رواية جديدة مواسم الفرح (ست الحسن) لأمل نصر الفصل 16
قراءة رواية مواسم الفرح (ست الحسن) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية مواسم الفرح
من روايات وقصص
الكاتبة أمل نصر
(ست الحسن)
الفصل السادس عشر
في جلسته لمدخل المنزل وهو المخصص لاستقبال افراد البلدة وسماع شكاويهم في مظهر شكلي يعتمده منذ توليه منصب العمدية، وذلك لأن معظم وقته منشغلًا كما يدعي وان حدث واستقبل فهذا يكون في أصعب الحالات، ورغم أنه يمتلك مندرة في الجهة الأخرة من المنزل ولكنه يخصصها فقط لكبار الضيوف، وهل يصح أن يدخل كل من هب ودب، أم أنه يفتحها سبيل؟
نفث الدخان الكثيف ليفعل سحابة رمادية كثيفة أمام عينيه، ثم يزيد عليها ولا ينتهي، بشرود والتفكير المستمر فيما ينتوي عليه وما بعث به ابنه منذ قليل
لقد حسم أمره ولن يتراجع رغم صعوبة المهمة.
- السلام عليكم .
تفوه بها معتصم فجأة يقطع عنه شروده، لينتفض هو فور رؤيته، ليردد بلهفة:
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ها عملت؟ ولا إيه الاخبار؟
تبسم الاَخير يتناول ثمرة تفاح من طبق الفاكهة الموضوع على الطاولة أمام، وقال بثقة:
- الاخبار تمام وعال العال .
سأله هاشم بمغزى:
- يعنى حصل؟
قضم معتصم قطعة كبيرة من تفاحة حتى اصدر اصوتًا مع مضغه لها وهو يقول بانتشاء:
- حصل يا بوي، و التنفيذ هيبجى فى اجرب وجت، أنا نبهت عليهم على كدة.
اقترب هاشم برأسه ليهمس نحو ابنه بحذر:
- ونبهت عليهم، انهم ما يزودوش عن الادب، احنا مش عاوزين الموضوع يوسع.
ازبهل معتصم وبرقت عينيه قليلًا باضطراب، ليرد ببعض التلعثم:
- اييوه، أيوة يا بوي زى ما انت جولت .
احتد هاشم في لهجته يرفع السبابة أمام وجه الاخر مشددًا:
- إياك، إياك يا معتصم تكون خالفت اومري.
ابتلع ريقه المذكور ليرد على الفور مجيبًا:
- لا يا بوى انا جولت اللى انت جولتهولى وبس، وهما بجى اللي عليهم التنفيذ الصح.
حدق به هاشم بتشكك، بم ما لبث أن يردد:
- لما نشوف يا معتصم، لما نشوف.
❈-❈-❈
خرج ياسين من المندرة يجر أقدامه جرًا من التعب وجولات مرهقة من مفاوضات قام بها في عدد من الساعات الماضية، استقبلته صباح بالسؤال فور رؤيته:
- ايه الاخبار يا بوى؟
سقط على كرسيه ليجلس مشيرًا بكفيه أمامها:
- حمد لله يا بتى اخيرا خلصت الموضوع وانتهينا، دا الواحد عينه طلعت.
- ربنا يعينك ويجدرك.
تمتمت بها صباح قبل أن تتابع:
- طب وانتوا رسيتوا على ايه يعني؟ هيروح يصالحها، ولا هتيجي هي معاك ولا....
- بكره ها يجيب المأذون ونخلص الموضوع .
قالها ياسين مقاطعًا، لتهتف هي بجزع:
- طلاج ليه بس ؟ يا ساتر يارب.
طالعها ياسين قائلًا بيأس:
- البت مش عايزه ترجعلوا يا صباح، ها نرجعها بالعافية يعني؟ الواد بخيل ومدب فى كلامه، يعني طامسها من كله بغشامته، والبت مش متحملة.
اومأت صباح رأسها بتفهم، ثم سألته:
- طب وعلى كده الطلاج هيتم فى بيتهم ولا في حتة تانية؟
تأوه ياسين يجيبها وهو يحاول النهوض عن كرسيه:
- ايوه يا صباح، هيبجى فى بيتهم، وربنا يتم على خير ومبجيبش مشاكل، انا قايم اروح اصلي عايزه حاجة تاني مني؟
نفت بصوت مختنق:
- لا يا بوى وهعوز ايه بس؟
تحرك بأقدمه المتعبة يقول:
- طب حضريلى لجمه أكولها على ما جيت .
خطا خطوتين ثم استدار إليها يفاجئها بقوله:
- لكن انتى كنتي تعرفى ان رضوانة كان ليها عيل شباب مات .
- ايوه يا بوى، دا يا عينى مات غرجان ربنا يرحمه برحمته .
قالتها صباح والتف هو عنها يجر أقدامه، يغمغم بصوت خفيض مع نفسه:
- ربنا يرحمه ويرحم امه المسكينه كمان.
❈-❈-❈
بداخل القسم الذي انبأها عنه، كانت نهال تقطع الطرقة في المشفى بتشتت وعدم معرفة جعلتها تستوقف فتاة بملابس التمريض لتسألها:
- معلش لو سمحتى كنت عايزه اسألك على الدكتور مدحت، دكتور العظام .
قالت الممرضة:
- تقصدى الدكتور مدحت عبد الحميد؟
- ايوه هو نفسه.
اجابتها الممرصة:
- للأسف هو مشغول مع حاله دلوقتى، وانتي لو عايزاه استنيه هنا
اومأ لها نهال بصمت وانصرفت الفتاة لتقف هي محلها، لا تعلم ماذا تفعل؟ اخرجت الهاتف من حقيبتها تتناوله لتتصل به، حتى يخبرها بكيفية التصرف الصحيح، ولكنها وقبل أن تفعل تفاجأت بمن يخاطبها:
- هو انتى تبقي قريبة الدكتور مدحت؟
رفعت بأنظارها لترى صاحب الصوت، والذي لم تعرفه لذلك سألته باستفسار:
- هو انت حضرتك بتكلمني انا؟
اقترب الرجل ليجيبها:
- ايوة طبعا، هو انتى مش فاكرانى، انا يونس صاحب الدكتور مدحت، انتى مش فاكره الكافيه.
- الكافيه.
رددتها نهال من خلفه بخضة متفاجئة، فقال هو متابعًا:
- مقولتيش بقى، تقربي إيه للدكتور مدحت بقى،
ابتلعت ريقها بوجه انسحبت منه الدماء تجيبه مضطرة:
- بنت عمه، وطالبة في كلية الطب السنة دي.
رد يونس بابتسامة واسعه:
- بسم الله ماشاء الله، ممكن اتعرف باسمك .
- اسمى نهال .
قالتها لتفاجأ به مرحبا وامتدت كفه امامها ليصافحها:
- اهلا وسهلا بيكى يا انسة نهال، عاشت الاسامى .
خجلت ان تكسف الرجل، ومدت يدها هي الأخرى لتبادله المصافحة على مضض وعينيها لا ترتفع نحوه:
- اهلا حضرتك
قالتها لتفاجأ بمن بهتف بآسمها من الخلف:
- نهال .
استدرات على الفور لتفاجأ بمدحت أمامها، بأعين تقدح شررًا، وتتنقل بالنظر نحوها ونحو الاخر يونس.
وبرغم التوجس الذي انتابها مع انتبهاها للغة التحفز التي كانت تصدر من جســ ده، ولكن رؤيتها له بارتداء ملابس العمل ( اليونيفورم) كانت كالسحر بالنسبة لها، لقد كان جميلًا ووسيمًا بحق، لم يخطر في بالها ولو في مرة ان يكون بهذه الروعة، جديته رغم التجهم الذي يعلو وجهه تزيدها انبهارًا، تعشق النظارة الطبية التي تغطي عينيه، رغم النظرة التي كانت تصدر منها نحوها ونحو يونس الذي استدرك سريعًا ليردف بابتسامة متوسعة ليس لها معنى:
- اهلا يا مدحت، انت ماخدتش بالك منى ولا ايه؟
اجابه الاخر بابتسامة بلاستيكية وثبات انفعالي على وشك الانفجار:
- اهلا يا يونس، معلش لو مخدتش بالى فعلا، انت اتأخرتى ليه ؟!
قال الاخيرة يوجهها نحوها بخشونة اجفلتها لتجيبه باضطراب:
- انا متأخرتش ولاحاجه انا يدوبك خرجت بعد ما كلمتك على طول وتوى ما واصله، بس الممرضة جالت ان انت مشغول.
- طب يالا تعالي معايا عشان اروحك.
قالها بإشارة خفيفة برأسهِ كي تتحرك وتسبقه نحو الجهة التي اشار إليها، أذعنت لأمره حتى تتقي غضبه الذي كان يلوح في الأفق أمامها، وهم هو ان يتحرك خلفها، ولكنه تفاجأ بيونس يوقفه
- استنى هنا يا عم انت، ماشى كده على طول .
القى مدحت بعينيه على قبضة يونس على ساعده بنظرة خطرة جعلته يرفع كفه عنه على الفور، ليتنهد بحريق بعد أن انتبه لتوقف نهال بوسط الرواق في انتظاره، فقال كازًا على أسنانه:
- عايز إيه يا يونس؟
رد الاَخير يجيبه بسؤال ليزبد على الطين ابتلاله:
- هى بنت عمك دى مخطوبة؟
قالها واشتعلت الدماء برأس مدحت ، يجاهد بصعوبة الا يهشم رأس هذا الغبي، او يشوه وجهه ذو الابتسامة اللزجة المقرفة، فخرج قوله بحدة:
- أيوة مخطوبة، فى حاجه تانى ؟
بدت الصدمة جليًا على وجه الاَخر، ليتمتم :
- ازاي يعني؟ هي لحقت...
- لحجت ولا ملحجتش، بجولك مخطوبة
قالها بمقاطعة عنيقة قبل ان يتحرك ذاهبًا ليترك الاخر متسمرًا محله بصدمة ،
ليصل إلى نهال ويسبقها بخطواته السريعة دون انتظار، لتلحق به هي وقدميها تسرع بعدوها كالركض كي تجاري خطوته
❈-❈-❈
بداخل الغرفة التي فتح بابها سريعًا ليلج بها وهي من خلفه، لاهثة بتسارع لأنفاسها بعد الركض خلفه، لتنتبه على وقفته امام مكتبه يعطيها ظهره، واضعًا كفيه في جيوب سترته، بصمت مهيب، وكأنه يحارب شياطين الغضب بداخله، اقتربت على تردد تسأله:
- مدحت ، هو انت زعلان مني؟
وكأن بعبارتها البسيطة داست على الزرار ، ليلتف إليها بوجه اظلم بالإنفعال، ليهدر بها:
- تعرفى يونس منين عشان تجفى وتتسايرى معاه فى الكلام؟
انتفضت مجفلة بخضة من هيئته، لتجيب بخوف:
- والله ما اعرفه، دا هو اللى سلم عليا وعرفنى بنفسه ..
قاطعها بحدة ورأسه تميل نحوها بشراسة:
- ويعرفك منين عشان يعرفك بنفسه؟
ردت واقدامها ترتد للخلف بارتياع من هيئته:
- هو اللى جالى انه فاكرنى من ساعة ما شافنى معاك فى الكافيه...
- كمان الكافيه!
صاح بها بصوت يقارب الجنون ليتابع:
- يعني فاكرك من ساعة الكافيه! دا انتى على كده عجبتيه ودخلتى مخه من ساعتها .
برقت بعينبها لتهتف باعتراض
- ايه اللى انت بتجولوا دا؟ هو عمل ايه بس لدا كله ؟
كز على اسنانه ليضرب بقدمه الكرسي أمامه هادرًا:
- ما انتى لو ما روحتيش الكافيه الزفت فى يومها مكانش شافك وحطك فى مخه ؟
بعند زادت بعصبية تقارعه:
- طب اهو شافنى النهارده فى المستشفى؟ على كده كمان يا ريتنى ماجيت المستشفى، عايزه افكرك ان انت اللى جولتلى اجيلك واعدى عليك عشان تروحني السكن ولا انت ناسى؟
- لا مش ناسى، وعارف انك هتبجى دكتوره وتجابلى ناس كتير كمان....
توقف فجأة ثم التف ليضرب بقبضته على سطح المكتب يردد بشرود ولهاث
- انا لازم استعجل جدى عشان يخلص موضوعنا بسرعة، انا مش هستني اكتر من كدة، لازم يستعجل ويشوفلي حل.
ردت ببلاهة وبدون تفكير:
- موضوع إيه؟.
التفت اليه باعين تشتعل بالغيظ، لتستدرك هي وتتذكر على الفور:ا
- اه .. انت تجصد الخطوبة،
رد بلهجة خطرة:
- ايوه الخطوبة ولا انتى نسيتى؟
سارعت للرد تهادنه وكأنها تهادن طفل مجنون؛
- لا لا منسيتش طبعًا، ودى حاجة تتنسى برضو؟
❈-❈-❈
في اليوم التالي صباحًا
على مائدة السفرة كان يتناول سالم وجبة إفطاره مع زوجته، حينما سألها:
- هو عاصم لسه مصحيش من نومته؟ مش بعادة يعني؟
اجابته سميحة بقلق:
- لا كيف؟ دا اسم الله عليه طلع صلى الفجر على ميعاده، بس انا مش عارفة ليه لحد دلوكت ما رجعش؟
رد سالم باستغراب:
- يعنى إيه؟ مرجعش يفطر؟ هو جالك إن عنده سرحة ولا بيعة عايز يخلصها في السوق ولا الشادر
نفت تهز رأسها سميحة تردد:
- لاه مجالش.
شعر سالم بالقلق، ولكنه رفض أن يزيد على زو جته، التي كانت تتناول الطعام بصعوبة، فقال مهونًا
- يمكن اتشغل فى موضوع، ولا يمكن معاه مصلحه بيخلصها، يعني هيكون راح فين يعني؟
أومأت سميحة برأسها قائلة:
- يمكن برضوا، أكيد هو كدة زي انت ما بتجول، بس انا اتشغلت مش عارفه ليه؟
هتف بها سالم بإنكار يدعيه:
- تتشغلى ليه بس؟ هو ولدك صغير ولا جليل مثلا، عشان يتخاف عليه؟ بلاش الخوف ع الفاضي، وان شاء الله، ربنا مش هيجيب حاجة عفشة.
تمتمت سميحة خلفة بتمني:
- يارب، يارب
❈-❈-❈
في منزل رضوانة وبعد أن أنهى المأذون إجراءات طلاق نسمة من هذا المدعو عيد، والذي خرج على الفور بعد ذلك ووالده، مع الشهود والرجال التي أتت لتحضر من الأسرتين، فلم يتبقى سوى ياسين وحفيده حربي الذي يرافقه في كل مرة يأتي بها ، وهذا المدعو مروان حفيد رضوانة والتي دخلت بعد ذلك اليهم مع نسمة التي خاطبها ياسين:
- تعالي يا بتي واسمعي زين، عشان انا خليت الواد ده، يتعهد جدام كبارات عيلته انه يردلك كل حقوقك، يعني اطمني من الناحية دي خالص، أما بجى بخصوص العفش ف دا من بكره ان شاء الله، انا هبعتلكم عربيه تحمله من الشقة هناك، شوفى مين تأمنيها تروح وتلملك حاجتك كلها .
قالت نسمة:
- اروح انا بنفسي يا عم ياسين ألم حاجتي، لهو انا هخاف منه.
رد ياسين باعتراض جازم:
- لا يا بتى مينفعش .
- جولها يا ابو سالم يمكن تسمع منك وتفهم، دا انا من الصبح بجولها وهى مش مجتنعة ولا سامعة مني خالص.
قالتها رضوانة ليلتف إليها ياسين وانتبه عليها، ليسألها:
- انتى كنتى باكيه يااك ؟
ردت بحرقة واعين تترقرق بها الدموع:
- وكيف ما ابكيش وانا بتى بيتها اتخرب، دا طلاج يعنى مش حاجة هينة.
أطرق ياسين بخفض رأسه عنها بألم وقد فهم بمقصدها، فقال بصوت متأثر:
- ربنا يبعتلها اللى احسن منه ان شاء الله، والدنيا ماشية ومش بتجف على حد واصل، يالا بينا يا حربى .
قال الأخيرة لينهض على الفور، اوقفه مروان قائلًا؛
- ما لسه بدرى يا عم ياسين اجعد افطر معانا .
ربت ياسين بكفه على كتف مروان قائلا بإعجاب:
- تعيش يا ولدى ويجعله عامر بحسك وحس أهل البيت ان شاءالله، بس انا يدوبك احصل مصالحى .
تدخلت نسمة بقولها ايضًا:
- صح يا عم ياسين، دا انت تلاجيك جيت على لحم بطنك ومفطرتش، نعمل ايه بجى فى عم حسن المأذون؟ اللى اصر يجى الصبح بدرى .
رد ياسين بلهجة حانية نحوها، وقد أعجبه قوتها وعدم بكاءها على الرجل الندل الذي طلقها:
- ولا يهمك يا ست نسمة، انتى زى بتى برضوا وانا تحت امرك في أي وجت .
- تعيش يا عم ويبارك في عمرك .
تمتمت بها نسمة، وسمع منها ياسين ثم هتف ليذهبا، ولكن الاَخر أبى ان ينصرف بدون ان يتكلم:
- ربنا يعوض عليكى با الزين .
ردت الاخيرة بخجل:
- متشكرين يا استاذ حربى.
سحبه ياسين من كفه ليجعله يسبقه، حتى لا يخطيء بعفويته التي يعرفها جيدًا عنه، وتحرك هو خلفه، ولكن وقبل ان يخرج من غرفة الاستقبال نهائيًا القى نظرة خاطفة حزينة على من كانت حبيبته وز وجته العنيدة في السابق، قبل يكسرها الزمان وتصبح بهذا الوهن والضعف الاَن.
❈-❈-❈
وبداخل السيارة كان في حالة من الشرود والحزن الشديد، حتى انتبه عليه حريي ليسأله:
- مالك يا جدى؟ هو انت لدرجادي زعلان على نسمة؟
تنهد ياسين بثقل يجيبه:
- يعني، بس هي كدة بتكون حاجة، وتجيب حاجة تانية عشان نفتكرها ونحزن، وكأن النفوس كانت نسيت جبل كدة عشان يجي اللي يفكرها!
وصل إلى حربي ما يرمي إليه ياسين ليقول بفراسة:
- افتكرت اليوم اللى طلجت فيه خالتى رضوانة؟
نظر إليه صامتًا لعدة لحظات ليعقب بعد ذلك:
- كبرت و بجيت بتفهم يا حربى.
رد الاخر بابتسامة:
- مش محتاجة مفهوميه يا جدى، نظرة عنيك مبينة كل اللى جواك، ولا انا غلطان !!
اومأ برأسه ياسين يردد بقنوط:
- لا مش غلطان يا حربى، مش غلطان يا ولدى .
❈-❈-❈
هدر هاشم بغضب:
- هو دا اللى جولتلك عليه يا غبى؟
كان معتصم يحاول وقف تدفق الدماء الذي ينزف بغزارة من انفه، فقال:
- اعمل ايه يعنى ؟ ... انا كنت مأكد ع الرجالة بكلامك اننا نأدبه وبس، لكن دا طلع شديد جوى، وانا والرجالة مكوناش جادرين عليه، دا لولا واحد منهم خدوا على خوانة والله لكان خلص عليا كلنا دلوك وكنت روحت انا فى خبر كان .
تنفس هاشم بغيظ شديد قبل ان يأمره:
- طب انا عايزك تحكيلى كل اللى حصل، متسيبش ولا هفوة تقع منك، من غير ما تقولي عليها.
قبل ذلك بساعتين .
كان عاصم في طريقه إلى المنزل بعد أن انتهى من صلاة الفجر في المسجد الذي اعتاد الصلاة فيه منذ صغره، تفاجأ وبدون سابق انذار بفردين ضخام الاجســ اد، يقطعون عليه طريقه ليمنعوه من السير بعصا غلــيظة وضخمة، رمقهم ياستخفاف سائلًا:
- نعم يا باشا انت وهو، انتو مين؟ وعايزين ايه بالظبط؟
ظل الأثنان بهيئتاهم المتجهة ونظرات باردة دون التفوه والرد بحرف، سأم منهما، ليرفع العصا، ويتحرك ويتخطاهم، ولكنهم، عادوا ليغلقوا الطريق مرة أخرى، فهدر صائحًا بهم:
- ماترد يا ابن ال...... انت وهو، بدل ما انتوا بتسدوا السكه فى وشى كده من غير ما تنطجوا بحرف، وكأنكم جوز عجول وشاردة بغشم من صاحبها.
قالها عاصم ليجد الرد قد جاء من ناحية أخرى خلفه:
- انا اللى هرود عليك عشان انا اللى جايبهم .
تبسم وجه عاصم ليحدجه باستهزاء قائلًا:
- وه المجلع! هو انت خلاص يا حيلتها، ابوك يأس منك فجابلك بلطجيه يحموك ؟
اقترب معتصم بشر يردد وقد زادت عليه كلمات الاَخر احتقانًا:
- لا وانت الصادج دا انا جيبهملك انت مخصوص عشان يربوك ويعلموك الادب .
لم يابه له عاصم، بل قال بجسارة وعينيه تتنقل من معتصم إلى الرجلين الآخرين:
- انت حتى لما حبيبت تعمل نفسك راجل، جايب ناس هبله زيك طب استنضف ونجى خلج عدلة.
زام الرجلين بتحفز نحوه، وكان معتصم اكثر منهم ليهتف به:
- ماشى يا عاصم انا هخليهم يعلموك الادب .
ضحك له الاَخير ليزيد بسخريته ويشير على الرجلين اللذين كانا على حافة الجنون منه:
- بجى دول، جوز البهايم دول، هيعلموني انا الادب يا.... واد انتصار .
- انت بتنهدلى باسم امي، طب والنعمه لكون مربيك يا عاصم ، علموه الادب يا رجالة
صرخ بها معتصم امرًا الرجل، وتلقفها عاصم ليخلع، الشملة التي كانت تغطي كتفيه، ليلفها على يــ ديه، وبشجاعة يهتف بهم:
- ياللا يا حبيبي ورينى مرجلتك انت وجوز التيران اللى معاك يا...... حيلتها .
صرخ معتصم خلف رجاله :
- مستنين ايه؟ اهجموا عليه علموه الادب .
قالها ليهجما الاثنان بالعصى التي كانت في أيديهم، ولكن عاصم كان يتفادى الضربات، وكلما طال احد منهم، يضربه روسية أو قبضة قوية على وجهه، حتى لو ناله ضربة عصا من الاخر يتحملها ليواصل المعركة الغير متكافئة على الإطلاق، ومعتصم في ناحية قريبة يراقب بتوتر وخوف رغم ثقته في الرجال المحترفين والذين غيروا المنهج، لتكن ضرباتهم بالعصا الثقيلة بخطف سريع، حتى يستطيعوا الركض قبل ان يتمكن من أحدهم.
فرح اخيرًا معتصم حينما لاحظ الانهاك الجســ دي على غريمه، بعد ان توقف ليتلقى ضرباتهم دون حراك وعلى وشك السقوط، ف اقترب منهم بتشفي قائلًا
- ايه رأيك؟ ادينى بعلمك الادب من غير ما نوجع عيلتين فى بع.....
لم يكملها وقد فاجئه عاصم بضربة قوية برأسه كسرت انفه، ليصرخ الاَخر كالمجنون والدماء تنزل منه بغزارة
- كسروه زى ما كسر لى مناخيرى، كسروووه.
وكأنهم كانوا في انتظار الإذن، هجم الرجال الاشداء يضربونه بعصاهم الثقيلة وبوحشية كان يتلاقها بمقاومة قوية رغم الالم المنتشر في كل عظمة من جســ ده ، حتى تمكن من سحب واحدة من أحدهم، ليزأر كالوحش ، ويهجم عليهم كالإعصار، يرد الضربات القوية لكلاهما، حتى من كان محتفظًا بعصاه لم يعد باستطاعته المجابهة، حتى سقط الاثنان كالجثث الهامدة في الارض دون حراك، ف استدار لمعتصم المتبقي في ركن وحده، ف انتفض الاَخر يتراجع برعب من هيئته، يصرخ بأسماء الرجال، حتى ينهض أحد منهما، وهذا يقترب منه ببطء الفهد حينما بحاصر فريسته، وهذا يصرخ بتوسل، حتى اسنطاع احد الرجال النهوض ليتحامل على ألمه، وتناول العصا الأخرى، ليضرب عاصم على قدمه من الخلف بضربه قوية على خلفية الركبة، جعلته يخر راكعًا دون ارداته، وكانت الفرصة لمعتصم الذي خطف العصا من الرجل الاَخر، ليضرب في عاصم بغل وهستريا مع الرجل الاَخر، الذي كان يشاركه، ولم يتوقفوا سوى بعد ان تركوه مدرجًا في دمائه،
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر من رواية مواسم الفرح (ست الحسن)، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية