رواية جديدة وبها متيم أنا لأمل نصر - الفصل 18 الجزء1
قراءة رواية وبها متيم أنا كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية وبها متيم أنا
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الثامن عشر
الجزء الأول
خرجت مجيدة من غرفتها بعد أن أدت فرضها، لتخلع عنها إسدال الصلاة، وتذهب نحو غرفة حسن لتوقظه على ميعاد عمله، قبل أن تعد وجبة افطاره، دلفت الغرفة لتفتح الستار عن النافذة ويدخل الضوء الغرفة وهي تردد بنغمة معتادة منها:
- قوم يا حسن، يا حسن قوم بقى عشان تحصل شغلك في المصلحة، يا بشمهندس قوم وارحمني من اسطوانة كل يوم .
جلست على طرف الفراش لتتابع بهزهزته بيدها :
- يا بني اصحى عايزة اللحق احضر الفطار، يا واد ما تقوم، امتى بقى اترحم من خلقتك والاقي اللي تشيل عني.
تمتم لها بصوت ناعس:
- كل يوم على نفس الكلام، طب ما تغيري مرة حتى.
هتفت بتذمر:
- ويا ريته بيجيب نتيجة، والبعيد جبلة مبيحسش، لا هو مش واحد صح، دول اتنين، أنا عندي اتنين جبلات
اعتدل يواجها بعينيه ويرد بابتسامة جميلة تعتلي ملامحه:
- طب ما تزودي في الدعا يا ست الكل، مش يمكن تكوني مقصرة فيها دي؟
- أكتر من كدة.
هتفت بها لتتابع بانفعال:
- يا خويا دا انا إيدي اتختلت من كتر ما برفعها لسما، مش انا اللي مقصرة، دا انتو اللي تنحين.
ردد حسن ضاحكًا خلفها وهي يستقيم ليجلس بجذعه مقابلها:
- تنحين! جبتيه منين اللفظ دا يا ماما؟
- دا أبداع يا حبيبي وبيطلع لوحده، مش محتاجة ادور .
ضحك حسن ليقترب منها ويقبل خدها المكتنز، ليقول بمرح:
- حبيبتي يا مجيدة، عروسة ايه دي اللي تحل محلك؟
مسحت بإبهامها على مكان القبلة تقول باستياء مصطنع لتخفي ابتهاجها من فعله:
- حبتك العافية يا خويا، المهم.
قطعت لتكمل بارتباك:
- يعني مردتش على كلامي من امبارح.
- كلام ايه؟
سألها مستهبلًا لتناظره بضيق قائلة:
- انت هتعمل فيها فاقد الذاكرة يا ولا؟
أطلق ضحكة مجلجلة ليقول:
- لا يا ست الكل منستش أكيد بس.....
- بس إيه؟ ما تكمل.
- بصراحة يا ماما مش عارف اجيبها ازاي؟ بس انا في المرات السابقة كنت بروح معاكي لبيت العروسة واحضر القعدة بقلب مليان، حصل نصيب تمام محصلش مش فارقة، لكن في موضوع شهد.....
بدا عليه الاضطراب واحمرار طفيف غزا عدة مناطق بوجهه، ليجيبها بحرج:
- حاسس ان الموضوع المرة دي هاممني يا ماما، هتقوليلي يعني ايه، هقولك معرفش.
تبسمت مجيدة تطالعه بمكر قائلة:
- إنت انوي بس وربنا يعدلها .
قال بانفعال:
- طيب ولو رفضتني؟
زاد المرح بداخلها لرؤية القلق الظاهر بوضوح على ملامحه، فقالت بابتسامة متوسعة:
- ما انا قولتلك ربنا يعدلها، قرر بس انت وسيب الباقي عليا.
- اقرر ازاي يا ماما؟ وهي حتى التليفون مبترودش عليه من امبارح.
- ليه يعني؟
سألته بتوجس ليهتف بغضب:
- انا قلبي مش مطمن يا ماما، خايف ليكون الزفت خطيب اختها زودها معاها.
انتقل القلق إليها لتنهض من جواره قائلة:
- طب انا هروح اجرب واكلمها من تليفوني، يمكن ترد عليا .
اومأ لها برأسه، وتحركت هي مغادرة الغرفة ليتنهد بثقل ورأسه عادت للأفكار المتزاحمة بها منذ الأمس، ليتناول هاتفه ويرى الساعة به، ثم ينهض حتى يذهب لعمله، تناول منشفة وخرج متجهًا إلى الحمام ولكن وقبل أن يصل إليه، وصله صوت والدته وهي تتحدث في الهاتف:
- يعني هي دلوقتي عندك يا لينا؟........ طب وكويسة ولا لسة تعبانة؟...... يا حبيبتي يا بنتي........ خلاص انا جاية اشوفها، لو والدتك تسمحلي يعني؟........ تمام يا حبيبتي ربنا يخليكي.
انهت لتستدير نحو حسن الذي شعرت بوجوده خلفها، لتجده يسألها بوجه انسحبت منه الدماء:
- انتو كنتو بيتكلموا على شهد يا ماما؟ إيه اللي حصل لشهد؟
❈-❈❈
- مبتروديش عليا ليه يا بت؟
تفوهت بها صبا بوجه حازم فور أن فتحت لها مودة باب منزلها، والتي استقبلتها قائلة بلوم:
- كدا على طول، طب ارمي السلام الأول.
قالتها وتراجعت للداخل، دلفت خلفها صبا لتصفق الباب بعنف قائلة:
- لا اسم الله عليكي، وانتي بتفهمي أوي في الزوق،
التفت مودة تحدجها بغضب، فتابعت صبا بعدم اكتراث:
- افردي بوزك يا بت، دا انا جيالك بيتك ولحد عندك كمان، دا وش تقابليني بيه؟
- أمال عايزاني اقابلك ازاي يعني؟ اضحك وانا زعلانة، طب ازاي اعملها دي؟
تهكمت صبا تقارعها:
- لا يا أختي متضحكيش، ارقصي، زي ما كنتي مقضياها اول امبارح.
صاحت بها بحنق:
- ومالوا يا حبيبتي لما ارقص واهيص، ولا انتي كنتي عايزاني اتقهر بحسرتي، بعد ما صاحبتي نسيتني عشان رئيسها واخته.
- مين هي اللي نسيتك؟
تمتمت بها صبا تزفر بضيق، لتحاول التحلي ببعض التريث معها حتى لا تزيد الموقف سوءًا بانفعالها، فقالت :
- هو انتي عايزة تشيلي مني وخلاص! يا بنتي والله ما كنت هتحرك من غيرك، ليه مش راضية تصدجي، ان حضوري الحفلة مكنش في بالي ولا كنت متوقعاه أصلًا، دي حاجة كدة جات فجاءة.
تكتفت بذراعيها تردد بعدم تصديق:
- جات فجأة برضوا؟ عليا انا الكلام ده يا صبا؟.
- ايوة يا اختي حصلت وجات فجأة، زي ما اتفاجئت بيكي وبعمايلك في الحفلة.
هتفت بها مودة باستنكار:
- ومالها يا حبيبتي عمايلي؟ لو ع الرقص، فدا شيء عادي، كل الناس كانت بترقص مع عمر
بابتسامة شاكستها مرددة:
- ويعني كل الناس لازم تلبس قصير وهي بترقص على أغاني عمر؟
استشاطت مودة من الغضب لتهتف بها مستنكرة:
- جاية تصالحيني ولا تقطميني يا ست صبا، مستكترة عليا اعيش ليلة من نفسي.
صمتت صبا قليلًا تطالعها بيأس، ثم ما لبثت أن تخاطبها ناصحة ببعض اللطف:
- لا يا مودة، انا عمري ما هستكتر عليكي فرح، أو تعيشي زي ما بتقولي من نفسك، انا بس بلفت نظرك عشان تفتكري وتاخدك الموجة في حتة بعيدة متعرفيش تعومي ولا تقدفي فيها..... وساعتها تغرقي.
كلماتها على الرغم من رقتها، لكنها زادت من اشتعال الأخرى، وعقلها يرفض دور الحكمة والوصاية منها، فقالت بنزق:
- متشكرين أوي على نصايحك يا ست صبا، أنا برضوا فيا عقل أميز بيه، ليا عين تشوف، مش عمية وبطبش.
مطت بشفتيها صبا متمتمة:
- والله دا اللي بتمناه، وربنا يحفظك من كل سوء، المهم بقى خلينا نقفل على كدة واخلصي غيري هدومك بقى، اتوبيس الشغل على وصول.
بوجه عابس تحركت نحو غرفتها مغمغمة:
- هغير العباية واجهز نفسي، استنيني على ما اخلص.
دلفت مودة لتدلف بإحدى الغرف وخطت صبا لتجلس على الاَريكة الخشبية لانتظار الأخرى، تتأمل المنزل المتشقق الجدران، مساحة الصالة أو المدخل بمعنى أصح، صغيرة ولا تصلح لعدد كبير من الأفراد، الأثاث القليل بألوانه الباهتة لقدمه، منزل محكم ومحدد حتى أن المطبخ كان يظهر أمامها بوضوح من خلف الستارة القماشية الصغيرة المعلقة لتغطي الطرقة المؤدية إليه مع الحمام الذي انفتح بابه الخشبي، لتخرج منه المرأة العجوز جدتها، وقعت أنظارها على صبا، لتخطو بتمايل في سيرها وهي ترتدي جلباب مهترئ كالعادة، وتقترب منها مضيقة عينيها ذات الزوايا المجعدة، حتى دنت برأسها نحو صبا، لتثير بقلبها الرعب قائلة:
- انتي مين يا حلوة؟
ابتعلت صبا ريقها لتردف بنفس الإجابة على نفس السؤال المكرر في كل مرة تلج بها في هذا المنزل:
- أنا صبا، بنت الحج ابو ليلة، ساكنة في الشارع اللي وراكم يا حجة.
- أممم.
زامت بها وهي تومئ بهز رأسها وكأنها فهمت لتعيد بسؤالها الاَخر:
- وجاية هنا لمين بقى؟
- جايالي أنا يا ستي.
هتفت بها مودة وهي تصفق باب غرفتها وقد بدلت ملابسها، لتقترب سريعًا وتتناول كف صبا التي حمدت ربها برؤيتها، كي تهرب من أمام هذه المرأة المريبة، فسحبتها الأخرى للذهاب مرددة:
- الأكل عندك في التلاجة يا ستي، لو اتأخرت سخني لنفسك أو كلي حتة جبنة واستنيني على ما ارجع من شغلي.
ظلت المرأة على حالها دون صوت وخرجت صبا مع مودة المعتادة على هذا الفعل من المرأة لتخاطبها قاطبة:
- هي ستك دي مفيش مرة ترحمني من سؤالها؟
بابتسامة جافة ردت الأخرى:
- مش لما ترحمني انا الأول، دي طول الوقت بتعمل نفسها مش فاكراني، مع انها تعرف ميعاد القبض كويس قوي، وعمرها ما تنسى هي حاطة فلوسها فين؟
سمعت منها صبا لتتمتم بأسى:
- معلش يا مودة، هي الستات الكبيرة كدة، ربنا يرزقك بابن الحلال اللي يعوضك.
بابتسامة ساخرة قالت مودة:
- وابن الحلال ده هيجوزني وياخدني كدة بطولي من غير جهاز، اقولك عشان مبقاش متشائمة، ربنا كريم .
- ربنا كريم فعلا يا مودة.
تمتمت بها صبا بصدق، رغم علمها ان مودة تردف بها بيأس لا تلومها عليه.
❈-❈-❈
وقفت أمام الشقة المقصودة لتعود بسؤاله:
- إنت متأكد إن هي دي شقتهم يا حسن؟
سمع منها ليرد وهو يتابع بخطواته حتى توقف ليضغط بإبهامه على الجرس:
- على حسب ما قالي البواب، يبقى هو دا البيت وع العموم ادينا بنسأل.
انتظرت مجيدة قليلًا مع ضغط ابنها على الجرس، حتى فتحت لها امرأة شقراء محجبة تستقبلهم بنظرة متسائلة:
على الفور خاطبتها مجيدة وقد حدثها قلبها بهوية المرأة مع هذا الشبه الواضح :
- حضرتك والدة لينا؟
قطبت أنيسة تقول بترحاب رغم استغرابها:
- اه صحيح أنا والدة لينا، اتفضلوا حضراتكم الأول.
تزحزت أنيسة عن مدخل الباب، لتدلف مجيدة وخلفها كان حسن الذي قال للمرأة باعتذار:
- احنا أسفين لو اقتحمنا عليكي يا مدام من غير استئذان، بس احنا بصراحة كنا عايزين نطمن على شهد بعد اللي سمعناه من لينا .
اومأت لهما المرأة بتفهم تقول وهو تدعوهم:
- اتفضلوا حضراتكم الأول بس واستريحوا، وانا هندها حالا تقابلكم وتطمنكم ان شاءالله.
هيئة المرأة السمحة وكلماتها الرقيقة وضعت في قلب مجيدة بعض الراحة، لتجلس وتنتظر مع ابنها، بعد ذهاب انيسة، لتخرج إليهما بعد ذلك، بصحبة لينا التي تقدمت تستقبلهم بمودة:
- اهلا يا طنت مجيدة، اهلا يا استاذ حسن.
التفت موجهة الكلام لوالدتها:
- دا البشمهندس حسن اللي بيشتغل مع شهد يا ماما، ودي الست مجيدة والدته، يعني مش اغراب.
اومأت المرأة بابتسامة ترحب:
- يا أهلا بيكم، تشرفنا يا بشمهندس، شرفتي يا مدام .
اومأ لها الاثنان فتابعت لينا:
- أنا اسفة ان كنت خضيتكم بكلامي وخليتكم تيجوا على ملا وشكم.
- يا بنتي ولزوموا ايه الاعتذار بس؟ دا احنا اللي كنا متصلين اساسا، اصلها كمان مبترودش من امبارح .
قالتها مجيدة بقلق، وردت لينا:
- ما هو التليفون كان معايا، وانا بصراحة عملاه صامت ومبرودش على حد، غير بس نمرتك هي اللي رديت عليها، ونمرة عبد الرحيم المساعد بتاعها كمان؟
- ليه دا كله؟ ايه اللي حصل لشهد طمنينا الله يخليكي.
هتف بها حسن يقاطعهن بقلق يعصف به، فجاء الرد من أنيسة:
- اطمن يا بني خير ان شاء الله، هي بس مقدرتش تتحمل بعد خروجها من المستشفى، راسها الناشفة مع انفعالها الشديد وعدم الراحة، كلها حاجات اتفقوا عليها.
قال حسن بتوجس:
- مقدرتش تتحمل ايه؟ هي حصل معاها مشكلة ولا اتخانقنت، هي أكيد اتخانقنت صح؟
ردت لينا تجيبه بملامح اعتلاها الحزن والقلق:
- هي فعلا اتخانقت بس المرة دي الخناقة كانت شديدة شوية ف..... تعبت.... تعبت اوي.
كلماتها المتقطعة المبهمة في معناها، زادت من توجسه، زادت من خوف عليها ينهش به، وخرج سؤاله بريبة:
- يعني إيه تعبت أوي؟ وهي ليه قاعدة عندك مش في بيتها.
تدخلت أنيسة تجيبه:
- هي هنا بناءًا على رغبتها يا بني، شهد هي اللي اتصلت بلينا عشان تجيبها، ما هو بيتها برضوا، دي متربية مع بنتي، أينعم ميجمعش ما بينهم غير الصداقة، بس والله في نفس غلاوتها، تحبوا تشربوا ايه بقى؟
قالت الأخيرة وهي تنهض عن مقعدها، فرد حسن بعصبية غلبت حكمته:
- مش عايزين نشرب حاجة، خلونا نطمن عليها بس الله يخليكم.
أجفلت أنيسة تناظره باستغراب جعل مجيدة تصلح:
- دا لو مايضايكمش يعني، أكيد انتوا متفهمين رغبتنا.
ردت لينا بلطف وهي تتناول هاتفها من فوق الطاولة المجاورة لها.
- أكيد يا طنت طبعا، انا هكلم رؤى تشوفها صاحية ولا نايمة، اصلها كانت واخدة مهدئ شديد.
- هي رؤى كمان معاها؟
غمغمت بها مجيدة كسؤال، وردت لينا على عجالة وهي تتصل بالأخرى:
- أيوة يا طنت ما هي ملازماها من إمبارح، ما سابتهاش ولا لحظة.
❈-❈❈
- عاجبك كدة يا محروس؟ عاجبك كدة يا ام المحروس؟ سيرتنا بقت على كل لسان يا ولاد الكلب.
هتف بها عابد الورداني غاضبًا نحو زوجته سميرة الملتصقة في مقعدها بخوف من هيئته، وابنه ابراهيم الذي قلب عينيه يقول بسأم:
- وانا عملت ايه يعني لدا كله، هي بلاوي بتتحدف عليا وخلاص.
- هي إيه اللي بلاوي ياد.؟
صاح بها عابد بانفعال حتى أن جسده الضخم كان يهتز معه وهو يتابع برغبة تدفعه للنهوض وصفع هذا الغبي بكفين على وجهه:
- بقى تتهجم على البت في بيتها وتخلي الحارة كلها تشوف خيبتك وانت بتجري زي الفار ، ولسة كمان عندك عين تنكر؟
دافع ابراهيم ينكر بالكذب:
- بقولك معملتش حاجة، كل اللي حصل هو اني اتعصبت على البت شهد، عشان مدخلة راجل غريب البيت عندهم، وانا اللي اسمي خطيب اختها وابن خالتها، قاطعة رجلي من البيت، يرضي مين الكلام ده يعني؟ انا راجل دمي حر.
ضحكة ساخرة اطلقها عابد ليزيد من استفزاز الاَخر بقوله:
- وانت اسم النبي حارسك وصاينك، دمك حر اوي، روحت بعبطك عملت الشويتين بتوعك، عشان تفرد عضلاتك على شهد، قامت العيلة الصغيرة مصرخة ولامة عليك أمة لا اله الله، وبقت فضيحة وجرسة في الحارة كلها على شرفك.
- عشان بت قليلة أدب.
- هي برضوا اللي قليلة أدب؟ ولا انت اللي خرونج ومهزق؟
سبابه المستمر ونعته بهذه الأوصاف القوية، زاد من حريق نفسه الهائج من الأساس ، لكل ما يخص شهد، عقدته الأساسية بها، هي وحدها، ولا يوجد من النساء غيرها.
تدخلت سميرة تقول بتردد:
- ما تسمع لابنك يا عابد من غير شتيمة، أنا اتصلت بنرجس، وهي قالتلي ان ابراهيم حضر القعدة مع الضيوف بكل أدب، الخناقة دبت ما بينهم بس لما نصحها، عشان سمعة البيت وبنات خالته، رؤى المجنونة بقى، هي اللي كبرت الموضوع بصريخها، وهي يدوب مشادة كلامية زي ما بيقولوا في التليفزيون.
ردد خلفها باستنكار؛
- بيقولوا في التليفزيون! عشان بس لما اقولك ان مفيش حد. بوظ الواد ده غير دلعك، متبقيش تراجعيني، ابنك الغلط راكبه من ساسه لراسه، الحارة كلها بتدعي عليه، بعد ما شافوا شهد وصاحبتها واختها بيسندوها، بعد ما وقعت من طولها ساعة الخناقة، انا وشي بقى في الأرض، كل اما حد يكلمني، ببقى مش عارف ابرر بإيه؟ طول عمره مسود وشي قدام القريب والغريب، لكن انه يجي ع الحريم وفي بيتهم كمان، دي اللي فرطت وعدت، وتنقص من قيمتي انا قدام الرجالة الكبارات اللي زيي.
سأله ابراهيم بحدة وتهكم:
- يعني إيه؟ وضح يا كببر.
- يعني الوضع لازم يتصلح، وابيض وشي قدام الناس.
هذه المرة خرج السؤال من سميرة التي ذهب ظنها لفسخ الخطبة:
- قصدك يسيب البت يا حج؟
- لا يا ختي مش يسيب البت، ابنك لازم يعتذر لشهد .
- ننننتعم.
صرخ بها هائجًا كالثور، يدفع مقعده الذي نهض عنه، بقوة، اوقعته أرضًا ليتابع مرددًا بغل:
- دا على جثتي، على جثتي ان اعتذر للمحروسة، فاهم يابا على جثتي.
أنهى وخرج بغضبه من المنزل تتبعه شياطينه، ليردد عابد في اثره، طب لما اشوف كلمة مين اللي هتمشي فينا يا حيلتها؟!