رواية جديدة وبها متيم أنا لأمل نصر - الفصل 23
قراءة رواية وبها متيم أنا كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية وبها متيم أنا
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الثالث والعشرون
بفعل لم تفعله الا نادرًا أتت اليوم بصحبة سائقها والحارس الخاص بها، لتنتظر بداخل السيارة، خروج طفلها من حضانته، كي تستأثر به كالأمس، في خطة أعدتها لعدم السماح لأحد بإنقاص حقها فيه، حتى لو اضطرت لتحدي والدة زوجها التي تكرهها ولا تطيق رؤيتها، وتعمل دائمًا على الإبتعاد عنها، لقد قررت تعويض ما أهدر منها طول السنوات الماضية، لفعل زوجها المسيطر والمتحكم بكل أمورها، ولكنها كبرت الاَن ولم تعد تلك الصغيرة التي يطوعها كيف يشاء، وعت لتُمسك بزمام الأمر، فترواده بحنكة النساء ومكرهن، حتى تحصل منه على كل ما تريده، الا يكفي ابتلاع الخيانة!
دوى صوت الهاتف لتفاجأ بهوية المتصلة، التي ترفعت وتواضعت لتحادثها، قطبت باستغراب تناظر الرقم وكأنها تتأكد من الأسم جيدًا، ولتفكر سريعًا قبل أن تجيب برقة مدروسة:
- الووو....... أهلا يا طنت.
- الووو يا ست رباب، ممكن افهم بقى، انتي مانعة حفيدي عني ليه؟
- أنااا يا طنت؟ مين قال كدة بس؟ دا كلها يوم واحد اللي غابوا عن الزيارة، والنهاردة عنده مشوار مهم للمدرب في النادي.
- اقدر انا ع المشوار دا يا ست رباب، ابعني الولد وانا اوديه.....
- ويقعد بقية اليوم عندك زي كل مرة، اسفة يا طنت، أنا فضيت نفسي مخصوص عشانه النهاردة، يوم تاني بقى.
- يعني ايه حفيدي مش هيجي النهاردة كمان؟...
- الوو يا طنت، معلش مش سمعاكي كويس، الطريق زحمة ازي...... الوو يا طنت، الووو.
انهت المكالمة لتخرج زفيرًا بضيق، فهي تعلم ان المرأة لن تسكت على فعلها، وحتما ستخبر زوجها، وعليها تجهز نفسها لذلك.
انتبهت على خروج ابنها من باب المدرسة، لتنتفض مترجلة من السيارة ، ثم تتلقاه بالاحضان بعد أن رفعته عن الأرض أمام زملائه، وتلفت أنظار الجميع إليها كالعادة.
بداخل السيارة وبعد أن تحركت بهم، على الفور تلقت رسالة من الرقم المجهول.
- (( حلو اوي الفستان القصير على جسمك، وجماله بان أكتر لما رفعته الكتوت، وانشد لفوق ركبتك، ايه الحلاوة دي))
- يا أبن ال......
تفوهت بها بغيظ تعدى الغضب وفاق الحد، لتهتف نحو سائقها:
- وقف العرببة دي بسرعة يا عم كريم، بسرعة ارجوك .
على الأمر توقف الرجل ليناظرها بتساؤل تجاهلته لتلتف نحو حارسها :
- انزل من العرببة يا حامد، انا عايزة اعرف مين اللي بيراقبني؟ حاسة فيه حد بيراقبني؟
انتفض الحارس على الأمر، يخرج سلاحه على وضع التحفز مرددًا:
- يراقبك، يراقبك ازاي يا هانم وانا موجود؟
قالها وترجل يبحث في الإنحاء، ويتجه بخطواته نحو الطريق باحثًا، يمينًا ويسارُا، حتى ابتعد وهي تنتظر بزعر وصل للطفل ليسألها ببرائة:
- في حاجة يا مامي؟
- لا يا قلب مامي.
قالتها لتقبله على جبهته، وتضم رأسهِ إليها بعد ذلك، فتلتمس الدفء بغمرته، واجهت بعين المراَة وجه السائق، الذي كان يتابعها فتكلم برفق رغم حيرته من فعلها:
- متقلقيش يا هانم من حاجة، الدنيا أمان، وانتي قاعدة في عربيتك، ومعاكي رجلين يحموكي لو في خطر، دا لو فيه يعني.
وصلها امتعاضها الغير معلن، وكأنه يراها تفتعل ذلك عن قصد.
دلف فجأة السائق بعنف جعل السيارة تهتز ليخاطبها بلهاث:
- انا دورت في كل حتة يا هانم، وملقتش أي مخلوق يهدد امن حضرتك والبيه الصغير، المنطقة هادية اساسًا، تحبي انزل ادور تاني؟
لوت شفتيها بحنق تأمرهما بإماءة صغيرة بذقنها وقد بلغ اليأس منها مبلغه:
- لا خلاص بقى، امشي على طول يا عم كريم.
❈-❈-❈
في المخزن الخلفي لدكان العطارة الذي يملكه عابد الورداني، وقد أتت إليه خلسة كالسابق، ولكن هذه المرة كانت للعتاب، بعد ليلة كئيبة وصعبة مرت عليها في البكاء وشعور القهر المتعاظم داخلها، حتى أنهكت وفاض بها، للدرجة التي جعلتها تتلقف كالغريقة اتصاله في الرد عليها اخيرًا اليوم، تطالبه متلهفة بشدة للقاءه، ليستغل ما كان يظنه فرصة للاستفراد بها في المخزن هنا وقد وافقت دون تردد، ليعبث ويفعل ما يحلو له معها، قبل أن يفاجأ برؤية وجهها المقلوب، ثم انفجارها بمجرد أن انغلق الباب عليهما، لتعبر عما يجيش بصدرها بالدموع الحارقة:
- مكنتش اعرف اني قيمتي قليلة أوي عندك كدة يا ابراهيم؟ اكتر من مية رسالة وغيرهم في الاتصال عليك من امبارح، ولا مرة تكلف نفسك وترد، غير بعد ما جالك مزاجك؟ طب يمكن في ضيقة ومحتاجالك ، أو تعبانة وعايزاك تجيني وتخفف عليا، اعمل ايه عشان تحس بيا وتعملي قيمة زي بقية المخطوبين؟
رافعًا طرف شفته باستنكار خطا يقترب منها ليطالع هذا الانفعال المفاجأ منها الشهقات المتتالية، بسيل الدمعات التي لا تتوقف، حتى خرج صوته بذهول:
- انتي هبلة ولا عبيطة يا بت؟ بقى كل المناحة دي عشان مرديتش ارد عليكي؟ وهي دي اول مرة تحصل يا ختي؟ ما انا بتقل عليكي بكيفي وبرد برضوا بكيفي، مبيمشيش معايا كهن النسوان، بلا مخطوبين بلا نيلة.
جفاءه المعتاد، وأن يحتد بتعالي؛ لم يكن جديدًا عليها، لتتقبل غضبه مضطرة، أو تنكمش بخوف منه فتتغاضي كالعادة، إلا اليوم، فهي لم ولن تحتمل على الإطلاق، سمعت منه لتسقط على عدد من الاجولة المرتصة فوق بعضها، لتردد بانهيار:
- انا كنت عارفة من الاول، وقولتلك، انت عمرك ما حسيت بيا ولا نصفتني حتى، زي ما حصل امبارح، لما ابوك زعقلي قدام الكل وكسفني، انت مكلفتش نفسك حتى تجبر بخاطري.
اهتزت رأسه بعدم تحمل لا يستوعب ما تلتقطه أذنيه منها، ليضرب كفه بالاَخر وقد نفذ صبره لهذا العته، نادمًا على اختلائه بها ومقابلتها من الأساس:
- الله يخرب بيتك على بيت معرفتك السودة، يعني انتي كل عمايلك دي على قصة ابويا وكلمتينه امبارح، طب والله عنده حق، وياريته كان اداكي كفين بالمرة يا أمنية.
- كمااان.
صرخت بها لتقف على أقدامها وتواجه عنفه بنهنهة عالية لبكائها المستمر، تردد باستعطاف، علّ قلبه يرق ويؤازرها في محنتها:
- دا بدل ما تقولي ايه اللي تاعبك يا حبيبتي؟ ايه اللي موصلك للحالة دي؟ دا انا مليش غيرك يا ابراهيم، لا عيلة ولا خوات بيحبوني، ولا انت ناسي كلامك ليا؟
اكتست ملامحه بالسأم والضيق، ولكنه كان متريثًا هذه المرة في رده، ليعرف السر الحقيقي خلف هذه المحزنة.
- لا يا ختي طبعًا مش ناسي، بس ايه لزوم الكلام ده دلوقتي؟ هو انتي اتخانقتي مع حد فيهم؟ ولا يكونش واحدة منهم ضايقتك يا بت؟
جاء السؤال الذي كانت في انتظاره منذ الأمس، لتجد من يسمع شكوتها بحرية، فهو الوحيد القادر على فهم ما تقصده، لأنه يخصه أيضًا!
- قول مين مضايقنيش؟ دا انا بتحسر من امبارح وقلبي بيتقطع من جوا، لأن بالأكيد جوازتنا مش هتم السنادي يا ابراهيم، ومش بعيد نقعد اكتر كمان، على ما اخلص جهازي، مدام الكبيرة دورها جه، يبقى تتنيل على عينها أمنية وتستني بقى، ما اهو انا حظي كدة......
- كبيرة مين يا بت الهبلة؟
هدر بها قوية عنيفة، ليُصمت فمها الذي يثرثر بغباء، يكاد يصيبه بالصمم، والكلمة التي أسقطتها في الوسط، يشك في صحة سماعها، لتؤكد له بغليل نفسها السيئة:
- بقولك الكبيرة، المحروسة راحت امبارح عزومة العشا عند الست مجيدة رجعت لنا مخطوبة من ابنها البشمهندس، والبيت مقلوب من امبارح، البت رؤى بت الجزمة، كل ما تشوفني بتقعد تزغرط وتغني، عشان تغيظني...... اَه
صدر منها تأوهًا بوجع، وقد باغتها بأن اطبق بكفيه الكبيران على ساعديها الغليظان، ليتمتم متسائلَا بهدير خطر، وقد أظلم وجهه؛ واشتد بخطوط طولية، لتبرق عينيه بالشر بشكل فاجئها وأخافها بنفس الوقت:
- انتي بتقولي مين يا بت؟ المحروسة اختك، ربة الصون والعفاف، مع الواد المهندس اللي رايح جاي معاه.
استطرد يهدر بصوت خرج من أعماق الجحيم وهو يهزهز جسدها بعنف:
- يعني كانت بتقرطسنا، وعاملة فيها البت المحترمة، وهي ماشية مع الرجالة وبتجيبهم البيت، يبقى انا بقى كان عندي حق لما اتخانقت معاها ع المسخرة وقلة الأدب، كان عندي حق لما خوفت عليكم وعلى سمعتكم.
- خلااااص يا ابراهيم حرام عليك، دراعاتي الاتنين هينكسرو في إيديك
صرختها كانت بقوة لتعيده لصوابه، فيشعر بنفسه، ويرفع كفيه عن ذراعيها، لتردد مرة أخرى بشهقات البكاء، وألم جسدي حقيقي، فقد كان على شفا اقتلاعهم بهزهزته العنيفة دون وعي، او كسرهم بالضفط الرهيب منه، هذا ما كانت تشعر به، لتدلك بكفيها عليهما وهي تبتعد بارتياع، فهيئته كانت غير طبيعية على الإطلاق، حتى خرج صوتها باهتزاز:
- هو انا بشتكيلك عشان تواسيني، ولا عشان تيجي عليا انت كمان وتخسرني صحتي، وتبقى كملت عليا بالمرة.
- امشي.
تفوه بها سريعة لدرجة لم تصدقها في البداية، قبل أن يفاجئها بصيحة قوية:
- بقولك امشي، امشي يا أمنية، غوري من وشي .
انتفضت في الاخيرة لتتسارع خطواتها المرتدة نحو الباب حتى فتحته، وخرجت راكضة، بدون حتى أن تأخذ حذرها ككل مرة، فكان المهم هو أن تهرب من أمامه، تاركته يزفر بصوت عالي، وانفاس ساخنة تخرج م حريق شب بداخله، بنيران كالبركان تطلق حممًا قادرة على إحراق الأخضر واليابس
❈-❈-❈
في غرفتها وعلى فراشها المكوم بإهمال أسفل قدميها، فقد كانت جالسة ضامة ركبتيها إلى صدرها بشرود، لا تدري بما ورطت نفسها؟ أو بالأصح ما وجدت نفسها تقع فيه ببرائة أو بلاهة بغفلة منها، ولكنها كانت كالمغيبة وكل شيء حدث سريعًا بشكل لا يصدق، مفاتحة مجيدة لها، ثم تهليل بموافقة لا تتذكر كيف نطقت بها؟ ثم المباركات والتهنئة القلبية من اقرب القلوب إليها، بأنها خطبت، خطبت لحسن، معقول؟
لقد رأت بعينيها حجم السعادة التي بدت عليه، ليلثم بشفتيه جلد كفها، ويعبر لها ممتنًا عن موافقتها به.
فتظل هي لفترة طويلة من الوقت مزبهلة تناظرهم بذهول، حتى استفاقت لنفسها بعض الشيء، لتهم بمغادرة المنزل، عاقدة النية على الهروب، فكانت الكبيرة حينما فاجئها باتصال عمها، صديق أباها الراحل، وعرابها في رحلة الشقاء للحفاظ على ارث والدها، ابو ليلة الذي هلل بالفرح، معربًا عن سعادته بالأمر، ومشددًا في نفس الوقت على ان يتم الأمر بصورة رسمية، بجلسة تتم بمنزل العروس في حضوره، بصفته الوكيل لها في كل صغيرة وكبيرة في الاتفاق.
- يا إلهي.
رفعت رأسها فجأة لتطن الفكرة مرة أخرى:
- هل هي بالفعل أصبحت عروس؟
طرقة خفيفية على باب غرفتها، جاءت كوقت مستقطع ترحم به عقلها المتعب ولو قليلًا:
- ادخلي يا رؤى، واقفة عندك ليه؟
طرقة أخيرة ختمت بها شقيقتها، لتخطو إليها
بوجهها الصبوح، وقد ارتسمت على قسماته الفرحة بقوة، فتكلمت بغنج المراهقات المفتعل في مثل هذه المواقف:
- عاملة ايه يا عروستنا ؟ لسة برضو متوترة؟ بصراحة الله يكون في عونك، دا العريس قمر، قمر يا ناس.
افتر فاه شهد تهم لترد بغشم كالعادة، ثم ما لبثت أن تتراجع، بزفرة محبطة وقد تذكرت وضعها.
- رؤى، عشان خاطري وحياة غلاوتي عندك، بلاش وخفي عليا شوية..
- اخف عليكي في ايه يا قلبي؟ انتي لازم تفرحي يا شهد، انتي تستاهلي الفرحة.
قالتها بعفوية وهي لم تستوعب بعد مقدار ما يدور برأس شقيقتها الكبرى، من تشتت وحيرة لأمر طرأ فجأة دون أن استعداد او تمهيد، فكيف توصل لها فكرتها؟ فجاء سؤالها بفظاظة:
- طب انتي داخلة ليه دلوقتي؟ أنا مش قولت عايزة اختلي بنفسي واريح دماغي.
قوست رؤى شفتيها، تتصنع البؤس، رغم ابتسامة ما زالت تفضحها في قولها:
- الله يسامحك عشان انتي احرجتيني فعلًا على فكرة
بشبح ابتسامة استجابت شهد لمناكفة شقيقتها، وردت تزيد عليها:
- ما انتي اللي بتجيبي الاحراج لنفسك، انا مش ذنبي.
- كد برضوا يا شهد.
هتفت بها متخصرة بفعل طفولي، لتتابع بغيظ:
- ع العموم يا ست هانم انا كنت داخلة اقولك ان عم ابو ليلة قاعد منتظرك برا، وقالي روح......
قاطعتها بلهفة تسألها، وكأنها قد دبت بها روح جديدة:
- انتي بتتكلمي جد؟
- لا بهزر.
قالتها بموعية واستدارت لتذهب وفور أن امسكت بمقبض الباب شاكستها مرة أخرى:
- هقوله نايمة ومش عايزة تشوفك.
ختمت بأن أخرجت لها لسانها، لتنتفض شهد عن الفراش ناهضة تردد لها بتوعد:
- هي مين دي اللي مش عايزة تشوفه يا بنت ال؟ ماشي رؤى.
❈-❈-❈
خرجت إليه وقد كان جالسًا بوسط الصالة، يتسامر مع رؤى بمزاحه المعتاد عن قصر قامتها، والسخرية من وزنها الذي يقارب عود خلة الاسنان كما يقول، وهي تضحك وتقارعه بالحديث المرح، ليضحك لها بصوته الرجولي الرخيم، قبل أن ينتبه إليها، فانتفض واقفًا بوجه مشرق، بضياء الفرح لشيء عظيم يهلل:
- يا أهلا يا اهلا، بست البنات اللي كبرت وبجت عروسة تملى العين وتسر الخاطر.
قوست شفتيها لتستقبله بابتسامة ضعيفة قائلة بعتب:
- على طول كدة، طب استني اقعد الأول حتى عشان نعرف نتخانق.
قهقه بصوت جهوري وهو يجلس على الكرسي المقابل لها، يردد خلفها بدهشة امتزجت بمشاكسة:
- وه، نتخانج كمان؟ ليه يا بوي؟ دا احنا النهاردة يوم فرح يا بت
طالعته بحنق، لتطرد زفيرًا معبئًا من صدرها، في مقدمة لما نوت عليه، لتنفجر به، مخرجة مخاوفها وهواجسها وحيرتها وتشتتها بالشجار معه:
- ايوة نتخانق، عشان انت امبارح، اديت موافقة وقررت مع الناس في التليفون من غير ما تاخد رأيي، دا كان ناقص بس تحدد معاهم ميعاد الفرح.
- اخد رأيك ليه؟ مش انتي اديتي موافقة للجماعة؟
- وهو انا لحقت اقول ولا اعيد؟ دي الست كروتتني وسحبت مني كلام انا مش عارفة قولته ازاي؟
صاحت بها تجفله في بداية الأمر، قبل أن يستوعب جيدا، ثم ما لبث أن ينطلق ضاحكًا هذه المرة بشكل اقوى من السابق، حتى أدمعت عينيه، ليزيد من غيظها، مرددًا:
- يعني الست مجيدة كروتتك، زي ما عملت معايا ولفتني انا الراجل الكبارة، طب والله براوة عليها الست دي.
همت لتصب به جام قهرها، ولكن نرجس كانت قد أتت إليه بصنية القهوة، لتضايفه قائلة بزوق متعمد.
- الشاي يا حج ابو ليلة، هو انتوا بتتخانقوا ولا ايه؟ دا حتى النهاردة مينفعش خناق.
بحياء ليس بغريب عن رجل يعرف بالأصول ويعطيها حقها، رد أبو ليلة مطرقًا برأسهِ، وعينيه في الأرض:
- ربنا ما يجيب عرايك ولا خناج، ويعديها على خير ان شاء الله.
وقفت نرجس تنتظر تفسيرًا أوضح، ولكن النظرة القاتمة من شهد جعلتها تتحرك على الفور ، لتستئذن مغادرة بحرج، رغم الفضول الذي يقتلها، ثم التفت شهد إليه بتحفز، فسبقها بقوله:
- من غير كلام ولا رط كتير، انتي شايفة المهندس راجل زين ويستاهلك ولا عفش ومينفعكيش؟
باستنكار جلي وضح من تبدل ملامحها، لتهتف بانفعال:
- يا ابوليلة انا معنديش نقد ع الراجل، انا اعتراضي ع الموضوع نفسه، مكنش في دماغي خالص حكاية الجواز، فجأة الاقيني مخطوبة والنهاردة قراية فاتحتي، طب ازاي؟.....
- عشان النصيب.
قالها ليقطع استرسال هذيانها، ليتابع بلهجة لينة حنونة:
- خفي على نفسك يا بت اخوي، دي جراية فاتحة مش كتب كتاب، وعلى راجل زين يتحط ع الجرح يطيب، وامه اطيب منه، واخوه جيمه وسيمة، عيلة تفخري بيها وتساهليها......
صمت برهة أمام استجداء النظرات من عينيها، وهذا الخوف الذي اكتسى ملامحها، ليستطرد بمزيد من اللطف:
- عيشي فرحتك النهاردة يا بتي، وريحي مخك شوية من التفكير، يا بت افرحي، دي خالتك زبيدة وصبا، ما
جاعدين على حيلهم من امبارح، كان هاين عليهم بجوكي من الصبح، انا بس اللي منعتهم عشان يجوا العشبة بالمرة.
❈-❈-❈
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر (بنت الجنوب) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية