-->

رواية جديدة مشاعر مهشمة 2 لشيماء مجدي - الفصل 31

 

قراءة رواية مشاعر مهشمة الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية مشاعر مهشمة الجزء الثاني 
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات 
الكاتبة شيماء مجدي 

الفصل الواحد والثلاثون




كان من الصعب عليه رؤيتها في تلك الحالة المنهارة، كما إنها لم تكف عن البكاء، لتوضح له السبب فيما آلت إليه حالتها، حاول بجهد جهيد أن يخفف من حدة بكائها، ليتمكن من سحب الكلمات من فمها، ليفهم ماذا أصابها خلال ذلك الوقت الوجيز، الذي تركها به ريثما تناول فطوره، بينما كانت هي عاجزة كليا عن تثبيط ما انتابها من سيل من مشاعر حزينة، أصابت قلبها في مقتل، من معرفتها المصادفة لما حل عليها يوم الحادثة، وفقدها للجنين المجهول، الذي كان ينمو في رحمها دون علمها، فقد أرسلت رسائل نصية عبر أحد وسائل التواصل الاجتماعي أمسا، إلى الطبيب الذي قام بفحصها في المشفى الحكومي الذي يعمل به زوجها، متسائلة عن الجرعة اللازمة لأحد الأدوية الذي وصفه لها، حينئذ أخبرها ببعض الأرشادات، انتهت بتحذيرها من الإهمال ومن الحركة الزائدة، حتى لا تخسر الجنين الآخر، كان هذا الرد الذي قرأته بعدما فتحت عينيها منذ دقائق منصرمة، حينما أمسكت بالهاتف كفعل أولي عند استيقاظها، لتفقد الرسائل المرسلة قبل أن تنهض من الفراش كعادتها. خبر وقع على قلبها كوقوع الصاعقة، استرسلت منه بعد ذلك تفاصيل ما حدث، وما أخفاه عنه زوجها عمدا. نظرت له بنظرات لائمة، تلمع بسحابة كثيفة من الدموع التي تغطي حدقتيها:


-ليه مقلتليش على الجنين اللي نزل؟


شحب وجهه بصورة واضحة، وسألها بنبرة ظهرت مصدومة إلى حدٍ ما:


-انتي عرفتي؟


انسابت دموعها التي كانت عالقة على طرفيها، وسألته مرة أخرى بحرقة:


-ليه معرفتنيش؟


ضم شفتيه ببؤس، قبل أن يقول لها بصوت مشبع بالأسى:


-خوفت عليكي.


ازداد بكائها، وشهقت لأكثر من مرة حتى تخرج الكلمات من فمها، وبعد عدة محاولات أخبرته بصوت متقطع، ممزق بالقهر:


-كان المفروض تعرفني يا عز، ده حقي.


دنا منها وحاوط بيده وجهها، حتى يجبرها على النظر له، وقال لها بصدق نبع من قلب متخوف:


-مقدرتش، مكنتش هتحمل أشوف دموعك، وخوفت حزنك عليه يوصلنا إننا نخسر الجنين اللي فاضل.


رمقته بنظرة ما تزال ينبثق منها العتاب، وعلقت بانتحاب:


-لو كانت جيت منك كانت هتبقى أهون عليا، كنت هتكلمني بالراحة، وهتفهمني اللي حصل حاجة حاجة، الصدمة كانت هتبقى أقل من إني اعرف من حد غيرك بالشكل ده.


لم يستفسر عن كيفية معرفتها بالأمر، فقد لمح عند تقدمه منها وجود الهاتف إلى جوارها، شاشته مضاءة على محادثة نصية، ومع قراءته لاسم زميله في صدارة الشاشة، حتى استنبط التالي، بينما تابعت هي بنفس النبرة المختنقة:


-أنا خسرت جنين مكنتش اعرف أنه موجود اصلا، وخسرته بسبب غبائي وإهمالي.


رفع يده ممسكا بذراعها، وهو ينهيها عن تحامُلها القاسي على نفسها:


-متقوليش كده يا زينة، متحمليش نفسك ذنب ملكيش يد فيه.


ناظرته بعينين تصرخان بالندم، وهي تهتف في اعتراض متحسر:


-ازاي مليش يد وانا مكنتش بروح المتابعة عشان اتطمن على صحته؟ ازاي مليش يد وانا اختارت اني اتفسح واخرج واتسببت في موته؟


قبض على يدها ليبثها الدعم المطلوب في ذلك الوقت، وقال لها بلهجة عقلانية:


-يا حبيبتي اللي حصل ده بتاع ربنا، وهو اللي بيسبب الأسباب، لكن في جميع الأحوال قضاؤه نافذ وانتي مؤمنة وعارفة إننا ملناش في نفسنا شيء.


رفعت يديها، ودفنت وجهها بكفيهة وهي تبكي بشجن بالغ، لم يتحمل ما يبصره عيناه، وقام بجذبها نحو صدره، حاوط ظهره بذراعيه، وراح يربت عليه وهو يهدئها بنبرة متوسلة:


-إهدي يا حبيبتي، إهدي ومتعمليش في نفسك كده عشان خاطري.


لم تقل حدة بكائها، بل تضاعف، وعلا صوت نشيجها، وقتئذ حاول استمالة قلبها بشيء آخر، توقع أن تذعن له، وبرجاء مماثل قال لها:


-طب عشان خاطر اللي في بطنك طيب، مش عايزين يجراله حاجة.


بدأ بكائها في الخفوت شيئا فشيء، ولكن نهنهاتها، وانتفاضات جسدها لم تخبت بعد، أغمضت عينيها وهي تعتذر منه:


-أنا آسفة عشان معرفتش أحافظ عليه، آسفة إني محستش بيك اليومين اللي فاتوا، كان لازم اعرف إن الحزن اللي في عينيك ده أنا السبب فيه.


أزاد من قوة ضمها، والتمسيد على ظهرها، ونهاها بحنوٍ:


-متتأسفيش يا زينة، انتي مغلطتيش يا حبيبتي عشان تبقي السبب في حاجة، كله مقدر ومكتوب عند ربنا.


تنفس مطولا، كأنما يحاول التصدي لعاصفة المشاعر الشاجنة، التي تدفعه إلى البكاء إثرا لما أضناه هو الآخر بمفرده، وتابع بهدوء زائف متنافي مع الاختناق الجاثم على صدره:


-قضا أخف من قضا، ربنا يعوضنا خير بيونس واللي في بطنك، وأهم حاجة عندي في كل ده إن ربنا ماورنيش فيكي حاجة وحشة.


أبعدها عن حضنه قليلا، حتى يتسنى له رؤية عينيها التي تفيضان الدمع في صمت، وقال لها بصدق مشاعره لها:


-ده اللي مكنتش هقدر اتحمله يا زينة.


ناظرته في امتنان لوجوده الداعم، وقدرته على تطيب شتى جروحها، اقتربت هي تلك المرة، ودفنت جسدها في حضنه الدافئ، وأردفت بدعوة تسأل الله بها في كل وقت:


-ربنا مايحرمني منك.



❈-❈-❈


بعدما فرغت من التقيؤ، واستعادت اتزانها، وبدأت وتيرة أنفاسها تهدأ عن ذي قبل، أجلسها "عاصم" على الأريكة في غرفتهما، لم يكن يعرف كيفية التعامل في تلك الأثناء، احتواء الزوج لزوجته، أو التعبير عن تأزمه لرؤيته بذلك الضعف، شق عليه تماما، ولكنه مع ذلك ظل جالسا جوارها، كأنما في ذلك إبداء غير منطوق لقلقه الواضح، فتحت عينيها اللتين كانتا مغمضتين، وناظرته من موضعها، وهي مريحة جسدها للخلف، وقتئذ سألها برغبة غير زائفة في الاطمئنان عليها:


-حاسة بإيه؟


ردت عليه بصوت مغلف بتعب لم يزول بعد:


-مرهقة شوية.


حينما استشعر رنة الإعياء في صوتها، وأنفاسها التي تجاهد لالتقاطها في وترة ثابتة، عاجلها بتساؤل مستشف:


-محتاجة تروحي لدكتور؟


هزت رأسها بإيماءة خفيفة، نافية، وأخبرته في نبرة عادية:


-لأ، انا محتاجة بس أنام لإني منمتش.


مد يده وقتئذ وربت على ذراعها، وقال لها بغير اعتراض:


-خلاص نامي انتي وارتاحي، وانا هروح الشغل عشان اتأخرت، بس لازم أول ماتصحي تكلميني.


قطبت جبينها من طلبه الأخير، وفي التو سألته باستفسار:


-ليه؟


أجابها بغير تفكير في استيضاح:


-عشان تطمنيني عليكي.


ارتخت تعبيراتها، ورمقته بنظرة سعيدة للتغير الجذري الواضح عليه، ارتسمت بسمة صغيرة على شفتيها، تبعها قولها المطمئن:


-متقلقش انا كويسة، ده طبيعي في الشهور الأولى زي ماقلتلك، وده مش أول حمل ليا، وكنت عايشة لواحدي، يعني بعرف اتصرف، متشغلش بالك أنت.


تبدل وجهه مع ما فهت به، وظنت أنها عن طريقه تطمئنه، ولكن ما لا تعلمه، ولم تلحظه، أنها بعثت بداخله الضيق، والخزي من نفسه، كونه ذكرته لتركها وهي في أوج ضعفها، تجابه كل آلام حملها بمفردها، بالإضافة إلى تعذيبه العاطفي لها، أخفض نظراته، ثم قال لها بلهجة بدت فاترة وهو متحفز للنهوض:


-طيب، أنا ماشي، خلي بالك من نفسك.


وثب عن جلسته، وبينما يعدل من هندمة سترته، نهضت هي ووقفت إلى جواره، وقامت بالمسح فوق أحد كتفيه، في مساعدة بسيطة لتحسين مظهره، انفرجت شفتيه بشبح ابتسامة راضية، واقترب منها مقبلا جبهتها، ثم استدار مغادرا، وبداخله لا يدري كيف كان شيطانه مسيطرا عليه، إلى الحد الذي جعله لا يعبأ بإيلامها، ولا يفكر سوى باستغلالها وهي الشخص الوحيد -بعد والدته- الذي أغدق عليه بالحب دون انتظار مقابل، وقدمت له كل سبل الولاء رغم خيانته، وعدم الحفاظ على ما بداخلها له من مشاعر.



❈-❈-❈



الأيام المنصرمة في العمل مرت بشكل روتيني بحت، لم يتغير بها شيء، سوى ذهابه أمسا لحضور جلسة علاجه النفسي الثانية، والتي ما تزال تقتصر على إخراج ما بجعبته، حتى يتسنى للطبيب التوصل إلى الأسباب النفسية التي تسببت في حدوث السادية، والأمور الكامنة وراء تلك الاضطرابات، والتعرف على الحالة ودراستها، وتحليلها تحليلا كاملا، مما ينجم عن ذلك التوصل لجذور المشكلة، حتى يمكن التحكم فيها ومعالجتها، بشكل أسهل آنذاك. ربما تلك المرة لم تكن ببشاعة المرة الماضية، كأنما احتواء زوجته له، ووجودها إلى جواره كان دافعا إلى الاستمرار، بل وهون عليه شقاء ما يقصه، ويستعيد تذكره من ماضيه الغابر. 


ترك غرفته حينما ذهبت "داليا" لتفقد رضيعيها، ونزل إلى الحديقة، حتى يتنفس هواءً باردا، يطفئ من لهيب صدره، فإلى الآن كلما أعاد ذهنه عبارة واحدة مما فاه بها لطبيبه، يجد الاختناق تلقائيا جثم على روحه، وسخونة شديدة تنبجس من أنفاسه، ولئلا ينساق خلف رغبته في شرب الكحوليات -خاصة مع نصح الطبيب له بعدم الهرب من واقعه بتناولها- كان يشغل عقله بستحضار لحظاته السعيدة رفقة والدته، زوجته، وصغيريه، محاولا تثبيط كل ما يختلج نفسه، من رغبة عارمة في الصراخ، وما يدفعه للانهيار، والتقهقر حيثما كان، ليغدو الشخص الأفضل، والجدير بهم. أنزل سيجارته عن فمه، وبينما ينفث دخانها، التفت برأسه إلى الجانب، حينما وقع على سمعه، كلمات أخيه الموجه له، بمرحه المعتاد:


-إيه ده عاصم واقف في الجنينة وبيشم هوا زينا.


لم يعلق على ما قاله، وظل مثبتا نظراته عليه، متابعا تقدمه نحوه، ومنصتا إلى بقية كلماته:


-ده انا كنت بدأت أحسن إنك روبوت من كتر مانا مش بشوفك بتعمل حاجة غير الشغل.


عاد بنظره للأمام، وقبل أن يضع السيجارة بفمه، هتفت بنبرة متهكمة:


-دمك خفيف الحقيقة.


بصدر رحب تقبل هزوه، وراح يعلق بغير ضيق:


-عارف إنها تريقة بس مقبولة.


شغل "عاصم" معاملته الطيبة معه، رغم إيذائه الذي طاله، حول نظره نحو، وناظره بنظرة متفحصة، ممزوجة بالتساؤلت التي تجوس في رأسه حوله، حتى قاده فضوله إلى فهم شخصيته، وبغير تفكير أو تردد سأله مستطردا:


-انت ازاي بتتعامل معايا عادي بعد اللي عملته فيك؟


في بادئ الأمر تعجب من سؤاله، ولكنه بعد عدة ثوانٍ فهم قصده، إلا أنه لم يجد إجابه غير رده التلقائية:


-عادي.


ضم ما بين حاجبيه، وسأله باستفهام متزايد:


-عادي ازاي؟


سحب "عزالدين" نفسا مطولا، زفره دفعة واحدة، كأنما يدع لنفسه المجال لترتيب الكلمات، ثم وضح له بهدوء:


-احنا مش معصومين من الغلط يا عاصم، وانا اعتبرت اللي حصل غلطة من اخويا الكبير وسامحته عليها.


عجز "عاصم" أمام طيبته الزائدة عن التعليق، في حين ما لبث الآخر بنفس الطريقة الحكيمة:


 وبعدين ده ربنا بيسامح يعني، هاجي انا العبد ويبقى في ايدي اني اسامح ومسامحش.


زم شفتيه للحظة وهو ينظر لأسفل، ثم عقب بتشكك:


-بس أكيد لسه شايل في قلبك مني.


وضع يديه في جيبي بنطاله، وانشق ثغره ببسمة افتر بها وجهه، وصارحه بصدق:


-منكرش إني كنت شايل منك الأول، بس الفترة الأخيرة معدتش حاسس إني متضايق منك.


دُش "عاصم" مما اعتبره تسامحه الغريب، وأخبره بغير تصديق:


-ده تسامح زيادة عن اللازم!


هز رأسه بالسلب، ووضح له وجهة نظره في جدية:


-مش تسامح زيادة ولا حاجة، بس الفكرة إني شايف إن طالما اقدر إني اسامح ليه مسامحش، بس برضه ده ميمنعش إني في حاجات مش بقدر أسامح عليها.


تطرق لذهنه احتمالية أن يكون والده المقصود، خاصة مع بعض التلميحات التي حملها حديثه لأكثر من مرة معه في السابق، عندما اكتشف وجوده، وكان يحاول أن يساومه بنسبه، وفي التو سأله باشتفاف:


-زي اللي عمله بابا معاك؟


تجهم وجهه على الفور، وزاغ بعينيه عنه، ورد عليه باقتضاب مشوب بالحزن:


-ممكن.


تراءى ل"عاصم" ما طرأ على وجهه، حينئذ تأكد أن أفعال والده النكراء مع كليهما، تركت تأثيرها السلبي في نفسيهما، وعاد للنظر إلى الفراغ أمامه وهو يقول بفتور مشبع بالأسى:


-أنا كمان مش قادر اسامحه.


قطب "عز الدين" جبينه في عدم استيعاب، وعجز عن إدراك -أن مع اختيار والده للآخر- تسبب في إيذائه نفسيا، كما فعله معه، ولكن موقف واحد به ذاكرته، تسبب في جرح غائر بقلبه، ماذا إذن عن "عاصم" إن كان ذلك هو طبيعة تعامله معه؟ فاق من شروده اللحظي على تساؤل "عاصم" الناظر أمامه:


-تفتكر لو حد عاش حياته كلها غلط في غلط، هيقدر يتغير ويبقى إنسان كويس.


رنة البؤس المحتلة صوته، جعلته يشعر أن جملته تشير إليه، خاصة مع ملاحظته لسوء طباعه، بالرغم مما يستشعره منه من بعض الحنان الدفين داخله، ومن المؤكد أن تلك الشخصية تحمل الكثير من المساوئ الغير معلومة بالنسبة له، لذا سارع في الرد عليه، علّه يحفزه على اتخاذ خطوة نحو التغيير، إن أراد ذلك بشكل جَدي:


-لو الشخص ده عايز بجد يتغير، وعمل كل اللي يقدر عليه عشان يبقى إنسان أحسن، هيتغير طبعا.


عم الصمت بينهما لعدة لحظات، حتى أن "عاصم" لم ينتبه إلى ترك أخيه له، فقد سبح بفكره، فيما عزم على فعله، محاربا بضراوة شيطان رأسه، ففي ذلك الوقت الفارق، إما أن يثبت قوة إرداته، ويتغلب عن كل ما زُرع داخله من شرور، أو أن يخفق ويتغلب عليه ضعفه، ويعود إلى سابق عهده، بكل ما يحمله من قاذورات، وموبقات، ولا يوفي بما ألزمه على نفسه من نذور.



❈-❈-❈


استحث نفسه على البقاء على طور هدوئه، وحافظ على ارتخاء تعابير وجهه، وهو يدلف إلى غرفة النوم، حتى لا يخامر زوجته الظنون حيال انفراده بنفسه في الحديقة، وذلك بعدما رأت وقفته مصادفة من الشرفة، حينئذ قرر الصعود، ليبقى معها لبعض الوقت، تحقيقا لطلبها قبل أن تتوجه للاطمئنان على رضيعيها، ثم يتجهز بعد ذلك للذهاب إلى حضور عشاء عمل مع بعض العملاء، حينما ولج وجدها جالسة على طرف الفراش، ولتوها انتهت من إرضاع ابنهما الأشقر، تعقدت قسماته قليلا وهو يسير نحوها، وبعد أن جلس جوارها، سألها ببعض الاستنكار:


-مش الدكتور قال يبقوا يرضعوا صناعي؟


أسندت الصغير على صدرها، مريحة رأسه فوق كتفها، وجاوبته بهدوء بعدما بدأت في الربت على ظهره:


-أيوه، بس ده لما ابقى تعبانة، أو نايمة، لكن طول مانا صاحية وكويسة وهما معايا أنا اللي هرضعهم.


مط شفتيه لحظيا، قبل أن يسألها:


-فيها إيه لو رضعوا صناعي طالما انتي حامل دلوقتي؟


أجابته باستيضاح مع بسمة محبة مزين ثغرها:


-أنا بحب ارضعهم، الموضوع بيحسن من نفسيتي، ده غير إن الرضاعة الطبيبعية مفيدة عن الصناعية، بالذات في الست شهور الأولى، وأنا مش عايزه أقصر معاهم.


علق بغير رضاءٍ، واضح من نظرته ونبرة صوته:


-بس انتي كده هتتعبي، خصوصا إنك عندك ضعف وجسمك لسه ماعوضش اللي نقص منه من الحمل الأولاني.


انزوى ما بين حاجبين من معرفته بتلك الأمور، فهي لم يسبق أن تحدثت مته في شئون صحتها، وما ينجم عن الولادة وفترة الحمل. في تلك اللحظة استطاع قراءة تساؤلات نظراتها المتعجبة، ورد عليها بنبرة عادية موجزا:


-سامح كان بيكلمني وقالي.


حينما تجشأ الرضيع، أبعدته بتؤدة عن صدرها، وأردفت بلهجة مطمئنة:


-أنا لحد دلوقتي كويسة، ومنتظمة على الدوا والفيتامينات، والدكتور مطمنني، فمتقلقش يعني.


هدهدته بذراعيه لبضع لحظات، حتى غفى في حضنها، وقتئذ نهضت بتريث وهي حاملة إياه، متوجهة لوضعه في سريره الصغير، لم يعترض "عاصم" على ما رآه منها من تصميم أمومي على رعاية طفليها الرعاية اللازمة، وعدم التقصير في حقوقهما، والتزم صمت، فقط متابع حركتها بنظرة مهتمة، حتى عادت أدراجها إليه، غير متواريا عنه سيرها الغنج، ولا نظراتها الشقية، وهي تخبره بدلال أنثوي يحمل مغزى خطير:


-وعلى فكرة أنا النهارده أحسن بكتير عن الأيام اللي فاتت.


انفرجت شفتيه ببسمة عابثة، وأخفض نظره نحو ساعة يده، وبعدما تفقد الوقت، أخبرها بصوته الرخيم:


-هو أنا ورايا معاد كمان ساعتين..


قبل أن يعبس وجهها، أكمل بهمس ساحر، وماكر وهو يدنو منها:


-بس ممكن أتأكد بنفسي من الموضوع ده، وبعدين نبقى نشوف حوار الميعاد ده بعدين.


صدحت ضحكة مليئة بالميوعة، المحفزة، والمشوقة، للإنغماس بين طيات العواطف الجسدية، والسماح طوعا للإنجراف داخل تيارات المشاعر الحسية.



❈-❈-❈



بعد أن خمدت ثورة المشاعر المهتاجة في الوجدان، وعمت الراحة الممزوجة بالدفء في الأبدان، تمدد "عاصم" على ظهره، وكحركة غدت معتادة، توسدت "داليا" صدره، تلوح بسمة عاشقة على وجهها تارة، وتارة أخرى ترفع حدقتيها له تناظره بنظرة حالمة، وبينما يمسح بنعومة فوق ذراعها، استطردت متسائلة بغتةً:


-ليه اتضايقت لما قولتلك إني بحبك.


تعقدت تعابيره، وأخفض نظره بحاجبين مضمومين نحو وجهها، وردد باستغراب:


-اتضايقت؟


رفعت جسدها قليلا، متكأة فوق صدره بإحدى ساعديها، وبمرفق الآخر، استند على الفراش، وردت عليه بتأكيد مستضيحة:


-ايوه، وشك كشر، وكلمتني بأسلوب ناشف، وقولتلي مكلمكش في الموضوع ده تاني


حينئذ فهم مقصدها، الذي يشير إلى يوم اعترافها بحبه، منذ ما يزيد عن الأربعة أعوام، وسّد ساعده خلف رأسه، حتى يرفع وجهها قليلا نحوها، ثم أخبرها ببسمة جذابة:


-انتي كان وجودك فتنة في البيت، مكانش المفروض تبقى عايشة مع واحد زيي في بيت واحد.


زوت ما بين حاجبيها، واقتبست مما قاله، مررده في غرابة:


-فتنة! 


اتسعت بسمته العابثة، في حين تابعت هي بنفس النبرة مع اختلاف ابتسامة انشقت بها شفتيها، إثرا لبسمته الساحرة:


-وبعدين واحد زيك ماله مش فاهمة؟


اختفت بسمته تدريجيا، وهو يوضح لها مقصده بتوضيح لئيم:


-واحد زيي عمره ماكان ملاك، وبالذات في المواضيع دي، أكيد يعني مش هعمل حساب لسنك ولا لإنك بنت خالتي وهبص لكل حتة فيكي واعاينها كويس، وخصوصا إنك كنتي ماشية في البيت بالشورت علطول، يعني كانت عيني هتروح لواحدها للحتت اللي عايزاها من غير ماتدور أو تتعب.


وعيها الخالي من الشروط، والمبادئ الدينية، جعلها ترى ذلك امتداحا في جمالها، وراحت تستفسر في نعومة مستشفة:


-يعني انا كنت عجباك من الأول خالص!


رد عليها بإيجاز وهو يداعب بيده الطليقة بشرة جسدها:


-بالظبط.


لم تكتفِ عند ذلك الحد من التساؤلات، وتحكمت بضحكتها المتأثرة بحركة يده المدغدغة، وأكملت مستفسرة:


-امال ليه مكنتش عايزني احبك؟


توقف عن حركة أصابعه، وأجابها بصوت جاد مشبع بالندم:


-مكنتش عايز كل اللي حصل بعد كده إنه يحصل، أنا كنت فاهمك من الأول، بس كنت بكدب نفسي وبقول عيلة صغيرة ومتعلقة بيا زيادة عن اللزوم عشان ملهاش قرايب غيري، بس مع الوقت اتأكدت.


سألته باهتمام ونظرات متفرسة:


-اتأكدت لما قلتلك اني بحبك، صح؟


آجابها نافيا، مع توضيح مسترسل:


-لأ قبلها، حركاتك وطريقة كلامك كانوا مكشوفين أوي، لو عيل مراهق كان أخد باله، ومكانش ناقص غير إنك تيجي تقوليلي بحبك وفعلا عملتيها، كده بقت جميع الدوافع موجودة ومش ناقص غير إني أدوس معاكي، وده اللي مكنتش عايزه.


تضاعفت غرابته مع ما تستمع له للمرة الأولى، بينما هو تجاهل نظراتها المتعجبة، وما لبث أن تنهد ببعض الضيق وهو يتابع:


-وماما كانت بتحبك ومكنتش عايزها تزعل مني، بس ضعفت بقى أعمل إيه؟


كانت تنصت له في صمت، وما أثر بها حقا هو إخراجه لما يختلجه بصدق، وأريحية، زائلا السد الذي كان بينهما، ويحول دون تحدثه بما في جعبته لها، اكتفت ببسمة صغيرة كرد صامت على ما قاله، في حين تابع بندم مضاعف:


-ممكن لو كنتي كبيرة كنتي منعتيني، كنتي هتبقى عارفة إنه مينفعش وهترفضي، أو حتى طالما موافقة كنتي هتبقي فاهمة أبعاد اللي بيحصل بينا، لكن سنك كان صعب أوي إنه يدرك حجم المصيبة اللي بنعملها.


تفاقمت عقدة حاجبيها، مما رأته عليه من ندم حقيقي، واعتراف ضمنيٍ بخطئه. استطاع بسهولة أن يفهم ما يجول في ذهنها، وبعد نفسا سحبه، وسريعا ما لفظه، أخبرها بافتضاب:


-أيوه أنا معترف إن الغلط الكبير عليا.


الاعتراف بما يقترفه من أخطاء ليس سهلا، حتى وإن كان يعترف داخله في كثير من الأحيان، لاح طيف ضيق على وجهه، ثم هتف بقليل من التجهم:


-بس متنكريش إن كان عندك تصميم رهيب إنك تقربي مني، وكنتي بتنطيلي كل شوية في أوضتي، ده غير الأنوثة الغريبة اللي كانت ظاهرة قدامي واللي مكانش ليها علاقة بسنك، وأي واحد مكاني مع كل المغريات دي هيضعف.


انفرجت شفتيها ببسمة ضحوك، على عادته في عدم وضع كامل الخطأ عليه، حتى وإن كان لا يوجد مخطئ سواه، ولكن تلك المرة صدق في قوله، فكليهما مذنبين في تلك العلاقة البذيئة، نفخ في ضيق من كل فاه به، وأخبرها بلهجة منزعجة:


-اللي حصل بقى، مش لازم نفضل نتكلم في الحوار ده كتير، وادينا اتجوزنا زي ماكنتي عايزه، وخلفتي زي ماكنتي عايزه برضه، يعني أنا عيلة صغيرة مشت اللي في دماغها عليا.


كلماته كان حاملة المرح بين طياتها، ولكن مضمونها بعث القلق لداخلها، من احتمالية سخطه على زواجهما، وإنجابها، وبصوت يحمل الريية سألته:


-هو انت لسه متضايق من جوازنا ومن تصميمي إني أخلف منك؟


قطب جبينه مما فهمته من كلماته التلقائية، وأردف مستهجنا بغير انفعال:


-أنا قلت كده؟ انتي هتقوليني كلام ولا إيه؟ وبعدين مانتي حامل أهو وأنا اللي قايلك خليه.


تشكلت بسمة مسرورة على شفتيها، من ذلك التغيير الواضح، والذي جعلها تشعر بتضاعف حبه في قلبها، خشى "عاصم" من تسبب تبادل أطراف الحديث بينهما، في نشوب شجارا كالعادة، وأضاف بجدية متريثة:


-وكفاية كلام بقى، ولا انتي بتستغلي اني رايق النهارده وبتجمعي كلام السنة كلها وتصدعيني بيه!


اصطنعت عبوس ملامحها، وقلبت شفتيها بدلا، ثم أخبرته بنعومة:


-مانت مش بتتكلم معايا علطول، فبصراحة استغليت آه إنك رايق، يعني حابة أحس اننا زي اي اتنين متجوزين، بيتشاركوا مع بعض تفاصيل حياتهم، وبيتكلموا مع بعض في كل اللي جواهم. 


رمقها بنظرة مرتخية، ثابتة، تلبكت، ورفرف بأهدابه ببعض التوتر حينما باغتته متسائلة:


-عاصم انت بتحبني، مش كده؟


جزء في أعماقه يدفعه إلى الاعتراف بعشقها، ولكنه ما زال يشعر بصعوبة في التصريح بمشاعره، خاصة التي يُسأل عنها، ومع نظراتها المتفرسة، عجز تماما عن التفوه بكلمة، تفشى الإحباط بها آنئذ، وتكلمت بضيق:


-عارفة انك محبتش قبل كده غير مي وممكن كان زمانكم مع بعض لولا بابها رفضك..


اهتاجت أعصابه من الإتيان على تلك الذكرى البغيضة، كما جعله يقاطع كلماتها، بحدة منفعلة:


-داليا اسكتي بقى.


انتفض جسدها من عصبيته المباغتة، وتراجعت بجسدها للخلف، ترقرقت عينيها بالدموع، ولكي تواري دموعها عنه، استدارت في نومتها، مولية ظهره له، عندما تدارك انفعاله، انزعج من نفسه، ضم فمه وهو يزفر نفسا مشبغ بالضيقء، ثم اقترب منها، وأدارها له، رائيا الدموع المنسابة من عينيها، مد يده مجففا وجهها، واعتذر منها في ندم حقيقي:


-متزعليش يا داليا، بس أنا مش عايزك تفتحي الموضوع ده تاني، أنا بتضايق من الكلام فيه.


ابتلعت الغصة المتكونة في حلقها، وأخبرته بنبرة منتحبة مشوبة بالبؤس:


-أنا مكانش قصدي اضايقك، أنا بس نفسي أحس بحبك ليا، نفسي احس إنك حنين عليا وإني فارقة معاك زي مانت فارق معايا، أنا عايشة حياتي ليك، وعشان انت فيها بس يا عاصم، نفسي...


تأثر قلبه من نبرتها الباكية، التي تتوسل حبه وعطفه، لم يدع لها مجالا لإضافة المزيد، وحال دون إكمالها، التقامه لشفتيها، في قبلة ناعمة، معتذرة، محاولا -عن طريقها- تبديد ما حل عليها بسببه من بؤس، وحزن، عكر عليهما صفو لحظاتهما الخاصة، والتي كانت مفعمة بالأولفة والود، وكل مشاعر الوجد.



❈-❈-❈



جلست على الأريكة الملحقة بالفراش، وهي تتابع ضبط مظهره الأخير أمام مرآة الزينة، يبوح فوق وجهها تردد حيال طلب ما، ولكن لرغبتها الملحة في الحصول على موافقته، تغلبت على ترددها، حمحمت بخفة ختى تلفت انتباهه لها، وبالطبع قد كان، حينئذ سألته بوداعة:


-هو أنا ممكن اطلب منك طلب؟ 


رد عليها بهدوء موجزا، وهو يمشط مقدمة شعره:


-ممكن.


قضمت شفتها السفلى بتوتر، ثم طلبت منه بربكة:


-ينفع أخرج مع رفيف آخر الأسبوع؟


على عكس ما توقعت، لم يغضب، أو ينفعل عليها، بل اكتفى برد مقتضب، رافضا:


-لأ يا داليا.


عندما وجدت ما يزال على طور هدوئه، نهضت عن المقعد، وتقدمت منه، وهي تخاطبه بعبوس:


-ليه يا عاصم؟ احنا هنروح نعمل شوبنج ونتغدا في مطعم وهنرجع بعدها علطول.


كان رفضه نابعا من إرشادات الطبيب "سامح"، حينما كان يحذره من عنفه معها أثناء ممارسة العلاقة الحميمية، انتهاءً بمنع السير لمسافات طويلة، لذلك وضح له سبب رفضه مردفا:


-الشوبينج هيتعبك، واعتقد سامح قالك إن المشي الكتير ممنوع الفترة دي، وده مش أول حمل ليكي فأكيد عارفة الكلام ده، ولا إيه؟


ازدادت تكشيرة وجهها، وقطبت جبينها في ضيق واضح، ثم طلبت منه مجددا بإلحاح:


-طب خلاص هنتغدا بس، وبعد كده هرجع علطول، يعني مش هبذل مجهود خالص.


ضم شفتيه في تفكير، ظنت أنه سيأتي من بعده رفض آخر، لذلك سارعت في التوسل بدلال، علّه يأتي بنتائجه:


-مترفضش عشان خاطري، أنا زهقانة أوي وبقالي كتير قاعدة في البيت، ومحتاجة أخرج.


مع علمه لكونها لم تعد تغادر البيت، سوى لزيارات الطبيب، وأمام إلحاحها المتزايد، إنصاع لطلبها، وقال بنبرة عادية بعد زفرة مطولة:


-لو مش هتتعبي نفسك، ماشي.


توسعت عيناها في تفاجؤ من موافقته، وسألته بتأكد:


-بجد؟


التفت لها بعدما انتهى من نثر عطره الخاص، ورد عليها بنبرته الرخيمة:


-ايوه، وخلاص بقى عشان مرجعش في رأيي.


اتسعت بسمتها في غبطة، وسريعا ما ألقت نفسها في أحضانه، وشكرته بامتنان:


-ميرسي أوي يا عاصم.


تشكلت بسمة فوق ثغره، وبينما يضمها بتلقائية، أخبره بنبرة ضحوك:


-بالراحة البدلة هتتكرمش.


ابتعدت بعض الإنشات عنه، محافظة على بقائها على مقربة منه، ناظرته بنظرة عاشقة، مليئة بكل عواطفها الثائرة نحوه، عبثت بأناملها برابطة عنقه، وخاطبته في غنج مثير:


-هو انت لازم أوي تروح العشا ده؟


أراح يديه فوق خصرها، وهو يجيبها ببحة صوته الخاصة:


-للأسف مهم جدا، بس مش هتأخر عليكي.


بسمتها لم تخبُ من فوق شفتيها، وهي تسأله بنفس النبرة المتدللة:


-يعني هنسهر سوا النهارده؟


رفع يده نحو شعرها، ممررا أصابعه فوق بعض الخصلات النافرة لضبطها، وأخبرها ببسمة صافية:


-واخد بريك بكرا من الشغل، يعني لما ارجع معنديش مانع نسهر للصبح، وبكرا كمان كله بتاعك.


تهللت أسريرها، والتمعت عيناها بسعادة لأول مرة تشعر بها تنبض بذلك الحد بقلبها، اقتربت لتعانقه ثانيةً، ولكن بعاطفة أقوى، هامسة له:


-بحبك أوي.


حاوطها بذراعين مشتدين على ظهرها لبعض الوقت، ثم أبعدها عنه بتؤدة، رمقها بنظرة حنون، قبل أن يدنو منها، لاثما جبهتها، وقال لها قبل ان يشرع في تركها:


-متناميش، ساعتين؛ تلت ساعات بالكتير وهكون هنا.



❈-❈-❈



غمرها لأول مرة منذ سنوات سرور بالغ، كأنما قد تجمعت كل سعادة الكون داخلها، فطريقته الجديدة معها جعلتها أكثر رغبة، وإقبالا على تمضية الباقي من حياتها معه، مبددة كافة الهواجس، والمخاوف التي لم تكن تنفك تساورها، حيال زواجهما المتزعزع، الذي لم يكن يبشر بخير نهائيا، ولكن بعد تصالحهما الأخير، كل ما يحدث بينهما، يدعوها للتفاؤل، والتلهف لكل ما هو قادم. شعرت برغية شديدة في قص ما حدث ل"رفيف"، وإبلاغها أيضا بموافقة "عاصم" على خروجها معها، بعجلة توجهت لالتقاط هاتفها الموضوع فوق الكومود، ووضعته فوق أذنها، بعدما أجرت الإتصال بصديقتها، بعد تبادل العبارات الابتدائية فيما بينهما، استرسلت لها ما دار، وكما توقعت صُدمت "رفيف" مما تخبرها به، حينئذ قالت لها "داليا" بنبرة مشبعة بالتفاجؤ الذي لم يخبُ بعد: 


-أنا برضه مصدقتش إنه وافق بسهولة كده.


صدحت ضحكة "رفيف" وهي تردف بدهشة لم تخبُ من صوتها بعد:


-أنا بصراحة متفاجئة أوي.


اتسعت ابتسامتها، ثم قالت بسعادة شديدة، ومضاعفة:


-بس أنا فرحانة أوي، عاصم بدأ يتغير معايا، وبقى حنين، وبيكلمني حلو، حتى لما..


قاطع استرسالها المكالمة الأخرى التي تلقتها، أبعدت الهاتف عن أذنها، فكان المتصل ذلك الرجل المكلف بمراقبة "عاصم"، خفق قلبها، وسريعا ما أخبرت "رفيف" بعجلة:


-رفيف معايا ويتينج، اقفلي وهكلمك تاني.


ردت عليها صديقتها، قبل ان تنتقل إلى المكالمة الأخرى:


-أوكي، باي.


حينما استقبلت المكالمة، ردت عليه بصوت بدا مهزوزا من تعانف وجيب قلبها، الذي يخشى معرفة ما يكسر عليها فرحتها:


-ايوه.


تغايرت ملامح وجهها بشكل كامل، كأنما ملأته في لحظة الكدرة مما أبلغها به، وبصوت بدا منكسرا، فاقدا للحياة سألته:


-فين المكان ده؟


يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة شيماء مجدي من رواية مشاعر مهشمة الجزءالثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية