتِ


عشق : طيب اقعد هنا لارا عايزة ترغي معاك 


رعد وهو يجلس : لعله خير في ايه يا لارا ؟ 


لارا بمرح : متطلقتش لسه متقلقش بس ... 


وبدأت تقص له ما حدث وهو يهز رأسه بهدوء ثم قال : تمام هقولهم يظبطولك أوضة ومش هيعرف أنك هنا، هو عايز قرصة ودن 


لارا بلهفة : بس براحة عليه يا رعد بالله عليك 


ضحك بخفة وهو ينظر لعشق التي قالت بمرح : حنينة اوي


رعد : أنا هروح وهبعت الأكل ناكل كلنا هنا 


لارا : معانا واحدة عاجزة بقى 


عشق وهي تضربها بخفة : اخرسي يا بت 


وقف رعد واتجه لجناحه يرن على أحد رجاله الذي أجاب ليردف : هاا مفيش اي أخبار ؟


أتاه الرد قائلاً : في شحنة هتدخل البلد على أساس أنها مستحضرات تجميل وخدت الإذن وكل حاجة تمام


رعد : هتنزل فين ؟


رد الآخر : في بورسعيد


رعد : تمام 


أغلق معه ليرن على آخر قائلاً : مفيش اي ورق 


رد الآخر : لا يا باشا وهو الوقتي مش بس مستولي على الأملاك كلها دا بيتصرف بيها بمزاجه وباع أسهم منها 


رعد : ببساطة كده، تمام اوي قولي رقم ابنه الكبير كده 


الرجل : اتفضل يا باشا °°°°°°°°°01


رعد : تمام 


اغلق معه يرن على ذاك الشاب، دقيقتان واستمع لصوت رجولي قائلاً : سلام عليكم 


رعد : وعليكم السلام، معايا بشمهندس كريم الدوسري 


كريم بتأكيد : أيوة، حضرتك مين ؟ 


رعد بهدوء : الرائد رعد الشافعي مباحث، قسم جنايات 


كريم : يا أهلاً وسهلاً، افتكرت حضرتك 


رعد بإبتسامة : أهلين بيك، كنت عايز اكلمك بخصوص موضوع، فلو امكن نتقابل 


كريم بهدوء : أكيد طبعًا في اي وقت حضرتك تحبه 


رعد : النهاردة الساعة تسعة في مقهى °°°° كويس ؟ 


استمع لتنهيدة كريم ثم قال : كويس. 


اغلق معه ليترك الهاتف والتقط المجاور لسر..يره يرن على الخادمة، اخبرها ان تحضر أكل للفتيات ثم اتجه للحمام يأخذ شاور بارد مماثل للجو، خرج يرن على بسام الذي اخبره بالكارثة التي حدثت 


رعد : لا حول ولا قوة إلا بالله، معلش يا بسام قدم بلاغ في اعمامها كلهم وهاتها وهات يوسف وتعالى هنا 


بسام : أمرك يا باشا 


رعد : الأمر أمر ربنا بلاش كل كلمة أمرك دي 


بسام بضحك : حاضر أنت تؤمر


زادت ضحكات بسام حين أغلق رعد الخط بوجهه، استغفر رعد ربه ثم عاد يصلي مرة آخرى، أنتهي يقف ويطوي السجادة 


خرج رعد يتجه إلى غرفة عشق، ابتسمت بخفة في وجهه وهي تشير له بجانبها، تحدثت لارا بمرح : غريبة رعد بياكل في الأوضة 


عشق : عشاني يا حبيبتي، عشان عشقه 


لارا بخبث : مش عشان النونو مثلاً ؟ 


عشق بغيظ : ولعيها يا حر..يقه 


دخلت الخادمة بالعربة المتحركة تضعها في المنتصف، تأكدت من وجود كل شيء ثم خرجت، بدأ ثلاثتهم يتناولوا الطعام ثم استأذن رعد وذهب.


أتى المساء والتقى رعد مع ذاك الذي يدعى كريم، كان كريم شخصية جيدة ليس له صلة بأعمال عائلته، علاقته برعد سابقًا منذ سنوات كانت مجرد سلام لأنه سوف يصبح ز..وج چلنار، سلم كلاهما على الآخر ثم جلسوا 


كريم بهدوء : بص يا حضرة الظابط أنا متوقع سبب طلبك ليا هنا، وصدقني مش هقدر أساعدك لا بحق ولا باطل، أنا علاقتي بوالدي أظن الكل عنده خلفيه، مليش دعوة بشغله بقى حلو وحش لنفسه، ربنا ما يحوجني لفلوسه 


رعد بهدوء : مش قالك إني عايزك عشان حاجة تخص والدك ؟


كريم باستغراب : هو أحنا بينا ايه غير والدي 


رعد بتأكيد : فيه يا دكتور، فيه بنت عمك بيري، وفلوسها، بلاش عشان بيري ممكن نمشيها عشان چلنار مثلاً أنا عارف أنت كنت بتعزها أزاي 


كريم بزفير : تمام ماشي بس أنا الوقتي معنديش غير والدتي وجدتي ومش مستعد اخاطر بواحده فيهم


رعد : مش هتخاطر، أنا بديك الأمان 


كريم : أنت مش قادر، اتصرف أنت 


تنهد رعد يفكر قليلاً ثم قال : أنا عملت اسم وسمعة ومش مستعد بنسبة واحد في المية حد يقرب منهم، اي كان مين الشخص 


كريم بسخرية : وأنا عادي 


رعد : أنت ابن عمها، أنا مقربش ليها كمان متجـ ـوز ومحبش حد يأذي مر..اتي بكلمة حتى لو غير مقصودة


زفر كريم بضيق ثم قال : أنت عايز مني ايه ؟ 


صمت رعد قليلاً ببرود يتابع كريم ثم قال : أنا عايزك تاخد تبقى الواصي على بيري وأملاكها 


كريم : واقف في وش أبويا  


ضحك ساخرًا ثم وقف يتجه إلى خارج المقهى، وقف رعد هو الآخر قائلاً : يعني أنت عارف أنه مستولى على فلوسها وساكت، الساكت عن الحق شيطان أخرس والظاهر أنا جيت في للشخص الغلط، صحيح ما كلكم نفس الدم


سار رعد من جانبه بغضب، مـ ـسك كريم ذراعه قائلاً بزفير : أنت عايز مني ايه ؟ أنا مش شيطان بس مش شبه دا كله 


رعد بانفعال : يعني عمك ومر..اته وولاده اللي شبه ده، أنا جاي ليك عشان متصرفش تصرف مش هيعجبك شخصيًا، أنا لحد آخر لحظة بلعب بشرف يا كريم


صرخ كريم بغضب : أنا ذنبي ايه ؟


رعد بحدة : ذنبك ذنب بنت عمك، هي كمان ملهاش ذنب واتاخد منها كل حاجة، تعالى اخد منك جدتك ووالدتك وأنت راجل واسيبك كده ونشوف، أنا مليش احمي بنت عمك وأنت موجود، ويا ويله اللي ما عنده دم من نفسه 


كريم بغيظ : أنت بتغلط فيا 


ابتسم رعد إبتسامة ساخرة ليكمل كريم : اتفضل المطلوب مني ايه ؟ 


رعد : هتاخد أملاك بيري من والدك دا اللي هتعمله بعدين هتسيب الباقي عليا 


هز كريم رأسه قائلاً : أنت بتحطني في وش المدفع 


رعد بهدوء : متنساش إنك ابنه 


ابتسم كريم بخفة قائلاً : أفرض استغليت الوضع وخدت كل حاجة 


فكر رعد قليلاً ثم لمعت عيناه وقال : تبقى شاطر وأنا بحب اوي اشوف مدى شطارة اللي قدامي، اتفضل نروح لبنت عمك 


ذهب رعد مع كريم الذي تنهد بقلق مما هو مُقبل عليه، وصل رعد بعد وقت أمام شقة بيري، طرق على الباب ثم قال : افتحي أنا رعد 


فتحت الباب بتوتر سرعان ما عادت خطوة للخلف بخوف، طمأنها رعد بعيناه ثم دخل وخلفه كريم، جلست أمام كلاهما تفرك يـ ـديها ببعضهما، اردف رعد : متقلقيش، الوقتي هتمضي على الورق ده وبإذن الله كم يوم والدنيا هتتحل وهترجعي بيتك 


بيري بتوتر : دا بيعمل ايه هنا ؟ افرض معاهم 


كريم بسخرية : صح افرض 


وضع الورق أمامها ثم أشار بعيناه حتى تمضي، طوى الورق ثم بدأ يشرح لهما بعض النقاط وأنتهى به الأمر عائد للمنزل 


دخل غرفة عشق التي تعقد حاجبيها بتعب وسط نومتها، تدعم بطنها بوسادة صغيرة، اتجه لجناحه يبدل ملابسه ثم عاد يتمدد بجانبها 


همهمت بتعب وهو يعدل من وضعها ثم فتحت عيناها، تنهدت قائلة : دا أنت 


رعد وهو يضـ ـمها له أكثر : نامي 


نفت برأسها تبتسم بخفة ثم قالت : مش هتجيب بو..سة بقى 


غير رعد الموضوع قائلاً : لارا فيه ؟ 


عشق بانزعاج : في جيبي 


رعد بخبث ويـ ـده تتحرك على ظهرها : في جيبك فين ؟ وريني كده 


انفجرت ضاحكة كذلك هو ابتسم بخفة، تحدثت بمرح : ايه هي الز..وجة التانية روقت مزاجك للدرجة دي


رعد باستغراب : الز..وجة التانية ! 


عشق وهي تضيق عيناها : أنت مش متجـ ـوز واحدة تانية ؟


ضغط على أنفها قائلاً : في واحدة كدة عقدتني في الجواز وسنينه، تعرفيها ؟ 


عشق بنفي : لا اخس عليها بجد، مين دي ؟ طلقها وارتاح يا عم 


أعاد شعرها خلف أذنها وهو يُقـ ـبل أنفها نزولاً بثغـ ـرها يغرق في شهد شفـ ـتيها، ضغط على رأسها داخل حـ ـضنه يضـ ـمها بقوة ثم همس في أذنها : نامي أحسن لينا أحنا التلاتة 


عشق بضحك : تصبح على خير 


رعد بهمس : وأنتِ من أهلي وجنبي. 


❈-❈-❈


في صباح يوم جديد 

مرر يوسف يـ ـده على شعرها يُقـ ـبل جبينها، نزولاً بأنفها يقرب رأسها له يهمس بأسفه، لم تتذوق بجانبه فرحة بقدر القسوة والحزن والإهانة والضرب، فتحت عيناها ببطء شديد تتأوه بتعب 


همست وسط تعبها : منك لله يا يوسف، كانت ساعة سودة 


يوسف بغيظ : على دماغك يا جزمة 


تنهدت قائلة بتعب : اعمل ايه بـ ـحبك، كله يهون عشانك


يوسف : أنتِ عندك فصام، دول طلعوا بهايم أومال لو غيبت شوية 


سيلا : لعله خير، الحمد لله والمهم إني جنبك يا يوسف، ممكن اسألك سؤال ؟ 


يوسف بهدوء : أسألي 


تجمعت دموعها وهي تتسأل بحزن وألم : أنت قربت من زينة غير أول مرة 


ابتعد عنها يقف قائلاً بهدوء : أيوة يا سيلا أكتر من مرة وعادي هي كمان مر..اتي ودا حقها 


سيلا وهي تحاول الجلوس : أنت بتحبني ولا بتحبها ؟


يوسف بضيق : دي ملهاش علاقة بالحب، بحـ ـبك أنتِ 


سيلا بحدة : لو بتحبني مش هتقرب منها يا يوسف 


يوسف بتلقائية : ولو بحـ ـبها مش هقرب منك يا سيلا، لو فعلاً شايفاها كده


أغمضت عيناها بقوة تنساب دموعها فاردف بحدة وانفعال ظهر بسبب بكائها، وشعوره بخطئه فقال : في ايه يا سيلا ما هي كمان مر..اتي مش أنتِ لوحدك، متبقيش أنانية فيا، أنا مغلطتش عايطك الوقتي هو اللي غلط، ما الواحد بيتجـ ـوز بدل الواحدة أربعة، جايه أنتِ تعيطي عشان كده 


سيلا ببكاء : من نحية الحلال فهو حلال يا يوسف، بس من نحية الحب هو ايه ؟ أنت مش حاسس أنه غلط، بلاش كده أنت محطتنيش مكانك يا يوسف، مفكرتش اتجوز غيرك و .... 


يوسف بصراخ غاضب : اتكتمي يا سيلا 


سيلا بصراخ : لا متكتمش ولا عشان حضرتك الراجل بقيت تحلل لنفسك 


ضغط على ذر..اعه قائلاً : مش هتفرق يا سيلا، لو حصل معاكي مش هعمل اللي عملتيه 


سيلا وهي تمسح دموعها : ماشي يا يوسف 


ونأتي لبعد أربع سنوات 

وقف يوسف أمام شباك مكتب رعد يتابع المارة، فرت دمعة يتيمة على وجنته وهو يضحك بسخرية، تنهد بحزن وهو يتذكر ذات يوم جرى معها من هذا المكان 


عشق : وبعدهالك يا يوسف، هتفضل كده كتير ؟


يوسف : الأرنبة أم العيال بتتكلم 


عشق وهي تضربه بقبضتها : يا بارد، لسه بتفكر فيها 


يوسف بتنهيد : ولا يوم هنسى، الواحد بينام يقوم على وجع جبار، بفكر في حاجات عمري ما اتصورت إني افكر، يا ترى هي معاه بتـ .... 


أغمض عيناه بعذاب للحظات شعر أنه ذنبها ويُخلص منه فيها، دخل جيش المغول كما يسميه يوسف خلف بعضهم ليردف : أحلى حاجة عملتيها، أقل من ست سنين يا مفترية ربطيه بأربع عيال 


ضحكت عشق بملأ صوتها وهي تستقبل فهد في أحضـ ـانها، فهو اقربهم لها لنسبة تعلقه الكبيرة بها، عم الهرج والمرج من أربعتهم. 


❈-❈-❈


جلس رعد في مكتبه يمرر القلم بين أصابعه يُفكر، نظر من خلال الكاميرا على كريم الذي دخل شركة عمه، وقف أمام والده يمد يـ ـده بنسخة من الورق، مسك والده الورق ينظر له ثم ضحك قائلاً : عفارم عليك 


كريم بهدوء : مش عفارم عليا، أنا جاي اقولك الأولاوية ليا عشان كدة تسيب ليا مجلس الإدارة 


تامر ببرود : هسيبه دا أنت ابني 


كريم : ابنك بس في فلوس البنت دي مش ابنك، أنا هرجعلها فلوسها كلها، أنا الوقتي يعتبر شغال عندها 


تامر بصدمة : أنت بتقول ايه ؟ 


كريم ببرود : اللي سمعته 


اتجه كريم إلى مكتب رئيس مجلس الإدارة وجلس فيه، ساعة كاملة وأتى لو خبر صادم، نزول الأسهم جميعها في الأرض، الشركة .. مهلاً الشركة تقع .. رن على رعد الذي أجاب ببرود ليردف : الشركة بتقع، الحقني اعمل ايه، الشركة ... 


رعد بهدوء : أهدى أنا عارف 


كريم : حق بيري بيضيع 


رعد بحدة : يا ابني أهدى، سلام الوقتي 


أغلق بوجه كريم يليه دخول بسام المكتب، حرك رأسه بأسف قائلاً : في خبر وحش 


رعد بهدوء : خير ؟


بسام : شحنة المخدرات دخلت بدون تفتيش وبتصريح، مقدرناش نعملها حاجة للأسف


اعاد رعد ظهره للخلف يفكر ثم قال : بكام الشحنة دي ؟


بسام : ملايين، مش تامر بس اللي مشترك فيها دا في غيره أربعه 


رعد : وكله على دماغ الشعب، شباب الشعب واللي رمى أهله بيته و ... أقولك على فكرة حلوة 


بسام بزفير : قول على حل مش فكرة حلوة 


رعد وهو يلقي القلم : ولـ ـع في الشحنة كلها، مش عايز يفضل منها كيس واحد حتى لو وزنه عشره جرام


بسام بصدمة : بتتكلم جد! 


أكد رعد بعيناه ليأتيه هاتف، سرعان ما أجاب ليأتيه ما اراده، جميع من في شركة بيري يبيع أسهمه، تحدث بهدوء : بسام اشتري الأسهم اللي في شركة بيري كلها بسعرها إلا عمها فاهم ؟


أكد برأسه وهو يستأذن ثم ذهب، يوم اثنان ثلاثة دخل مكتبه فوجد تامر الدوسري يجلس منتظر إياه، فور دخول رعد انقض عليه يمـ ـسك ملابسه 


دفعه رعد بحدة قائلاً : متتجاوزش حدودك، أنا محترم سنك مش أكتر 


تامر بغضب : أنت دمرتني 


رعد بضحكة ساخرة : أنا معملتش حاجة، أنت زرعت وبتحصد، الوقتي الأدلة عليك وعلى ولادك وصلت مكانها المفروض وشوف بقى واسطة مين هتقف في ضهرك 


تامر بغضب : هدمرك 


رعد ببرود : وأنا عايز ادمر 


تامر بصراخ : هحصرك على مر..اتك وابنك الموجود واللي جاي 


رعد : وأنا هوديك لحبل المشنقة بإيـ ـدي 


وبالفعل هذا ما حدث فقد تم القبض على تامر وأولاده، وهذه المرة لم يجد من يساعده او يأخذ بيده، حتى ابنه تبرأ منه ... اليوم تم إعدام من قتـ ـلتها ورعد يقف، لم يرف له جفن ليس قسوة بل لأنه مؤمن بالقصاص 


بسم الله الرحمن الرحيم:- " وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " صدق الله العظيم 


وقف امام قبر چلنار يدعو لها، أخبرها أنه أحضر حقها، ذهب من عندها دون رجعة لكنه وفى بوعده وأحد أسباب دخوله الجنايات، عاد لزو..جته وعشقه التي لم تشعر بشيء 


دموعها تنساب بتعب وهي تهمس باسمه، جلس بجانبها بقلق قائلاً : مالك ؟ 


عشق ببكاء : تعبانة اوي بطني بتوجعني، أنت فين من الصبح ؟


رعد بحدة : مرنتيش ليه ؟ يلا هنغير ونروح المستشفى


مسحت دموعها تؤكد برأسها، أخذها إلى المنتصف بقلق عليها أكثر من ابنه، ما زالت في منتصف شهرها السابع والطبيبة سبق وأخبرتهم بسوء وضع الاثنان، دخلت غرفة العمليات وهو يجلس يضع وجهه بين يـ ـديه بقلق دفين 


الجميع علم بولادة عشق ما هي سوا دقائق والكل أتى، بينما في الداخل فتحت عشق عيناها بتعب وجدت الطبيبة تحمل طفل صغير بين يـ ـديها، إنه " ابنها " 


انسابت دموعها وهي تهمس : رعد 


لقد كانت بحاجته هذه اللحظة فالصغير لا يُصدر أي صوت، طرقت الطبيبة على أسفل ظهره لكنه لم يفيق، وجدتها في هذه الأجواء تحمله وتضعه أسفل الماء البارد لعله يستيقظ، شهقت بخفة وهي تهمس : يا رب، يا رب متخسرنيش في ابني 


بكى الصغير فاردفت عشق : الحمد لله. 


انتقل الصغير إلى الحضانة مباشر وقد علم الجميع بسوء حالته، قالتها الطبيبة له بصراحة أنه مُعرض لعدم البقاء على قيد الحياة 


جلست عشق في الغرفة بعدما أتت من الحضانة ترضع ابنها، وضع رعد وسادة خلف ظهره قائلاً : مرتاحة كده ؟


أكدت برأسها فأكمل : أنا هخرج، الشباب بره ومش هينفع اسيبهم 


عشق بتعب : ماشي 


خرج في نفس الوقت اقتربت حورية قائلة : دي عيني أنا عارفة 


سيلا بمرح : المفروض يبقى اسمها حرباية مش حورية


عشق : تدروا شي، أحنا التلاتة حربايات بس مش واخدين بالنا، الحرامية خطافة الرجالة دي هي اللي طيبة شوية 


سيلا بمرح : أنا يا ابني شكرًا على ثقتك الغالية دي 


عشق بزفير : امشوا اطلعوا بره بقى عايزة ارتاح 


حورية بتفكير : أرى أننا انطردنا، ولا أنا بتهيألي 


أكدت سيلا برأسها ثم قالت : دا هي بتعمل كده عشان ندخلها جو..زها، تلاقيها عايزة بوسة ولا حاجة 


عشق بتأكيد : حصل ابعتوه واطلعوا بره 


سحبت حورية سيلا قائلة : أحنا غلطانين إننا بنيجي لواحدة حرباية ذيك يا جزمة


عشق بحدة : الجزمة دي تبقى أمك عشان خلفتك 


حورية بغيظ : يجيلك شلل يا عشق يا بنت نور في لسانك


أغمضت عيناها تعيد رأسها للخلف ثم تنهدت بتعب، خرجت حورية مع سيلا التي قالت : طردتنا، عايزة جو..زها 


يوسف بضحك : ادخل يا جو..زها 


نظرت حورية باتجاه آدم لتردف : لا استنى أحنا اللي هندخل يلا يا سيلا 


جذب يوسف سيلا يضـ ـمها قائلاً : لا سيبي سيلا هي قصة من الصبح 


حورية بغيظ : أنت بارد ليه ؟ دي صاحبتي ابعد 


يوسف بضيق : صاحبتك من الصبح، خلاص بطلنا بقى 


سيلا بضحك : رعد دخل اقعدوا بقى واتهدوا 


نظرت حورية باتجاه آدم ثم لسيلا التي فهمت ونعود لقبل حوالي اكثر من شهر حين وقف آدم أسفل منزلها ينتظر نزولها لمعرفة سبب تجاهلها إياه 


نزلت حورية من المنزل وحاولت تجاهله إلا أنه جذب ذراعها قائلاً : أنتِ عبيطة يا بنتي! اقفي كلميني 


حورية بضيق : عايز ايه ؟ سبني لو سمحت 


آدم بسخرية : أحنا هنهزر! مالك اتغيرتي ليه ما أحنا كنا حلوين


حورية : أنت قولتها كنا يا آدم قبل ما يتلفت نظري لحاجات كتيرة ذي مثلاً إن كرامتي فوق كل حاجة، اللي أنت عملته معايا مش سهل نتجاوزه من كلمة بحـ ـبك ويلا نكمل، أبسط حاجة من زعلي جبتلي السكر والوقتي بفكر في الصيف همشي أزاي، الحلويات اللي كنت بعشقها بقيت محرومة منها، وبفكر ولادي ممكن ياخدوه مني طيب احرم نفسي من الخلفة عشان ميجوش مرضى، أنت عملت فيا كتير اوي واكتر من إن كلمة معلش او بحبك توقفه، أنت رمتنى بطريقة بينت ليا قد ايه أنا واحدة رخيصة بالنسبة ليا 


بدأ يفكر في كل كلمة تقولها، رغم أن هناك رد على كل هذا إلا أن الموضوع من ناحيتها صحيح هكذا، تنهد قائلاً : يعني أنتِ عايزة ايه ؟ 


حورية بدموع تنساب : أنت لسه بتسأل، مش عايزة يا آدم 


اقترب خطوة منها يضـ ـمها، ثم طبعة قُبـ ـلة بسيطة على جبينها ليردف : كلامك كله صح يا حورية، أنا مستاهلكيش، كملي حياتك واختاري مرة صح بقى، الغبي هو اللي يعيد الغلط مرتين.


كما قالت عشق وسيلا " دا واحد ابن حمار "، هو لم يسعى هو استسلم، بدلاً أن يلين رأسها اليابس اختار البعد وما حدث بعد هذا هو خطبتها من ذاك الشاب وهو يعيش حياة لا معنى لها. 


❈-❈-❈


شهر ونصف كاملين مروا عليها وهي تعيش في نـ ـار على ابنها، لا أحد يعطيها كلمة حق، هناك من يقول جيد والآخر يقول سيء، ففي أحد الأيام

جلست عشق على طرف سر..يرها عقب أداء فرضها تنظر أمامها بملامح شاردة، طرق رعد على الباب بخفة ثم دخل، رفعت عيناها تنظر له ثم وقفت واتجهت له تحاوط خصـ ـره بيـ ـديها، ربط على ظهرها بحنية 


رعد بقلق : مالك ؟


نفت برأسها وهي تتابعه بنظراتها، جذب يـ ـدها يتجه إلى السر..ير ثم تمدد وهي أمامه ظهـ ـرها مقابل صـ ـدره، تنهدت وهي تنظر باتجاه صورة أبويها، ضحكة والدها الجميلة ما زالت تليح على ذاكرتها، منذ أقل من عام كانت حقيقية والآن مجرد صور لا أكثر 


تذكرت حديث نور معها آخر مرة، للحظة شعرت بنفس الدفء الذي تشعر به في حضـ ـنها، سرعان ما تذكرت ابنها الذي يعتبر بين يـ ـدي الله، تحدث بهدوء : رعد، هو ممكن أسد يروح لبابا وماما ؟ 


زاد من ضمها قائلاً : تفائلي


عشق بدموع تنساب : أنا متفائلة، ومش هزعل لو حصل ده، كله تخطيط من عند ربنا وأكيد ليه حكمه، لو أسد راح لبابا نصيبه وهقول الحمد لله، أنا هزعل اة وهتوجع بس مش هيبقى صعب ذي المرة اللي فاتت، أنا راضيه بكل حاجة من ربنا إلا ... 


التفتت تنظر لرعد ثم أكملت قائلة ببكاء : إلا إني اخسرك، أنا مش عايزة اخسرك يا رعد عشان أنا معتش ليا حد غيرك، يا رب الدنيا متستكتركش عليا 


زاد من ضـ ـمها يربط على ظهـ ـرها قائلاً : أنا مش هيحصلي حاجة ولا أسد يا عشقي، صدقيني هيبقى كويس


كادت تتحدث لكن قاطعهما رنين الهاتف، التقطه رعد يجيب بينما وجد جسدها يتصلب أسفل يـ ـده، همهم وهو يستمع لحديث القائل ثم أنهى حديثه قائلاً : متشكر جدًا بإذن الله بكره هنيجي، سلام


أغلق الخط لتردف بتوتر : في ايه ؟ أسد كويس 


رعد بإبتسامة : أيوة وهنروح ناخده بكره بإذن الله، خلاص معتش محتاج حضانه، خلي إيمانك في ربنا كبير


عشق : ونعم بالله، الحمد لله يا رب، هنام بسرعة عشان محسش بالوقت وبكره هروح اجيبه


رعد بإبتسامة : نامي 


أغمضت عيناها سرعان ما فتحتها قائلة بدموع : أنا خايفة 


رعد وهو يضـ ـمها : متخافيش، والله هيبقى كويس 


ضـ ـمته بقوة ولم تغفو للحظة طوال الليل، دموعها تنهمر أحيانًا واحيانًا تتفائل وهكذا مرت هذه الليلة عليها ... ليبدأ بعدها عقاب عشق من رعد فالقد أنتهت مأساتها لكن ثـ ـأره منها لم يبدأ بعد، مهلاً أي ثـ ـأر ففهي النهاية تظل عشق الرعد... 



يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سماء أحمد من رواية عشق الرعد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة