رواية جديدة نفوس طاغية لشهد السيد - الفصل 5
قراءة رواية بين نفوس طاغية كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بين نفوس طاغية
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة شهد السيد
الفصل الخامس
وضع "رياض" الكأس بحـ ـدة فوق الطاولة الرخامية ينظر لـ "صفوت" الشارد يصيح بغـ ـضب:
-"ممكن الباشا يشاركنا الرأي فى المصـ ـيبة دى".
أبتلع صفوت ما بجوفه بصعـ ـوبة بالغة يشعر
بالأخـ ـتناق الشديد بعد ما أُرسل إليه صباح اليوم، نهض ينزع رابطة عنقه وأقترب من ركن المشروبات يُمـ ـسك بقنينة ذات سائل أزرق اللون يتجرع منها مُباشرةً..
نظر "رياض" و "ظافر" لبعضهما بتعجب من أمره وصمته الذى لا ينكـ ـسر منذ قدومه لهما، نهض "ظافر" ينتشل القنينة من بين يد "صفوت" يردعه بحـ ـدة:
-"فى أى هتطب ساكت، كفاية شرب عليك أوي لحد كده".
ظهرت خطوط حمراء بأعين "صفوت" و ضيق أعينه بضيـ ـق يقبض فوق كف يـ ـده بتوعد شديد هامسًا:
-"أنا ممكن أتهد فـ لحظة لو الواد ده متجابش، لازم تعرف مكانه سامع".!
أنهى حديثة بحـ ـدة وهو يقبض على ملابس "ظافر" مما جعل "رياض" يتسأل بأستغراب:
-"الواد ده ماسك عليك أى يا صفوت".؟
وبدون سابق أنـ ـذار دفع "صفوت" كل القنينات التى أمامه يصرخ بهياج شديد:
-"هفعـ ـصه تحت رجلي، أنا صفوت الباشا حتة *** زى ده يهـ ـددني، أسمع انتَ وهو مفيش أى حاجة هتكمل غير ما تجيبولي الواد ده، وأنا اللى هحاسبه".
تبادل "ظافر" و "رياض" النظرات بصمت تام يعبر عن ريبـ ـتهم من أمر "صفوت" الذى لم ينتظر كثيرًا وغادر كـ عاصفة هوجاء صافـ ـعًا باب المنزل خلفه بقـ ـوة شديدة أسقـ ـطـت الساعة المُعلقة على الحائط..
أول من نطق كان "رياض" الذى جلس بنفاذ صبر يوجه حديثة لـ "ظافر":
-" انتَ لازم تدور على الواد ده وأنا هساعدك بكل اللى تحتاجة، الصحافة لو شمت خبر عن الفيديو اللى ماسكة عليا هكون أنتهيت ".
اومأ "ظافر" وعاد للأريكة يمـ ـسك بـ حاسوبة يضعه على قدمه وبداخله أصرار شديد على معرفة الفاعل، بينما سؤال واحد طرق عقل "رياض" لما لم يُرسل المجهول تهـ ـديدًا لـ "ظافر" كما فعل معه هو و "صفوت".!
❈-❈-❈
ظلت جالسة جوار تلك المسكينة تُمـ ـسك بـ قماشة مُبللة تمررها فوق وجهها الشاحب لتساعد من أنخفاض حرارتها، و "ورد" تهذَى بكلمات غير مترابطة تمامًا لا تُعبر سوا عن الذعـ ـر
لقد كانت أنتهت للتو من تحضير حقيبة سفرها بعد إصرار "أيمان" الشديد على أصتحابها رحلة تجهل وجهتها حتى الأن، "أيمان" تفعل كل ما بوسعها لجعلها سعيدة، لا تريد منها شئ سوى أن تكون سعيدة مُرتاحة البال..
نظرت "زينة" بشفقة شديدة نحو "ورد" قبل ان
تنتـ ـفض بفـ ـزع عندما أنتفضت "ورد" تشهق كأنها كانت تصـ ـارع بالنجاة من وسط أمواج تكاد تبتلعها، نظرت "ورد" حولها بعدم أستيعاب قبل أن تنتبة لما هى عليه، هى مُستلقية فوق فراش "الهانم الصغيرة" كما تلقبها العاملات..
حاولت النهوض سريعًا رغم الثقل الشديد الذى يصيب جـ ـسـ ـدها تردف بأسف وذعـ ـر شديد:
-"حقك عليا يا هانم وغلاوة الهانم الكبيرة ما تشتكيني لرياض بيه، أنا.. أنا همسح وانضف اهو واغيرلك الملاية واللى تقولي عليه هنفذة بس أبـ ـوس أيـ ـدك بلاش رياض بيه.. "
قاطـ ـعتها "زينة" عندما أقتربت من الجهة الأخري للفراش تحاول تهدئتها:
-"اهدي محدش هيعملك حاجة..أنا هنا اهدي".
لم تطمئن "ورد" كليًا كل ما فعلته هو البكاء الخارج عن أرادتها تردف بصوت هامـ ـس مسموع لـ "زينة":
-" أنا تعبت، معدش فيا صحة أخدمكم بيها ولا صحة لطلبات البيه، ااه ياما ااه".
تجمعت الدموع بأعين "زينة" وضمة "ورد" لأحضانها بمواساة تحاول تهدئتها:
-"اهدي.. أنا هساعدك وهطلب من ماما تديلك أجازة ترجعي فيها لأهلك لحد ما صحتك تتحسن".
أزداد بكاء "ورد" بعجز لا تريد الصـ ـراخ أكثر حتى يعلم الجميع بما تعانيه على يـ ـد ذلك الرجل الطاغي ذو النفس المريضة..
قاطـ ـع لحظتهم صوت طرق أحدي العاملات فوق باب الغرفة تخبر "زينة" بهدوء:
-"السواق بيبلغك أنه فى أنتظارك تحت يا هانم ".
شكرتها "زينة" وعادت بنظرها لـ "ورد" تربت فوق ظهرها بلطف قائلة:
-"للأسف أنا مسافرة دلوقتي، خليكِ هنا فى أوضتي لحد ما استأذن ماما بخصوص أجازتك وأنا هبلغهم تحت أن أنا اللى طلبت منك تفضلي فى الأوضة".
لم تجيب "ورد" وأكتفت بإيماءة بسيطة تدل على موافقتها تراقب مغادرة "زينة" للغرفة بصمت تام، تنظر لنقطة وهمية فى الفراغ ودموعها تتساقط بدون توقف..
بالأسفل..
حملت حقيبة سفرها وهبطت بها تعطيها للسائق وصعدت للخلف جوار "أيمان" التى أحتضـ ـنتها بشوق حقيقي:
-"وحشتيني أوي ".
بادلتها "زينة" العنـ ـاق بأفتقاد لحنوها المُستمر عليها:
-"وانتِ كمان يا ماما".
حاوطت "أيمان" وجه "زينة" بين يـ ـديها تردف بصدق وأبتسامة ناعمة:
-"بحـ ـس أنى مالكة الدُنيا كلها لما بسمع منك كلمة ماما".
أبتسمت "زينة" وصمتت للحظات تقص عليها ما حدث منذ قليل مع "ورد" تختم حديثها برجاء:
-"عشان خاطري ممكن تديها أجازة، البنت شكلها تعبان جدًا".
عقدت "أيمان" حاجبيها بضيق دام لثواني تتواعـ ـد لـ "رياض" بداخلها، ما أستمعته للتو يدل على أن تلك الفتاة لم تكن مجرد عاملة أتى بها للمنزل كما أخبرها، ستعلم الحقيقية كاملة عندما تعود.. صبرًا يا "رياض" لقد أوشك رصيد صبري على النفاذ..
بمكالمة هاتفية أخبرت رئيسة العاملات بأعطاء الفتاة أجازة بالأضافة لمبلغ من المال، وفور أن أغلقت أقتربت منها "زينة" تعانـ ـقها بأمتنان لم تستطيع وصفه بالكلمات.
❈-❈-❈
بعد مرور ساعة...
دفعها بعنـ ــف شديد فوق أرضية المنزل و انحني فوقها يشرف عليها بجـ ـسـ ـده العريض يكبل يـ ـديها بيـ ـد واحدة ينهال فوق وجهها بصفــ ــعات متتالية من
يـ ـده الحرة يصـ ـرخ بحـ ـقد وغضـ ـب:
-"رايحة تتحامي فى بنت أيمان يا زبـ ـالة، فاكراها تقدر تقف قصادي يابت، انتِ أقل من الحشرة، أشتريتك بورقة عـ ـرفي وعشر آلاف جنية لأبوكِ، يعنى أرخص من الجزمة دى فاهمة ولا لأ".
شعرت بالخدر التام بجميع أنحاء جـ ـسـ ـدها حتى أنها لم تجيب على حديثة بعدما اختفي صوتها من فرط
صـ ـراخها المستنجد ، وأبتعد هو عنها بعدما دفعه "ظافر" من فوقها يعنـ ـفه بتلاعب وخبـ ـث:
-"ليه كده يا رياض، الكتكوتة مش حملك خالص، ده أنا حتى كنت جايبلك خبر حلو عن الواد اللى مدايقك".
حاول ألتقاط أنفاسه بشكل طبيعي ولم يستطيع السيطرة على اللهفة التى ألتمعت بأعينه:
-"عرفت حاجة وساكت، أنطق يا ظافر".
أطفأ "ظافر" الباقي من سيجاره بقدمه وبنظرة ماكـ ـرة للغاية نظر نحو "ورد" التى تكومت حول نفسها ترتجف وتبكي بخـ ـوف شديد من كلاهما يردف بنبرة ذات مغزي:
-"انتَ راجل صاحب سوق وفاهم..كل حاجة بتمنها".
زفر "رياض" بضـ ـيق شديد ونظر نحو "ورد" للحظات قبل أن يجيبه بلامبالاة تامة:
-"خدها بس أنجزني وقول عرفت أى ".
أقترب "ظافر" من "ورد" بخطوات بطيئة يبتسم بتسلية شديدة وانحني لمستواها يقرب يـ ـده من وجهها الباكي وتفاجئ من دفعها له رغم عدم قوة الدفعة وأرتجاف
يـ ـدها إلا أنها صــ ـاحت برفض تام تحاول الحفاظ على الباقي منها بعدما ذبلت أوراق روحها:
-"لأ..أنا مش كده لأ..يا بيه ده أنا مراتك وعرضك..أبعده عني حـ ـرام عليكم".
أنهت كلماتها بصـ ـراخ شديد تلـ ـطم وجهها بقوة، أقترب "ظافر" منها يكمـ ـم فمـ ـها عنـ ـوة عنها وانتبة على صوت المكالمة الصادرة من هاتف "رياض" الذى سرعان ما فتح مكبر الصوت وصدح صوت ذلك المجهول بنبرة غليـ ـظة:
-"قسمًا بالله اللى هيقرب للبت اللى معاكم دى لخلي عشماوي يلف الحبل حوالين رقبتكم الحلوة دى منك له، أبعد عنها يا ظافر".
أبتعد ظافر بالفعل بتراقب شديد وهو ينظر حوله بدقة يحاول معرفة من أين يراهم.. أحمـ ـق.!
أجابه "رياض" بصـ ـراخ حاد:
-"قول انتَ مين يالا وعاوز أى".
طلب واحد جعلهم ينظروا لبعضهم ببلاهة تامة:
-"سيب البت اللى عندك دى تنزل وهعرفك أنا عاوز أى.. لمصلحتك مش لمصلحتي".
نظر "رياض" نحو "ورد" بنظرات حـ. ـارقة يردف
بأقتضـ ـاب:
-"قومي غــ ـوري".
نهضت سريعًا تلتقط حجابها من فوق الأرض تضعه بعشوائية قبل أن تركض نحو باب المنزل لكن أوقفها صوت الرجل الصادر من الهاتف:
-"استني.. أديها عشرين ألف جنية يا رياض".
أتسعت أعين "رياض" وأنفلتت منه كلمة نابـ ـية جعلت الأخر يصـ ـرخ عبر الهاتف بتحـ ـذير:
-"لم نفسك رقبتك فى أيـ ـدي يا رياض، أخلص أديها الفلوس".
ترك الهاتف لـ "ظافر" واختفي بداخل أحدى الغرف قليلًا ليردف "ظافر" محاولًا جعله يطيل المكالمة ويـ ـده تعبث بأزرار حاسوبة يحاول الوصول لموقع المكالمة:
-"بس قولي يا نجم النجوم، أحنا عملنالك أى مدايقك أوى مننا كده لدرجة إنك فاضي للتدوير ورانا".
أتته الإجابة ساخرة بشدة:
-"سيب اللاب من أيـ ـدك يا روح أمك ".
أبعد أصابعة عن أزرار الحاسوب وعاد ينظر فى أرجاء المنزل بدقة أكثر يستمع لحديثة الذى أكمله يتلاعب على أوتار ثباته:
-" بس مش قلقان إن بلاوي الكل بدأت تبان إلا انتَ، مش يمكن أكون بخططلك على تقيل، أصل اللى عرفته عنك كانت تشكيلة هايلة من القـ ـذارة يا قـ ـواد يا ***".
ضغط "ظافر" على الهاتف يحاول الحفاظ على هدوئه المعتاد يراقب "رياض" الذى خرج من الغرفة يعطى المال لـ "ورد" ومن ثم فتح الباب يدفـ ـعها للخارج مغلقًا الباب خلفها يصيح بنفاذ صبر:
-"مشيتها، أتفضل قول اللى عندك".
-"قول أنا مرا".
أتته الإجابة صادمة وشعر بشلل أصاب تفكيره للحظات قبل أن ينتشل الهاتف من يـ ـد "ظافر" يجيبه بغـ ـل شديد:
-"المرا دى أنا هحسرها على اليوم اللى جابتك فيه، أخلص يالا".
همهم للحظات قبل أن يعاود التحدث:
-" يعنى خلينا نقول مبدئيًا حفلة تنكرية كبيرة تتعمل فى القصر بتاعك انتَ و أيمان هانم على شرف دور رعاية الأطفال والمستشفيات الحكومية والجمعيات الخيرية وكل خروف فيكم يتبرع بـ 2 مليون جنية".
سخر "ظافر" من حديثة وأجابه بتهكم شديد:
-"رئيس جمعية الأورمان ولا أى انتَ حـ ـرامي يالا وممكن أروح أبلغ عنك من الصبح والحكومة هتجيبك راكع".
أجابه الأخر بتحدي وقوة:
-"دكر روح أعملها وأنا.. ".
قاطعة صوت "رياض" المُستسلم تمامًا:
-"موافق، هعملك كل اللى انتَ عاوزه".
ظهر الأنتصار بنبرة صوت المجهول يجيبه بأستحسان:
-"طول ما انتَ مُطيع يا رياض هحبك، وابقوا أطمنوا على صفوت باشا عشان اللى أتقاله الصبح مش هيّن، بالنسبة ليك يا ظافر فـ أطمن برضوا أبنك خلص تمرين السباحة وحاليًا قدام كنتاكي ".
أنهى حديثة و أغلق المكالمة بينما تسأل" رياض" بتعجب:
-"أبنك..انتَ عندك ولد واحنا منعرفش."!
أغلق "ظافر" أعينه بقوة ووعيد قبل أن يعيد فتحهما بأصرار أكبر للوصول للفاعل..
❈-❈-❈
أعدت كوب شاي ساخن وذهبت صوب الشرفة حيث يجلس والدها مع أشجار النعناع خاصته، وضعت الكوب أمامه وجلست "فجر" على المقعد المقابل له تتسأل بأبتسامة:
_"هو الجدع اللى كان عندك يوم ما شنطتي أتسرقـ...ـت ده أسمه أى يا بابا".
صمت "رضا" للحظات قبل أن يجيبها بهدوء تام:
-"ده مهران، أعرفه من مدة طويلة كان جاي يصلح عربيته لما أتخبطت عندي، شاب محترم ومكافح مع أنه معاه شهادة بس للأسف ملقاش شغل واتضطر يجيب التاكسي ده بالقسط، بتسألي ليه".؟
زفرت بحيرة شديدة من أمره و أجابت والدها بأبتسامة هادئة:
-"مفيش أصله وصلني النهاردة فـ كنت بسأل عادي".
اومأ "رضا" بالإيجاب وصمت كلاهما، وهى شاردة تمامًا وكلماته لا تغادر عقلها..
❈-❈-❈
باليوم التالي..
على ضفة بعيدة للغاية بأحد المناطق الصحراوية حيث "سيناء" ذات المساحة الشاسعة يقف بين العمال المنشغلين بالحفر وإستخراج المعادن من باطن الأرض بواسطة آلات ضخمة، زفر "عدي" بأرهاق يشير لعامل آله الحفر بالتوقف يصيح بصوت رجولي قوي ولهجة مُتقنه:
-"أتوطنوا ساعة يا رچال".
أقترب من سيارته يفتح حقيبتها الخلفية يحثهم على أخذ وجبات الطعام الموضوعة بها، وبعدما أنتهو من أخذها صعد لداخل سيارته يريح عضلات جـ ـسـ ـده المرهقة يشعر بحاجته الشديدة للنوم العميق، وبالفعل لم يمضى الكثير وكان الجميع يغادر الموقع بعدما أوشكت الشمس على الغروب..
تحرك عائدًا لمنزله لكن لفت أنتباهة وقوف شخصين بمنتصف الصحراء الواسعة..
أوقف سيارته ودقق النظر ليجدهما سيدتان بجوارهما سيارة صغيرة " Beach Buggy " مُخصصة لرحلات السفاري، يبدو وكأنهما ضلوا الطريق وكانوا كذلك بالفعل..
هبط من سيارته واقترب منهما بهدوء يستمع لصوت أحداهن والتى كانت مُمـ ـسكة بخريطة كبيرة تحاول الوصول لحل يعيدهما:
-"بصى هنا فيه صخرة كبيرة بس حوالينا مفيش صخر فـ أحنا نفضل ماشيين على طول لحد ما نلاقي الصخرة وندخل شمال".
ما هذا الهراء الذى يستمع إليه.!!
هراء جعله يود الضحك لكنه صمت وحمحم بهدوء جعل "أيمان" و "زينة" يطلقون صـ ـرخات أفـ ـزعته هو ايضًا.!
أول من تحدث كانت "زينة" التى أردفت بضيـ ـق شديد:
-"أى شغل تعلب الصحراء ده، فى حد محترم يخض حد كده".؟
عاتبتها "أيمان" بنبرة منخفضة بعض الشئ:
-"بس يا بيسان ده جاي يساعدنا عشان نرجع، الجو قرب يضلم وهيبقى رجوعنا صعب".
عقدت يـ ـديها بضيق وأصرت على ما قالته سابقًا:
-"مش محتاجين مساعدة من حد، أحنا هنفضل ماشيين لحد ما نلاقي الصخرة ".
لم تجيبها " أيمان " و أنتبهت لـ "عدي" قائلة بهدوء:
-"من فضلك أحنا كنا تبع رحلة سفاري بس توهنا منهم، ممكن تقولي نرجع ازاى للمخيمات السياحية".
نظر "عدي" بـ ساعة معصمة يجيب "أيمان" بهدوء تام:
-"المخيمات غادرت من نصف ساعة ".
شهقة جذبت أنتباهما أطلقتها "زينة" تنظر لـ "أيمان" بلوم قائلة:
-"شوفتي قولتلك أنا حاسة انهم نصابين وسابونا بالقصد عشان يفتشوا الشنط، وبعدين انتَ عرفت منين انهم مشيوا انتَ نصاب تبعهم".؟
أنهت حديثها بأتهـ ـام تشهر سبابتها بوجه "عدي" تضيق أعينها لكنها عادت للخلف سريعًا عندما زجـ ـرها بنبرة قوية قائلًا:
-"كَنك يا حُرمه، أنطمي".
أتسعت أعين "زينة" فى المقابل تشير لنفسها بغضـ ـب:
-"أنا حُرمه يا تعلب الصحراء، بعدين اى ألطمي دى ألطم ليه يا خويا".!
كممت "أيمان" فمها تحادثها برجاء:
-"عشان خاطري أسكتي، هيسبنا ويمشي والذئاب تطلع علينا".
أبعدت "زينة" يد "أيمان" تجيبها بقوة وتحدي:
-"مبخافش منهم ".
لحظت صمت مرت قطعها صوت عواء ذئب ليس مرئي لهم، بعدما كانت مُبتعدة قليلًا أقتربت منهم توجه حديثها لـ" عدي" بضيق:
-"مش يلا نمشي ولا سعادتك عجباك الواقفة فى نص الصحرا".؟
لم يجيبها و أشار لهما نحو سيارته و أقترب من حقيبة السيارة الخلفية يخرج حبَل سميك يعقد طرفه بسيارتهم والأخر بسيارته ليصتحبها هى الأخرى..
أنتهى وصعد يغادر سريعًا يعلم طريقة بدقة بالغة جعلت "زينة" تتعجب وتردف بصوت منخفض هامـ ـس:
-"العلم نور".
❈-❈-❈
وضع فوق جـ ـسـ ـد "ورد" غطاء ثقيل يحميها من البرودة القارصة و جلس قبالتها مرتديًا قناع طبي أسود واضعًا غطاء رأس سترته فوق رأسه ليخفي وجهة قدر الإمكان قائلًا:
-"الفلوس اللى معاكِ دى حقك، تقدري ترجعي لأهلك لما تحسى إنك أحسن وقادرة تمشي، والشنط دى فيها أكل وعلاج ليكِ".
أبتسمت "ورد" رغم شحوب وجهها تنظر نحوه بأمتنان:
-"تشكر يا بيه، جميلك فوق راسي لحد ما أمـ ـوت، ربنا ينجيك وينصرك عليهم وعلى مين يعاديك ".
رغم عدم رؤيتها لملامح وجهة شعرت به يبتسم ونهض يغادر الغرفة الموجودة فوق سطح منزلهم ينزع عنه القناع الطبي يستنشق أكبر قدر من الهواء، القادم
خطـ ـير وبشدة، هو حتى الآن يعمل على تشويش تفكيرهم فى اللجوء لمبرمج محترف ينقـ ـذهم من بين يده ويعرفون بـ مكان تواجده...
الحمـ ـقي يظنون بأنه يضع لهم كاميرات بمنزل أجتماعات شياطـ ـين الأنس المقيمون أغلب أوقاتهم به.. يا للسخرية لا يعلمون بأنه أستطاع أختر..اق هواتفهم وأصبح يستمع لحديثهم بكل بساطة، أما بالأمـ ـس عندما رأى تلك الفتاة معهم كان يقف فوق سطح البناية المقابلة للمنزل الموجودين به يراهم بواسطة تلسكوب مُكبر.
سيضعهم جميعًا بالجـ ـحيم لا أحد منهم يستحق الشفقة، هم اسـ ـوأ من بعضهم، اسـ ـوأ من بحث خلفهم وكشف خباياهم، يعترف بأنه لا يساوي شئ أمام قوتهم ونفوذهم لكن على الأقل لن يقف متفرجًا عليهم وهم مستمرين بطغيانهم على الخلق.. لقد أتى بالوقت المناسب ليكون طوق نجاة لتلك المسكينة" ورد".
❈-❈-❈
كان جالسًا بأحدي أركان حديقة المنزل يضع فى وعاء كبير مصنوع من الحديد بعض الأحشاب المشتـ...ـعلة وفوقهم إناء مياة، منذ أن عاد بالسيدة و أبنتها ورحب بهم والديه وتناولوا الغداء سويًا وهو جالس بالحديقة وحده..
أتضح أنهما كانوا قادمين فى أحد الرحلات السياحية الخاصة بعمل عمه "رضوان" وقد عاد الباقية من دونهم و جاء عمه وأعتذر منهما ووعدهم بالعودة صباح الغد مع رحلة أخري..
زفر بضيق يعتري قلبه منذ أن حضر زفافها على غيره، لقد رفضه والدها سابقًا لفرق التعليم بينهما، هى طبيبة وهو حاصل على دبلوم، بالأساس لم يكن محبًا للتعليم وكان أكثر حبًا للعمل، لم يكن نادمًا على عدم حبة للتعلم سوى عندما رفضها والده وشعر بأنه ذو شأن أقل منها.
عقد حاجبية عندما لاحظ تلك القزمة سليـ ـطة اللسان خرجت للتو من المنزل و أقتربت تجلس على الوسادة المقابلة له تمد يـ ـدها قرب النيران حتى تنعم بدفئها دون حتى أخذ الإذن منه اولًا ويسمح هو بجلوسها او لأ.!!
صمت دام لدقائق طويلة قطـ...ـعته "زينة" بقولها المفاجئ:
-"هو ليه كنت عاوزاني ألطم الصبح ".؟
أمـ ـسك الكوب الفارغ يسكب به المياة الساخنة ليحصل على مشروب الشاي المفضل لديه يجيبها بصوت هادئ ذو بحه رجولية عميقة:
-" أنطمي يعنى أسكتي".
اومأت بالإيجاب وصمتت تنتظر أن يعطيها "عدي" كوب شاي كـ خاصته لكنه لم يفعل مما جعلها تردف بتزمر:
-"مش ذوق منك إنك تشرب لوحدك وأنا قاعدة ".
أبعد "عدي" الكوب عن فـ ـمه قبل أن يرتشف منه و مد يـ ـده لها به لكنها رفعت كتفيها تردف ببساطة شديدة:
-" مبحبش الشاي".
ود حقًا لو يلقيه بوجهها لكنه تراجع وفضل تجاهل وجودها وقبل أن تنطق مجددًا قاطـ ـع حديثها بحـ ـزم:
-"مش من أصولنا تقعدي معاي وحدينا، عاودي لغرفتك".
صمتت للحظات قبل أن تظهر على زاوية فمها أبتسامة ساخرة تجيبه بثقة شديدة:
-"فيها أى يعنى انتَ اصلًا متقدرش تعملي حاجة، بعدين الحج شاهين قالي أقعد فى المكان اللى يعجبني، ودى مش أصول ضيافة خلى بالك".
نظر نحوها بأستخفاف ولم يعقب على حديثها وساد الصمت بينهما لدقائق قبل تقطـ...ـعه "زينة" من جديد بنفاذ صبر:
-"قولى ليه ملقيناش الصخرة واحنا راجعين، ما هو هتتكلم يعنى هتتكلم ".
ظهرت على وجهة أبتسامة هادئة لم يحاول أخفائها جعلتها تبتسم وهى تردف بحماس:
-" اخيرًا ياخي، ده انت فكرتك عندك توحد، انتَ معندكش صحاب".؟
و لم يكاد يجيبها حتى صدرت منها صـ ـرخة شقت سكون الليل فور أن أبصرت الثعبان الذى قام بلدغها للتو ..
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة شهد السيد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية