رواية جديدة رزان والمجهول لمايسة الألفي - الفصل 11
قراءة رواية رزان والمجهوول كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية رزان والمجهول
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة مايسة الألفي
الفصل الحادي عشر
في محل عبد الله جالس يبيع للزبائن كل ما يحتاجونه بسعادة وحذر وتفكير، في أمر ما قالته زوجته بالأمس من أجل تخصيص مكافأة الحج شرف هدية لهم.
لأنهم بحاجة إليه، راح يفكر ماذا سيقول للحج شرف عندما يأتي، دار في عقله أشياء كثيرة يفكر فيها، هل يا ترى تكون نعمات قد كشفت خططته في تخصيص هذا المبلغ كمكافأة لمن يدلهم على مكان ابنته.
حيث راح يقول لنفسه"أتكون نعمات عرفت بالحقيقة، لهذا قررت أن تأخذ المبلغ من الحج شرف؟
أيكون هناك سبب آخر في قرارها هذا، إن الشك بدأ يساورني ويجعلني أفكر في الخلاص من هذا الأمر والبحث عن شيء يواري ما أفعله من أجل ابنتي الحبيبة.
لابد أن أتروى فيما أصنع، وعندما يأتي الحج شرف أطلعه على الأمر حتى لا تفكر نعمات في أخذ ما قد خصصته مكافأة لمن يدلني عن مكان ابنتي، إنني حقًا أبحث عن شيء.
لابد أن أجده، ولن أجده إلا بالتضحية من مالي الخاص، ألا يكفيها نعمات أنها تأخذ كل ما أتحصل عليه من مال؟ ألا يكفيها أنها تأخذ كل ما لدي من أمان أعمل من أجله ليل نهار؟
ألا يكفي أنني أعمل طوال اليوم داخل هذا المحل كي أوفر الكثير من المال؟ إنني قد تعبت في الحصول على هذا المال، وإنني لن أفرط في حق ابنتي، يكفيني ما حدث لها.
يكفي أن أكون هكذا أسير لعذاب غيابها لا أعرف كيف أصل إليها، أود أن أجد شيئًا يسعد نعمات كي تترك ابنتي دون أن تعذبها بطريقتها، لابد أن أفعل شيء يجعلها تبتعد كل البعد عما أخصصه لابنتي الحبيبة.
لا أدري لماذا هي تشغل نفسها بأمر يخص ابنتي، لابد أن أبحث عن طريقة تعينني على إشغالها عن كل ما يخصها، لكن كيف؟
وقد أفرغت نفسها لهذا الأمر، لابد لي من الحديث معها بهذا الشأن كي تفهم أن ابنتي غالية علي، ولن أسمح لأحدٍ مهما كان أن يقترب من إيذاءها، لابد أن تفهم نعمات ذلك، لأنني قد بلغ مني الخوف مبلغه"
أنهى عبد الله حديثه لنفسه وانتبه لوجود الحج شرف بجانبه قد أتى ليقف معه في المحل، فرحب به وراح يحدثه في هدوء دون أن يسمع حوارهما أحد حتى لا تعرف نعمات بالأمر.
وتكون نهاية مأساوية عليه، لهذا أجلس الحج شرف داخل المحل وحاول أن يغلق المحل من الداخل حتى ينهي حواره معه، وقال بصوت خفيض وحذر شديد:
-أهلًا بك يا حج شرف، أعلم أنك تفعل الكثير من أجل إيجاد ابنتي، وأنك مستعد للتضحية بأي شيء من أجلي وأجل ابنتي، لهذا أخبرك.
أن زو جتي نعمات القاسية تريد أن تحدثك في أمر هام وهو أمر ابنتي الحبيبة والمكافأة التي خصصتها لمن يدلنا على مكانها، وإني أريد منك شيئًا هامًا، لقد طلبت مني زوجتي أن أدعوك على العشاء اليوم.
لكي تخبرك بأنها تود منك أن تعطيها المبلغ الذي خصصته مكافأة لابنتي، وأنها تريد منك أن توفره وتجعله هدية لنا لكي نعيش به ويكون عونًا على حياتنا، لأنها تقول أن البيت يحتاج مصاريف كثيرة.
لهذا فإنها ستطلب منك أن تعطيها المبلغ، وتصرف نظرك عن أمر المكافأة، لأنها ترى أنه يكفينا أن نجعل الإعلان دون مكافأة، فهي تؤكد أن هناك إناس كثيرين يحبون أن يفعلوا الخير دون مقابل.
وهي ترى أن ذلك سيوفر لنا المال، لأنها تود أن تشتري سيارة جديدة، لهذا أطلب منك أن ترفض هذه الفكرة تمامًا عندما ستعرضها عليك اليوم.
وتحاول أن تقنعها أنك جاد في الأمر، ولن تتراجع عنه، وأنك لابد أن تخصص هذه المكافأة كي يهتم الناس بأمر ابلاغنا بمكان ابنتي الحبيبة رزان، فهل فهمت ما أريده منك؟
تجهم وجه الحج شرف، وراح يفكر في أمر هذه السيدة الملعونة وطمعها حتى في مال غيرها، ألا يكفيها أنها تأخذ كل مال زوجها، لهذا نهض من مجلسه وراح يقول في جدية تامة:
-إنني حقًا أتعجب من أمر هذه المرأة اللعوب، التب تريد أن تستولي على كل شيء، ألا يكفيها أنها تأخذ مالك كله دون رحمة؟ ألا يعذبها أمر اختفاء ابنتك؟
إني لست أباها لكني أشعر ناحيتة ابنتك أنها ابنتي وقريبة من قلبي واتمنى أن أجد وسيلة ما لإيجادها، ألا تحزن هذه المرأة على أمر اختفاء ابنتك؟ أرى أن ابنتك رزان معها كل الحق في الهرب من البيت.
لأن نعمات ثعبان سام يضع سمه في كل شيء، وإني مقدر أمر ابنتك، ولن أفرط أبدًا في حقها، لقد كان معك كل الحق، قي أمر اخفاء أن المبلغ المخصص للمكافأة سيكون من مالك الخاص.
أرى أن معك كل الحق، ولكن اخبرني هل ستظل هذه المرأة في عصمتك، ألن تطلقها وتدعها تبتعد عنك وعن ابنتك؟ لقد حان أمر الخلاص منها.
حاول عبد الله أن يواري حبه لنعمات، لأنه يعرف أن الحج شرف يبغضها ولا يريد أن يستمر في أمر زو اجه منها، لهذا راح يقول متلعثمًا:
-أعلم أن نعمات قاسية الطبع، وأنها لا تريد ابنتي في البيت، كما أعلم أنك تبغضها جدًا لأنك تبغض إسلوبها معك، وإني أحب أن أفهمك أنها ستتغير قريبًا عندما نشتري السيارة التي سنخرج بها للتنزه مع ابنتي بعد عودتها.
إنها وعددتني بذلك، ولقد صدقتها، لأنها حقًا بدأت تغير إسلوبها في التحاور معي، وأصبحت تحترمني كثيرًا، ولا تنهرني على شيء كما السابق، إني لابد أن أفهم أن كل ذلك سيؤدي بها إلى التغير التام.
وأعدك أنها لو رجعت لعهدها القديم، وظلت تتشاجر وتقسو علي أنا وابنتي، فلسوف أطلقها فورًا أعدك بذلك وأحلف لك.
تعلم أنني رجل وكل رجل محتاج لزوجة يجدها أخر اليوم في حضنه، وأنا محتاج لها جدًا، وأرى أنها ستتغير أكثر، وتصبح كما النسيم العليل.
ظهر على الحج شرف بعض الغضب لكنه فضل أن يتماسك، فهو يعلم أمر ضعف عبد الله، ويعلم أنه لا يقدر على العيش دون إمرأة تؤنس وحدته، لهذا تراجع عن غضبه، وراح يقول في حب:
-إنني والله أريد لك الخير، أنت تعلم أنني صديقك وشريك منذ زمن بعيد، وإني قد وجدت راحتي في التعامل معك، ودائمًا أريد لك السلامة، ويعلم الله أن أمر اختفاء ابنتك قد أحزنني كثيرًا.
وإني قد أبلغت الصحف بأمر اختفاءها والإعلان عنها ووضعت صورتها في الصحف، لعل أحدًا يراها، ويدلنا على مكانها، وإني والله لن أخذلك مطلقًا وأود أن أخبرك أني عند وعدي في أمر المكافأة.
إذا كنت تريد أن تدخر هذا المبلغ لابنتك ليعينك على زواجها، أعلم أن أمر التجهيز للزواج يحتاج الكثير من المال وأن هذا المبلغ لن يكفي، لكنه سيكون جزء يساعدك على قضاء الأمر.
واطمئن تمامًا، فأنا لن أوافق زوجتك، وسوف أكون واضح معها في أمر المكافأة، سأقول لها أني المتبرع وأني وحدي من سيقرر المبلغ، ولن أتجارى معها وأعطيها المال، مهما حاولت أن تقنعني.
❈-❈-❈
في عمق البحر، حيث يبدو قصر الملك سنار، متلألئًا باهيًا أمام من ينظر إليه، ولقد بدأ الوزير يجمع باقي الوزراء للاجتماع، للبحث في أمر كيفية تأمين مخلوقات البحر.
وكيفية الحفاظ على النظام والعدل داخل البحر، حيث تأهب الملك سنار، وراح يفكر في الأمر ويحاول أن يرتب أفكاره، لكي يجد حلًا من هذا الاجتماع، الذي سيحضره كل الوزراء في المملكة.
وقد أعد الوزير الخاص كل شيء حول مائدة الاجتماع، وراح يرتب للترحيب بهم، فجاؤوا جميعًا ومعهم كل واحد منه أفكاره الخاصة، التي سيشارك بها في هذا الاجتماع.
لأن الوزير الخاص بالملك قد أبلغهم جميعًا بموضوع الاجتماع، لهذا قد تأهب الجميع، فجلسوا على المائدة وجلس الملك يؤم المائدة، حيث بدأ الاجتماع قائلًا:
-أعزائي الوزراء، مرحبًا بكم في هذا الاجتماع، لقد فكرت كثيرًا في أمر المملكة من أجل حمايتها، أعلم أننا جميعًا نعمل من أجل حماية المملكة، لكني كنت أود أن أطرح عليكم مشكلة ما تهم الجميع.
وهي مشكلة افتراس الحيتان وسمك القرش لكل من في البحر، وإني قد فعلت خاصية احاطة القصر بالمادة السامة التي تخيفهم، والتي تحمي قصرنا من الانهدام والاندثار.
أود أن أقول لكم أني قد جمعتكم للبحث في أمر حماية كل مخلوقات البحر، من أي افتراس يتعرضون له، وإني أرى أنكم متحمسون للأمر، لهذا أود أن أستمع لأرائكم المختلفة.
ابتسم الوزراء جميعًا ردًا على تحية الملك سنار، وبدا عليهم الحماس، وقد وعوا أمر الاجتماع، وراح كل واحد منهم يحاول أن يرتب ما سيقوله.
لهذا رفع الوزير الأول يده طلبًا للتحدث فسمح له الملك بالكلام، فنهض من مجلسه، وراح يقول في جدية تامة:
-سيدي الملك أود أن أؤكد أنك ملك عظيم، قد حميت المخلوقات بكل ما تستطيع من قوة، وإني أراك قد أبليت بلاءًا حسنًا، بأمر اجتماعنا هذا، لهذا أود أن أشير عليك بأمر ما.
وهو محاولة تطويع الحيتان والقروش لخدمتنا بأي وسيلة ممكنة، وأعتقد أننا بحاجة لضمهم حلفاء لنا.
وليسوا مجرد مخلوقات مفترسة، لهذا سيدي الرئيس أطلب منك أن تفكر في الأمر، وبعد أن توافق سنجتمع للتفكير في أمر اخضاعها لنا، فما رأيكَ يا سيدي الملك؟
نظر الملك سنار له بتعجب، من عرض أمر كهذا وراح يقول في جدية تامة:
-أعتقد أنك حاولت أن تساعدنا بفكرتك، لكني أراك قد أخطأت التقدير، فمجرد التفكير في أمر اخضاعهم أمر غير مقنع، إنك تراهن على أمر غريزتهم.
لابد أن تفكر في أمر افتراسهم، وغريزتهم لنيل من باقي مخلوقات البحر، وإني أرى أن اقتراحك غير مقبول، لأنك تطلب المستحيل، لأنهم كيف سيأكلون إذًا إذا أردنا لهم التحالف، إن مجرد التحدث معهم في حد ذاته أمر خطير.
فلن يعطونا حتى فرصة الاستماع لنا، أرى أنك قد تعجلت في كلامك، تفضل بالجلوس وليتحدث الوزير الثاني ويقول لنا ماذا يريد؟
نهض الوزير الثاني وراح يقول في اهتمام:
-مولاي الملك، إنني أتفق معك تمامًا في أمر عدم التحالف معهم، لأنهم بحق كائنات مفترسة، وإني أريد منك يا سيدي أن تنصت لما سأقوله الآن.
إننا كمملكة لابد لنا من جيش يحمينا من أي عدو مفترس، فلماذا لا نجد بعض المخلوقات البحرية المسالمة لتنتشر في أرجاء البحر، وتحاول أن تحقق الأمان بين مخلوقات البحر.
وعندما ترى هذه الجنود سمك القرش والحيتان، تقوم بإنقاذهم من أنيابهما، وإخلاء المكان الذي سيقترب منه الحيوان المفترس.
ولابد لنا أن نجند أنواع قوية من الأسماك والقناديل، فما رأيك يا مولاي في هذا الاقتراح؟
نظر له الملك بتمعن وأحس أن هذا الوزير قد جانبه الصواب لهذا راح يقول في بهجة تامة:
-أعتقد أيها الوزير أنك قد أصبت كبد الحقيقة في عرض فكرتك.
وإننا بهذا سنحصل على جنود كثر، لكي يتدربوا على حماية باقي المخلوقات، وأرى أننا لابد أن نكون حذرين في أمر تحديد من سيصلح لهذا التجنيد، وإني أرى أن الأمر يحتاج إلى دراسة كبيرة وجادة.
ولابد لنا من اتخاذ هذا الأمر على محمل الجد، فما رأيكم جميعًا؟ وكيف ترون ما أثاره الوزير الثاني أحب أن أستمع لأرائكم جميعًا، لهذا فهذا دور الوزير الثالث فلتقل كلمتك.
نهض الوزير الثالث، وراح يقول في جدية تامة:
-أرى أنك يا مولاي قد أحسنت الاختيار، فإننا جميعًا بحاجة على جنود كي تحمي القصر والبحر.
لهذا أرى أننا جميعًا موافقون على هذه الفكرة العبقرية، وأرى أنك لابد أن تعمل على تنفيذها بأسرع وقت، لأننا جميعًا في حاجة إلى الهدوء والاستقرار، لهذا أحييك يا مولاي من مجلسي هذا.
ابتسم الملك وأحس أن الاجتماع قد أثمر بفكرة عبقرية ستساعد المملكة على الاستقرار والهدوء.
لهذا أمر الجميع في الاجتماع بأن يتوخوا الحذر في أمر اختيار من سيتم تجنيده، حتى لا يكون بينهم خائن ويعطل مسيرة التنمية والاستقرار التي يود أن يحققها.
في بيت عبد الله مساءًا حيث نعمات تجهز لأمر عشاء الحج شرف، الذي ستحاول أن تقنعه بأن تأخذ المبلغ منه، كي تهرب به وتعطيه لعشيقها الذي تخطط معه على الاستيلاء على كل أموال عبد الله.
ثم الهرب مع عش يقها إلى مكان بعيد عن هذه القرية، لهذا وقفت تجهز عشاءًا جميلًا حاولت أن تصنع فيه بنفسها كل صنوف الطعام التي تجعله يستسلم لكل قرارتها التي ستقررها في حضوره.
فصنعت طبق لحم مشوي، وصينية سمك، وبعض السلاطات التي تحبها نفسها، وأثناء وجودها في المطبخ، دُقَ جرس الباب ففتح عبد الله بحذر وراح يرحب به كأنه لم يكلمه في شيء.
فدخل الرجل مستعدًا لمقابلة حامية، ستقضي على آمال نعمات وخططها، فخرجت من المطبخ مسرعة بالأطباق تضعها على المائدة.
راحت ترحب به، وتدعو له بالخير، وتوعده بعشاءٍ عظيم قد أعدته له، فراحت تقول في بهجة:
-أهلا بك يا حج شرف، يعلم الله أنني أحبك كأخي الأكبر، ودائمًا ما أطلب من عبد الله أن يدعوك لكي تأتي لزيارتنا، لكنه دومًا يتعلل بإنشغالكما في العمل.
اجلس يا رجل، سأحضر باقي الأطباق، لأني أود أن أحدثك في أمر هام ونحن نتناول العشاء سويًا، أرى أنك قد تأخرت دقيقتان، لكن لا بأس، فأنت في القلب دومًا.
ابتسم الحج شرف، وراح يرد على ترحيبها بحب وحذر ويقول:
-أهلًا بكِ يا سيدتي، إنني طوع أمرك طالما ستصنعين طعامًا مميزًا كالذي أشم رائحته الآن، ولا تتعبي نفسك كثيرًا فإني لست رجل أكول.
فقط قليل من الطعام يكفيني، هيا لنجلس على المائدة انتظارًا لتجهيز باقي الطعام، وإني لأرى أنها وليمة كبيرة وليست عشاءًا بسيطًا كما كنتم تعدوني.
جلبت نعمات باقي الأطباق في حب، وبهجة وراحت تضع أمامه طبق كبير مليء بالسمك، وبدأت تضغط عليه أن يبدأ الطعام، لكي تبدأ حديثها معه، وهنا تدخل عبد الله قائلًا:
-لقد شرفتنا يا حج شرف، إنني أرى أنك أخ لي، لهذا أعددت لك مائدة عامرة بكل صنوف الطعام الشهي، وإني أرى أنك ستحلف بهذا العشاء طيلة حياتك، فمن صنعه لك نعمات الغالية.
إنها لا تصنع الطعام إلا نادرًا، فأنا من يعده يوميًا، لكنها حين قررت أن تدعوك على العشاء قررت أن تصنعه بنفسها كي ترضيك.
هي كل وتغذى فأنت لم تأكل شيء بعد، ضعي أمامه السلاطة يا نعمات إنه يحبها مثلك تمامًا، وإني أرى أنه خجول لا يأكل شيئًا.
ابتسم الحج شرف وراح يشكرهم جميعًا، على هذه الوليمة الشهية، ثم وضع الملعقة جانبًا ونظر إلى نعمات وقال في تصنع للابتسامة:
-أنا طوع أمركما، فأنتما أهلي وناسي، ولن أخذلكم مطلقًا طالما الأمر في يدي، لهذا فأنا معكم حتى تملو من صحبتي، يعلم الله أن أحبكم كما أحب أسرتي.
ابتسمت نعمات وراحت تهز رأسها موافقة على كل ما قاله الحج شرف ثم استأذنت أن تطلب شيئًا فقالت في حذر:
-أعلم أنك تحبنا يا حج شرف، وأعلم أنك لن تخذلني في طلبي وما أريده منك، لن يكلفك شيئًا مطلقًا، أود أن تطمئن تمامًا، فأنا في مقام أختك الصغرى.
وأنت لن تخذل أختك مطلقًا، أليس كذلك يا حج شرف؟ طمئن قلبي أنك لن تخذلني حتى أتجرأ وأتكلم، هيا.
نظر لها الحج شرف وقال بابتسامة ود مصطنعة كي يكمل الدور الذي كلفه به عبد الله، وراح يقول:
-تكلمي ولا تخشين شيئًا يا سيدتي، فأنتِ حقًا أختي الصغرى، ولن أرفض لك طلبًا طالما الأمر في استطاعتي، لابد أنك تريدين أن تشتكي من عبد الله.
أعلم أنكما زو جين مخلصين لبعضكما، لكن لا يسلم الأمر، إذا كان عبد الله قد فعل شيئًا قد أثار حزنك، أو خذلك في موقف ما.
فإني لن أتورع في نصحه فأنتما أهلي ولن أتخلى عنكما مطلقًا تكلمي يا سيدتي ولا تخشين شيئًا.
أحست نعمات بأن الحج شرف مستعد الآن لأن تطلب منه ما تريد، لهذا راحت تطلب من الأمر بقوة، فهي جريئة لا تخشَ شيئًا مطلقًا، فراحت تقول مع ابتسامة خب يثة:
-أعلم أنك قد خصصت مبلغ خمسون ألف جنيه لمن سيرشدنا على مكان رزان ابنة عبد الله، وإني أرى أن الأمر أبسط من ذلك بكثير، فمن يريد أن يرشدنا على مكان رزان لن يطلب شيئًا.
فهناك إناس كثيرون يدلون على الخير دون أجر، وأتوقع إن من سيدلنا، لن يطلب شيئًا مطلقًا، إذًا لما لا تهدينا نحن هذا المبلغ.
إننا أحق من الغريب به، وكما تعلم حالنا وخصوصًا بعد أن اختفت رزان أصبح سيئًا، لأن عبد الله لا يذهب إلى المحل كثيرًا.
فقل إيراد ما يحصل عليه من العمل معك، أرجو أن تتفهم مقصدي، فأنا مقدرة شهامتك وحبك للخير، ألا ترى أني معي حق؟
ابتسم عبد الله وراح ينظر لها باهتمام كي لا تظن شيئًا وقال:
-أعلم أن الحال قد تأزم بعد اختفاء رزان، وإني أقدر مقصدك مني، وغايتك الطيبة، لكنك تعلمين أننا نعمل سويًا، وما يحدث له يحدث لي، لهذا فإن الحالة قد تأزمت علينا جميعًا، وإني والحق.
قد استدنت هذا المبلغ من البنك، وبالفعل قد دفعته للصحف، هل تعلمين أن نصف المبلغ راح ثمنًا للإعلان، لأن الدنيا أصبحت غالية الثمن جدًا علينا جميعًا.
وإني أرى أنك معك كل الحق، لكن ما باليد حيلة، وأعدك عندما يتحسن الحال وأستطيع أن أدخر مبلغًا آخر، أعدك أنني سأعطيه لكما، فأنتما أهلي، لهذا اصبري.
ومع الوقت ستتحسن الحالة ونستطيع جميعًا أن نعيش في حالة أفضل، لهذا فأنا ليس معي أي مال ومستعد أن أحلف لكِ بأغلظ الأيمان.
تجهم وجه نعمات وحزنت عندما سمعت الخبر الذي قاله لها، لكنها تماسكت وفرحت بوعده وأنه في غضون شهور سيحقق إيراد أكثر.
لكن عشيقها لن ينتظر، لهذا حزنت ثانية وراحت تقول في حزن:
-أعلم أني حظي عثر جدًا، لكن لا بأس، سأحل الأمر قريبًا.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة مايسة الألفي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية