-->

رواية جديدة في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 36

 

قراءة رواية في غياهب القدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية في غياهب القدر

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران 



الفصل السادس والثلاثون

 حقيقة


‏قد كنتُ تُبتُ.. فما الذي أغواني!؟

لأعودَ من يَبسي إلى الشُطآنِ


هيَ أوقعتني!، كيف؟.. لا أدري أنا

إنّ النساءَ حبائلُ الشيطانِ!


أنا كنتُ في يأسي و دمعي غارقاً

ومُحاصَراً بالآهِ والحِرمانِ


وفتحتُ عيني فجأةً.. فرأيتُني

في الرَوحِ مُستلقٍ وفي الريحانِ!



يا آخرَ المَلكاتِ... كيفَ أخذتِني

منّي، بلا إذنٍ.. ولا استئذانِ!؟


(حذيفة العرجي)

❈-❈-❈


في غرفتها تدور حول نفسها وهي تتلاعب بأصابعها في ملل شديد فقد منعتها والدتها من الذهاب إلى الجامعة اليوم بحجة أنها تحتاجها لتنظيف المنزل

 وها هي ذي تجلس منذ سويعات في غرفتها ولم تستدعيها والدتها إذا لماذا طلبت منها المكوث في المنزل؟ 

ظفرت بقوة ثم فتحت الباب متجهة إليها فأبصرتها تجلس في غرفتها شاردة تماما

 دنت منها وسألتها باهتمام: سرحانة في إيه يا شحرورة؟ 

رفعت عينيها لتواجه خاصتها وإجابتها بكذب: ما فيش حاجة قولي لي محتاجة حاجة اعملها لك؟

 أجابتها وهي تجلس بجوارها فوق الفراش: انت اللي فيه حاجة محتاجة اعملها لك انتي رفضتي أروح الجامعة عشان عيزاني أساعدك وأنا ما شاء الله شيفة البيت زي الفل مش محتاج حاجة قعدتيني من الجامعة ليه بقى يا شحرورة؟

 أشاحت بعينيها بعيدا عنها وغمغمت: عادي أصلك وحشتيني قلت تسليني النهاردة.

 شعرت بالقلق فيبدو أن والدتها تخفي عليها شيئا هاما فسألتها بلهفة: ماما أنا مش عايزة أقول لك إنك بتكزبي عشان عيب بس ارجوكي فهميني إيه اللي بيحصل بالظبط أنا ما بقتش صغيرة وأنت طول عمرك بتشاركيني الصغيرة قبل الكبيرة عشان كده يا ريت تقولي لي فيه إيه؟ 

زفرت بقوة فيبدو أن لا مفر من أن تعلمها بالحقيقة فرمقتها باهتمام وراحت تقص عليها ما حدث لها بالأمس على يد عمها البغيض وبعد أن أنهت حديثها أبصرت الدموع في عينين ابنتها فجذبتها إلى صـ درها تمسد فوق خصلاتها بحنان وتغمغم: ما تخافيش يا حبيبتي ما حدش هيقدر يأزينا أبدا انت ناسية ان سعد بقى موجود في حياتنا ربنا يطول لنا في عمره احنا ما بقيناش زي زمان يا نور بقى لينا ضهر وسند عشان كده أنا مش عايزاكي تخافي أبدا الجامعة هتروحيها طبعا بس لما نشوف الحاج سعد هيعمل إيه مع المجرمين دول.

 ابتعدت نور عن مرمى زراعي والدتها ورمقتها بحزن: لحد امتى هنفضل في القرف ده يا ماما لحد امتى؟

 أجابتها بإصرار وثقة: قريب قوي يا حبيبتي هنخلص من اللي احنا فيه ده دلوقتي بقى يلا نطبخ حاجة حلوة كده لعمك سعد قبل ما ييجي.

 أومأت لها نور لكنها كانت تشعر بحزن عميق في قلبها كما أن والدتها كبرت كثيرا في نظرها فلقد تحملت كل هذا العذاب من أجلها هي فقط كي تحيا حياة كريمة وقفت أمام عائلة والدها كي تحميها وفعلت كل شيء كي تجعلها فتاة ناجحة في حياتها وكانت ثمرة كل هذا كلية الطب التي لطالما حلمت بها هي ووالدتها.


❈-❈-❈


أمام التلفاز يجلس يقلب في القنوات وهو يظفر بحنق فالإعلانات باتت أكثر من العروض الأساسية الآن.

 اغلق التلفاز وامسك بهاتفه عازما على التحدث مع صديقه الذي انقطعت أخباره منذ زواجه بشقيقته

 كاد أن يطلب رقمه لكنه تراجع عندما أبصرها تلج من باب الشقة وتدنو منه تسأله بهدوء: عامل إيه يا عمار؟

 استدار إليها بعنقه لكنه شعر بألم شديد فراح يمسد فوق عنقه من الخلف وسرعان ما هاجمه ألم شديد في رأسه فدنت منه عندما أبصرت الألم ظاهرة جلية فوق قسمات وجهه وهتفت بلهفة: إيه مالك يا عمار؟

 اغلق عينيه بقوة من شدة الألم وغمغمة بصوت خافت: صداع صداع فظيع في دماغي يا صَبا غير اني قايم من النوم حساس بتشنجات في رقبتي مش عارف في إيه.

 وقفت خلفه وراحت تمسل برفق فوق عنقه لكن عوض عن الراحة التي من المفترض أن يشعر بها شعر بأن الألم يتزايد

 ابتعدت عنه وهي تشعر بالقلق الشديد عليه فأمسكت بهاتفه وهي تغمغم: أنا هكلم الدكتور يقول لنا في إيه بالظبط انت أول مرة تحس بكده من بعد الحادثة ليكون في حاجة جديدة ظهرت احنا مش عارفينها. 

أومأ لها موافق

 فالشعور الذي يشعر به الآن ينهشه بدون رحمة.


❈-❈-❈


قهقهة بلا مرح ثم راحة يمسد فوق سا قيها العـ اريتين ببطء مثـ ير وهو يغمغم وعيناه لا تفارق خاصتها: وماله عايزة تطلقي أطلقك بس الأول تمضي لي على تنازل على كل حقوقك.

 دفعت يده بعنف وقفزت من فوق المكتب وهي تضع كلتا يديها في عصـ رها وشهقت بسوقية: نعم نعم أتنازل عن إيه يا حبيبي؟

 اسمعني كويس أنا مش هتنازل عن ولا مليم حقي هاخدة ولو بالمحاكم فاهمني عارف أنا هقول إيه كويس كفاية الزبالة اللي أنا جيت لقيتها في بيتك وانت كنت مخبي عليا وأنا من حقي ما يبقاش لي درة. 

شملها بنظرات وقحة وغمغمة باستفزاز: وماله يا عمري عايزة تروحي المحاكم روحي بس خليكي فكرة ان أنا اللي متجوزك عليها يعني هي اللي يحق لها تقول إنها مش عايزة ضرة وهي كتر خيرها ما عملتش كده أصل هي ما يهمهاش غير راحتي حب بقى آه سوري نسيت انك ما تعرفيش يعني إيه حب.

 صكت على أسنانها بغضب حارق ودنت منه تمسكه من تلابيب قميصه وتهتف بغل: اسمعني يا حسام أنا اتجوزتك علشان أعيش حياة أفضل لكن للأسف جت على دماغي وأعتقد ان ده عقاب ربنا عشا كده أنا مش عايزة أكمل في الحياة الزفت دي كل اللي أنا عيزاه آخد قرشين ابدأ بيهم من جديد وكفاية اني خسرت بسببك بيتي وعيالي.

 للمرة الثانية يقهقه بقوة مستفزة ويدفع يدها بعنف: ما تقوليش بسببي قولي بسبب جشعك وطمعك ده الراجل كانت روحه فيكي وانت مع أول إشارة مني رميتيه وجيتي تجري عليا عشان كده اوعي تعلقي قذارتك على شماعة أي حد غير نفسك فاهمة يا حلوة وآخر مرة هقولها لك عايزة تطلقي ما عنديش مشكلة بس مش هتخدي مني ولا مليم مش عيزة وماله خليكي قاعدة واديكي مسلياني. 

قال تلك الكلمة الأخيرة بوقاحة جعلتها تشمئز منه ومن نفسها 

رمقته بازدراء واندفعت للخارج ودموعها تسبقها فهي تعلم أن كل حديثه صحيح هي الوحيدة المذنبة والمخطئة في كل ما حدث لها هي من تركت النعيم وصارت بقدميها إلى الجحيم.


❈-❈-❈


تسارعت خفقات قلبها عندما أبصرته يقف أمامها يرمقها باشتياق شديد لوهلة فكرت أن ترتمي بحضنه فهي على الرغم من كل ما فعله إلا أنها ما زالت تحبه كثيرا 

هي الأخرى اشتاقته حد الجنون.

 تبادلا النظرات سويا لكن قطعت هي تواصلهما البصر عندما تذكرت خيانته لها فتحولت نظراتها إلى كره وهتفت بجدية وفظاظة: نعم؟ 

سلط عينيه في عينيها ولم يتفوه ببنت شفا فقد كان مأخوذا بسحر تلك اللحظة ليلة وحيدة بعيدا عنها جعلته يفتقدها كثيرا ماذا عن الليالي القادمة؟

 أشاحت ببصرها بعيدا عنه وكررت حديثها: نعم.

 غمغمة بصوت خافت: هتسيبيني واقف على الباب كده كتير يا غزل. 

أومأت له عدة مرات دليلا على موافقتها مردفة بحدة: معلش ما فيش حد هنا عشان يستقبلك أبويا نزل وما فيش غير أنا وأمي اللي هنا عشان كده ما ينفعش تدخل ما تنساش انك بقيت غريب عليا.

 رفع كلا حاجبيه باستنكار هاتفا بجدية: غريب عنك إيه يا مجنونة انت انت لسه مراتي. 

أشهرت سبابتها في وجهه وهتفت بغل: اوعة تنطق الكلمة دي تاني انت من اللحظة اللي اتجوزت عليا فيها وأنا حرمت نفسي عليك عشان كده انت دلوقتي بالنسبة لي مجرد شاب غريب فهمت قصدي؟

 ودلوقتي بقى أتفضل من غير مطرود.

كادت أن تغلق الباب في وجهه لكنه وضع قدميه كي يمنع الباب من الانغلاق وهتف بتأكيد: أنا مش همشي يا غزل غير لما نتكلم مع بعض. 

زفرت بنفاذ صبر ثم أفسحت له الطريق له ليدخل لكنها هتفت أولا: ماما تعالي عندنا ضيف.


❈-❈-❈


بعد أن انتهى من فحصه سألته بلهفة: إيه يا دكتور خير إيه اللي حصل ماله عمار؟

 أجابها بهدوء وهو يغلق حقيبته: بصي هو أنا شاكك في حاجة بس مش متأكد منها تقريبا حصل انزلاق غضروفي من عند الرقبة وهو اللي مسبب له الألم ده والصداع عشان كده لازم عمار يجي المستشفى ويعمل إشاعة رنين تمام يا مدام وبعدها نقرر إذا كان عمار محتاج لعملية جراحية ولا لا بس عايز أنبهكم لحاجة الموضوع ده ميتسكتش عليه كفاية انه قعد فترة طويلة رافض العلاج وانت عارفة ان العضم بالذات ما ينفعش نتهاون فيه.

 أومأت له موافقة وهي تشعر بالحزن الشديد فسألته مرة أخرى بلهفة: طيب يا دكتور في أمل انه يرجع طبيعي زي الأول؟

 أومأ لها بابتسامة صغيرة: ما فيش حاجة مستحيل في الطب يا مدام ودلوقتي إن شاء الله بكرة تجيبيه لنا المستشفى علشان يعمل الأشعة زي ما قلت لك

 وفي دكتور صديقي في ألمانيا بعد ما نشوفو التحاليل والإشاعات هبعت له يبص على حالة عمار وبعدها نقرر وإن شاء الله خير.

 منحته ابتسامة مهزوزة ثم شكرته وتقدمته للخارج وهي تدعو الله أن يشفي لها زوجها وحبيبها فهي تعلم علم اليقين أن مثل تلك العمليات صعبة للغاية لكن ما باليد حيلة فعليها أن تقبل بقضاء الله وتكون داعمة له حتى يعود ويقف على قدميه كالسابق.


❈-❈-❈


جلست واضعة ساق فوق الأخرى تتابعها بعينين صقريتان وهي تنظف المنزل وتدندن بخفوت لكنها سرعان ما أجفلت على صوتها الحاد: جرى ايه يا محروسة هتفضلي يا أختي تنضفي طول النهار كده ما تخلصي عشان تلحقي تعملي لقمة للولا الغلبان اللي شقيان طول النهار ده.

 تركت ما بيدها ودنت منها تسألها بهدوء: هو في حاجة يا ماما أنا زعلتك في حاجة- لا سمح الله-؟

 رمقتها بدهشة وأجابتها وهي تهز رأسها نفيا: لا يا أختي ويا ريت توفري شوية المحن دول للمحروس جوزك أنا ما بجيش يا أختي بكهن البنات ده ويلا روحي شوفي اللي وراكي بلاش لكاعة. 

جلست قبالتها تهتف بإصرار: أنا مش هتحرك من هنا غير لما اعرف هل حصل مني حاجة زعلتك ما هو المعاملة اللي بتعامليني بيها دي جديدة عليا عشان كده يا ريت تفهميني.

 أنزلت سا قها من فوق الأخرى وأجابتها بكل ما يعتمر بداخلها من غل: أنا أصلا من الأول مش طايقاكي وما كنتش موافقة على جواز ابني منك هو لسه شاب ما دخلش دنيا يتجوز واحدة كانت متجوزة قبل كده واطلقت بفضيحة بس عصرت على نفسي لمونة ووافقت لما لقيته مصر عليك ما اعرفش يا أختي عاجبه فيكي إيه؟ 

ألقت كلماتها الأخير وهي ترمقها بنظرات مشمئزة مما جعلت عبير تهب واقفة ودموعها تهطل دون توقف فقد أصاب كلامها قلبها الصغير ولن تتوقع أبدا أن والدة زوجها تكن لها كل ذلك الكره ولماذا!

 لأنها تزوجت ابنها الوحيد لا تعرف أنها زهدت جميع الرجال وإن ابنها هو الذي أصر عليها لكن لا بأس كالعادة ستصمت وتتحمل فهي ليست على استعداد كي تتطلق مرة أخرى وبعد وقت قصير من زواجها.

ألقت بجسدها فوق فراشها وراحت تنتحب بصوت مرتفع يمزق نياط القلوب ولسان حالها يردد أن السعادة ليست مكتوبة لها وان قدرها أن تعيش في شقاء طوال عمرها.


❈-❈-❈


صمت خيم على المكان فور حضور الحاج سعد والحاج كامل واللذان هاتفتهما السيدة سعاد تعلمهما بحضور رامي

 تبادلوا النظرات جميعا: كويس انك جيت يا رامي أنا كنت هاجي لك بنفسي. 

دب القلق في قلبه فهتف بلهفة: خير يا عمي في حاجة ولا إيه؟ 

كاد أن يجيبه لكن قطعه الحاج كامل الذي هتف بحدة: وكمان بتسأل يا بجاحتك يا أخي.

 أكملت غزل عن والدها: لا وكمان جاي هنا برجليه عموما كويس انك جيت عشان نخلص والحمد لله أهو بابا وخالي موجودين عشان يخلصوني منك.

 شعر بالغضب مما تفوهت به زوجته فهب واقفا بعند: عيزة تخلصي مني يا غزل طيب وان قلت إني مش حطلقك هتعملي إيه أنا آه رميت عليك يمين الطلاق بس ممكن أردك في اي لحظه. 

متط شفتيها باستفزاز وهتفت بسخرية: لا يا شيخ هو أنت مفكر إن أنا ما ورابيش رجاله ولا إيه وكويس ان هما موجودين علشان يسمعوا ويشرفوا بعينيهم عموما ما تقلقش أنا وصلت لهم وفهمتهم قد إيه انت كنت خاين وقليل الأصل.

 قطعها بتحزير: حافظي على كلامك يا غزل وبلاش غلط أنا ما عملتش حاجة أنا استعملت حقي الشرعي وربنا -سبحانه وتعالى- قال مثنى وثلاث ورباع. يعني أنا استخدمت حقي الشرعي.


 حقك جك كسر حقك يا رامي أنا قصرت معاك في إيه علشان تتجوز عليا ده أنا كنت قيدة صوابعي العشرة شمع ليك ولعيالك من الآخر كده طلقني أحسن لك.


 وبعدين.

 تلك الكلمة هدر بها الحاج سعد الذي شعرة بالغضب من عدم احترامهما لوجودهم

 صمتت غزل وأطرقت رأسها أرضا بينما رومي هتف باعتذار: أنا آسف يا عمي بس حضرتك شايف طولت لسانها وقلة أدبها.

 أشار له الحاج سعد ليجلس فاستجاب له وهتف بجدية: اسمعني يا رامي واسمعوني كلكم دلوقتي أنت اتجوزت عليها وده حقك تمام؟

 ابتسم رامي بإشراقه واومأ له موافقا فقد أعجبه كثيرا كلام ذلك الرجل الوقور لكن تجهم وجهه فور سماع كلمات الحاج سعد التالية إذ أردف: بس الشرع كمان مديها الحق انها تقبل أو ترفض جوازك ده وبنتنا رافضة يبقى تطلقها يا ابني من سكان ويا دار ما دخلك شر.

 خرجت الحاجة سعاد عن صمتها أخيرا وهتفت بحدة: وتاخد حقها على داير مليم مؤخر الصداق والنفقة بتاعة العيال واللي هما في حضانتها طبعا لأنهم لسه صغيرين. 

كادت أن تعترض وتخبره بأنها لا تريد منه شيئا لكن نظرة خالها أوقفتها فابتلعت حديثها لترى ماذا سيحدث.


 ها قلت إيه يا رامي؟

 أجابه بعند: طب لو قلت إني مش حطلقها أنا بحبها وعايزها. 

فاض الكيل من حديثه الذي يجعلها تشمئز منه أكثر وهدرت بعنف: حبك برص يا رامي حب إيه اللي انت جاي تقول عليه اللي يحب ما يخونش ولا يكدب كذبت وخنت عشان كده أنت ما تلزمنيش ولو ما طلقتنيش بالزوق أنا هخلعك.


 لا لا يا غزل يا بنتي الأستاذ رامي مش وش بهدله ولا فضايح عشان كده هيطلق بالزوق مش كده يا رامي يا ابني؟


 لكن يا عمي سعد أناا...

 قطعه الحاج كامل: ما فيش لكن ورقة طلاق بنتنا توصل لها والنفقة أنت اللي حددها وده آخر كلام قلت إيه؟

 ألمه قلبه وشعره بجفاف في حلقه فرمق الجميع بنظرات معتذرة وثبت عينيه في عينيها هاتفا بانكسار: انت طالق طالق بالتلاتة.


❈-❈-❈


يقف أمام مطعمه يمشط المنطقة بعينيه بحثا عنها فهو أراد رؤيتها والانتقام منها على حديثها اللاذع الذي أغضبه بالأمس لكن شعرا بالإحباط عندما طال الوقت ولم تظهر

 فولج للداخل وألقى بجسده فوق الكرسي يؤنب ذاته فتلك الصغيرة تحتل تفكيره أكثر من اللازم فغمغم بسخرية: جرى إيه يا وليد هو أنت بقيت فاضي للدرجة دي شاغل دماغك ببت زي دي لا وعامل عقلك بعقلها ده أنت لو كنت اتجوزت بدري كنت خلفت قدها اعقل كده وفوق لنفسك.

 أومأ برأسه عدة مرات دليلا على استحسان حديثه وهب واقفا يتابع سير الأمور في مطعمه الكبير عازما على عدم التفكير بها وإذا رآها سيتجاهلها تماما فهو ليس بصغير أو مراهق كي يكون ندا لفتاة صغيرة كهذه.


❈-❈-❈


ليلى حضر الجميع للاطمئنان على عمار بعد أن أخبرتهم صَبا بكل ما حدث معه.

 ولج الحاج سعد واطمأن عليه وكذلك السيدة صباح وابنتها نور لكنه كان يغط في سبات عميق فقد أمر الطبيب صَبا بأن تعطيه المسكنات عندما يشعر بالألم.

 اغلقوا الباب عليه بهدوء ثم دلفو للخارج فأوصلهما الحاج سعد إلى منزله بعد أن أخبرهما بأنه لديه موعد هام سيقضيه ويعود لهما.

 بينما في الأعلى جلست كل من صَبا ووالدتها وكذلك غزل التي كانت في عالم آخر فسألتها صَبا بلهفة: مالك يا غزل وبعدين ما قلتيش يعني انك هنا كنت نزلت قعدت معاكي شوية؟

 أجابتها بحزن: أقول لك إيه بس يا بنتي كفاية اللي أنت فيه.

 قطبت حاجبيها بعدم فهم وسألت والدتها: هو فيه إيه يا ماما بالظبط؟

 تنهدت والدتها بثقل وراحت تقص عليها ما حدث مع شقيقتها دون أن تغفل عن حرف واحد وبعد أن انتهت هتفت صَبا بحدة: حيوان وقليل أصلا والله جدعه يا غزل أنك سبتيه. 

انفجرت غزل في البكاء فدنت منها شقيقتها تعانقها وتمسد فوق ظهرها هاتفة بمواساة: ما تزعليش نفسك هو ما يستاهلش دموعك دي انتي غالية قوي يا غزل خليكي عارفة إنك انت اتصرفتي صح الخيانة ما تتغافرش أبدا.


 وعلى الجانب الآخر فتح عينيه بثقل ثم هب جالسا وتزحزح على طرف الفراش وسحب كرسيه وجلس عليه عازما على الدلوف للخارج ورؤية ما السبب وراء كل هذا الهدوء 

وقبل أن يلج إلى غرفة صَبا استمع إلى ما جعله يتجمد في مكانه إذ هتفت السيدة سعاد: ده أنا لسه قبل ما هي تدخل عليا كنت بحمد ربنا ان ربنا كرمكم أنتم الاتنين واتجوزتوا اللي بتحبوهم يا دوبك نزلت أيدي سمعت صوت الجرس.

 وزعت غزل نظرها بين والدتها وشقيقتها وهتفت وهي تزيل دموعها بأطراف أناملها: احن الاتنين بنحبهم تقصدي مين أنا وصبا يعني؟

 أومأت لها الحاجة سعاد بثقة فاستطردت غزل سؤالها: يعني صَبا بتحب عمار!

 أومأت السيدة سعاد عدة مرات وهتفت بتأكيد: بتحبه من وهي عيلة صغيرة لا وكانت مخبية علينا كلنا ورفضت الجواز عشانو هو بس الحمد لله الظاهر انها لها نصيب معاه وربنا عمل كل ده عشان يجمع بينها وبينه.

 فغرا عمار فاهه بعدم تصديق وغمغمة: بخفوت صَبا بتحبني أنا!

يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران من رواية في غياهب القدر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة