رواية جديدة في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 30
قراءة رواية في غياهب القدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية في غياهب القدر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل الثلاثون
بداية جديدة
قلبي وأعرفُهُ.. لا تأمَني خَطَرَهْ
قبلَ التورُّطِ بي عُدّي إلى العَشَرَة
قد لا أُحبُّ وقد أُفنيكِ عاطفةً
لكِ القرارُ، ولا تستصغري كِبَرَه..
حُبّي اضطرابٌ، وأحلامي مُقامرةٌ
ومن يُغادرُني.. لا أقتفي أثَرَه
خافي النِّهاياتِ مهما كنتِ واثقةً
من ابنها الفأسِ تلقى حتفها الشَّجرَة
(حذيفة العرجي)
❈-❈-❈
رحبت بها بحفاوة فهي لم تزرها منذ وقت طويل وهتفت بسعادة مبالغ فيها: والله يا رغد منورة ده أنت ليكي وحشة والله يا شيخة كبيرة جدا إيه يا بنتي فينك اشحال مكان الباب في وش الباب.
أجابتها بابتسامة واسعة: وحياتك يا غز. كنت مريض ما أنت بتعرفي الست لما يتبقى لحالها مندون حدا يسأل عليا بتكون نفسيا منا منيحة.
شعرت غزل بشفقة عليها فهتفت بسعادة: طيب إيه رأيك نعمل فنجانين قهوة ونلعب دومينو أنا وانت وبعد كده نحضر الغدا وتتغدي معنا لما رامي يجي.
وأنا موافقة بس هلأ بدي شوف يارا وتمارا هما لسه نايمين؟
وقبل أن تجيبها هرولت الطفلتين باتجاهها تحتضناها بسعادة كبيرة فأمطرتهما رغد بوابل من القبلات مما جعل الطفلتين تضحكا بقوة.
أما عن غزل فكانت تشعر بان رغد هي الصديقة الوحيدة لها في ذلك المكان الذي كانت تبغضه لأنه يشعرها بالوحدة بعد أن تزوجت برامي وتركت الحي الذي ترعرعت فيه فأردفت موجهة حديثها للطفلتين: يارا تمارا يلا روحوا أوضتكم كملوا لعب وسببوا طنط رغد ما تتعبوهاش.
قاطعتها بابتسامة: لا ما تقولي هيك والله تعبهن راحة أنا بحبن كتير.
غمغمت الطفلتين: واحنا بنحبك يا طنط رغد.
طيب يا أختي ربنا يهني سعيد بسعيدة المهم أنا كنت عايزة أسيبهم لك بكرة عشان أروح أطمن على ماما وأختي صَبا وكمان أزور عبير بنت خالي عشان كان فرحها امبارح معلش يعني لو هتعبك.
قاطعتها بلهفة: لا تعب ولا شي هيدا أحب ما على قلبي أنا بحبن كتير والله العظيم
بحس انن بناتي.
منحتها غزل ابتسامة حقيقية وهتفت بتمني: ربنا يرزقك بابن الحلال اللي يصونك يا رغد وتجيبي منه بنت وولد يكونوا زي القمر شبهك بس على شرط الولد يتجوز حد من بناتي أي نعم هيبقوا أكبر منه بس مش مشكلة سنة ولا سنتين ولا حتى تلاته مش عيب.
قهقهت رغد بسعادة مردفه بصوت مرتفع: إيه إيه أكيد.
لكن لسان حالها يردد كيف يصير هيك وولادي راح يكونوا أخوات هادول البنتين الحلوين.
❈-❈-❈
تسارعت خفقات قلبها وجف حلقها بعد أن استمعت إلى حديثه الأخير فهتفت في نفسها: يبدأ معايا أنا من جديد اللي بسمعه ده حقيقي ولا من كتر حبي ليه أنا بيتهيقلي.
استفاقت من صدمتها على صوته الجاد: صَبا صدقيني الكلام اللي قلته ليكي ده أخدته بعد تفكير طويل يعني أنا متأكد منه مية في المية عشان كده عايزك تساعديني وصدقيني زي ما قلت لك لو كان ردك هو الرفض أنا هحترم قرارك جدا لكن...
قاطعته بصوت لا يقبل النقاش: أنا موافقة يا عمار موافقة أدي لك فرصة موافقة نعرف بعض موافقة اني أكون زوجة حقيقية لك ومن بكرة باذن الله نبدأ نروح نتابع مع الدكتور عشان تتعالج وتقف على رجليك.
ابتسم بخفة فهو لم يتوقع موافقتها السريعة تلك كان يظنها ستطلب مهلة للتفكير لكن كما قال مسبقا إن صَبا تفاجئه دائما بردود أفعالها الغير متوقع
فتح فمه ليشكرها لكنها قاطعته وهتفت بابتسامة واسعة: ودلوقتي بقى خليني أروح اعمل فنجانين قهوة عشان نوثق الاتفاق قلت إيه؟
أومأ لها بهدوء وما زالت تلك الابتسامة الواسعة تزين محياه الحسن.
رمقته بنظرات غير مفهومة ثم هرولت تجاه المطبخ وقلبها يضرب بعنف حتى شعرت بأنه سيخرج من قفصها الصدري
وضعت يدها على قلبها تلقائيا وهي تهتف بسعادة: معقولة اللي اتمنيته هيتحقق معقولة ربنا أخيرا استجاب لدعواتي وهيريح قلبي الحمد لله يا رب الحمد لله كنت متأكدة انك عمرك ما هتخيب رجاءي يا رب كنت دايما عندي أمل انك هتستجيب لدعواتي لأني عمري ما يأست وكنت بلح عليك في الدعوات. اللهم لك الحمد والشكر يا رب.
صفقت بيديها بسعادة وراحت تقفز في مكانها وهي تغمغم بكلمة: الحمد لله الحمد لله.
لقد سمعت كثيرا ان كثرة الدعاء تغير القدر وهذا ما يحدث مع الكثير منا فالله -سبحانه وتعالى- يحب العبد اللحوح الذي لا يكل ولا يمل من الدعوات وطلب الحاجة منه -عز وجل- فمن اراد ان يحقق الله -سبحانه وتعالى- له دعوة عليه ان يطلبها بقلب نقي ويكون على يقين بأن الله سيحققها له
ألم يقول -عز وجل- (انا عند حسن ظن عبدي بي)
❈-❈-❈
نورتي بيتك يا ست نور.
تلك الكلمات هتف بها الحاج سعد بعد أن فتح باب شقته بمفاتيحه الخاصة ثم أشار لها بالدخول.
ولجت بخطوات بطيئة ريثما اغلق الباب ثم شكرته بصوت خافت مما جعله يرفع كلا حاجبيه بدهشه هاتفا باستنكار: إيه يا بنتي انت مكسوفة مني لا بقول لك إيه من أولها كده كسوف لا انت من هنا ورايح بقيت بنتي زي عبير وزي عزة يعني تناديني بابا طبعا أنا عارف أن أبوك لسة عايش بس مش عيب انه يبقى لك اتنين بابا هو حد طايل أصلا.
منحته ابتسامة صغيرة
فربط فوق حجابها في حنو بالغ جعلها تشعر براحة لذلك الرجل الطيب.
أردف مشاكسا: إيه ده هي أمك فين ما داهية لا تكون سرقتني وطفشت.
أطلقت ضحكة مجلجلة وسرعان ما شاركها هو الضحكات
فخرجت على صوت ضحكاتهما تسألهما وهي تضم ابنتها إلى صـ درها: إيه ده بتضحكوا على إيه كده؟
ابتعدت نور عن حضـ نها وهتفت بمرح: ما فيش ده لسه عمو سعد كان بيشكر فيكي.
رمقها باستنكار
فصححت حديثها: أقصد بابا سعد.
أهو كده تعجبيني يا نور ودلوقتي بقى تعالي لما أفرجك على أوضتك الجديدة عايز أقول لك إني اخترتها لك بنفسي.
قالها وهو يجذبها من يدها ويتجه بها صوب الغرفة فتابعتهما السيدة صباح وهي تحمد الله بداخلها على ذلك الزوج الحنون.
فتح الباب ثم تقدمها وهو يذهب باتجاه النافذة ويفتحها فأطلقت نور شهقة دليلا على انبهارها بتلك الغرفة فقد كانت حائطها مطليا باللون الأزرق الفاتح يتوسطها فراش باللون الأبيض ويقابله خزانة من نفس اللون ويجاور الخزانة طاولة زينة يعلوها مرآة كبيرة وعلى يمين الفراش مكتب صغير يحمل اللون الأبيض أيضا.
صفقت بحماس ثم اندفعت باتجاه الحاج سعد تعانقه بسعادة طفلة مغمومة بفرح: شكرا آوي يا بابا سعد بجد الأوضة حلوة قوي.
ابتعد عن حضنها وربط فوق وجنتها بهدوء: العفو يا حبيبة بابا سعد
ودلوقتي بقى تعالي نشوف شحرورة الجمالية عمللنا غدا إيه وربنا يستر وما يجلناش تلبك معوي.
❈-❈-❈
بعد أن استمع إلى صوت طرقات خفيفة فوق بابه أيقن على الفور أنها هي فطرقاتها مميزة مثلها سمح لها بالدخول.
ثواني وأبصرها تلج وتغلق الباب من خلفها تدنو منه وابتسامة صغيرة ترتسم فوق محياها الحسن
سألها وهو يرمقها بتفحص: صَبا في حاجة ولا إيه ؟
أجابته وهي تهدر نفيا: لا لا لا خالص أنا كنت جية عايزة أتكلم معاك في موضوع شغلي.
ربط فوق المكان الفارغ بجواره فوق الفراش: طب تعالي اقعدي الأول وبعدين نتكلم.
انصاعت لأوامره ودنت بخطا بسيطة ثم جاورته فوق الفراش وهي تشعر بالخجل فلأول مرة تكون بهذا القرب الشديد منه.
ترك هاتفه الذي كان يتفحصه منذ قليل وأعطاها كل تركيزه.
فهتفت وعينيها تفترش الأرض: أنا كنت عايزة اعرف أنا هعرف أروح شغلي ولا انت عندك مانع؟
أجابها بجدية: وليه هيكون عندي مانع يا صَبا أولا أنا مش ضد شغلك خالص بس هو أنت تعرفي توفقي بين البيت وبين الشغل؟
مش عارفة.
تلك الكلمات البسيطة ردت بها صَبا التي ما زالت تنظر إلى الأرض مما جعله يسألها باستنكار: إيه يا صَبا هي في حاجة واقعة منك بتدوير عليها؟
رفعت ذهبيتيها لتواجه بندقيتاه وهتفت بعدم فهم: حاجة حاجة إيه دي اللي واقعة مني؟
قهقهة بقوة ثم أجابها وسط لهاثه من كثرة الضحك: ما فيش يا ستي أصلك بصة في الأرض من ساعة ما دخلتي عشان كده حبيت اغلس عليكي ما علينا ما قلتليش تقدري توفقي بين البيت وبين الشغل؟
أخذت نفس عميق وزفرته على مهل ثم أجابت بحيرة: مش عارفة والله يا عمار مش هقدر أقول آه أو لا لأني ما جربت قبل كده اني أكون مسئولة عن بيت.
فقاطعها بجدية: يبقى جربي انزلي يوم واتنين وتلاته ولو لقيتي نفسك مش قادرة انك توفقي بين الاتنين يبقى بيتك طبعا أولى بيكي ولا إيه؟
رغما عنها شردت في تفاصيله وملامح وجهه الجذابة وراحت ترسمها في عقلها وكأنها تحفرها حفرا فكل يوم تقضيه بقرب ذلك الرجل تعشقه أكثر فأكثر لا تعرف إلى أي مدى يتدفق عشق ذلك الرجل بداخلها كل ما تعرفه الآن أن قلبها لا يتحمل كل هذا العشق بمفرده عليها أن يكول لديها قلبين وثلاثة كي يختزنوا كل العشق بداخلهم فكما يقال قلب واحد لا يكفي.
ابتسم بمكر عندما لاحظ شرودها به فهتف بمشاكسة: إيه ده للدرجة دي أنا حلو.
هبت واقفة وحمرة الخجل تزحف إلى وجنتيها وهتفت وهي تركض للخارج: أنا هنزل اشتري شويت حاجات للبيت وهرجع ماشي.
ألقت كلماتها ودلفت مغلقة الباب من خلفها.
شيعها بنظرات غير مفهومة بالنسبة له فتلك الفتاة تجذبه لها يوما بعد يوم بل دقيقة بعد دقيقة.
❈-❈-❈
برفقة زوجة أخيها تجلس والغيظ ينضح من مقلتيها فسألتها زوجة أخيها باهتمام: مالك يا أختي في إيه حسة ان حد قاتلك قتيل اشحال ما كنش فرح ابنك الوحيد امبارح.
اجابتها وهي تمط شفتيها بسخط: يعني انت عاجبك الجوازة الشوم دي دي البت يعني كانت لراجل قبله وأنا ما كنتش أتمنى لرؤوف جوازه سودة زي دي.
رمقتها زوجة أخيها بعدم رضا وهتفت باستنكار: إيه الكلام اللي انت بتقوليه ده يا حاجة ما دام ابنك موافق وراضي يبقى خلاص الموضوع ده يخصه هو لوحده وبعدين...
قاطعتها بحدة: يعني إيه يخصه هو لوحده أنا أمه أنا اللي تعبت فيه وفتربيته يعني يحق لي اختار له العروسة اللي تناسبه رؤوف مش عارف مصلحته والسكينة سرقاه.
أردفت زوجة أخيها بعدم رضا: عموما ما لوش لازمة الكلام ده ابنك اتجوز وخلاص وكان باين في الفرح امبارح انه طاير من الفرحة بلاش تخربي حياة ابنك يا حاجة وعلى رأي المثل أنا راضي وأبوها راضي مالك انت بقى يا قاضي.
شملتها بنظرات مستهجنة هاتفة بتوعد أخاف الأخرى التي تقبع أمامها: قاضي إيه وراضي إيه وديني لاكون منغصة عليها عيشتها بنت سعد هنداوي مش أنا اللي يتلوى دراعي واسكت على حاجة مش عجياني هسبها تتهنلها يومين تلاته بس وبعدين هرجع لها واشتغلها في الأزرق اللي ما تتسمى دي.
❈-❈-❈
هبطت درجات السلم بإعياء شديد كما أنها حرصت على تغطية جميع جسدها كي لا ينكشف أمرها أمام غريمتها المزعومة ووضعت مستحضرات التجميل بكثرة لتغطي كدمات وجهها أيضا فشيء ما بداخلها قد كسر لا تعرف كيف تداويه فقد كسرت كرامتها ودعس كبريائها ايضا فمن قال إن الزوجة إذا تعدى عليها زوجها يكون هذا حق من حقوقه الشرعية لا والله فمن يفعل ذلك الفعل المشين يحاسب أمام الله كيف لا يكون هناك قانون يردع ذلك النوع من الرجال عن فعلتهم الإجرامية تلك فجميع الرجال العرب يرون أن الأزواج يحق لهم التصرف بزوجاتهم كما يشاؤون وكأنها دمية وليست بشرا من لحم ودم.
استقبلتها غريمتها بابتسامة شامتة تهتف بسخرية لاذعة: إيه يا درتي الحلوة مالك مش قادرة تمشي كده ليه وكأن داس عليك قطر امبارح أصلي حرام سمعت صوت صراخك كان مالي الفيلا كلها.
ابتلعت غصة مريرة في حلقها فالشيء الذي حرصت على إخفائه لن يخفي على تلك الحمقاء أبدا فقد استمعت لكل ما حدث بالأمس
فقررت تجاهلها الآن هي خسرت تلك الجولة لكنها تعهدت بالا تخسر الحرب فمن يضحك أخيرا يضحك كثيرا.
❈-❈-❈
أمام التلفاز في غرفة المعيشة يجلسان يشاهدان فلما مصريا قديما في صمت رهيب قطعه هو وهو يرمقها بابتسامة جميلة فقد كانت مندمجة بشكل كبير مع الفيلم هتف بمشاكسا: إيه ده يا عبير مالك مندمجة كده ليه تلاقيكي سمعاها خمس تلاف مرة قبل كده.
أومأت له وغمغمت بخفوت وهي ما زالت تعطي كل تركيزها للتلفاز: أيوة شفته كتير فيلم بين الأطلال ده ما يتزهقش منه أصلا.
ألقى الوسادة التي كانت فوق قدمه بعنف مغمغما بسخط: اطلال!
بقى يا ربي فيه عروسة تقول لجوزها يوم صباحيتهم اطلال يا بركة دعاك يا أما أكيد حد بصص لي في الجوازة دي.
رغما عنها أفلتت ضحكة قوية جعلته يتناسى كل شيء
تمعن في وجهها الذي يعشقه فقد ازداد بهاء فوق بهائه ربما لم تكن عبير جميلة كأختها عزة أو كبنات عمتها صَبا وغزل لكن قلبها النقي وروحها الطيبة جعلتها جميلة في نظر رؤوف ونظر كل من يعرفها
أجل يا سادة من يحب لا ينظر إلى جمال الوجه وإنما ينظر إلى جمال الروح والقلب وهذا بالضبط ما نظر إليه رؤوف اعلم أن الجميع في ذلك الوقت يهتم بالمظهر أكثر من أي شيء آخر لكن بعد وقت قصير يضيع ذلك الانبهار ويضيع الجمال الخارجي سريعا ويبقى فقط ما هو بالداخل لذا من أراد أن يحيا حياة طيبة هادئة هنيئة عليه أن ينظر للداخل والخارج معا وليس الخارج فقط.
توردت خجلا عندما أبصرت تحديقه بها فهبت واقفة هاتفه بتلعثم: أنا هعمل شاي اعمل لك معايا؟
أجابها بابتسامة عاشقة: يا ريت وما تنسيش تحطي صباعك بدل السكر صدقيني هيبقى أطعم بكتير .
منحته ابتسامة صافية وركدت من أمامه ومشاعر غريبة تجتاحها في تلك اللحظة ربما مشاعر حب وليدة او ربما احساس جديد عليها بالأمان والاطمئنان افتقدتهما منذ وقت طويل.
❈-❈-❈
أبعدت عينيها عن عينين والدتها التي كانت ترمقها بتفحص شديد فسألتها دون مقدمات: عينيكي فرحانة يا صَبا يا ترى ابن سعد هو السبب زي ما كان السبب في حزنهم قبل كده؟
أومأت لها موافقة ولم تعقب.
فاستطبت سؤالها بفضول شديد: طيب هو إيه اللي حصل؟
أجابتها وهي تتلاعب بأصابعها: ما فيش احنا قررنا ندي بعض فرصة عشان نتعرف على بعض أكتر.
رفعت كلا حاجبيها بدهشة: تتعرفوا على بعض بعد الجواز ده إيه الكلام الغريب ده وبعدين تتعرفوا على بعض إيه يا بت الهبة إذا كان أنتم متربيين مع بعض.
تنهدت بقوة ثم أردفت بجدية شديدة: بصير يا ماما اللي بيني وبين عمار حضرتك مش هتفهميه عشان كده كل اللي عيزاه منك انك ما تسألينيش وصدقيني أنا عايزاكي تطمني خالص عليا بجد أنا سعيدة جدا الفترة دي كل اللي أنا بطلبه منك انك تدعي لي ربنا انه يديم عليا السعادة دي.
وعلى الرغم من عدم فهم الحديث الذي تفوهت به ابنتها إلا أنها لم تجد بدا سوى أن ترفع كفها وتهتف بتضرع: ربنا يريح بالك يا صَبا يا بنت سعاد ويسعدك ويعوض صبرك خير يا بنتي.
امنت خلفها ثم هبت واقفة وانحنت طابعة قبلة طويلة فوق جبينها واستأذنت وانصرفت للخارج تاركة والدتها تمطرها بوابل من الدعوات.
هرولت بخطوات رشيقة فاصطدمت بشخص رفعت ذهبيتيها لتوبخه لكنها ابتلعت باقي حديثها بخوف وهتفت بعدم تصديق: وليد قصدي دكتور وليد.
❈-❈-❈
على صوت موسيقى أغنية أم كلثوم ألف ليلة وليلة تتمايل باحترافية شديدة وكأنها فراشة جميلة من يراها تخطف انظاره بدون ادنى مجهود
كانت تتخيله يجلس أمامها يرمقها بتلك النظرات الراغبة الممزوجة بالحب التي باتا يمطرها بها في الفترات الأخيرة راحت تغني تارة وتدندن تارة وتضحك تارة أخرى لم تصدق أنها ستعيش تلك السعادة يوما ما والتي حصدتها دون أدنى تعب والغريب أنها لم تشعر بالندم لأنها خربت علاقة شخصين كان عاشقين وفكرت بأنانية أن تنتزع ذلك الشخص لها وكانها استكترت تلك السعادة عليهما
راحت تدور حول نفسها بسرعه لكن فجاه شعرت بدوار شديد يهاجمها وسحابة ضبابية تلوح امام عينيها تشوشت الرؤية امامها وقبل ان تسقط فوق الارضية الصلبة هتفت بصوت يكاد يسمع: راامي.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران من رواية في غياهب القدر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية