-->

رواية جديدة عشق الرعد لسماء أحمد - الفصل 18

 

قراءة رواية عشق الرعد كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية عشق الرعد

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سماء أحمد

الفصل الثامن عشر

الغدر




في ذاك اليوم التي طلبت عشق من نورهان القدوم ومقابلتها، جلست عشق يومها أمام نورهان تمـ ـسك يـ ـدها تستعطفها في أمر أهلها 


عشق : يا طنط نورهان انا بجد معرفش حد غيرك يساعدني، بابا أحمد بيحب ماما اوي بس هي مختفية ورافضة ترجعله 


هزت نورهان رأسها تحثها على تكملة الأمر، أكملت عشق : هي كمان بتحبه بس نعمل ايه راسها يابس، أنا عايزاكي تساعديني وتوافقي تتخطبي لبابا 


نورهان بعدم فهم : أساعدك أزاي ؟


عشق : هفهمك ماما بتغير على بابا اوي وكونه يخطب دا هيستفزها ويخليها ترجع لحياته، أنا عايزاكي توافقي، أنا اة بصر على بابا يتجـ ـوز من زمان بس دا عشان ميفكرنيش واقفه قدام حقه في دا بس الحقيقة أنا بحب نور ونور مامتي أكيد مش هحب حد ياخد مكان ماما، موافقة تساعديني ؟ 


نورهان بتفكير : بس يا عشق الموضوع دا طفولي اوي وعيب يعني لو حد عرف 


عشق : محدش هيعرف ولا حتى بابا، هو بس لما ترجع هتسيبوا بعض كأن محصلش تفاهم، لو سمحتي ساعديني، أنا عايزة بابا يرجع ليه سعادته وسعادته مع ماما بس، لو سمحتي 


نورهان : تمام موافقة.


وهذا ما أرادت عشق إخبار والدتها به عقب العملية، دخلت عشق غرفة العمليات وتمددت على السر..ير كذلك نور التي تنظر لها، تعلقت أعين وروح نور بعشق في هذا الوقت، الجميع لاحظ هذا فهي تنظر لابنتها ولا ترمش حتى، كأنها تنتظر اختفاء ابنتها عن عيناها لتختفي روحها، ابتسمت عشق لها وهي تشير بمعنى " أوكى " 


عشق بمرح : نلتقي بعد العملية، قولت للدكتور يديني بنج ينيم الدماغ الصغنون ده وهحلم برعودي ودومي حبيبي


أدارت عشق رأسها للجهة الآخرى لتنساب دمعة نور وهي تمـ ـسك يـ ـدها، همست بالشهادة تحت نظرات الممرضة والطبيب ثم .... التفت عشق لها لتجد نور تنظر أمامها فقط دون رد فعل 


عشق : ماما ... ماما 


العملية لم تبدأ بعد، البداية الجديدة لم يضع فيها نقطة، ما هذا ؟ أيمكن للموت الدخول فجأة دون حسبان، لما هو حق علينا ؟ لما ليس له معاد ؟ لما الغدر يأتي منه في أقرب الناس ؟ 


عشق : ماما 


انتفضت جالسة تنادي عليها في حين اقترب الطبيب منها يفحصها، الصدمة استولت على جميع من بالغرفة من أطباء وفريق تمريضي 


عشق بخوف : ماما مالها يا دكتور ؟ ماما كانت بتبصلي وكويسه، رد يا دكتور 


الطبيب : البقاء لله 


" البقاء لله " أجل نعلم جميعًا أن " البقاء لله " ونحن لا نعترض يا الله على قضاءك، لكن والله إن الفراق مؤلم، أنت تعلم أننا فقط نتعلق بمن هم بشر مثلنا لذلك ينفطر قلبنا، حشى لله أن يكون هذا رفضًا لقضاءك لكن والله إن القلب يعجز عن تجاوز أمر الفراق


سبحان من جعل تفكيرهم وخوفهم على عشق، خرج الطبيب لهم ليقفوا جميعًا، هتف أحمد دون مقدمات : عشق كويسه ؟ هي العملية لحقت تبدأ، حضرتك مكملتش نص ساعة 


الطبيب بأسف : أحنا فعلاً ملحقناش نبدأ لأن ... مدام نور تعيشوا أنتم 


أحمد بعدم استيعاب : نور مين ؟ نور مر..اتي ؟ نور مر..اتي أنا ؟ نور حبيبتي 


رفع يـ ـده يضعها على فـ ـمه وبدأت بالارتعاش كأنه عجوز تجاوز الثمانين من عمره، صدح بكاء عمار في المكان وهو يجلس مكانه، ضمت عشق أمها لحضنها وهي تصرخ بجنون : كانت لسه بتكلمني، كانت بتبصلي ومعايا والله، لسه كنت في حضنها من شوية، معقول في لحظة كده، يا ماما طيب مش عايزة تعرفي أنا كنت عايزة أقولك ايه ؟ كنت عايزة أقولك إني بحبك اوي والله، يا ماما قومي عشان خاطري 


الممرضة بحزن : شدي حيلك يا مدام وادعيلها 


نظرت عشق لها لتردف : ادعيلها ! أنتِ مفكراها عشان ماما كبيرة لا يا أبلة والله دي لسه صغيرة، دي مش كبيرة عشان تموت، قومي يا نور بقى عشان خاطري، أنا لسه محتاجاكي ومشبعتش منك، قومي واوعدك والله ما هزعلك تاني، يا ماما قومي بقى والله يا أبلة لسه صغيرة 


بكاء وكلمات مؤلمة خرجت منها لكن يا عشق الموت لا يعرف سن، دخل أحمد ورعد الذي سحـ ـب عشق بصعوبة لتصرخ ببكاء : يا رعد ماما مش بترد، بيقولوا مـ ـاتت قولهم كانت معانا بره يا رعد، يا ماما 


عادت للمنزل وسط إنهيار الجميع عليها، وتم إشهار وفاتها، لا نقدر على قول حزن الجميع فهناك من كانت الشماتة من سماته حتى في الميت 


حمل أحمد طرف من " نعش " زو..جته على كتفه وأمامه ابنه الذي لا يتوقف عن البكاء، على العكس أحمد الذي لم تفر دمعة من عيناه، لم يتحدث فمه ولا قلبه بكلمة واحدة لها، اكتفى بضم جـ ـسدها وتقـ ـبيل جبينها


تم دفن زو..جته أمام عيناه ووقف رعد يدعي لها ثم انتظر حتى ذهب الشيخ والجميع، بقى هو وأحمد يتلو عليها القرآن فهو اخبر أحمد بحاجتها له بجانبها في هذه اللحظات


" سيبتك في الدنيا كتير، سيبتك في حاجتك ليا يا نور عيني، سيبتك وأنا كلي يقين إنك راجعه، جيه اليوم اللي تسبيني فيه وكلك يقين إنك مش راجعه، عقابك المرة دي قاسي اوي يا نور " 


أغمض عيناه بقوة وجلس أرضًا ليمر الوقت وذهب هو ورعد للمنزل، ميتم كبير يليق بزهرة شبابها التي انقطعت، تجلس عشق بين السيدات وعيناها لا تتوقف عن فرز الدموع، الم قلبها يتزايد ويتزايد على والدتها، واة من فراق الأم، أهناك سعادة يا سادة بعد فراقها ؟ 


صعد أحمد وطرق على باب الشقة، دخل يبحث بعيناه عن ابنته وفلذة كبده، وجدها تجلس في الوسط وتبكي بضعف وإنهيار، وقف أمامها يمسك كتفيها لتقف ثم ضـ ـمها لصـ ـدره، زاد بكائها وهي تضـ ـم والدها الذي ربط على ظهرها


مر الوقت وأتى الليل 

جلس رعد بجانب أحمد كذلك يوسف الذي مسـ ـك يـ ـده يُقـ ـبلها، ربط أحمد على رأسه ثم قال : عشق فين ؟ 


رعد : نايمه في أوضة حضرتك 


أحمد : أنا هروحلها 


اتجه أحمد ودخل الغرفة يتمدد بجانب ابنته، فتحت عشق عيناها وعادت تبكي وهي تضمه، ربط على ظهرها وهو يقول : خلاص يا عشق، العايط مش ليكي، مبحبش اشوفك كده، تعرفي يا عشق مامتك قبل ما تمـ ـوت مكنتش عايزة تدخل العملية خوف عليكي، اتكلمنا أمبارح بليل كنت بقولها قد ايه أنا بحـ ـبك، هي فكرت إني مش عايز العملية تتعمل خوف عليكي بس ساكت عشان مشاعرها، خدتها إني بحـ ـبك عنها ولحد أخر لحظة هي فكرت كده، أنا حاسس إنها مـ ـاتت من الزعل، أنا حبيت يا عشق من حبي فيها ودا اللي هي مفهمتهوش لآخر لحظة، أنا ظلمتها كتير اوي 


صمت قليلاً ثم أكمل : أيوة جرحتها بالكلام وبالأفعال بس هي من حبها سكتت، مرضتش تقولك إنها سابتني عشان كنت هتجـ ـوز عليها، مقالتش ليكي إن أنا عايرتها بفقرها، مقالتش إنها كانت بتتعصب على أهلها لأنهم كانوا حارمينها على حساب أختها، مقالتش كمان أنها تعبت من كلامك وكلام اخوكي، مقالتش إنها كانت تحت رجل أمي ومتشكرتش، مقالتش كتير يا عشق، هي مـ ـاتت قبل ما تفضفض عن حاجات أنا كنت عارفها وساكت 


بكت عشق بصوت مكتوم وهي تزيد من ضـ ـم والدها الذي قال : أنتِ عارفة أنا زعلان من ايه، زعلان إن برغم إنها عاشت عمر قصير إلا إنها متهنتش ربعه حتى، مخدتش اللي يليق بيها، عاشت وماتت وهي مفكرة إنها مجرد عبء وفرض على اللي حواليها حتى أنا، أنا مش لاقي دموع يا عشق تنزل على نور، في جوايا قهر عليها، وفي وجع. 


زاد من ضم عشق ليقـ ـبل جبـ ـينها هامسًا : روحنا متعلقة بيكي يا عشق 


أغمض أحمد عيناه يذهب في ثبات عميق، عشق مستيقظة تتفحص أنفاسه كل قليل في خوف وتبكي، نامت في أحـ ـضانه بعد وقت طويل ليأتي صباح يوم أسوأ 


فتحت عيناها على صوت القرآن لتجد والدها يحاوطها بيـ ـده مثل البارحة، تذكرت وفاة نور لتردف بدموع تنساب : أمبارح ذي الوقتي كانت معايا لسه، يا رب هون عليا 


تنهدت وهي تنادي على والدها : بابا، يا بابا، بابا 


وضعت يـ ـدها على وجهه ثم قربت أناملها تتفحص أنفاسه، انزلت يـ ـدها لقلبه التي كانت تستشعر دقاته البارحة، صرخت بصدمة : بابا 


دخل رعد مع يوسف سريعًا على صراخها، اتسعت عيناها بصدمة وهي تنظر لهما ثم لوالدها لتحرك رأسها بنفي ثم جلست تنظر لوالدها 


مرحلة ما بعد الدموع، منذ فترة كان الجميع يقول هينئًا لكِ بأهلك واليوم أين أهلك ؟ هذا ليس ألم أجل فهي تشعر بشيء أسوأ


وضعت يـ ـدها على خده تبتسم قائلة : متوقعتش تيجي لحظة أبقى بشوفك فيها لآخر مره، أنت معودتنيش إنك احتاجك وأنت مش موجود، أنت علمتني حاجات كتيرة بس عمرك ما علمتني أعيش وأنت مش موجود، معلمتنيش أحتاج حضـ ـنك وميبقاش مفتوح، أنا محتاجاك، أنا عمري ما ابطل احتاجك، أنت غدرت مع إنك مفهمني إن الغدر يجي من العالم كله وميجيش منك، اة يا بابا 


مسـ ـك يوسف قدميه يحني رأسه عليهما ثم صرخ بكل قوته : يااابااا 


انهمرت دموعه على خده وهو يصرخ ويصرخ، صوته هز كل من في العمارة، انتفض جلال واقفًا وهو يصعد لأعلى، وجد جمال يخرج من شقته على صوت ابنه 


جلال : في ايه ؟


جمال بخوف : مش عارف، يوسف بيصرخ ليه ؟ 


صعد إبراهيم جريًا قائلاً : في ايه ؟ 


صعد جمال جريًا وهما خلفه ليجد عمار يجلس على حافة الباب ويبكي، تحدث جلال : في ايه يا عمار ؟ 


لم يجب بل زاد بكائه، دخل جلال ليجد ابنه يفترش السر..ير ويوسف وعشق يضـ ـموه، يوسف يبكي بانهيار، وهل هناك تفسير آخر لما يحدث ؟ 


مسـ ـك جلال كتفه قائلاً بصوت متقطع : ا.ابني 


دمعة مرغمة وقعت على خد رعد وهو ينظر لأحمد، جلست عشق نفس الجلسة الفرق أنها الآن يتيمة حقًا، البارحة كان خلفها والدها والآن لا أحد


" روحت يا بابا، روحت يا حبيبي، خدك الموت ولفك الكفن، بيتك بقى القبر بعد ما كان قلب عشق، الموت حلى في عيني يا حبيبي لما زارك، والدنيا اسودت في عيني لما فارقتها، غاب الحب وحل الحزن واندفن القلب بعد فراقك، ضحكت عليا وقولتلي عمر ما حاجه تفرقنا بس فرقنا الموت، في مرة قولتلك أنت نور طريقي رديت عليا وقولتلي عشان كدة عمري ما هفارقك بس فارقتني، غدرت بقلبي ".


سيدة ربطت على كتفها قائلة : شدي حيلك يا بنتي اخوكي ملوش غيرك 


" ملوش غيري ! أعمل ايه ؟ أنا مين ؟ أنا مليش حد، اخ مين وابن مين وجـ ـوز مين قدام فراق أبويا، الأب هو الضهر وأنا ضهري انكسر، الأب هو البيت وأنا بيتي اتهدم، الأب هو ... الحياة أيوة أنا أبويا حياتي لا مش بس حياتي أنا ابويا روحي، روحي ! طيب أنا أزاي هنا من غير روح، أنا تايهة، أيوة يا بابا أنا توهت من بعدك، أنا ندمانة على كل ثانية بعدت فيها عنك، أنا اكتشفت التعاسة الحقيقية لحظة فراقك الدنيا، فراقك عشق ". 


" يوم ورا يوم بيسلم يوم وأنا لسه على سر..يرك مستنية يجي أواني ذي ما جالك وجالها، مستنية تنور حلمي ذي ما كنت منور حياتي، مستنياك " 


دخل رعد الغرفة يجلس أمامها ثم قال : وبعدهالك يا عشق، النهاردة أربعين مامتك ولسه ذي ما أنتِ 


عشق بصدمة : أربعين ! 


" الوجع اللي مقلش جزء في أربعين يوم، اللي بيزيد لحظة عن لحظة، هيجي اليوم واقدر أكمل فيه ؟، سبتوني في عمر لا أنا فيه صغيرة عشان أقدر انسى، ولا كبيرة عشان أقدر أتحمل " 


مسـ ـك رعد يـ ـدها ثم قال : قومي يلا خدي دش وفوقي كده نروح المقابر بعدين تيجي تقعدي مع آدم


عشق : آدم ! آدم مين ؟


رعد : ابننا يا عشق 


سحـ ـبت يـ ـدها ثم قالت : بس أنا معنديش ولاد، أنا معنديش حد 


رعد باستغراب : عشق أنتِ واعيه بتقولي ايه 


عشق : واعيه يا رعد واتفضل خد ابنك واطلع بره حياتي كلها، أنت السبب أنت بعدتني عن بابا سرقتني منه، خدت من وقتي بعيدة عنه، اهو راح ومعتش ليا حد 


ولأن عشق هي عشق في نظره، بحديثها الغبي وكلماته التلقائية صمت هو، اتجه يخرج ملابس لها ثم سحب ذراعها لتصرخ : ابعد أنت بتجر جاموسة 


لم يرد عليها ودفعها داخل الحمام ثم وضع الملابس بين يـ ـديها قائلاً : متتأخريش عشان مدخلش واعرف تصرفي معاكي 


انفجرت باكية وهي تغلق الباب بوجهه فأكمل : متعيطيش في الحمام يا عشق 


عشق : وأنت مالك ! 


رعد وهو يطرق بيـ ـده على الباب : أهو دا اللي ناقص تبقي ملبوسة فوق ما أنتِ، انجزي 


اتجه حيث الدادة تجلس بابنه، حمل صغيره الباكي بين يـ ـديه يهزه بخفة، تحدث بهدوء : هي مش بتيجي ليه 


الدادة : لا يا بيه أنا اللي باخده ساعات عشان ترضعه، وساعات مش بترضى 


جز على أسنانه بغضب منها ليردف : تمام جهزي نفسك هننزل القاهرة بيه 


الدادة : ست عشق هتبقى معانا 


رعد بتأكيد : أيوة جهزي هدومها 


خرج بابنه يهمس له بأسف : أنا أسف إني بعدت عنك الفترة دي ومدتكاش حقك، يعني لا أم ولا أب 


نزلت سيلا من السيارة كذلك يوسف الذي اتجه لأعلى، في طريقه التقى بعاصم الذي نظر لسيلا من أعلى لأسفل بنظرة مخيفة، تراجعت وهي تقف خلف يوسف 


يوسف : حافظ على عينك يا ابن عشان متوحشكش 


عاصم : ضهرك مـ ـات يا يوسف وأن الأوان حسابنا يبقى راجل لراجل 


يوسف بهدوء : حسابنا على طول راجل لراجل، بس أنت لعبك و°°، يلا يا سيلا 


مـ ـسك يـ ـد سيلا وصعد لأعلى ليردف عاصم : عشق دايمًا مش بتصاحب حد وحش، يا خسارة يا سيلا دخلتي المكان الغلط


يوسف : احترامًا لعمي مش هعرفك قيمتك الوقتي 


دخلت سيلا الشقة وخلفها يوسف يلقي السلام فرد رعد، سلم على رعد ثم جلس قائلاً : فين عشق ؟ 


رعد : هتيجي الوقتي، المحامي جاي بكره بليل بعدين هاخدها وانزل القاهرة


يوسف : تمام ننزل سوا بس ايه لازمة المحامي ؟


رعد : أحمد بيه الله يرحمه كاتب وصية لأملاكه الحرة 


يوسف باستغراب : ليه مش فاهم 


رعد : هنعرف بكره إن شاء الله


يوسف : طيب وعمار ؟ اتكلمت معاه


رعد بتأكيد : أيوة وعمار بقى مسئوليتي، مكان ما هتكون أخته هيكون هو 


يوسف : أنا أولى بيه 


رعد بهدوء : مش من عشق يا يوسف بعدين ميصحش يعيش معاك أنت 


عشق بحدة : أنا مش همشي أنا واخويا من هنا، أنا هقعد بأخويا 


بدأ الصغير بالبكاء ليهتف رعد : براحة فزعتي الولد


عشق : ما يولع 


وقف رعد قائلاً : هتفرحي لو مـ ـات يعني


عشق : لا هفرح ولا هزعل هو ميخصنيش، خد ابنك وامشي يا رعد


رعد بحدة : ادخلي يا عشق من قدامي الوقتي


عشق بغضب : مش داخله أنت مش هتؤمرني 


وضع رعد الصغير بين يـ ـدي يوسف ثم اتجه للداخل وهو يجذ.بها خلفه، اردفت سيلا بفضول : هو هيضرب 


يوسف : ليه هو يوسف 


سيلا بحدة : ليه أنت تقدر 


يوسف بتأكيد : أنا بقدر بس بقدر اعمل حاجات تانية


تأملها بنظرة تفيض بالشكر والعشق ليكمل : شكراً يا سيليو مش عارف من غيرك كنت تجاوزت الفترة دي أزاي


وضعت يـ ـدها على وجنته قائلة : متشكرنيش يا يوسف، أنت أغلى ما عندي 


قرب وجهه منها يمرر أنفه على أنفها ثم انحنى يقـ ـبلها في نفس الوقت دخلت زينة وهدير، شهقة خافتة خرجت من كلاهما ليبتعد يوسف وهو يحمحم باحراج 


انحنت هدير تقـ ـبل وجنتي أخاها قائلة : معدتش علينا يعني


يوسف : قولت اطلع أشوف عشق الأول، ازيك يا زينة


زينة : كويسه ازيك يا يوسف 


وكالعادة تجاهلت هدير وزينة سيلا، فكلاهما لا يتحدث معها وإيمان تتحدث قليلاً جدًا، حملت سيلا آدم تنظر له ثم قبـ ـلت وجنته المكتنزة متجاهلة إياهم 


يوسف : جدك عامل ايه ؟


هدير : تعبان يا يوسف من يوم ما جاله السكته وهو مش بيتكلم ولو اتكلم بيقول اسم بابا أحمد


اكتفى بهز رأسه وهو يتنهد، أتت زهرة وأمنية لتقـ ـبل زهرة سيلا بحفاوة وتضمها قائلة : عاملة ايه يا حبيبة قلبي


سيلا : الحمد لله يا ماما، ازيك يا طنط 


أمنية بضيق : كويسه يا اختي 


نظرت لها ثم ليوسف الذي هز رأسه بلامبالة، جلست بجانب يوسف مرة آخرى ليحاوط عنقها قائلاً : خليكي في الواد الحلو ده، هتجيبيلي بنوتة حلوة كده 


سيلا : مش هتبقى شبه باباها، أكيد هتبقى ذي القمر 


يوسف : شبه مامتها تقصدي. 


في حين تقف عشق أمام المرآة تبكي وهو يمشط خصلاتها، لفها ثم اعطاها الحجاب قائلاً : البسي 


عشق ببكاء : أنا كرهتك يا رعد


رعد : عادي مستنتش حبك في يوم عشان كرهك يفرق


خرج يحمل ابنه ويُقـ ـبل جبينه قائلاً بخفوت : مضطر اسيبك بس وعد لما ارجع هنفضل سوا طول الليل يا بطل


بدأ الصغير بمـ ـص إصبعه بطفولية، اتجه رعد للغرفة وسـ ـحب عشق التي كادت تخرج ليعيدها للداخل قائلاً : أكلي آدم 


عشق : مش وقته 


رعد بحدة : قولتي حاجة ؟


زفرت بانزعاج وهي تحمل الصغير ثم جلست به، وقف رعد يتابعها حسنًا لأربعين يوم لا تفعل شيء سوا الجلوس على سر..ير والدها والنظر بشرود أمامها، دموعها تجف على وجنتها أحيانًا وآخرى لا تبكي نهائي، حين لا تبكي يعلم أنها تفكر في أبيها 


ظل طوال هذه الفترة يذهب بعد الفجر لعمله ويعود لها بعده، يجلس بجانبها لساعات ولا تشعر به، يحاول التحدث معها لكنها تجيب بكلمة او اثنين وأحياناً لا تجيب، يظن أن ابنها يبقى معها في غيابه لكن الحقيقة هي تنفر منه، كفى لأجل الصغير. 


وقف يوسف أمام قبر أحمد ينظر لاسمه ثم رفع يـ ـده يلمـ ـس حافته، تذكر بكائه وضعفه وقهرته عليه، لا يظن أن هناك ألم سوف يمر به يفوق هذا الألم، لولا سيلا لم يكن سيتجاوز هذه المرحلة 


سيلا واة من سيلا الحضن الحنون، الدفء والاحتواء، الإبتسامة الصافية والأمل في الغد 


يتذكر كيف كانت تضـ ـمه لحضـ ـنها في أقصى لحظات انهياره، تربط على كتفه وتخبره أن اللقاء بأحمد قريب، تقول له أنها بجانبه، تدعو الله أن يزيل كل الحزن من قلبه ويضعه بقلبها


لقد فاق حب يوسف لسيلا الحدود وتحول لعشقًا، يوم عن يوم بجانبها يكتشف مدى صحة قراره بالزو..اج منها، لقد أضافت لحياته حياة وهونت عليه صعاب كثيرة 


وفي أيام الميتم 

كانت تجلس بجانب والدة يوسف والفتيات جميعهن يتجاهلوها كذلك أمنية التي لا تحترم الطارئة وتلقي الكلمات، دخل جمال يشير لزو..جته التي وقفت واتجهت له 


جمال : ابنك مقدرش يقعد مع الرجالة تحت وراح شقتنا روحي شوفيه 


زهرة بحزن ودموع : أنا خايفة عليه يا جمال 


جمال بحزن : وأنا يا زهرة عمري ما شوفته كده، انزلي شوفيه ومتسبهوش 


وقفت سيلا واتجهت لهما قائلة : يا بابا يوسف كويس 


نظر جمال لزهرة ثم لسيلا ليردف : هو في الشقة مقدرش يقعد مع الرجالة وكنت بقول لمامته تشوفه 


نظرت سيلا لها وارادت إخبارها برغـ ـبتها في الذهاب له، تنهدت ثم قالت : ممكن يا ماما انزله معاكي


زهرة وهي تربط على خصلاتها : انزليله يا حبيبتي هو جو..زك


هزت رأسها وهي تنزل سريعًا له، دخلت غرفته مباشر لتجده ينام في سر..يره، يضع ذراعه على عيناه وجـ ـسده يهتز دلالة على بكائه، اتجهت تسحب ذراعه ثم رفعت رأسه لحـ ـضنها تبكي على بكائه، ربطت على ظهره وهي تمسح دموعه 


سيلا ببكاء : خلاص يا يوسف ادعيله يا حبيبي، متعملش في نفسك كده 


فكرة أن لا ترى شخص هو كان سندك ومأواك وكل ما لك لا تحمل مسمى صعبة فقط فهي تفوق قدرة التحمل بمراحل


لم تتركه سيلا لحظة ولم تهتم لحديثهم الصريح لها بأنها ملاصقة له، هتفت هدير بضيق : يا شيخة مش عارف يتنفس منك ارحميه وبطلي تبقي لازقة 


نظرت سيلا لها ولم تجب إكرامًا ليوسف، دخلت المطبخ بجانب حماتها قائلة : محتاجة حاجة تانية يا ماما 


زهرة : تسلمي يا حبيبتي كفاية عليكي كده، أنا هنادي لإيمان تطلع الأكل معايا 


سيلا : طيب أنا هاخد أكل ليوسف 


زهرة : هيرضى ياكل ؟


سيلا بتأكيد : هأكله ولو غصب عنه، معتش بيقدر يقف


وضعت الطعام له ثم اتجهت للغرفة، دخلت تضع الطعام جنبًا ثم جلست أمامه قائلة بمرح : سيليو هنا غير مسموح بالتفكير بغيرها بقولك اهو، يا أبو العيال يا واد يا يوسف يا أبو أتم يا أبو أحمت 


نظر لها بملامح باهتة، سحـ ـبت وجهه لها تسند جبينه على جبينها ثم قالت : يا رب يشيل من قلبك كل الحزن ويحطه في قلبي ومشوفكاش كده لحظة كمان يا يوسف


فرت الدموع منه لتمسحها سريعًا وهي تضـ ـمه لها، بعدته مرة أخرى وهي تقول : يلا تاكل كده بعدين تاخد دش وتفوق كده، وانزل اقعد تحت معاهم متنعزلش كده


يوسف : مليش نفس ومش عايز انزل 


سيلا : هفتحلك نفسك الوقتي بس افتحلي البوق الحلو ده 


قالت حديثها بمرح وهي تقرص فمه، ملئت الملعقة بالطعام ثم وضعتها أمامه تضغط على فكه بخفة قائلة : يلا يا حبيبي 


فتح فمه يتناولها لتكمل : شطور قلب سيلا يا ولاد، يلا كمان واحدة 


وقف جمال على الباب يبتسم كذلك زهرة تتابع سيلا التي تمكنت من التعامل مع يوسف، تحدث جمال بهدوء : وقت طويل عدى وكنت متردد من الجو..ازة دي، قولت دي هتخرب بيني وبين أخويا كمان مش مننا، قولت دا عينها مش مليانة وأول أما تتملك هيظهر معدنها 


تنهد ليكمل : بس اكتشفت إن سعادة ابنك قدام عينيك تخليك معندكش مانع ترمي الدنيا، كمان اكتشفت إن ابنك خد اللي شبه ونصيبه واللي قادرة تسعده، أنا فخور إني وقفت جنبه يا زهرة 


زهرة : وأنا فرحانة يا جمال، ابنك لو مكنتش البنت دي في حياته كان مات ورا أحمد


يوسف وهي يدفع يـ ـدها : كفاية يا سيلا 


سيلا : أخر معلقتين يلا بقى 


تناول اثنين لينفي : بس بقى 


سيلا بضيق : يعني يا طفس شفطت الطبق كله وجيت على دول، افتح بوقك وبطل دلع 


نظر لها بحدة لتكمل : لا بقولك ايه متبصليش بعيونك دي عشان بدوب 


أعاد خصلاتها للخلف ثم ضـ ـمها يقـ ـبل عنقها وقال : بحبك يا سيلا 


همست في أذنه قائلة : وأنا بموت فيك يا كل حياة سيلا. 


مسكت يـ ـده تخرجه من شرودها لينظر لها ثم انحنى يسند جبينه على جبينها وضـ ـمها بقوة له، أدارت زينة وجهها عنهما وفرت الدموع منها تحت أعين عاصم الذي قال لنفسه : فات كتير معتش حاجة يا زينة، هرجعه ليكي ذي الكلب 


بكى عمار وهو يهمس باسم والدته، تذكر لحظات غضبه عليها فنحن هكذا الأبناء نفعل الخطأ ولا نندم عليه إلا بعد فوات الأوان، مر اليوم واليوم التالي الذي هو أربعين أحمد وبالتأكيد لا ننسى قول أن رعد فعل مع نور وأحمد كما يفعل مع أهله


نفت عشق برأسها وهي تعود للخلف، سحب رعد يـ ـدها قائلاً بغضب : قولت يلا عشان نمشي 


عشق : مش ماشيه من هنا، امشي أنت وابنك مش عايزاكم 


رعد بحدة : أنا مش هعيد كلمتي ومتخرجنيش عن شعوري أحسنلك يا عشق، يلا 


عشق بغضب : أنت بتفهم منين ؟ قولتلك مش عايزاك 


وقف عاصم على باب الشقة يتابع ما يحدث ثم قال : أنت بتفهم منين يا جدع، قالتلك مش عايزاك 


نظر رعد له نظرة قاتـ ـلة ثم لها ليردف : يلا حالاً عشان ميبقاش ليا تصرف تاني 


صرخ بها : يلا 


تراجعت للخلف بخوف ليقبض على يـ ـدها ثم التقط المفاتيح يخرج ويغلق الباب بقوة، تمردت دموعها رغمًا عنها وهي تنزل خلفه، تحدث عاصم بغضب : أنت مفكر نفسك مين ؟ أنت ... 


تجاهل رعد الرد وهو يدفعها داخل السيارة ثم أغلق الباب ليتجه بجانب عمار ويبدأ بالقيادة، رمقها بنظرة مخيفة في المرآة جعلتها تتوقف عن البكاء واتجه إلى القاهرة. 


❈-❈-❈


روتين حياة طبيعي، تستيقظ على صوت المنبة ثم تحضر فطارها لنفسها، تجلس تقرأ في أحد الكتب، ترن على عشق تطمئن عليها من الدادة وربما يأخذها آدم لها وتظل معها يومين ثلاثة هو لا يهتم، واحيانا تتحدث مع سيلا في الهاتف 


دخل آدم الشقة ثم أغلق الباب، اتجه قائلاً : صباح الخير 


حورية : صباح النور، فطرت ؟


آدم : لا لسه 


حورية وهي تشير على الكرسي : اقعد افطر


جلس وبدأ بتناول الطعام معها، أنتهت ثم حملت الطعام ليردف باستغراب : بتعملي أنتِ ليه، فين الدادة ؟


حورية بضحك : لسه رايح تلاحظ، الدادة رجعت بيت مامتك من شهر، أنا بعتها لأن ملهاش لازمة أنا هقدر ارعى نفسي وكدة كدة أنت مش هنا


اكتفى بهز رأسه وهو يتسأل لما لا تسأله أين يختفي، هي تعلم أنه تز..وج عليها لكنها لم ترد رؤية هذا صريحة او سماعها منه، حبها له أراد الاختفاء تحت أمل يكاد لا يذكر بأنه لم يفعلها، تضع له مبررات لا تمس للعقل بصلة 


جلست في الصالون تمـ ـسك رواية تقرأها، اندمجت مع أحداثها لدرجة أنها نست أمر آدم نهائي، جلس آدم ينظر لها يتابعها، رن هاتفها فأخذته تجيب


حورية بمرح : بتاعت يوسف والعشق المفقوع، يا هلا 


سيلا بضيق : أنتِ واحدة حقودة يا هانم، واحدة ذيك كانت بخرت صاحبتها في الرايحة والجاية 


حورية باستنكار : على هم ايه دا أنتِ متجـ ـوزة يوسف يعني ولا عشان عينيه زرقا وحليوه شويتين هتقرفينا، فينكم هتيجوا أمته 


زفرت سيلا قائلة : جينا امبارح من المنصورة كمان رعد جاب عشق غصب عنها 


حورية بلهفة : بجد ! وهي عاملة ايه الوقتي ؟ 


سيلا : بدأت تتكلم بس نازلة دبش لرعد، أول مرة أعرف إنها بتخاف من حد


حورية بمرح : بيضرب ولا ايه ؟ 


سيلا : الضرب للبهايم يا حبيبتي 


حورية بضحك : شكرًا على التلقيح يا صاحبتي، منا مش بخاف غير من الضرب ففكرت كل الناس ذيي، بتخاف ازاي ؟ 


سيلا بمرح : متعرفيش في ايه ! هو بصه واحدة بتخليها تخرس، جايز عاملها عمل مش فاهمة بس هو مش بيضربها وشكله ميديش لكده، المهم أنا كلمتك عشان اقولك إني هروحلها النهاردة مع يوسف 


حورية : كل أما بتقولي اسم يوسف ببقى هاين عليك اديكي عين تطلقي فيها 


سيلا بثقة : مش هيحصل يا حبيبتي، سبني الطلاق لأصحاب الطلاق 


حورية : قدري مشاعر صاحبتك طيب ولا عشان أنا مخذولة قولتي تكملي خذلان عليا، بت يا سيلا يوسف مدكيش الم كده ولا كده 


سيلا بإبتسامة : هو الضرب في علاقتنا موجود كمان في شتيمة بالأهل وبينا، وفي حاجات كتيرة بس أحنا عايشين على حـ ـس المشاركة يعني مثلاً مثلاً أداني الم رديته المين شتمني رديت الشتيمة بأهله كمان المهم المشاركة 


حورية بضحك : علاقة قـ ـذرة 


سيلا بضحك : المشاركة يا معدومة المشاركة، لا بس حقيقي أنك تتجـ ـوزي واحد فرفوش متـ ـعة يا بنتي، سيبك من آدم بتاعك اللي مفهوش سلكان ده ولا رعد اللي بيرعبها من بصه أحلى حاجة يوسف، مقضينها أكل سوا شرب ضحك هزار مش بيقفش نهائي ولا بيتقمص بجد، حياة حلوة تحسي بتصغري معاه مش بتشيلي الهم، نصيحة من أخت خدي اللي عشقه يريحك متاخديش اللي يرهق ذهنك ودماغك تحت مسمى الحب 


انسابت دموع حورية بصمت قائلة : هرن على آدم اقوله بعدين هكلمك اقولك تفوتي عليا ولا لا 


سيلا بتفهم : ماشي بس فكري في كلامي يا حورية 


حورية : سلام 


مسحت دموعها بيـ ـدها وهي تنظر لكلمات الرواية برد فعل حقيقي، هي نست كونه يجلس معها بنفس الغرفة ويتابعها من كثرة إعتيادها على الوحدة، وقف آدم أمامها قائلاً بهدوء : حورية 


شهقة خافتة خرجت منها ثم اغلقت الكتاب تنظر له باستفهام، تحدث باستغراب : أنتِ مش واخدة بالك إني قاعد


حورية : أسفه نسيت، بقولك عايزة اروح اشوف عشق مع سيلا 


آدم بهدوء : تمام هوصلكم 


اعتدلت واقفة وهي تقول : ملوش لازمة يوسف هيوصلنا 


آدم بسخرية : يوسف ! هي وصلت ليوسف 


ضحكت بخفة وهي تتجه مبتعدة ثم قالت : تشرب قهوة


آدم بضيق : أشرب، مشربش ليه ؟ 


❈-❈-❈


وقفت سيلا أمام يوسف تحمل كوب من الماء البارد، تأملته بإبتسامة واسعة ثم سكبت الكوب فوق وجهه، انتفض يوسف صارخًا وهو يهتف برعب : بغرق بغرق الحقوووني بغرق ياما 


تعالت ضحكاتها المستفزة له وزادت حين رمقها بغضب ممزوج بغيظ، جـ ـذب يـ ـدها لتقع فوقه قائلاً بحدة : يعني ينفع كده 


سيلا بضحك : لا بس عادي تعيش وتاخد غيرها يا روحي


يوسف بغيظ : اضربك يعني 


سيلا بتحدي : تقدر 


يوسف : لا بقولك ايه أنا راجل في بيتي 


سيلا بإبتسامة : وهو يا حمار الضرب والراجل في جملة واحدة، حـ ـس على دمك 


جذب شعرها بغيظ فاطلقت صرخة غاضبة متألمة ثم قالت : أحنا هنعيل يا يوسف


يوسف بحدة : بتشتميني ليه يا مصديه ؟ 


جذبت شعره بيـ ـديها قائلة بصوت عالي : مين دي اللي مصديه يا حيلة أمك، أنت كنت تطول تتجـ ـوزني 


يوسف : دا على أساس مكنتيش سيلا الثعبان وما صدقتي جيتلك يا حرباية 


سيلا : اهي الحرباية دي تبقى أمك


يوسف بغيظ : منافقة، من وراها حرباية ومن قدامها يا ماما وحبيبتي يا ماما ومش عارف ايه !


سيلا بإبتسامة : منا بحبها ياض عشان خلفتك 


ابتسم بخفة وهو يقـ ـبلها بسطحية ثم همس : بمـ ًوت فيكي


سيلا : وأنا كمان .. تعالى 


تمددت بجانبه تسحبه لحضـ ـنها، وضع رأسه في ثنايا عنقها وهي تحاوط رأسها يـ ـدها في شعره، تحدثت بإبتسامة : مش المفروض تنزل الشغل يا أرنب يا كسلان


يوسف : مكسل يا سيليو ... سيليو عايز نخلف بنت واسميها سيليا 


سيلا بمرح : شد المهام أنت بس وبإذن الله نخلف بنوتة قمر ذيي


يوسف بخبث : ما بمناسبة المهام قومي كدة البسيلي حاجة من بتاعت أمبارح دي وتعالي أقولك كلمة سر


ضربته بخفة على وجنته قائلة : أنا جعانة وورايا تنضيف شقة وغدا وحوارات مش فاضية لقلة أدبك


يوسف : قومي بس وريني نفسك، يا سيليو 


سيلا : ناكل أنا هموت من الجوع 


يوسف وهو يدير وجهها له : وأنا 


تأملت وجهه ثم اقتربت تبادله قبـ ـلته حتى فاق كلاهما على صوت انكسار باب المنزل، انتفض كلاهما مبتعد ليقف يوسف وكاد يخرج 


سيلا بخوف : لا .. استنى متخرجش


يوسف : صوت حد استني كده


تفاجىء بالكثير من الرجال تدخل الغرفة، وقفت سيلا خلف ظهره تحتمي به بخوف، تحدث يوسف باستغراب : أنتم مين ؟ 


اقترب أحدهم وقبـ ـل رد فعل يوسف نزل بضربة قوية على رأسه جعلته يقع أرضًا ثم .... 


❈-❈-❈


في منزل الشافعي

فرت الدموع من أعين عشق وهي تتناول طعامها إجباري، زاد بكائها وهي تجده يتجاهل ويتحدث مع أخاها الذي بات مثله تمامًا، نظر رعد لها نظرة عابرة ثم تنهد ببطء وصوب اهتمامه اتجاه عمار


رعد بإبتسامة : ما تقوم غير هدومك ونروح النادي بعدين اخدك مشوار تغير جو


عمار بحماس : بجد ! هقوم حالاً أنا أصلا زهقان


رعد : طيب يلا يا بطل 


وقف عمار واتجه حيث غرفته بينما نظر رعد لعشق الباكية ليردف : مش هتخلصي عايط النهاردة 


عشق ببكاء مرير : أنت بتكرهني فيك ليه ؟ أنا مش عايزة اقعد معاك هنا عشان خاطري سبني ارجع 


رعد بهدوء : أنا مش ماسكك اتفضلي ارجعي 


نظرت له بحزن ازداد ثم صرخت : أنت هترجعني وهتزعقلي تاني، أنا مش عايزة افضل هنا يا أخي 


رعد ببرود : أنا مش اخوكي يا عشقي


عشق : أنا بكرهك ومعتش بطيقك 


مـ ـسك يـ ـدها يجذبها لتقف ثم جعلها تجلس في أحضانه قائلاً : بحس إن عيلة في كي چي تو بتتكلم


مسح دموعها مقـ ـبلاً جبينها ووجهها، علت شهقاتها وهي تقول : أنا قلبي بيوجعني اوي يا رعد، حاسه روحي بتطلع ومش بتطلع، أنا تعبت اوي من دا كله 


تنهد بحزن عليها فهو يعلم تمام العلم أنها لن تتجاوز هذه الفترة بسهولة، وحتى لو تجاوزتها وتعايشت لن تنسى في يوم من الأيام 


احتواها بين ذراعيه يضـ ـمها بقوة ثم قال : عايزة تسيبي كل الوجع دا ليكي لوحدك، أديني شوية طيب


عشق : خده كله .. أنا تعبت وحاسه إني هتجنن، يا رعد بابا أحمد ... 


عادت تبكي بانهيار فتنهد قائلاً : ما تيجي نقوم نصلي وندعيلهم وترتاحي شوية جايز تشوفيهم في منامك


عشق : أصلي ! أنت بتقول إن ربنا بيختار لينا دايمًا الخير، فين الخير يا رعد ؟ أنا ادمرت، ربنا بعد ما أداني كل حاجة سحب مني أهلي .. أنت ايه الخير في إن أهلك يروحوا منك ويسبوك وحيد


رعد بتنهيد : أهلي كانوا بيحبوني أكتر من أي حد، كنت رقم واحد في حياتهم 


عشق : أنت كنت بتحبهم ؟ قدرت أزاي تعيش من غيرهم، مكنتش بتحبهم صح ؟


شبح إبتسامة ظهر على ثغره ثم قال : رجعنا لعشق الدبش تاني، أكيد كنت بحبهم مكنش في حياتي غيرهم يعني دول أهلي 


عشق : كملت أزاي ؟ 


مسح دموعها قائلاً : كان لازم أكمل، كان أرضى بقضاء ربنا معترضش، في يوم والدي قالي أنا بحـ ـبك يا رعد أكتر من جدك 


عشق بعدم فهم : يعني ايه ؟ 


رعد بهدوء : يعني في يوم هيجيلي ولد وهحبه اكتر من أهلي، اة الأهل مش بتتعوض ومش بيجي غيرهم إنما الولد ممكن يجي غيره وتخلفي واحد واتنين بس ربنا بيزرع حب الولد بنسبة اكبر من حب الأهل، تلاقي ناس قادرة تتعايش مع موت أهلها إنما لما واحدة ابنها يمـ ـوت تفضل طول حياتها مش قادرة تتعايش ولا تنسى ولا تتخطى ولا تكمل، جايز مكتوب لينا أحنا الاتنين اليوم اللي نتحسر فيه على ولادنا وربنا جابها في أهلنا، الله أعلم الخير فين بس من كل حاجة بتحصل خير 


عشق : أنت متفائل 


طبع قبـ ـلة بسيطة على جبينها قائلاً : أنا بحـ ـبك ومحتاجك يا عشق في حياتي 


عشق بدموع تنساب : أنا ... 


مسح دموعها وهو يشير لها بالصمت ثم حملها وصعد لأعلى، لم يعطيها مجال للحديث واسكتها بطريقته، بث عشقه لها بطريقة خاصة 


رن على بسام يأخذ عمار للموقع الذي يريده أن يراه، ثم وقف يأخذ شاور سريع ثم ارتدى ملابس رسميه عبارة عن بنطلون أسود تيشيرت صوف رمادي أسفله شميز أبيض، ابتسمت وهي تجد رد فعله يظهر في هيئة عبوس على ملامحه 


اختفت إبتسامتها تدريجي حين وعت لها، اقترب لها ينحني مقـ ـبل جبينها بتطويل قائلاً : قومي خدي دش وروحي لآدم، أنا مش هتأخر عليكي 


اكتفت بهز رأسها ليكمل : بحـ ـبك 


نظرت له كالصنم ولم تبدي رد فعل، خرج رعد من الغرفة بينما انفجرت عشق باكية بانهيار وقد تملك غضبها من تغيرها ونسيانها الوضع مع رعد، صرخت بجنون وهي تلقي الوسادة بعيد صارخة : بكرهك .. بكرهك 


ركب رعد سيارته يقود متجه لمكان عمار وبسام، تنهد بإبتسامة يشعر أنه خطى خطوة باتجاه عودة عشق، لمح شاحنة كبيرة خلفه، عقد حاجبيه باستغراب وهو يجدها تقترب منه بقدر كبير 


أدار سيارته لجانب الطريق حتى تتمكن من المرور لكنها صدمته بقوة في محاولة اغتياله، وبالفعل انقلبت سيارة رعد على الطريق .... 


هي هناك تريد العيش في حزنها وهنا ينتظرها حزن أقوى بمراحل، ترى ما رد فعل عشق على ما حدث لرعدها ؟ 


❈-❈-❈


مسكت چمان يـ ـد يارا وهي تحاول الجلوس ببطنها الكبيرة هذه، تنهدت بصوت عالي وهي ترخي يـ ـدها على بطنها في إنتظار قدوم مولودها الأول، نظرت باتجاه الحائط فوجدت صورة كبيرة لها ولياسين يوم زفافهم، أجل لقد تطورت الأوضاع كثيرًا عقب حديثه مع عشق 


ففي أحد الأيام قررت هي الذهاب وطلب الطـ ـلاق منه، كفى تجاهلاً فهو لا يحدثها او يقترب منها، كأنهما لا يعيشا في نفس المكان، سئمت من طريقته هذه حسنًا هي لم تسئم من ضربه ومعاملته السيئة لكنها سئمت من تجاهله وعجبي على شخصياتنا 


وقف تستمع بصدمة لاسم عشق فهو كان يقول : يا عشق ارحمي أمي واتكلمي بجد بقى، منك لله بقيت بتكلم ذيك، أنتِ مرض يا بنتي 


عشق بصدمة : أنا ! اخس عليك يا ياسو بقى أنا اكلمك من ورا أبو العيال وتقولي مرض، صدمتني وزعلتني أنا مرض أنا ؟ 


ياسين : دراما كوين مش فاضي والله، المهم أنا بروح للحمار اللي بعتيني ليه ومش فاهم هو شغلته ايه ؟ 


عشق : دا دكتور نفساوي بيعالج المرضى التعبانين في دماغهم ذيك


ياسين بغيظ : حسبي الله ونعم الوكيل، أموت وأعرف رعد عمل ايه في حياته عشان ربنا يبليه بيكي 


عشق بضيق : ما تموت ولا تغور في ستين ألف داهية تعرف ليه مش فاهمة كنت من بقيت العيلة وأنا معرفش، بلا هم 


ياسين بغضب : اخرسي رفعتيلي ضغطي، لسانك دا مصنوع من ايه ؟ 


عشق : عضلات ذي البني أدمين طبعًا أنت متعرفش المعلومة دي 


ياسين بغيظ : هموتك يا بت 


عشق بقلق : ياسين كفاية بقى وانجز رعد زمانة جاي والله لو عرف إني بكلمك هيبقاله رد فعل كلنا هنتفاجىء بيه 


ياسين بزفير : أنا زهقت يا عشق اوي الدكتور دا مش بيحلل بالفلوس اللي بياخدها 


عشق بضيق : وكمان بخيل يا وقعتك يا چمان، فكها شوية دا أنت ربنا مديك قد كدة، بتحوش لمين يا أخي ؟ 


ياسين بإبتسامة : لا منا خلاص قررت نخلف انا وچمان، بنت وهسميها عشق 


عشق : عشان تطلع بتكره ابوها 


ياسين بتأكيد : ايوة ذي منا بكرهك كدة 


عشق : من القلب للقلب رسول، رعد شكله جيه طير أنت 


ياسين : تمام، بت بقولك أفضل مطنش چمان ذي منا 


تعالت ضحكاتها فبدى بالنسبة لها كطفل يتساءل عن طريقه وينتظر رد والدته، تحدث قائلة : لو مش هنتعب حضرتك لحد ما تتعالج يا مررريض 


ياسين : بكرهك كره العمى 


عشق بإبتسامة : بكرهك كرهي للعصير، غور غورة تاخدك ما تردك 


اغلقت بوجهه فنظر للهاتف بزهول ثم التفت، وجد چمان في وجهه تنظر له بعتاب قائلة : هي عشق أقرب ليك مني ؟


ياسين : قولت كفاية عليكي اوي اللي حصلك مني 


چمان : أنا مشتكتش ليك يا ياسين 


تنهد وهو يفتح ذراعاه فاندفعت داخل أحضانه تضمه، وهكذا بدأ ياسين يتغير كليًا من ذاك الشخص الأناني البغيض لآخر 


وفي أحد الأيام 

حدث تجمع في منزل أحمد فقد أتى الجميع، جو مرح سابق لن ينعاد ولن نراه مرة آخرى، وعجبي على هذه الحياة يوم فيه شيء والآخر يكون الشيء ذكرى جميلة


فتحت عشق يديها لرعد الذي آتى مع ياسين قائلة : يلا حضن كبير لعمو .. الله 


ابتسم بخفة وهو يقبل جبينها، جلس رعد بجانب ياسين ويوسف الذي يغمز لسيلا كل حين وآخر، الجميع سعيد وعشق تمرح بينهم، جلست خلف والدها تحاوط عنقه وتقبل وجنتيه بقوة صارخة بجنون : بحبككك بحبككك يا واد يا أحمودي يا قمر 


أحمد بإبتسامة : بكاشة 


چمان بهدوء : عشق ممكن نتكلم شوية


عشق بتفكير : لا ارغب لكن حسنًا لنفعل، عن اذنك يا أحمودي 


أحمد : مجنونة، مش مجنونة دي مفوته 


عشق وهي تشير بيدها : ربي يُسامحك أيها الوالد أحمودي 


دخلت الغرفة وأغلقت الباب خلفهما تنتظر حديث چمان، جلست عشق تنتظر حديثها فبدأت چمان قائلة : أنا حابه اشكرك يا عشق، سمعتك بتكلمي ياسين وعرفت اللي عملتيه حقيقي متشكرة 


عشق ببرود : العفو، حاجة تانية ؟ 


تنهدت چمان مكملة : عشق أنا بعترف إني بغير منك ومن كل اللي حواليكي، بحسدك على بابا وماما وأزاي هما بيحبوكي برغم فراقهم بس ماما مقدرتش تحبني حتى ذيك، كل حاجة كان أنتِ


عشق : بس دول أهلي، أنتِ مخبولة ؟ أهلي هيحبوكي عني ليه ؟


چمان بدموع : أنا بحس أهلي مش بيحبوني أصلاً، أنا كنت عاملة ذي الآلة يا عشق، مكنتش بعرف اتكلم واقول اللي جوايا ومكنش حد بيفهمني، أنتِ الكل كان بيفهمك وبيحبك وكل حاجة عندك، أنا حرمت احلم يا عشق 


تنهدت عشق قائلة بدموع : أنا منعت عنك حاجة ؟ أنا كنت بحبك اكتر من نفسي وبقول أختي 


چمان ببكاء : أنا كدة ومشاعري كده، أنا أسفة يا عشق بس .... أنا كمان حسدتك على رعد أنتِ متخيلة أنا مقدرتش أخلي ياسين ياخد خطوة، أنا مش باردة في مشاعري بس ... 


عشق بهدوء : المشكلة إني لآخر لحظة عذراكي وبحبك، عايزاكي بس تعرفي حاجة أنتِ متعرفيش ربنا شال مني ايه عشان يحطلي دا في أهلي كمان متعرفيش أنا عنيت من ايه من غير نور، حقك متاخد وحقي متاخد كلنا سواسية بس الاختلاف في التكملة عندنا في ايه والنقص في ايه، ربنا يشفيكي 


اتجهت عشق تفتح الباب فاردفت چمان : أنا مش وحشه يا عشق 


عشق : أنتِ مش وحشه أنتِ ضعيفة وضعفك محسسك بالنقص، لو بقيتي قوية هتحسي بالكمال، سلام 


خرجت عشق فنظرت چمان خلفها ثم قالت بألم : حتى دي فشلت فيها، مفيش حاجة سهلة عليا يا عشق 


حقًا كم مُحزن الشخصيات المماثلة لچمان ! 


" الخلاصة هنا 

كل واحد فينا بياخد حقه أربعه وعشرين قيراط، جايز أنا ناقصه في فلوسي بس كاملة في صحتي والعكس، كذلك غيري العكس المهم أننا ف الآخر مش بناخد أكتر من بعض

جايز واحدة عندها أهل علاقتنا بيهم عادية بس يكملوا معاها العمر كله، وواحد أهلها يكونوا قريبين منها اوي اوي بس ميكملوش معاها للآخر .. 


كذلك الأمور في الدنيا ممكن أنا اتحط في موقف اتصرف تصرف ميعجبش حد، تمام ربنا حطني في الموقف عشان شخصيتي كدة وتصرفي كدة يبقى الأصح نخلينا في أمورنا، انصحوا لكن متتجاوزين حدكم في شخصيات ولا أمور الغير


چمان مش وحشة وفي ناس كتيرة بيبقى جواها نقص وحزن على نفسها، شيء بيتولد غصب في شخصيتها يبقى لا لوم عليها، كذلك تصرفها مع ياسين ورد فعلها لأنها هي بطبعها مسالمة وغصب عننا في ناس كدة وبرضو لا لوم عليها 


أحنا متولدناش عشرة على عشرة، كلنا فينا عيوب وميزات، يا ريت منسخرش من شخصيات غيرنا ونكتفي بالتعليق على نفسنا، أنا مش أنتِ وأنتِ مش هي وهي مش ذيهم 

كمان يا ريت لو نقرب من أهلنا ومن كل اللي بنحبهم، أحنا مش ضامنين بكره فيه ايه 

وبس كده " 


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سماء أحمد من رواية عشق الرعد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة