-->

رواية جديدة وبها متيم أنا لأمل نصر - الفصل 21 - 2

 

 قراءة رواية وبها متيم أنا كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية وبها متيم أنا

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر



الفصل الواحد والعشرون

الجزء الثاني

عودة للصفحة السابقة

❈-❈-❈




عدي باشا، حمد الله ع السلامة يا كبير.

هتف بها كارم، بعد ان اقتحم الغرفة على شريكه العائد من سفرة عمل خارج البلاد استمرت لأيام.

انتفض الاخر واقفًا يتقبل العناق الرجولي بترحاب:

- الله يسلمك يا عم كارم، عامل ايه انت بقى؟

رد كارم وهو يتركه ليجلس على المقعد المقابل لمكتب الاَخر:

- انا كويس يا باشا، انت بقى قولي ايه اخبارك؟ احكيلي عن اليونان وستات اليونان، عملت ايه معاهم هناك؟

ختم بضحكة مجلجلة استجاب على اثرها الاَخر يبادله المزاح:

- خلاص، انت دماغك مبقاش فيها غير النسوان والتفكير في النسوان، طب افتكر اني رايح في مهمة عمل، اسألني عملت ايه في العقود الجديدة مع العملاء.

امتعض وجه الاَخر بقرف يقول:

- وهو الشغل طار يعني؟ ما انا عارف بإنجازاتك في الشغل وبتوصلني الأخبار أول بأول، المهم يا شقي انجازاتك مع الجنس الناعم، دا الأهم .

دوى عدي بضحكة رجولية حتى مالت رأسه للخلف يردد:

- مفيش فايدة فيك انت يا كارم، مفيش فايدة، اخلاقك انحرفت اوي من ساعة ما سيبت جاسر الريان، يا راجل دا انت كنت ماشية زي الساعة معاه.

- كنت ماشي يا زي الساعة، بس برضوا كنت بعمل اللي على مزاجي، انا عمري ما حد قدر يوقفني عن حاجة عايزها. 

وكأن كلماته جاءت على جرح الاَخر، تغضن وجهه وذهب عنه المرح ليقول بعبوس:

- انا بقى الحاجة اللي عايزها مش قادر اوصلها، نفسي بجد الاقي الطريقة عشان اتكلم بثقة زيك كدة.

قلب كارم مقلتيه بسأم، وقد فهم مقصد الاَخر، فقال مستنكرًا:

- تاني يا عدي، تاني برضوا حكاية البنت دي، يا حبيب قلبي شيلها من دماغك، انا مش فاهمك صراحة، بتلف وتدور حاولين نفسك ليه؟ خش دوغري مع البت دي وخلص، واللي ما يجيش بالفلوس يجي بالضغط، ان شالله حتى تقطع عيشها من الفندق خالص، واهي تبقى عملت جميلة.

- ارجوك يا كارم متقولش كدة، دي غلطتي ان بتكلم معاك يعني

هتف بها عدي باستهجان وعدم تقبل لفكرة البعد من الأساس، فصاح الاخر:

- أمال عايزني اقول ايه بس؟ انا بجيبلك من الاَخر، اقطع عرق وسيح دم، انت باشا كبير، وهي شرف ليها انك بصيت لها من الأساس، حطها دي قاعدة في مخك.

صمت محدقًا به، يعيد برأسه الكلمات يستوعبها، وقد راقه فكرة الحصول على ما يبتغيه، ان لم يكن بالمال ، يكن بالضغط، ولكن تبقى الطريقة، الطريقة في تنفيذ ذلك، وقد مر وانتهى عهد الحلم والصبر .


❈-❈-❈


- يا صبا ، يا صبا، ما تردي بقى يا زفتة انتي، انا هفضل احايل فيكي يعني لحد امتى؟

قالتها مودة وهي تتبعها من موقع إلى آخر داخل حديقة الفندق، وقت استراحة الموظفين، لتلتف أخيرًا لها بنظرة صامتة كعادة اتخذتها منذ أيام، من وقت انتهاء حفل عيد الميلاد البائس، وجلستها مع عدي عزام، فذكائها الحاد جعلها تستنتج تعمد تأخرهن عليها، ورغم الأيمان الغليظة التي حلفت بها مودة لتثبت عكس فكرتها، إلا أنها لم تتهاون معها، أما ميرنا فقد تركتها دون عتاب ودون لوم، واكتفت بتجاهلها وذلك لظنها الأكيد بها.

- هتفضلي بصالي كدة كتير؟ طب وربنا حرام عليكي، عشان انا قربت ابوس على رجلك تسامحيني على ذنب معملتوش وانتي برضوا مفيش فايدة 

- يعني عايزني اعمل ايه؟

هتفت بها صبا بوجه صارم، لتتابع بحزم:

- أحلفي زي ما انتي عايزه يا مودة، برضوا مش هعفيكي من الذنب، ما هو مش معقول يعني، حركة كب العصير المكشوفة ولا التأخير المقصود عشان تسيبوني لوحدي مع عدي عزام، وانتوا اساسًا جايبني مقصود في مطعمه، دا كله صدف! طب اعقلها ازاي؟ فهميني .

مودة والتي تغضنت ملامحها باسف حتى أشفقت عليها، خرج صوتها ببحة حزينة:

- انا بصراحة تعبت يا صبا من التبرير والحلفان، اني معرف اي حاجة م اللي انتي بتقوليها دي، بس انتي مصممة تشيليني ذنب، وانا ربنا وحده اللي عالم بيا، دا انا فضلت محبوسة في الحمام ببلوزة من غير جيبة يجي اكتر من نص ساعة، بعد الدقايق والثواني في انتظار الجيبة، حاطة ايدي على قلبي لحد يفتح باب الحمام ويكشف ستري، وظنون في عقلي بتدور، ليكون دا مقلب معمول فيا، طبعا انتي كل الحاجات دي مفكرتيش فيها، عشان كل اللي هامك هو نفسك 

- انا برضوا يا مودة، كل همي هو نفسي!

قالتها صبا باستهجان وقد رق قلبها إليها، يبدوا انها زادت بالقرص عليها، هي تعلم ببرائتها منذ البداية، ولكن لا تعفيها من الذنب لسذاجتها المفرطة مع واحدة مثل ميرنا، لقد تأكدت بفطنتها بسوء نية هذه المرأة ولذلك لن تترك صديقتها لها، وردها العنيف جاء من أجل ذلك.

- بقولك ايه يا مودة، اسمعي مني كويس اللي هقوله، لو عايزة صداقتنا تستمر يا بنت الناس، ابعدي عن الست دي، أنا مش بفرض عليكي تسيبيها بتسلط مني، انا بتكلم عشان مصلحتك، الست دي مريبة وانا قلبي مش مستريح لها، لو انتي شايفة غير كدة، انتي حرة.

بهتت مودة وتجمدت بملامح مخطوفة ازعجت صبا، لتردف بترجي وكأنها تدافع عن فرصة جيدة لها:

- يا صبا هو انتي ليه معقداها كدة؟ يعني حتى لو كانت زي ما بتقولي عنها، هي برضوا عملت ايه؟ دي قعدتنا مع عدي عزام، يعني عندها معارف وممكن تفتح لنا أبواب منحلمش بيها.....

- يخرب بيتك.

هتفت بها صبا مقاطعة بحدة، وعصبية جعلت وجهها يصطبغ بحمرة احتقان وغيظ، لا تصدق غباء ما تردف به، هذه الفتاة أصبحت كعلة فوق ظهرها، مؤلمة بحمل همها الثقيل في حمايتها من نفسها، تود نزعها وتركها وشأنها، ولكن ضميرها يمنعها من ذلك.

زفرت بعنف لتسحب شهيقًا مطولا، عله يساعد في تهدئتها قليلًا، ثم خرج صوتها بحزم لهجتها الجنوبية، وقد تلبستها روح أبو ليلة والدها:

- بجولك ايه يا مودة، الله يرضى عنك يعني، ياريت يا بت الناس، تفكري كويس وتوزني الأمور، ما تخليش عجلك التخين ده، يشطح بخيالات تودي في داهية، وافتكري كويس يا حبيبتي، ان المعارف اللي زي دي والابواب اللي نفسك تتفتح جدامك دي، لازملها تمن يدفع، مفيش باب بيتفتح من غير تمن يا ست مودة، ياريت تفهمي الكلام ده كويس.

قالتها وتحركت مغادرة على الفور، تاركتها تتطلع في أثرها بانشداه، متسائلة:

- هل ما تقصده صبا صحيح؟ أم هو الاحتراس المبالغ فيه، نظرا لطبيعتها الصعيدية المتحفظة لدرجة القسوة.


❈-❈-❈


بتجهم غريب عن طبيعتها، ولجت صبا عائدة لمقر عملها بالقسم الذي تعمل به مع شادي؛ والذي رفع رأسه عما كان يعمل به، يتبعها حتى جلست لتتسمر بجمود وعينيها توقفت في نقطة ما في الفراغ، لتشرد بها وكأنها تحمل هم قضية في مجلس الأمن.

- مالك يا صبا؟

سألها لتنتبه إليه وتناظره صامتة لحظات قبل أن تجيبه بتنهيدة، وهزة خفيفة برأسها:

- لا مفيش حاجة، متشغلش نفسك انت.

- مشغلش نفسي ازاي يعني؟ هو انت مش شايفة خلقتك مقلوبة ازاي؟ حد زعلك يا صبا؟ ولا ضايقك بكلمة؟ قولي.

قالها غاضبًا بحمائية، جعلت ثغرها يفتر بابتسامة لفعله الدائم في رعايتها والدفاع عنها دائمًا، منذ أن استلمت وظيفتها بقسمه، وكأنها أصبحت من ضمن مسؤلياته، كرحمة شقيقته ووالدته، لذلك هي لم تعترض ولو مرة واحدة على تسلطه احيانا معها، وفرض رأيه، وتدخله المبالغ به في شئونها، مع علمها بصدق نيته، وقالت بملامح مرتخية قليلًا عما سبق:

- محدش زعلتي والحمد لله، انا بس.... مضايجة كدة يعني، من موقف حصل معايا مع واحدة عزيزة عليا، ويهمني أمرها.

بفراسة وسرعة بديهة، فاجئها شادي برده:

- مودة صح؟

همت لتنفي، ولكنه قطع عليها متابعًا:

- ما تحاوليش تكدبي، انا اصلا عرفت الاجابة من قبل ما تقولي، ثم يعني بالعقل كدة، هي اقرب واحدة ليكي في الفندق، ولا يكون التانية!

طالعته باستفهام مرددة:

- تانية مين؟

- ميرنا مثلا. 

قالها بخبث لتعترض على الفور بغضب مرددة:

- ميرنا دا إيه؟ دي لا صاحبتي ولا اعرفها اساسًا، دي مجرد واحدة زميلة ليا، معرفتي بيها مزيدتش عن صباح الخير يا جاري، انت في حالك وانا في حالي. 

- ازاي بقى؟ دا انتي حضرتي عيد ميلادها؟

جادلها بمكر حتى يصل لهدفه، فكان ردها بعنف مستنكرة:

- هو يوم وكانت غلطة اساسًا، او بمعنى أصح، كانت ليلة وعدت على كدة، لكن عمرها ما هتبقى صاحبتي. 

قالتها وانتظرت منه رد ولكن ظل صامتُا، يربكها بتحديقه بها قبل ان يتكلم اخيرًا:

- على فكرة يا صبا، انا كان ممكن امنعك عن الحفلة، خصوصًا بعد ما عرفت باسم المطعم اللي عزماكم فيه، دا سبع نجوم، يعني مش أي حد يدخله، انا سيبتك تروحي معاها وتقرري انتي بعد كدة من نفسك، واحدة زي دي، تجيب منين المبلغ الخيالي لفاتورة عزومة وعيد ميلاد في حتة زي؟ وانتي بتقولي يتيمة وملهاش حد كمان، دا ربنا عرفوه بالعقل.

اطرقت رأسها بفعل اظهر تفهما لكلماته، فقال متابعًا:

- انا مش هسألك يا صبا، ايه اللي مضايقك منها ومن مودة وخلاكي تقلبي عليهم كدة مباشرة بعد الحفلة، اللي الظاهر ان كان ليها دور جامد في انها تغيرك طول الأيام اللي فاتت.

- ليه مش هتسألني؟

- عشان واثق فيكي.

تلفظ بها كجملة عابرة، ثم عاد لعمله على الحاسوب، غافلًا عن وقع الكلمات عليها، وقد ظلت لمدة من الوقت تحدق به وكأنها تكتشفه من جديد، أن تجد الأنثى رجلا يقدرها شيء جميل، ولكن أن يعطيها ثقته الكاملة وبلا حدود، هذا أكبر من كل شيء، حتى لو كان ما يجمعهم لم يتعدى بعد الجيرة أو زمالة العمل. 


❈-❈-❈


- ودي ايه اللي جابها هنا؟

تمتمت بها ميرنا، بعد أن وجدت مودة اخير وقد بحثت عنها في كل الأماكن التي تتواجد بها، أو حتى المكلفة بالعمل داخلها، لتفاجأ بها الاَن هنا، جالسة على عتبة السلم الخلفي لمبنى العاملات بشرود، مريحة خدها على قبضتها المستندة بها على ركبتها، اقتربت لتشاكسها رغم اندهاشها من هذه الحالة التي تبدو عليها:

- زرعتيها منجة وطلعت ملوخية. 

انتبهت إليها مودة لتعتدل بجلستها، غير مستجيبة للدعابة، مما زاد من اندهاش الأخرى:

- ايه يا ست مودة، حتى الضحكة مقدراش تردي بيها، هو انتي زعلانة مني يا بت ولا إيه؟

بصوت متردد ردت مودة وهي تتهرب من النظر إليها:

- لا طبعًا يا ميرنا، مين اللي قال الكلام ده؟

نصف شهقة خرجت منها وقد تبدلت ملامح المرح إلى اخرى عابسة مستنكرة تقول:

- افعالك يا حبيبتي هي اللي قالت، واخدة جمب مني ليه يا مودة؟ اللي حصل يا عنيا عشان وشك يتغير كدة، وعينك تهرب من عيني؟

بكذب مكشوف حاولت مودة الإنكار:

- مبقولك مفيش حاجة حصلت، انا بس مضايقة حبتين وقولت استفرد بنفسي.

ختمت تتلاعب في جيبتها، تتجنب المواجهة معها، وضيقت ميرنا عينيها، لتطالعها بتفكير عميق، هذه ليست مودة التي تعرفها، مودة التي نتقرب منها، ويشرق وجهها بالانبهار على أقل فعل تفعله لها، وهذا معناه أن مودة أصبحت تتسرب من بين يديها، بضربة عنيفة بكفها على قاعدة الحائط المجاور لمودة، هتفت وراسها دنت واقتربت من رأس الأخرى:

- هي صبا قالتلك ايه بالظبط عني؟

أجفلت مودة شاهقة بخضة لتردد باضطراب وفزع:

- ايه في ايه يا ميرنا خضتيني؟ مالها صبا ؟ وايه اللي جاب سيرتها اساسًا؟

بملامح تنضح بالشراسة، رددت ميرنا خلفها بعدم تصديق:

- ايه جاب سيرتها؟.... بتدافعي عنها يا مودة، وهي سايباكي زي الكلبة تراضي فيها بقالك ايام، عشان بس سيبتيها كام دقيقة مع عدي باشا في المطعم، وروحتي تصلحي جيبتك، كنتي مشيتي معاها بهدومك المبلولة يا بت، طبعا عشان تبقي زي العبيطة وانتي ماشية معاها، وهي البرنسيسة اللي بتخطف عيون الرجالة.

كلماتها السامة التي خرجت من عمق حقدها، لتفقدها ميزة التحكم المعتادة منها في مثل هذه المواقف، كانت من الغباء لتجعل مودة تنتبه لها ولفعلها، لتتغضن ملامحها على الفور أمامها، باحتقان جعلها ترفع الحرج عنها في الرد بقوة وهي تنهض عن جلستها بحدة:

- عندك حق، هي فعلا بتمشي زي البرنسيسة وانا بمشي جمبها زي الخدامة، بس برضوا بحبها، عشان هي بتحبني من قلبها وبتخاف عليا وعلى مصلحتي، بتشخت فيا وتزعقلي، بس عمرها ما جرحتني. 

قالتها وتحركت مغادرة بدون استئذان، لتتركها تتفتت من الغيظ، ونار بغليل تحرقها، لتدب على الأرض بقدميها، قبل أن تتناول هاتفها وتتصل بالرقم المعروف، تخاطبه بانفعال:

- الوو.... أيوة باشا، معلش بقى اعذرني، عشان انا فاض بيا من الموضوع ده وتعبت.......... اقولك يا باشا موضوع ايه، البت مودة اللي انت عارفها، اه.

خرج منها تأوه مفاجيء وهي تجلس على نفس الدرجة التي كانت جالسة عليها الأخرى، تزحزحت قليلًا لتجد السبب، وهو عبوة عطر فاخرة، من ماركة عالمية، لا يملكها سوى المحظوظين من الأغنياء، ورأتها هي قبل ذلك في الأجنحة الفاخرة بالفندق هنا، نثرت قليلًا منها في الهواء لتتنشق رائحتها بابتسامة منتشية جعلتها تنسي الطرف الاَخر على الهاتف، حتى هتف بها صائحًا بصوت عالي جعلها تعود إليه.

- ايوة يا باشا انا معاك اهو............ اه انت عايزني اكمل اللي بقوله، لا خلاص يا باشا، متشلش هم بقى، أنا لقيت الحل!

قالت الاخيرة بابتسامة متوسعة، قد فكرت سريعا واتخذت القرار!


❈-❈-❈


على مائدة السفرة التي أوشكت على الإنتهاء منها، هتفت مجيدة على ابنها بصوتها العالي وهي تتخذ مكانها على المقعد الخاص بها:

- يالا بقى يا حضرة الظابط، خلص يا خويا، انا ما صدقت خلصت، لو برد الأكل مليش دعوة......... اخلص يا واد.

خرج إليها أمين من غرفته يردد خلفها ساخرًا

- اخلص يا واد، وبتزعقي فيها كمان بعلو صوتك عشان العمارة كلها تسمع، هو انتي ليه يا أمي مصممة تضيعي هيبتي وقيمتي قدام الناس؟

- عشان انت اساسًا ملكاش قيمة يا حبيبي، امشي يا واد هات طبق الخضرة من فوق الرخامة جوا.

قالتها مجيدة غير مبالية بتجمد ابنها الذي كان يتصنع البوس، لتتابع بصيحة:

- اخلص يا واد اتحرك، هو انت هتفضل واقف كدة اليوم كله.

انتفض أمين مذعنًا لأمرها ليعدوا نحو المطبخ سريعًا يتمتم بصوت عالي:

- ست جبارة حقيقي، ربنا ع المفتري.

غمغمت خلفه بعدم اكتراث

- ايوة يا اخويا مفترية، ما انتو صنف نمرود مينفعش معاكم غير كدة

دوت ضحكة عالية من جهة أخرى،  وقد كان ابنها الاَخر يدلف لداخل المنزل عائدًا من عمله يردد:

- الله الله يا ست الكل، دا ايه الغل والتسلط دا كله، دا حتى عيالك غلابة.

قال امين خلفه وهو يضغ مجموعة من اوراق الجرجير يتسلى بتناولها قبل أن يصل وينضم معها:

- قولها يا حسن يا خويا، قولها، دا بدل ما تطبطب عليا وانا راجل بيطلع عيني م اللي بشوفه من المجرمين والسوابق، وتدوقني حنان الأم.

بابتسامة صفراء تجعدت ملامحها بامتعاض تقارعه رغم انشغالها بتناول الطعام:

- خلاص بطلنا يا حبيبي، عايز حنان روح عند ام حنان .

قالتها وانطلقت الضحكات المرحة من الشقيقين بصوت عالي، حتى قبلها حسن فوق راسها قائلًا:

- عليا النعمة انتي ست عسل، ربنا يخليكي لينا يارب. 

قالها وهم أن يتحرك ولكنها أوقفته بقولها:

- استنى هنا رايح فين؟

- رايح اغير هدومي، عشان اجي اَكل معاكم انا كمان. 

- طب استنى انا عايزاك.

- عايزانى في إيه؟

سألها باستغراب، مع شقيقه الذي انتبه هو الاَخر ليتوقف عن الطعام يتابعها وهي تقول:

- الكلام ده ليكم انتو الاتنين، تعملوا حسابكم على مبلغ محترم، انا عاملة عزومة بكرة، وعايزة اعمل حسابي من دلوقتي.

سألها أمين باستفهام:

- عزومة ايه يا ماما ولمين؟

- عزومة لشهد بمناسبة ان ربنا عفى عنها وقامت بالسلامة، وهجيب معاها اختها رؤى.

- ينصر دينك.

خرجت من حسن على الفور مهللا،  لتستطرد هي بنظرها نحو شقيقه:

- ومعاها لينا ووالدتها.

سمع منها امين ليهتف معترضًا:

- ودي ان شاء الله هتعزميها بمناسبة إيه؟ لتهزيقها لابنك؟ ولا عشان بتخانق دبان وشها كل ما تشوفه؟

كتمت مجيدة ابتسامة متسلية لتزيد من غيظه بقولها:

- وانت مالك يا بارد، واحدة عازمة صاحبتها وبنت صاحبتها، ايه دخلك؟ انت عليك تطلع الفلوس وبس. 

بكف يده ضرب على سطح المائدة باعتراض وهو ينهض عنها مغادرًا:

- يبقى تنقي وقت مكنش انا فيه، عشان لو شوفتها هسيب البيت وامشي.

- تمام، بس اياك تحط ايدك على أي صنف من الحلويات اللي هتجيبها والدتها:

هتفت بها من خلف ظهره ليلتف إليها على الفور قائلًا متراجعًا عن حدته:

- ليه؟ هي الست أنيسة قالتلك انها هتجيب حلويات معاها؟

بابتسامة منتصرة ردت مجيدة:

- طبعًا يا حبيبي، دا اتفاق ما بينا، انا عليا الأكل وهي عليها الحلويات. 


يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر (بنت الجنوب) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة