-->

رواية رومانسية جديدة قلوب حائرة (الجزء الثاني) لروز أمين - الفصل 21 - 2

 

رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة روز أمين
رواية قلوب حائرة
الجزء الثاني



رواية جديدة 

تنشر حصريًا 

على مدونة رواية وحكاية 

قبل أي منصة أخرى


الفصل الواحد والعشرون

الجزء الثاني


العودة للصفحة السابقة

❈-❈-❈


كان يتحرك متجهاً إلي مليكة كي يتأنس بالقُرب منها،قطعت طريقهُ تلك التي تراقبهُ وتحدثت بترجي ودلال وهي تُمـ.ـسك بكف يـ.ـده لتحثهُ علي الموافقة للرقص معها لتقطع علي مليكة فُرصة الحَظِى بالرقصةِ الأولي وأيضاً لتنأي بإحراج والدتها أمام المعازيم: 

-بابي،تعالي أرقص معايا 


أجابها بصدقٍ:

-مش هينفع يا حبيبتي علشان بتابع الضيوف وبرحب بيهم،لأن زي ما انتِ عارفة جدك عز تعبان شوية ومش هيقدر يتحرك في الحفلة،كمان علشان عمتو يُسرا ما تحسش إننا مش مركزين في الحفلة ومش مُهتمين


وحياتي يا بابي توافق،دي هي رقصة واحدة وبس...قالتها بعيناي متوسلة،تجنبها ياسين وأصرّ علي موقفه حيث أنهُ كان قد قرر مُسبقاً عدم الرقص بزوجتاه خلال الحفل لكي لا يُزعج حالهُ ويظلم معهُ إحداهُما وأيضاً لمراعاة شعور حالة والدهُ: 

-وبعدين معاكِ يا سيلا،قُلت لك مش هاينفع 


بتَبَرُّم مطتْ شَـ.ـفتاها فتحدث وهو يُشير إلي حمزة بكف يـ.ـده: 

-طب ما تزعليش،هخلي حمزة يُرقص معاكِ 


بس أنا مش عاوزة أرقص مع حد غيرك...قالتها بإحتدام 


كان هناك من يراقبهُما من بعيد،إنهُ أحد هؤلاء الضُباط المُتدربون تحت أيـ.ـدي ياسين ويُدعي أحمد،هتف بنبرة دُعابية: 

-أوبا،إيه الصاروخ الجامد اللي واقف مع سيادة العميد ده 


حول كارم بصرهِ إليهما فتحدث آخر بنبرة ساخرة: 

-هو الراجل ده ما بيعتقش،بس بصراحة المُوزة جامدة وتستاهل


إتلم إنتَ وهو للكلام يوصل له ويبعتكم بِعثة مستعجلة للمخزن الخاص اللي بيستقبل فيه الحبايب...هكذا تحدث كارم بنبرة تحذيرية


هتف أحدهم بتهاون: 

-وهو هيعرف الكلام اللي بنقوله منين يا سي كارم؟ 


أردف بنبرة تنبيهية:

-إنتَ غلبان أوي يا ماجد،ياسين المغربي عارف القرد مخبي إبنه فين،ده زي ما يكون مخاوي جِن بيبلغه بكل اللي بيحصل حواليه

واستطرد بحيرة: 

-يا أبني أنا بتصدم من كَمّ المعلومات اللي بيمدني بيها في العمليات اللي المفروض أنا اللي بتحري له عنها


ثم وضع كفهُ علي ذقنه وقام بحَـ.ـكه واسترسل مضيقاً إحدي عيناه: 

-صدق اللي سماه وَحْش المُخابرات


وافقهُ الجميع الرأي فتحدث أحمد من جديد مُتعجباً: 

-شوف البِت بتدلع عليه وماسكة إيـ.ـده إزاي! 

أنا معلوماتي عنه من زمان إنه فاجر وما بيهموش حد،بس مش لدرجة إنه يدلع نفسه ويلعب بديله قدام حريمه كدة عادي


قهقه الجميع وهتف أحدهم بدُعابة: 

-قادر ويعملها


رفع كارم حاجبهُ وأردف بفطانة إكتسبها من عَمله: 

-اللي أعرفه إن ياسين باشا بيحب مراته التانية لدرجة الجنون،وبعدين مش هو الشخص الساذج اللي يلعب بديله قدام الناس كدة ويبوظ سُمعته


أردف أحدهم مُفسراً: 

-يا شباب دي شكلها قريبته،وبعدين دي صُغيرة أوي عليه


بحَصَافة أردف كارم مؤكداً: 

-تؤ،مش قريبته،دي أكيد بنته اللي مسافرة ألمانيا،لو دققتوا في ملامحها هتلاقوها واخدة من سيادة العميد كتير،نفس لون العيون ونظرتهم اللي كلها دهاء


هتف أحمد بمشاكسة لصديقهُ: 

-أوباااا،ده سيادة الرائد مِركز بقي،هي وصلت للعيون يا كارم باشا


عَدل من ياقة حِلته ونطق بغرور مُصطنع: 

-يا أبني ده الفرق اللي بيني وبينكم،إنتوا بتبصوا علي المواضيع وتحكموا عليها من الظاهر،لكن أنا بغوص في التفاصيل، وما أدراكَ بالتفاصيل


هتف أحدهم عندما رأي ياسين قد سلم أيسل إلي نجلهِ وإصطحبها للمكان المُخصص للرقص:

-شكل كلامك صح وطلعت بنته بجد يا كارم،سيادة العميد خلي إبنه يرقص معاها


نطق بإستِعْلاء مُصطنع: 

-عيب عليك يا باشا،إنتَ بتكلم رجُل مُخابراتي من الدرجة الأولي 


كانت تتراقص مع شقيقها بعدم شغف فسألها حمزة مُشاكساً إياها:

-مادة بوزك شبرين لقدام ليه يا سيلا؟ 


هتفت بحِنق: 

-سيبني في حالي يا حمزة،أنا مش طايقة روحي


إيه اللي حصل لكُل ده...هكذا سألها فأجابته بإستفاضة: 

-هطق من بابي،طلبت منه يرقص معايا رفض وأتحجج بجدو وتعبه

واسترسلت بإِمتِعاض:

-وأنا بقي مُتأكدة من إنه رفض لأنه خاف علي زعل الهانم دلوعته اللي خلاص أكلت عقلُه ومابقاش شايف في حياته حد غيرها


قطب جبينهُ وسألها بإستفسار بعدما فهم مقصدها: 

-طب وإيه اللي يزْعل مليكة في إن بابي يُرقص معاكِ مش فاهم؟ 


تجهمت ملامحها وأجابته بتأكيد: 

-طبعاً هتزعل وتِطَق كمان لو كان بابي خَصِني بالرقصة الاولي وفضلني عليها،وبابي علشان فاهم طبعها كويس وعارف الغل اللي جواها من ناحيتي أنا ومامي،رفض وريح دماغه من الصُداع اللي كانت هتعملهُ له


ضحك حمزة وأردف متسائلاً بتعجُب: 

-أنا نفسي أفهم إنتِ إيه اللي حولك من ناحية مليكة بالشكل ده،إنتوا مش كنتوا أصحاب زمان؟ 


عقبت بحِدة: 

-دي واحدة غدارة وخانت مامي،أصاحبها إزاي يعني؟ 


أجابها بإنصاف وعدم تحيُز ورثهُ عن عز:

-والله يا بنتي مليكة دي ما فيه أغلب منها،ولو هي فعلاً بالشر اللي بتقولي عليه ده كان زمانها خلت بابا طلق ماما،وعلي فكرة بقي،هي تقدر تعمل ده وبسهولة كمان،لأن بابا بيحبها ومتعلق بيها جداً

واستطرد بأسي: 

-هي أديته الطمأنينة وإحساس الدفئ وأسقرار العيلة اللي ماما للأسف فشلت في إنها توصلهُ له،وبابا عُمره ما هيقدر يستغني عن الإحساس ده ولا عن الإهتمام والحُب اللي هي بتقدمهُ له


جحظت عيناها وهتفت مُستنكرة بإحتدام: 

-إنتَ اللي بتقول الكلام ده يا حمزة؟! 

واستطردت بعتاب: 

-سيبت إيه للناس الغريبة لما إبنها بيقول عليها كدة


عقب علي حديثها بنبرة صارمة: 

-ما تبقيش عاملة زي النعامة وتدفني راسك في الرمل علشان تهربي من الحقيقة يا أيسل 

واسترسل بإبانة: 

-أنا وإنتِ عارفين كويس أوي إن بابا عُمره ما كان من أولويات ماما ولا إهتماماتها الأساسية،وبابا زيه زي أي راجل،من حقه يدور علي راحته وعلي الإهتمام والحُب


كانت تستمع إليه بملامح وجه مُحتدة رافضة لكُل ما يُقال من شقيقها الذي يمتلك عقلاً رزيناً ورثهُ عن عز المغربي،تتيقن من داخل أعماقها أن حديثهُ صائِب لكنها ترفضهُ وبشدة تضامناً مع والدتها بقلبٍ أعمي،هتفت بنبرة صارمة: 

-وأنا هستني منك إيه غير كدة يا مغربي يا صُغير،نفس التفكير الذكوري العَفِنْ 


ضحك عليها وهز رأسهُ بإستسلام واكملا رقصتيهما تحت ضيقها واستفزازها منه


❈-❈-❈ 


شعوراً هائلاً بالفرحة إجتاح روح تلك الرقيقة وهي تري صغيرتها الجميلة تجلس بجانب من إختارهُ قلبها البرئ وارتاحت لهُ روحها،حاوطها بذراعه ذاك الواقف بجانبها وتحدث بنبرة حنون: 

-مبروك يا حبيبتي 


حولت بصرها ونظرت إليه بعيناي لامعة جراء إبتهاجها وتحدثت بنبرة رقيقة حنون: 

-الله يبارك فيك يا حبيبي 


واسترسلت بعيناي مُمتنةُ:

-مش عارفة أشكرك إزاي علي وقوفك معايا أنا وياسين في تحضيرات الحفلة


كمحُبٍ صادق نطق مُعاتباً إياها: 

إيه الكلام اللي بتقوليه ده يا يُسرا،سارة دي بنتي اللي ربنا عوضني بيها،وربنا وحده عالم غلاوتها في قلبي قد إيه 


عقبت علي حديثهُ بنبرة حنون: 

-ربنا يخليك ليا ومايحرمنيش منك أبداً يا سليم 


إبتسم لها بحنان وانسحبت هي لتجلس بصُحبة إبتسام ووالدتها وتقوم بالترحاب بهم


وجهت مليكة حديثها اللبق إلي ثُريا بنبرة رقيقة: 

-مبروك لسارة يا ماما،عقبال ما تفرحي بمروان وأنس 


هتف الصغير الجالس فوق ساقاي سُهير بمشاكسة: 

-وعزو يا مامي؟ 


ضَحكنْ جميع الجَالسات علي فطانة الصغير وتحدثت سُهير وهي تحتضنهُ وتُـ.ـقبل وجنتهِ الوردية بحفاوة: 

-إنتَ عاوز تتجوز يا صُغننْ


قهقه ببراءة لمداعـ.ـبة جدته له وتحدثت مليكة بفُكاهة: 

-هخلي نانا ثُريا تخطب لك مع مروان وأنس 


إبتسمت ثُريا وأردفت بحنين: 

-يا مين يعيش يا مليكة


إن شاء الله هتعيشي وإنتِ بنفسك اللي هتختاري لهم العرايس...جُملة نطقتها سُهير بملاطفة مما أسعد قلب ثُريا التي تحدثت بضحكة لطيفة جعلت قلب عز المراقب لها ينتفض إشتياقاً: 

-هختار لهم العرايس مرة واحدة يا سُهير،إللي ما عملتها مع أبوهم،هختار لهم هما؟ 


أردفت سُعاد بنبرة تفاؤلية: 

-أنا كُنت بقول زيك كدة يا ثُريا يا بنتي،واديني بحضر خطوبة حفيدي أهو،ربك كريم قادر يعوضك فيهم عن أبوهم وجدهم ويفرح قلبك بيهم


ونعم بالله يا حاجة...نطقتها ثُريا بيقين ورضا


وقفت منال واتجهت مُرغمة إلي جلوس ثُريا لتقديم التهنأة لإبتسام والترحيب بوالدتها وشقيقتها،نظرت ثُريا أمامها متجاهلة حضور تلك البغيضة مما أغضب منال لكنها أظهرت عكس ذلك حفاظاً علي شكلها أمام الجميع،وتحدثت وهي تقوم بتقبيل وجنتي إبتسام:

-ألف مبروك يا بسمة،ربنا يتمم لكم علي خير 


أردفت بإبتسامة مُشرقة: 

-الله يبارك فيكِ يا أبلة 


ورحبت أيضاً بالجميع وحان الدور علي مصافحتها لتلك التي أصبحت تبغضها بُغضاً لم تشعر به بإتجاه أحدهم من ذِي قَبل،تحدثت مُرغمة دون مُصافحة الأيدي:

-مبروك لسارة وعقبال مروان وأنس 


عقبت ثُريا بملامح وجة هادئة كي لا تُثير إستغراب الجميع: 

-متشكرة وعقبال أيسل


بنبرة شديدة التعالي تحدثت وهي ترفع قامتها لأعلي بكبرياء: 

-الدكتورة أيسل ما بتفكرش في الإرتباط حالياً،هي لسة قدامها مشوار طويل علشان تحقق ذاتها اللي هايكون مختلف ومميز عن أي حد من جيلها 


واسترسلت بكِبر: 

-ما هو مش معقول تكون بتدرس الطِب في جامعة عريقة زي هايدلبرغ وتفكر في الكلام الفاضي ده


شعرت يُسرا بالأسي لحديث منال المقصود وفضلت ثُريا الصمت فتحدثت إبتسام لغلق ذاك الموضوع السخيف:

-ربنا يحقق لها كل أحلامها يا أبلة

واسترسلت بنبرة هادئة وهي تُشير بيـ.ـدها إلي أحد المقاعد: 

-ما تقعدي معانا شوية 


أجابت بإعتراض: 

-مش هاينفع أسيب شيري لوحدها يا بسمة


ثم وجهت حديثها إلي سُهير بنبرة لائمة: 

-إبقي شرفينا مرة وزورينا في ڤيلا الباشا يا مدام سُهير،ولا أنتِ ما تعرفيش غير طريق ڤيلا رائف الله يرحمه؟ 


واسترسلت مُتهكمة وهي تنظر إلي مليكة: 

-إبقي فكري ماما إنك بقيتي حَرم سيادة العميد ياسين المغربي وعرفيها طريق الڤيلا يا مليكة،وأهو بالمرة تزوريني إنتِ كمان،يمكن ساعتها تفتكري إن حماتك بقت منال هانم العشري 


إرتبكت مليكة من حِدة لهجة تلك الساخطة فتحدثت سُهير بهدوء كي تنأي بإبنتها من براثن تلك الساخطة:

-حاضر يا مدام منال،إن شاء الله في أقرب وقت هجيب مليكة وأجي أقعد معاكِ شوية


عقبت بنبرة جادة:

-تشرفي وتنوري 

بملامح وجه حادّة استرسلت بإنسحاب: 

-بعد إذنكم 


قالتها وتحركت تحت إستياء الجميع وإخراج ثُريا نفساً عميقاً وكأن تلك الغليظة كانت تحتجز عن رئتيها الهواء،وقفت وتحدثت بنبرة راقية: 

-بعد إذنك يا حاجة سُعاد،هاروح أرحب بستات علي وفريد إخواتي وأقعد معاهم شوية علشان ما يزعلوش وياخدوا علي خاطرهم مني


إنسحبت بعدما أومأت لها السيدة بموافقة،أما سُهير فمالت بجانب أُذن نجلتِها وهمـ.ـست:

-هي مالها سَانة سكاكينها علي الكُل كدة ليه؟


عقبت الاخري بتوضيح: 

-مش عارفة يا ماما،بس من يوم طنط منال ما كانت بتتكلم مع ماما ثُريا في أوضتها وبعدها تعبت وأغمي عليها وكل الأمور إتلغبطت،عمو عز مابقاش يدخل البيت وطنط منال زي ما أنتِ شايفة كدة


تنفّست بهدوء ثم أردفت ناصحة لإبنتها:

-خرجي نفسك من بينهُم يا بنتي،إوعي تتدخلي مهما يحصل وإوعي تتكلمي علي حد فيهُم مع التاني،دول في الأول وفي الأخر عيلة واحدة ومهما اختلفوا مرجوعهم لبعض،إنتِ اللي غريبة في وسطيهم


واستطردت بنبرة تحذيرية: 

-وخلي بالك من اللي إسمها منال كويس وما تعاديهاش،دي مُمكن تبُخ في ودان ياسين وتغيره من ناحيتك 


بإِقْتِضَاب أومأت بطاعة رغم تيقُنها من عِشق ياسين الشديد لها وعدم إنجرافهِ وراء الأحاديث: 

-حاضر يا ماما


تحرك عز وجلس بمنضدة جانبية لأخذ قِسطاً من الراحة بعيداً عن الزحام والمجاملات،إقترب منهْ عبدالرحمن وتحدث مُتسائلاً بعدما سَحب مقعداً مُقابلاً وجلس فوقهُ: 

-باعد عن الكُل وقاعد لوحدك ليه يا عِز؟


عقب بنبرة بائسة: 

-وإيه فايدة القُعاد في وسط الناس وأنا من جوايا حاسس وعايش الوِحدة 


ليه بتقول كدة يا حبيبي،ما أحنا كُلنا حواليك أهو وبنحبك...هكذا أجابهُ شقيقهُ وهو يُربت علي كف يده الموضوع فوق المنضدة بحِنو


عارف يا عبدالرحمن،بس البُعد ساعات بيكون علاج للجروح اللي مالهاش دوا...قالها ببؤسٍ شديد


تنهيدة حارة شقت صَـ.ـدر عبدالرحمن وهو يري إنهزام شقيقهُ الأكبر بتلك الصورة الموجعة لقلبهْ وتحدث ناصحاً إياه:

-إنسي بقي يا عِز وأرحم قلبك اللي وجعته معاك طول السنين اللي عَدت،ثُريا عُمرها ما كانت ولا هاتبقي ليكْ،ريح قلبك يا حبيبي 


كلمات برغم تيقُنهُ من صِحتها إلا أنها هبطت علي قلبهِ الولهان كحِممٍ بُركانية وباتت تُحرق جُل ما يُقابلها بطريقها 


قطع حديثهُما حسن الذي إنضم إلي جلوسهما وتحدث بمشاكسة:

-قاعدين إنتوا بعيد عن الدوشة ومروقين دماغكم وسابيني مع ياسين وطارق وسط الضيوف لما نفوخي اتنفخ


إبتسم لهُ كليهما بهدوء فتحدث هو إلي عز مستوضحاً بعدما رأي كَمّ الأسي المحفور بملامحه:

-مالك يا عِز؟إنتِ فيه حاجة تعباك؟


أنا كويس يا حسن الحمدلله...نطقها ليُطمأن إبن عمه الذي إستغرب حالهُ وتغيير ملامحه لكنهُ غَير مَجريّ الحديث كي لا يُزعج إبن عمه 


❈-❈-❈


كان يقف بعيداً عن الضوضاء حاملاً صغيرهُ الذي أصّر علي تواجدهُ معه تحت نظرات مليكة الجالسة بصُحبة نساء العائلة،تحدث إليه متسائلاً بدلال: 

-بس إيه الشياكة دي كُلها يا عزو باشا،البدلة والبابيون هياكلوا منك حتة 


ضحك الصغير وتحدث بإيجاب: 

-جدو هو اللي جاب لعزو بدلة شبهه


ثم بدلالٍ وضع كفهُ الرقيق فوق وجنة أبيه واسترسل بفطانة ليستولي علي قلب غاليه: 

-بس عزو كان عاوز يكون شبهك يا بابي


مال برأسهِ وأجاب بما أسعد قلب الصغير: 

-طب ما أنتَ شبهي يا قلب أبوك،ده أنتِ الوحيد اللي واخد ملامحي وعيوني بالمِلي 


واسترسل بقلبٍ يُرفرف من شدة سعادته وهو يُداعب صغيرهُ المُقرب لقلبه بأصابع يـ.ـده: 

-وواخد معاهم قلب وعقل وروح ياسين المغربي


قهقه الصغير بشدة جراء دغدغة والدهُ وحديثهُ المُدلل له،قطع إنسجامهُما ليالي التي أتت تتحرك إليه بغنچ ثم جاورته الوقوف وتمسكت بكف يده كي تُزعج مليكة وتُثبت للحضور مَدّي وئامها هي وزوجها معاً: 

-يا بختك يا عزو،مستولي علي إهتمام سيادة العميد لوحدك وواخد عقله


واستطردت وهي تنظر لعيناي ياسين بمعاتبة: 

-ومخليه ناسي إن فيه ناس تانية مسؤلة منه هي كمان ومن حقها عليه الإهتمام والرعاية


قالت كلماتها ثم إقتربت علي ياسين ورمت حالها داخل أحضانه بحجة تقبيلها للصغير مما جعل الألم يقتحم قلب تلك العاشقة وتجددت إشتعال النيران به ككُل مرة تري بها ليالي تقترب من رجُلها وأسر قلبها،قطب ياسين جبينهُ ونظر لها مُتعجباً تصرُفها، واسترسلت موجهةً سؤالها إلي الصغير بدُعابة: 

-ولا أنتَ إيه رأيك يا عزو؟ 


ببلاهة كطفلٍ لم يستوعب حديثها الغامض عقب علي سؤالها بسؤالاً:

-في إيه يا طنط؟

ثم استرسل يسأل أبيه مُستفسراً: 

-هي طنط لي لي بتسألني عن إيه يا بابي؟ 


إبتسم بخِفة وتحدث إلي صغيرهُ:

-اللي طنط لي لي بتعمله ده إسمه تلقيح يا حبيبي،لما تكبر هتفهمه


تجهمت ملامحها وأردفت بإمتعاض:

-بقيت بلدي أوي يا ياسين،مش عيب يا سيادة العميد تقول لفظ بيئة زي ده قدام الولد؟ 


إنتِ عاوزة إيه يا ليالي؟!...سؤال وجههُ إليها فأجابت بنبرة حادة:

-حقي فيك،عاوزة حقي فيك يا ياسين،عاوزة نفس المُعاملة ونفس الإهتمام اللي بتديهم لمراتك التانية،بإختصار كدة عاوزة العَدل يا سيادة العميد 


واستطردت بسؤال: 

-مش إنتَ بردو تعرف ربنا وعارف إن العَدل من أساسيات الجواز التاني؟ 


أشار إلي أنس الذي أتي إليه مُسرعاً وتحدث إليه بنبرة حنون: 

-خُد أخوك وديه لماما يا حبيبي


أجابهُ الصغير بطاعة:

-حاضر يا بابي 


واستطرد وهو يُبسط كفهُ إلي شقيقهُ الأصغر: 

-يلا يا عزو نروح لمامي 


رفض الصغير وتشبث بشدة بعُنق أبيه وهتف بإعتراض: 

-لاء،أنا عاوز أفضل مع بابي


وضع ياسين قُبـ.ـلة فوق وِجنة صغيرهُ وتحدث لمراضاته: 

-مش قُلنا نسمع الكلام علشان بابي يحِبك،روح مع أنس وأنا هتكلم شوية مع طنط ليالي وهاجي لحد عندك أخدك ونروح نتصور مع سارة ورؤوف


تهلل وجه الصغير وتحرك بجوار شقيقهُ وتابعهُ ياسين بعيناه التي إلتقت بعيناي حبيبتهُ فأبتسم لها كي يُطمئن روحها ويخفف من وطأة شعورها بالغيرة الذي لمحهُ داخل مقلتيها المُشتعلة ثم حول بصرهِ إلي تلك التي تُجاورهُ الوقوف وسألها متعجباً: 

-وإيه اللي أنا بعمله وحَـسِسِك بالظُلم يا ليالي؟ 


بدلال إقتربت وتحدثت وهي تُمـ.ـسك كف يـ.ـده لتحثهُ علي التحرُك:

-تعالّ نُرقص وأقول لك علي اللي مزعلني منك يا ياسين


أنزل كفها بهدوء وتحدث موضحاً: 

-مش هاينفع،نفسياً مش متظبط ده غير إن سيلا طلبت مني أرقص معاها ورفضت،فأكيد هتزعل لو رقصت معاكِ


بملامح وجه حادة هتفت مُشككة في صحة حجتهُ:

-ما تتلككش بسيلا لأنك متأكد من جواك إنها هتفرح جداً لو ده حصل،أنا عارفة إنك عامل حساب لزعل الهانم لو رقصت معايا أنا أو أيسل قبل منها،وده اللي خلاك رفضت عرض بنتك يا ياسين يا مغربي


بسؤالٍ حادّ هتف بغَرَابة: 

-هو ده اللي أخدتي بالك منه؟ 

طب وبالنسبة للمشاكل اللي مالية البيت ولا أبويا وأمي اللي شِبه مقاطعين بعض؟ 

واسترسل معاتباً: 

-ما خدتيش بالك إن الباشا ما بيقعدش معانا علي سُفرة غير لما شيرين تكون موجودة؟

وإن اليوم اللي بتقضيه عند أهل جوزها أو مع أصحابها الباشا بيقضيه يا إما في أوضته أو مع عمي عبدالرحمن برة البيت؟


واسترسل مُتهكماً بإبتسامة ساخرة: 

-أه،أنا أسف،أنا أصلي نسيت إن المدام ما بتفكرش غير في الإنسان الوحيد اللي يستحق إنها تشغل تفكيرها ببه


ضحكة ساخرة أطلقتها وبعدها سألتهْ متهكمة: 

-وياتري لما حجزت Suite للهانم وقضيت معاها ليلة بحالها فيه،كُنت بتناقشها في المشاكل الجامدة أوي اللي بين الباشا وعمتو؟


بمنتهي الهدوء أجابها بنبرة صادقة:

-كُنت رايح أترمي في حُضنها علشان تخلصني من همومي اللي زادت عليا وطبقت علي نَفسي لحد ما كانت هتُخنُقني،وزي عادتها طبطبت علي قلبي وخففت عني من غير ما تتعبني ولا تتعالي عليا زي ما بتعملي إنتِ معايا


إبتسامة ساخرة عَلت ثغرها وتحدثت بإعتراض: 

-وهاتتعبك ليه وإنتَ بتعاملها مُعاملة المليكات،أمتي عاملتها زيي ولا هينت أهلها قدامها زي ما عملت معايا؟


أجابها قاصداً واقعة الفطار في بيت أبيها حين ترجته بأن تعود معه لمنزلها ورفضْ: 

-عملت معاها ومع أهلها اللي عُمري ما عملته معاكِ،ومع ذلك عُمر صوتها ما عِلي عليا ولا عُمرها خزلتني ودخلت أهلها في مشاكلنا 


واسترسل شارحاً: 

-الإسلوب اللي بتعامل معاكِ بيه والتسامُح عُمري ما بتعامل بيه مع حد غيرك،أنا بفوت لك أخطاء وبغفر لك بلاوي بتعمليها وكل ده علشان خاطر سيلا وحمزة 


واستطرد بأسي: 

-بس للأسف يا ليالي،إنتِ عُمرك ما قدرتي ده ولا لقيت ليه مُقابل منك،وحتي لو حصل في مرة وأتنازلتي،بتتنازلي علشان الشخص الوحيد اللي إنتِ عايشة علشانه،واللي هو إنتِ يا ليالي 


جحظت عيناها وسألته متهكمة بانفعال: 

-قد كدة شايفني سِت بَشعة وما أستحقش أنول شرف إني أكون مِراتك؟

واسترسلت بتعجُب: 

-طب ولما أنا واحدة أنانية وفيا العِبر كدة،إيه اللي مخليك ضاغط علي نفسك وما طلقتنيش لحد الوقت؟


أجابها بقوة وثبات: 

-بالمناسبة أنا ما قُلتش إنك بشعة،أنا كُل اللي قُلته إنك أنانية وأهم حاجة عندك هي مصلحتك اللي دايماً بتفضليها عن الكُل، حتي لو كانت علي حساب عيالك


واستطرد مُفصحاً: 

-ده غير عِيبك الكبير اللي كان ومازال السبب في كُل مشاكلنا من أول جوازنا لحد الآن،وهو إنك تابع يا ليالي

واسترسل قاصداً بحديثهُ قسمة وداليدا بعدما حول بصرهِ ونظر علي كلتاهما: 

-مِسلمة عقلك لغيرك وأي حد معدي وقال لك كلمتين بتنجرفي وراه بدون تفكير،وكأنك مُغيبة ولاغية عقلك أو مدياله أجازة



تعلم عُلم اليقين أن حديثهُ حَق،لكنها تأبي الإعتراف به وتحتفظ به داخل سريرتها ويرجع هذا لإنسجامها وراحتها بحياتها هكذا،

أردفت بنبرة هادئة كي تنأي بحالها من ذاك النقاش المُرهق لعقلها الضئيل وروحها المُستكينة: 

-أنا رايحة أقعد مع مامي وأختي اللي أنا تابع ليهم زي ما أنتَ لسة قايل يا ياسين


أمسك كف يدها ليحِثَها علي عَدم السير ثم نظر لها مع إخراجهُ لنفسٍ عميق عبر به عن إستياءهُ ويأسهْ من تلك التي أرهقته خلال سنواتهِ العُجاف التي قضاها معها،ثم تحدث إليها بنبرة جادة:

-إستني يا ليالي،أنا عاوز أتكلِم معاكِ في موضوع مُهم 


ضيقت عيناها وترقبت حديثهُ فاسترسل هو بنبرة إحْترَازية: 

-أنا بمُر بفترة صَعبة أوي في شُغلي ومحتاجكم كُلكُم تتكاتفوا وتساعدوني 


قطبت جبينها وسألتهْ مُستفسرة:

-أنا مش فاهمة حاجة،نساعدك إزاي يعني؟ 


أفلت يَـدها ثم وضع كفاه داخل جيب بِنطاله وتحدث بتنبيه: 

-كُل اللي محتاجه مِنك لما ترجعي ألمانيا إنك تخلي بالك من نفسك ومن سيلا كويس أوي،وعاوزك تسمعي كلام إيهاب وتنفذيه بالحَرف الواحد

واسترسل تحت إستيائها: 

-عاوزك كمان تقللي خروجاتك إنتِ والبِنت علي قد ما تقدروا


بنظرات غاضبة هتفت بإمتعاض:

-خروجات إيه اللي هنقللها يا ياسين؟

ده علي أساس خروجاتنا مقطعة بعضها أوي في ألمانيا ! 

دي هي مرة اللي بنخرجها كُل إسبوع وإيهاب ورجالته بيكونوا طابقين علي نَفَسْنا لحد ما كِرهونا في الخروج أصلاً 


إحتدت ملامحهُ وأشتعل داخلهُ من حديث ذات العقل الأجوف وتحدث ناهراً إياها بحِدة: 

-إنتِ إمتي هتبطلي تفاهة وتكوني قد المسؤلية اللي إتحطيتي فيها كأُم؟ 

واستطرد بتمنيّ: 

-نفسي ولو مرة واحدة تفكري في ولادك بعيداً عن الأنانية اللي إنتِ فيها دي 


بحِدة مُماثلة أجابته: 

-كفاية عليك السِت مليكة وعقلها وتضحياتها يا ياسين بيه


رمقها بنظرة إشمئزازية غير مُبالياً بمن حولهم وهتف بإزْدِراء: 

-الحق مش عليكِ،أنا اللي غلطان اللي عَملت قِيمة لواحدة تافهة زيك وقاعد بتناقش معاها علي أساس إنها سِت واعية وهتفهمني وتقدر خطورة كلامي والوضع اللي أنا فيه 


واسترسل بتَحْقِير لشخصها: 

-إنتِ اللي زيك ينفذ الأوامر وهو زي الكُرسي اللي بيقعُد عليه


خلي بالك من كلامك معايا يا ياسين...جُملة غاضبة نطقتها بحِدة 


نهرها قائلاً بغَلاظة: 

-لحد هِنا وخِلص الكلام 


قال كلماتهُ وأشار لها لتتحرك بجانبه واوصلها للطاولة التي تجلسا حولها هاتان الخبيثتان وتحرك ليُتابع الحَفل ويقوم بالترحيب بالحاضرين


❈-❈-❈ 


ذهبت لمار إلي ليالي بعدما رأتها وهي تعود إلي طاولة والدتها وشقيقتها بخيبة أملها،حيثُ كانت تُراقب حديثها مع ياسين بمنتهي الدقة،تحدثت إلي قسمة بنبرة مَرحة زائفة: 

-إزيك يا Auntie 


أردفت قسمة بتعالي: 

-أهلاً يا لمار


جاورت ليالي الجلوس وتحدثت بنبرة خَبيثة كي تستعلم منها عن ما دار بينها وبين ذاك الدَاهي: 

-مالك يا لِي لِي؟ شكلك متضايق ليه كدة؟ 


تنهدت ثم تحدثت بنبرة إستسلامية: 

-شدينا مع بعض شوية أنا وياسين في الكلام

واستطردت بنبرة حادة: 

-تخيلي البيه بيطلب مني أقلل خروجاتي في ألمانيا؟ 


بعيناي مُتسعة أردفت لمار بإندهاش مُصطنع: 

-معقولة؟ده كدة قاصد يحبسك ويعزلك عن العالم


زفرت ليالي فتحدثت لمار وهي تُربت علي كف يـ.ـدها بمؤازرة وهمية: 

-إهدي وبُكرة نتقابل علي البحر زي كُل يوم ونتكلم وأكيد هنلاقي حَل 


واستطردت لتحثها علي التمرد علي وضعها: 

-خليكي ذكية وفكري برة الصندوق يا لِي لِي 


أومأت لها بموافقة ثم تحدثت شاكرة: 

-مش عارفة أشكرك إزاي علي دعمك ووقوفك معايا من وقت ما رجعت من ألمانيا يا لامي،بجد ميرسي كتير 


إبتسمت وتحدثت بخباثة:

-إوعي تقولي كدة تاني،إحنا أصحاب ولازم أدعمك. 


قالت كلماتها وانسحبت فتحدثت داليدا إلي شقيقتها بريبة:

-إزاي واثقة فيها أوي كدة لدرجة إنك تحكي لها علي مشاكلك مع ياسين بالشكل الأهبل ده؟


عقبت مُبررة: 

-هي الوحيدة اللي واقفة جنبي وبتسمعني بقلبها،وكمان بتحاول تساعدني في إزاي أتعامل مع ياسين وبتساعدني كمان في حل مشاكلي معاه

واستطردت بإمتعاض: 

-مش زي چيچى هانم اللي مُعظم وقتها بتقضيه مع مليكة ولا عاملة لعِشرتنا أي تقدير 


بعد قليل كانت مليكة تقف بجانب چيچى وشيرين تتحدثن بإنسجام بعيداً عن التجمُعات،أتي عليهن ياسين،وقف متوسطاً زوجتهُ وشقيقتهْ وحاوط كُلاً منهما بساعديهْ الذي لفهما فوق كتف كلتاهُما وتحدث مُداعباً ثلاثتهم: 

-واقفين بترغوا في إيه وسايبين يُسرا لوحدها،مش المفروض ترحبوا معاها بالمعازيم؟ 


رفعت چيچى منكبيها لأعلي وأردفت بتَمَلُّص: 

-أنا واحدة معروف عني في العيلة كُلها إني تافهة وماليش في المجاملات وإستقبال الضيوف


وعقبت علي حديثها شيرين قائلة بتنصُّل هي الاخري:

-وأنا واحدة ليا 16 سنة عايشة في لندن ونسيت الحاجات دي من زمان

واسترسلت وهي ترفع كتفيها لأعلي:

-وأصلاً نسيت أسماء نُص المعازيم اللي كُنت أعرفهم قبل ما أسافر،والباقي ما أعرفهُمش أساساً 


حول بصرهِ إلي مليكة ثم ضيق عيناهْ مُنتظراً ردها فهتفت مُبررة وهي تُشير إلي بطنها المُنتفخ:

-بتبص لي ليه،أنا واحدة حامل ومعايا عُذر قهري


أردف مُتهكماً وهو يتبادل النظر بين ثلاثتهم بتقليل مُصطنعْ: 

-برافوا سِتات عِيلة المغربي،بصراحة حاجة تشرف 


هتفت شيرين بفُكاهة: 

-فُكك من الهَري ده كُله وقُل لي يا ياسين،إنتَ ما رقصتش ليه مع مرتاتك؟ 


ضيق عيناه مستغرباً وسألها بإندهاش: 

-مرتاتي؟ وفُكك من الهري؟ 

واسترسل بدُعابة: 

-لندن حولِتك يا شيري،بقيتي بتتكلمي بروشنة وصياعة


ضحكت وتحدثت بطُرفة: 

-بحاول أتماشي مع العصر علشان ما يفوتنيش حاجة 


إبتسم لها وأنضم طارق إليهم وتحدث مَازحاً: 

-واقفين ترغوا في إيه وسايبين يُسرا لوحدها


تبادل الجميع نظراتهم المُتعجبة ثم أطلقوا ضحكاتهم لإستماعهم لجملة ياسين من طارق وكأن المشهد يُعاد مرةً أخري،تبادلوا الاحاديث المشاكسة بينهم مع إطلاقهم للضحكات السعيدة مع أخذ مليكة الحِيطة في حديثها مع طارق،كُل هذا كان يحدُث تحت نظرات ليالي المُشتعلة وإستشاطتها جراء أحاديث داليدا وقسمة اللتان تنظران للجمع ويوشيا بأذُن ليالي الجالسة بجانبهما ليحثاها علي أن تثور لكرامتها مع إتخاذ موقفاً ضد أفعال ياسين المُقللة من شأنها ومُهدرة لكرامتها أمام الحضُور


نظر طارق إلي مليكة وتحدث بإِحْتراز: 

-علي فكرة يا مليكة،مكتبك جهز خلاص وتقدري تيجي الشِركة من بُكرة لو حبيتي


تحولت ملامح ياسين لمُشتعلة لمجرد إستماعهِ لقُرب ذهابها للعمل والخروج من المنزل تحت قلقهُ وارتيابهُ عليها،أما مليكة فنظرت إلي طارق بهدوء وتحدثت شاكرة بطريقة جادة: 

-متشكرة يا طارق،وأسفة علي تَعبك


بعيناي حزينة علي ما وصلا إليه كلاهُما من معاملات رسمية لبعضيهما بعدما كان الأقرب لها بين الجميع تحدث بنبرة صوت مُتألمة أحزنتها:

-عمر ما كان فيه تعَب بالنسبة لي في أي حاجة تخُصك إنتِ والاولاد يا مليكة،ده حقك وحق ولاد رائف عليا


شعرت بالإختناق وكأن حَجراً ثقيلاً وُضِع فوق صَـ.ـدرها فمَنع الهواء من الوصول لرأتيها،أما چيچى فشعرت بتألم حبيبها مما جعلها تُمسك كف يـ.ـده كنوعاً من المؤازرة


قطبت شيرين جبينها وتساءلت متعجبة وهي تنظُر إلي مليكة: 

-هو اللي أنا فهمته ده صح يا مليكة؟ 

إنتِ فعلاً هتنزلي الشركة؟ 


أومأت لها وهي تُتابع نظرات ياسين وتقلُبات ملامح وجههُ المُنقبضة فتحدثت من جديد بإستغراب: 

-طب ليه؟ 

واستطردت بتساؤل: 

-والحَمل؟وأولادك؟ 

إنتِ كدة يا بنتي هتتعبي جداً 


شعرت بالتيهة والإرتباك أمام تساؤلات شيرين المُتعجبة ولم تدري بما تُجيبها،أخرجها من مأزقها ياسين الذي شدد من ضمتهِ لكتفها بمؤازرة وتحدث إلي شيرين كي يحثها علي تغيير مجريّ الحديث: 

-مليكة مرتبة للموضوع كويس يا شيري


ثم نظر إلي مليكة وتحدث بإعلام صَارم: 

-وبعدين هي مش هتروح كتير علشان ما تتعبش من الحَمل،وغيابها برة البيت ما يأثرش علي الأولاد بالسَلب،هي مرة ولا مرتين بالكتير في الإسبوع


ولا إيه؟ هكذا سألها بنبرة حادة،تنفست بإستسلام وأومأت مُجبرة أمام سطو ذاك العنيد المُسيطر 


هتفت شيرين وهي تحث ياسين علي التحرك معها بعدما رأت الكثير من علامات الإستفهام بين طريقة تعامل طارق ومليكة: 

-تعالي معايا يا ياسين نروح لبابا نقعد معاه شوية 


أومأ لها وأنسحب بعدما قَـ.ـبل كف يـ.ـد حبيبتهُ وأستأذن من الجميع،أردفت شيرين بإستفهام وهي تسير بجانب شقيقها:

-إيه الحكاية يا ياسين؟مراتك وطارق مالهم وإيه اللي شقلب حالهم ووصلهم لكدة؟


نفساً عميقاً أخرجهُ بأسي ثم زفرهُ بهدوء وأردف كي يبثُ داخل روحها الإطمئنان: 

-ما تشغليش بالك يا حبيبتي،سوء تفاهُم بسيط وهيعدي إن شاء الله 


توقفت عن السير وإعتدلت بجَـ.ـسدها لتواجههُ ثم هزت رأسها في حركة إعتراضية وتحدثت:

-ما أشغلش بالي إزاي وأنا شايفة البيت كله حاله إتبدل؟ 


واسترسلت بإفصاح: 

-ماما وعلاقتها بعمتي اللي شِبه إنقطعت،وبابا اللي وكأنه إتبدل بواحد غريب،الحُزن إتملك منه من يوم تعب عمتي المُفاجئ واللي جنبه مية علامة إستفهام بالنسبة لي،وخصوصاً مع وجود ماما معاها في نفس الأوضة وقتها،وبابا وماما وعلاقتهم الغريبة،ومراتك وطارق؟ 


واستطردت بملامح حزينة: 

-هو أنتَ فاكرني غبية يا ياسين،أنا عاملة نفسي مش واخدة بالي وبتعامل مع الكُل طبيعي علشان ما يحِـ.ـسوش بالذنب ناحيتي،بس أنا حقيقي متضايقة جداً ومستغربة الحال اللي وصل له الكُل


بسط يـ.ـدهُ ناحيتها ووضعها فوق كَتِفها واردف بنبرة حنون وعيناي مُطَمأنة:

-ما تقلقيش يا شيري،صدقيني كل اللي بيحصل ده مجرد زوبعة فنجان وهتعدي،أنا مش عاوزك تتضايقي ولا تحطي حاجة في دماغك،إنبسطي بالكام يوم اللي هتقعديهم في وسطنا وصدقيني في أقرب وقت كل حاجه هترجع زي ما كانت وأحسن كمان 


ثم تعمق بالنظر داخل عيناها واسترسل: 

-خليكِ واثقة فيا. 


هزت رأسها عِدة مرات مُتتالية وتحركت بجانبهِ من جديد في طريقهُما إلي المنضدة الجالس عليها والدهُما وعميهِما عبدالرحمن وحسن


إستأذنت مليكة من طارق وچيچي وتحركت في طريقها إلي مكان والدتها وثُريا،توقفت حين رأت ذاك المُهذب الذي كان يتحدث عبر هاتفهُ الجوال فرأها أمامهُ وتحرك إليها وتحدث بهدوء مؤقراً إياها: 

-إزي حضرتك يا مدام مليكة

واسترسل بتساؤل: 

-يا تري فكراني،أنا الرائد كارم المعداوي اللي قابلت حضرتك مع سيادة العميد من كام يوم في الأوتيل


بإبتسامة بشوش أجابته: 

-أه طبعاً فكراك يا أفندم،نورت الحفلة


أوميّ لها بإبتسامة جذابة وما هي إلا ثواني وشعرت بمن يقترب عليها ويُحاوط كَتفها باحتواء وغيرة إقتحمت قلبه لمجرد رؤيتهُ لإقتراب كارم منها،واثقاً هو من حالهِ ومنها لأبعد الحدود،لكنهُ لم يستطع محاربة ذاك الشعور كُلما إقترب منها أحدهم حتي ولو كان أحد شقيقاها


نظرت عليه وأبتسمت بخفة بادلها إياها ثم حول بصرهِ إلي كارم وبنظرة مُرعبة ونبرة حادّة جعلت الأخر ينكمش علي حاله تحدثَ:

-منور الحفلة يا سيادة الرائد


إبتلع لُعابهُ وشكرهُ ثم فَر هارباً من أمام ذاك الوَحْش الكاسِر قبل ان ينقض عليه ويفتتهُ بنظراتهِ المتوحشة تلك


عاد من جديد يتطلع إلي تلك الرقيقة وغمرها بإبتسامة حنون وأردف متسائلاً بحِنو وكأنهُ تبدلَ بأخر: 

-كُنتي رايحة عند ماما؟ 


بعيناي مُبتسمة أومت برأسها عدة مرات للتأكيد،أمسك كف يدها قابضاً عليه بإحتواء وتحدث بنبرة تفيضُ حناناً:

-تعالي أوصلك

واستطرد وهو ينظر داخل مقلتيها برجاء:

-وما تقوميش تاني من مكانك علشان ما تتعَبيش ولا تتعِبي بنوتي الحلوة،إتفقنا


حاضر يا حبيبي...قالتها بطريقتها المُطيعة التي تأسِر بها قلب ذاك المُتيم وتجعلهُ يشعر وكأنهُ ملِكً مُتربعاً علي عَرش قلبِها العَالي


تحركت أيسل إلي سارة ورؤوف وباتت تتحدث معهما وتُشاكسهما حتي إنتهي الحفل بسلام. 


 يُتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة روز أمين من رواية قلوب حائرة (الجزء الثاني) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة