رواية جديدة سجن الحب لإسراء عبدالموجود الفصل 4
قراءة رواية سجن الحب كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية سجن الحب
من روايات وقصص
الكاتبة إسراء عبدالموجود
الفصل الرابع
❈-❈-❈
" قيلَ قديما الكثرةُ تغلبَ الشجاعةَ "
حتى إنَ كانَ ريكاردو شجاعا لا يهابُ المخاطرَ ، فهذا لا يعني أنهُ بقادرٍ على التغلبِ على سامِ وانشسترْ أوْ منْ معهُ ، بخاصةٍ أنَ كانَ الأمرُ لا يتعلقُ بهِ وحدهُ ، هناكَ أرواحٌ أخرى معلقةٌ برقبتهِ ، بالتحديدِ ليستْ حياةَ والديهِ بالتبني فقطْ ، بلْ عائلهُ ازميرالدا والمحامي الذي ظهرَ فجأةِ لوالدهِ ، بدا للجميعِ أنَ سام لا يخشى شيئا ، بلْ إنهُ قادرٌ على التنفيذِ وعيدهُ بقتلهمْ جميعا أنْ تتطلبَ الأمرَ ، لمْ يكنْ مجردَ تهديدٍ بالقتلِ بلْ كانَ قسمٌ .
حالفهمْ الحظُ حينَ رنَ هاتف سامٍ ، لقدْ تمَ إخبارهُ عنْ نجاحهمْ في الحصولِ على توقيعِ سيزارْ - الجزءَ الثاني منْ الأندلسِ المفقودِ - كانتْ الأخبارُ رائعةً ، هذا ما كانَ يبحثُ عنهُ ، أنَ تبدأُ الأمورُ في السيرِ في صالحهِ ، أنهى المكالمةَ ثمَ نظرَ لهمْ بابتسامةٍ سعيدةٍ ، لمْ تكنْ سوى إشارةٍ لوجودِ كارثةٍ لا يعلمونَ عنها أيُ شيءٍ ، تأكدوا حينُ سمعوهُ يقولُ لهمْ بالتفاؤلِ عجيبٍ .
- أنها بشرى سارة ، لقدْ قامَ سيزرْ أخوكَ بالتوقيعِ على عقدِ بيعِ الأرضِ لنا ، هلْ رأيتمْ أنَ الأمورَ تسيرُ في صالحنا ، إخوتكَ لا يمانعونَ التخلي عنْ قطعةِ أرضٍ لا تعني الكثيرَ لهمْ لنْ تفيدهمْ في أيِ شيءٍ ، لكنها مهمةٌ بالنسبةِ لنا .
المرةُ الأولى التي يستمعُ فيها إلى اسمِ أحدِ إخوتهِ ، تلكَ الكلمةِ التي لمْ يعتدْ عليها ، دائما كانَ وحيدا بلا أسرةٍ بلا عائلةٍ ، حينُ اكتشفَ ذلكَ شعرَ أنهُ لا يعرفهمْ حتى إنَ كانَ يحملُ دمائهمْ فهوَ غريبٌ عنهمْ ، نظرهُ خلفهُ إلى المحامي يحيى ينتظرُ أنْ يسمعَ منهُ أيَ كلمةٍ ، لكنهُ كانَ لديهِ نفسُ الصدمةِ .
هوَ لمْ يعلمْ بعدُ مكانِ الآخرونَ فقطْ ريكاردو ، إنَ كانَ سامٌ ومنْ معهُ وصلوا إلى الباقينَ فهمِ حتما يواجهونَ خطرٌ شديدٌ .
رفعُ يحيى يدهُ يعبثُ بلحيتهِ الناميةِ ، يفكرَ في حلِ الخروجِ منْ تلكَ ألازمهُ ، بنفسِ الوقتِ يؤكدُ تلكَ الشكوكِ التي تتلاعبُ برأسهِ منذُ مدةٍ ، لمْ يبخلْ على سامٍ بسؤالهِ .
- ما سرُ قطعةِ الأرضِ التي تجعلكمْ مستعدونَ لقتلِ أيِ فردِ لأجلها ، حتى الآنَ لمْ تتوقفْ رغبتكمْ في الحصولِ عليها ، ترغبونَ في قتلِ مالكها وأخذها حتى لوْ بالقوةِ ، تكبدتْ عناءَ البحثِ عنْ أبنائهِ ودفعُ الكثيرِ منْ الأموالِ لهمْ حتى يقبلوا ببيعِ الأرضِ ، لا أعتقدُ أنَ كلَ هذا مقابلِ لا شيءً .
ثاني أمرٍ يزعجُ سامٌ هوَ كثرةُ الأسئلةِ ، لا يحبُ أنْ يتمَ التحقيقُ معهُ ، ظهرَ هذا جليا حينَ نظرِ أسفلَ حذائهِ لدقائقَ ثمَ نهضَ فجأةِ منْ على الكرسيِ دونَ سابقٍ إنذارٍ ، متجا نحو يحيى ، بدتْ نبراتهِ في تلكَ اللحظةِ غريبةً ، أغربَ منْ تلكَ التي اقتحمَ بها المنزلُ قبلَ قليلٍ .
- ما شانكَ بما أريدهُ منها ، المالُ الذي ستطلبونهُ ستأخذونهُ ، بالنهايةِ رئيسكَ لمْ يصنعْ بها أيُ شيءٍ ، اشتراها وتركها فارغةً ، نحنُ سنقيمُ عليها مشروعاتٌ ، سنقومُ بإعمارِ تلكَ الصحراءِ ، أنها كنزٌ ومكسبٌ لنا ، بدلاً منْ مساعدتنا تقفونَ في وجهنا بكثرةِ الأسئلةِ والشكوكِ .
ليسَ بإمكانِ يحيى أنْ يصدقَ حرفا واحدا مما قيلَ ، لكنهُ أبدا لمْ يشعرْ بأنهُ قادرٌ على ذلكَ ، هذا الرجلِ يتلاعبُ بهِ ، هوَ ليسَ أحمق ولا محامي غيرَ ساذجٍ ، هذا الرجلِ حتما ينوي القيامُ بشيءٍ ، دونَ إعطاءَ أيِ فرصةِ رفعِ سلاحهِ كانَ هدفهُ محددٌ ذراعِ ريكاردو اليمنى ، أصابهمْ ذلكَ بالشللِ التامِ ، بدا ذلكَ الشخصِ مجنونا غيرَ متوقعٍ ، حركَ سلاحهُ باستهزاءِ ينظرُ إلى ريكاردو الذي وضعَ يدهُ على جرحهِ ، فقدْ أصابَ الشللُ ذراعهُ وعقلهُ بنفسِ الوقتِ .
- هذا تذكارٌ صغيرٌ مني سأرحلُ الآنَ ، سأنتظركُ غدا في مكتبي حتى نقومَ بتوقيعِ الأوراقِ وتحصلُ على المبلغِ الماليِ ، تذكرٌ أنا لا أحبكُ كثرةَ الأسئلةِ ولا محاولةَ الفرارِ والعنادِ قدْ تجدي نفعا أيضا ، فكما ترى أنْ كانَ سهلاً على الوصولِ لأخيكَ ، لنْ يكونَ منْ الصعبِ عليهِ الوصولُ إليكَ .
بعدُ مغادرتهِ معَ رجالهِ كانَ منْ الطبيعيِ أنْ يتمَ إحضارُ ريكاردو إلى المشفى حتى يتمَ إخراجُ تلكَ الرصاصةِ منْ ذراعهِ ، بينما عادتْ أزميرالدا معَ والدتها إلى المنزلِ ، بقيتْ كاليدا وزوجها معَ ريكاردو والمحامي الذي كانَ يصرُ على جعلِ ريكاردو يذهبُ إلى قسمِ الشرطةِ والقيامِ ببلاغٍ ضدَ سامٍ وما فعلٌ .
- سأذهبُ معكَ قسمَ الشرطةِ حتى نقومَ بتقديمِ بلاغِ ضدهُ ، لنْ نتركَ ذلكَ الشخصِ ينجو بعدَ إصابتهِ لذراعكَ ، منْ يدري ما الذي قدْ يفعلهُ المرةَ القادمةَ ، ما فعلوهُ بوالدكَ حتى الآنَ يخبرني أننا لا يجبُ أنْ نصمتَ أوْ نتركهمْ ينتصرونَ .
عقلُ ريكوردْ كانَ بمكانِ آخرَ حتى أنهُ لمْ ينصتْ إلى كلمةٍ واحدةٍ قالها يحيى ، الشيءُ الوحيدةُ التي كانَ يحتاجُ إليهِ الآنَ هوَ النومُ فقطْ ، أنْ يحظى ببضعِ الراحةِ التي يبدو أنهُ لنْ يحظى بها قريبا ، وسطَ كلِ تلكَ الأجواءِ المشتعلةِ ، آفاقٌ حينَ شعرَ بيحيى الذي وضعَ ي - دهْ على كتفهِ ، رغمَ رفضِ يحيى أنْ يتمَ إخراجهُ إخراجَ رصاصةٍ منْ ذراعهِ ريكاردو بدونِ تخديرٍ ، لكنَ بدا كأنَ ريكاردو بعالمِ آخرَ حتى أنهُ لا يشعرُ بالألمِ أوْ هذا ما يبدو منْ الخارجِ ، فلا أحد رأى يدهُ التي تقبضُ على الفراشِ بقوةِ حتى إنهُ خدشَ يدهُ ، أسنانهُ تكادُ تسقطُ منْ شدةِ ضغطهِ عليها ، حتى عرقٍ أغرقَ ج - سدهُ .
- أريدُ العودةُ إلى المنزلِ والراحةِ بعدَ أنْ ينتهيَ الطبيبُ مما يفعلُ ، منْ فضلكَ أيها الطبيبُ أعطني مسكنا قويا . رغمَ تعجبَ الطبيبُ منْ كونهِ لمْ يحصلْ على مخدرٍ لأجلِ الرصاصةِ ويطلبُ مسكنٌ ، لكنهُ إماءٌ برأسهِ فقطْ ، بينما يتابعُ عملهُ .
- ريكاردو هلْ استمعتْ إلى ما قلتهُ قبلَ قليلٍ ؟
اكتفى بالنظرِ إليهِ دونَ أيِ كلامٍ ، لا أحد يعطيهُ الفرصةَ لاستيعابِ أيِ مما يجري ، يتعجلونَ منهُ ردِ فعلٍ على أمورٍ لمْ يكتشفها سوى قبلٍ ساعاتٍ ، بالأمسِ كانتْ حياتهُ تسيرُ وفقَ نمطٍ معينٍ ، اليومُ حدثتْ الكثيرَ منْ الأمورِ بينَ يومٍ وليلةٍ ، منْ حقهِ أنْ يحصلَ على فرصةٍ للتفكيرِ للتدبيرِ .
تدخلتْ كاليدا التي علمتْ منْ نظرتهِ أنهُ يحتاجُ إلى الراحةِ ، كيفَ لا تعلمَ وهيَ منْ اعتنتْ بهِ طوالَ الوقتِ ، انتبهَ يحيى على وقوفها بجانبهِ بعدَ أنْ كانتْ تتخذُ مكانا بجانبِ زوجها بعيدا قليلاً وبجانبِ الطبيب بينما يحيى يقفُ في الجانبِ الآخرِ منهُ .
- سيدْ يحيى أعتقدُ أنهُ بحاجةِ إلى الوقتِ ، حدثتْ الكثيرَ منْ الأمورِ في ليلةٍ واحدةٍ ، لا يمكنُ أنْ تطالبهُ بالتصرفِ كأنما هذا أمرٌ عاديٌ يجري معهُ دوما ، بالأمسِ كانَ ابني يعلمُ حياتهُ ومستقبلهُ اليومِ ، هوَ لا يعلمُ منْ يكونُ ولا الطريقَ الذي سيسيرُ فيهِ .
لا يملكُ خيارا آخر عليهِ الانتظارُ على الأقلِ حتى يتمكنَ منْ معرفةِ مكانِ سيزارْ والآخرونَ ، فريكاردو وليسَ الوحيدُ ولا يمكنهُ قضاءُ وقتِ أكثرَ هنا ، وتركَ الثلاثةُ الآخرونَ لا يعلمُ عنهمْ أيُ شيءٍ ، بخاصةٍ بعدَ الكلامِ الذي سمعهُ منْ سامٍ هذهِ الليلةَ ، لكنَ قبلها عليهِ الاطمئنانُ على حسنٍ .
الكثيرَ منْ الأمورِ عليهِ الاهتمامُ بها ، هوَ أيضا بدأَ يشعرُ بالصداعِ بانفجارِ رأسهِ قريبا ، اعتذرَ منهمْ حتى يغادرَ ويقومُ بالاهتمامِ ببعضِ الأمورِ ، أما ريكاردو فعليهِ العودةُ إلى المنزلِ ربما يحصلُ ببعضِ النومِ قليلاً ، لكنْ تلكَ الفكرةِ في الوقتِ الحاليِ تبدو بعيدا جدا عنهُ ، كما توقعَ ليلةً عصيبةً صعبةً ، الكوابيسُ تلاحقهُ معَ ألمِ ذراعهِ الذي عادَ يشتدُ عليهِ ، رغمَ أنهُ تناولُ حبةِ المسكنِ الذي أعطاهُ لهُ الطبيبُ ، ما زالَ الألمُ مستمرا ، ما زالَ ذلكَ الصداعِ النصفيِ يشقُ رأسهُ ، ارتدى قميصهُ ، خرجَ منْ المنزلِ للسيرِ في الطرقاتِ لبعضِ الوقتِ ، أكثرَ ما يتمناهُ ألا يقابلُ أحدٌ .
الهدوءُ السكونُ يملأنَ المكانُ لتأخرِ الساعةِ أولاً ولكونِ الأجواء باردةٌ قليلاً ثانيا ، أيا كانتْ الأسبابُ كانَ شاكرا لأنهُ سيحصلُ على الفرصةِ لانَ يبقى وحيدا لبعضِ الوقتِ ، صفعهُ ذلكَ الخبرِ الذي كانَ جميعُ رفاقهِ يتحدثونَ عنهُ ، هلْ ظنَ حقا أنهُ يمكنُ الهربُ منهُ ، أنهمْ يقفونَ أمامُ أحدِ المحالِ التجاريةِ لإحضارِ وجبةِ العشاءِ ، على الأقلِ أربعةَ منهمْ همْ المتواجدونَ .
لحظةٌ لمْ يكونوا منْ محبي تواجدهِ معهمْ ، كانَ يتحدثونَ عنْ زفافِ رامونا ، عنْ الشخصِ الذي وافقتْ على الزواجِ منهُ إلى أيِ مدى هوَ ثريٌ يمتلكُ المالُ ، يمكنَ أنْ يحققَ لها كافةِ أحلامها بينما كانَ ريكاردو على النقيضِ فقيرٍ معدمٍ بلا نسبٍ أوْ حسب ، منْ حسنِ الحظِ أنها نجتْ منهُ ، تلكَ بضعُ الكلماتِ التي تمكنتْ منْ الوصولِ إلى أذنهِ قبلَ أنْ يهربَ منهمْ دونَ أنْ يروهِ ، مستعيرا قلنسوةَ قميصهِ قبلَ أنْ يتفاجأَ بكونهمْ رأوهُ بالفعلِ ، لا يخلو الحديثُ عما فعلتهُ رامونا في ذلكَ الفيديو الذي جابَ أنحاءَ وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِ والعالمِ .
إيثانْ تلكَ الفوضى التي عمتْ الحفلَ ، كانَ أحدُ الأشخاصِ المتواجدينَ ولنْ يفوتَ تلكَ الفرصةِ .
- أرى أنكَ مازلتُ تتحلى بالشجاعةِ للخروجِ منْ منزلكَ بعدَ تلكَ الفضيحةِ المدويةِ بالحفلِ ، حفلةٌ تخرجُ لنْ ينسى أبدا بفضلكَ الآنِ ريكاردو ، صارَ الجميعُ يعلمونَ حقيقتكَ .
في العادةِ كانَ ريكاردو يتجاهلُ كلامهُ ويتابعُ طريقهُ ، لكنَ اليومَ شعرَ أنَ لديهِ رغبةُ بالفعلِ في تعكيرِ صفوِ هذا الشابِ في إخراجِ القليلِ مما كانَ يتعرضُ لهُ منْ التنمرْ ، في كلِ مكانٍ يذهبُ إليهِ ، أبعدَ القلنسوةَ عنْ رأسهِ ، واضعا كلتا يديهِ في جيبهِ وقدْ تجاهلَ تماما ألمَ ذراعهِ ، أشارَ برأسهِ باستخفافِ إلى إيثانْ .
- أنتَ آخرٌ شخصٍ يحقُ لهُ الحوارُ ، ربما لأنكَ لمْ تصنعْ أيَ شيءٍ في حياتكَ ، يجعلَ أحدا يتحدثُ عنكَ بالجيدِ ، أنتَ لا تجيدُ سواءٌ إفسادُ حياةٍ منْ حولكَ ، متنمر جشعٍ جبانٍ تتغذى على رؤيةِ الجميعِ يخافونَ منكَ يستمعونَ اليكْ ، الفرقُ بينيٌ وبينكمْ أنني لستُ مستعدةً لكيْ أكون طعما لشخصِ مثلكَ يا إيثانْ ، أتوقعُ منهُ الكثيرَ منْ الأفعالِ الغيرَ مشروعهُ ؛ لذا أنتَ آخرٌ شخصٍ يتحدثُ عني بالسوءِ ، ربما لأنكَ لمْ تصنعْ الخيرَ أبدا طوالَ حياتكَ عديم النفعَ .
لا يجرا شخصُ منْ الواقفينَ على الحوارِ بعدَ تلكَ الكلماتِ التي ألقاها عليهمْ ، في حينِ واجهَ كلُ منهمْ بالحقيقةِ ، إيثانْ لمْ يعجبهُ سماعُ تلكَ الكلماتِ ، شعرَ بالإهانةِ للمرةِ الأولى فقدْ كانَ يظنُ أنهُ انتصرَ بعدَ ذلكَ الذي صنعهُ في حفلِ التخرجِ ، لكنْ منْ الوضعِ إنَ ريكاردو يخبرهُ أنهُ لمْ يفزْ كما كانَ يتوقعُ ، بلْ إنهُ هزمَ شرُ هزيمةٍ .
بلْ إنهُ أتى لي يهينهُ أمامَ جميعٍبلْ إنهُ أتى ليهينهُ أمامَ جميعِ رفاقهِ دونَ أنْ يخشاهُ ، كانَ يتوقعُ أنَ بعدَ فعلتهِ سيمنعهُ ذلكَ حتى منْ الخروجِ منْ المنزلِ أوْ رفعِ رأسهِ ، لكنْ يبدو أنَ ذلكَ الشابِ أعندَ مما يتخيلُ ، سيطرَ عليهِ غضبهُ وانفعالهُ بشكلِ جعلهِ يقدمُ على دفعِ ريكاردو بقوةٍ ، بما أنَ الرصاصةَ ما تزالُ حديثةً فقدْ عادَ جرحهُ منْ جديدٍ لينزفَ ، لكنَ ريكاردو كانَ بداخلهِ منْ الغضبِ ما يعميهُ عنْ الشعورِ بأيِ شيءِ عداهُ .
كأنهُ وجدَ السبيلُ ليفرغَ طاقتهُ الغاضبةَ في أحدٍ ، منْ أفضلَ منْ متنمرٍ لا يتركهُ هوَ أوْ أحدٍ دونَ السخريةِ منهمْ واحتقارهمْ ، تمسكٌ بالحائطِ خلفهُ وانتبهَ إلى بعضِ زجاجاتِ العصيرِ ليحملها ويدفعَ بها فوقَ رأسهِ مباشرةِ دونَ تخطيطٍ أوْ تفكيرٍ ؛ مما جعلهُ ينزفُ هذا الردِ العنيفِ لمْ ينالَ رضا رفاقهِ الذينَ اتجهوا نحوٌ ريكاردو يدافعونَ عنْ إيثانْ ضدَ العدوانِ الذي يحلُ بهِ . انقلبَ المكانُ إلى ساحةِ حربٍ ، تتقاذفَ الأشياءُ في المكانِ دونَ توقفِ حتى أنَ القليلَ منْ الأشخاصِ الذينَ فكروا في الذهابِ لشراءِ بعضِ الأشياءِ توقفوا وجلسوا أرضا يحتمونَ منْ تلكَ الأطعمةِ الطائرةِ والزجاجاتِ التي تحطمتْ ، الأذى الوحيدُ الذي حلَ كانَ تدميرُ المحلِ التجاريِ بما فيهِ ، أصابهُ ريكاردو ببعضِ الخدوشِ معَ عودةِ نزيفِ ذراعهِ ، بينما رفاقِ إيثانْ نالهمْ بعضُ غضبهِ حتى قررتْ الشرطةُ أخيرا القدومُ وإيقافُ تلكَ الهجماتِ التي أفسدتْ المكانَ تفاجأَ الجميعَ مما حلَ بالمكانِ ، تلكَ الليلةَ اكتملتْ بالقبضِ على ريكاردو واحتجازهُ معَ وجودِ الطبيبِ فقامَ بمعالجةِ جروحِ وجههِ وذراعهِ .
بعدها تمَ وضعهُ في غرفةِ الاحتجازِ حيثُ سيتمُ التحقيقُ معها عنْ الجرائمِ التي ارتكبها ، كانَ الشرطيُ في أقصى حالتهُ ، بحيثُ لنْ يمانعَ أنْ يلقنَ ريكاردو ومنْ معهُ درسا في احترامِ الملكياتِ العامةِ والخاصةِ ، في أنَ تصرفهمْ لا ينمُ سوى عنْ شبابٍ مستهترٍ لا يدركُ قيمةَ الأشياءِ التي يمتلكها . وقفُ أمامهُ على تلكَ الطاولةِ قبلَ أنْ يطرقَ بيدهِ عليها بقوةٍ ، معبرةً عنْ القليلِ مما يشعرُ بهِ منْ الغضبِ .
- هلْ أنتَ سعيدٌ بما فعلتهُ أنتَ ورفاقكَ ، هلْ هكذا تظنُ نفسكَ شابا قويا تقدم على الخسائرِ في الممتلكاتِ الخاصةِ ؛ لأجلِ بعضِ التسليةِ واللعبِ ، جيلُ هذهِ الأيامِ لا يدركُ قيمةَ الأشياءِ والتعبِ العملِ الجادِ ، ربما الذهابُ في السجنِ والعقابِ سيكونُ رادعا لكمْ ، حتى تفكروا مرةٌ أخرى قبلَ القيامِ بتصرفٍ مشابهٍ معَ أحدٍ .
الصورةُ ليستْ بنفسِ الشكلِ الذي ارتسمَ في عقلِ ذلكَ الشرطيِ ، همْ ليسوا أصدقاءَ والعلاقةِ بينهما شبهٌ مدمرةٍ ، لا مانع لدى أحدهمْ في قتلِ الآخرِ صدفة في الشارعِ ، كلامهُ بدا حقيقيا جدا بحيثُ لمْ يستطعْ المحققُ أنْ يشككَ فيهِ .
- همْ ليسوا أصدقائي أنهمْ متنمرين ، لمْ يتوقفوا عنْ السخريةِ مني ومنْ رفاقي طوالَ الوقتِ ، لمْ أقصدْ تدميرُ ذلكَ المحلِ التجاريِ ، مقدارُ ما كانَ يدفعني الغضبُ منهمْ ، طريقتهمْ في السخريةِ والاستهزاءِ تجاوزتْ كلَ الحدودِ ، لمْ يعدْ الأمرُ مجردَ مزحةٍ بينَ رفاقٍ مثلما كانَ طريقةَ حياةٍ بالنسبةِ لهمْ .
قدْ أكون سلكتُ سلوكا لمْ أفعلهُ منْ قبلٌ ، لكنْ أحيانا لا يدعُ الغضبُ للعقلِ مكانا للتحكمِ .
مشكلةٌ التنمرْ لا تواجهُ ريكاردو فقطْ ، بلْ تواجهُ العالمَ أجمعَ حتى في أوطاننا العربيةِ للأسفِ ، لكننا لا نضعُ لها حدا حتى صرنا نستمعُ عنْ أغربِ الأشياءِ ، أحدها أنَ مدرسا قدْ يكونُ هوَ المتنمرُ نفسهُ أوْ أنْ يرفضَ عقابُ المتنمرِ بحجةِ أنهمْ رفاقهُ يمزحونَ معا ، ويا لهُ منْ عذرٍ قبيحٍ لفعلِ أقبحَ ! جلسَ المحققُ أمامهُ وبيدهِ بعضُ الأوراقِ التي تخصُ ريكاردو ثمَ ألقى بهِ أمامهُ حتى يراها .
- تلكَ المعلوماتِ التي تخصكَ أنهيتُ حياتكَ الجامعيةُ بسلامٍ ، ينتظركَ مستقبلٌ مشرقٌ ، أنتَ على وشكِ أنْ تخسرَ كلُ هذا لأجلِ مجموعهِ متنمرين ، هلْ ستكونُ سعيدا حينَ يكتبُ في سجلكَ أنكَ ذهبتْ إلى السجنِ أيا كانتْ نوعُ الجريمةِ التي صنعتها ، هلْ هذا يجعلكَ فخورا وسعيدا ، بالأمسِ فقطْ كانَ حفلُ تخرجكَ واليومِ أنتَ على وشكٍ أنَ تلقى في السجنِ معَ المجرمينَ والقتلةِ حتى معَ التجارِ أيا كانَ نوعها أعضاءَ أوْ موادَ مخدرةٍ ، إلى أينَ تريدُ أنْ ينتهيَ بكَ المطافُ وتقفُ بكَ الحياةُ ، فكرٌ في كلامي جيدا حتى تدركَ الخطأَ الذي ارتكبتهُ في حقِ نفسكَ أولاً ، لقدْ سمحتْ لهمْ همْ بتدميركَ ؛ لذا لا تلمهمْ على خطئكَ الذي صنعتهُ أنتَ بنفسكَ وبي - دكْ .
ريكاردو مصيرهُ إيهْ ؟ يحيَ هيعرفْ يخرجهُ منها ؟ نلتقي بإذنِ اللهِ يومَ الجمعةِ دمتمْ سالمينَ غانمينَ في رعايةِ اللهِ .
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة إسراء عبدالموجود من رواية سجن الحب، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية