-->

رواية جديدة عشق الرعد لسماء أحمد - الفصل 23

 

قراءة رواية عشق الرعد كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية عشق الرعد

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سماء أحمد


الفصل الثالث والعشرون



الحياة من الخارج مغلفة بغلاف جميل، كل شيء عاد على ما يرام برغم ما فقدناه، كل شخص عرف ما عليه فعله، تمدد عمار بجانب أخته التي تهز ابنها ليتوقف عن البكاء، وضع يديه على أذنه بانزعاج 


عمار : هو بيعيط ليه ؟ ما تشوفيله حل


عشق بضيق : مش عارفة يا عمار، أوووف قوم نادي للدادة


عمار وهو يعتدل جالسًا : أم فاشلة، ساقطة أمومة 


هز رأسها بتأكيد سرعان ما انفجرت باكية وهي تقول : استنى متندهش أنا هتصرف، بتعيط ليه يا أسد ؟ مين زعلك 


عمار بغيظ : هو دا فايق يزعل من حد أنتِ كمان، أهدى ياض دا أنت أبوك دبح الدبايح عشانك وعاملك حتة دين سبوع 


عشق : استغفر الله العظيم، متقولش الكلمة دي قول حتة سبوع مثلاً مش لازم تحط الكلمة دي 


عمار : اكيد مش المعنى اللي فاهمينه وبعدين بقى مع جوزك الشيخ رعد ده 


عشق : هو مش شيخ بس بينصحك للصح، الكلمة دي معناها سب الدين لشيء جامد، استغفر الله العظيم، وحاجة مش حلوة بل ويكاد يكون قول فاحـ ـش، اضحك وهزر وقول اللي عايزة بس ابعد عن الدين يا عمار ومش عشان رعد بس بيضايق دا عشانك ولمصلحتك 


عمار بزفير : قرفتوني يا شيخة كل أما تشوفوا وشي، صليت يا عمار صليت يا عمار، أنتِ متخيلة أنا بستأذن الدكتور أروح أصلي واجي وصحابي سموني الشيخ عمار وهاتك يا تريقة 


عشق بإبتسامة : مش مشكلة يضحكوا الوقتي وهيجي الوقت اللي تضحك عليهم فيه، خلي بينك وبين ربنا عمار يا عمار 


عمار بضحك : حاضر هخلي عمار 


ضربته بخفة على وجنته ليكمل : اتغيرتي يا عشق اوي 


عشق بإبتسامة حزينة : فعلاً اتغيرت، للحظة كنت فرحانة بالتغير ده بس لما خسرت لقيت عندي أبقى وحشه وبابا ونور جنبي أحسن مليون مرة من إني حلوة ومحدش جنبي


عمار وهو يضـ ـمها : أنا جنبك يا قطقوطة 


قبـ ـلت جبينه بإبتسامة ثم قالت : أسد نام 


عمار بمرح : الظاهر كان عايز جد يرغي جنبه وخلاص، عايز احكيلك على حاجة بس وعد متقوليش لرعد


عشق بإبتسامة حزينة : هو رعد بيكلمني عشان اقوله، قول في ايه ؟ 


عمار : انا ارتبطت 


عشق وهي تضرب جبهته : وايه الجديد ؟ 


عمار : همس .. ارتبطت بهمس أخت أدهم بنت نورهان، أنا قولت ابوكي فشل مفشلش أنا بقى 


عشق بضحك : بتهزر 


عمار : والله البت دي سايبه اوي، كنت بشوفها بتبصلي كتير قولت اعطف عليها وارتبط بيها، وبصراحة هي جامدة


عشق : أدهم لو عرف ... 


عمار وهو يربط على كتفها : don't worry أنا معايا رعد 


عشق بمرح : اهو رعد دا هيعمل منك بطاطس محمرة 


عمار بضيق : مثالي ايه، دا مرار يا شيخة 


عشق بتنهيد : مثالي مع الكل إلا أنا، بجد انا حزينة يا عمار 


عمار بمرح : تيجي اطلقك منه 


أتاه صوت رعد الحاد وهو يقف على الباب : تطلق مين يا عمار ؟ 


عمار بتوتر : الكبير يا هلا دا انا كنت بدعيلك، حد جاب سيرة الطـ ـلاق 


عشق بضحك : لا 


رعد بحدة : طب قوم يلا ذاكر وبطل دلع 


عمار وهو يتجه للخارج : مذاكرة ونيلة، هو أنا موريش شغلانه غير المذاكرة


مسكه رعد من مؤخرة عنقه يديره قائلاً : اة موركش غيرها وبطل دلع 


عمار : حاضر 


رعد بخبث وهو يتركه : وعلى كل حال أنا يعني بقول لمصلحتك عشان هدية آخر السنة بتاعتك لو رتبت متروحش منك


عمار بلهفة : في هدية 


رعد وهو يداعب شعره : لو رتبت 


عمار : هرتب اكيد، بحب الهدايا اوي، سلام هروح اذاكر


رعد بإبتسامة بسيطة : سلام


نظر خلف عمار ثم أعاد نظره لعشق، اتجه يحمل ابنه النائم عنها ثم خرج دون حديث، انفجرت باكية دون مقدمات تضع وجهها بين يـ ـديها سرعان ما تذكرت ما حدث معها ذاك اليوم


اتجهت إلى المستشفى مع رعد الذي كان خير دعم لها لآخر لحظة ثم استلمت ابنها، ضـ ـمته داخل أحـ ـضانها بضحكة بشوشة 


عادت مع رعد المنزل وهنا عبست ملامحه وبدأ يتجاهلها تمامًا، وجهت له الحديث عدة مرات لكنه لم يجيب اكتفى بهمهمة بسيطة 


عشق : في ايه يا رعد ؟ هو أنت بتعاقبني على اللي فات


رعد بهدوء : أنتِ شايفه ايه ؟ 


وقفت أمامه ثم ارتفعت تُقـ ـبل وجـ ـنته وهمست له : عاقبني براحتك بس أعرف إن اللي فات مات عمره ما هيتعاد تاني، أنا مليش غيرك 


ابتعدت تدريجي ثم صعدت لأعلى بابنها، نظر خلفها قائلاً في نفسه : أنا حاطط ليكي العذر بس لازم تعرفي إن اخر حاجة بينا تبقى البُعد، ربنا يهديكي ويصبرك. 


❈-❈-❈


حمل آدم ذاك الصغير الذي ينسى معه العالم أجمع، ابتسم بخفه وهو يجده يغفو بين أحـ ـضانه ثم استرخى للخلف يتركه ينـ ـام على صـ ـدره، غرق بتفكير عند حوريته الجميلة وما حدث بينهما أخر مرة تحدثوا فيها، ربما تظن أنه لم يهتم بما قالت لكن كل كلمة شقت جزء من قلبه، اكتشف في النهاية انه ابعد من كونه يستحقها، هو أسوأ من أن يكون نصيبها او جزء من حياتها 


تنهد بحزن وهو يتذكر خطبتها أجل فهو حضر كل تفصيلة من زاوية يتأملها، فكر أكثر من مرة في الذهاب وضرب ذاك الشاب حتى يعلم من أراد أن يأخذ لكنه عاد وعقل نفسه بنفسه 


تالا بمرح : اللي واخد عقلك 


آدم : هاا 


تالا بضحك : دا أنت ولا هنا، بتفكر في حورية صح ؟ قفشتك 


آدم بتنهيد : يعني ليا مين أفكر فيه غيرها، كنتِ بتعملي ايه ؟ 


تالا : بحضر الغدا وعندي ليك خبر روعة 


آدم بانتباه : قولي 


تالا بحماس : السنة دي لو رتبت ذي كل سنة هبقى معيدة، بجد حاسه إني همـ ـوت من الفرحة 


آدم بإبتسامة : تستاهليها الف مبروك يا تالا، بجد فرحت عشانك 


تالا بمرح وهي تقفز كالمجنونة : وأنا كمان فرحانة ليا وبيا وكل حاجة 


آدم بمرح : اعقلي واهدي كده دي مش أخلاق معيدين


تالا وهي تجلس : بالمناسبة دي هو أنا فعلاً هتمرمط 


آدم : مفيش حاجة بتيجي بالسهل بس إن شاء الله مش هيحصل حاجة، متنسيش أنا جنبك 


تالا بإبتسامة : ميرسي يا آدم مش عارفة من غيرك كنت عملت ايه 


طرق وجنتها بخفة قائلاً : عيب كده أحنا أخوات 


نظرت له قليلاً كذلك هو لتعلو ضحكاتهم بتلقائية. 


❈-❈-❈


خرجت سيلا من المطبخ تضع الطعام على الطاولة وكالطفل يسير خلفها يأكل بيـ ـده مما يملأ الطبق، ضربت يـ ـده مرة آخرى فعقد حاجبيه بانزعاج، ضحكت بخفة وهي تجلس كذلك هو 


يوسف : مش واكل 


سيلا بضحك : يا يوسف حرام عليك، أومال لو خلفنا عيل بقى يعني اربي مين ؟ 


يوسف بإبتسامة : ربينا أحنا الاتنين 


نظرت له قليلاً ثم انفجرت ضاحكة تمسك فكه واقتربت تقـ ـبل وجنته، تناول طعامه معها وكالعادة لا يكف عن الثرثرة التي تحبها، في معظم الأوقات تكتفي بتأمله فقط وهو يتحدث، لقد فاق حبها له الحدود وجميع درجات العقل 


وقف يحمل الأطباق معها ثم وضعها بالحوض يقف بجانبها وهي تغسلها، اردفت بتساؤل : تشربي ايه ؟ 


سيلا : اي حاجة يا حبيبي 


يوسف : طيب المهم يا ستي يومها قعدت ازعق وعملت شو بقى على أساس دحيح وكده عشان محدش يقفش البرشام معايا 


انفجرت ضاحكة وهي تقول : شقي 


يوسف بضحك : عارف، ما تحكيلي عنك وعن طفولتك وكده


سيلا بإبتسامة : مفيش حاجة احكيها، كل اللي في الموضوع إني مشوفتش يوم حلو غير من وقت ما اتجـ ـوزتك 


ابتسم باتساع ليقـ ـبل وجـ ـنتها بقوة وهو يضـ ـمها، ليردف : بس أنا مصر اسمعك 


التقطت الفوطة تنشف يـ ـديها ثم قالت بهدوء : عادي لما كنت صغيرة مكنش في حاجة مميزة في حياتي، في مشاكل بس بين بابا وماما بسبب الفلوس والمصاريف، أخويا مسافر السعودية ذي ما أنت عارف والكلام ده من وقت ما كنت في إعدادي، في حاجات مأساوية بس محبش اعكر دماغنا بيها 


يوسف بانتباه : كان في ايه ؟ 


صمتت قليلاً ثم أخذت نفس عميق لتكمل : ذي مثلاً كنت بتعب ومكنش بينكشف عليا، ذي إني كنت بنضرب من بابا كتير، وذي إن علامة ضهري دي حرق وكان بسبب ... 


تنهدت ثم قالت : ابن عمي حاول يتقرب مني بطريقة مش كويسه، ولما وقفته عند حده وضربته في راسه عمي عاقبني إني ضربت ابنه وحر..قني، سيح كيس على ضهري ولأن ماما مكنتش عايزاني بذكرى وحشة باعت حلقها وغويشة عشان يرجع بدون ندوب هو اتحسن بس مرجعش وفضل علامة، أممم وجالي الزايدة بابا سكت عليها لحد ما انفجرت 


اتسعت أعين يوسف لتكمل وهي تقرص وجنته : عمر الشقي بقي 


سحبها داخل أحـ ـضانه يقـ ـبل جبـ ـينها عدة مرات، تنهد وهو يقول : مش غريبة ملبستيش الحجاب 


سيلا : لما روحت ثانوي تمردت وبشدة، خلاص بقى كنت اتأسست صح وبقيت أقول لا، اضرب العلقة ياض يا يوسف واقول لا برضو


تعالت ضحكاته وهو يسكب المشروب لتكمل : وجيت المنصورة، كان حلمي اساسًا وعلى فكرة مجموعي كان حلو كنت ادخل كلية قمة بس الفلوس مكنتش حلوة معايا خالص


يوسف : يعني فعلاً بتصرفي على نفسك ذي ما قولتي 


سيلا بمرح : يا ابني دا انا وقفت في بنزيمة من الفقر، لولا مستر أحمد الله يرحمه ويجعله في ميزان حسناته ما فتح المجال للطلاب، يا رب يكون ليك أعلى درجات الجنة على اللي عمله معانا كلنا 


يوسف بخفوت : اللهم آمين 


سيلا وهي تأخذ كوبها : ودي حياتي، حكيت مرة ومتتوقعش أعيدها بقى، يلا نخرج 


يوسف : يلا 


جلست معه يشاهدوا التلفاز سويًا، فتحت على فيلم " صغيرة على الحب " فهو فيلمها المفضل 


يوسف : على مزاجك اوي 


سيلا بضحك : اة 


يوسف وهي يقرص ذر..اعها : رشدي أباظة


سيلا بتأكيد : أيوة بحـ ـبه عشانه، كاريزما وحضور وقبول وكده 


يوسف بغيظ : طيب اقلبي بقى 


سيلا بنفي : لا يا يوسف بطل غلاسه، أنا بحبه اوي 


قام هو بتغير القناة لتصرخ بحماس : صلاح سليم 


يوسف : دا ايه الغلب ده ! 


سيلا : بحـ ـبه اوي يا يوسف، قلبي بيرفرف كده لما بشوفه 


يوسف باستنكار : قلبك ماله يا حبيبتي ؟ 


سيلا بمرح : بيرفرف بيرفرف طول عمري بحلم اتجـ ـوز 


يوسف وهو يغلق التلفاز : اتجـ ـوزك قرد يا بعيدة 


سيلا : ما هو اتجـ ـوزني يا حبيبي متقلقش 


يوسف بغيظ : ابو برودك يا شيخة 


ثم اتجه للغرفة لتذهب خلفه، وجدته يتمدد وهو يتحدث مع نفسه كالمجنون، تمددت بجانبه تستند عليه قائلة : أنت اتقمصت 


يوسف بحدة : حليها


سيلا وهي تُقـ ـبل وجنته : خلاص يا چو بقى، يعني زعلان من قرد ولا من رشدي أباظة وصلاح سليم 


يوسف : مش مضايق يا حبيـ ـبتي عادي منا من صغري بقول نفسي اتجـ ـوز سعاد حسني، بحبها اوي 


سيلا : حبها يا حبيـ ـبي عادي ممثلة وتتحب 


تنهد بغيظ منها وهو يعطيها ظهره متجاهل إياها، بدأت تمرر يـ ـدها في خصلاته بإبتسامة بسيطة، التفت لها لتضـ ـم رأسه في حضـ ـنها ثم ضحكت بخفة 


يوسف بضيق : اخرسي


سيلا بضحك : حاضر. 


❈-❈-❈


ونعود لقصر الشافعي 

بعد الصراعات الغريبة التي مر بها رعد، وتوجهه لطريق لا يشبهه مع إناس أقل من أنه سار خلف إنهائهم، تنهد مستغفرًا ربه ثم فتح كتاب الله يقرأ فيه زمن، قرر أخذ هدنة بعيد عن كل شيء حتى عشق، سوف يكتفي فقط بالنظر إلى وجه طفليه الذين اناروا حياته جديدًا 


بدأ يقرأ كلمات الله بقلبه وعقله قبل لسانه، مر عليه ساعات وهو غارق هنا حتى انتهى، وقف يضعه في مكانه المخصص ثم خرج يبحث عن صغيره الأكبر 


رعد : آدم 


أتاه صوته الطفولي وهو يقول : آه 


وقف أمام غرفة الجلوس يحمحم بصوت مرتفع فاردفت لارا : تعالى يا ابيه 


دخل ملقيًا السلام ليجد ابنه يرفع يـ ـديه له بلهفة وهو يضحك، اتجه يأخذه من أحـ ـضان عشق التي تمسكت بالطفل فور انحنائه، رفع حاجبه باستنكار لتقابلة بنظرة حادة مغتاظة وهي تنظر لعيناه 


بعد يـ ـدها عن الطفل يحمله ثم خرج به، نظرت خلفه وقد بدأت دموعها بالإنهمار بصمت لتردف بحدة : هي بقت كده يعني 


لارا : أنتِ عايزة ايه برضو ؟ 


عشق : يا لارا دا بيتعامل كأني مش موجودة، البصه مستخسرها فيا أنتِ متخيلة


مسحت دموعها وهي تكمل : مش مديني فرصة اصالحه


لارا بإبتسامة : بس مخليكي جنبه وفي بيته، لو مش عايزك ... 


عشق بانفعال : عشان ولاده 


لارا بضحك : يا عشق، سهل يجيب ليهم ألف دادة وهو عارف وأنا عارفة والدنيا عارفة مش هتقدري تقفي في وشه، ولو في دماغه يبعدك هيبعدك


فكرت عشق قليلاً في حديثها ثم وقفت لتكمل لارا بمرح : راحه فين ؟ 


عشق : هجرب حظي، ادعيلي 


اتجهت عشق للمكتب ودون مقدمات فتح الباب ليقابلها زو..جين من نفس العيون ارتفعا للنظر لها، مدى الشبه بين كلاهما كبير لدرجة لا تحصى، رمش كلاً منهما في نفس الوقت ثم بدأ آدم يهز لعبته التي تصدر صوت مزعج لكنه لم يزعج والده الذي غرق في القراءة 


عشق : ممكن نتكلم ؟ 


أغلق الكتاب بهدوء كعلامة لتبدأ، تحدثت بعد تفكير : كنت جايه اقولك امتحاناتي قربت، ومحتاجة تساعدني اذاكر، أنت عارف أني ضايعة السنة دي بس ظروف الحمل وكده 


رعد بهدوء : والمطلوب ؟ 


عشق بضيق : هو أنت مش عايز تقدير 


نظر له قليلاً نظرة فشلت في تفسيرها ليردف : اللي يريحك هاتيه دا مستقبلك


عشق بحزن : يعني مش هتساعدني 


رد عليها بنبرته الباردة : مش شغلي 


عقدت حاجبيها بانزعاج لتردف : يعني لو ضيعت معندكش مشكلة 


عاد يفتح كتابه بقلة اهتمام فهتفت بعتاب : هو أنا بجد هاينه عليك كده


احتدت نظراتها وهي تكمل بحزن : ولا بتعمل كده عشان شيلتني من حياتك، سايبني إكرام لولادك صح ؟ هو أنا فعلاً معتش بعني ليك حاجة


رفع عيناه ينظر لها بطريقة فشلت في تفسيرها، صرخت وهي تدب الأرض بقدمها قائلة : لو اتجـ ـوزتك مليون سنة عمري ما هعرف افهمك، كلمني رد عليا أنا مش كلبة بهوهو


رعد : هدي صوتك 


صرخت بغضب جنوني يليق بها : مش مهديه صوتي وبصوت اهو اةةةة عشان يجيلك دربكة اكتر


زفرت بحدة وهي تقترب منه ثم وقفت أمامه قائلة : هو أنا هاينه عليك بجد


جـ ـذب ذراعها يلويه خلف ظهرها وهو يقربها لتجلس على فخـ ـذه في حركة سريعة، شهقت بخضة ثم تأوهت حين ضغط على يـ ـدها


رعد : أنتِ مش هتعقلي 


عشق : سيب دراعي وجعني اوي يا رعد


ترك يـ ـدها ثم حاوط عنقها يثبت رأسها للخلف، نظر لها ليجدها تجعد ذقنها على استعداد للبكاء، منع ضحكته بصعوبة بينما ترك الصغير لعبته ومسك يد عشق 


عشق : سبني 


رعد : الوقتي اسيبك، بتصوتي ليه ؟ المفروض كبرتي يعني في ايه بعد عيلين


عشق بغضب صارخة : ما أنت بتتجاهلني كأني بشحت منك


رعد بزفير : بتزعق تاني 


صرخت حين غرس صغيرها سنتيه في يـ ـدها ليزداد صراخها أكثر وهو يزداد من قسوة قضمته، حاول فك قيد يـ ـدها من صغيره لكنه كأي طفل حين يبدأ في أمر العض، دخل عمار جريًا على صوت اخته ليجد رعد يحاول حل وثاقها، ضغط على أنف صغيره لينفر تاركًا يـ ـد عشق التي بدأت بالبكاء بقوة


حمل عمار آدم موبخًا إياه : ينفع كده ؟ 


رعد : اديه للدادة يا عمار اما اشوف حل ليها 


هز رأسه ثم خرج يغلق الباب، مـ ـسك رعد يـ ـدها يحاول الضغط على مكان العضة، بدأت بالصراخ أكثر قائلة : إيـ ـدي حاسب


زاد بكائها بإنهيار ليعدلها في حضـ ـنه وهو يضـ ـمها بإبتسامة طفيفة ثم قال : خلاص يا عشق عاملة في نفسك كده ليه ؟


اجهشت بالبكاء أكثر وهي تقول : بتوجعني اوي 


قـ ـبل جبينها وهو يقول : خلاص حقك عليا 


فتح الدرج بجانبه يخرج بخاخها يضعه بفـ ـمها لتبدأ بالاستنشاق ثم دفعت البخاخ عنها تعود وتبكي


رعد : عضة تخليكي تعيطي كل ده


تعالت شهقاتها الباكية أكثر ليزيد من ضـ ـمها قائلاً : بتعيطي من ولادك 


عشق بغضب : هو عضني صعب اوي، أنا مامته المفروض ميعضنيش 


رفعت يـ ـدها تنظر لها ثم عادت تبكي، ربط على شعرها وهو يقول : بتعيطي ليه ؟ 


عشق ببكاء : صعبان عليا نفسي، منك بعدين من ولادك


مسح دموعها وهو يضحك بخفة قائلاً : والله مجنونة


اغمضت عيناها وقررت الصمت لتجده يقـ ـبل جبينها وانفها وشـ ـفاها، علت شهقاتها الباكية وهي تحاول التوقف عن البكاء، وجد نفسه يبتسم تلقائي لتردف : شايفني مجال للضحك عمال توزع إبتسامات وضحك 


تنهدت وهي تضـ ـمه بقوة ليبادلها مربطًا على ظهرها، همست له : خلاص أنا أسفه كفاية بقى عقاب 


لم يرد عليها لتهتف بضيق : أنا مش بكلم نفسي 


بعدت قليلاً تمرر إبهامها على وجنته، ثم أكملت قائلة بدلال : طيب فكر كده معايا عشق مش وحشاك


قـ ـبل وجنتها نافيًا بخفة ثم قال : يلا قومي اطلعي


عشق بزفير : أوووف مش قايمة، بص يا ابن الناس 


رعد بسخرية : نعم يا بنت الناس 


عشق بضيق مُبالغ : أنا مش بحب كده، يعني مبقاش في بيتك ولما يجرالي حاجة تبقى كويس معايا ولما لا تعاقبني، خليك يا يمين يا شمال 


رعد : شمال 


عشق : تمام يبقى هسيب البيت 


أعاد خصلاتها خلف أذنها يقترب منها هامسًا بخبث : سيبيه 


استدارت له ترمقه بغضب وكادت توبخه لكن قربها منه جعلها تصمت، نظرت لعيناه ثم ابتلعت ريقها بتوتر لاحظه هو 


أعاد خصلاتها خلف أذنها يقترب منها وقبـ ـلها بعشق، ذابت بين يـ ـديه كالعادة ليبتعد مبتسم بخفة، قبل جبينها ثم هتف ببرود : يلا قومي روحي اوضتك، واعقلي، كمان متجيش هنا تاني 


عشق بتأفف واضح : أيوة مش خدت غرضك مني ارميني بقى، خدني لحم وارميني عضم 


ضيق عيناه قائلاً : أنتِ مش عايزة تمشي يا عشق 


عشق بتأكيد مضحك : أيوة


رعد بهدوء : قومي يا عشق


عشق بإبتسامة وهي تحاوط عنقه : عشقك


أشار بعيناه للباب قائلاً : اخرجي يا عشق وبطلي دلع 


عشق : يا رعد هو أنا هقعد احايل فيك كتير، عايزني اخرج يعني أنا ليا مين غيرك اقعد معاه، أنت اللي ليا


عادت تعيد جملتها بخفوت : أنا ليا مين غيرك 


ولا تعلم لما تذكرت أباها، شحبت ملامحها كليًا لتفر دمعة يتيمة من عيناها كحالها فهي أيضًا يتيمة، تحدثت بنبرة تائهة : أنت بتعاقبني عشان خذلتك وبعدت، اللي مات بابا يا رعد، بابا أحمد 


فرت الدموع من عيناها لتكمل : أنا واقفة قدامك الوقتي بعد شهور من وفاتة صامدة وراجعه بتفاعل عادي، أنت متخيل أنا خسرت ايه ولسه متجننتش، أنا مش بحاول افكر في نور يا رعد بحاول انساها كليًا عارف ليه ؟ 


اراد ان يقول له انه لن يفهمها أحد بقدره لكنه فضل الصمت لتكمل : عشان كل أما بفتكرها مش بفتكر غير الوحش اللي عملته فيها يا رعد واللي قولته ليها، أنا بتقهر من جوا يا رعد، فكرة إنها مشافتش حاجة عدلة في حياتها ولما ماتت الكل مكمل كأنها مكنتش على وش الدنيا بتقهرني 


انفجرت باكية وهي تقول : بحس إنها وحيدة ملهاش حد ولا حاجة، عاشت وماتت بتعافر ومحدش لاحظ، أنا في لحظة كنت أسعد واحدة في الكون وفي التانية لقتني خسرت كل حاجة، خذلتك بس مكنتش واعيه لأي حاجة


سيطر البرود على عيناه وهو يقول : أنا مقولتش لحد قبل كده إن محتاجه غيرك يا عشق، ولا حتى أهلي 


اجهشت بالبكاء أكثر وهي تضـ ـمه معتذرة، ظلت تعتذر وهي تبكي أكثر وأكثر معلله بسببها، تنهد وندم على جملته التي سببت لها كل هذا البكاء 


رعد : خلاص يا عشق متعيطيش 


عشق ببكاء : حطلي عذر يا رعد، إن أنت محطتش ليا ومعذرتنيش للمرة الألف مين هيعمل كده 


ارتفع طرف ثغـ ـره بإبتسامة بسيطة ليبعد وجهها ثم مسح دموعها مقـ ـبلاً وجهها، هتف بمرح : وشك بقى احمر ذي البنات الرقيقة 


عشق بضيق : يا سلام


عض وجنتها بخفة فابتسمت قائلة : معتش زعلان مني


رعد : لسه عقابك مخلصش 


عشق بانزعاج : ليه بقى ؟ 


رعد : عشان مينفعش لعب العيال دا بعد كده، أحنا بقينا عيلة ولازم تتعلمي ايًا كان اللي هيحصل معاكي ولادك فوق الجميع 


عشق : أنت ليه مش حاطط ليا العذر 


زفر بخفة يليها استغفاره ثم قال : يا عشق أنا أكتر واحد في الدنيا فاهمك والعذر اللي بتتكلمي عنه ده محدش هيحطه ليكي غيري، كل ما الدرس كان صعب الاستفادة هتبقى أكبر 


صمت قليلاً ثم قال : مين عندك في الدنيا دي غالي وخسارة مش ذي بس قريبة من قدر خسارتك أهلك 


مسكت يـ ـده التي تحاوط وجهها ثم رفعت عيناها قائلة : أنت ودي بجد يعني خسارة الدنيا كلها، رعد أنا عايشه ومكملة على حـسك 


رعد : بس آدم وأسد محتاجينك يا عشق، مينفعش تسيبيهم عشان اي حد 


عادت تنساب دموعها وهي تُقـ ـبل باطن كفه فبعد يـ ـده سريعًا ينهرها : متعمليش كدة تاني 


رفعت عيناها له ليكمل : أنا اللي ابو..س إيـ ـدك واشيلك في عيني كمان 


مـ ـسك يـ ـدها يقـ ـبل باطن كفها ثم ضـ ـمها بقوة لتبادله بإبتسامة، مـ ـسك يـ ـدها الآخرى حيث أسنان صغيره تركت آثرًا ليضحك بخفة متذكرًا بكائها الطفولي 


عشق : بتضحك على ايه ؟ 


رعد : وأنتِ بتعيطي كأنك عيلة في ابتدائي أخوها الصغير اللي بتغير منه عضها 


حركت عيناها بعشوائية ليكمل بصدمة : أنتِ بتغيري من آدم يا عشق 


عشق : ما أنت بتحبه وتشيله ومش بتخاصمه ذيي 


مـ ـسك رأسها يطرق جبينها بجبينه ثم ضحك من قلبه، تحدث بإبتسامة : قومي يلا اخرجي عايز اقرأ شوية


عشق : حاضر 


وقفت واتجهت للخارج، وقفت على الباب تلتفت له مبتسمة فابتسم هو الآخر، خرجت وأغلقت الباب ليفتح الكتاب والتقط قلم من جانبه يكتب على الصفحة التي يقرأ فيها " لأنها عشق " 


خرجت عشق تصفق وتغني كالمجنونة، ضحكت لارا قائلة : اتصالحتوا 


عشق : يس يس أخيرًا صالحني 


لارا بمرح : أنا قولت قـ ـتلك يا بنتي من كتر ما اتأخرتي


عشق بفخر : دا أنا عشقه يا بنتي يقتـ ـلني أزاي، يلا هرن على العيال احكيلهم الإنجاز 


لارا : رني يا حبيبتي رني. 


❈-❈-❈


في شركة أدهم 

جلست نورهان في غرفة الاجتماعات تنظر باتجاه أدهم الذي يمرر يـ ـده بين بعض الأوراق، رفع عيناه ليجد نورهان تنظر له فتجاهل وهو يعيد نظره للأوراق 


نورهان : مسألتش رعد على لارا 


أدهم بهدوء : هو أنا سألتكم عشان اسأل رعد 


نورهان بحزن : معقول هانت عليك كده، دي باعت الدنيا عشانك 


أدهم : بنت اخوكي بقى 


نورهان بحدة : أنت عارف ومتأكد إن معذتك عندي ذي أختك بالظبط، وإلا مكنتش فهمت الكل إن واخدة موقف منك وأنا في الحقيقة بكلمك وجنبك 


أدهم وهو يغلق الملف : عايزة ايه يا أمي


نورهان وهي تمرر يـ ـدها على وجهه : عايزاك تعقل وتقدر قيمة اللي معاك، دور على مر..اتك ورجعها هي وابنك يعني هيرضيك يتربوا بعيد 


أدهم : هفكر في الموضوع دا لما ارجع


نورهان باستغراب : رايح فين ؟ 


أدهم بهدوء : صفقة جديدة في إنجلترا، هسافر بعد يومين


نورهان بغيظ : ربنا يهديك. 


❈-❈-❈


في قصر المهدي 

مررت يارا أناملها على خاتم خطبتها فمنذ عدة أيام قام جاسر بطلب يـ ـدها، لم تصدق أنه حقًا قام بأخذ هذه الخطوة، غمرتها السعادة حينها ولم تكن الدنيا كلها تسعها 


جلست چمان بهدوء حتى لا يستيقظ ابنها ويعود للبكاء، تنهدت بتعب واضح لتردف : الأدب الحقيقي بتعلمه الوقتي 


يارا : مش فاهمه كنتِ مستعجلة على الخلفة ليه، مش تستمتعي بجوازك الأول مع شريكك 


چمان وهي تتأمل ابنها : برضو مفيش حاجة في جمال حضـ ـن ابنك لحظة، معقول الواحد يحرم نفسه من النعمة دي في سبيل الاستمتاع، دا الاستمتاع الحقيقي


يارا بضيق : بالعايط والصداع ورضعي وغيري ونيمي وتقوليلي حلو 


چمان بتأكيد : اة حلو هتفهمي لما تخلفي


يارا : ولا افهم ولا انيل، حتى عشق فعلاً لو قاصده تربطه مش هتعمل كده، الولدين فرق بينهم أقل من تسع شهور 


چمان : لما يكبروا هيبقوا شبه التوأم، حاجة لطيفة اوي 


يارا بسخرية : لطيفه اة 


تعالت أصوات مالك وعلي وهما يتناقشوا في رغبة مالك من خطب چيلان، هتف مالك بحدة : محدش بيدفعلي حاجة ومش هتجـ ـوز غيرها انا قررت 


علي بغضب : اهو دا اللي ناقص، تلموا زبالة البنات وتعملوهم هوانم 


مالك بغضب : أنا مسمحش ليك، الزبالة اللي بتقول عليهم ابوهم فقير بس احسن تربيتهم الدور والباقي بقى على اللي فشل وولاده فشلوا 


علي بصراخ : اخرس 


مالك : هخرس وأنا جاي ابلغك من بابا العلم بالشيء، بس جـ ـواز هتجـ ـوزها غصب عن التخين 


ثم اتجه للخارج يسير وفي لحظة مـ ـسك قلبه ليقع مفترش الأرض، التفت مالك ليصرخ بخوف : جدي. 


تجمع الكل حوله في الغرفة، بكت نورهان وهي تقبل يده عدة مرات بينما تأمله الباقي بأسف واضح، فتح عيناه ببطء ينظر لهم 


علي : عايز أشوف لارا 


نورهان ببكاء : حاضر بس قولي أنت كويس 


علي بتأكيد : كويس، خلوني بس اشوفها 


نورهان : حاضر 


بالفعل رنوا على رعد يخبروه بوضع الجد وكأنهم كانوا متأكدين من أمر وجودها في مكان يتبعه، بالفعل أتى رعد مع لارا التي انطلقت لأعلى، دفعت الباب تدخل منادية عليه 


لارا بلهفة : جدي 


ابتسم بتعب وهو يمرر يـ ـده على شعرها، فرت دموعها ليمسحها بإبهامه قائلاً : بتعيطي ليه ؟ 


لارا : متموتش 


ضحك بخفة فهو سبق ومرض هكذا حين كانت بالسابعة من عمرها، وحينها قالت نفس الكلمة بنفس الطريقة، اردف بإبتسامة : حاضر، يلا تعالي في حضـ ـني واطرديهم بره 


لارا للجميع : اخرجوا يلا 


خرج الجميع لتتمدد في حضـ ـن جدها الذي قبـ ـل جبينها قائلاً : يا أم قلب من دهب 


لارا : أنت زعلان مني 


علي : كنت بس المشكلة إني فعلاً حافظك اكتر من نفسك، عارف إنك مش شايفه غيره


لارا بدموع تنساب : وهونت عادي، جدو متسبنيش 


علي بتنهيد : مش هسيبك لسه مجاش الأوان، الواد اخوكي عايز يخطب يخطب أخت مرات ياسين 


لارا بانتباه : وأنت قولت ايه ؟


علي بزفير : في الأول مكنتش موافق بعدين لقيت الأصح تعملوا اللي عايزينه واللي يغلط يتحمل النتيجة 


تنهدت قائلة : ما تفكك من حوار الطبقات دي وحبننا فيك خلينا نقول الله يرحمك


ضحك بتعب كذلك هي ليردف : حاضر يا لارا 


قـ ـبلت وجنته قائلة بإبتسامة : بحـ ـبك


علي بمرح : عارف. 


❈-❈-❈


بعد مرور أسبوع

تجمع كبير في قصر الشافعي بسبب سبوع الصغير أسد، ربما قد تأخر الوقت كثيرًا على هذا لكنه فعله لأجل عشق، فهي تحب التجمعات هذه كثيرًا؛ وحتى تحتفل بصغيرها 


وقفت عشق في المطبخ مع لارا والخادمات تلقي نظرة على الطعام، بدأت تملي اقتراحات زائدة لهم بينما جلس رعد في المكتب كالعادة يقرأ، رفع عيناه ليجد صغيره يحبو بسرعة له ثم ضحك فور رؤيته 


ابتسم رعد وهو يقف يتجه له، حمله بين يـ ـديه قائلاً : بتحبي على الأرض مش كده غلط 


اتجه يسحب مناديل معقمه يمسح يـ ـده برغم علمه بتعقيم الأرض من حوله، نظر الصغير حوله ثم لرعد يمـ ـسك وجهها ويعضه


رعد : تاني، وشي مش ذي عشق هي وشها طري لسنانك 


أتاه صوتها وهي تقول : نعم ! 


وقفت أمامه ليعيد خصلاتها خلف اذنها ثم قرص وجنتها قائلاً : حلوة للعض اوي


انحنى يعضها بخفة ثم ضمها لتردف : أنا عرفت هو عضاض لمين، بقولك يا رعودي


رعد : اتفضلي 


عشق : عايزة اقص شعري، أنت ايه رأيك ؟ 


حرك رأسه باستفهام لتردف بغيظ : يعني بتحبه طويل قصير أسود أصفر 


رعد : قرعه 


عشق بعدم فهم : ايه ؟ 


رعد بضيق : احلقيه قرعه هحبه، وأنا مالي يا عشق بشعرك ما تعمليه ذي ما تحبي 


زفرت بغيظ وهي تقول : يعني بتحب الطويل ولا القصير


رعد : هو مش محصل لا طويل ولا قصير فأعمليه براحتك ومتسألنيش تاني عشان أنا مش بركز في شعرك


عشق بغضب : أومال حضرتك بتركز في كلامي وهبلي بس


نظر لها قليلاً ثم اشاح بوجهه يبتسم، أعادت وجهه لها قائلة : لا قولي


رعد : أقولك ايه ؟


عشق : أنت بتركز في ايه ؟ جسـ ـمي تخينة مثلاً او رفيعه 


رعد : يا عشق يا حبيبتي بقيتي قلبوظة بقيني رفيعه شعرك طويل قصير مش دا اللي يلفت نظري 


عشق بانتباه : ايه بقى اللي بيلفت نظرك، البنت إياها ايه اللي ... 


قاطعتها قائلاً : اهي دي الوحيدة اللي فعلاً ركزت في ملامحها 


ضيقت عيناها قائلة : كانت حلوة 


رعد بتأكيد : كل مرة تسأليني وكل مرة أقولك قمر حلوة جدًا، مشوفتش أحلى منها 


وجد ابنه يحاول وضعه يـ ـده في فـ ـمه فعض أنامله الصغيرة بخفة ليضحك الصغير، جلس رعد على كرسيه لتتجه عشق وتغلق الباب ثم جلست في حضـ ـنه كابنها، عاد يضحك بخفة لتردف : طيب ركز في ملامحي كده، جايز أكون أحلى منها مثلاً


رعد بخبث : أنتِ حلوة 


عشق : هاا 


رعد باستفزاز : بس مفيش أحلى منها 


صرخت بغيظ وهي تقول : فيها ايه فهمني ؟ 


تذكر أول لقاء بينهما ليردف : مش عارف بس أول مرة شوفتها حسيت شوفتي اللي ضايع منه حاجة ولقاها، أنا عمري ما ركزت في ملامح بنت بس دي غصب عني لقتني مركز وببص لدرجة .... 


عشق بقهر : لدرجة ايه ؟ 


رعد : أنتِ مصرة تضايقي نفسك وخلاص 


عشق : طيب اسمها ايه ؟ 


رعد وهو يداعب وجنتها : مش عارف، يمكن عشق 


عشق بضيق : توه الكلام اوي، طيب وچلنار ؟ 


رعد بهدوء : ربنا يرحمها


عشق : لا كلمني 


تنهد قائلاً : كلمتك مرة خلاص بقى، بعدين فكري معايا مين مر..اتي ؟ 


بدأ الصغير بالبكاء فجأة لينظر كلاهما بانتباه فزفرت عشق بانزعاج قائلة : دا وقتك 


رعد وهو ينظر له : مالك يا آدم هو عيط ليه ؟


عشق بغيظ : دا خبيث بيلفت انتباه اول اما لقانا نسيناه، شوف كده هخليه يعيط اكتر 


حاوطت عنق رعد قائلة لآدم وهي تخرج لسانها : رعد بابا حبيبي 


زاد بكاء الصغير وهو يدفعها عنه لتنفجر ضاحكة، ضمه رعد قائلاً : خلاص يا آدم متعيطش 


حاوط عنق رعد وهو يخرج لسانه الصغير لعشق فهتفت بغيظ : بيطلعلي لسانه يا رعد


رعد : علمتيه ايه ؟ 


عشق بانزعاج : دا عيل بنار يا رعد، حريقه اوي بيقعد يشد اخوه من على رجلي كمان صحيح أنا برضعه مع اخوه تاني 


رعد باستغراب : بجد ! عرف يرضع 


أكدت برأسها ثم قالت : ايوة مش بقول شعلة 


عقد حاجبيه بانزعاج طفيف حين عض صغيره عنقه ثم قال : سنانه صعبه اوي 


عشق باستغراب : بيعضك 


أكد بعيناه ثم قال : كفاية يا آدم سنانك صعبة 


عشق : تستاهل، يلا هخرج زمانهم على وصول 


رعد باستفهام : مين ؟ 


عشق وهي تقف : حورية وسيلا، صحيح جدك كلمني وكلهم جايين وأكيد يعني جايين عشان يحطوا التوابل عليا


رعد بهدوء : متقلقيش محدش هيقولك حاجة 


عشق بإبتسامة : هنشوف 


خرجت تتجه للمطبخ مرة آخرى أما لارا فصعدت لغرفتها تجلس وحدها مقررة عدم النزول أمامهم، مر الوقت وأتى الجميع " عائلة المهدي " " عائلة الشافعي " كذلك " عائلة الشرقاوي ماعدا جدها جلال وعمها إبراهيم وبالتأكيد عاصم " 


سيلا باستغراب : هي دي بتعمل ايه هنا ؟ 


حورية وهي تنظر حولها : مين دي ؟ 


سيلا بضيق : ضرتي، يوسف فين ؟ 


حورية : هو أنا هراقب ليكي جو..زك، أنا راحه الحمام 


سيلا بزفير : تمام 


اتجهت تبحث عنه في المكان، خرجت للحديقة فوجدته يجلس ويتأمل السماء بملامح هادئة مسترخية، جلست بجانبه على الأرض تمسك يده 


سيلا : عقلك فين ؟ 


يوسف : بروح أمك هيكون في .... في دماغي يا سيليو 


سيلا بضحك : مهزء 


حاوط عنقها يضـ ـمها له قائلاً : شايفة النجمة اللي هناك دي، المنورة دي 


سيلا بمرح : أنا صح 


يوسف باستنكار : ايه اللي جاب مسمار مصدي لنجمة، أحنا هنكدب 


سيلا بغيظ : جزمة، انا بحب جزمة 


تمدد على الأرض وهي بجانبه تنظر لأعلى، رفع يده يحركها بعشوائية فرفعت يـ ـدها هي الآخرى ثم مسكت يـ ـده


سيلا : يوسف 


يوسف : نعم 


سيلا بقلق : كل حكاية ليها نهاية، أحنا نهايتنا ايه ؟


يوسف : كل خير يا سيليو، الوقتي أهلك يهدوا وهروح ليهم بنفسي، كمان هطلق زينة ونكمل سوا مبسوطين


ابتسمت بأمل تجدد داخلها، ضـ ـمها يوسف يرفعها لحضنه ثم قـ ـبل جبينها عدة مرات، دفنت عيناها أسفل وجنته ثم قالت : أقولك على حاجة 


يوسف : قولي 


سيلا : أنا خايفة يكون حبك مجرد فترة ويروح، خايفة تطلع فعلاً بتحب زينة، خايفة ارجع تاني لنصيبي الوحش واكتشف إنك حلم، خايفة في يوم تسبني يا يوسف 


صمتت قليلاً ثم اكملت قائلة : أنا اتحملت حاجات كتيرة بس اللي عمري ما هقدر اتحمله بعدك يا يوسف، أنا بعشقك 


ابتسم يوسف يزيد من ضـ ـمها ثم قال : مش أكتر مني. 


بينما في الداخل جلست عشق بجانب چمان وكلاهما تحمل ابن الآخرى، تبدل حال الفتاتين كليًا مؤخرًا وبدأ إزالة الحاجز الذي ارتسم بينهما 


عشق بمرح : الواد دا طالع حلو لمين ؟ أكيد ليا صح، في عينين زرقا مني 


چمان بضحك : حصل 


وقفت عشق تتجه للمطبخ ومعها چمان يتحدثا بمرح، خرجت عشق في نفس الوقت دخل رعد مع ياسين من الباب المجاور للمطبخ، تحدثت عشق : شكرًا يا عشق مرة تانية أنك كلمتني ياسين وخلتيه يستشير أخصائي نفسي وكنتِ معاه خطوة بخطوة لولا كده مكنش هيبقى معانا بيبرس 


وقف رعد قليلاً ينظر لعشق ثم لياسين الذي قال بهدوء ظاهري خلفه توتر : عشق كلمتني يعني عشان چمان وهي اللي اقترحت عليا أمر الدكتور، لولا ... 


اكتفى رعد بهز رأسه ثم اتجه لضيوفه وهذا ما يسمى هدوء ما قبل العاصفة، جلست عشق بجانب زينة التي تبحث بعيناها عن يوسف 


عشق : زينو منوراني، متوقعتش إنك تيجي 


زينة بدموع تملأ عيناها : مكنش قدامي فرصة تانية غير أجي يا عشق 


عشق بقلق : تقومي نطلع فوق 


أكدت برأسها فوقفت عشق معها تأخذها لأعلى، انفجرت زينة باكية أمامها تضع وجـ ـهها بين يـ ـديه، ربطت عشق على ظهرها قائلة : مالك يا زينو ؟ 


زينة ببكاء : بتسأليني مالك يا عشق، يعني بعد كل اللي حصلي دا تقوليلي مالك 


عشق بحزن : يوسف صح ؟ انسيه يا زينة 


زينة بانهيار : أنا اللي انساه يا عشق، يوسف ابن عمي متربين سوا من سنين وأحنا بنحب بعض، أنا اتربيت وهو قدامي مش بحب غيره ومش عايزة غيره، أنا كنت محرمة عليا اكلم واحد ربع كلمة بسببه برغم إني عارفه أنه مش بيضيع فرصة، أنساه أزاي وانسى كل ده يا عشق


عشق وهي تربط على كتفها : هو بيحب سيلا 


زينة بصراخ : مش بيحبها والله ما بيحبها يا عشق، أنا واثقة ومتأكدة يوسف مش بيحب غيري، وهيلف لفته ويرجعلي أنا 


تنهدت قائلة ببكاء : لو بيحبها مكنش قرب مني وهو بعيد عنها، مش مرة بس دا كذا مرة 


عشق بصدمة : ايه ! 


زينة : شوفتي يا عشق يوسف بيحبني أنا بس وجودها معاه هو اللي واقف عقبة في حياتنا، هي اللي خدته مني واتجـ ـوزته ودمرت حلم سنين، تخيلي واحدة تيجي حياتك وتاخد اللي ليكي وتقولك دا حقي وليا وبيحبني، هي صاحبتك بس والله اللي عملته فيا حرام يا عشق 


زاد بكائها وهي تقول : من أمته الحق للتانية، تخيلي تقعدي سنين تبني ف حاجة وواحدة متسواش جات خدت على الجاهز


ظلت زينة تتحدث وعشق تستمع، لم تعي لدموعها التي انسابت رغمًا عنها لأجل ابنة عمها، وبدأت توزن الأمور داخل رأسها 


دخلت سيلا مع يوسف الذي يحاوط خـ ـصرها ثم وقفا مع أهله، تحدثت زهرة وهي تضـ ـمها : عسل يا مر..اتي ابني 


سيلا بضحك : مامتك فظيعة، أنتِ اللي قمر يا حماتي يا حياتي 


جمال وهو يربط على كتفه بقوة : مبسوط أنت وزايط 


يوسف : تكرهلي يا حاج 


جمال : مكرهش بس مش آن الأوان تجيبها وتيجي تعيش جنبي 


تنهد يوسف وهو يمرر يـ ـده على شعر سيلا ثم قال : بإذن الله اول اما اطلق زينة هظبط أموري وهجيب سيلا وهاجي


زهرة بمرح : وتقعدي معايا بقى ونبدأ شغل الحموات ومرتات الابن ونزهقهم 


سيلا بإبتسامة : والله ما هزعلك كفاية إنك مامت يوسف 


نظرت زهرة ليوسف ثم لسيلا وضحكت قائلة : والله أنا اللي ما هزعلك، ايه بقى مفيش حاجة جايه في السكة ؟


احنت رأسها بحزن ثم قالت : ربنا يسهل 


جذ..بها يوسف من حضن والدته لحضـ ـنه يُقـ ـبل جبينها ثم قال : عايزة تربطني يا زوزه مش عشان عايزة طفل فعلاً


ضحكت بخفة وهي تحاوط خـ ـصره واضعه وجهها أسفل ثنايا عنقه، تنهدت بإبتسامة وهي تجده يقول : ادعيلنا يا زوزه ربنا يعوض علينا بخمس عيال 


زهرة : روحوا اللهي ربنا ما يحرمكم من بعض 


سيلا ويوسف : يا رب 


ذهبت زهرة مع جمال حيث أهل رعد تتحدث معهم فهي محل أهلها الآن، وعيناها من يوسف ابنها وزو..جته تبتسم بسعادة، تضحك سيلا في حـ ـضنه وهو يُقـ ـبل أنفها وجبينها وبعض الأجزاء من وجهها ليزداد ضحكها 


أخذ ابن رعد من چمان التي اتجهت لزو..جها، اردفت بإبتسامة : أحلى حاجة أنه شبهك 


يوسف : فيه عينين مني صح ؟ 


سيلا : يوسف لو جبنا ولد هتسميه ايه ؟ عايزاه يبقى اسمه يعقوب 


يوسف : حلو ولو بنت هسميها سيليا 


رفع عيناه تلقائي ليجد زينة تنزل من أعلى، تنهد بخفة وهو يقول : سيليو خدي أسد، هتكلم مع زينة وجاي


سيلا بتوتر : زينة طيب 


اتجه يوسف حيث زينة بعدما أعطي طفله لسيلا، نظرت عشق لها ثم أشارت أن تُقـ ـبل عليها، ذهبت سيلا دون تفكير بما سوف تقوله عشق 


❈-❈-❈


خرجت حورية من الحمام تتجه لأسفل، قاطع طريقها آدم الذي وقف أمامها، نظرت له كذلك هو يتأملها بملامح هادئة تخفي خلفها اشتياق قوي، تذكر يوم لقائهم في الجامعة حين نادت عليه فقط لتملأ عيناها بملامحه والآن يتم إعادة نفس الموقف مع إنعكاس الأدوار


كادت تتجاهله وتذهب لكنه التقط يـ ـدها يمنعها، مـ ـسك دبلة خطوبتها بين إصبعيه يضغط عليها ثم قال : هتتجـ ـوزي أمته ؟ 


حورية بحدة : وأنت مالك ؟ 


جذبها داخل أحضـ ـانه يضـ ـمها، تنهد وهو يضغط على ظهرها ثم همس جانب أذنها قائلاً : تجاهلي مش قلة محبة، ولا ندالة، هو بس أحيانًا اكتشفت أنك بريئة لدرجة إني استخسرتك في واحد ذيي


دفعته عنها ولم تتردد في صفعه بقسوة على وجنته، ثم قالت بحدة : وحضرتك جاي تكتشف دا أمته ؟ بس أحب أقولك لو اتشقلبت كده إستحالة ارضى بيك، ومش عشان أنا كويسه فأنت مش عايز تقرب لا أنا اللي مش قابلاك في حياتي 


تركته وغادرت تصفق لنفسها قائلة بسعادة : كرامتشي، كرامتشي، تصدقوا الكرامة دي طلعت شغلانة حلوة


نزلت لأسفل فوجدت عشق تدخل مع سيلا إلى أحد الغرف، ذهبت سريعًا خلفهما لتجد عشق تغلق الباب، فتحت الباب بخفة ناوية تفاجئهم لكنها هي تفاجأت 


تحدثت عشق مع سيلا قائلة بحدة : أنتِ ناوية تنوري حياتنا كده كتير 


سيلا باستغراب : مش فاهمة


عشق : مش فاهمة وعامية ولا ايه النظام، أحنا أزاي كنا بنطبل ليكي ومش بنفكر بعقلنا 


سيلا : في ايه يا عشق ؟ فهميني 


عشق بحدة : زينة أختي اللي خدتي خطيبها وحبيبها بل وكمان جو..زها منها، لفيتي عليه وهي أحق منك فيه، ضحكتي عليه وهو عشان و°° وأهبل وافق عليكي واتجـ ـوزك، لعبتيها صح يا سيلا شابو ليكي 


شحب وجه سيلا وهي تستمع لحديث عشق لكنها لم تبكي او تجب، أكملت عشق بغضب : بس اعرفي أنتِ اللي ادتيله وهو ذي الكلب ريل عليكي بس لما يفوق هيرميكي رمية الكلاب يا سيلا، أنتِ لا مستوانا ولا عيلتنا عشان تبقي وسطينا، زينة ليوسف ويوسف لزينه لو بعد ميت سنة، هو مش هيطلقها صدقيني هيطلقك أنتِ لأن أنتِ لكده المزاج والطلاق 


زفرت عشق لتكمل بصراخ : ويا ريتك تحسي بالكلام وتبعدي يا سيلا، بس اللي ترضى على نفسها تحب واحد متجـ ـوز وتاخده من مر..اته مرتين نتوقع منها كل حاجة، معدومة الدم 


هدر رعد بها بغضب : عشق 


نظرت للباب فوجدت حورية تقف وتبكي وخلفها رعد الذي تشتعل عيناه بغضب، نظرت سيلا لهما ثم لعشق قائلة : معقول ! في لحظة تهون الصداقة ويسهل جرح الغير، معقول يا صاحبتي 


عشق بحدة : مش صاحبتك 


أكدت سيلا برأسها وهي تتجه للخارج، نظرت حولها تتأمل الجميع، حقًا هذا ليس مستواها ولا ما يشبهها، نظرت لأعلى لتجد يوسف ينزل مع زينة مربطًا على كتفها


" هذا ليس عالمك، يومًا ما سوف تنتهي علاقتك به، هو ليس نصيبك، يوسف ليس لكِ " 


مسكت حورية يد سيلا تديرها ثم ضـ ـمتها بقوة تبكي نيابة عنها، ربطت سيلا على كتفها قائلة : متعيطيش، العايط لسه قدام يا حورية. 



يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سماء أحمد من رواية عشق الرعد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة