-->

رواية جديدة حارس المقبرة لهالة محمد الجمسي - الفصل 2

 

 رواية رعب من روايات وقصص الكاتبة هالة محمد الجمسي
رواية حارس المقبرة



رواية جديدة 

تنشر حصريًا 

على مدونة رواية وحكاية 

قبل أي منصة أخرى


الفصل الثاني 


  نظر الرجل إلى أسعد في حدة، كانت نظرته حادة ثاقبة باردة مثل قبر مفتوح، غريب أن أسعد شعر بالرعب من نظرته، أنه يشعر أن الرجل الذي أمامه ينتمي إلى عالم الأموات رغم الصوت والحديث معه، ولكن هناك شيء مخيف في هذا الرجل، شيء يبدو مدفون داخله، شيء أشبهه بكتلة من التحذيرات تحيط به، تجعلك تراجع ذاتك ألف مرة قبل أن تفكر في الكلام معه، وتجعلك أيضاً تطلق ساقيك إلى الريح حتى تفر منه، فرار أبدي، قال أسعد وهو يرخى قدميه إلى الأرض: 

_أخبرتك من قبل أن ضللت الطريق، وأريد الخروج من هنا، هذا هو كل شيء 

قال الحارس في صوت به لهجة تحذير: 

_لا أحد يدخل هذا المكان ويخرج حياً، أنت أخترت أن تعبث هنا، فلا تظن أن كلماتك الجوفاء سوف تنطلى على عقلي أنا لست ساذج 

نظر له أسعد عن كثب، غريب أن ملامح الرجل لا يظهر منها ف الظلام سوى عيناه وهي تبدو مخيفة إلى حد كبير، مثل قطعتين حجر سوداء اللون تبرقان في الظلام، لا حياة بهم، هيئة الرجل توحى أنه طويل القامة 

هتف أسعد وهو ينظر إلى سيارته عن بعد: 

_هذا يثبت صدق حديثي، ويمكنك أيضاً أن تدلني على طريق الخروج من هنا، ولن تراني بعد هذا في المكان، وهذا دليل آخر

ساد صمت دقائق، بعد كلمات أسعد، والحارس ينظر إلى الأرض في هدوء، مما دفع أسعد أن أن يصرخ: 

_بحق الله ما الذي سوف يدفع شخص مثلي لا ينتمي إلى المكان لأقتحام القبور ليلاً ؟ إذا كانت قبوركم مقدسة إلى هذا الحد لماذا لا تحيط بها بوابات عالية وأسوار؟ لماذا؟ لا يوجد هنا سوى الكلاب الضالة، والأموات، ماذا يمكن أن يفعل رجل أعمال مثلي بقبوركم؟   

❈-❈-❈

 

قال الحارس وهو يمسك تراب من الأرض ويضعه بين يده: 

_أنت رجل أعمال إذن؟ 

نظر له أسعد في نفاذ صبر ثم تابع: 

_أسمع، لما لا نعقد اتفاق أنا وأنت؟ سوف أعطيك مكافأة كبرى حين أخرج من هنا، يمكنك أن تحدد مقدار المبلغ الذي تريد، ما رأيك في ثلاثون الف جنيهاً؟ هل هذا المبلغ كاف لك؟ 

نظر له الحارس في غضب ثم قال: 

_لا تظن أنك سوف تخدعني، أعلم جيداً أن وجودك هنا ليس من قبيل الصدفة، لقد شاهدتك وأنت تضع حجر هناك في القبر الأزرق، ومرغرت جسدك بالتراب، تلك الأمور افهم جيداً الغرض منها

وضع أسعد يده على رأسه ثم قال: 

_أجل وضعت الحجر هناك، من أجل معرفة هل أسير إلى الأمام أو لا؟ الأمر جنوني لقد أكتشفت أن كل خطواتي في ذات المكان، لا أتقدم إلى الأمام، لقد تم سجني هنا 

نظر له الحارس في تشكيك وعدم ثقة ثم قال: 

_لا أحد يدخل القبور هنا صدفة، سيارتك معطلة هناك، لماذا لم تقف إلى جوارها وتطلب عون؟ 

تنهد أسعد ثم قال: 

_هناك كلب صغير أخافني،جعلني أركض إلى هنا، الهاتف المحمول الخاص بي الشبكة به معطلة 

نظر له الحارس في حدة ثم قال: 

_كلب صغير 

هتف أسعد في سرعة: 

_أقسم لك أنها الحقيقة، لا أريد شيء من هنا، ولا أعلم ما هو الشيء الثمين الذي يجعلك تخاف من شخص مثلي على الاموات، أنا مجرد رجل ضل الطريق، وأريد العودة هذا هو كل شيء

نظر الحارس إلى أسعد في هدوء، ثم قال: 

_إذا كان ما تحدثت به منذ ثوان صحيح، لن تستطيع الخروج من هنا، لقد رفض المكان أن يتم خروجك منه، لقد أصبحت سجين القبور 

❈-❈-❈ 

هتف أسعد وهو ينظر إلى الحارس في حقد وغل: 

_هل أنت شيطان؟ ما أنت؟ أنا رجل لا أزال على قيد الحياة وأريد الخروج من هنا، وأنت تخبرني أن أسير القبور، أريد الخروج من تلك المتاهة 

أشار الحارس له إلى الأمام وقال: 

_هذا هو الطريق إلى الخروج، يمكنك السير باتجاه الطريق لا تلتفت إلى اليسار أو إلى اليمين، الطريق مباشر و واضح أيضاً، ولكن تذكر ما أخبرتك به الأرض ترفض خروجك، وهذا أمر يتم مع العابثين والمجرمين، لهذا لا تظن أنك قد خدعتني 

نظر له أسعد في حقد، ثم قال في سرعة: 

_لست مجرم أو عابث، سوف أخرج من هنا الآن، وسوف تشاهد هذا بعيناك، فقط دعني وشأني ولا تتبع اي حيل تمنع خروجي من هنا، ليس هناك أي أحد هنا غير سوانا، ولا تظن أن أمر القبور ترفض خروجي أمر أصدقه،

سار أسعد في خطوات سريعة إلى الأمام، ركض في جنون وهو ينظر إلى السيارة، التي تزيد مسافة البعد عنها، كلما زادت سرعته، خفق قلبه في جنون، وشعر بالعرق يتصبب من جسده كله، توقف لحظات ثم نظر خلفة، كان الحارس ينظر له في تعجب ودهشة، لم يكن هناك مسافات بينهم، لقد أصبحت المسافة بينهم أقرب من ذي قبل، مما جعل أسعد يصرخ في جنون: 

_هذا مستحيل، أنها لعبة شر يرة 

سقط أرضاً اصبح وجهه مباشرة في عين الحارس، أستمع إلى أصوات طبول عالية، وشعر بضباب أسود يغزو عقله، قبل أن يفقد وعيه، وهو يتمنى أن ينال منه الموت

❈-❈-❈

كان ما جعل أسعد يستعيد وعيه هو ذبذ بات شعر بها في قدمه ويده، نظر إلى السماء التي كانت مثل قطعة قماش سوداء لا بداية ولا نهاية لها، بعض النجوم بها مختبئة لا تريد أن تظهر، والبعض الآخر يظهر و يختفي سريعاً، للحظة لم يكن يدرك أين هو؟ وتساءل لماذا ينام في الشرفة؟ حين تحرك من مكانه، كان الحارس لا يزال جالساً في مكانه ينظر له في صمت، تذكر أسعد كل شيء، المقابر، الكلب، الحارس، السيارة المعطلة، قال وهو ينظر إلى الحارس: 

_فقط أخبرني أن هذا كله كابوس مزعج، أنت لست حقيقي، وما يحدث هنا الآن ليس من الواقع، فقط قل هذا وأعترف به حتى ينتهى كل شيء٠ 

 

نظر له الحارس في عمق، ثم قال في صوت أجش يبدو مثل صوت يخرج من فوهة بئر أو جبل: 

_الأرض ترفض مغادرتك، هذا أمر واضح، سوف تدفن بها لأنك أردت شر، لماذا جئت إلى هنا؟  

أعتدل أسعد في جلسته وضع يده على رأسه ثم قال: 

_أخبرتك مئة مرة، لقد تعطلت سيارتي، كنت مضطر للسفر ليلاً من أجل اللحاق بعزاء والد زوجتي، هل على أن أقدم تقرير عن حياتي؟ أنا رجل أعمال وميسور الحال، لست متشرد 

ساد صمت دقيقة واحدة بينهم، كان أسعد لا يزال ينظر إلى الأرض، حين قال الحارس في ثقة: 

وجب عليك أن تختار رواية آخرى، أو لا تختار هذا شأنك، الأرض هي من تقتص من المقتحمين ولست أنا

رفع أسعد رأسه إلى الحارس، ثم قال وهو يكاد ينفجر غضب: 

_أنت مشعوذ أكيد، كيف لم انتبه إلى هذا الأمر منذ اللحظة الأولى؟ ما الذي يدفع شخص إلى العيش في المقابر؟ خاصة أنها ليست مقابر عادية، أنها مقابر تقع في منطقة مهجورة، أنت دجال إذاً أو جان لا يوجد تفسير آخر 

❈-❈-❈ 

دق الحارس بالعصا الخشبية دقة خفيفة على الأرض، ثم قال في أسلوب ساخر: 

_ إذا كان من يسكن المقابر دجال أو جان، لماذا تسعى أنت خلفهم؟ لا تظن أن كلماتك وروايتك المزعومة سوف تدخل رأسي، وأنت كاذب مخادع، تريد أن تلقى بعض كلمات حتى تأمن طريقة خروجك، بعد أن فشلت مهمتك التي تسعى خلفها، لقد شاهدت مثل من يشبهون وجهك من قبل، نفس الكلمات والروايات المزعجة الخادعة، أنهم مجموعة من المرتزقة، بعضهم يسعى وراء الثراء، والبعض الآخر يلتمس شر، لقد توقفت رحلتهم الهوجاء منذ فترة ليست بعيدة نوعاً ما، ومن المؤسف أن نهايات رحلتهم تتلاقاها اذنك ولم تتخذ منها عظة أو عبرة، بعض الأحلام تلقى بأصحابها إلى التهلكة أليس كذلك؟ 

دون أن ينتظر رد من أسعد أكمل الحارس: 

_لقد شاهدت نهاية الرجال هنا، شاهدت نهايتهم، وظلت قبورهم مجهولة إلى ذويهم، فقط أنا من شاهدت نهايتهم، ظلت الكلمات تطوف إلى الآخرين أن الاختفاء واللعنة هي من تصاحب من يدخل المقابر الزرقاء، نهاية كل عابث هنا، نهاية كل مقتحم القبور الزرقاء ليست نهاية سعيدة أو ءامنة، أنت واهم بل أنت صبي ساذج إذا كان عقلك يخيل لك أن الأرض سوف تتيح لك فرصة الخروج، سوف أظل أنظر لك ، وأشاهد نهايتك سواء خرجت من هنا مجنون، أو ابتلعتك الأرض في جوفها، 

تنهد أسعد في نفاذ صبر، ثم قال: 

_إذا أنت تريد مني أن أعترف بأمر تريد سماعه، لك هذا، لقد جئت إلى هنا من أجل القبور الزرقاء كما تريد أن تتطلق عليها، وهذا خطأ أعترف به، ولكن الآن أطلب منك العفو والسماح، وأن تفعل شيء يجعلني أخرج من هنا، أنا مستعد لفعل أي شيء من أجل الخروج من أرضك وأعدك أنك لن تشاهد وجهي مرة ثانية، هل هذا كاف حتى أنال حريتي ويفك سجني؟  

❈-❈-❈

ساد صمت ثقيل بين الحارس وأسعد، صمت مخيف لا شئ سوى نظرات الاثنين، الرياح أيضا تبدو مخيفة إلى حد بعيد، تصدر صوت مثل عويل أنثي فقدت زوجها اليافع الشاب، تبدو مثل من يطلق جنازة كبيرة ويريد من الجمع أن يشاركها الندب والعويل، صوت حفيف الشجر يبدو مثل كائن يعترض على كل شيء، كائن يعترض على هذا الأمر، ربما يعترض على كلمات الدخيل أسعد، أو يعترض على كلمات حارس المقبرة، لقد حان وقت الكلام، هذا الهسيس الذي صدر وسكت صوت الرياح وحفيف الشجرة فجأة، مما جعل حارس المقبرة يقول في صوت قاسي به من الوعيد الكثير: 

_ أنت أيضاً لا تستمع إلى الحديث، أو هل أنت تدعى الجنون؟ أخبرتك من قبل هذا الأمر بينك وبين تلك الأرض، لا شأن لي، لقد أخبرتك من قبل الطريق أمامك مباشرة يمكنك السير حتى تصل إلى سيارتك٠ 

هتف أسعد في صوت يشبه الصراخ: 

_لقد حاولت وفشلت، لا أستطيع الخروج، أنت تعرف أسرار المكان، تعرف جيداً ما يدور هنا، أنت أيضاً تريد سجني، أنت تعرف طريقة ما تجعلني أصل ولكنك تمارس خدعة ما، أسمع إذا كان الأمر بيدك وأنا أعلم أن هناك شيء ما تملكه أنت ربما سر أو تعويذة أو طريق ما يمكنك السير به وأنا اسير خلفك، لماذا لا تطلق سراحي؟ لم أرتكب اي ضرر هنا، لم أفعل أي شيء يمكن أن أعاقب عليه، لا أفهم قبوركم الزرقاء وما هي أهميتها، أو هي أمر مقدس لك، لماذا لا تتركني أرحل، سوف أعطيك أموال كثيرة، يمكنك العيش في قصر والخروج من المقابر، يمكنك أيضاً أن تحصل على المال والعمل والنساء وكل ملذات الحياة، وحين أخرج من هنا سوف تكون كل الأمور واضحة لك، سوف تثبت لك حقيقة أني مجرد شخص ضل الطريق إلى هنا، أرجوك أن تفعل ولن تندم أبداً، أنا شخص أمتلك أسم في عالم التجارة، وكذلك أمتلك كلمة تزن الذهب، لأني صادق ولا أتبع أي أساليب ملتوية في أي من الصفقات، يمكنك التأكد من هذا كله، بعد عدة ساعات سوف يأتي النهار ويمكنك أن تتأكد من كل تلك الأمور التي أخبرتك بها حين تسأل عن أسعد الزهراني، هل تفعل هذا؟ سوف تنال الربح الكبير ولن يكون هناك أي ضرر لأي شخص، أنا أيضاً لن أخبر أحد عنك، هذا وعد مني بهذا

❈-❈-❈

نظر له الحارس في هدوء، نظرة تحمل كلمات كثيرة، استطاع أسعد أن يفسر نظرة الحارس كانت النظرة تهتف له بأستنكار: 

_هل أستمعت إلى الكلمات السابقة؟ 

مما دفع أسعد أن يقول في صوت مرتفع: 

_أنت تزعم من جديد أن الأرض ملعونة ومسحورة، وأن من يطأ الأرض تلاحقه اللعنات، أما أن يسجن هنا بين القبور، أو ينال هول ما، ترفض مساعدتي، أليس كذلك؟ 

لم يجب الحارس، مما جعل أسعد ينظر مرة آخرى إلى سيارته التي تقف هناك في الجهة المقابلة، وهتف في صوت يحمل بعض العزم: 

_إذن سوف أظل أواصل السير إليها، ولن أتوقف الإ حين أصل إليها، أو الفظ أنفاسي 

لم ينظر له الحارس، مما دفع أسعد إلى أن يسير مباشرة إلى السيارة، خطواته تسرع لها، والسيارة تبتعد عنه، ينظر خلفه يجد الحارس يجلس في صمت، قريب جداً منه، الأمر الأشبه أنك تتحرك في مكانك رغم كل خطاك، أو أنك تقترب من الحارس والقبور بكل ما أوتيت من قوة، ولكنه لا يملك خيار آخر، عليه أن يسير إليها رغم أن الخطوات لا تصله به، شيء من ظل نور ظهر أمام عينيه،جعله ينظر في كل مكان يحيط به، توقف لحظة وهو يشاهد حلقة من صبية، ربما ثلاثة أو أربعة، لم يتبين الأمر جيداً، كان الأطفال يدورون في حركة سريعة وحلقة النور تحيط بهم، مما جعل بعض من الأمل يتسرب له، ربما هؤلاء الأطفال يخبرونه عن طريق الخروج، أو السير إلى جوارهم يكون عون لهم

❈-❈-❈

 نظر إلى حارس المقبرة، كان يريد أن يشير له، كان يريد أن يهمس له، هؤلاء الأطفال هل تراهم؟ ولكنه تراجع عن هذا، حارس المقبرة لن يخبره بأي كلمة بها عون، لهذا فلقد أنطلق إلى حيث الأطفال ربما تحدث أحد منهم وارشده، كان الأطفال ينشدون كلمات جميلة وهم يضحكون، لحن جميل عذب، وكان هناك طريق ممتد خلفهم، وبعض المباني تظهر أيضاً، هذا هو إذن طريق الخروج من المقابر، أخيراً وجد ضالته ومفتاح السجن، قال في صوت عالي: 

_أيها الأطفال، هل ترشدون رجل صالح أين هو الطريق إلى الخروج من المقابر؟ 

تفككت حلقة الأطفال الصغار، كانوا جميعهم في نفس الطول والشكل الجميل، ثلاث ذكور وفتاة واحدة أقتربت أحدهم منه قائلة: 

_أجل يا عمي الصالح، يمكننا هذا سوف تسير إلى اليمين أولاً، ثم تسير إلى الأمام، سوف تظهر لك شجرة البرتقال وإلى جوارها شجرة الليمون، حين تصل إلى هناك يمكنك الوصول إلى طريق الأمان، تصحبك السلامة عمي الصالح 

❈-❈-❈

كان أسعد يشعر بسعادة بالغة، شعر أن جسده يكاد يرتفع ويقفز إلى السماء، لقد نال أخيراً ما كان يطمح له، سوف يخرج أخيراً سوف ينال الحرية، قال في سرعة: 

_أريد أن اعرف عنوان منازلكم، سوف أرسل لكم الكثير من الهدايا 

أشار إحدى الصبية إلى المنزل الأول البعيد وقال: 

-هناك

قالت الصبية الصغيرة في أعتراض: 

_لا يجب أن نأخد أجر عن فعل الخير، هكذا تقول أمي 

هز أسعد رأسه علامة الموافقة، ثم انطلق يعدو بكل ما أوتي من قوة في إتجاه اليمين، كان هناك شجر البرتقال والليمون، كما قالت له الطفلة، أقترب من الشجرة،ولاحت له المباني بعض الشيء، وحين أقترب لاحت له سيارته عن بعد مرة أخرى، نظر إلى الخلف وهو يرجو الله أن لا يتحقق ما يفكر به، لا يريد أن يشاهد وجه مرة ثانية، ظل ينظر إلى سيارته التي تقف هناك، يستطيع أن يراها جيداً، رغم إنه سلك طريق آخر ينبغي الخروج، لقد نفذ ما أخبره به الأطفال، نظر إلى الخلف في حيرة وتشكك، يريد أن يصرخ إلى الكون كله، شاهد وجه الحارس مرة أخرى، يكاد يفصل بينهم خطوة واحدة

 ❈-❈-❈

قال وهو يهز رأسه في فزع وعنف

_لا لا هذا مستحيل 

وحين نظر إلى حيث كان يقف الاطفال لم يكن لهم أثر، تبخروا فجأة في الهواء أو ذاب الأربعة مثل الملح في الماء، فقط كان هناك عدد من القبور تظهر في وضوح مكان الصبية، صرخ وهو يجثو في الأرض وقد فقد الكثير من عزمه وقوته وأصبح يشعر بضعف غريب يتسلل إلى جواره، ضعف جعله يتمنى أن يتوقف عمره هنا وينتهي فلقد أتعبه السير في متاهة القبور، وممارسة العقاب الذي لا يفهم لماذا يتم عليه؟ رغم إنه لم يقترف أثم أو ذنب، قال وهو يتحدث إلى الحارس: 

_لا، لا، هذا مستحيل، أي عبث شيطاني تمارسه هنا؟ هذا سوف يقودني إلى الجنون، أي لعنة هنا؟ أي أرض تلك التي تفعل هذا؟ أنها مقابر يسكنها عظام وتراب، لا شيء سوى هذا في القبور

ما الذي يحدث هنا؟ لقد كدت أخرج من هنا ثم عدت لك مرة ثانية، أنا وأنت فقط الراشدين هنا، تلك الأفعال تنتمي لك، لا تحاول أن تقتنع عقلي أن الأموات يفعلون هذا بي ، أنت من تفعل هذا، وأنا لا أعلم ما الذي يدفعك إلى هذا الأنتقام ، رغم أنها المرة الأولى التي أشاهدك بها

يُتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي من رواية حارس للمقبرة لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية



رواياتنا الحصرية كاملة