رواية رومانسية جديدة قلوب حائرة (الجزء الثاني) لروز أمين - الفصل 26 - 2
رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة روز أمين
رواية قلوب حائرة
الجزء الثاني
رواية جديدة
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل السادس والعشرون
الجزء الثاني
❈-❈-❈
كانت تقص علي والدها ما حدث من خلال الهاتف،وانتهت بالسرد عند نقطة خروج والدتها من المنزل ومحادثاتها بعدما رحلت بالسيارة ومن بعدها أُغلق هاتفها إلي الآن
كانت تتحدث بشهقاتٍ عالية تُدمي القلوب،هَمس كامل بجانب أذن إيهاب بنبرة مستاءة بعدما أستمع إلي ما حدث:
-مستقبلنا المهني هيضيع وسمعتنا هتبقي في الارض بسبب إستهتار ست غير مسؤلة
رمقهُ إيهاب وتحدث:
-وطي صوتك للبنت تسمعك
هتفرق إذا سمعت ولا لا،كدة كدة ياسين المغربي هينفينا ورا الشمس وهيضيع مستقبلنا،أصبر لما ييجي وهتشوف بنفسك...كلمات محبطة نطقها كامل بنبرة بائسة
بالنسبة لذاك الذي يستمع إلي بكاء صغيرتهُ وضعفها وهي تقص عليه ما حدث بانهيارٍ تام،شعر بضعفهِ وقلة حيلتهُ حيال إبنته ودموعها التي تنزل علي قلبهِ كسوطٍ تجلدهُ بمنتهي القساوة،وايضاً زوجتهُ التي لا يعلم إلي أين أستقرت الآن،وهل مازالت بخير أم أن أصابها مكروهٍ لا سمح الله
بصعوبة أخرج صوتهُ وتحدث قائلاً بنبرة حنون:
-إهدي يا قلبي وأنا جاي لك علي طول
واسترسل بهدوء:
-إديني كامل
أطاعته وناولت الهاتف الى ذاك الكامل الذي تناوله وتحدث بنبرة خَجلة لشعورهُ بالتقصير:
-أوامر جنابك يا باشا
هتف ياسين متسائلاً بنبرة جادة:
-فرغت الكاميرات وجبت لي بيانات العربية اللي أخذت الهانم؟
أجابه بنبرة عملية:
-فرغتها بناءاً علي أوامر معالك وكُل البيانات جاهزة يا باشا
عقب بعُجالة:
-طب إبعتها لي حالاً على الواتس وأنا هتصرف يا كامل
بالفعل أغلق معهُ وبعث له بجميع المعلومات التي حصل عليها من خلال تفريغه لكاميرات الباب الخلفي وحولها ياسين لرجال الجهاز المتواجدون بالفعل بدولة ألمانيا يتابعون عملهم المكلفون به من قِبل الجهاز كحال كل دول العالم،وبدأوا بالبحث بطرقهم الخاصة
❈-❈-❈
داخل منزل رائف،وفي تمام الساعة الخامسة فجراً،نزلت مليكة إلي الأسفل حيثُ لم يعُد فيها الإنتظار أكثرُ بعد ويرجع ذلك لشدة رُعبها،وقفت أمام باب الحُجرة الخاصة بثريا ودقت بابها،إستمعت إلي صوتها وهي تسمح للطارق بالدخول،فتحت الباب وجدت تلك الخلوقة تجلس فوق سجادة الصلاة مُمسكة بمسبحتها تستغفر وتدعوا الله أن يحفظ أحبتها،قطبت جبينها وتحدثت بارتياب:
-خير يا بنتي؟
تقدمت مليكة بإرهاق ظهر بَيِنّ فوق ملامحها وجلست فوق المقعد المقابل للسجادة فعلمت ثُريا حينها أن هُناك أمراً جلل قد حدث،فتحدثت مليكة بأنفاسٍ متقطعة من شدة إرتيابها:
-فيه حاجة حصلت وحضرتك لازم تعرفيها
إتسعت عيناي ثُريا وتسائلت بارتعاب:
-حد من الولاد جرا له حاجة؟
الولاد بخير إطمني...هكذا طمأنتها وبدأت تُسرد عليها ما حدث لتحمل معها ذاك العبئ الثقيل،تحدثت ثُريا بنبرة قلقة للغاية:
-جيب العواقب سليمة يارب،هتكون راحت فين المجنونة دي في الوقت المتأخر ده؟
رفعت منكبيها لأعلي في إشارة بعدم معرفتها فسألتها مستفسرة من جديد:
-طب كلمتي ياسين تاني؟
اجابتها بإبانة:
-كلمته من ربع ساعة وتليفونه كان مشغول،وبعدها بعت لي رسالة علي الواتس من رقمه التاني قال لي إنه بيكلم أيسل وبيفهم منها اللي حصل
نطقت بحكمة وتعقُل:
-سيادة اللوا لازم يعرف علشان يلحق يتصرف ويعمل إتصالاته،مهما كان هو منصبه كان أعلي من ياسين وليه معارف مهمين في البلد وأكيد هيقدروا يساعدوا ويعرفوا مكان ليالي
أومات لها فاسترسلت بتوصية:
-إتصلي بيه الوقت وبلغيه،زمانه صاحي لصلاة الفجر
حاضر يا يا ماما...هكذا اطاعتها ورفعت هاتفها التي كانت تمسكه بيدها وطلبت رقم والد زوجها الذي كان يعود إلي تخته من جديد بعدما أدي صلاة الفجر وسبح لله العظيم،رد بعجالة بعدما شاهد إسم مليكة،فقصت لهُ ما حدث تحت هلعهُ وتحدث سريعاً بعدما إستمع إلي مكالمة علي خاصية الإنتظار:
-خليكي معايا يا مليكة علشان ياسين بيرن عليا
ضغط الزر المسؤل عن تحويل المكالمة ونطق بقلبٍ مرتعب:
-إيه اللي مليكة حكتهُ لي ده يا ياسين،ليالي فين وإيه اللي حصل لها،وأيسل مع مين الوقت؟
واسترسل مؤنباً إياه بصياحٍ حادّ:
-وإزاي أصلاً تخرج من البيت لوحدك في وقت زي ده من غير ما تبلغني واكون معاك خطوة بخطوة؟
تنهد بألم لعدم إجابات لديه لكل تلك الأسئلة التي طرحها عليه ذاك المُرتعِب،شعر والدهُ بتخبُط روحهُ فتحدث متسائلاً إياه بهدوء:
-إنتَ فين يا ياسين؟
عقب بصوتٍ إنهزامي:
-قاعد في مطار القاهرة مستني ميعاد الطيارة
واسترسل شارحاً بصوتٍ يتمزق ألماً:
-وحقك عليا بس أنا ما حبتش أقلقك،قُلت أستني لما تصحي لصلاة الفجر وابلغ جنابك
تفهم موقفهُ ثم سأله بجدية:
-كلمت رئيس الجهاز وحكيت له؟
عقب بإبانة:
-ما أنا بتصل بحضرتك علشان كدة،أنا هحكي لك اللي سيلا قالتهُ لي وسعادتك بلغهُ بيه
وافقه الرأى وبدأ ياسين بإخبارهُ بما أبلغتهُ بهِ صغيرتهُ،أما مليكة فقطعت الإتصال وأردفت بايضاح موجهةً حديثها إلي تلك التي تنظر لها بترقُب:
-شكله هيطول في الكلام مع ياسين،أكيد بيحكي له اللي حصل
هتفت ثريا بملامح وجه مشوشة:
-ربنا يستر،ليه كدة بس يا ليالي،ليه يا بنتي تعملي كدة في نفسك وفينا
إنتفض قلب مليكة ورُغماً عنها نزلت دموعها رغم محاربتها لشعور البكاء الذي يراودها بقوة إلا أنها لم تنصاع لرغبتها وهرولت تجري فوق وجنتيها عندما هاجمتها فكرة أن يكون حدث مكروهاً لها
تنهدت ثُريا بأسي وتحدثت إلي تلك الباكية:
-صلي علي النبي كدة وإمسحي دموعك وإدعي لها،إن شاء الله هتبقي كويسة
هزت رأسها عدة مرات وأردفت بصوتٍ مُختنق بفضل الدموع:
-يارب يا ماما،إدعي لها ترجع علشان ولادها
مر الوقت ببطئٍ شديد علي جميع من يعلمون بما حدث،الكُل يتأذي وينتظر بقلوبٍ مُلْتاعة من شدة الترقب والقلق،يناجون الله بأن يتلطفُ بهم وتعود تلك المتمردة سالمة،وصلت الساعة إلي الثامنة صباحاً،وكانت مليكة تجلس بصحبة ثُريا بالبهو ينتظرون بقلوبٍ تحترقُ مكالمة من ياسين لتطمأن قلوبهم بها
بناءاً علي أوامر ياسين هاتفت مدرسة طفلاها واعتذرت عن حضورهما اليوم وايضاً فعل عز هذا مع أطفال المنزل بأكمله
تحدثت ثريا إلي مليكة:
-هو كل ده ياسين لسة ما وصلش؟
أجابتها بأرق ظهر عليها:
-فاضل حوالي ساعة ويوصل المطار،أول ما يوصل هيفتح تليفونه وهنعرف
قالت كلماتها وهبت واقفة وتحدثت بانزعاج:
-أنا هروح أشوف عمو عز،أكيد عرف حاجة من مصادره يطمنا بيها
شعرت بوخزة لأجل إبن عمها،كَمّ كانت تود الذهاب إليه للوقوف بجانبهِ وللتخفيف من حِدة ألمه والارتياب علي زوجة إبنه وكل غواليه،لكنها لن تفعلها بالتأكيد لعِدة أسباب،واهمهم عدم فتح ذاك الباب التي أغلقته بوجه تلك المنال،تنهدت بألم فتحدثت مليكة وهي تُشير إلي تلك الغُرفة الجانبية حيث جعلت مني تحمل الصغير وتُجلبهُ ليغفو بالقريب منهما:
-إبقي خلي مُنى تبص علي عز ليصحي يا ماما،وأنا مش هتأخر
قالت كلماتها وانسحبت إلي منزل والد زوجها،قابلت لمار في الحديقة حيث كانت تتجه إلي الجراچ لتستقل سيارتها وتذهب بصُحبة وليد لإستقبال أول شُحنة تحمل ما سعت المنظمة إلي تحقيقهُ مُنذ دخول تلك اللمار لهذا المنزل
تحدثت بترقُب إلي ملامح مليكة التي بدا عليها القلق والتوتر والأرق أيضاً:
-إنتِ مش رايحة الشركة النهاردة ولا إيه يا مليكة؟
أجابتها بنبرة حريصة بناءاً علي تعليمات ياسين السابقة:
-كنت هروح لكن لقيت نفسي تعبانة،فقُلت أقعد أرتاح
أردفت بتساؤل خبث للإستعلام عن سبب مجيأها فهي تعلم أن ياسين علم بأمر خروج زوجته وبالتالي فلابد بأن تلك الخبيثة تعلم أيضاً:
-لو داخلة لطارق فهو لسة متحرك علي الشركة من شوية
بهدوء أجابتها:
-أنا داخلة لعمو،بعد إذنك
نطقت كلماتها وانصرفت من أمامها مما جعل القلق ينهش بقلب تلك اللمار التي إستقلت سيارتها وتحركت تحت المراقبة الدقيقة لأتباع كارم لها،حاولت الإتصال علي عزيز لتستفهم منه عما حدث وتسبب في حالة من القلق داخل المنزل شعرت بها،لكنه لم يجب مما جعل الرُعب يتسلل لداخلُها
دخلت مليكة وجدت منال تجلس ببهو المنزل بملامح وجه غير ساكنة وكأن قلبها يشعر بشئٍ ما،سألتها عن عز وأبلغتها أنها تريدهُ في أمرٍ هام فوجهتها إلي مكوثهُ في المكتب مُنذٌ السادسةٍ صباحاً وسألتها عن ما إذا كان يوجد أمر يجب عليها معرفتهُ بخصوص مجيأها وجلوس عز داخل مكتبهُ وتناولهُ للقهوة المُرة ورفضهِ لتناول الطعام وأيضاً قرارهُ المُفاجئ بعدم ذهاب أطفال المنزل إلي دوامهم المدرسي،فادعت مليكة بعدم معرفتها بشئ وأن الأمور تبدو طبيعية برغم القلق الذي بدا علي ملامحها ولم تستطع تخبأته
ودخلت إلي عز وأحكمت غلق الباب خلفها ثم سألته بنبرة يُغلفها الهلع التي لم تستطع التحكم به:
-في جديد يا عمو؟
بيأسٍ شديد هز رأسهُ نافياً وتحدث بنبرة إنهزامية:
-لسة يا بنتي،ياسين بعت بيانات العربية للرجالة عندنا وهما شغالين وإن شاء الله يقدروا يوصلوا لمكانها
إن شآء الله يا عمو،إن شآء الله...كلمات نطقتها قبل أن تهجم تلك المنال مقتحمةَ عليهما الغرفة بعدما شعرت بالريبة تتسللُ لقلبها وهتفت متسائلة بعيناي ينهشهُما القلق:
-هو فيه إيه؟
إنتوا مخبيين عليا حاجة؟
وليه منعت الولاد يروحوا المدرسة النهاردة؟
ثم نظرت إلي عز واستعطفتهُ عيناها:
-شيرين حصل لها حاجة يا عز؟
أغمض عيناه بألم ظهر علي ملامح وجههُ مما جعل منال تتسائل صارخة:
-بنتي فيها إيه؟،رد عليا يا عِز
بنتك بخير...كلمة نطقها بصوتٍ مُنكسر مما دب الرعب داخلها أكثر وجعلها تترنح بوقفتها،هبت مليكة واقفة واسندتها وتحدثت وهي تُقربها من المقعد:
-إقعدي يا طنط وحاولي تتماسكى
نظرت لها وهي تجلس وسألتها بعيناي مترجية:
-طب قولي لي إنتِ إيه اللي حصل يا مليكة
ليالي خرجت من ورا الحرس إمبارح المغرب ومارجعتش لحد الوقت يا منال...كلمات قالها بصرامة جعلت تلك الجالسة تدب فوق صدرها وتصيح متسائلة بذهول:
-يادي المصيبة،ما رجعتش لحد الوقت إزاي؟
واسترسلت مستفهمة:
-وياسين فين؟
أجابتها مليكة بإبانة:
-ياسين سافر لها بعد ما أيسل إتصلت بيه الساعة تلاتة الفجر
جحظت عيناها وهتفت بحِدة غاضبة:
-تلاتة الفجر!الدنيا مقلوبة من تلاتة الفجر وأنا نايمة علي وداني ومحدش يقول لي؟
واسترسلت لائمة:
-إنتوا ناسيين إن ليالي دي تبقي بنت أخويا ولا إيه؟
طب وسيلا،مين موجود معاها هناك؟
هتف محذراً بعيناي تطلق شزراً:
-إهدي ووطي صوتك علشان ما حدش من أهل البيت يحس،إحنا لحد الأن مش عارفين أي تفاصيل عن اللي حصل ومش عاوزين شوشرة
واسترسل وهو يُشير أليها بهدوء:
-كُل المطلوب منك الهدوء والحذر من الكُل،وخصوصاً اللي إسمها لمار
لمار...كلمة نطقتها بتيهة فاسترسل هو تحذيراتهُ:
-أنا نبهت علي الحرس إن مفيش حد يخرج من البيت نهائي،وإنتِ إخرجي وتابعي البيت وحاولي علي قد ما تقدري إنك ما تظهريش حاجة قدام أي حد،لغاية مانقدر نوصل لمكان ليالي
❈-❈-❈
وصل ياسين إلي المطار ومنهُ إلي المنزل كي يطمئن علي إبنته ويُطمئِن هلعها،وما أن ظهر من البوابة الداخلية حتي قفزت تلك الباكية وهرولت إليه لتُلقي بحالها داخل أحضان والدها علهُ يُزيل ما أصابها من فزعٍ،تحدثت وهي تقبض بقوة علي ملابسهُ وتُدخل حالها داخل صدرهُ بشدة وكأنها تختبئ داخل أحضانهُ مما ينتظرها:
-رجع لي مامي يا بابي،أنا خايفة عليها قوي
بقلبٍ يتمزق جراء بكائها تارة وجراء شعورهُ بالعجز حيال ما يحدث تارةً أخري أجابها وهو يشدد من إحتوائهُ لجسدها المنتفض داخل أحضانهُ الحانية:
-ما تخافيش يا قلبي،مامي هترجع وهتبقي كويسة،وده وعدي ليكي
بجد يا بابي...جُملة مُتلهفة نطقتها الفتاة
أومأ لها وتحدث ليُطمئن روعها رغم ما بداخلهِ من شعور بالخزي والرُعب من القادم:
-بجد يا حبيبتي
نطقت بنبرة متلهفة وكأنها تذكرت أمراً ما:
-بابي،اللي ورا موضوع مامي هو نواف العبدالله
ضيق عيناه بتفكُر ثم نطق بتأكيدا:
-الموضوع شكله أكبر من تفكير شاب تافه زي نواف يا سيلا
يا بابي أنا متأكدة،هو هددني وقال لي إنه هيخليني أندم وارجع له زاحفة...هكذا صاحت بتوضيح وعينان تترجياه بأن يأخذ حديثها علي محمل الجد
إشتعلت النار بداخل عيناه وسألها بنبرة حادة:
-قال لك إمتي الكلام ده؟
واسترسل مستفهماً:
-قبل ما أقابل سفير بلده؟
نطقت نافية:
-لا يا بابي،ده قبل ما أنزل أجازة العيد علي طول
وما قلتليش ليه؟...هكذا سألها فأجابت بدموع خجِلة:
-مامي حذرتني من إني أبلغك علشان مش تزعل مني
رفع كفاه وأمسك بهما شعر رأسهُ وأرجعهُ للخلف بقوة كادت أن تقتلعهُ من جذورهُ وقام بغلق عيناه وبات يدور حول حالهِ ثم تحدث وهو يجز علي أسنانهِ بطريقة تعبر عن مدي النار المشتعلة داخلهُ من تصرفات تلك البلهاء:
-ليه كدة يا سيلا ليييييييه
إنكمشت الفتاة علي حالها وتحدثت بدموعها المنهمرة وهي تضع كفاها علي فمها:
-أنا أسفة يا بابي،أنا أسفة
نظر لها وهز رأسهُ بأسي وبعجالة أمسك هاتفهُ وتحدث إلي السفير المصري وقص له ما حدث ثم هتف بنبرة غاضبة:
-قسماً برب العزة يا أفندم لو الولد ده طلع ليه يد في خطف مراتي ما هعمل إعتبارات لأي أعراف دولية ولا حتي لعلاقات أخوية بين الأشقاء
هتف السفير علي عُجالة في دعوة منه للتروي:
-إهدي يا سيادة العميد وانا هتابع الموضوع وهرد عليك حالاً
واسترسل برجاء:
-بس أرجوك تحاول تتمالك أعصابك لحد ما أتواصل مع الاخ السفير
وافقهُ ياسين وتحدث بالفعل السفير إلي سفير البلد الشقيق الذي هاتف نواف علي الفور وأجابهُ الفتي بنبرة صادقة:
-إيش هذا الكلام اللي قاعد تقوله يا حضرة السفير،الله يشهد إني ما لي أي علاقة باللي حصل لأم أيسل
واسترسل نافياً:
-أنا ماني بهذا الغباء كيف أورط نفسي بمصيبة مثل هاذي
أكيد يا نواف مالك علاقة يا ولدي؟... سؤال طرحهُ السفير ليتأكد قبل أن يُبلغ نظيرهُ المصري بنتيجة المحادثة فأجاب نواف بصدقٍ وتأكيد:
-وراس أبوي مالي علاقة
واسترسل صادقاً:
-ولو سيادة العميد يرضى أقف وياه واساعده بالفلوس لحتي يلقى زوجته ما رح أتأخر
هتف السفير محذراً إياه بنبرة صارمة:
-لا تساعد ولا شي، الموضوع شكله كبير وخلينا بعيد أحسن،إياك تدخل أو تتكلم مع أحد في هذا الموضوع يا نواف
واسترسل مؤكداً عليه:
-كلامي واضح يا نواف؟
واضح يا حضرة السفير،واضح...هكذا أجاب وأغلق بعدها وتحدث لحاله بسُخطٍ:
-شو هالمصايب اللي بتتحدف علي الواحد من وش الصبح يا ربي،قال خطف وما أدري شو،ما كان ناقصني غير مشاكل أمها لأيسل كمان، يارب صبرني
اغلق معه السفير وهاتف نظيرهُ المصري الذي أبلغ ياسين بكل ما جري واكد له عدم تورط المدعو نواف العبدالله بالموضوع
❈-❈-❈
داخل ميناء الأسكندرية التجاري،تقف لمار بجانب وليد في إنتظار إنتهاء الأوراق الخاصة بتخليص الشُحنة التي إنتظرتها جماعتها منذُ الكثير،وقد قامت بتقديم الكثير من الأموال إلي بعض الموظفين معدومي الضمير ليقوموا بتسهيل الإجراءات وعدم تفتيش الشحنة،تحدث وليد بنبرة جشعة كي يجعلها تطمأن له:
-الشُحنة المرة دي كبيرة مش زي كُل مرة،وبيتهيئ لي إنك لازم تفكيها عليا شوية وتزودي لي العمولة
بإبتسامة زائفة أجابتهُ:
-من غير ما تقول يا وليد،أنا اللي يشتغل معايا يشوف الهنا كله
واسترسلت بتذكير:
-وأظن إنتَ شفت عمولتك من الشُحنة اللي فاتت كانت قد إيه
أومأ لها وتحدث ليُطمئنها:
-الحقيقة شفت يا لمار،وفعلاً إنتِ وفيتي بوعدك ليا
تحدثت بنبرة ظهر عليها التردُد:
-بس أنا طالبة منك خدمة صُغيرة وفي المقابل هتاخد مبلغ لما تسمع الرقم بتاعه هتنذهل
إبتلع لُعابهُ وانتظر متلهفاً ليتأكد من صحة حديث ياسين،حيثُ أبلغهُ قبل يومان بأنها ستأتي إليه وتطلب مساعدتهُ،فتحدثت هي:
-عوزاك تتفاهم مع حارس مخازن الشركة بإنه يسهل لرجالتي الدخول
ضيق عيناه فتحدثت سريعاً كي لا تدع لعقلهِ بأن يتفكر:
-بصراحة كدة يا وليد شُحنة الأجهزة دي نادرة وأصلية مية في المية،وأنا بصراحة فيه عندي شُحنة بنفس المواصفات بس مش بنفس الجودة،وفرق السعر ببنهم رهيب
واسترسلت بايضاح زائف:
-أنا محتاجة مساعدتك في إنك تقنع الحارس يخلي الرجالة يدخلوا النهاردة بالليل ويبدلوا كراتين الشُحنة اللي جوة المخزن بالشُخنة اللي هتكون محملة في العربيات
وهدي له مية ألف جنية...هكذا نطقت
مية ألف للحارس؟ هكذا سألها بعيناي متسعة فأجابته لتشجيعهُ علي القبول لعلمها عشقهُ الشديد وجشعهُ تجاه المال:
-طبعاً يا وليد،ده أنا وإنتِ هنكسب مش أقل من عشرة مليون من ورا الموضوع ده
عشرة مليوووون...هكذا تحدث بذهول فتحدثت هي لتزيد من طمعهِ:
-ليك منهم خمسة يا وليد لو قدرت تقنع الحارس
إعتبريه إقتنع خلاص والشُحنة إتبدلت...جُملة نطقها بتأكيد فابتسمت بحبور وتنفست بانتصار،وجاء الموظف المسؤول وسلمها الأوراق المختومة وبدأت المعدات بتحميل الشُحنة إلي السيارات الخاصة إستعداداً للخروج من الميناء
❈-❈-❈
داخل مكتب عز،كانت مليكة ومنال مازالاتا تجلستان أمام سيادة اللواء عز المغربي في إنتظار أية خبر يُطمأن قلبيهما علي تلك الغائبة،إستمعت منال إلي رنين هاتفها فنظرت بشاشتهِ وتحدثت إلي عز بتعجب:
-دي قسمت اللي بتتصل،غريبة قوي إنها تتصل بيا في وقت زي ده
أردف عز قائلاً بنبرة جادة:
-ردي عليها شوفيها عاوزة إيه،بس إوعي تجيب لها سيرة اختفاء ليالي
حاضر...هكذا أجابته واجابت علي تلك القسمت قائلة بنبرة جاهدت في إخراجها هادئة:
-صباح الخير يا قسمت
تحدثت قسمت باستفهام:
-صباح النور يا منال،بكلم ليالي تليفونها مقفول وأيسل ما بتردش عليا،هو فيه حاجة؟
تنهدت بألم وتحدثت بنبرة حاولت جاهدت في إخراجها هادئة:
-ده ياسين عندهم من الفجر وتلاقي ليالي نايمة جنبه وعلشان كدة قافلة تليفونها،وأيسل أكيد في محاضراتها وطبيعي ما تردش
أردفت بتفهُم:
-أه،طب تمام هبقي اكلمهم بعدين،أنا أصلي كنت محتاجة ليالي ضروري في موضوع مهم،بس مش مشكلة أستناها لما تصحي براحتها
أغلقت معها وتحدثت مليكة بتوجس:
-إتصل بياسين وشوف لو وصل لحاجة يا عمو
ياسين لو وصل لحاجة مش هيستني لما أنا اتصل بيه يا مليكة...هكذا أجابها فتنهدت كلٍ منهما ووضع عز كفاه فوق رأسهُ منتظراً الخبر الذي يفرج همهم
أما بألمانيا
كان يجوب البهو وهو يتحرك ذهاباً وإياباً بتوتر ظاهراً فوق ملامحهُ مُمسكاً طيلة الوقت بالهاتف يتابع الأخبار مع رجال الجهاز المتواجدون بدولة ألمانيا وألذي أبلغهم ياسين بمشكلة زوجتهُ وتابعوا البحث بطرقهم الخاصة
إستمع إلي جرس هاتفهُ فنظر به وتعجب عندما رأي نقش إسم رئيس الجهار بذاته،علم حينها أن الأسوء قادم لا محال،أخذ نفساً عميقاً وزفره بهدوء في محاولة منه لضبط النفس وتحدث بنبرة جادة:
-أؤمرني جنابك
بنبرة جادة تحدث الرئيس:
-الرجالة قدرت تحدد مكان مراتك يا ياسين،إطلع حالاً هتلاقي رجالتنا مستنيينك في العربية واتحرك معاهم علي الاوتيل اللي العربية وقفت فيه
واسترسل شارحاً بنبرة جادة:
-إحنا لسة ما نعرفش أي تفاصيل،كل اللي قدرنا نتوصل له هي إن العربية وقفت قدام الاوتيل ومراتك دخلت جوة ومن وقتها ما خرجتش
واستطرد بنُصحٍ:
-بس أياً كان اللي هتشوفه هناك إوعي تتهور أو تتصرف لوحدك من غير ما ترجع لي،مفهوم يا ياسين؟
أوامر سعادتك يا باشا...نطقها وأنطلق مهرولاً إلي الخارج تحت صياح أيسل التي كانت تريد الذهاب بصحبتهُ للإطمئنان علي والدتها فمنعها ياسين واوصي إيهاب ورجالهُ بتأمينها جيداً حتي يعود بزوجته
إنطلقت السيارة بسرعة الصاروخ وتوقفت أمام المبني تزامناً مع وجود زحام شديد أمام الأوتيل وبعض سيارات الشرطة التي تصطف وتحاوط المكان
تحرك نحو الباب بصحبة أحد الرجال فمنعهم أحد رجال الشرطة الذي تحدث بحزمٍ بلغتهُ الأم:
-غير مسموح بالدخول أيها السادة
هتف ياسين بارتياب:
-زوجتي بالداخل،وعلي الأرجح أنتم هنا لمشكلة تخصها
نظر لهُ الرجل وتحدث شرطياً آخر كان يأتي من الداخل:
-هل زوجتك بعينها هي تلك الشقراء التي ترتدي حجاباً؟
نعم نعم هي بالطبع...نطقها بعُجاله فتحدث الضابط إلي الشُرطي:
-دعه يدخل ولا تسمح لأحد أخر بالدخول
ونظر إلي ياسين قائلاً:
-الطابق العاشر حُجرة رقم 359
علي عُجالة ركض إلي الداخل وقفز داخل المصعد الكهربائى وكانهُ يسابق الزمن،وتحرك في طريقهُ للأعلي وهو يدعو الله أن يخلف ظنهُ ولا يتحقق ما خطر ببالهِ لأنهُ لن يتحملُ بعد
توقف المصعد وهرول منه وجد تجمع كبير من الأشخاص يقفون أمام مدخل الحُجرة المذكورة فركض حتي وصل وبات يُبعد الجميع بيداه ليفسح المجال لحالهُ وكأنهُ يسبحُ ضد التيار، وأستمر هكذا حتي وجد حالهُ بالداخل،توقف بمكانهِ وكأن ساقاهُ تسمرت بأرضيهما،إتسعت عيناه بذهول وقام بوضع كفاه فوق رأسهْ وبات يهزها يميناً ويساراً والذهول وعدم التصديق والتقبُل هم سيد موقفهُ الذي لا يُحسد عليه
تري ما الذي شاهدهُ ياسين جعلهُ يصل لحالة الذهول تلك
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة روز أمين من رواية قلوب حائرة (الجزء الثاني) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية