رواية جديدة حارس المقبرة لهالة محمد الجمسي - الفصل 3
رواية رعب من روايات وقصص الكاتبة هالة محمد الجمسي
رواية حارس المقبرة
رواية جديدة
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل الثالث
صرخ أسعد في جنون،وقد جعله صمت الحارس يشعر بالدماء تتدفق في عروقه ساخنة، رغم الإجهاد الذي يمر:
_لماذا لا تجيب أسئلتي؟ لماذا تسعى إلى الأنتقام مني؟ لم أفعل ضرر لأي شخص، لماذا تفعل بي هذا؟
نظر له الحارس نظرة ثاقبة ثم قال
:
_أنت وحدك من تملك الأجابات، كل ما تتفوه به جنون، أنت لا تعرفني و أنا أيضاً لا أعرفك كيف أحمل واخطط لك نية الأنتقام؟
أشار أسعد إلى حيث كان يقف الأطفال وقال:
_ماذا عن هؤلاء؟ كيف ظهروا؟ كيف تلاشوا؟ لماذا ضللت الطريق؟ لماذا عدت لك ثانية؟
قال الحارس في صوت منخفض بعض الشيء:
_هؤلاء من؟ من تقصد بكلماتك؟
❈-❈-❈
قال أسعد وهو ينظر إلى المكان الذي كان يتواجد به الاطفال:
_ثلاث أولاد وطفلة صغيرة، كانوا هنا وكانت أيضاً بعض من المنازل القديمة قريبة منهم
قال الحارس في صوت به عدم ثقة:
_هل كنت تتحدث لهم؟
قال أسعد وهو ينظر إلى الحارس:
_أجل تحدثت معهم، واستمعت الى عذب أنشودة ما، وأنت شاهدت هذا، ألم تفعل؟ هل تحاول أن تشكك في هذا الأمر أيضاً، إذا كان الأمر خدعة ، فهي من صنع يدك، لا ريب في هذا
نظر له الحارس في تعجب ثم قال:
_هناك أمر ما بك يثير حيرتي، أمر صعب أن أفهم كهنه، لماذا جئت إلى هنا؟ لماذا؟ هناك جانب بك يحتاج إلى توضيح،
المقبرة الزرقاء لا يأتي لها سوى الق تل ة، وأنت شاهدت أطفالها
هتف أسعد في عدم فهم:
_أطفال من؟ وأي ق ت ل ة التي تتحدث عنهم؟ لا أفهم شيء، هل الاطفال ؟
بتر أسعد عبارته في دهشة، لقد ظهرت له بعض الأمور التي يصعب أن يصدقها، مما دفعه إلى أن يقول وهو ينظر إلى الحارس في توسل:
_أرجوك أن تخبرني إذا كنت أنت أيضاً شخص حقيقي أو جان، أو أنك مجرد خيال صنعه عقلي وهو في طريقة إلى الجنون
هتف الحارس في هدوء:
_ الأطفال الذين شاهدتهم أرواح بريئة طاهرة صعدت إلى بارئها، أنهم أموات ولا ينتمون إلى عالم الأحياء
قال أسعد في عدم تصديق:
_ولكن أنا تحدثت معهم، هذا مستحيل، لقد كان يلعبون هنا، والمنازل التي شاهدتها، ماذا عنها؟ كيف أختفت وتحولت إلى مقابر؟ هل يمكنك أن تفسر لي ما حدث؟
قال الحارس في صوت به من اليقين الكثير وهو ينظر إلى وجهه الآخر :
_ هذا العالم هناك بعض الأشخاص التي يمكنها أن يطلق العنان إلى روحها حتى تنطلق في رحلة بحث و استكشاف، يمكنها أن تبصر بقلبها ما عجزت العين عن رؤيته، العالم الذي نحيا به به الكثير من الأمور المبهمة لدى البعض، و واضح وضوح الشمس إلى الآخرين، وهناك أشخاص قد قدر لهم أن يلمسوا الأمر لأنه مضيء رغم أنه معتم إلى الآخرين
قال أسعد وقد أتعبه عدم الفهم، وعجزه عن تفسير كلمات الحارس:
_لا أفهم كلماتك، لقد توقف عقلي عن الأستيعاب نوعاً ما، هل تفسر لي ماذا تقصد؟
نظر له الحارس نظرة عميقة جداً، شعر معها أسعد برجفة تسرى في كيانه، أنه يشعر أن يد الرجل تمسك في قوة أمعائة بل تتطلق إلى عنقه وتهزه، رغم أن يده إلى جواره لم تتحرك، هتف الحارس وهو ينظر في الجهة الأخرى:
_ما شاهدته هناك أرواح طيبة من العالم الآخر، ليس الجميع قادر على رؤية الخير الإ إذا كان داخله قبس منه
قال أسعد في صوت به من التوسل الكثير:
_إذن أنت تصدق الآن ما أقول، لست شخص شرير، هل تدلني على طريق الخروج
❈-❈-❈
المجهول دائماً مخيف، لأنه قد يحمل قدر من الإيذاء، والفرار منه في بعض الأوقات لدى بعض الأشخاص هو شجاعة يجب أن نتسم بها، ولا يجب علينا أن نشهر في وجه سيف التحدي،
ولكن ماذا اذا كان المجهول يطاردك؟ يلهث خلفك، يكاد يلمس جسدك حتى يحتويك، هل سوف تواصل الركض؟ ربما تركض يوم أو شهر أو عام، وقد تخونك قدماك وتتخلى أنفاسك عن المقاومة وتخفت وهي تتمنى أن يلتقطها المجهول ويحتويها ويعصرها حتى تنتهى خفقاتها إلى الأبد، الأمر أصبح متعب ومؤلم، وما عليك سوى الأستسلام إلى الخطر الداهم والرابض هناك، فلقد انتهت مقاومتك، ونهاية المقاومة تساوى الترحيب بالموت، حيث لا ألم ولا تعب عليك أن تجاور العظام والتراب، وتعتنق السكون والصمت، تستمع إلى صوت ضجيج الأحياء وهم يمرون إلى جوارك، وتجده مزعج، لقد أصبح السكون والخرس هو ذادك هناك، لا بديل عنه والظلام هو رداءك والجمود فقط الجمود ما يجب أن تكون عليه، هذا هو المجهول هل تفهم هذا؟ أجل أجل أسمع صمتك الراضح وجوارحك كلها قد توقفت ترحب بهذا الأمر، بل هي تعطي إشارات أنها تريد هذا وبشدة، فلقد انهكها الركض، أذن أهلاً بك في عالم الأموات أيها النابض بالحياة أهلا بك
❈-❈-❈
قال الحارس وهو ينظر إلى أسعد نظرة تأديب، مثل من يلقن طفل صغير دروس تعليميه:
_أنت لا تستمع إلى الكلمات، أنت ترفض أن تفهم أيضاً ما يقال، بل تنكر الحقائق، وهذا شيء مزعج، أخبرتك من قبل عدة مرات أن الأرض هي من ترفض خروجك، لقد خضت أنت هذا الأمر عدة مرات
قال أسعد وهو ينظر إلى الحارس في فزع:
_ماذا تعني تلك الكلمات؟ الأرض ترفض خروجي! ما شأن الأرض بي؟ الأرض رمل وحجارة ليس الإ، لا تمتلك يد حتى تمسك بي، ولا تمتلك جسد حتى تحاربني به، الأرض هنا لا يوجد بها سوانا أنا وأنت، وأنت تعرف أسرار وخفايا هذا المكان، يمكنك أن تخبرني كيف تعود إلى منزلك؟ هل تحاول أن تقنع عقلي أنك لا تخرج من هذا المكان؟ إلا تأكل؟ الإ تشرب؟ إلا تقضي حاجتك؟ إلا تحاول أن تطمئن على أهل منزلك؟ إلا تؤلمك قدمك من المكوث هنا وتحاول أن تتريض بعيد عن التراب المعتق برائحة الموت؟ وماذا عن الماء البارد أو الساخن؟ ماذا عن تلك الأمور؟ إذا كنت من الجان أيضاً أو الخارقين سوف تحتاج إلى فعل هذا، أنت لم تكن هنا منذ ولادتك إلى يومنا هذا
نظر الحارس إلى أسعد في إبتسامة ساخرة ثم قال:
_ربما كان وجودك هنا من أجل تقويمك، أنت في حاجة إلى أن تتخلى عن الطيش، عقلك يفتقد رجاحة رغم أن لديك شيء من الشفافية
أطلق أسعد تنهيدة طويلة، مما جعل الحارس يكمل وهو ينظر له في شفقة:
_أنا مثلك أنتظر إجابة السؤال، لماذا أنت هنا؟ من يأتي إلى تلك الأرض يأتي إلى هنا من أجل أغراض دنيوية، وأنت الحالة الوحيدة التي أتعجب منها، كل من دخل هنا لم يخرج كما دخل، لم يستغرق الأمر سوى ستون دقيقة أو أربعين دقيقة من العذاب فقط، ثم أنتهى أمرهم، ونالوا ما نالوا إما فقد حياتهم أو فقد عقولهم
هتف أسعد وهو ينظر له في حيرة:
_ هل خرج أحد ما من هنا من قبل؟
هز الحارس رأسه في علامة تأكيد ثم تابع:
_أثنين فقط بل ثلاثة لقد كان هناك صبي عمره خمسة عشر عام وخرج من هنا بعد عشرون دقيقة، ولكنه لم يبقى على حياته لقد أختار الموت في الجهة المقابلة
أشار الحارس إلى حيث تقف سيارة أسعد وقال:
_لقد قضى نحبه هناك، أختار أن يصدم رأسه بصخرة ذات حواف مدببة، إلى أن خارت قواه وغادر سريعاً
هتف أسعد في فزع:
_يا الله، هذا الأمر من أبشع ما سمعت
أخذ أسعد نفس عميق ثم تابع:
_أعلم جيداً أنك لا تعرف من أكون؟ ولكن أنا لم أفعل سؤء في حياتي، ولم أقدم سوى يد الخير إلى الجميع، لهذا أنا على ثقة أن الخير سوف يكون مع فجر اليوم القادم، أعرف أن الليل يحمل الغموض والخوف بين حناياه، والضوء دائماً خريطة إلى التائهين، بوصلة أمان إلى كل من ضل الطريق، سوف أجلس هنا إلى أن ينبلج الفجر، وتشرق الشمس سوف يعثر على الناس أو أعثر أنا على أحد ما، يخرجني من تلك الأرض
أغمض أسعد عينيه في قوة، شاهد صورة زوجته تمر في عقله وهي تنتحب، تصرخ بأسمه في جنون، فقدت والدها، وربما يندرج أسم زوجها مع الغائبين، أنها في حاجة له الآن ولكن ما حدث له أغرب من ما يتخيل عقله، ربما هو أغرب من أي أمر مر به في سنوات عمره، لقد كانت الحياة التي عايشها بها من الراحة والأستقرار والهدوء، وتحقيق الأحلام وكثرة المال، ما يجعل أي فكر عكر أو سؤء مزاج بعيد عن عقله وبعيد عن حالته النفسية إنه يشعر الآن أنه مثل فأر عالق في مصيدة ولا يستطيع الفرار منهت، ينتظر رحمة من الصياد ينتظر أن يفتح له باب المصيدة حتى يفر إلى المصيدة الكبرى، مصيدة المال وسوق المال والصفقات الذي يخرج هو منها دائماً فائز ورابح فهو لا يعرف طريق الخسارة ولم تطرق بابه من قبل اي هزيمة تذكر، حين تنتهى تلك الساعات سوف لن يخبر أحد عنها، حمد الله أن الحارس أيضاً لا يعرف له هوية ولم يسمع عنه من قبل،
نظر في إتجاه سيارته، ثم تذكر قصة المراهق الذي لقى حتفه في ذات المكان، خيل له أنه يشاهد الشاب وهو يرطم رأسه في قوى في الصخرة التي التقطها بيمينه، يا الله كيف تحمل هذا الألم؟ ربما كان ما مر به قبل هذا أشد قسوة وعنف، هذا أمر لا شك فيه، ولكن ترى ما الذي مر به؟ هل هي القبور المظلمة جعلته يفعل هذا؟ أو الظلام والكائنات التي تمرق هنا وهناك؟ أو هو هذا الحارس؟ هل هو من فعل به هذا؟ ولكن الرجل يبدو مسالم لا يحرك ساكناً، يكتفى بالمشاهدة فقط حسب ما زعم، إذن لماذا لم يمد له يد المساعدة؟ الرجل الحارس تدور حوله الكثير من الأسئلة المبهمة التي تبحث عن تفسير لها، لا تستطيع أن تعطيه بطاقة رجل العون، ولا يمكن أن تلصق به بطاقة الرجل السيء الشر ير من مثل هذا الرجل، كيف له أن يتحمل كل تلك المصاعب وحده، رؤية تلك الأمور تحتاج إلى ثبات إنفعالي كبير، وقوة قلب وصلابة أيضاً، نظر أسعد إلى الحارس في تساؤل، وقد عجزت كل جوارحه عن الصمت، مما دفعه أن يقول:
_لماذا لم تحاول أن تنقذ الصبي المراهق؟
نظر له الحارس في عمق، سرت رعشة في كيان أسعد، الرجل يبدو غاضب، ملامح وجهه تكاد تصرخ بهذا الأمر، ثوان فقط هي من جعلت الندم يحتل كيان أسعد، لا يمكن أن يسحب أسعد السؤال الآن، لقد أنتهى الأمر، ثم أن الفضول أصبح يمتليء عقله وقلبه، ربما هو محاولة من كيانه أن يبث بعض الراحة والأمان له، فأراد أن يبحث عن مخرج ما، وربما هو طبيعة بشرية أن يمتلك الفضول ذاتك في أوقات الخطر وتبحث عن إجابة سؤال ما، ربما لن يفيد أحد، وربما لن تحصل على إجابته، وربما هو محاولة حشو العقل والوقت بأمور أخرى حتى تجتاز وقت الخوف والخطر، هتف الحارس وهو ينظر إلى القبور البعيدة:
_لا يمكنك أن توقف القدر، هل تستطيع أنت أن تفعل؟
هز أسعد رأسه علامة النفي والرفض، ثم تابع في أعتراض:
_أجل هذا صحيح، ولكن في بعض الأوقات هناك اشخاص يجب أن يتم منحهم فرصة ثانية، وجب علينا أن نفعل، هو صبي صغير وأخطأ وربما ما مر به جعل عقله به لوثة من الجنون، لهذا ربما كان تقديم يد العون له في هذا الوقت هو فرصة إلى الحياة الجديدة الصحيحة
هتف الحارس في سخرية:
_جميع البشر ينظرون إلى الحياة بعين من الضيق، الكثير من البشر لا يستحقون الفرص الثانية، ربما إذا نال الفرصة الثانية كان فعل ما هو أبشع من هذا، لقد نال ما يستحق لأنه يستحق هذا، رب السماء عادل في كل شيء، أخبرتك من قبل لا شأن لي بتلك الأمور
هتف أسعد وهو ينظر في كل إتجاه:
_هناك سؤال يكاد يقتل عقلي، أريد أن أتلقى إجابة عنه
قال الحارس وهو يرفع يده حتى يوقف كلمات أسعد:
_إذا نظرت في المكان جيداً سوف تجد الإجابة، عقلك مشحون بأمور أخرى، الإجابات دائماً هي جزء من السؤال، إذا كنت تفهم هذا الأمر، ولكنك تحتاج إلى السهل دائماً، يمكنك إجابة سؤالك، يمكنك أن ترد على هذا السؤال
نظر له أسعد في حيرة ثم قال:
_أنت تعرف السؤال أيضاً، أليس كذلك؟
هتف الحارس وهو يدق العصا الخشبية على الأرض:
_ما أهمية هذا المكان؟ هذا هو سؤالك؟ ولماذا يأتي الناس إلى حتفهم طواعية؟ يسعون في هذا الأمر رغم ما مر به من قبلهم
هز أسعد رأسه علامة الموافقة، ثم قال:
_أجل هذا صحيح، هذا هو كل ما يدور في ذهني، أنت تقرأ أفكاري أيضاً
❈-❈-❈
ران صمت دقيقة بين كل من الرجلين، كل منهم ينظر إلى الآخر في عمق، الحارس ينظر إلى أسعد يكاد يخترق عقله وقلبه وجوارحه، وأسعد ينظر له في توسل،وهو يرجوه أن يكون هو سفينة راحته من كل تلك الأسئلة، قال الحارس وهو يشير إلى القبور:
_لقد جاء الصبي إلى هنا من أجل السرقة
هتف أسعد في حيرة:
_السرقة!
هز الحارس رأسه علامة الموافقة، ثم قال:
_لقد جاء المراهق إلى قبر يحاول أن ينبش التربة ويحاول أن يخرج جثة ما من أجل بيعها، أنت تعرف أن سرقة الموتى أمر أعتاد البعض فعله، من أجل طلبة الطب حتى يتم التدريب عليه، وهناك أشخاص يقومون بهذا الفعل من أجل أشياء آخرى
أغمض أسعد عينيه في قوى، وقد شعر بقشعريرة باردة تسرى في جسده، ما يتحدث عنه الحارس أمر مأساوي، أنتها ك حرمة الأ موات، من أبشع ما يتم في جنح الظلام، من يقومون بتلك الأفعال الدنيئة القبيحة قد ماتت ضمائرهم، وظلل السواد والقبح نواياهم وجوارحهم، فأصبحوا أشباه بشر يعيشون على الأرض، يمتلكون قلوب ميتة وعقول لا ترتقي إلى عقول الدواب، بل هي أشبه بعقول ال ش يا طين قال في صوت مرتفع:
_هذا أمر بشع حقاً
أعقب الحارس وهو ينظر إلى حيث تقف سيارة أسعد، وكأنه يشاهد الصبي من جديد، ويستمع إلى صراخه وفزعه، ويشاهد حركات قدمه التي لا تهدأ على الأرض:
_لم يكد يصل إليها، ويفتح القبر، كانت يده تلامس الج ،ثة حتى صرخ فجأة، وتيبست أصابع يده فتركها في مكانها وأنطلق يعدو خارج المكان وهو يصرح ويصرخ ، أنه ليس هو، وإنه أعاده إلى مكانه، وإنه لن يعود أبداً لن يعود، ثم التقط الحجر وكتب الى نفسه النهاية
هتف أسعد في صوت خافت:
_مأساوي
هتف الحارس في غلظة:
_لم يكن في حاجة إلى أن يفعل هذا، لقد كان يمتلك حرفة ومنزل، إنه ميسور الحال، ولكنها الذات البشرية التي لا تهدأ ولا تقنع ولا ترضى الطمع الذي لا ينفك يحاور أي بشري، ولا يأت من خلفه سوى الهلاك والدمار
تمتم أسعد وهو ينظر إلى الحارس:
_كانت المرة الأولى له في فعل هذا
هز الحارس رأسه علامة الموافقة وتابع:
_أجل هي كذلك، إذا كان نجح في هذا الأمر، كان سوف يكرره مرات ومرات، ولكن ما شاهده كان مخيف إلى حد بعيد
هتف أسعد في فضول:
_هل شاهدت ما شاهده هذا الصبي؟
نظر الحارس إلى أسعد نظرة تأمل ثم قال:
_كل ما شاهدته هنا كان عادل، الأحياء لا يريدون ترك الأموات في منازلهم الأخيرة، يرغبون في عظامهم، دماءهم، رفاتهم، زخرف الحياة براق
هتف أسعد في حيرة وهو يكرر السؤال:
_هل شاهدت حقاً ما شاهده الصبي؟
أعقب الحارس وهو ينظر إلى جهة اليمين:
_لقد شاهدت أمور كثيرة ومتعددة هنا، وسوف يظل ما يتم من أجل اختراق القبور الزرقاء هو الأبشع، وما يناله مقتحمين تلك القبور هي الأكبر
قال أسعد وهو ينظر إلى جهة اليمين:
_القبور الزرقاء!!
❈-❈-❈
أطلق الحارس زفير ثم قال:
_أجل القبور الزرقاء ، تلك التي شهدت أكبر عدد من المقتحمين والم ج رمين ولقد نالوا ما يستحقون
قال أسعد في فضول:
_هل كان الصبي من مقتحمي القبور الزرقاء؟
قال الحارس وهو يهز رأسه علامة الرفض:
_لا، الأمرين مختلفين
قال أسعد في فضول:
_أريد أن أستمع إلى قصة الشاب نشأت وأريد أن أعرف عن القبور الزرقاء، لماذا سميت بهذا الأسم؟ ولماذا تختلف عن باقي القبور؟
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي من رواية حارس للمقبرة لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية