-->

رواية جديدة وبها متيم أنا لأمل نصر - الفصل 19 - 2

 

 قراءة رواية وبها متيم أنا كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية وبها متيم أنا

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر



الفصل التاسع عشر

الجزء الثاني

عودة للصفحة السابقة


بعصبية كانت تعدو بخطواتها ليصدر كعب حذائها صوتًا مألوفًا، يلفت الأنظار إليها بملابسها الافتة اصلاً، بضيق قميصها في الأعلى وقصر الجيبة في الأسفل، ولكنها اليوم لم تكن مهتمة، بل لا يعنيها الرجال في أي شيء، وهي مهددة في عملها والأهم من ذلك، هو ابتعادها عنه بعد أن لفظها بعنف رابطًا عودتها إليه بالوصول إلى هذه الفتاة، تبًا لها، لقد أصبحت تكرهها أكثر من أي شي، ألا يكفي صورتها البراقة وحظها المضاعف من الدلال والجمال ورعاية الأسرة المحافظة لها، لتكون بهذا الغرور تناظرها من علو ، وكأنها الصفحة البيضاء والتي تخشى على نفسها التلوث بالاقتراب منها.

توقفت فجأة بأعين الصقر، وقد رأت غريمتها من زجاج الكافتيريا، جالسة مع الأخرى صديقتها، يحتسين المشروبات الساخنة. 

بدون تفكير أو تردد اقتحمت وتقدمت حتى وصلت إليهن تلقي التحية:

- صباح الخير يا بنات ممكن اقعد.

قالتها وجلست دون انتظار الإذن، تقبلت مودة تجيبها بمرح:

- أهلًا بيكي يا ميرنا طبعًا اقعدي .

عقبت صبا متهكمة:

- تقعد فين تاني؟ ما هي قعدت يا ست مودة؟

- لدرجادي انتي مضايقة من وجودي يا صبا؟ انا واحدة ست عادية على فكرة، مش راجل عشان تكشي ولا تخافي منه، وبرضوا لو مضايقك وجودي؟ حالا هقوم .

قالتها وهي تنهض بمسكنة اثرت بصبا مع هذه النظرة الائمة في أعين مودة، فقالت ملطفة:

- خلاص يا ميرنا، موصلتش للدرجادي، اقعدي بقى.

سمعت الأخيرة لتعاود الجلوس بأعين مترقرقة بالدموع، اجفلت صبا ومودة التي قالت بلهفة:

- ليه البكا يا ميرنا؟ 

رمقتها بحزن لتنقل بانظارها نحو صبا قائلة:

- أصل صبا بتبصلي نفس النظرة اللي بشوفها في عيون ناس كتير، بيفتكروني ساهلة او واحدة مش كويسة عشان متحررة في لبسي حبتين.

قالت مودة بدفاعية:

- لا يا ميرنا متقوليش على نفسك الكلام ده، صبا أكيد متقصدتش كدة والناس اساسًا ما بتسيبش حد في حالها

صمتت صبا تطالعها بريبة وعدم فهم، لتردف ميرنا:

- اتكلمي عن نفسك يا مودة لأن صبا شكلها بيقول غير اللي انتي بتقوليه خالص. 

هزت كتفيها الاَخيرة بحرج لتجيب وهي تتناول كوبها وتدعي الانشغال في الارتشاف منه:

- أنا طبعا مقصدتش، وحكاية القبول دي من عند ربنا، بس حتى لو كان يعني، من المؤكد انك بتبكي لسبب يخصك، أنا مليش دخل بيه.

إجابتها العفوية كانت من الذكاء لتوقف ميرنا عن تصنع البكاء، لتبحث سريعًا عن رد اَخر، والذي لم تغلب فيه.

- انتي عندك حق يا صبا، انتي مش السبب الحقيقي ولا حتى نظرة الناس اللي قولت عليها، دي كلها حاجات ورا السبب الحقيقي، أنا اللي واجعني هو الوحدة، يمكن مودة مقالتلكيش، انا يتيمة الاب والام، وخالي اللي رباني في بيته، رفع ايديه عني اول اما اتجوزت، ولما جوازي فشل واطلقت مرديش يرجعني لبيته، دا طردني كمان، وحظي القليل خلاني اطلق حتى في جوازتي التانية، عشان اقعد بطولي في شقة طويلة عريضة، محدش بيسأل عليا، ولما أتعب محدش يحس بيا، ولما اموت برضوا محدش هيعرف بموتي.....

ختمت ببكاء خرج هذه المرة حقيقيًا، فبدون أن تقصد، وجدت نفسها تصف حالتها بالفعل

ظهرت الشفقة على وجه الفتيات، وربتت مودة على كفها بدعم، أما صبا التي طالعتها لأول مرة ببعض التفهم، فهي ليست بحجر حتى لا يؤلمها كلام المرأة، حتى لو كانت بهذه الهيئة التي تصنفها داخلها بالابتذال، فربما هذه الهيئة تعوض النقص بداخلها، نقص الاهتمام بلفت النظر إليها، فقالت برقة:

- خلاص يا ميرنا، انا أسفة لو كنت جرحتك بأسلوبي الناشف، بس دي طبيعتي، تقدري تقولي عليا دبش في كلامي واسألي مودة.

سمعت الاخيرة لتهتف بحماس:

- دا صحيح يا ميرنا والله، البت دي ياما ادتني على دماغي، اصلها صعيدية وطبعها زي السيف قاطع من غير رحمة.

عقبت صبا بدهشة:

- أنا برضوا معنديش رحمة؟ الله يسامحك. 

ضحكت مودة بعفوية جعلت صبا تتغاضى عن وصفها، أما ميرنا فعلى الرغم من شعور الانتشاء الذي اكتنفها وقت الاعتذار، إلا أنه قد تلاشي سريعًا عقب كلمات مودة، فقالت لتستغل هذه اللحظة سريعًا:

- طب مدام اتصالحنا واتفاهمنا خلاص، ياريت تجبروا بخاطري وتحتفلوا معايا..... اصل انا النهاردة عيد ميلادي، وكان نفسي اقضيها ولو مرة واحدة مع حد .

هللت مودة لتهتف بمرح:

- ودي فيها كلام، دا احنا هنحتفل معاكي ونخليها ليلة تحلفي بيها العمر كله، جهزي نفسك انتي بتورتة كبيرة، وزيني البيت بالبلالين......

استني عندك يا مودة، بيت ايه؟ أنا مبروحش بيوت حد.

هتفت بها صبا مقاطعة بحزم جعلها تبتلع الباقي من كلماتها، وجاء الرد من الأخرى:

- انتي مش عايزة تيجي صبا؟...... براحتك.

قالتها لتطرق رأسها بمسكنة، كتمت صبا زفرة الحنق بداخلها، ثم لترد مصححة:

- انا مقولتش اني مش عايزة احضر، بس انا مواعيدي بحساب، وخطوتي بحساب، يمكن لو في مكان عام..

- يعني هتحتفلي معانا لو في مكان عام؟

صمتت قليلًا بتفكير وقد أجفلها سرعة الرد، لتومئ بهز رأسها، قائلة:

- أيوة بس بصراحة لو بعد المغرب يبقى انسي، دا من رابع المستحيلات عند ابويا الخروج لوحدي في الوقت ده.

عضت ميرنا باطن خدها لتكتم غيظها، وهذه الملعونة لا تكف عن إضافة الشروط التعجيزبة لتيأس منها، بعد أن وصلت أخيرًا لنقطة من التفاهم معها، وهي ابدا لن تتراجع للخلف:

- خلاص يا صبا، نخليها بعد الشغل وفي مطعم قريب من هنا، واهو يبقى احتفال وخلاص،  المهم الذكرة 


❈-❈-❈


عادت اَخيرًا للحارة التي تقطن بها ، عادت بعد أن اطمئنت، لتلج بداخل المبنى، تتلقي تحية الجيران وأسئلتهم عن شقيقتها، فغياب يومين اثار الشكوك والقلق على صحتها، مع هذا الصمت والردود المبهمة من والدتها وأمنية أيضًا، ببشاشة وتسامح كانت تجيب الجميع وتطمئنهم، حتى وصلت إلى المنزل،  لتفاجأ به،

بوسط المنزل كان جالسًا بحرية واضعًا قدم فوق الأخرى، وقد أتى اليوم قاصدًا بتحدي للجميع، مواجهًا نظرات الاستنكار والغمز واللمزات من الجيران خلف ظهره، مستغلًا لهفة الأخرى لزيارته، وضعف خالته في الاعتراض:

- انت بتعمل إيه هنا؟

سالته بشجاعة غير اَبهة بالنظرة النارية التي رمقها بها فور دلوفها المنزل، وجاء الرد من أمنية:

- طب ارمي السلام الأول، بدل ما انتي داخلة أفش كدة، تتحفينا بالدبش بتاعك، وانتي غايبة ليلتين عن البيت.

وكأنه الهواء مر بجوار اذنها ولم تشعر به، تابعت رؤى للآخر ، بتجاهل تام لشقيقتها:

- انا بسألك، جاي بيتنا ليه؟ لسة لك عين بعد الفضيحة تدخل البيت ومن غير صحابه كمان؟

إلى هنا وانتفض هاتفًا بغضب نحوها:

- صحابه مين يا بت؟ هي امك ولا اختك دي مش من صحابه؟ ولا هي المحروسة عملالك غسيل مخ، ومفهماكي انكم ضيوف؟ طبعا ما انتو هبل وتستاهلوا الضحك عليكم.

بغضب عاصف صاحت أمنية:

- مين هما اللي يضحك عليهم؟ ايه اللي انت بتقوله دا يا ابراهيم؟ وانتي يا بت انتي لمي نفسك احسنلك. 

ردت هذه المرة رؤى لتواجهها بندية غير متكافئة على الإطلاق بهذا الفرق الشاسع بين الجسدين، في الطول والوزن :

- والم نفسي ليه؟ مش لما تلميها انتي الاول، بقى بعد الفضايح وكل اللي حصل لاختك، توصل بيكي البجاحة، تدخليه البيت وتحطليه الكيك والساقع كمان، طب كنتي اسألي عن اختك التعبانة أولى، ولا هو غاب القط العب يا فار.

- فار في عينك قليلة الأدب 

صرخت بها إمنيه لتخرج والدتها إليهم سريعًا تقول بلهفة وارتباك:

- ايه اللي بتقوليه دا بس يا رؤى؟ ابن خالتك جه يسأل ويطمن، ودول مخطوبين ومش لوحدهم، انا قاعدة في المطبخ جوا بحضر الغدا.

ردت رؤى باستهجان وقنوط:

- يعني انتي كمان بتحضريلوا الغدا، انا خلاص معدتش باستغربك يا ماما، بس كان عندي أمل انك تراعي حتى نظرة الناس ولا كلامهم بعد اللي حصل.

- واللي حصل دا كان بسبب مين؟ مش بسببك.

هتف بها ابراهيم ليتابع كازًا على أسنانه:

- لو في فضايح يبقى انتي السبب فيها، انا كنت بدافع عن سمعتكم، وحقكم من اللي أكلاه منكم، لكن انتي اللي لميتي الجيران بصويتك.

قالت رؤى بنظرة كاشفة وبسخرية صريحة:

- وانت بقى يا عم إبراهيم اللي هتدافع عن حقنا ولا سمعتنا، إنت يا ابراهيم؟ 

استشاط الاَخير غضبًا، يخرج دخان حارق من أذنيه ومن فتحتي منخاره يود القفز بكفيه على رقبة هذه الصغيرة او تلقينها بالضرب درسها لن تنساه عقابًا للاستهزاء منه، وهي الصورة المصغرة من غريمته، فتدخلت أمنية بحمائية عنه تدافع:

- ابراهيم مكدبش لما قال عنك قليلة التربية، انتي فعلا عايزة تربية من أول وجديد، ولو ما لميتي نفسك دلوقتي حالا، لعملها واكسب ثواب تربيتك .

قالت الأخيرة وهي تشمر أكمام ذراعيها الغليظان بتهديد أثار ابتسامة متسلية على ثغر رؤى، برد فعل غير مبالي، حتى صاحت والدتها بتوبيخ:

- عيب عليكم يا بنات، احنا مش ناقصين فضايح اكتر من كدة، لموها بقى.

بعدم اكتراث لتزيد من غيظهم بفعل طفولي، تحركت رؤى متمتمة:

- انا داخلة اوضتي اجيبلي هدمتين عشان ارجع تاني عند اختي حبيبتي، عند لينا العسل ووالدتها، دا كفاية الحلويات اللي بتعملها طنت أنيسة يا ناس .

بسلبية اعتادت عليها، نفضت نرجس كفيها يسأم، قبل أن تذهب نحو المطبع، لتراعي إعداد الطعام تاركة أمنية، وقد اشتدت ملامحها وتعقدت بخطوط طويلة لغضب حارق تتابع اثر شقيقتها، فعقب ابراهيم ليزيد عليها بفحيح:

- شايفة الفُجر، بتتكلم كدة عشان ضامنة نفسها، حبيبة اختها دي، مش زيك، أهي دقني اهي ان ما طلعتي من المولد بلا حمص.


❈-❈-❈


لا تقوى على النظر في عينيه، تخجل من نظراته المصوبة نحوها دون تحفظ كعادته، هذه المرة غير كل مرة، هذه المرة اكثر جرأة اكثر فرحًا بعودتها، وجلوسها أمامه، هذه المرة ترى كلامًا على صفحة وجهه غير منطوق، ولا تعلم تفسيره، وكأنه اتفق مع حلمها اليوم ليزيدها حرجًا، ويزيدها ارتباكًا، ما بالها؟ وما هذا الذي يحدث معها؟ وما صفة هذا الرجل ليأخذ كل هذه المساحة من التفكير بعقلها؟

- شهد 

سمعت بإسمها لتلتف برأسها وتجيب صاحبة الصوت:

- أيوة، ايوة يا لينا.

ردت الاَخيرة:

- يا حبيبتي انا بسألك، لو تحبي تشربي شاي زي الجماعة؟

اجابتها بارتباك:

- لا يا لينا، بس لو هتعبك، ياريت تخليها قهوة 

عقبت مجيدة:

- قهوة! قهوة ليه يا بنتي؟ اشربي عصير ولا حاجة مفيدة لصحتك.

خرج صوتها بضعف:

- لا ما انا اتعودت عليها، بحبها وبتعدل مزاجي.

- دي بتدور على مزاجها يا ماما، محدش يلوم المقاول على مزاجه.

قالها حسن بتفكه جعل الجميع يضحكون، لتبتسم هي بخجل اصبح يزداد في حضوره، واستغراب من نفسها بدأت تسشعره داخله، حتى أصابها التوتر، وقالت في محاولة لتغير دفة الحديث نحو الجهة الآمنة لها وهي العمل:

- انا كلمت عبد الرحيم وقالى ان اللي فاضل على استكمال الموقع يدوب اسبوع بكتيره، وتستلمه انت بعدها .

هم أن يرد ولكن أنيسة سبقتها:

- خلاص يا شهد مش قادرة تصبري ع الشغل، يا بنتي ريحي دماغك شوية، خدي بريك على رأي لينا .

سمعت الأخيرة لتدلي بقولها هي الأخرى:

- دي مفيش فايدة منها يا ماما، مخها اتبرمج ع الشغل وبس.

اضاف على قولها حسن:

- عندك حق يا لينا، دي اكيد بتحلم بالأرقام والمساحات واجور العمال 

على ذكر الحلم برقت عينيها فجأة باستدراك، والصور تتوالى برأسها، لتبتلع ريقها بتوتر، وكأنها في عالم موازي، تتبادل ضحكاتهم ومُزاحهم المتواصل بالابتسام دون تركيز، حتى سألتها مجيدة:

- يعني النهاردة مش شايفة البت رؤى، هي راحت فين؟

ردت تجيبها:

- راحت البيت عندنا، تجيبلي وتجيبلها كام غيار من الهدوم، الظاهر كدة ان قعدتنا مطولة.

قالت الأخيرة بمشاكسة جعلت لينا تناظرها بابتسامة مفهومة، فضحكت مجيدة قائلة:

- اقول الحق يا شهد، بصراحة انا من ساعة ما دخلت هنا وانا حاسة البيت دا انتي جزء منه، واكنهم عيتلك بالدم، مش مجرد صحاب .

- دا حقيقي والله، انا بحس كدة فعلا.

قالتها شهد لتضيف على قولها أنيسة:

- شهد اتربت هنا مع لينا، يوم بيوم وسنة بسنة بتكبر قدامي، دي كانت هتبقى مرات ابني، ورمزي كان بيموت فيها.

- رمزي مين؟ 

خرجت من حسن الذي اشتعلت الدماء برأسه واحتدت عينيه بشكل ظاهر، ردت لينا بعفوية:

- رمزي دا يبقى اخويا. 

اضافت على قولها أنيسة بتسلية تشير على الإطار المعلق على الحائط:

- شايف صورة الواد الحليوة ابو عيون فيروزي وشبه لينا ده، اهو ده بقى رمزي،

بوجه شاحب تطلع لصاحب الصورة الوسيم بحقد، وقبل أن يتابع أسئلته سبقته مجيدة التي انتابها القلق هي الأخرى:

- طب وو ايه اللي حصل؟ ليه مكملتش الجوازة يعني. 

- اتوفى.

قالتها أنيسة بابتسامة باهتة اجفلت حسن ومجيدة التي أصبحت تردد بالكلمات الروتينة الداعمة والمترحمة بتأثر، قبل أن تنتبه على الوقت لتنهض باستئذان:

- طب احنا نقوم بقى يا جماعة كفاية كدة .

قالت أنيسة بمودة حقيقية للمرأة:

- وتمشي ليه يا ست مجيدة؟ ما تخليكي قاعدة ومونسانا، دا انتي عشرية وانا ارتحتلك بجد والله.

كلمات المرأة أتلجت قلب مجيدة لتبتسم لها بابتهاج قائلة:

- مش أكتر مني يا ست أنيسة، انا بقيت حاسة ان اعرفكم بقالي سنين. 

تدخل حسن الذي نهض على غير إرادته لكن مضطر:

- ربنا يديم الود ما بينكم، بس احنا لازم نمشي مدام اطمنا على شهد.

نطق اسمها لتلتقي عينيها بخاصتيه بعناق سريع، قبل أن يتابع بتنهيدة من العمق:

-  انا عندي اجتماع مهم في المصلحة ولازم احضره

- مكشوف مكشوف مكشوف.

غمغمت بها مجيدة داخلها وعينيها تتابع ملامح أنيسة المبتسمة بمكر، قبل أن تجفل على قول لينا:

- طب هو وراه المصلحة، انتي وراكي ايه طنت مجيدة؟ خليكي معانا اتغدي دي ماما أكلها يجنن وتموت في اللمة، واهو يا ستي نردلك العزومة بتاعتك ولا انتي نسيتي؟

 المجنونة، المتقلبة المزاج، من يراها في الشجار مع ابنها كالقطة الشرسة،  لا يصدق هذه الرقة والوجه الصبوح الاَن.

كان هذا الحديث الدائر داخل مجيدة،  بعد أن استجابت لطلبهم قائلة:

- لا يا حبيبتي ولا عمري انسى، خلاص يا حسن روح انت.

ذهب الاَخير ليترك والدتها مع هذه الثلاث نساء، لينا وشهد وأنيسة التي لم تكف عن الترحيب بها وإدهاشها بكم الحلويات التي تجيدها، لتقضي معهن وقتًا لا يستهان به من المرح، وعقلها الدائر بالأفكار يتسائل كالمنبه يذكرها:

- ماذا بعد؟ ماذا بعد؟

تدراكت فجأة لتقول بمكر:

- يا لهوي صحيح، أنا قاعدة معاكم وناسية نفسي، عندي دوا لازم اخده قبل الغدا.

تطوعت أنيسة تجيبها:

- قولي إسمه يا ست مجيدة وانا اتصلك بالصيدلية تجيبه.

باعتراض سريع ردت مجيدة:

- واجيب غيره ليه، ما انا اتصل بابني يجيبه معاه في طريقه وهو رايح على شغله، حكم دا ميعاده، تقبلي يا لينا بحضرة الظابط يجيبلي الدوا؟

أجفلتها بالسؤال كما فاجئت أنيسة أيضًا لتجيبها باستسلام وهي ترتب الطاولة مع شهد:

- اتصلي بيه يا طنت، أكيد طبعا مينفعش تأخري الدوا بتاعك.

بابتسامة النصر،  تناولت مجيدة الهاتف على الفور تتصل بابنها:

- ألوو يا حضرة الظابط ممكن خدمة؟

يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر (بنت الجنوب) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة