-->

رواية جديدة ذنبي عشقك لميرا كريم - الفصل 32

 

قراءة رواية ذنبي عشقك كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية ذنبي عشقك رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة ميرا كريم


الفصل الثاني والثلاثون



لكن ما الذي يمكنني أنْ أفعلهُ لو ظلّ ذلك الخوف ينبِض في جسدي بدلا مِن القلب.

-فرانز كافكا


❈-❈-❈


كان يغلبها النوم أثناء جلستها معها لذلك استأذنت منها كي تجلب كوب من القهوة لكي تستعيد به نشاطها وحين غادرت غرفة المشفى واثناء طريقها للكافتريا قررت أن تدلى درج الطوارئ القريب الذي قلما ما يستخدم عوضًا عن الآخر. وياليتها لم تفعل فقد سحـ بتها يد قو ية وإن كادت تصـ رخ

كـ ممها 

ودفـ عها نحو الحائط حتى ارتطـ مت به متأ وهه تحت كف يده الخشن المستقر على فمها فكانت عيناها تكاد تخرج من محجرها حين وجدته أمامها يكممها بيد واليد الآخرى ممسكة بمديته يلوح بها أمام وجهها قائلًا بنبره محمله بالشر:

-إيه يا "بدور" لسه فاكراني ولا تحبي أفكرك! 

تناوبت نظراتها المذعورة بين مديته وبينه وهزت رأسها بحركة مؤكدة لتحين منه بسمة خبيثة ويرفع مديته يثبـ تها على عنقها مهسهسًا:

-هشـ يل ايدي بس وربنا لو صرخـ تِ هعلم عليكِ 


هزت رأسها من جديد ومازالت عيونها بارقة من شدة رُعبها، ليزحزح يده ببطئ متسائلًا:

-هي عاملة ايه؟


ابتلعت" بدور "رمقها لتبلل حلقها الجاف وأجابته بأنفاس متقطعة:

-كويسة... وربنا كويسة


تنهد براحة وهدر بإصراره لعين:

-عايز اشوفها...


ضـ ربت اعلى صـ درها وقالت بمعالم باهتة:

-يالهوي تشوفها إزاي بس!


احتدت عيناه واخشوشنت نبرته في تهـ ديد لا يقبل الاستخفاف: 

-بقولك ايه يا بت يظهر عليك نسيتي مين" سلطان" ومش خايفه على نفسك ولا على ابنك ولعلمك حسابك معايا لسه مبدأش ومش ناسي انك انت اللي ساعدتيها تهرب يوم الفرح


انكمشت على ذاتها بعدما فرت الد ماء من اوصالها بسبب تهد يده، فلم تقوى حتى على الرد لحين تابع هو تشديده بطرف مديـ ته على عنقـ ها:

-تروحي تلهي الحراسة وتبعديهم عن الباب بأي حجة، وانا هدخل اشوفها دقيقتين واخرج من غير ما حد ياخد باله


-بس الباشا لو عرف هيخرب بيتي ومش هسلم منه


-مش هيعرف ومش هتجبيله سيرة نهائي وهدخل واخرج من غير عوء ولو عارضتي ولا منفذتيش اللي قولتلك عليه بالحرف وربنا هجيب اجلك انتِ والمحروس ابنك 


ما أن انهى جملته المغلفة بالشر إلا واستمعوا معًا لصوت دعسات اقدام تأتي من الاعلى ليرفع هو نظراته يتفقد أمرهم ويخفض مديته قليلًا في حين هي استغلت تشتته ثم دفعـ ته عنها بكل ما اوتيت من قوة و في لمح البصر كانت تركض بعزم ما بها.

بينما على الطرف الآخر وتزامنًا مع ذلك كان "سليم" يهرول في رواق المشفى كي يصل للغرفة التي تقبع بها "شمس" والكثير من السيناريوهات تدور برأسه جميعها سوداوية لا تنذر بالخير فقد ازا ح رجال الحراسة الذي كلفهم بحمايتها عن طريقه ثم

دفـ ع باب الغرفة بلا استئذان مما جعلها تنتفض اثناء رقدتها وتتسائل مترقبة:

-"سليم "مالك في حاجة حصلت 


دار كالمجنون داخل الغرفة وكأنه يبحث عن شيء ثم فتح باب المرحاض يتأكد من خلوه تحت نظراتها المتعجبة، وحين اطمأن زفر براحة وتفقدها بعينه  ليعي لما فعله ويبرر قائلًا:

-مفيش حاجة متقلقيش...انتِ كويسة


هزت رأسها واعتدلت قليلًا

بجـ سدها وهي تجيبه:

-اه كويسة بس فهمني في ايه؟


ابتسم بسمة تحمل بقايا قلقه ثم تسائل وهو يقترب من موضع فراشها:

-مفيش بس جاوبيني حد جالك هنا؟ 


نفت برأسها واخبرته مطمأنة:

-بطل قلق مين هيجيلي!


وهنا مسد جبهته وكأنه ينهر افكاره السوداوية ثم جلس جوارها يعتذر منها: 

-مكنتش اقصد بس غصب عني قلقت وكنت عايز اطمن عليكِ


ما فعله أثار ريبتها وجعلها تتسائل متخوفة: 

-انت مخبي عليا حاجة قولي خايف من إيه؟


ظل مُلتزم بصمته ولم يجيب كعادته لتتابع هي معاتبة:

-انت قولتلي أنك عرفت مين اللي عملها واكيد اتصرفت معاه مش كده؟


هز رأسه بحركة بسيطة، لتتابع هي تخمن سبب قلقه الزائد:

-طيب جالك رسايل تهديد تانية هي اللي قلقتك! 


نفى برأسه وابتسم بسمة باهتة دون استخدام كلمات لتندفع هي بحديثها بنفاذ صبر:

-انت عارف إني مش بحب طريقتك دي لو سمحت اتكلم وريحني 


نعم يعلم ولكن هي تجهل إنه لايستطيع الإجابة على سؤالها فبماذا يجيبها! أتنتظر أن يخبرها أن تلك الرسالة النصية من معاونه كانت تخص ذلك اللعين وتحمل خبر مجيئه لعندها لا بالطبع لن يفعل لذلك نطق وهو يدا عب خصلاتها المنسدلة على جانب وجهها بأنامله الحانية: 

-ارتاحي واطمني مفيش حاجة تقلق انتِ بس وحشتيني وجيت اخدك علشان الدكتور بلغني قبل ما امشي انه هيكتبلك على خروج

وكمان" ليلى" قلقانة عليكِ ومش هترتاح غير لما تشوفك قدامها


تنهدت بتثاقل ثم تسائلت والقلق يغزو قلبها:

-كده بس مفيش حاجة تانية


استنكر بعد أن استعاد ثباته المعهود:

-"شمس" مفيش غير اللي قولته وانتِ عارفة مش بحب اعيد الكلام مرتين


حاولت التغاضي عن شعورها المغاير لحديثه ثم تنفست وهزت رأسها بتفهم ليتابع هو:

-طب يلا علشان اوصلك البيت وارجع المكتب تاني علشان عندي شغل


احتل الإحباط وجهها لثوانِ قبل أن تخبره:

-طيب خلينا نستنى "بدور "علشان تساعدني 


-هي فين صح انا مش منبه عليها متسبكيش


-معلش نزلت البوفيه تجيب قهوة ليها 


-طيب خليني انا اساعدك 


-لأ هي مش هتتأخر هستناها 

قالها مُرتبكة بشدة وهي تتهرب بنظراتها منه فكاد يعقب لولا دفع" بدور" باب الغرفة واغلاقه خلفها بطريقة اثارت ريبتهم بشدة وجعلته يقف متأهبًا بعيون ضيقة 

أما "بدور" فكانت في حالة من الهلع يرثى لها ولكن حين رأت "سليم" امامها لملمت بقايا ثباتها فكادت تخبره ولكن حين تذكرت تهديد ذلك اللعين انحصر الحديث بحلقها فكانت ضائعة تحاول أخذ قرارها لحين باغتتها "شمس" بقولها:

-"بدور" بتنهجي ليه كده كنتِ بتجري


ابتلعت رمقها وتلعثمت بعدما اخذت قرارها:

-ابدًا اصل الحرس قالولي أن الباشا هنا وخوفت يزعل إني سيبتك 


-لأ مزعلش بس هو عايزنا نرجع البيت


قالت مُسرعة تؤيده:

-ياريت... الباشا عنده حق قاعدة المستشفيات تقبض كفاية كده ويلا بينا البيت أأمن. 


وهنا ضاقت عيناه عليها اكثر لثوانٍ قبل أن يقول بنبرة هادئة كالموت:

-هستناكم بره...

هزت "شمس" رأسها بينما هي تهربت بنظراتها وافسحت المجال له وأخذت تفرك بكفوفها  

ليخطو هو للخارج تاركها تستعد بمساعدة "بدور" للمغادرة.

وبعد عدة دقائق خرجت له ببسمة هادئة وخلفها "بدور" التي كانت نظراتها متوجسة زائغة وكأنها تبحث عن شيء

ليزفر هو أنفاسه دفعة واحدة  ثم تقدم من" شمس"

وحاو ط كتفها بذراعه القوية يقربها منه بتملك شديد أثناء سيره بها وكأنه يحميها بحصن جسده من عيون المارة فكانت تستغرب فعلته ولكنها لم تعلق بل كل ما فعلته أنها استسلمت لكي يقود خطواتها لحين وصلوا إلى سيارته التي كان يصفها أمام المشفى وبعد أن صعدوا ثلاثتهم  بداخلها انطلق وخلفهم سيارة الحراسة التي رافقتهم كظلهم  أمام نظرات ذلك اللعين التي كانت عيناه تطـ لق الشرار وقلبه يحـ ترق حين رأها بأيدي مجبرة و تحتمي بالآخر وكأنه مصدر أمانها فكان  يتلـ وى في وقفته خلف أحد الاعمدة يلـ عن تلك ال"بدور" اولًا ثم الوقت الذي لم يسعفه قبل حضور الآخر وأخذه لها.

❈-❈-❈


-ممكن تقولي رايحين فين؟

قالتها "رهف "مُستغربة وهي تجلس بجواره داخل السيارة بعد أن اصر عليها، ابتسم هو ببشاشته المعهودة وأخبرها ماكرًا:

-هخطفك...


-" نضال" انا بتكلم بجد 


حاول مراوغتها لكي تكف عن اسألتها: 

-حبيبي هتعرفي لما نوصل 


-طيب قولي هنروح فين؟


قال بنبرة ماكرة يتعمد تشويقها: 

-اصبري عليا وهبهرك 


قطـ مت شفاهها تكبت بسمتها المتحمسة حين قال أخر كلمة، ليبتسم بعبث ويميل نحوها بخطورة أثناء قيادته هامسًا  بغمزة ماجنة تتفهم هي ما ورائها:  

-عجبتك هبهرك مش كده؟

طيب احب اطمنك الابهار الليلة للصبح بس بعد ما نرجع بيتنا


كبتت بصعوبة بسمتها على عبثيته اللا متناهية ودفعته برفق ليعتدل في جلسته من جديد محذرة تتصنع جدية زائفة:

-طيب ممكن حضرتك تركز في الطريق يا دكتور  


مط فمه بشكل درامي للغاية بسبب رسميتها التي تتعمد بها اغاظته وعقب: 

-حاضر هركز بس من غير حضرتك دي عندي فويا منها


انفلتت بسمتها دون قصدها و هزت رأسها بلافائدة ثم نظرت عبر نافذتها الزجاجية على الطريق حولها تحاول أن تستدل على وجهتهم ولكنه ظل يشتتها بالحديث والهائها بمزحاته العابثة اللامتناهية.

❈-❈-❈


دقائق عدة وقد وصلوا للمنزل وهاهي "ليلى" فور أن دخلوا رحبت بها متلهفة:

-حمد الله على سلامتك يا بنتي


أقتربت "شمس" من موضع كرسيها المدلوب وانحنت تقبل رأسها قائلة:

-الله يسلمك يا ماما...الحمد لله جت بسيطة

تناوبت "ليلى" نظراتها بين ذراعها المضمد وبين وجهها وكأنها تتأكد لا مكروه أصابها ثم عقبت بقهر أم تخوفت من فقدان ابنائها:

-عمري ما هنسى أنك فديتي ابني 


قالتها "ليلى" ولم تستطيع كبح دمعاتها متأثرة بما أصابها، لتتقلص معالم "شمس" وتز يح دمعاتها بيدها السليمة معاتبة:

-طيب ليه بس الدموع دي يا ماما


أجابتها "ليلى" بصوت يرتجف واهن من شدة الرعب الذي أصاب فؤادها:

-غصب عني يا بنتي مش قادرة اتخيل أن كان ممكن اخسر ابني او اخسرك... منهم لله اللي كانوا عايزين يحرقوا قلبي عليكم 


وهنا عقبت "بدور" مندفعة:

-آمين يا ست "ليلى" ربنا ينتقم منهم 

التفت هو عند قولها لتزوغ نظراتها وتنسحب بحُجة الاطمئنان على صغيرها بينما هو  زفر انفاسه واقترب يميل بجزعه يحاوط ذراع "ليلى" بمؤذرة كي يجعلها تكف عن بكائها:

-"ليلى" خلاص بقى..."شمس" قدامك أهي وهي بنفسها بتطمنك عليها وانا الحمد لله بخير الدموع ملهاش لازمة 


ربتت "ليلي" على يده التي ترتكز على ذراعها ودعت من قلبها: 

-ربنا يحفظكم ليا يا ابني ويباركلي فيكم


آمنوا على دعواتها لتتابع "شمس" داعية مثلها:

-ويخليكِ لينا يا ماما "ليلى" وميحرمناش منك 


ابتسمت "ليلى" ببسمة حانية وتابعت تحثها:

-طيب ادخلي ارتاحي يا بنتي وهقول ل "صباح" تحضرلك حاجة تاكليها اكيد لسه تعبانة


أومأت لها بطاعة ثم اعتدلت بجسدها و وقفت على بعد خطوات وكأنها تنتظره أن يرافقها للداخل ولكن هو تنهد بتثاقل وقال مضطر:

-انا مش هينفع اقعد اكتر من كده لازم ارجع المكتب تاني عندي شغل


احتل الإحباط وجهها ولم تعقب لتقول "ليلى" ما أن انحنى يقبل كفها: 

-خلي بالك من نفسك يا ابني علشان خاطري 


أجابها وهو يهز رأسه ببسمة مطمئنة:

-حاضر يا "ليلى"


قالها واعتدل بجسده يربت على ذراعها بحنو شديد قبل أن يخطوا نحو "شمس "يقبل وجنتها هامسًا بالقرب من أذنها:

-مش هتأخر عليك يا شمسي 


تناست إحباطها وقد اشتعل وجهها حين نطق بأسمها ولكن بعد أن اضاف له ياء ملكيته التي لاحقت ملكيته لقلبها لتنمو بسمة خجلة للغاية على ثغرها وهي تطالعه هامسة من بين تنهيداتها:

-لا إله الا الله

-سيدنا محمد رسول الله

قالها هامسًا بصوت خفيض للغاية كهمسها قبل أن يغادر المنزل عائدًا لاستئناف عمله، تاركها تنظر في آثاره وتدعوا الله في سرها أن يديمه ويحفظه لها.

❈-❈-❈


فور رجعته لمنزله ارتمى على الفراش يتأمل سقف غرفته بعيون ساهمة تتحجر الحسرة بها بسبب رؤيته لمن تمنى امتلاكها وطمع في سطوعها أن يشرق جانبه المظلم؛ قد اصبحت في كنف غيره ويحظى بقربها، لا والأنكى كادت تفديه بِرَوحها، اعتصر بُنيتاه التي قتم لونها ينفض ذلك المشهد الذي يعذبه عن رأسه ولكن كلما حاول يزداد حِقده ويزداد معه رغبته في الانتقام من ذلك ال "سليم" الذي يبدو انه لم يسلب عقلها فحسب بل سلب ايضًا قلبها الذي سعى هو من اجله بكل الطرق المُباحة والغير مُستباحة ولم يناله.

طرقات على باب شقته انتشلته من مداهمة أفكاره وجعلته ينهض يمسح على وجهه يستعيد رباط جأشه الذي فور أن فتح بابه هَر منه وظهرت عاطفته ببسمة مُتعجبة:

-"عماد" معقول!  

رشق "عماد" وجهه الباسم بنظرة مستنكرة و رد بلا أي عاطفة:

-عايزك في كلمتين 


هز "سلطان" رأسه مُرحبًا وفتح الباب على مصراعيه قائلًا ببسمة واسعة:

-تعالى يا خويا نور بيت امك وابوك من تاني... ادخل 


ابتلع "عماد" غصته وكور يده يُشدد على اربعته وكأنه يذكر ذاته و يقسيها عليه كما يستحق ثم تقدم بخطوات وأيدة يقف في منتصف الردهة يجول بعينه في ارجاء المنزل بعيون يستتر بها حنين لايام طفولته ولما شهدت عليه تلك الجدران من ذكريات.

-اقعد يا اخويا واقف ليه ده بيتك 

انتشله قول" سلطان" الذي استنكره قائلًا بثبات اجاده:

-مش بيتي واللي كانوا ليا فيه الله يرحمهم


-وانا مش اخوك الكبير يا "عماد" ومن حقي عليك تسأل عليا وتودني 

اجابه "عماد" بجفاء:

-انت ملكش حق عندي بالعكس انا اللي ليا عندك كتير اوي يا "سلطان "

ضرب "سلطان" على جانب عنقه وقال متمنيًا:

-وانا رقبتي سدادة يا "عماد" بس قولي ايه يراضيك ويخليك تسامحني وترجع لبيتك تاني

أأمر يا خويا أأمر وربنا ما هتأخر


لهفته لطلبه جعلته لا يتردد قبل أن ينطق بأسمها:

-"بسمة" حاولت تموت نفسها


اعتلى جانب فم "سلطان" وقال بلا اكتراث وكأن الأمر لا يعنيه في شيء:

-عارف الرجالة قالولي وبلغوني انك جريت بيها على المستشفى


تجهمت معالم "عماد" وتسائل مُستغربًا:  

-يعني كنت عارف ومفكرتش حتى تروح تزورها وتطمنها وانت متأكد انها عملت كده بعد طلاقك و تهديدك ليها

فرك "سلطان" ندبة حاجبه بظهر ابهامه وقال مُتجبر ببسمة ساخرة:

-هي حاكتلك! طيب اسمع  محدش ليه حاجة عندي وبعدين انا مضربتهاش على ايدها. 


هز "عماد" رأسه بلا فائدة وقال بنبرة غاضبة من خوض شقيقه في عرضها:

-عمرك ما خالفت ظني فيك يا "سلطان"شيطان بهيئة بني آدم 


وهنا استراب "سلطان" من قوله وتسائل متعجبًا:

-وانت محموق ليها كده ليه طب "شمس" وقولت اخت صاحبك اللي شايل ذنبه لكن بنت الحرام دي تزعلك ليه وتتحمقلها ليه ده اللي زيها  ملهاش تمن في سوق الحريم ولا يتزعل عليها

جز "عماد" على نواجزه بقوة وجذبه لعنده من حاشية ملابسه هادرًا بعصبية مفرطة:

-عارف ليه ملهاش تمن بالنسبالك علشان ملهاش اهل يقفوا قصادك وعلشان ساذجة وضعيفة وكانت طمعانة في حمايتك وأنت استغليت كل ده لصالحك ويمكن اللي ملهاش تمن دي كانت اغلى حاجة في عين غيرك 


ازاح "سلطان" يده عنه بعنف وتسائل بريبة، مُشككًا:

-قصدك إيه؟

اوعى تكون رمت الهلب عليك انت كمان... 

سكن الحُزن عين "عماد" ودافع عنها بصوت عصبي مُنفعل:

-اسكت متجبش سيرتها بسوء ولا تمس شرفها بكلمة فاهم...


اومأ له "سلطان" بحركة من رأسه يسايره بينما هو صمت لبرهة ينظر لوجهه ويتابع بنبرة مشروخة متألمة تنم عن خيبة أماله في عِشقها:

-عارف إن دي المرة الوحيدة اللي اتمنيت ابقى شبهك... كان نفسي تبصلي نظرة رضا زي اللي كنت بشوفها في عينها لمجرد بس ما تسمع اسمك، لكن انا بالنسبة ليها كنت مش متشاف


برقت عين "سلطان" وتسائل بعدما ابتلع رمقه متخوفًا: 

-انت بتحبها؟

نمت بسمة ساخرة على فم "عماد" يسخر بها من ذاته قبل أي شيء ورد متهكمًا بنبرة ترتعش حروفها: 

-تخيل اه... وانت مكفكش حرقت روحي وسودت حياتي لا وكمان كسرت قلبي ودنثت الحاجة الوحيدة اللي اتمنتها


دلو مياة باردة انسكب على رأسه بعد تصريح أخيه فقد زاغت نظراته وصرح بصدق لم يدعيه:

-بس انا مكنتش اعرف


-حتى لو كنت عرفت مكنش هيفرق معاك 


دافع مندفع وكأنه بقوله سيخفف وطاة ما ارتكبه:  

-لأ كان هيفرق ورحمة ابوك وامك ما كنت هقربلها ابتسم "عماد" بسمة ساخرة معذبة تنم عن عدم تصديقه له، ليتابع "سلطان" بصدق وهو يحاوط ذراعيه بعدما قرعه بقايا ضميره ونزع عنه رداء التجبر:

-انت معاك حق هي ملهاش ذنب  انا اللي شيطان واستغليت ضعفها وفضلت وراها وموافقتش تسلم غير لما وعدتها هكتب عليها رسمي  


وهنا تحجر الدمع داخل مقلتي "عماد" وقال بنبرة مرتعشة ظهر الرجاء جلي بها وهو يدفع يده عنه:

-كلامك مش هيغير حاجة يا "سلطان" لأن خلاص مبقاش ينفع

انا بس كل اللي بطلبه منك   تسيبها تعيش وبلاش تنفذ تهديدك ليها انت كسرتها وذلتها بما فيه الكفاية. 

وهنا قطع "سلطان" وعد على ذاته صارمًا بنبرة ظهر الندم جلي بها:

-وعد مني يا خويا مش هقربلها تاني كرامة ليك...هي مبقتش تهمني في حاجة و انا هددتها بس علشان كنت خايف تتكلم و"شمس" تعرف لما ارجعها واكتب عليها لكن شكلي كده زي عوايدي كنت غبي و خسرتك وخسرت "شمس" للأبد 


طالعه "عماد" بنظرة غائمة تكن ألم عظيم نابع من قلبه الذي أدماه شقيقه بأفعاله الآثمة ثم غادر بخطوات واسعة كي لا تسيل دموع عينه المتحجرة وتفضح ما يجتاحه. 

بينما هو مرر يده على وجهه ولعن ذاته للمرة التي لا يعلم عددها فمن بين نساء العالم أجمع اوقع تحت قدمه واستباح من يكن شقيقه شيء لها لتزيد الجفاء وتقضي على أي بقعة أمل بداخله لاسترداد وِده المُنقطع.

❈-❈-❈



-مبروك يا "هاجر" ربنا يهنيكِ

قالتها "كريمة" بحنو وهي تربت على كتفها بعد أن تم الشيخ لتوه عقد قرانها من جديد على من  مَهدت كل طرقها ليعود ويرتبط قدره بها، ابتسمت "هاجر" بسمة باهتة واجابتها:

-الله يبارك فيكِ يا خالتو علشان خاطري متزعليش مني انا...


قاطعتها "كريمة" قبل أن تذكر اسبابها:

-متكمليش يا بنتي وارمي اللي حصل ورا ظهرك وفكري في اللي جاي وفي مصلحة ابنك... "مصطفى" بيحبك وصدقيني لو دورتي جواكِ هتفتكريله اللي يحببك فيه.


طالعته "هاجر "عن بُعد وهو باسمًا ويحمل ابنها ويتلقى به التهاني، وقالت وهي تشعر بالخزي من نفسها: 

-"مصطفى" بيحبني وعمري ما شوفت منه حاجة وحشة ورغم ده حاولت احبه قبل كده ومعرفتش


تنهدت "كريمة" وضغط على بواطن عقلها:

-بس المرة دي هتعرفي يا "هاجر" 

علشان قبل كده كنتِ عايشة في وهم كبير


أيدتها "هاجر" بنبرة ظهر الندم جلي بها: 

-أنتِ معاكِ حق يا خالتو...و"نضال" كمان معاه حق انا كنت انانية وعايزة من الدنيا كل حاجة... لتصمت لبرهة تبتلع غصتها وتتابع بعيون غائمة:

-تعرفي لما شوفت نظرة "نضال" لمراته وهي بتدافع عنه عرفت ان النظرة دي عمري ما شوفتها في عينه ليا واتأكدت إني عمري ما كنت جديرة بيه و وقتها اتمنيت حد يبصلي زيها كده والحد ده كان "مصطفى" بس زي ما انتِ قولتي كنت عايشة في وهم ومحستش بقيمته ولا قدرت حبه...لتفر دمعة من عيناها وتُصرح لذاتها قبل "كريمة":

-انا المرة اللي فاتت خسرت "نضال" بس لكن المرة دي كنت هخسر ابني وهخسر اكتر حبني...لتمسح باناملها دمعتها المُخزية وتضيف مُستبشرة:

-علشان كده لازم احترم الفرصة التانية اللي ربنا عطهالي و احافظ عليهم يا خالتو 


تنهدت "كريمة" براحة وضمتها لصدرها متأثرة:

-ربنا يهنيكم ويسعدكم 


خرجت "هاجر" من احضانها مأمنة على دعوتها:

-يارب يا خالتو 

ربتت "كريمة "على وجهها بحنو وحثتها ببسمة هادئة:

-طيب يلا روحي لجوزك واقف مستنيكِ علشان تروحوا بيتكم

-حاضر 

قالتها وهي تخطوا لعنده تمنحه نظرة راضية قبل أن تتعلق بذراعه التي تحمل صغيرها تحت انظار الجميع ومُباركاتهم، ليطالعها "مصطفى "وكأنه مَلك الدنيا بها ويأخذ عهد على ذاته أنه سيبذل اقصى ما عنده من اجلها ومن اجل ترابط اسرته الصغيرة لينعم صغيره بينهم ولا يذيق مرارة المفارقة التي ذاقها هو.

❈-❈-❈


كانت تتمايل بخصرها على انغام تلك الاغنية الشعبية التي تصدح من هاتفها مرتدية قميص شحيح القماش يكشف جسدها بفجوج ورخص يليق بها.

بينما هو فكان يجلس بكل اريحية وخرطوم الارجية بفمه يتفرس بها بعيون جائعة جعلتها تغتر بإمكانيتها وقوة تأثيرها فقد مالت كل الميل عليه هامسة بأذنه بشيء جعله لا يطيق صبرًا كي ينال ببصيرة منعدمة غفلقها شيطانه مُستباحها.

فقد جذبها له تحت ضحكاتها الصاخبة المتغنجة...وما أن هَم بها وارتكب ذلك الفعل المُحرم استلقى بجوارها بمزاج رائق للغاية عكره طرق على باب الشقة ليزفر انفاسه ويقول حانقًا:

-مين الزفت اللي بيخبط دلوقتي هقوم اكسر الباب على دماغه


وهنا ربتت "فريال" على صدره  وقالت مهدئة:

-معلش يا سيد الرجالة هدي نفسك ادخل استحمى وانا هشوف مين وخمسة ورجعالك استناني


رد المدعو "حوكش"وهو يمسد صدره ونظراته تلتهمها:

-ماشي بس متتأخريش عليا 


قالها وتحرك صوب المرحاض تزامنًا مع رقعها ضحكة من ضحكاتها، وفور أن اغلق الباب ارتدت ملابسها على عُجالة وإن تقدمت وفتحت بابها وجدت "صالح" بوجه مكفهر مُتعب أمامها:

-وحشتيني يا "فريال" ليه بتعملي فيا كده انا من ساعة ما طردتيني وانا متلطم في الشارع ومش لاقي حتة تأويني وخايف ارجع البيت من "سلطان"


ضربت "فريال" صدرها ونهرته بصوت خفيض وهي تشرأب برأسها تأمن على الآخر قبل أن تخرج وتوارب باب الشقة خلفها:

-نهارك مش فايت جاي ليه تاني يا "صالح"


ذكرها وهو يخرج حفنة نقود من جيب بنطاله ويمد يده بها:

-قولتي لما يبقى معايا فلوس مش هتقفلي بابك في وشي وانا أهو معايا انا بقالي كام يوم شغال في البنا بشيل طوب وزلط و رملة علشانك


ازاحت يده الممدودة تستخف به وبما يقدمه لها:

-اتنيل بقى بتسمي الملاليم دي فلوس...وفرهم على حالك وغور من هنا

رد بغلظة يتستر بها على شُح رجولته:

-يعني ايه؟! 


-يعني يا عنيا كان في وخلص 

ودلوقتي معايا راجل على حق  آنينيي ومش منقصني حاجة 


احتدت عيناه وتسائل وهو يشرأب برأسه مترقبًا:

-وانا؟


اجابته بكل برود وهي تضع يدها بخصرها: 

-أنت تقصر الشر و تمشي يا "صالح" احسنلك


وعند قولها زمجر غاضبًا وقبض على خصلات شعرها بغل هادرٍا:

-مش همشي يا "فريال" ومش هحلك مني مش "صالح" اللي تقلبيه ويضرب على قفاه


تأوهت بألم تحت قبضته وتمتمت بصوت متقطع وهي تتعلق بيده كي يفلتها:

-انا مضربتكش على ايدك وكل قرش صرفته عليا كان لمزاجك 


لطم وجهها بعـ نف كرد أنسب لقولها وإن كاد يكـ يل المزيد لها اتى صوت الآخر يهتف بأسمها، ليزمجر هو غاضبًا ويكاد يخطوا للداخل ليواجهه ولكن هي منعته بنبرة محذرة وهي تتشبث بقميصه:

-متفكرش...لو دخلتله وعكرت مزاجه هيقـ تلك ده شراني ولسه خارج من السجن 

  

ابتلع رمقه وزاغت نظراته دليل على تردده، لتتابع هي كي ترهبه:

-امشي يا" صالح" واقصر الشر  


نعم ذلك الحل الأمثل الفرار

لذلك هز رأسه يؤيد اقتراحها، بعد أن هسهس وهو يشُدد أكثر على خُصلاتها يرفع وجهها لتواجهه:

-همشي بس برضو مش هتخلصي مني

قالها وغادر بعد أن دفـ عها بقوة كادت تسقطها تاركها تنظر لآثاره بنظرة حاقـ دة، متوعدة بسرها: 

-يبقى انت اللي هتجيبه لنفسك يا "صالح"

قالتها قبل أن تعُدل هِندامها وتدلف للداخل وهي تنوي أن تبخ سُمها في أُذن من ينتظرها كي يفض غليـ لها من ذلك اللعـ ين.

❈-❈-❈


صالة هادئة يعم بها السكون والكل متأهب أمام شاشة العرض الكبيرة على مداد بصرهم يتابعون احداث ذلك الفيلم الرومانسي بتنهيدات حالمة وبعد بعض الوقت واثناء فترة الاستراحة بين جزئي العرض  ظلت هي ساهمة تطالع المكان حولها ببسمة هادئة وذكريات عديدة متعلقة بطفولتها تمر أمام عينها فكان أبيها رحمه الله يأخذها يوم العطلة ليرفه عنها...ومن بعدها تمنت أن تحظى مع رفيق دربها بتلك اجواء ولكن أول نصيبها كان يحيل بواقعية صادمة بينها وبين احلامها. فكادت تنزلق  إلى جرف سحيق من الذكريات لولا صوته الهامس الذي انتشلها:

-حبيبي سرحانة ليه الفيلم مش عاجبك؟  


انتبهت له وهمست وهي تربت على كف يده الذي يعانق كفها:

-هاا...أصل دي اول مرة ادخل السينما بعد وفاة بابا وماما

اصل كان دايمًا بابا بياخدني في الاجازة وحتى في ايام الامتحانات ولما كانت ماما تعترض وتقوله سيبها تذاكر وفسحها بعد النتيجة كان بيقولها انا بجدد نشاطها وحماسها للمذاكرة وان كل اللي يهمه إني ابقى مبسوطة ومرتاحة علشان اعرف اخرج احسن ما عندي 


اتسعت بسمته وهو يستمع لها فيبدو أن حماه رحمه الله كان يشاركه ذات المبدأ، لتتابع هي:

-وده نفسه اللي أنت بتعمله معايا دلوقتي....

جعد حاجبيه يترقب لباقي حديثها التي تابعته هامسة وهي تستكين براحة داخل غاباته المذدهرة دائمًا:

-النهاردة اول يوم ليا من غير الولاد وانهم من يوم ما اتولدوا مفارقونيش ابدًا وكان هيبقى صعب اتخطى الاحساس ده لوحدي لكن انت علطول في ظهري ساندني وبتحاول تكملني و تهون عليا كل حاجة


شملها بدفء عيناه وقال بِنبل لطالما كان من خِصاله الرائعة وهو يدس بفمها واحدة من عُلبة البوشار المستقرة على ساقه:

-انا مش بعمل حاجة يا "رهف "ده واجبي  

لاكت ما وضعه في فمها ثم تنهدت براحة تنم عن سَكينة قلبها وهمست وهي تضم ذراعه لقلبها:  

-بحبك اوي يا "نضال" ربنا يخليك ليا 


اجابها وعينه تفيض فيض بعشقها:

-ويخليك لقلبي ياحبيبي


تنهدت مُسهدة تحت وطأة كلماته ونظراته الحانية ثم تدريجيًا ظهرت على وجهها تلك البسمة المُحملة بربيعها لتلفح قلبه المُولع بها، تزامنًا مع اطفاء الاضواء من جديد ليعلن عن انتهاء وقت الاستراحة لتنتبه هي بينما هو مال هامسًا بأُذنها بنبرة عابثة:  

-بقولك ايه ما تيجي نروح حاسس إني هبطت مرة واحدة 


شهقت بخفوت وتفهمت ما يرمي له لتنكزه برقة بذراعه وتحثه:

-"نضال" بس خلينا نكمل الفيلم


هز رأسه آسفًا من اعتراضها ثم مال بشقاوة قائلًا وبسمة عابثة تعتلي ثغره: 

-طيب ما تجيبي بوسة تصبيرة في الضلمة دي محدش هياخد باله

شهقت مرة آخرى تعاتبه وتنفي برأسها:

-"نضال" بس

قلب عينه وتمتم بنبرة درامية للغاية وهو يعتدل في جلسته ويصوب نظراته على الشاشة امامه:

- يخربيت نضال وسنين نضال خلاص هسكت وأمري لله... ومش مسامحك


وهنا هزت رأسها بلافائدة وبسمتها تزدهر اكثر كحياتها التي ايعنت بفضل عوض الله الجميل لها.

❈-❈-❈


بعد ساعات من العمل عاد للمنزل بوقت متأخرًا وإن اطمأن على والدته وكاد يدخل غرفته وجدها تجلس في زاوية غرفة الصالون على احد المقاعد و بيدها كتابًا يبدو أنها كانت تقرأ به قبل عودته، فقد تأهبت و وضعت الكتاب من يدها مبتسمة له بسمة هادئة جعلته يتنهد تنهيدة مُرتاحة كونه عاد لها قبل أن يهمس بعيون باسمة:

-وحشتيني 


اعتدلت في جلستها وقد اشتعل وجهها قائلة وهي تتحاشى عينه التي تهيم بها:

-وانت كمان...

جلس على المقعد جوارها متسائلًا وعينه عالقة بحُسنها:

-سهرانة ليه؟


اجابته بشيء من الارتباك وهي تضع غرتها خلف أُذنها:

-كنت بقرأ ومكنش جايلي نوم


اُحبطت معالمه وتسائل مترقبًا:

-يعني مكنتيش مستنياني!


تنهدت تجيبه ببسمة ناعمة:

-ما انا مكنش جايلي نوم علشان انت مش جنبي


ابتسمت عيناه وقال وهو يميل يحتضن يدها ويدثرها بين خاصته بحنو شديد:

-لو عليا عايز افضل جنبك علطول بس أنتِ اكيد عذراني مش كده


هزت رأسها تؤيد قوله بنبرة هادئة متفهمة:

-عذراك وفاهمة طبيعة شغلك والمهم عندي انك تاخد بالك من نفسك وترجعلي بالسلامة 


شَدد على يدها وقال متنهدًا:

-وانا المهم عندي أنك تبقى  بخير دايمًا وتكونِ في احسن حال


-وانا الحمد لله في احسن حال


-طيب طمنيني خدتي العلاج 


-اه خدته متقلقش وماما "ليلى" اصرت تأكلني قبلها 


-طيب يلا ندخل الأوضة 

هزت رأسها من جديد وتسائلت باهتمام:

-تحب احضرلك العشا الأول انت اكيد مأكلتش

نفى برأسه واجابها بنبرة حنونة مُراعية:

-لأ انت لسه تعبانة وجرحك ملمش والمفروض متتحركيش كتير وتفضلي في السرير


نهضت من جلستها تضرب الأرض تحتها دليل على استيائها:

-"سليم" انا كويسة ودراعي بس اللي اتصاب واقدر اتحرك كويس واشتغل بايد واحدة علشان خاطري سيبني براحتي انا مش متعودة على كده


ابتسم بسمة بسيطة ونهض يعارض عنادها بأن كوب وجهها و وأخذ يمرر إبهامه على خدها قائلًا وليل عيناه يسبح في فلكها:

-ممكن متعارضيش يا شمسي وتسمعي الكلام

اجفل جسدها مع حركة ابهامه لتبتلع رمقها وتطيعه بنبرة هشة عكست تأثيره عليها:

-ممكن...

صمت لبرهة يتأمل وجهها وصولًا لثغرها ليبتلع رمقه وقبل أن تستوعب حتى كان يجذبها له و يلتقط شفاهها مستمتع بمذاقها بينما هي كانت تشبه سحابة من حلوى السكر تذوب داخل فمه وهو يلتهمها يروي تعطشه لرحيقها في قبلة نهمة للغاية اطاحت بكل حواسها...وبعد وقت ليس بقليل وقبل أن تختنق فصل قبلته وأخذ يضع قبلات خفيفة على طول عنقها وهو يدعم جسدها بمحاوطته خصرها لتغمغم هي بتيه وبعيون مُسبلة متأثرة بملمس شفاهه الرطبة على جلدها:

-"سليم" حد يخرج ويشوفنا لوسمحت سيبني


تابع ما يفعله وكأنه لم يستمع لها لتدفعه بيد واحدة بضعف راجية:

-"سليم" لو سمحت

اعتصر قاتمتيه بقوة يكبح ذاته ثم زفر انفاسه الساخنة لتلفح جلد عنقها ثم استند بجبهته على جانب وجهها دون أن يخرجها من مجاله في حين هي حاولت لملمت شتاتها ولكن كانت مازالت تحت تأثيره و ساقيها كالهلام لا تقوى على حملها، وقبل أن تستوعب وجدته ينحني بجزعه ويقوم بحملها بكل عنفوان. لتشهق بخفوت وتقول متخوفة من تبعات حمله لها:

-"سليم" نزلني هتعمل ايه؟

مال برأسه يهمس بنبرته العميقة  المتحشرجة بجوار أُذنها قبل أن يسير بها:

-انا بحبك يا "شمس" و خوفي وقلقي عليكِ اهم بكتير من لهفتي ليكِ...وعلشان كده عايزك تثقي إني عمري ما هفرض عليكِ حاجة انتِ لسه مش مستعدة ليها 

تنفست الصعداء ونمت بسمة مُرتاحة على ثغرها اثر حديثه الذي سَكن قلبها ودون اضافة شيء كانت تميل تسند رأسها على صدره تستمع لصخب دقاته بأُذنها في حين هو أكمل خطواته بها في طريقه لغرفتهم و يمني ذاته أن يحظى بنوم هانئ في دفء احضانها.  


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ميرا كريم من رواية ذنبي عشقك، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية



رواياتنا الحصرية كامل