-->

رواية جديدة عشق الرعد لسماء أحمد - الفصل 24

 

قراءة رواية عشق الرعد كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية عشق الرعد

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سماء أحمد



الفصل الرابع وعشرون 


خرجت سيلا تجلس في الحديقة مع حورية التي تمـ ـسك يـ ـدها، تتحدث معها كل قليل لكن سيلا لا تجيب تكتفي بهز رأسها فقط، تنهدت سيلا وهي تتمدد على ظهرها تنظر لأعلى بشرود 


سيلا بهدوء : أنا مش زعلانة من كلام عشق قد منا خايفة يجي اليوم اللي أخسر فيه يوسف يا حورية


فرت دموعها من ركن عيناها لتكمل : يوسف بالنسبة ليا حياة، محدش بيحس بالنار قد اللي ماسكها، أنا متأكدة أنه مش بيحبني ولسه بيحبها بس حبي ليه مخليني حاطه جزمه في بوقي وساكته يا حورية 


عادت حورية تبكي لأجلها ثم وقفت تتجه للداخل، وجدت چمان تقف مع عشق وخلفها قادم رعد وياسين، اقتربت تعنفها لكنها تجمدت حين وجدت أحد أسرار صديقتها الأكبر ينكشف فهي استمعت لچمان تقول : ميرسي يا عشق إنك كنتِ جنب ياسين خطوة بخطوة ونصحتيه يروح لدكتور نفسي 


عشق بمرح : اي خدعة يا بت عدي الجمايس الجمايل اي حاجة، قوليلي عاملين ايه ؟


چمان بإبتسامة : فلة آخر روقان، كله بفضلك بس يا جزمة مش تقولي، من كتر ما كنت بيكلمك حسيته بيخوني


اتسعت أعين ياسين ثم نظر باتجاه رعد الذي لم يبدي رد فعل واضح، اكتفى بجمع الخيوط في رأسه 


اتجهت حورية حيث يوسف قائلة : يوسف سيلا في الجنينة بتعيط، روحلها 


يوسف باستغراب : بتعيط ! حد زعلها ولا ايه ؟


حورية : شوفها 


اتجه يوسف سريعًا إلى الحديقة، تحدث بلهفة وخوف : سيلا 


اعتدلت جالسة تمسح خديها بحزن، ضـ ـمها داخل أحضـ ـانه بلهفة قائلاً : مالك يا حبيبتي بتعيطي ليه ؟ مين زعلك قوليلي بس 


سيلا وهي تضمه : محدش 


مسح دموعها يُقـ ـبل جبينها ثم غمرها داخل أحـ ـضانه أكثر، بعدت بعد وقت تتنهد ثم ابتسمت تجلس على ركبتيها، قـ ـبل جبينها وهو يعود ويضـ ـمها قائلاً : متعيطيش تاني يا سيليو عشاني، قوليلي مين زعلك بس ؟ 


سيلا : غيرانه، غيرت لما شوفتك نازل مع زينة


ضحك بخفة وهو يمرر إصبعه على شـ ـفاها ثم قال : على حزن ايه ؟ 


سيلا بحزن : أنت مش بتشوف نفسك ولا ايه ؟ 


يوسف بهمس : لا


انحنى يلتقط شـ ـفاها بعشق يُقبـ ـلها، أغمض عيناه يعمق قبـ ـلته ثم ابتعد يهمس بمدى عشقه لها، أخذها وعاد لمنزلهم وعشهم بها، غريب هو مطمئن بشدة أنها لن تفارقه على عكسها تمامًا فبات هذا أسوأ كوابيسها 


❈-❈-❈


أنتهت الحفلة وعاد الجميع لمنزله، اليوم كانت عشق سوف تتجه لجناح رعد وتنتقل له، قام بتحضير ليلة جميلة لكلاهما لكنها فسدت بسبب ما سمعه، هو لم يتمكن من الحديث معها بسبب الضيوف لكن الآن هي أمامه بكامل قواها تتحداه بنظراتها 


رعد بهدوء ظاهري : مين سمح ليكي تكلمي ياسين في التليفون ؟ 


عشق بضيق : أنا سمحت لنفسي، أنا حره 


تحولت نظراته لآخرى عجزت عن تفسيرها ليردف : حرة دا في قاموس مين ؟ طيب بلاش النطع اللي متجـ ـوزاه أنتِ نفسك محستيش إنه غلط او حرام 


عشق بحدة : ليه بكلمه في كلام وحش ولا عماله بحب فيه ؟ عادي كنت بساعد أختي 


رعد : أختك دي قبل ما تكوني على ذمتي 


انفعلت عشق قائلة بغضب : يعني ايه ؟ أنسى عيلتي كلها عشان خاطر الأستاذ مش عاجبه، لا بقولك ايه ؟ أنا حره مش واثق فيا دي مش مشكلتي، أنا معملتش حاجة غلط ولا خونتك معاه 


رعد بسخرية : ليه أنتِ مفكرة إني لو روحي فيكي وعندي ذرة شك هسيبك على ذمتي لحظة


أكمل بحدة : اللي عملتيه غلط ولو اتكرر تاني ... 


عشق بعصبية : هتعمل ايه يعني ؟ هتخاصمني خاصمني معدتش فارقة، اهو دا اللي أنت شاطر فيه بس تعرف يا رعد مش أنت اللي هتقاطعني أنا اللي بقاطعك اهو، أنا اللي مش هكلمك 


رفع حاجبه بسخرية ليردف : واللي حصل مع مرات يوسف ؟ دا بتخاصميني عليه 


عشق بصوت مرتفع : ملكش فيه 


رعد : هدي صوتك متعليهوش قدامي، تعرفي مشكلتك ايه ؟ أنك واحدة غبية وناقصه عقل ودين، الوقتي أنتِ مرا..تي واللي بينا معتش ينفع يتقطع، ولو الخصام مش بيجيب معاكي في مليون طريقة ترجع دماغك وتعقلك


عشق بحدة : هتعمل ايه يعني ؟ هتضربني متقدرش


جز على أسنانه قائلاً بحدة : لا أقدر يا عشق ومفيش أسهل من الضرب بس حظك بقى متجـ ـوزة راجل، يعني أهون عليه يطلقك ولا يمد إيـ ـده 


عشق بخفوت : تطلقني 


مـ ـسك فكها يرفع وجهها له ثم قال : التليفون ممنوع وخروج بره مفيش، اقعدي مع نفسك وفكري وقربي من ربنا شوية جايز يهديكي 


تركها ثم غادر الغرفة كلها، نظرت خلفه ثم جلست تبكي، تنهد بغضب وهو يسحب فرش السر..ير الممتلىء بالورود كذلك يلقي الشموع، شعر أن مع مرور الوقت وتحول الأيام لشهور أن الوضع يسوء بينهما، الحياة لم تكن كأولها 


ظل رعد يتجنب عشق وهي تتجنبه مع مرور الأيام ليتحول الأمر لشهرين، أجل شهرين كاملين كلاهما لا يهتم لوجود الآخر، فترة يستعجب لها أي شخص، زو..ج وزو..جه في نفس المنزل لكن في غرف منفصلة لا يتحدثوا سويًا 


حسنًا عشق لم تكن مثل رعد فهو كان يتوق شوقًا لضمها له لكن حزنه وكبريائه منعوه، يتأملها خلسة وداخله يرغب في الوقوف وتعـ ـنيفها ثم ضـ ـمها بقوة، أما هي فكانت تضع لنفسها سد من البرود والجفاء 


❈-❈-❈


أعادت حورية خصلاتها للخلف وهي تضع بعض من أحمر الشـ ـفاه، ابتسمت برضا وهي تتأمل إصبعها الفارغ فهي قامت بفسخ تلك الخطوبة، تشعر بالرضا التام عن وضعها كعذباء 


نزلت لأسفل مقررة الاتجاه للجامعة لكنها وجدت في طريقها البغيض، رمقته بضيق وهي تقول : تاكسي 


آدم : تعالي أوصلك 


حورية وهي تحاوط خصـ ـرها بيـ ـديها : بأمارة ايه ؟ خطيبي حبيبي متصاحبين، دا أنا حتى معرفش اسمك


آدم بغيظ : وحياة أمك 


قلبت عيناها بملل لتردف : أنت عايز ايه يا آدم ؟ 


آدم : توافقي تتجـ ـوزيني 


فكرت قليلاً لتردف بخبث : سهلة دي، طلقتني بمزاجك وحياتك لهخليك تسف التراب وبرضو مش هرجع، أنت نولت شرف تبقى جـ ـوزي وخلاص كان زمان وجبر


آدم بحدة : على فكرة أنا ممكن اخدك من شعرك الوقتي واكتب عليكي 


حورية بسخرية : من شعري مرة واحدة، أنت عايزها تبدأ سواد 


آدم بزفير غاضب : وتبدأ أزاي بياض يا ست حورية، منا هردك يعني هردك 


عادت تفكر فهي ليس لديه مخططات للانتقام والثأر لكرامتها، شهرين وهو لا يترك بابها لكن قلبها لم يلين، زفرت بضيق من غبائها لتردف : تجبلي ورق لألف شخص هندي يكتبوا فيه بالعربي يا حورية ارجعي لآدم وسامحيه على غبائه 


آدم بصدمة : ألف وعربي ! 


حورية بتأكيد : ايوة وتبقى متصور مع كل واحد صورة عشان اتأكد أنه كتب، اقولك يكتب على ضهر الصورة 


آدم : يا حورية ارجعي لآدم وسامحيه على غبائه


أكدت برأسها ليكمل بغيظ : ما هو فعلاً غبي، والله غبي


اتجه يسير مبتعد فاردفت : يا آدم لو بتحبني مش هيبقى فيها نصب 


التفت لها قائلاً : تيجي أوصلك 


حورية وهي تحرك كتفها : معنديش مانع 


ركبت السيارة في الخلف تتعامل معه كسائقها، وصلت للجامعة ثم نزلت متجهة لسيلا التي تجلس بشرود، ضحكت قائلة بمرح : هربيه 


سيلا بانتباه : مين ده ؟ 


حورية : دومي، بصي أنا نو كرامة وهسامحه خلصانة، بحبه يا ناس وخلاص بقى مش قادرة اتحمل من غيره


أكملت بانتباه : مالك يا سيلا 


سيلا بهدوء : مقهورة 


عقدت حورية حاجبيها لتكمل سيلا بدموع : مش قادرة أبطل كوابيس، كل يوم بحلم انه طلقني ومشى، حورية أنا بقيت مهوسة مش بعمل حاجة غير حضـ ـناه، بقوم بليل اعيط وانا ببصله، أنا تعبت يا حورية تعبت 


ظهر الأسف على ملامح حورية وهي تقترب وتضم سيلا، عادت سيلا تبكي كعادتها منذ شهرين، لم تكتفي بالبكاء بل ابتعدت كليًا عن عشق، تجنبتها نهائي بل وأزالتها من حياتها 


عادت للمنزل لم تقوى على تكملة اليوم، فتحت باب شقتها ثم دخلت تغلقه لتنفجر باكية فور رؤيتها إختبار الحمل سلبي، بكاء الصباح لم يكفيها 


جلست تضع وجـ ـهها بين يـ ـديها ثم قال : يا رب ريح قلبي بقى 


دفعت الإختبار ثم رنت على يوسف الذي أجاب سريعًا ليردف : أنت فين يا يوسف ؟ 


يوسف : بخونك مع واحدة جامدة، فينك أنتِ ؟ 


تنهدت قائلة بحزن : في البيت 


يوسف : طيب بقولك يا سيليو ادخلي الأوضه هتلاقي على السر..ير بلوڤر أسود اغسليه بالله عليكي


سيلا بتعب : حاضر 


وقفت واتجهت للداخل تدفع الباب، اتسع فـ ـمها وهي تجد الورود تملأ المكان كذلك الشموع والبالونات، يقف يوسف في المنتصف ثم رمى هاتفه يفتح ذراعيه 


انطلقت جريًا تندفع لحضـ ـنه، تنهدت بإبتسامة قائلة : ايه ده ؟ 


يوسف بمرح : كنت رايح اخونك، ساعتين بدور على واحدة أحلى منك ملقتش فرجعت


سيلا ببكاء : يوسف 


جلس على طرف السر..ير يسحبها لحضـ ـنه، مسح دموعها قائلاً : بتعيطي كتير ليه ؟ حالك معتش عاجبني يا سيليو


حركت رأسها بالنفي وهي تخفي وجهها في وجهه، تنهد بتعب لأجلها ثم قال بمرح طفيف : عايزاني أضيع البلالين والشموع ولا ايه ؟ 


سيلا : أنت عايز ايه يا يوسف ؟ 


يوسف بخبث : تعالي أقولك. 


❈-❈-❈


جلس رعد على طاولة الطعام يحمل ابنه الذي بات يأكل طعام كثير، على يمينه عشق ويساره لارا التي تقلب في الطعام فقط، فاقوا على صرخة الصغير 


رعد : متصوتش عيب يا بابا 


رمقته عشق بحدة ممزوجة بغضب لتردف متمتمة : كمان على عيل عنده سنة وشوية 


وضع الصغير إصبعه على فمه قائلاً : هث 


رعد وهو يدغدغه : بتقول لمين هس يا قرد، هااا


تعالت ضحكات الصغير وهو يتلقي قُبـ ـلات من رعد ودغدغة، تنهدت عشق وهي تلقي الشوكة ثم وقفت وذهبت 


رعد بصوت مرتفع : تعالي اترزعي مكانك ومتخلنيش ازعق قدام الولد يا هانم


نظر الصغير له بانتباه ليكمل : مش عايز أعيد كلامي


عادت تجلس مكانها بغضب واضح، ثم قالت : ملكش دعوة بيا 


تجاهل الرد وهو يكمل دغدغة الصغير، ترك الطعام واتجه إلى المكتب مع ابنه، ظل يلاعبه حتى غفى بين يـ ـديه فوضعه في السر..ير الصغير الخشبي الذي خصصه في مكتبه له 


دفعت عشق الباب بغضب قائلة : أنت بتكلمني بالأسلوب دا ازاي ؟ أنا رجعت مش عشان كلامك لا دا عشان متزعقش قدام آدم 


رعد بهدوء : لما يبقى حد في بيتك عيب اوي تسيبي الأكل وهو بياكل 


عشق بعدائية : دا مش بيتي ومش مكاني 


رعد وهو يعيد رأسه للخلف : اعتبريه كده لحد ما تيجي ست البيت


أغمض عيناه يسترخي بينما ظلت هي تنظر له ثم انفجرت باكية دون مقدمات، زاد بكاء فانتفض واقفًا يتجه لها، سحبها داخل أحضـ ـانه قائلاً : بتعيطي ليه ؟ 


عشق ببكاء : ملكش دعوة 


أغلق باب المكتب وهو يتجه يجلس معها، بدأ يمسح دموعها وهو يُقـ ـبل وجنتها وعنقها، أغمضت عيناها هامسة : رعد .. ابعد


مرر أنامله على شـ ـفاها ثم ضمها يُغرق وجهه في عنقها، دقائق وذابت عشق بين يـ ـديه ليأخذها لعالم آخر خاص بكلاهما. 


جلست لارا على سر..يرها تقرأ في كتبها، مر الوقت عليها وهي تذاكر ولم تشعر به، وجدت عشق تدخل الغرفة بشعر مشعث ثم بجانب لارا 


لارا بمرح : كل دا في المكتب بتزعقيله يا خلبوصة


مررت عشق يـ ـدها في شعرها قائلة : لا منا فعلاً خلبوصة 


ضيقت لارا عينيها تفهم سرعان ما انفجرت ضاحكة، زفرت عشق بحدة قائلة : خلاص يا لارا 


لارا بضحك : وراحه بصي هبهرك، فعلاً بهرتيني 


زفرت عشق وهي تتمدد على السر..ير ثم قالت بحزن : معقول رعد يبعد عني شهور ونقضيها خصام، معقول نبقى في نفس البيت وأنا في أوضه وهو في أوضه، أنا من أول ليلة متعودة أنام في حضـ ـنه يقوم يوصل الحال بينا لهنا 


لارا بهدوء : أنتِ غلطانة يا عشق، دا رعد 


عشق بحزن : ما المشكله أنه رعد 


لارا بتنهيد : على الأقل لسه مخليكي جنبه، مش بيسمح بالفراق، منتظرش منك حاجة على العكس أدهم اللي ... يالا ميجيش منه بس متضيعوش من عمركم يا عشق واستغلوا إن الولاد لسه صغيرين 


عشق : يعني ارجع اتنازل 


لارا بضحك : ترجعي تتنازلي ! أنتِ اللي بتبقى غلطانه يا عشقي 


عشق بضيق : تنحة. 


❈-❈-❈


مر اليوم وأتى يوم جديد 

رن عمار على همس وهو يرتدي ملابسه، أتاه صوتها النائم بعد عدة رنات، علاقته بها تطورت من خلف عائلته وعائلتها حتى أنها باتت تهرب لرؤيته، نثر عطره عليه وهو يقول : صح النوم 


همس بنوم : صباح الخير 


عمار : فوقي كده عايز اشوفك قبل الكلية، نسيتي ولا ايه ؟


همس بضيق : منستش بس أنت أزاي ترغي طول الليل وتقوم الصبح فايق كده 


عمار بمرح : مكنتش جبت طب يا بنتي، يلا أنا نازل وهقابلك في °°°° 


همس : هتستنى ؟ 


عمار بنفي : لا هفطر واكلم رعد بعدين هقابلك، يلا سلام مؤقت


همس : سلام يا قلبي 


عمار باستنكار : قلبي تمام 


اغلق الخط ثم اتجه للخارج ينزل لأسفل، وجد آدم يقف ويصفق بسعادة فاتجه يحمله قائلاً : صاحي من بدري ليه يا بايظ 


خرج رعد من المكتب حاملاً ملف ثم قال : عمار محاضرتك الساعة كام ؟ 


عمار وهو ينظر لساعته : عشرة 


ضيق رعد عيناه فأكمل رعد سريعًا : نازل اقابل صحابي قبلها و ... 


رعد وهو يمرر يـ ـده على شعره : طيب خد الملف ده وصله الشركة في طريقك


عمار : تمام، بقولك 


رعد : قول 


تنهد وهو يقول : في دكتور مستقصدني في الكلية، لقيته كمان مصححش امتحاني وأنا قلقان اوي 


رعد باستغراب : ليه كده ؟ 


عمار بضحك : قال معلومة غلط وعدلت عليه، كانت نيتي سليمة والله 


ضربه رعد بخفة قائلاً : طيب يا ابو نية سليمة هجيلك بكره 


اخرج المحفظة الخاصة به ومنها فيزا يمدها له مكملاً : خد دي معاك 


عشق بحدة وهي تنزل : متاخدش حاجة يا عمار 


تجاهلها رعد وهو يشير له فاردف : معايا فلوس كتيرة هعمل بيها ايه ؟ أنت مفكرني ذي مر..اتك بيضحك عليا من صحابي 


عشق بغيظ : عمار ! 


رعد بخبث : لا العينة دي واحدة شاطرة بس تاخد على قفاها وتتقمص 


وضع الفيزا في يـ ـد عمار ثم أكمل : سيبك منها وأنا بقولك اهو متاخدش نصيحة منها 


عشق بحدة : على فكرة هو أخويا انا 


رعد : ذباب 


جذبت عشق يـ ـده قائلة بغضب : مين اللي ذباب ؟ أنت مفكر نفسك ايه ؟ متغلطش فيا احسنلك بقولك اهو 


وضع يـ ـده على أذنه قائلاً : مين بيتكلم ؟ روح اوضة السفرة يا موري عشان في ناس هنا هتضرب 


عشق بسخرية : ههه قال تقدر يعني 


أشار لعمار الذي ذهب ثم لوى رعد ذراعها خلف ظهرها لتصطدم به ثم قال : معنديش مانع اقصلك لسانك اللي عاملي إزعاج ده


عشق بضيق : سيب إيـ ـدي 


ضغط أكثر عليها ليردف : عشر بو..سات وأسيبك ومعتش هعرفك تاني 


عشق : يا سلام طيب أنا مش عايزة ابو..سك بقى 


رعد : يلا هما مستنينا وورايا شغل متعطلنيش


زفرت بانزعاج وهي تقـ ـبله أول مرة فأكمل بخبث : بتبوسيني من هنا ليه أنا محددتش، يا قليلة الأدب يا عشقي 


عبست ملامحها ثم حاوطت عنقه بيـ ـد وحررت الآخرى منه تضمه، بادلها هو الآخر هامسًا : أنا أسف لو زعلتك مني، بحبك يا عشق فوق ما تتصوري 


بعدت وجهها قليلاً تنظر له، مرر يـ ـده على ملامحها بإبتسامة، تنهدت قائلة : متروحش الشغل النهاردة، خليك جنبي


رعد : أنتِ تؤمري 


ثبت يـ ـده على ظهرها يعود ويضـ ـمها بقوة، فاق على صوت عمار قائلاً : على موقفك يا عشق يا أختي 


عشق بضيق : بس ياض


دخلت مع رعد غرفة الطعام وبدت السعادة على ملامحها أمام الجميع، وقفت لارا قائلة : سفرة دايمة، هتيجي يا عشق الجامعة ولا مش ناوية


عشق وهي تنظر لرعد : لا بلاش النهاردة 


رعد : هكلم بسام ياخدك يوصلك


لارا : كلمته يا رعد وزمانه بره، سلام 


عمار وهو يمسح فمه : وأنا كمان ماشي، سلام يا عصافير


رعد بحدة : بس يا ولد 


ضحك بخفة وهو يذهب خلف لارا، وقف رعد ثم اتجه يبدل ملابسه ويتحدث معهم برغبته في عدم قدومه، عاد يخرج يبحث عنها 


رعد : عشق 


عشق بصوت عالي : في الجنينة الخلفية، أنا ودومي تعالى


اتجه لهما يجلس معها وبدأ بقضاء اليوم بجانب الاثنان.


❈-❈-❈


استيقظ يوسف على صوت هاتفه بينما حاولت سيلا إصماته لكنه لحق بيدها، ابتسم بخفة وهو يجدها تضـ ـمه كعادتها، حاوط خصرها يجيب 


يوسف : الو 


تحدث رجل مخصص للبقاء مع ديرين زوجة عاصم، فاردف : ديرين هانم في المستشفى بتولد يا باشا 


يوسف بهدوء : مستشفى ايه ؟ 


استمع لرد الرجل ثم أغلق الخط، رفع وجهه لسيلا التي ابتسمت بشحوب قائلة : في حاجة ؟ 


يوسف : ديرين بتولد المفروض أقوم اروحلها، جعان كمان


سيلا بإبتسامة : هقوم احضرلك فطار عما تاخد دش سريع


اعتدل جالسًا ليردف : صحيح عشق بتقولي اخليكي تردي عليها، مش بتتكلموا ولا ايه ؟ 


ضحكت سيلا دون نفس ثم قالت : أحنا متخاصمين بقالنا شهرين يا يوسف، دا أنت ضايع خالص


يوسف بصدمة : شهرين!


اتجهت للمطبخ تحضر له الطعام ثم جلست تتناوله معه، تحدث يوسف بضيق : وايه اللي يستاهل تخاصميها شهرين يعني، قتلتلك قتيل 


سيلا : لو سمحت يا يوسف دا شيء يخصنا 


رمى ما بيـ ـده قائلاً بحدة : تمام يا سيلا 


سيلا بلهفة : استنى كمل فطارك 


خرج يوسف من الشقة يغلق الباب بقوة خلفه، لم يعبء لندائها المستمر عليه ولا جريها خلفه، قاد سيارته متجه لوجهته بينما عادت هي تجلس وتبكي سامحة لتلك الهلاوس بالسيطرة على رأسها. 


❈-❈-❈


وصل يوسف إلى المستشفى يبحث عن اسم ديرين، وجد أن الولادة تمت على خير وتم قدوم أميرة صغيرة للحياة تحمل دم عاصم، ملاك صغير ليس لها دخل به مهما كان، شعور لم يشعر به يوسف بعد فالله لم يؤمر برزقه بطفل بعد 


حملها بين يـ ـديه يقـ ـبل جبينها ثم خرج بها خلف والدتها، اتجه حيث يحبس عاصم ابن عمه 


فتح الباب يدخل وبين يـ ـديه الصغيرة، وجد عاصم يجلس له بملامح مبهمة، تحدث بسخرية : منورني بأمارة ايه يا ابن عمي ؟ 


يوسف بإبتسامة : جاي أحصرك واوريك الشوكة اللي في ضهرك، مامتها قالت عايزة تسميها ايه ؟ اة رزان، رزان عاصم إبراهيم الشرقاوي 


عاصم بهمس : رزان 


يوسف بتأكيد : أيوة رزان بنتك 


رفع الفتاة مقابله حتى ينظر لها، لم يشعر عاصم بدموعه التي انسابت، تحدث برغـ ـبة ولهفة : قربها مني يا يوسف


يوسف بحدة : بعينك، أنت عايز تشوهها بلمستك، دي لسه طفلة بريئة 


ابتعد يوسف يضـ ـمها له ثم أكمل : جاي أقولك إني هحرق قلبك عليها، وهربيها على كرهك وهخليها شوكة في ضهرك 


عاصم بهدوء : عشان ايه يا يوسف ؟ عملت فيك ايه ؟


يوسف بغضب : بعد كل ده وتقولي عملت ايه، أنا اللي عملتلك ايه يا خسيس يا معدوم الأهلية 


عاصم وهو ينظر له بتحدي : أعدلك عملت ايه، حرمت مني حبيبتي دا أول حاجة


يوسف باستنكار : حبيبتك ! ليه هو أنت كنت تستاهل جزمة عشق عشان كنت اساعدك، أبوها نفسه رفض أنا حتى لو وافقت موقفي ايه ؟ 


عاصم : كنت ساعدني يا أخي اتغير عشانها، هو مش الحب بيغير 


يوسف : الطبع غلاب بعدين أنت لو كنت فعلاً حبيتها مكنتش روحت اتجـ ـوزت غيرها 


عاصم بصراخ : ما أنت عملت كدة، بتحب زينة واتجـ ـوزت سيلا ولما رجعت اتجـ ـوزت زينة كنت بتنام جنب الاتنين، حب ايه بقى يا ابو حب ؟ 


نظر له يوسف قليلا ثم اشاح بوجهه عنه ليكمل عاصم : سيبنا من موضوع عشق اللي لو بعد ألف سنة هتكون ليا، ومش عيل ولا اتنين ولا عشرة اللي هيفرق بينا، فكر معايا كدة لو أنت أنا ولو زينة إيمان او هدير 


ضيق يوسف عيناه يفهم مرمى حديث عاصم، أكمل عاصم : أنت كنت بتحب زينة وهي مشافتش غيرك، محبتش في الدنيا غيرك ولو كنت خدت روحي مكنتش هعارض عشان خاطر أختي بس، زينة ادمرت بعدك يا يوسف وكله بسبب مين ؟ سيلا، لو مكنتش دخلت حياتك من البداية مكنتش طلقت زينة ولا خليت بيني وبينك تار وكرهت عيلتنا فيك وبعدت عن أهلك عشانها، سيلا دمرتنا كلنا 


يوسف بخفوت : سيلا 


عاصم بتأكيد : أيوة سيلا يا يوسف، أنت محبتهاش والله العظيم ما حبيتها، الحب مش بيجي بين يوم وليلة يا يوسف هي بالنسبة ليك ذي ديرين بالنسبة ليا مجرد سر..ير ولحظات حلوة، اسأل نفسك قربت من زينة في الفترة اللي قعدتها معاها ولو الإجابة أة دا دليل أنك بتحبها وكنت عايزها هي 


سموم على هيئة جرعات تسير إلى رأس يوسف ليردف عاصم : ولو لا لو كنت فعلاً بتحب سيلا مكنتش عملت خاطر لقلب زينة، حب كم شهر ميتقارنش بحب سنين يا يوسف وأنت مش صغير، شهر شهرين سنة وهتزهق وهتلاقيك مش محتاج غير زينة، صدقني 


أكمل عاصم بحدة : أنت خليت واحدة متسواش تدخل بيني وبينك وبينك وبين زينة وجدك وأهلك والدنيا، هي بعدتك عننا يا يوسف وبعدتك عن حبك، فوق قبل ما الأوان يفوت، فوق قبل ما تخسر زينة وتتجـ ـوز غيرك 


عاد يوسف بضع خطوات للخلف بضياع، اردف عاصم : يوسف متخسرش أكتر من كده عشانها، هي متستاهلش


خرج يوسف وهو يفكر كيف كان يعيش وسط أهله ومع زينته، اشتاق لدفء والدته ومزاحه مع والده، خسر أحمد وخلفه يخسر والده تدريجي ويهرب، أجل لقد غير شقته بسببها ولم يلتزم بعمله ووصية والده أحمد بسببها، لقد دمرت حياته وجعلته شخص جبان أمام نفسه والجميع، بعدته عن زينة حبيبته الأولى والذي بعد عنها يبحث عن راحته، لقد وجد الوحدة بجانب سيلا 


لم يعي لنفسه سوا حين فتح باب شقته مع سيلا، وقفت بلهفة تندفع له قائلة : أنت مش بترد عليا ليه ؟ أنت زعلان طيب أنا أسفه متزعلش مني 


بعدها عنه لتكمل : ديرين ولدت ؟ طيب هي كويسه الوقتي ولا ايه ؟ عايزة اروح واشوف النونو ... حبيبي أنت كويس 


رفع ورقة أمام نظرها فأخذتها قائلة باستغراب : ايه دي ؟


فتحتها تنظر لها، وكأن أحدهم سحب روحها لأعلى فجأة، همست بصدمة : ورقة طلاقي 


يوسف : أنتِ طالق يا سيلا 


وكأنه حلم عابر وسوف ينتهي، حركت رأسها بالنفي وهي تجلس أرضًا، تحدث مكملاً : قابلت عاصم النهاردة، كلمني عنك والحقيقة أنا متجوزتكيش حب يا سيلا أنا اتجوزتك لأن زينة ارهقتني واستنزفت مني كتير، قولت ارتاح معاكي بس جوازي منك كان هم ووحدة وحزن كبير


تنهد ليكمل : أنا حاسس إن عمري ما عملت حاجة صح في حياتي قد طلاقي ليكي الوقتي 


انهمرت الدموع على وجنتيها وهي تحاوط عنقها بيدها، زفر ببطء وهو يقول : أنا راجع لمر..اتي وحبيبتي زينة، مش عايز اشوفك صدفة تاني ولا اعرفك يا سيلا 


اتجه للخارج فنادت عليه قائلة : يوسف 


وقف مكانه يستمع لها فأكملت : عشان خاطري ردني، أنا مليش غيرك


تجاهلها وهو يخرج مغلق الباب خلفه، لم يعبء لندائها عليه بلهفة وصراخها باسمه، نزلت خلفه تجري خلف سيارته كالمجنونة، أسوأ كوابيس سيلا تحقق في لحظة، جلست في منتصف الشارع بملابس المنزل تبكي بانهيار قائلة : ارجع يا يوسف 


عذرًا يا سيلا ربما يكون الدرس قاسي لكن الاستفادة كبيرة. 


❈-❈-❈


نزل عمار من الشركة يدندن بأحد الأغاني بينما في الأسفل تجلس همس في سيارته بخوف، لكن ما طمئنها أن هذه ليست شركة أدهم أخوها، وصل أدهم الشركة لأجل عمل مهم، وجد عمار يتجه لسيارته كاد يشير له لكن صعدت معالم الصدمة على ملامحه وهو يلمح اخته داخل السيارة حين فتح عمار الباب 


عمار بمرح : أوعى أدهم فوق 


همس بخوف : بتتكلم جد، يلا بسرعة امشي 


تعالت ضحكاته وهو يقول : جبانة اوي، بس ايه الحلاوة دي يا بت وروج وحوارات 


همس بتوتر : أنت بتهزر يا عمار 


مسك فكها يقربها منه قائلاً : تعالي أقولك بهزر ولا لا 


اقترب يُقـ ـبلها في نفس الوقت فتح أدهم الباب من ناحية همس، شهقت بقوة وهي تلتفت لتنسحب الدماء من جـ ـسدها فور رؤية أدهم أمام عيناها، ابتلع عمار ريقه وهو يخرج هاتفه 


أدهم بغضب : انزلي يا °°° هنا تعالى 


رن على رعد بخوف من أدهم سرعان ما أجاب قائلاً : عايز ايه يا روش ؟ 


استمع لأدهم يقول بجنون : انزل والله لقتلك يا °°°° 


جذب ذراع همس ولم يتردد في صفعها ثم دفعها، رن على أحد رجاله يأتي ويأخذها ثم اتجه يجذب عمار من داخل السيارة، انهل بضرباته على عمار الذي كان أضعف بكثير من الدفاع عن ذاته أمام أدهم 


رن رعد على الحراس ليتأكد من ذهاب عمار أم لا، تفاجىء أنهم يخبروه بمشكلة أدهم في الأسفل، صرخ رعد بهم : انزلوا ابعدوه عن الولد بسرعة، وأنا جاي 


نظر لملابسه ولم يفكر في تغيرها ثم انطلق جريًا لسيارته دون شعور عشق التي تلعب مع ابنها، قاد بأقصى سرعة يسب اللحظة الذي جعل فيها قصره بعيد عن كل شيء 


اقترب الحراس يحاولوا فكاك عمار من بين يـ ـديه، سحب أدهم سلاح أحد الحراس ودون تردد اطلق على عمار الذي اتسعت عيناه بصدمة، سكون عم المكان لأن الطلقة كانت من نصيب رعد 


اقترب رعد بخطوات رتيبة من أدهم ثم لقاه لكمة غاضبة في منتصف وجهه، خرج رعد عن ثباته وهو يجذب ملابس أدهم بين قبضته ثم قال : أنت كنت هتعمل ايه ؟


نظر أدهم لكتف رعد ثم قال بغضب : اطلع منها يا رعد، أنت عارف ال°°° ده كان بيعمل ايه مع أختي 


دفعه رعد قائلاً : اطلع فوق نتكلم راجل لراجل وكفاية فرجة الناس علينا 


نظر أدهم باتجاه عمار ليكمل رعد بنبرة قاطعة : اطلع يا أدهم 


صعد أدهم في حين التفت رعد ينظر لعمار بحزن، وجهه غارق في الدماء ويبكي بصمت، اقترب منه يمسح وجهه بيـ ـده ثم ضـ ـمه له 


عمار : أنا أسف يا رعد 


رعد : ولا يهمك قولي ايه اللي حصل وهما بيضمدوا جروحك دي، يلا تعالى 


دخل به الشركة حيث غرفة الطواريء يأمرهم بالاعتناء بعمار، خلع تيشيرته مؤخرًا يسمح للطبيب بخياطة جرح كتفه السطحي فالرصاصة لم تتجاوز طبقة الجلد 


قص عمار له ما حدث بخجل وحزن، ربط رعد على كتفه قائلاً : نتكلم لما نروح الوقتي هتطلع معايا وتقف بره هتكلم معاه ونمشي، عشق متعرفش اللي حصل


عمار بحزن : حاضر 


ارتدى رعد تيشيرته قائلاً : منكم لله جبتوني على ملا وشي بهدوم البيت، شكلي ايه الوقتي ؟ 


عمار بأسف وهو ينظر للأرض : كله بسببي، هتقول لعشق ؟


رعد : أوعى تقولها مش ناقصة عفاريت يا عمار، خليك هنا هتكلم مع أدهم وراجع


سار رعد وخلفه عمار الذي أراد سماع ما يقوله رعد وأدهم، دخل رعد يتأمل أدهم بنظرات مؤنبه لفعله، تحدث أدهم بغضب : جينا وعملنا خاطر لحضرتك، نعم!


رعد بهدوء ظاهري : أنت عارف أنت كنت هتعمل ايه ؟


أدهم بحدة وغضب : رعد اطلعلي من جو الهدوء ده، أنت عارف ابن الحرام ده عمل ايه! 


رعد بحدة : احذر متطولش لسانك، أعرف أنت بتخص مين بالكلام عشان منزعلش سوا 


أدهم بسخرية : اة صحيح ما هو أخو الست هانم، طبيعي تتحمق عشانه ما هي عملت اللي عملته وأنت رجعت تحت رجليها 


ارتفع طرف فم رعد بإبتسامة ثم قال : أنت غريب اوي يا أدهم، دا ملفتش نظرك لحاجة، كل حاجة بتحصل ملفتتش نظرك لحاجة 


أدهم بغضب يتزايد : أنا مش لافت نظري غير الزبالة اللي كان مع أختي، أنا هعلمه الأدب اللي أبوه مات قبل ما يعلمه ليه


سند رعد على طرف المكتب قائلاً : ملهاش علاقة يا آدهم، ما أنت والدك عاش معاك عمر كامل وبرضو متعلمتش الأدب


أدهم بحدة : رعد متخلنيش اطلع أخلص عليه ببرودك ده


أشار رعد على الباب قائلاً : لو جدع اتفضل روح و رينا شطارتك، يلا 


كاد أدهم يذهب لكن يـ ـد رعد مسكته ودفعه للخلف سرعان ما سدد له لكمة قوية بيـ ـده السليمة، ارتد أدهم للخلف آثرها ليردف رعد : هي دي الحمد لله اللي بتقولها، كويس إنها اتردت في أختك مش في بنتك كمان كان عمار مش واحد فشل أهله في تربيته ذيك، أنت مفكر ربنا بيغفل ولا بيتوه مننا على أفعالنا، تبقى عبيط واهبل، بتقول إني تحت رجل مراتي طيب على الأقل أنا بصون بنت ناس الدور والباقي على اللي واكل لحمه وناكر الجميل، أنت بأفعالك يا أدهم لما تيجي تتكلم ملكش غير جزمة تتحط في بوقك 


صمت قليلاً ثم أكمل : وعمار ابني، سامع يا أدهم عمار ابني وتعامل الكل معاه على أساس كدة، هو غلط وأنا مش ببرر غلطه بس مسمحش ليك تمد إيـ ـدك عليه مهما حصل 


خرج رعد دون سماع رد أدهم، وجد عمار يقف وينظر له بتوتر شديد، ربط على كتفه ثم أخذه وذهب، جلس عمار بجانب رعد في السيارة وصمتا حتى وصلا لساحة القصر 


عمار : مش هتقول حاجة ؟


صمت قليلاً يتابعه ثم قال : هقول يا عمار، مبدئيًا كده مش عشان عشق عشان والدك الله يرحمه كان غالي عليا اوي فمن هنا ورايح أنت ابني، اللي هعمله في يوم مع آدم وأسد هعمله معاك ومفيش بينا زعل او جملة مش حقك دا لأن أنا من اللحظة اللي ربنا خد فيها أمانته وأنت اتحطيت في خانة آدم قبل اسمه


أكد عمار حديثه ليكمل رعد : بالنسبة للي حصل فهو حرام وعند كلمة حرام لازم تقف، الغلط شيء بينك وبين الناس يخفى الناس هيعملولي ايه ؟ ولا اي حاجة لا هيزعلوا لزعلي ولا هيفرحوا لفرحي، بس الحرام يا عمار شيء بينك وبين ربنا وعند ربنا لازم تقف، هو كل حاجة في حياتنا يا عمار، لو اتولدت بصحتك مش ناقص حاجة بسببه، نجاحك بسببه، التوفيق وإن حياتك أحسن من ألف واحد غيرك بسببه، كل حاجة في حياتنا سواء حلوة او مش حلوة لسبب معين هنفهمه فهو بسبب ربنا


صمت رعد ينظر لمدى استيعاب عمار ثم أكمل : اللي عملته حرام، بنات الناس مش لعبه 


عمار بلهفة : والله أنا مكنتش بلعب بيها، أنا فعلاً حبيتها


رعد : حبيتها تيجي تعرفني نتناقش في الموضوع مش تروح تخرج مع بنت الناس وتتسبب في أذاها 


هز عمار رأسه بحزن ليربط رعد على كتفه قائلاً : الدنيا دي شبه الدايره وكله سلف ودين، اللي مترضهوش في يوم على عشق او بنتك مستقبلاً متعملوش يا عمار 


عمار : حاضر ... هو أدهم هيأذي همس ؟ رعد أنا غلطان وبجد مش هتحمل يأذيها، لو سمحت كلمه 


رعد وهو يفتح تابلو السيارة : هكلمه بس ينفع تقرأ الكتاب ده أولاً، بتركيز وامشي بيه ربنا هيفتحها في وشك


عمار بتأكيد : حاضر 


رعد بمرح : يلا انزل خمسة وهحصلك


نزل عمار من السيارة بينما رن رعد على أدهم الذي أجاب، تحدث رعد بانفعال : متجيش نحية البنت، اللي بيته من إزاز ميحدفش الناس بالطوب، بكفاية شكلك قدامهم هيبقى دا وأنانية كمان، سلام


أغلق رعد بوجهه ثم نزل واتجه للداخل، وجد عمار يتسلل من خلف الأعمدة حتى لا تراه عشق التي تجلس أمام باب القصر تلاعب ابنها، رفعت عشق عيناها سرعان ما شهقت بقوة وهي تقول : عمار 


حاول خفي وجهه منها لكنها وقفت وسحبت يـ ـده قائلة بصراخ : مين اللي عمل فيك كده


عمار بتوتر : أدهم 


رعد بهدوء : مفيش يا عشق هو غلط مع أدهم في الشغل وضيع ملف، بعدين أدهم اتنرفز وضربه وخلاص عمار عرف غلطه، يلا يا عمار على فوق 


عمار وهو ينظر لرعد بامتنان : حاضر 


عشق بغضب : استنى هنا هو ايه اللي حاضر، أزاي اللي اسمه أدهم دا يعمل فيك كده ؟ وأنت بتقولي فهم غلطه غلط ايه يا ابو غلط دا أنا هطربقها فوق دماغكم


رعد بحدة طفيفة : على فوق يا عمار 


عشق وهي تسحب ذراعه : مش هيطلع مش بمزاج حضرتك على فكرة، هو هنا أخويا أنا والكلام اللي هيمشي عليه كلامي، بكفاية اوي اللي شوفناه منك


هدر رعد بعمار : على فوق قولت يا عمار 


بعد عمار يـ ـدها عنه وصعد لأعلى فبدأت تصرخ بغضب غير مُبرر : أنت مش هتمشي كلمتك عليه ومش معنى إن باباه ومامته ماتوا وبقى يتيم هيتحوج ليك، لا متنساش نفسك ومكانتك في حياتنا اللي ملهاش معنى، مرة واحدة قولنا هتبقى لينا ضهر خليت واحد ميسواش يمد إيـ ـده على اخويا بس والله ما هسكت وهعرفك وهعرفه إننا مسنودين، أوعى .... 


رعد بصوت عالي : عشق


توترت ملامحها لتردف بقوة مزيفة : متزعقش ليا، أنت ... 


رعد : أنتِ لو عاقلة كنتِ سمعتي، ليكي عين أصلاً تتكلمي، كل اللي شاطرة فيه تزعقي وتجرحي اللي قدامك ولما حد يعاملك بمعاملتك تزعلي


صمت قليلاً ثم أكمل موبخًا إياها : أنتِ مش بس أنانية، أنتِ واحدة ناقصة عقل ودين 


تركها وصعد لأعلى بينما انفجرت هي باكية تجلس مكانها، وما الذي تفعله سوا البكاء على نتيجة أفعالها، لقد قام رعد بتوبيخها أيضًا. 


دخل رعد جناحه يخلع تيشيرته ثم القاه بعشوائية، طرقات على الباب ودخل عمار ينظر للأرض بحزن، ابتسم رعد بخفه له 


رعد : في ايه ؟ 


عمار بحزن : رجعتوا اتشاكلتوا بسببي، أنا بجد أسف 


رعد بمرح طفيف : دا مش شكل يا عمار دا روتين حياة، متشغلش بالك 


عمار : أنا هروح اكلمها وافهمها 


رعد بتنهيد : مش النهاردة سيبها ترتاح وتفكر عشان متحسش إنها مضغوطة وتتعب 


عمار بزفير : يعني أنت بتحبها اوي، أومال سايب المشاكل تدخل بينكم ليه بالطريقة دي 


رعد وهو يربط على كتفه : مفيش حاجة بتدخل بينا، هي فترة عليها وهتعدي وهنرجع كويسين، أنا فاهم عشق


عمار بنفاذ صبر : أنا معتش فاهم حاجة، طيب بتخاصمها ليه ؟ 


صمت رعد بعض الوقت ثم قال : عشان لو فضلت بكلمها هتبقى دقيقة كويسه ودقيقة مش كويسه وبالتالي هتبقى عايزة تمشي، أنا بديها فرصتها مع نفسها وفي نفس الوقت مفيش مجال او سبب يخليها تمشي وتسيب البيت، المهم متشغلش بالك وبإذن الله كله هيبقى خير وتمام


اكتفى عمار بهز رأسه ثم اتجه للخارج وداخله لم يفهم ما يقصده رعد برغم حديثه. 


❈-❈-❈


في اليوم التالي

دق جرس شقة يوسف الذي اتجه وفتح الباب، وجد سيلا تقف أمامه تحاول السيطرة على دموعها بصعوبة لكنها تملأ عيناها، هتفت باسمه بلهفة 


سيلا : يوسف 


يوسف : أنتِ بتعملي ايه هنا ؟ 


سيلا : جيت عشانك، عايزة أعرف أنا عملتلك ايه ؟ 


نظر خلفه ثم عاد ينظر لها وسحب يـ ـدها قائلاً : تعالي عشان زينة متشوفكيش 


سيلا بصراخ : وتشوفني، أنت حقي أكتر منها 


ضحك ساخرًا وهو ينزل بها قائلاً : مشوفكيش هنا تاني فاهمة، أنا خلاص طلقتك ومش عايزك في حياتي، افهميها بقى لأن لو شوفتك هنا ... 


قاطع حديثه صوت عاصم الذي خرج من شقة والده : في حاجة يا يوسف ؟


اتسعت أعين سيلا بصدمة بينما تحدث يوسف بحدة : ادخل يا عاصم وملكش دعوة 


عاصم : ايه ده سيلا هانم بنفسها هنا يا محاسن الصدف، نورتينا والله 


ارتجفت سيلا من الخوف فلاحظ يوسف هذا ليردف بغضب : متوجهش ليها كلام يا عاصم أحسنلك واتفضل أدخل 


عاصم بضحك : ليه بس قطع الأرزاق ده ! بعدين مش طلقتها سبني بقى أخد فرصتي مع القمر ده 


هدر يوسف به : عاصم 


اكمل نزول بها ثم دفعها خارج البوابة قائلاً للبواب : لو جات هنا اطردها ولو ممشتش اطلب البوليس فاهم ؟ لو مش عايز عيشك يتقطع 


انسابت دموعها وهي تقول : مش هاجي بس هفضل في بيتنا وهفضل باقيه عليك لآخر لحظة 


زاد بكائها حين أغلق البوابة بقوة في وجهها، نزلت هدير أخته ووقفت بجانبه تضحك ساخرة، كاد يطلع لكنها قالت : تعرف أنا بكرهها اوي بس بصراحة حبها ليك يخليني احترمها، عايزاك تعرف بس الإيـ ـد اللي قفلت البوابة نفسها هتفتحها بس في وقت مش هتبقى سيلا قدام البوابة


صمتت قليلاً ثم اكملت : والعين اللي بتدمع عليك نفسها هتتملى قسوة ضدك، البعد مش بيولد القسوة يا يوسف، القسوة بس هي اللي بتولد القسوة


اتجه يوسف وصعد لأعلى لتردف بصوت عالي : يا يوسف الفرق بين الحياة والموت دقيقة، كمان الفرق بين الحب والكره دقيقة 


خرجت زهرة من خلف الاسانسير : أنتِ بتقولي كده ؟


هدير بتأكيد : اة بقول كده، أنا مش همشي ورا راحة ابنك قد ما همشي ورا تعبه 


زهرة بحدة : هدير 


هدير : بلا هدير بلا زفت 


صعدت لأعلى وفي طريقها تذكرت حديث أمنية لابنتها قائلة " لما تروحي تكلمي عشق وتعيطي يا زينة كتير، قوليلها اللي حفظته ليكي كله، عايزاها متبقاش طايقة اللي اسمها سيلا دي كمان يوسف بيحب عشق أكتر من اخواته التانين وهيميل لكلامها " 


وكالعادة سارت زينة خلف حديث أمها ولم تعبء لشخصيتها التي شبه غير موجودة، في حين دخل يوسف الغرفة الإضافية يضع وجهه بين يديه هامسًا داخله : أنا عملت الصح، عيلتي أولى بيا من راحتي وقلبي. 


أحيانًا نحب شخص لدرجة اعتباره الحياة بأجمع وأنه لا يحبنا أحد سوا هو، لذلك حين نوضع في مأزق لا نأتي سوا عليه، ولا يكون السيء مننا سوا له. 



يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سماء أحمد من رواية عشق الرعد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة