-->

رواية جديدة وبها متيم أنا لأمل نصر - الفصل 20 -2

   قراءة رواية وبها متيم أنا كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية وبها متيم أنا

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر


العودة للصفحة السابقة

الفصل العشرون

الجزء الثاني

بابتسامة خفيفة لم تصل لعينيه استجاب لها، وقد بدأ ينتابه شعور بالضيق لعدم اندماج صبا معهم، وهي تتململ بجلستها وانظارها متجهة نحو مخرج المطعم، ويدها على حقيبتها وكأنها تنتظر الفرصة للإستئذان، إلى هنا ولم يستطع الإحتمال أكثر من ذلك، توجه لميرنا  بنظرة فهمتها للتصرف سريعًا:

- يا لهوي ياما الطقم.

هتفت بها مودة وقد تفاجأت بالبقعة الكبيرة التي توسطت الجيبة التي ترتديها في الأسفل لتزيد بتوسع جراء سقوط العصير عليها من الكوب الذي كانت تمسك به ميرنا رفيقتها، والتي شهقت تكمل دورها:

- يا نهار أبيض، انا اسفة يا مودة، دا انا كنت بمسكه عشان اشرب منه، معرفش ايه اللي خلاه سقط من إيدي.

- سقط من إيدك، يبقى ينزل على فستانك انتي مش فستانها هي.

خرجت من صبا بحدة أجفلت الأخرى، لدرجة جعلتها تتعلثم في الرد، قبل أن تسعفها مودة بسذاجة أذهلتها:

- مكنش قصدها يا صبا، هي مسكته وهي سرحانة اساسًا أكيد يعني مخدتش بالها.

همت لتقرعها لهذا الرد المستفز ولكن عدي سبقها:

- خلاص يا بنات روحو على حمام المطعم وصلحوه. 

- لا حمام ايه؟ احنا ماشين اساسًا. 

قالتها صبا بحزم وهي تنهض وتلملم اشيائها بعنف لتضعهم في حقيبتها اليدوية، قبل أن توقفها ميرنا:

- لا طبعًا مينفعش الكلام ده، انتي عايزة الناس تضحك عليها ولا ايه؟ تعالي يا ميرنا معايا ع الحمام وانا هتصرف واخليه ينشف بسرعة .

قالتها وهي تسحب الأخرى سريعًا وتتحرك بها، وتصعق صبا بقولها:

- استنينا هنا مع عدي باشا وخلي بالك من حاجتنا واحنا مش هنعوق عليكي. 

بأعين متوسعة تابعت عدوهن السريع ليختفين عن أنظارها في لمح البصر، وهي متسمرة محلها بعدم استيعاب:

- هتفضلي واقفة كدة كتير؟ مينفعش تجري وراهم، واقعد انا ارعي حاجتهم، هيبقى شكلي وحش اوي.

- وانت ايه اللي مقعدك؟ 

ودت ان تبصقها بوجهه ولكن تمالكت لتمسك بزمام أمرها ثم تعود لمقعدها مرة أخرى بجمود ملحوظ جعله يسألها:

- مضايقة ولا متوترة يا صبا؟

- لا مضايقة ولا متوترة، انا بس مستعجلة عشان واعدة ابويا متأخرش عليه، والوقت قرب ع المغربية 

قالتها وهي ترفع طرف كمها لتشكف عن الساعة التي ترتديها، وتلقي نظرة عليها، ثم تنهدت بضيق تكتمه،  فقال عدي مع نظرة متمعنة بها وهذا ما كان يزيد عليها:

- قوليلي يا صبا انتي مستريحة في الشغل عندنا؟

- نعم!

قالتها كسؤال ليرد بابتسامة:

- بسألك عن شغلك، يمكن تفكي شوية لما تتكلمي، انا عدي عزام يا صبا لو تاخدي بالك، يعني مينفعش الموظفة عندي تنفخ وهي قاعدة قصادي في مطعم انا أملكه.

جحظت عينيها بصدمة ومقلتيها تحركت في الأجواء كرد فغل طبيعي ليستطرد بثقة:

- أيوة يا صبا يبقى ملكي، وانا جاي هنا مخصوص بعد ما شوفتك مع البنات، انا عايزك يا صبا.... أنا عايزك تشتغلي معايا.


❈-❈❈


- الجيبة خلصت ولا لسة ؟

هتفت مودة من داخل الغرفة الصغيرة بالحمام النسائي الكبير، لتجيبها الأخرى بنزق وقد كان تركيزها منصبًا نحو الطاولة التي تركتها لعدي كي ينفرد بهذه المحظوظة، وتنحشر هي على مدخل الطرقة الفاصلة، تصطدم بالنساء التي تدخل وتخرج من الحمام، لتعطل هذه الغبية حتى وهي ممسكة بالجيبة، وقد أتت بها الفتاة العاملة وجففتها منذ لحظات.

- ما تتصلي ع البت الساعية بقى يا ميرنا، أنا زهقت، دا غير اني بدأت اقلق، لتكون البت دي عملت فيها حاجة أو حرقتها كمان، عشان تبقى وقعة.

صدر مرة أخرى الصوت المتذمر، لتتجعد ملامح وجهها بسخرية مغمغمة:

- تعمل فيها حاجة! دا على أساس أنها محسوبة لبس اساسًا؟

مصمصمت بامتعاض، قبل أن تتدراك بتذكرها للهاتف، الذي تناولته لترفعه أمامها،  وتبدأ التصوير!


❈-❈❈


- اشتغل معاك فين؟

سألت بحدة تجاوز عنها من اجل الوصول لهدفه، ليتابع بهدوء:

- بغض النظر عن عصبيتك في الرد، بس انا هعديها عشانك، انا طالبك تشتغلي عندي في الشركة، دي الشركة الخاصة بيا بعيد عن المجموعة ولا شركاتي مع كارم ابن اللوا حمدي فخر، هتبقي السكرتيرة لمكتبي،  هتاخدي مبلغ خيالي، دا غير انك هتبقى واجهة للشركة بمنصب متحلمش بيه أي واحدة متخرجة جديد زيك .

برغم النيران التي اشتعلت برأسها ولكنها استطاعت التحكم في انفعالها لتسأله بفضول:

- اشمعنا انا؟

- نعم!

- بسألك يا فندم، اشمعنا انا اللي اخترتني دونًا عن كل الكفاءات الموجودة في الفندق وغير الفندق في املاكك  واملاك الأسرة الكريمة؟ رغم اني خريجة جديدة زي ما قولت؟

- عشان مش عايز غيرك.

ود لو يقولها بصوت واضح لها، أو يدخل في الموضوع مباشرةً، بأنه يريدها، ولو طلبت منه الملاين سوف يعطيها في سبيل الحصول عليها، ولكن لعمله الأكيد لصعوبة الأمر، قال كاذبًا:

- أكيد عشان كفائتك يا صبا، دا غير انك زي ما قولت من شوية واجهة مشرفة.

- كفاءتي دي اللي اتريقت عليها من مدة لما قولت ان مستر شادي مدلعني، وبيقوم بمعظم الشغل عني؟

فاجئته بفطنتها والذاكرة السريعة التي اسعفتها لتقرعه بشجاعة تزيده إعجابًا بها رغم غضبه منها، بابتسامة حقيقية اعتلت قسمات وجهه قال:

- شكلك لسة زعلانة مني، ع العموم يا صبا يعني عشان تعرفي، انا صارم اوي في الشغل ودا طريقتي في الشد على الموظفين، المهم بقى إيه رأيك؟ 

ناظرته بتحدي لتقول بقوة وغير مبالية:

- في الحقيقة يا فندم انا قبل ما اتوظف في الفندق، اتعرض عليا نفس المنصب وفي شركة كبيرة برضوا، فكان ردي، هو نفس اللي هقولهلك دلوقتي، لأ يا باشا، عشان انا اخر همي ان ابقى واجهة.

تجمد أمامها، وبدى بملامحه التي تعقدت أمامها كتمثال بلا حراك، فتابعت بذكاء:

- انا شايفة ان البنات اتأخروا، وبما انك صاحب المطعم، ف انا بطلب منك يا فندم يعني لو تكرمت، ممكن تبعت حد من العمال يستعجلهم، ابويا لو زودت عن كدة في التأخير، مش بعيد يقطع عيشي من الفندق ويرجعني الصعيد عشان يجوزني هناك، يعني دا لو مش هتطردني إنت كمان؟

افحمته بطريقة لم يتوقعها ليجد نفسه يلتف للناحية الأخرى نحو إحدى العاملات مستشيط من الغضب يهدر بإسمها:

- سمر.

انتفضت الفتاة مجفلة حتى انتبه بعض الرواد بجوارها، 

واستطرد عدي بنزق غير ابهًا وهو ينهض عن طاولة عيد الميلاد:

- تعالي شوفي الاَنسة عايزة إيه؟

قالها وخطا ذاهبًا بغضبه، تشيعه صبا بنظرها وبقلبها شعور غير مريح على الإطلاق ينتابها نحو هذا الرجل. 


-❈❈-❈


كنتي فين يا رباب؟

تفاجأت بها وهي تدلف لداخل غرفتها، لتنتبه عليه، وقد كان واقفًا بتحفز واضعًا كفيه داخل جيبي بنطاله داخل الشرفة، وقد بدا أنه ينتظرها منذ مدة من الوقت، كظمت لتكتم صيحة الغضب بوجهه، حتى يخرج صوتها بنبرة تبدوا طبيعية وهي ترفع قبعة من أعلى رأسها، لتلقيها بإهمال، ثم بيدها كانت تفك حزام المعطف الذي كانت ترتديه لتخلعه:

- طب استنى على ما ادخل واخد نفسي حتى يا كارم، كدة على طول.... أسئلة!

بغضب تملكه خطا ليقترب منها قائلًا بتحذير مشددًا على أحرف الكلمات:

- أنا بسألك يا رباب، كنتي فين؟ مشيتي الحارس وخرجتي بعربيتك من غير السواق، عشان ترجعيلي دلوقتي الساعة ٧ الليل !

زفرت لتسقط بجسدها على طرف التخت قائلة بضيق:

- يعني هكون روحت فين يعني؟ اتسوقت شوية مع واحدة صاحبتي، وانا لابسة الكاب عشان اخد حريتي واقضي وقت حلو معاها، وناكل كمان وننبسط.

بتهكم ساخر:

- تاخدي حريتك طبعًا عشان المعجبين، دا على اساس ان انتي نجمة مشهورة وصورك محتلة الشاشات، مش كدة يا بيبي؟

احتقنت لترد بتمالك تحسد عليه رغم الحريق الذي شب بداخلها:

- مش لازم اكون نجمة تمثيل ولا غنا، أنا بلوجر مشهورة برضوا ولا انتي مش عارف عدد متابعيني؟

احتدت عينيه بشراسة يرمقها ورأسه تميل نحوها ليبث بقلبها الرعب بقوله:

- عارف ولا مش عارف، ميت مرة اقولك ما تتحركيش خطوة من غير ما تبلغيني، وحركة انك تمشي الحارس والسواق دي، عشان تمشي لوحدك، متكررش تاني. 

بشجاعة زائفة خرج صوتها تقارعه:

- ما انت بتقول اني مش مشهورة، ايه لزوم الحارس بقى؟

- عشان حراستك.

- لا دا مش عشان حراستي، دا عشان تفضل مراقبني ومغبش عن عينك .

دنى حتى أصبح وجهه لا يفصل عن وجهها سوى سنتيمترات قليلة، بأعين مشتعلة، تلفح أنفاسه الحارقة بشرتها، ليزيد على جزعها بتهديده:

- دا حقيقي، وتاني مرة لو اتكرر منك الفعل ده، ما تلوميش إلا نفسك.

بصق كلماته واستقام بجسده يتركها مغادرًا الغرفة، ليدخل الأكسجين اخيرًا صدرها، وقهر يشل أطرافها عن الحركة، بإحساس بالعجز، وقيوده الحريرية باتت تخنقها.

دوى صوت الهاتف لتتناول وتجيب بدون تركيز:

- الوو...

- ألوو يا ملكة الجمال عاملة ايه؟

سمعت الصوت الذي عرفته مع التكرار، لتتحفز كل خلاياها في الرد عليه بحدة:

- إنت تاني؟ هو انا مش حاظره رقمك وعملتلك بلوك ع الصفحة كمان، بتجيب رقمي منين عشان تكلمني كل شوية من رقم شكل؟

تجاهل عنفها ليجيب بهدوء:

- يا قلبي بلاش تتعصبي وانتي اساسًا جاية تعبانة، بعد ما انهارتي جمب قبر والدك ووالدتك، واتفلقتي من العياط جمبهم.

- يخرب بيتك، دا انت بتراقبني بجد بقى.

صاحت بها وهي تنتفض واقفة بغضب، فما كان منه إلا أن اجابها بهدوء:

- مش مراقبة، سميها مراعية لحبيبة قلبى، ملكة الجمال وحبيبة الملايين.

ختم بصوت قبلة وصلتها قبل أن ينهي المكالمة، وتسقط هي بانهيار لا تدري ما الذي يحدث معها.


❈❈-❈


-- قاعدة لوحدك هنا في الضلمة ليه يا ميسون؟

قالتها نور وهي تخطو نحو مدخل المنزل عائدة من عملها، وقد تفاجأت بالاَخيرة، جالسة بركن مظلم في الحديقة، بعيدًا عن الإضاءة وأعين الحراس والعمال، وباقي اسرتها، رمقتها المذكورة بهدوء لتجيب بلهجته العربية الغير متقنة:

- ولا حاجة، عادي.

- ولا حاجة عادي!

رددتها نور من خلفها لتغير مسارها، متجهة نحوها، لتتناول كرسي وتقربه لتجلس جوارها، فقالت ميسون بفظاظة:

- بتقعدي جمبي ليه؟ انا قولتلك اقعدي .

تقبلت نور لتخفي حرجها بابتسامة قائلة:

- لا يا ستي ما قولتيش، بس انا عزمت نفسي اقعد معاكي، ينفع؟

بتجهم اعتادت عليه، حتى أصبح من السمات الرئيسية بشخصيتها، طالعت نور للحظات صامتة ثم تمتمت بغمغمة وهي تشيح بوجهها:

- خلاص بقى مدام قعدتي.

في وضع اَخر كانت ستضطر نور إلى الإنسحاب بحرج لتتلافاها وتتلافى الجلوس معها، ولكنها لم تقوى على التحرك، ولم يطاوعها قلبها على تركها، وقد تسرب إليها شعور غريب بالإشفاق عليها، رغم هذا الجمود الذي تدعيه، والصلف المعتاد منها دائمًا في التعامل مع الجميع سوى بهيرة شوكت التي تدللها على الدوام، فقالت تخاطبها:

- ميسون هو انتي حد زعلك في حاجة؟

اعتدلت لتواجها بحدة قائلة:

- وانتي بتسألي ليه؟ يهمك اوي تعرفي باللي مزعلني؟

- طبعا يهمني يا ميسون، هو انتي فاكراني جبلة مبحسش؟ او مش هتأثر لزعلك مثلا؟ ليه بقى هو أنا عدوتك؟

قالتها بصدق وصل للأخرى لتتمتم بالرد:

- لا يا نور انتي مش عدوتي، بس كمان مش صاحبتي ولا عمرك هتحسي بيا، عشان مش في مكاني.

طالعتها باستفهام سائلة:

- يعني إيه؟ وضحي يا ميسون.

ردت بصراحة أجفلتها:

- يعني انتي معاكي جوزك اللي بيحبك وبيعشقك، دا غير جمهورك اللي بيعمل مهرجان في أي مكان تروحيه، لكن انا واحدة مسكينة، سيبت بلدي واهلي عشان اتجوز هنا واخلف من واحد ما بيحبنيش، وفي الاخر سايبني كدة، وحدي اربي الولاد، كل يوم اضحك واهزر معاهم عشان اشحت نظرة حب في عيونهم، مش بلاقيها بصدق غير منهم.

تفاجأت، لا بل هي صعقت لقسوة ما تحمله الكلمات التي اردفت بها الأخرى، ابتعلت نور ريقها الذي جف بحرج، لا تعلم بما ترد، تهون عليها او تلوم صراحتها الفجة بأن تحسدها في الشيء الوحيد المتبقي لها، وهو حب زوجها والجمهور، وقد حرمت من نعمة الأطفال التي تتنعم بها هي.

خرج صوتها اَخيرًا بعد تنهيدة مثقلة:

- سامحيني يا ميسون لو مقصرة معاكي، انتي عارفة بقى الشغل اَخد كل وقتي، بس كنت عايزة اقولك على حاجة، انا الدنيا مش حلوة معايا كدة زي ما انتي شايفاها، بس كمان هعذرك.....

صمتت برهة ثم تابعت:

- انا متأكدة ان في نقطة وصل بينك وبين عدي، أكيد لو حاولتوا انتوا الاتنين هتلاقوها، وترجع المية لمجاريها، يعني ما تنتظريش انه يجي لوحده، لازم انتي كمان تحاولي.....، عن إذنك 

قالتها ونهضت لتذهب دون انتظار رد؛ تعلم بقرارة نفسها أنه لن يعجبها، لعلمها الأكيد بشخصية ميسون المتعالية عن النصيحة.


❈❈-❈


على مدخل غرفة نومه، كانت واقفة لمدة من الوقت تراقب شروده بابتسامة حالمة، تعلم أنه يفكر بها، هو ابنها الذي تفهمه أكثر من نفسه، وتحفظ خطوط وجهه والتعابير التي ترمز بها لكل انفعالاته، إن كان بالفرح او الحزن او العشق، كما تراها الاَن وبكل وضوح، طرقت بخفة على الباب ليشعر بها اخيرًا ويعتدل بجلستة على الفراش منتبهًا لها وهي تتقدم بخطواتها حتى جلست بجواره قائلة:

- عامل ايه يا بشمهندس؟

تناول الطبق الذي كانت تحمله بيدها وقد سهت عن تقديمه في غمرة شرودها به، ليقول بابتهاج:

- زي الفل يا ست الكل، بس ايه الجمال ده.

قالها ليتناول بالملعقة منه قائلًا بتلذذ:

- الله يا ماما، حلو اوي الرز باللبن ده، عملتيه ازاي؟

تبسمت بمرح تجيبه:

- دا طريقة جديدة، عملتها بوصفة من الست أنيسة، مش معقولة بجد الست دي، استاذة حقيقي في الحلويات. 

- لا دي تستاهل جايزة بقى، مدام عرفتك تعملي بالطريقة اللي تجنن دي.

قالها حسن وهو مندمج في اسقاط ملاعق الحلو داخل فمه بنهم، لتغزوا ابتسامة سعيدة وجه مجيدة قائلة:

- شهد برضوا قالت حاجة زي كدة، دا باين القلوب عند بعضها.

توقف ليردد خلفها باستفسار سائلًا:

- شهد قالت كدة؟ ازاي يعني؟

طالعته بمكر قائلة:

- وانت لازم تعرف باللي قالته بالظبط؟ اهي قالت زي ما قالت حاجات كتير معايا، ما انت عارف انا قضيت معاهم نص النهار، والست أنيسة الله يباركلها، مكانتش عايزة تسيبني. 

لوك بفمه ليعود للطبق بعدم تركيز يتلاعب بالملعقة، فقالت تلاعبه:

- تحب اعرفك قالت إيه؟

- ايه؟

- مش هقولك.

قالتها لتطلق ضحكة مدوية، بتسلية لهيئته الحانقة بغيظ من فعلها، وتابعت بمناكفته:

- ما انت لو تطلع إللي في قلبك وتقول الصراحة، انا كمان هتكلم وقول حكاوي.

هذه المرة لم ينفعل أو يغضب، بل طالعها صامتًا لعدة لحظات بتفكير قبل أن يجيبها:

- طب لو قولتلك اني موافق على عرضك، هتعرفي تتصرفي؟

- عرض إيه؟

سألته متناسية، ليقول على الفور:

- انا فعلا عايز اتجوز شهد، بس بصراحة مش عارف ادخلها ازاي؟ 

هللت بفرح مرددة :

- يا صلاة النبي احسن، يا صلاة النبي، أيوة كدة خليني افرح.

هتف بها حازمًا يوقفها:

- يا ماما بقولك مش عارف ادخلها ازاي؟ يعني لازم اعرف مشاعرها ناحيتي الأول، وانها ممكن توافق ع الارتباط ولا لا؟ ولا انتي نسيتي ظروفها واللي بتمر بيه مع اخواتها وعيلتها؟

باستدراك متأخر فهمت مجيدة قصده، لتخبو ابتسامتها، مرددة بحيرة:

- اه صحيح دا انت عندك حق....... مكدبش عليك انا كان كل همي عليك انت والحلوف التاني اخوك...... نسيت أمر البنات نفسهم...... دا كدة عايزة تخطيط من أول وجديد .


يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر (بنت الجنوب) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة