-->

رواية جديدة عشق الرعد لسماء أحمد - الفصل 26

 

قراءة رواية عشق الرعد كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية عشق الرعد

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سماء أحمد


الفصل السادس وعشرون


اليوم 

استيقظ يوسف على نور الشمس الذي سُلط على وجهه، سحب هاتفه يتفقد كم مرة رنت عليه، مهلاً لقد رنت اكثر من خمسين مرة، تنهد وهو يتجه للحمام ثم خرج يؤدي فرضه ونظر لأعلى داخله يقول ويقول عليها 


التقط هاتفه فوجد عشق ترن عليه، تجاهل الرد عليها هي الآخرى ثم خرج يتناول فطاره 


زينة بإبتسامة : صباح الفل، كُل اكلك بعدين شيله حط الأطباق على المطبخ، أنا نازلة لماما 


يوسف بزفير : تمام 


يبدو انه غاضب حسنًا لا ترغب في الدخول في نقاش معه، تجاهلت واتجهت للخارج ثم نزلت لأسفل، القت السلام على امها ثم جلست 


أمنية باستغراب : مالك ؟ 


زينة بضيق : مفيش بس معتش طايقة العيشة دي، أنا بقيت مش بنام حاسه في يوم ذي ما سابني وراحلها ورجع سابها وجالي هيسبني يا ماما 


أمنية بلامبالة : وايه يعني ؟ ما في داهية


زينة باستنكار : نعم! 


اتجهت أمنية تجلس أمام ابنتها قائلة : زينة يوسف شكله مبيخلفش، شوفي قعد مع مرا..ته مهما قعد ورجع يقعد معاكي وفي الأخر أنتِ مش حامل 


زينة باستغراب : هتفرق في ايه يا ماما ؟


أمنية وهي تربط على يـ ـدها : هتفرق كتير يا زينة، دا واحد مش باقي على هدومه يبقى أنتِ متبقيش عليه، أحسن شعور في الدنيا الواحدة تحسه هو الأمومة، إياكي تحرمي نفسك منها عشان اي حد 


زينة بتوتر : بس دا يوسف 


أمنية بحدة : لا يوسف ولا زفت، عارفة يعني ايه عمرك ما تبقي أم، شوفي أنا بحـ ـبك أزاي وشوفي حب اخوكي ليكي، هتحرمي نفسك من اللي أنا عيشته كمان تحرمي نفسك من إنك تشوفي ابنك ولا بنتك يحب اخوه ذي ما عاصم بيحبك


زينة بلهفة : طيب ما ممكن يكون بيخلف، ليه نبص لأبعد الإحتمالات يا ماما 


أمنية بحدة : مش ابعد، اوزنيها بدماغك كدة وفكري أمومتك ولا يوسف اللي وجوده على كف عفريت 


وقفت زينة تفكر في حديث أمها بينما في الأعلى ينظر يوسف لاسمها الذي يزين الشاشه، فرت دمعة من عيناه على وجنته وهو يعيد رأسه للخلف يتخيل أنه ذهب لها للمنزل 


دق جرس الباب يقف وينتظر أن تطل عليه، فتحت الباب بشعر مشعث وأعين باكية كذلك الشحوب يسيطر على ملامحها الرائعة 


سيلا بلهفة : يوسف 


اندفعت داخل أحـ ـضانه فبدأ يعتذر وهو يُقـ ـبل رأسها ويـ ـدها، تنهدت ببكاء مرير قائلة : مش مصدقة أنك رجعت ليا تاني


يوسف : أنا أسف 


أي أسف يفيد الآن وهي في السيارة ذاهبة لعائلتها، الدموع لا تتوقف عن الإنهمار فاليوم آخر يوم في عدتها، اليوم سوف تُختم حكايتها بيوسف إن لم يلحق بها، انفجرت باكية أكثر وهو لا يجيب هذه المرة أيضًا 


سندت برأسها على الزجاج هامسة : يا رب ما تخسرني فيه


عادت ترن وتحاول بينما تكاد عشق تُجن وهي تعرف أنها ذهبت من حراس رعد، هدر رعد بالهاتف : أزاي يا بسام الغبي دا ميعرفش ركبت عربية ايه! هو دا اللي بعته يا بسام


لم يأتيه رد من بسام فهو حقًا أخطأ، بكت عشق والمكالمات تفشل يعني أن سيلا ترن عليه في نفس الوقت، صرخت بغضب وهي تلقي الهاتف قائلة : ربنا ينتقم منك يا يوسف 


وصلت سيلا أمام منزل أهلها تنظر له بقلب ينفطر، لقد تخلت عن العالم لأجله وهو تخلى عنها للعالم، رنت عليه للمرة الأخيرة قائلة بلهفة وبكاء : رد يا يوسف عشان خاطري، رد قبل ما اخسرك نهائي، رد وحياة كل لحظة حلوة عيشناها سوا 


كل رنة تُصدر داخل أذنها كانت في مثابة خط أمل ينقطع، ثواني وانتهت المكالمة دون رد منه يليها تركها للهاتف يقع أرضًا وهنا " انتهت قصة سيلا ويوسف " 


اتجهت بخطوات بطيئة باتجاه منزلها قائلة : أعلى درجات الحب هو الحب من طرف واحد، الحب لما بيتبادل ممكن في يوم يقل شوية الاهتمام يروح بس اللي من طرف واحد تلاقيك بتستنزف من نفسك وطاقتك خوف إنك تفقده، بتكتشف إن الحياة ملهاش غير لون واحد بس، أنت بس اللي بتحط اللون ده 


صعدت أول درجات سلم منزلها مكملة بقهر : أنا حبيته وحبي ليه فاق الحدود والعقل، حاولت مكنش الجزء الوحش في حكايته، حاولت اخليه ميبعدش وأكون ليه كل حاجة، حاولت .... أنا فشلت


دقت جرس الباب ثواني وفتحت والدتها التي هتفت بصدمة : سيلا 


تقدمت خطوة تضـ ـم والدتها بملامح باكية دقائق ووجدت أعمامها في المنزل، مدت يـ ـدها بورقة طلاقها ثم استقبلت منهم الضرب والإهانة، ألم يفوق تحمل أي فتاة لكن بالنسبة لها لم يصل لربع ما ذاقته من يوسف 


نظر يوسف لهاتفه ينتظر أن ترن مرة آخرى لكنها لم تفعل، همس بقهر : رني، رني يا سيليو 


رن هاتفه لكن هذه المرة برقم عشق، رد في المرة الخامسة قائلاً : أيوة 


عشق بصراخ : أنت غبي مش بترد ليه ؟ يا بهيم يا معدوم الدم يا خاين 


يوسف بنفاذ صبر : عايزة ايه يا عشق ؟


عشق : سيلا سابت شقتك النهاردة، مش عارفة راحت فين، خايفة تكون رجعت لأهلها 


يوسف بصدمة وهو يقف : ايه! 


عشق بحزن : لو مجتش ليك تبقى رجعت لأهلها، هما فعلاً هيقـ ـتلوها المرة دي 


يوسف بنفي : لا لا اكيد جاتلي، مش هتروح ليهم لا، هي مش مجنونة 


ضحكت عشق ساخرة بينما اغلق يوسف بوجهها يرن على رقم سيلا، مرة اثنان ثلاثة خمسة عشرة، تذوق يا عبد من نفس الكأس 


مر ساعتين وهو يجلس على السلم الخارجي للعمارة يرن عليها، وقف قائلاً : مبدهاش أنا هنزل المحلة أشوفها


رد أحدهم عليه فاردف بلهفة : سيلا 


الطفل باستغراب : دا تليفون أبلة سيلا ؟ ثواني هطلعه ليها البيت 


يوسف بتوتر : بيت ايه ؟ هي فين يا حبيبي ممكن تقولي


الطفل : في بلدنا، هطلعه لخالتي أم سليم اهو، أنا شوفت أبلة سيلا طالعة بيتهم 


سقط حديثة كالصدمة على يوسف، يا ليته فاق باكرًا قليلا ولا تركها ترمي بنفسها في الهلاك هذا، أغمضت عيناها بتعب تستسلم للظلام الدامس ولا مانع من إبتسامة بسيطة تزين ثغرها بعدما خرجت من ألم يوسف واتجهت لآخر أخف كثيرًا


شهقة بسيطة خرجت منها وهي تفيق من الإغماء حين ضربوها على رأسها وعادت للظلام الدامس مرة آخرى 


" يوسف، يوسف، أنت فين ؟ يا يوسف " 


شهقت بصدمة حين حملها من خصرها ودار بها، التفتت له تضحك والدماء تتساقط على وجهها كذلك الكدمات منتشرة على مفترق جسدها بالإضافة إلى الجروح والهدوم الممزقة بفعل الضرب الكثير 


يوسف بخوف : ايه كل ده! عملوا فيكي ليه كده 


سيلا بإبتسامة : بسببك، بس تعرف كل هان قدام نظرة عينك يا يوسف 


ضمها داخل أحـ ـضانه بقوة وهي تبادله بطريقة أقوى، انسابت دموعها وهي تهمس باسمه ويا ليتها ما فعلت هذا بذاتها 


يوم يلي يوم وهي تتلقى الضرب من الجميع، صرخ عمها بها : يا خطية مش لاقيين راجل يلمك، سمعتك بقت في الطين، معتش حد من البلد راضي يبص لينا ولا لبناتنا 


زاد بكائها وهي تهمس بأسفها، زاد صراخه قائلاً : بتتأسفي على ايه ؟ وبعد ايه يا بنت الحرام


انهل بالضربات عليها فهمست بتعب : أنتم والدنيا عليا، أروح لمين ؟


هتف بغضب جنوني وهو يزيد من قوة ضرباته : تروحي فين يا بنت الحرام 


طرقات قوية على الباب اتجه عم سيلا يفتح فوجد أخاه يقول : جايلها عر..يس بنت الحرام دي 


عم سيلا بفرح : بتتكلم جد، مين ده ؟ 


رد الآخر : شيخ كبير اوي من البدو عنده خمسة وخمسين سنة بس معاه فلوس قد كده وميعبوش شيء، شافها في ميتم أبوها ولما سمع أنها اطلقت جيه على طول يطلب إيـ ـدها 


عم سيلا وهو يرمقها بغضب : قوله موافقين 


تحدث الآخر بتوتر : مش هتسألها 


عم سيلا بانفعال : ولا رأيها يفرق 


سيلا بخفوت : موافقة 


تعالت ضحكات الاثنان بشماتة على اختيارها، مسحت سيلا دموعها بتعب، دخلت والدتها بلهفة تهتف : سيلا جبتلك أكل يا نور عيني 


جلست سيلا بتعب وبدأت تتناول الطعام بصمت، اردفت والدتها : أنا ههربك متخافيش، أنتِ ايه رجعك بس هنا


سيلا بتنهيد : مش ههرب يا ماما، هيحصل ايه اكتر من اللي حصلي، اللي حصل من يوسف فكرك اللي هيحصل منهم هيجي حاجة في ده


ارتجفت يـ ـد سيلا وهي تمسك الملعقة سرعان ما تركتها  قائلة بانكسار : مش قادرة امسك المعلقة يا ماما 


عادت تبكي بصمت وهي تنظر ليـ ـدها التي ترتجف ثم قالت : دا يا ربي جزاء حبي واللي استاهله


طرق يوسف على باب منزل سيلا ووقف ينتظر الرد، لم يفتح اي منهم فاتجه ينزل سريعًا ووصل لمنزل عمها، دق الجرس ثواني وفتح عمها 


عم سيلا بغضب : هو أنت ؟ 


يوسف بتأكيد : أيوة أنا وجاي بيتك، ممكن نتكلم 


عم سيلا بخشونة : مفيش كلام بينا يا ابن الناس، بنتنا طلقتها وعدتها خلصت ونصيبها جالها 


يوسف بصدمة : نصيب! نصيب ايه ؟ 


هدر به بغضب : نصيب البنت اللي رميتها بعد ما اكتفيت منها


يوسف بنفي : لا يا عمي سيلا هتفضل مراتي، هردها على عصمتي و ... 


ضحك العم ساخرًا قائلاً : بسهولة كدة، هو أنت مفكرنا عيال ولا مفكر إننا ممكن ننسى الفضيحة، على كل حال أحنا مش قدك يا ابن الناس وبنتنا غلطت وغلطها أكبر منك بكتير، جرت ورا الفلوس والمظاهر الكدابة واخرتها لينا، أحنا هنعرف نعمل اللي ابوها معملوش وهنجوزها لتوبنا، احسنلك ابعد عن طريقنا 


اغلق الباب بوجه يوسف الذي جلس أمامه كالتائه. 


❈-❈-❈


أغلق رعد الكتاب ثم خلع نظارته الطبية يضعها جنبًا، وقف يبحث عن أحد أولاده ليخرجه من الحزن الذي يغمره، وجد عشق تجلس وفي حضـ ـنها ابنة لارا الصغرى " ليلة " هذا ما اسماها إياه رعد، فهي أتت في ليلة جميلة تشبهها تمامًا 


رعد بهدوء : أنتِ بتعملي ايه ؟ 


عشق ببرائة : برضعها يا رعد 


رعد بزفير : عارفة دا معناه ايه ؟ ليلة هتبقى أخت ولادنا، حرام عليكي تظلميهم او تظلميها 


عشق وهي تحرك كتفها : لا عادي هيتربوا أنها اختهم، بعدين طالما أنا نويت إنها اختهم ربنا مش هيزرع حب في قلب حد فيهم 


رعد بانفعال طفيف : أيًا كان غلط يا عشق 


عشق بتساؤل : أنت زعلان من حاجة ؟ 


جلس بجانبها ينفي برأسه، قرب وجهها يُقـ ـبل جبينها فاردفت : قولي بتفكر في ايه ؟ 


رعد : فيكي 


تعالت ضحكاتها وهي تقول : بكاش بصحيح، اتكلم بجد


داعب وجنتها قائلاً : بفكر في يوسف وأدهم وآدم، زعلان على مضايق على قلقان 


عضت على شـ ـفاها وهي تعدل ملابسها والصغيرة تربط على ظهرها من أسفل لأعلى، ابتسمت قائلة : كل أما تقولي اسمائهم افتكر نفسي، ربنا مدينا كتير اوي واحنا اتبطرنا 


رعد بإبتسامة طفيفة : اعمل فيكم ايه ؟ آدم أنا مقدرش الوم عليه لأنه ... 


عشق بضيق : لا استنى بس رعد أنت معملتش العبط اللي هو عمله، حورية تفرق في ايه عني ؟ 


رعد بهدوء : تفرق كتير يا عشق، أنتِ خسرتي باباكي ومامتك كمان أنتِ مستغلتيش حبي ليكي، بعدين أنا بحبك لدرجة احطلك مليون عذر 


عشق بإبتسامة : اة مش كل الناس رعد الشافعي صح ؟ 


رعد بنفي : لا مش كل المواقف ذي بعضها، لو مرات آدم مكنتش استغلت حبه او كانت كملت للأخر معاه ومقلتش منه قدام نفسه مكنش حصل اي حاجة، بل بالعكس كان ممكن معاهم الوقتي بدل الطفل اتنين، طبعًا أنا هنا مش ببرر لصاحبي لأن أنتم أعلى بكتير اوي من إننا نجرحكم او نمد إيـ ـدنا عليكم وهو غلط وكتير اوي 


عشق بمرح : متربي مرتين، احيانًا بفكر استفزك لحد ما ترفع إيـ ـدك عليا واكسر الهالة دي 


ضغط على وجنتها قائلاً : أنا مش بمد إيـ ـدي على واحدة ست، بعدين أنا أفكاري اسوأ ذي مثلاً لما بتستفزيني ببقى عايز أ ... بلاش 


عشق بضحك : لا قول 


رعد : لما تعصبيني هقولك، خرجتيني من مود الزعل والخنقة 


عشق بإبتسامة واسعة : طيب ايه بقى عشق ملهاش جايزة على شغلها معاك


حاوطها بذراعه يقربها له قائلاً : عايزة ايه يا عشق هانم ؟


عشق بتلقائية : بو..سه 


نظر لها قليلاً سرعان ما دخل في نوبة ضحك، عبست بطفولية قائلة : بتضحك على ايه ؟ احترم طلباتي ونفذها


رعد بإبتسامة : انفذ ايه ؟ 


كادت تقف لكنها تذكرت وضعها فزفرت بضيق قائلة : أنا همشي امته ؟ 


رعد بهدوء : عشق عشان نكون واقعيين أنتِ اللي مش عايزة كدة، أنا مش عارف ليه بس أنا معاكي للأخر


نادت على الدادة تأخذ الصغيرة ثم استندت على رعد تحاول الوقوف، ضغط على ظهرها يسندها لتقف ثم قال : سبيني يا عشق مش هتقعي 


عشق بتوتر : أنا خايفة، هقع 


بَعد يـ ـديها يثبتها منهما، هتفت بخوف : يا رعد 


رعد : يا نعم 


اندفعت تُقـ ـبل كلتا وجنتيه ثم ضحكت قائلة : بحـ ـبك 


رعد : عارف 


تساءلت وهي تضيق عيناها : بتحبني ؟ 


همهم بتأكيد لتكمل : أثبت، أنا عايزة اصدقك 


لوى يـ ـدها اليمنى خلف ظهرها يتحكم بجسـ ـدها حتى لا تقع والآخرى ضغط على وجنتيها قائلاً : مش هتبطلي شقاوة 


عشق بضحك : لا، أنا حرة اتشاقى وادلع براحتي 


رعد بإبتسامة بسيطة : حد قال غير كدة 


نفت برأسها ثم انحنى يحملها بين ذراعيه، تعالت ضحكاتها  وهي تحاوط عنقه بدلال يروق له.


❈-❈-❈


جلست زينة في شقتها والدموع تنساب على خديها بحزن منه، جلست والدتها بجانبها تعنفها على بكائها على من لا يستحق، وقف عاصم يتوعد ليوسف وهو يتابع اخته 


أمنية بحدة : بتعيطي على ايه يا حمارة أنتِ، اومال لو يستاهل 


زينة ببكاء : رجع راحلها يا ماما 


عاصم بضيق : كفاية يا زينة عايط، هتلاقيها عشان رجعت بس لبيت أهلها وهما شداد


أكمل ساخرًا : كلنا عارفين يوسف حنين على الجنـ ـس الآخر أوي 


أمنية بضيق : حنين ولا لا معدتش فارق لأن خلاص أختك هتطلق منه 


عاصم وزينة في نفس الوقت : ايه! 


أمنية : فكرتي في اللي قولته ليكي 


نظرت زينة لها بعض الوقت ثم عادت تنظر أمامها تفكر، هو ليس باقي لها كذلك يعيبه شيء، وجوده مؤلم أكثر من غيابه وهي تخشى أن تأتي بعد عدة سنوات تقول انها نادمة على تضيع عمرها بجانبها


ظلت تفكر وانسحبت أمنية كذلك عاصم تدريجي يتركوا لها المجال لوزن الأمور. 


❈-❈-❈


خمسة أيام وهو يذهب ويعود لمنزل عم سيلا، لقد اكتشف ضربهم المُبرح لها وهذا زاد الأمور سوء، طرق على الباب ينتظر أن يفتح ذاك الذي يخشى نفوذ يوسف لذلك لا يأذيه


عم سيلا بغضب : أنت عايز ايه مننا ؟ قولنالك البنت معدتش هترجعلك 


يوسف : نص مليون جنية كويس 


عم سيلا بعدم فهم : ايه! 


يوسف بهدوء : أنت هتجـ ـوزها للشيخ مش هتستفاد حاجة، أنا هديك نص مليون جنية قبل ما ارجع اكتب عليها كمان أنا مش كبير عليها وجـ ـوزها الأولاني وأولى بيها، سمعتك مش هترجع بجوازتها التانية قد ما هترجع بيا 


لمع الجشع في أعين عم سيلا ليردف بتوتر : واخواتي اقنعهم أزاي ؟ 


فكر يوسف قليلاً ثم قال : نص ليك ونص ليهم، اعتبر سكوتك موافقة مبدئية 


عم سيلا بتفكير : لا اديني مُهلة افكر 


يوسف : تمام بس عايز اشوفها مرة، عايزها تعرف مني أن بحاول اقنعكم نرجع وإني موجود، لو سمحت دا طلب


عاد يفكر ثم قال : يلا بينا 


❈-❈-❈


خرج يوسف من الحمام يرتجف من البرد القارس، تعالت ضحكاتها عليه ثم حملت الفوطة تنشف خصلاته، اندفع أسفل الغطاء يخفي وجهه 


يوسف : الجو تلج موت 


سيلا بضحك : عيب على سنك اطلع 


يوسف بصوت منخفض : بردان 


خرجت تُحضر له شيء دافىء ثم عادت ترفع الغطاء وتتمدد بجانبه، رفع رأسه يضعها في حضـ ـنها فبدأت تداعب شعره وهي تُقـ ـبل جبينه كل حين والآخر، التقطت الكوب قائلة : يلا أشرب السحلب تدفى شوية 


يوسف : مش بحبه، مش بيحبني، مش عارف بس مش عايز 


أعادت شعره للخلف حتى يرفع رأسه ثم قالت : معقول في حاجة في الدنيا مش بتحبك، أشرب وربنا يهديك يلا 


قربت المشروب منه يرتشف القليل، عاد يضـ ـمها بقوة وهي يدفن وجهه في عنقها قائلاً : قوليلي يا سيليو بتحبيني قد ايه ؟


سيلا بهدوء : أنا مش بحـ ـبك يا يوسف أنا بعشقك، مهوسة بيك، حبي ليك مفيش حاجة في الدنيا تقيسه، تجاوز كل حاجة 


يوسف بمرح : عشان كده مش بتنكدي عليا 


ضمت رأسه بقوة قائلة : مش عايزاك تزعل لو في إيـ ـدي كنت شيلت الزعل اللي في حياتك والوجع وخليته من نصيبي، عايزاك دايمًا فرحان وبتضحك، أنت روحي يا يوسف 


يوسف : روحك روحك ولا روحك أي كلام 


سيلا بضحك : لا روحي روحي 


يوسف بضحك : ماشي يا روحي روحي 


اعتدلت جالسة بتعب تسند رأسها للخلف ثم قالت : الدوا مُر بس لازم تاخديه يا سيلا، اتحملي شوية كمان 


تذكرت حورية للحظات كيف أصابها السكر من حبها لأدم، ثم نظرت ليـ ـديها التي ترتجف دون إرادة وانسابت دموعها قائلة : دا اللي خدناه من حبنا يا رب هون 


عادت تقع على الأرض باكية في نفس الوقت فتح يوسف الباب قائلاً بلهفة : سيلا 


فتحت عيناها وارتسمت الصدمة على ملامحها سرعان ما تحولت لضحك ممزوج بمرار، اتجه سريعًا لها يرفعها قائلاً : سيلا سمعاني 


دفعت يـ ـده عنها وهي تعتدل جالسة ثم قالت بصوت عالي نسبياً : يا عمي، عمي 


دخل عمها قائلاً بضيق : عايزة ايه يا بت أنتِ ؟ 


يوسف : مفيش يا عمي روح أنت 


ذهب بينما عادت تصرخ قائلة : يا عمي، عمي تعالى 


أتى العم لتكمل : خده من هنا 


يوسف بصدمة : سيلا 


سيلا بصراخ : خده من هنا مش عايزة اشوفه، خده يا عمي أبو..س رجلك


يوسف : سيلا أنا كلمت عمك وهردك تاني و ... 


لطمت خديها صارخة ببكاء : بقولك خده مش عايزة اشوفه، يا ماما .. يا ماما خليهم ياخدوه 


صرخ يوسف بها وهو يمـ ـسك يـ ـديها : سيلا كفاية 


سيلا : يا عمي أنا مش هتجـ ـوز الشيخ، أنا موافقة بس ابو..س رجلك خده، عشان خاطر ربنا خده من هنا مش عايزة اشوفه مش عايزاه


اتسعت أعين العم وهو يفكر ما الذي فعله هذا الشخص ليكون من نصيبه كل هذه البغيضة، بدأ جـ ـسد سيلا يرتجف بقسوة والدموع تنهمر دون توقف، جذبها يوسف داخل أحضانه يسيطر على ارتجافها وداخله يرتسم الزهول 


يوسف بصدمة : سيلا، لو سمحت يا عمي روح وسبني معاها 


أصمته المال وجعله يغلق الباب خلفه، رفع يوسف وجهها يهمس باسمها وهي تهدأ تدريجي تسيطر على أعصابها بصعوبة 


يوسف : سامحيني يا سيلا سامحيني يا حبيبتي، آخر فرصة وصدقيني هعوضك 


انسحبت سيلا بجـ ـسدها للخلف تضـ ـم ارجلها لصـ ـدرها قائلة : تعوضني ؟ تعوضني عن ايه ؟ أنا محتاجة عوض واحد بس، محتاجة عوض عن حبك وشايفة إن العوض منه اللي بيحصلي 


صمتت قليلاً ثم عادت تتحدث : أنت من صغرك كان من نصيبك الراحة وأنا من نصيبي قلة الراحة، الضحكة كانت ليك وانا ليا العايط وكسرة النفس، أنا حبيتك ومن زمان اوي، كان من نصيبك الهدوء والفرحة وأنا نصيبي العذاب والكسرة، كنت بتجري وراها وانا بجري وراك يكفيني بس اشوفك بعيني مش شرط أنت تشوفني، شوفت في عينك حبها مرضتش اقرب منك خوف ادمر سعادتك بيها، اتحملت وجع القلب عشانك، أنت خسرتني حلم وكسرتني لمجرد وهم جواك وأنا سامحتك، كنت حاسه إنك واخدني لراحتك مش لقلبك بس سكتت واتجـ ـوزتك 


تنهدت ثم أكملت قائلة : الراحة كانت من نصيبك وأنا نصيبي القلق، الضحكة ليك والدمعه ليا، كنت بتنام مرتاح وأنا طول الليل ابص عليك وخايفة تقوم تقول هروحلها، رضيت أكون أداة لراحتك ونسيت نفسي وسط كل ده، رضيت أخلي الزعل ليا والحزن والخوف والدموع عشان اديك كل الحلو مني، كنت بخاف أشد قدامك في الكلام تسبني وتروحلها، كنت بخاف أنام بعمق شوية اقوم الاقيك عندها، كنت بخاف اقولك تعبانة تزهق مني وتسبني، عدى عليا ليالي كنت ببقى مخنوقة ونفسي اعيط بس خايفة تحس وتقول دي كئيبة وتتخنق مني، أيام ببقى تعبانة ومش قادرة لحقوقك بس بسكت عشان متزعلش، في مرة غلطت وقولت اسمها مردتش احسسك او اوعيك لده عشان متفكرش فيها وتسبني، أنا قليت من نفسي عشانك ومن شخصيتي، اتحملت ضرب ابن عمك اللي رجعته لبيتك، اتحملت نظرته ليا عشانك واتحملت كلام أخواتك وهي واهلها عشانك، اتحملت كلام عشق ليا ومرضتش اقولك، اتحملت نظرتك ليا واستهزائك بتعلقي بيك وبمشاعري، اتحملت وقبلت جوازك منها و .... هي مر..اتك برضو 


صمتت قليلاً تفكر ثم قالت : ايوة مر..اتك، أنا.... أنا ادمرت بسبب حبك، أنا اديتك في قربي الراحة وخدت منك الغدر، أنا مسمحاك مش هطلب من ربنا حقي عشان مسمحاك، تلت شهور عيشتهم في نار برن عليك كل لحظة وأنت محستش بيا، تلت شهور بموت في اللحظة الف مرة ودوست على كرامتي بزيادة وجيت ليك، أنت طردتني، أنت ذلتني وقليت مني قدام نفسي، أنا لآخر لحظة كنت مستنياك ترد عشان أقولك موافقة ارجعلك بس ارجع، كنت عايزة اقولك .... أنت مدتنيش الفرصة أقولك يبقى هقولك الوقتي ليه ؟


تمددت على الأرض تضـ ـم نفسها قائلة بدموع تنساب بلا شعور : أنا حبيتك ولسه بحبك اوي، أنت جوايا ذي الدم، أنا نفسي أنساك وابطل اتوجع، محدش فاهم إن الضرب دا اهون بكتير من اللي عيشته في فراقك والخوف من بُعدك


اقترب منها يرفعها قائلاً بلهفة ودموع : سامحيني أنا أسف


سيلا بتعب : منا قولت مسمحاك، متهونش عليا 


حاوط وجهها مكملاً : ارجعيلي يا سيلا، موافقة ترجعيلي 


سيلا وهي تنظر له : ارجعلك ؟ لا مينفعش ارجعلك


بدأ يُقـ ـبل جبينها ووجهها وهو يهمس : ينفع والله ينفع، سامحيني يا حبيبتي أنا غلطان وغبي واستاهل كل الوحش في الدنيا، سامحيني يا سيلا 


أغمضت عيناها وهو يُقـ ـبلها ثم بكت أكثر تضـ ـمه بلهفة وبكائها يزداد، ابتعد عنها يضمها بقوة لتهتف بصراخ باكية : أنا بحبك يا يوسف، بحبك اوي، أنا بحبك وعمري ما هقدر أنساك، عايزة حد يفهمني 


بعد مرور حوالي سبعة وعشرون عام 

همس لها وهو يُقـ ـبل راحة يـ ـدها : أنا فاهمك 


ابتسمت بخفة والدموع تعرف مجراها ليكمل : مقدرتيش تنسيه 


سيلا وهي تمسح دموعها : مقدرتش يا يعقوب، حبيته حُب ... بكلم مين ما أنت خدته مني 


دفن وجهه في راحة يـ ـدها فكان هو خليفتها بعد هذه السنوات ... ظن يوسف أن حديثها الإشارة لعودتها له مرة آخرى 

نعود للوقت الحالي


قرر مع عمها أنه سوف يكتب كتابه عليها بعد عدة أيام ثم سافر القاهرة يُعلم عشق قائلاً : وافقت خلاص ترجعلي، أنا فرحان اوي يا عشق والله واتغيرت خلاص، المرة دي آخر مرة يا رعد


رعد بهدوء : أتمنى 


يوسف بلهفة : لا والله خلاص، أنا هطلق زينة وهرجع سيلا 


رعد بتفكير : دي مش شفقة يا يوسف 


يوسف بنفي : لا دا حب والله حب خلاص بقى أنا اتغيرت ولو رجعت عملت حاجة وحشه اقتلوني، ابعدوها عني بجد كله نفس الحاجة، بصي يا عشق أنا قررت معتش هلعب بزينة وهطلقها تشوف حالها وهفضل مع سيلا 


رعد بهدوء : وعاصم ؟


يوسف : سيلا تقرر لو قالت اقتـ ـله هقتـ ـله، هو معملش فيها قليل، أنا فرحان ومش مصدق إن سيلا سامحتني بجد يا رعد، أنا هنزل المنصورة افرح زوزه بعدين هرن عليكم على معاد كتب الكتاب 


عشق بإبتسامة : في انتظارك 


ذهب يوسف في نفس اليوم بينما جلست عشق تفكر، تحدث رعد باستغراب : مالك ؟ 


عشق بتنهيد : مش حابه الفكرة، يوسف معملش قليل ومش عايزه كل حاجة تبقى سهلة ليه كده


رعد وهو يجلس : معتقدش ربنا هيعديها بعد اللي حصل بالساهل 


عشق بانفعال : أتمنى فعلاً 


تأملها رعد بنظرة مطولة وهو يسرد بعض الشيء عن شخصيتها 

" طفلة لا تمس للكبر بصلة 

عفوية وهذا اكتر ما يميزها 

ذو لسان سليط يعجز الآخر عن الرد عليه

ذو قلب من ماس يخفيه طلاء من زجاج فوقه طلاء من حديد، فهي تظهر من الخارج كأنها شريرة هربت من رواية أحدهم وحين تتجاوز حد شرها تجد شيء يسهل كسره من أقل تصرف وحين تتعمق تكتشف انك لن تجد كقلبها 

ذو حيوية تضيف رونق للحياة 

ذو حكمة في الشدائد 

تنجرف خلف مشاعرها أحيانًا وأخرى خلف قلبها وبعض الشيء خلف عقلها 

ربما تراها مذبذبة لكن أيضًا تراها لا مثيل لها 

لا أحد يستطيع رؤية عشق بأعين رعد، فلو رأها العالم بأعينه لكان عشقها الجميع " 


❈-❈-❈


وصل يوسف المنصورة يحرك مفاتيحه بعشوائية ثم صعد سريعًا لأعلى، فتح باب شقته ينادي على زينة التي خرجت من المطبخ تنشف يـ ـديها، نظرت له نظرة باردة 


زينة : يا أهلاً 


يوسف باستغراب : ممكن نتكلم 


تحدثت دون مقدمات : طلقني 


تنهد ثم مرر يـ ـده في خصلاته، صمت بعض الوقت ثم قال : تمام وأنا أسف إني وصلتك للمرحلة دي


زينة بسخرية : مين ؟ وصلتي لأيه أنا مش بطلب الطلاق عشان روحت جريت على الهانم بتاعتك، دا مهزش فيا قبل كدة ولا هيهز فيا فيما بعد، دا المتوقع منك أصلاً وذي ما رجعتلها هترجع وتسيبها لأن اللي فيه طبع عمره ما بيتغير، بيطلع مع طلوع الروح


يوسف بهدوء : أنتِ عارفة محدش عمل فيا كده غيرك


زينة : عملت او معملتش معدتش فارقة بقى، أنت اتجـ ـوزتها فترة وجيت عيشت معايا فترة، لا هي حملت ولا أنا حملت وبناءًا عليه العيب فيك مش فينا فأنا هتطلق 


لتكمل ساخرة : يعني لا شخصية عدلة ولا قلب وفي كمان ولا خلفة كدة كتير اوي، واعرف أنا أمبارح كنت مستنياك النهاردة مليت منك وهي في يوم هتمل وهتكرهك وأخرك شقة طويلة عريضة تبقى وحيد فيها، أنت ظلمتها وظلمتني وربنا مش بيسيب حق حد ولا بيسيب الظالم غير لما يشوفه المظلوم بعينه 


يوسف بضحك : أنتِ مصدقة نفسك، ههههههه مظلومة أة منا سيبت مر..اتي بمزاجي وجيت غصبتك على الجـ ـواز مني صح ؟ أنا اتغصبت عليكي يا زينة 


زينة : ما تيجي أما نجيبها من الأول كده، أنت اللي بصيت بره 


يوسف بسخرية : هو أنا يا ابقى كلب تحت رجليكي أنتِ وأمك يا أبقى بصيت بره وخاين، أنتِ مصدقة نفسك بجد، أنا عملتلك كل حاجة حلوة من يوم ما وعيت ليكي أنتِ بقى عملتيلي ايه ؟ أنا كنت باجي مخنوق من شغلي الاقيكي بتقوليلي بطل دلع، بقولك تعالي نخرج تقوليلي ماما قالت لا، ماما وماما وماما فين زينة في الحكاية، هو سؤال طلبك للطلاق بمزاجك ؟ 


نظرت له قليلاً ثم اشاحت بوجهها ليكمل ضاحكًا : بمزاج ماما برضو، يا زينة الغالية مبتبقاش غالية على جوزها، بتبقى غالية في قلب جـ ـوزها، أنتِ زهقتيني منك وأنا روحت لسيلا بمزاجي بعد ما مليت منك ومن أمك، سنتين وأنا بحاول فيكي يا شيخة وفي الآخر انا الظالم دا اخوكي ابن ال°°°° خد مر..اتي مني وكان عايز يعتـ ـدي عليها وجبرني عليكي وفي الآخر أنا الظالم 


زينة بغضب : ولما أنت مش ظالم قربت مني ليه ؟ ورجعتلي ليه ؟ 


يوسف بسخرية : هو في حاجة ببلاش ؟ بعدين أنتِ سمحتيلي ليه ؟ اوعي تقولي عشان بتحبيني ؟ اللي ذيك مبيعرفش غير يكون ودني وأناني، ورجعتلك ليه بقى عشان أنا حمار وفكرت في كلام ال°°° أخوكي، رجعتلك عشان حبيتها بجد بدليل جيت عليها هي عشان العيلة كلها، أنا مكتشفتش حبي لسيلا بجد غير لما عملت فيها كده، قبل كدة كنت مفكر إن الحب الحقيقي ليكي وسيلا راحة يوسف، طلع وجع القلب عندك والحب عندها 


تنهد بصوت مرتفع فاردفت : بتحط الحق على عاصم بس اعرف إن الوسا*ـة في دمك أنت


أكد برأسه قائلاً : معاكي حق ما اللي يسيب سيلا ويبصلك يبقى كده


اشتعلت عيناها لتردف بصراخ : اللهي ربنا ما يهنيك ولا يجمعك بعيشة معاها، ويكسر بخاطر قلبك يا يوسف أنت وهي 


تذكر كلمة سيلا له في هذا الوقت وهي تقول : مسمحاك 


ابتسم بخفة ثم قال : ولكِ المثل يا زينة، ربنا يديكي على قد سواد قلبك ونيتك 


زفر وهو يكمل : أنتِ طالق طالق طالق، انزلي فرحي أمك واخوكي بقى، وحياة سيلا لهندفع كلنا التمن على أفعالنا 


تركها وخرج من الشقة يغلق الباب بقوة، نزل لأسفل يقود سيارته بسرعة متجه إلى منزل سيلا، رن على أمه التي أجابت قائلة : مشيت ليه ؟ 


يوسف بتنهيد : طلقت زينة وراجع اتفق مع أهل سيلا على كتب الكتاب 


زهرة : أنت الزمن بيمشي معاك ثانية ولا أنا بتهيألي 


يوسف بحدة : كل ده وثانية بعدين حضرتك منزلتيش بقلم على خلقتي ليه لما طلقت سيلا ورجعت


زهرة بزفير : يوسف أنا عايزة راحتك أنت، مع سيلا مع زينة أي كان أنت وحيدي ومليش غيرك، بعدين منا جيت اكلمك قولتلي يا ماما قفلي على الموضوع واديني قفلت


يوسف بغضب وهو يضرب عجلة القيادة : أنا غبي يا ماما غبي، بس خلاص معتش غباء أوصل ليها بس. 


❈-❈-❈


" هترجعي ليوسف ؟ " 

هذا ما قالته والدتها وهي تربط على شعرها، انسابت دموعها على خديها لتكمل والدتها : بتعيطي ليه بس ؟ أصلاً عمري ما كنت هقبل تتجـ ـوزي الراجل الكبير ده، كرم أصلاً طلب إيـ ـدك وكنت هقولك ... 


رفعت سيلا عيناها قائلة : كرم ؟ 


أكدت برأسها لتردف بأسف : يا نور عيني خالتك أميرة قالت إنه بيحبك من زمان اوي، قالتلي مقولش ليكي وأنا حلفت إني مش هقولك 


ارتفع جانب ثغرها بإبتسامة بسيطة لتكمل والدتها : اة وما صدق اتطلقتي ومهنش عليه يعرف اللي أنتِ فيه


مسحت سيلا أسفل عيناها قائلة : رديتي عليهم يا ماما 


والدة سيلا : لسه 


سيلا : طيب ممكن الفون اكلم كرم 


عقدت والدتها حاجبيها باستغراب لتردف سيلا : لو سمحتي 


اعطتها والدتها الهاتف بعدما رنت على أميرة واخبرتها برغبة سيلا في الحديث مع كرم، تحدث كرم بلهفة : سيلا 


سيلا بهدوء : أنا موافقة، لو عايزني تعالى بالمأذون 


كرم بعدم تصديق : بتتكلمي جد 


سيلا بدموع تنهمر : أيوة


اعطت الهاتف لوالدتها تبكي بكثرة، سحب ورقة وقلم وبدأت تدون كلمات من قلبها ... 


طرق يوسف على الباب وبدأ يدق الجرس بلهفة، لم يرد رؤية عمها بقدر رؤيتها، كأنه ظل سنوات لم يراها، فتحت والدتها الباب فاردف بلهفة : سيلا فين يا ماما ؟ اقصد سلام عليكم الأول


تنهدت والدة سيلا قائلة بحزن : وعليكم السلام، اتفضل يا ابني نورتنا 


يوسف : سيلا فين ؟ 


تجاهلت الرد وهي تتجه للداخل، خرجت تمد يـ ـدها بظرف له فالتقطه قائلاً بتساؤل : سيلا فين ؟ وايه ده ؟


همست له بحزن : سيلا اتجوزت وسافرت مع جـ ـوزها 


التقط يوسف نفسه واتسعت عيناه بصدمة، لم يشعر بدموعه التي انهمرت على خديه وهو يهتف : اتجـ ـوزت! اتجـ ـوزت أزاي! أنتِ بتضحكي عليا صح؟ سيلا 


اندفع للداخل ينادي عليها : سيلا، سيلا 


دخل غرفتها لم يجدها بها، تحدثت والدتها : سيلا سافرت يا ابني، جـ ـوزها خدها وسافر بره مصر خالص 


يوسف : هي بتعمل فيا كده بتعاقبني أنا عارف، هي متقدرش تتجـ ـوز غيري هي بتحبني وأنا والله بحبها، أنا اتغيرت وعرفت قيمتها يا ماما والله وناوي .... 


والدة سيلا بتنهيد : يا ابني والله اتجـ ـوزت وسافرت خلاص


صرخ بجنون : سافرت أزاي ؟


أشارت بعيناها على الرسالة فتحها يقرأ ما كتبت في نفس الوقت صعدت سيلا على متن الطائرة ثم جلست على كرسيها تربط الحزام، نظرت أمامها بشرود تسيطر على عقلها الذي ينسحب تدريجي له 


" الحكاية انتهت بدري اوي، انتهت ولسه الحب اكبر منها بكتير، مش عارفه ليه اتحملت كل ده وليه ربنا خلى كل الحب دا من نصيبك في قلب واحد، بس كل اللي اعرفه إني مسمحاك ومش زعلانة منك ولا بعتب عليك يا يوسف، أنا عملت كده عقاب لنفسي مش ليك لأنه مهما كان سيء ليك مش هيبقى اسوأ مني " 


خرج من منزلها والدموع تعرف مجراها بينما سندت رأسها للخلف تغمض عيناها باسترخاء 

" كمان برغم كل الوجع والحزن والدموع هتلاقيني بحط ليك العذر الألف لكل حاجة، ولو غلطت مرة فوق الألف هتلاقي عذري موجود، بحبك بعدد سنين عمري وأيامه، بحبك بعدد الأنفاس اللي اتنفستها من يوم ما اتولدت، لآخر مرة هقولها وهكتبها وهحس بيها، هفضل احبك لآخر نفس 

سيلا " 


ضـ ـم الورقة لحضـ ـنه وهو يعود لمنزله، نزل من السيارة يصعد لشقة والديه، دق الباب ففتحت هدير قائلة : يا هلا باللي مشرفنا، طلقت أنت وعملت مجزرة بين أبوك وعمك


شهقت بخفة هي دققت في حالته لتكمل : مالك يا يوسف 


اتجه للداخل يدخل الغرفة واغلق على نفسه، نزلت سريعًا تنادي لأهلها من شقة جدها وفجأة رن صوت يوسف في العمارة كلها وهو يصرخ 


صرخة وصمت يليها صرخة اقوى تنبع من أعماقه، ذنب سامحته عليه صاحبته لكن الله لا يضيع حق مظلوم، حمل صورة تجمعها به بين يـ ـديه لا يستوعب انه بين يوم وليلة هذا ما حدث، صرخة يليها صرخة وهو يحرك رأسه بعدم استيعاب، لم يعي لطرقات الباب ولا صوت بكاء أخواته وامه 


ضـ ـم الصورة داخل أحـ ـضانه وتكور يبكي كطفل تائه من عائلته للتو، على الجانب الآخر تنساب دموعها دون سبب واضح وهي تمنع نفسها من ذكره في ذهنها فهي أصبحت زو..جة رجل آخر 


تحدثت بتنهيد : انتهت الحكاية. 


" سيلا " 

هتف باسمها وهو يبكي ثم صرخ قائلاً : يا رب ...


ذهبت سيلا التي كان وجودها أكثر شيء مضمون في العالم، ذهبت وتركت خلفها أكثر شخص أناني في العالم، ذهبت ربما دون عودة لكن يظل الأمل موجود طالما لم تنقطع الأنفاس ... 

يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سماء أحمد من رواية عشق الرعد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة