-->

رواية جديدة عشق الرعد 2 لسماء أحمد - الفصل 3


قراءة رواية عشق الرعد الجزء الثاني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية عشق الرعد الجزء الثاني

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سماء أحمد


الفصل الثالث



" لأجل عين تُكرم ألف " 

هذا ما قاله رعد وهو يراها تعتني بابنهم الصغير رعد، ثم خرجت مبتسمة له ودخلت غرفة فهد الذي يلقي ملابسه بعشوائية رافضًا لبسها، جلس يبكي بانزعاج قائلاً : أنا مش بحب الهدوم دي، أنا عايز هدوم جديدة يا ماما 


انزعجت عشق منه وقامت بتوبيخه : مفيش هدوم جديدة يا فهد، حرام عليك أنت هدوم قد أخواتك كلهم 


دخل رعد الغرفة فوقف فهد ومسح دموعه، شهقات متتالية خرجت منه فاتجه رعد وحمله قائلاً : كل دا ليه! 


عشق بحدة : متدلعوش يا رعد، لو سمحت نزله وسبني اتصرف معاه


نظر فهد لأباه فضحك رعد قائلاً : اسيبه أزاي بعد البصة دي، اطلعي غيري أنتِ وأنا هتصرف معاه 


عشق وهي تضيق عيناها : هتعمل ايه؟ 


رعد بمرح طفيف : هضربه هو ومامته، يلا على فوق


اتجهت لأعلى بعدما ضحكت بينما تحدث هو مع ابنه وأنتهى الأمر به يحضر له ملابس لا تحصى ثم قام بأمرهم بأخذ ملابسه التي لم يلبس معظمها وتبرع بها، جلس يعقوب على الأريكة يسند يـ ـديه بجانبه وهو يتابع أخواته يلعبوا 


جلست عشق بجانبه ترتب خصـ ـلاته ثم قالت : هادي ليه؟ مش عادتك 


يعقوب : أنا هروح لماما امته؟ 


عشق بتفكير : تقريبًا بعد يومين، يوسف هياخدك ليها، هي وحشتك؟ 


يعقوب بحزن : يا ماما أنا عايز بابا ميسافرش ويبقى عندي ماما واخوات يحبوني ذي أخواتي فهد وآدم ورعد وصقر وأسد 


عشق : ما هما اخواتك يا حبيبي 


نفى الصغير برأسه قائلاً : لا مش أخواتي، هما مش بيحبوني خالص ولا بيحبوا يلعبوا معايا، وماما كمان مش بتحبني ومش راضيه تاخدني أعيش معاها، وبابا بيسافر ومش بيحب ياخدني معاه 


نظر الصغير لأسفل وبكى، بكت عشق على بكائه قائلة : مين قالك كده؟ كلهم بيحبوك بس بيبقى غصب ... أنت بتعيط ليه؟ يعقوب 


نزل الصغير وانطلق جريًا لغرفته، صعدت عشق لرعد حتى يذهب له بينما مـ ـسك الصغير صورة زينة وجلس يبكي قائلاً : تعالي يا ماما خديني عندك عشان خاطري 


دخل رعد الغرفة بعدما طرق الباب، جلس بجانب يعقوب الذي مسح دموعه ثم قال : بتعيط ليه؟ 


يعقوب : مش بعيط يا بابا 


مرر رعد يـ ـده في شعر يعقوب قائلاً : طيب على فكرة أنا زعلان، باباك جاي الوقتي هو وعمك عمار من المطار وباباك هياخدك 


يعقوب بلهفة : بجد! 


رعد بحزن مصطنع : أنت فرحان، وأنا زعلان عشان مش عايزك تروح وتسبني 


وقف يعقوب واحتـ ـضن رعد الذي ابتسم، اردف الصغير : متزعلش يا بابا هاجي أشوفك بس أنا عايز أروح اقعد لوحدي، أنا بزعل لما بلاقي اخواتي بيلعبوا وأنا قاعد إنما في بيتنا بقعد ومش بشوف حد بيلعب 


رعد بهدوء : ايه رأيك نروح لدكتور نشوف بقيت بتهبط ليه لما بتيجي تلعب


يعقوب بنفي : لا هيديني حقن 


رعد بإبتسامة : لا مش هيديك وبعدين أنا معاك، قولت ايه؟ عشان تلعب مع اخواتك


يعقوب : حاضر يا بابا 


حمله رعد واتجه للخارج قائلا : يلا بقى ننزل نقعد سوا، ونلعب يا سيدي كمان 


يعقوب بحماس : بجد هتلعب معايا يا بابا! يلا 


نزل رعد مع يعقوب وبدأ يلعب معه، سرعان ما انضـ ـم له الأطفال الخمسة، لكل طفل مكانة خاصة به داخل قلب رعد لكن ميله الأكبر يكون ليعقوب ولا يعرف ما السبب، ربما لأنه يحمل صفات عشق 


تعالى صوت السيارات فانطلق يعقوب قائلاً : بابا جيه 


خابت أماله حين وجد همس وعمار وعاد لرعد، سلمت عشق على عمار ثم همس واستقبلتهم كذلك رعد، أتى يوسف هو الآخر واندفع ابنه له، تحدث رعد : اطلعوا ارتاحوا فوق عما الغدا يتحط


يعقوب : هاجي معاك يا بابا 


صعد يعقوب مع يوم كذلك عمار وهمس ومعهم صقر الذي يريد إخماد فضوله من نحيتهم، جلست عشق بجانبه وربطت على كتفه : أنت مستقل بولادنا ولا ايه! اعرف دول اللي هيفضلوا ليك 


اقترب أولاده منه وهناك من جلس في حضـ ـنه والآخر صعد يحاوط عنقه، تحدث أدم : أحنا بنحبك يا بابا وهنعوضك عن يعقوب وصقر 


أسد : ايوة يا بابا بعدين صقر اسمه صقر عمار ويعقوب يوسف وبيبرس ياسين وأحمد مالك ويحيى جاسر إنما أحنا أدم رعد وأسد رعد وفهد رعد ورعد رعد صح؟ 


رعد ابتسم ثم ضـ ـمهم لحـ ـضنه ومعهم عشق. 


❈-❈-❈


وصلت سيلا منزل أهل كرم ولديها تردد في الدخول، حسنًا ما تفكر فيه الآن هو الهروب بعيدًا عنه، الرجال جميعهم نفس الطين ويملكون لعنة لا تنتهي، دقت الجرس ففتح كرم واحتـ ـضنها قائلاً : حمدلله على سلامتك يا حبيبتي 


سيلا بهدوء : الله يسلمك 


دخلت وسلمت على والدته ثم جلست، توترت ملامحها كليًا وهي تحاول التأقلم مع المكان الذي يوجد فيه كرم، دخل كرم وقال : سيلا قومي ارتاحي شوية، زمانك تعبانة من السفر 


سيلا : ايوة تعبانة 


وقفت واتجهت للغرفة تبدل ملابسها ثم نامت، استيقظت كان قد نام هو فخرجت من المنزل ترن على حورية التي أجابت : أم تميم 


حورية : وصلتي ولا ايه؟


سيلا بتأكيد : اة وارتاحت، ما تقابليني 


حورية بسخرية : سلامة النظر الساعة خمسة الفجر، روحي لعشق يدوبك عما توصلي تكون صحت 


سيلا بضحك : بتهزري 


حورية : لا والله بتقوم ستة ونص عشان ولادها وحاجة آخر أمومة، هتلاقي عندها العيل الأبيض والأسود والحليوة وابو غمازة وكله 


سيلا : طيب يا حسادة اقفلي ارن عليها 


واغلقت مع حورية ثم استمرت في  السير بسيارة كرم ثم اتجهت لقصر الشافعي


دخلت سيلا قصر الشافعي تنظر له بانبهار واضح، تطورات رائعة فيه وحقًا مُبهر، نزلت من السيارة ثم رنت على عشق التي اجابت : الو سلام عليكم 


سيلا بمرح : وعليكم السلام شيخة عشق، لقد قومنا بالدخول لقصرك ونرجو من سيادتك استقبالنا في الداخل


عشق بإبتسامة : بجد هنا! طالعالك 


دقائق معدودة وخرجت تفتح ذر..اعيها، احتـ ـضنت سيلا التي بادلتها بإبتسامة ثم دخلت تجلس معها، تحدثت عشق بصوت مرتفع : دادة صحي الولاد يلا 


سيلا : سمعت عندك جيش 


عشق بمرح : صلي على النبي وبطلي كلام حورية ده، المهم قوليلي عاملة ايه؟ 


سيلا بمرح : ماشي الحال، عماله بلف على حل شعري اهو كل تلت شهور في دولة 


عشق بضحك : طيب ايه كرم مش قادر عليكي 


سيلا بزفير : قادر ... طمنيني عليكي أنتِ


عشق وهي ترفع ذراعيها : معتش عشق يا سيلا بتاعت زمان، بقيت مسئولة 


سيلا بإبتسامة : معلش بس كله يهون قصاد بصة 


عشق بتأكيد : ايوة، بحبهم اوي يا سيلا والله، على فكرة غلطتي لما بعدتي عن فكرة الخلفة دي 


سيلا بتنهيد : لو جبته هيطلع غير سوي يا عشق، هظلمه لو عيشته اللي أنا عيشته، المهم عاملة ايه مع رعد؟ 


عشق بمرح : عشق هي عشق مع رعد بس بصراحة بقى بيعديلي كتير، غلطت فيه لما قولتله على يوسف 


سيلا بزفير : منك لله ... بت بمناسبة يوسف عايزة اشوف ...


" ماما " 

نزل يعقوب جريًا ثم اتجه لعشق التي حـ ـضنته قائلة : في ايه؟ 


يعقوب : أنتِ فين النهاردة؟ 


عشق : قاعدة مع طنط يا حبيبي 


نظر يعقوب لها وهي في الأساس تتابعه وتقريبًا عرفته فهو نسخة من أباه يوسف، تحدث بإبتسامة : سيلا 


سيلا بصدمة : هو عارفني 


عشق بمرح : مش مني 


فتحت ذراعيها واتجه الصغير له، ضمته بصدمة وضحك ثم قـ ـبلت وجنتيه وجعلته يجلس على فـ ـخذيها، تحدثت مع عشق وهي ترفض ترك الصغير الذي يروي فضوله منها. 


❈-❈-❈


فتح زياد باب الشقة وأشار لها بالدخول، دخلت جايدا تنظر حولها ثم صرخت وهي تندفع لحـ ـضنه، كاد يقع بها هي وابنها لكنه توازن وضحك قائلاً : اعقلي يا جايدا طيب الواد ذنبه ايه؟ 


جايدا بإبتسامة : الشقة عجبتني اوي، لا اقنعتني ابقى معاك


زياد وهو يقرص انفها : يا سلام، مش بمزاجك أصلاً، المهم يلا ندخل وهدخل الشنط ترتاحوا وأنا على الشغل 


جايدا بضيق : مش هتقعد معانا يعني! 


زياد : ناموا عما ارجع بعدين هاخدكم مشوار، يلا شطورة 


وبالفعل ادخل اغراضهم ثم اتجه لعمله وهي بدأت في ترتيب الأغراض الخاصه بهما، في حين اعتدلت جمان جالسة وبدأت تهز ياسين حتى يستيقظ لعمله 


ياسين بإبتسامة : صباح الخير 


جمان : صباح النور، قوم يلا 


ياسين : قايم اهو، بصراحة حاسس بمزاجي رايق اوي 


جمان : دايمًا يا رب، هو في حاجة ولا ايه؟ 


ياسين بتنهيد : مفيش بس مش عارف. 


ياسين وقف ودخل الحمام في حين رنت جمان على عشق التي اجابت فورًا قائلة : يا صباح السكر يا مسكر 


جمان : عشق تعالي معايا المستشفى النهاردة 


عشق : طيب هعرف رعد ونتفق 


جمان : طيب 


❈-❈-❈


نزل رعد من أعلى يتحدث مع يوسف بملامح مقتضبة، اوقفه يوسف على السلم وبدأ يشرح له وجهة نظرة التي من ناحية رعد لا معنى لها أمام ما فعله، تنهد يوسف قائلاً : أنت عارف إني بحبها، يعني اسيبها أزاي تعبانة بذمتك كده 


رعد بحدة : مقولتش تسيبها بس متقعدش معاها في الأوضة يا يوسف، أنا ترضاها عليها وهي مرا..تك


صمت يوسف فربط رعد على كتفه قائلاً : دا اللي عايز اوصله ليك 


يوسف بتنهيد : طيب قولي على حل، يعني بذمتك ست سنين مش عقاب 


رعد بإبتسامة : عقاب بس ارجع واقولك " فَصَبْرٌ جَمِيلٌ " يا يوسف 


ظهر على ملامح يوسف معالم الاختناق، تحدث قائلاً : يا رب لو هترجع نصيبي اديني إشارة 


لمعت اعين رعد بضحكة بسيطة ونزل لأسفل مع يوسف، تحدث يعقوب : بابا 


اتسعت أعين يوسف حين وقعت على سيلا التي ترمقه بتحدي، نظر باتجاه رعد الذي اقترب قائلاً : سلام عليكم، ازيك يا مدام سيلا؟ 


سيلا بإبتسامة : الحمد لله


وقف عشق قائلة : يلا يا سيلا نفطر سوا 


سيلا وهي تقف : لا مليش نفس، همشي بقى 


مـ ـسك يعقوب يـ ـدها ونفى برأسه قائلاً : كلي معانا متمشيش لو سمحتي 


رعد : ميصحش تمشي كده، بعدين لسه ملحقتيش تقعدي مع عشق 


سيلا : طيب 


نزل جيش المغول الخاص بعشق خلف بعضهم، تحدث يوسف بمرح : جيش المغول 


انطلقوا عليه ليقع أرضًا وهم فوقه، تعالت ضحكاتهم واردفت عشق : أطول واحد آدم واللي شبه بابا بس شعره بني دا أسد ابني 


سيلا : مين الواد اللي عشق في رعد ده، عسول اوي 


عشق : فهد .. والشقي دا رعد والتاني صقر عمار 


سيلا : ما شاء الله خليتي الواحد يبغي يجيب بنات ويجوزهم ليهم كلهم 


عشق بإبتسامة : اتجدعني ... تعالوا يا ولاد سلموا على طنط سيلا 


انحنت سيلا تُقـ ـبل وجنة كلاً منهما وقد أحبتهم، دخلت غرفة الطعام معهم تتناول طعامها، عشق ليست تلك صديقتها فهي تغيرت وباتت تهتم بمن حولها كثيرًا، تحدث يوسف : عمار لسه نايم 


عشق : ايوة وشكلهم مش هيقوموا الوقتي


يوسف : هيعملوا ايه صحيح؟ هياخدوا صقر 


صقر بانزعاج : ياخدوني ليه؟ أنا اسمي صقر رعد أصلاً 


يعقوب باستفزاز : لا صقر عمار وهتروح مع باباك 


صقر بغيظ : طيب ما أنت اسمك يعقوب يوسف وهتروح مع باباك 


رعد بهدوء وهو يترك ما بيـ ـده : مفيش حاجة اسمها صقر عمار ولا يعقوب يوسف، البيت دا لكله ولو مش حابين تروحوا براحتكم محدش هيغصبكم 


اندفع يعقوب يحـ ـضن رعد كذلك صقر الذي قال : أنا مش هسيبك يا بابا 


سيلا : ستة مش كتير عليكم 


عشق بهدوء : هدي صوتك رعد بيتضايق، أصلاً هو مش حابب يروحوا مع أهلهم، متعلق بيهم اوي


سيلا وهي تنظر لأولاده : ولادك يا عشق يحسوا بتأثير او عنصرية 


عشق بزفير : تقولي لمين يا سيلا! أومال لو شوفتيه مع ليلة بنت لارا ... تعبت 


سيلا : زينة مخدتش يعقوب ليه؟ يوسف منعها 


عشق بنفي : لا هي سابته من يوم ولادته، وبعدها بفترة اتجـ ـوزت وبتربي ولاد واحد تاني وهاين عليها ابنها وعمار ساب لينا ابنه تحت مسمى لسه صغير ومش حمل طفل، رعد مهنش عليه العيال وحبهم ذي ولادنا والوقتي كل واحد عايز ابنه واخبط يا رعد راسك في الحيطة


وقف أولاده واتجه فهد لها يُقـ ـبل وجنتها كذلك أولادها ثم اتجهوا لرعد الذي انحنى وضـ ـمهم أربعتهم ثم همس ببعض الكلمات جعلتهم يبتسموا 


يعقوب : سيلا هتخليني اشوفك تاني صح؟ 


سيلا بتأكيد : طبعًا يا حبيبي 


يعقوب : باي 


ذهب الأولاد كذلك رعد الذي قَـ ـبل جبينها وبقى يوسف يتابعها، خرجت مع عشق قائلة : دا بقى تنح اوي 


عشق : مش مصدق إنه شايفك خالص


سيلا بزفير : مش بالشكل ده! بعدين هصدقه يعني 


عشق بتأكيد : ايوة تصدقيه يا سيلا، يوسف اتغير اوي كمان بقالي كم سنة هبـ ـوس رجله عشان يتجـ ـوز عشان خاطر يعقوب مش راضي، ومرضاش يرد زينة كمان 


كاد يوسف يدخل الغرفة لكنه توقف يستمع لها : المفروض عشان كده انسى صح؟ واروح اتطلق كمان وارجع لكل اللي عيشته، عارفة يا عشق لو عندي يقين بنسبة واحد في المية إن يوسف بيحبني كنت عافرت بس الحقيقة هو حب حبي ليه واهتمامي .. يوسف مش أذاني هو دمرني وبسببه اتهورت واتجـ ـوزت كرم اللي قضى عليا، عارفة بجد أنا بحسدكم اوي ومش عارفة ذنبي ايه في كل ده او امته هرتاح


صمتت قليلاً ثم قالت : امته هحط راسي على المخدة وأبقى مطمنه ومش خايفة، امته هبقى.... فرحانة واقول ربنا عوضني، ويا ترى لو حصل هنسى يا عشق؟ هنسى أذية يوسف ليا وإني جريت واتذللت ليه عشان يرجعلي، ولا هنسى ضرب كرم واغتـ ـصابه ليا بدل المرة ألف، هنسى إهانته ولا هنسى كلامك ليا وأنتِ صاحبتي، هنسى ضـ ـرب عاصم ولا ضـ ـرب اعمامي ليا، هنسى كليتي اللي راحت 


معاناة اختصرتها في كلمات خرجت كالنيران، رن كرم عليها فاضطرت ان تستأذن وتذهب، قادت سيارته وهي تتذكر كل ما حدث معها، للحظة ارادت الانتحار والانتهاء من كل هذا 


" أنا عايشه ليه؟ " 

سؤال تردد في رأسها وأمامه حائط كبير، ضغطت على المكابح في نيتها الطرق بالحائط والانتهاء لكن في آخر لحظة ظهرت صورة يوسف ومنعتها. 


سندت على عجلة القيادة وانفجرت باكية بصوت مرتفع، زاد بكائها وزاد حين فاض بها ... عذرًا فقد ظلمتها الحياة بما فيه الكفاية 


❈-❈-❈


وقف عشق على مقدمة المستشفى تتلقى الترحاب من المدير نفسه، ينحني انحناء بسيط ويشير للداخل وحوله اعوانه كذلك الكثير من الأمن ولا احد يجرؤ على رفع عينه فيها والنظر لملامحها 


المدير : يا أهلاً وسهلاً بالهانم، والله المستشفى كلها نورت، الدنيا كلها تحت امرك


عشق بتمتمة : يخربيت الأوڤر 


المدير : بتقولي حاجة يا فندم 


أشار بسام أمامها واردف بحدة : الهانم مش بتحب اللمة حواليها، لو سمحت تفضلي اللمة دي كمان الأمن كله بره


وفي ثواني تم فض هذا الزحام ودخلت عشق مع چمان، تحدثت چمان : لما قولتيلي أشوف رعد مكنتش مصدقة إنه هيوافق 


عشق : ليه يعني؟ أنتم على فكرة فاهمين رعد غلط خالص، هو مش مانعني من الخروج ولا مانعني من الشغل حتى بس جنبه وخلاص، أنا اللي رافضه عشان الولاد


چمان بأسف : ظلمتي نفسك بيهم اوي 


عشق بإبتسامة : لا ظلم ولا حاجة، البصة في عينهم دنيا تانية بعدين كفاية إنهم من رعد


فتح بسام لهما الاسانسير فاردفت چمان : مش مصدقة حبك لرعد 


تنفست عشق بصوت مرتفع ثم قالت : ولا أنا 


دخلت للطبيبة مع چمان، وبدأت الطبيبة تفحص چمان ثم انتهت قائلة : الف مبروك يا مدام، أنتِ حامل 


عشق بصدمة : بجد!


الطبيبة بمرح : هي مش أنتِ 


عشق وهي تصفق : ما بجد برضو ... مالك يا چيچو مش فرحانة ليه؟


چمان بتوتر : مش عارفة، هو المفروض افرح؟ 


عشق : اكيد، أحلى حاجة في الدنيا دي الولاد


بدأت الطبيبة تلقي تعليماتها ثم خرجت معها، وجدت لارا تجلس شاردة الذهن، تحدثت عشق : لارا 


فرت الدموع من أعين لارا سرعان ما مسحتها قائلة : أنا حتى متعمليش فرح ذي باقي الناس، أنا اديت وبس. 


فكرت عشق أهذه وسيلا هم المظلومين وأمثال عشق يعيشوا بسلام، الذنب الأكبر الذي فعلوه هو الحب، تحدثت عشق : بتعملي ايه هنا؟ 


لارا بزفير : بكشف، طلعت حامل، متقولوش لحد


چمان بصدمة : معرفتيش أدهم


لارا بسخرية : أدهم مين؟ جـ ـوزي اة افتكرته لا معرفتوش لسه


جلست عشق بجانبها تحاوط كتفها، أكملت لارا حديثها : أنا جايه عشان انزله يا عشق بس الحقيقة مش هاين عليا، مقدرش اقـ ـتل روح جوايا، دي مش أنا 


عشق : عايزة تمـ ـوتيه ليه؟ كل اللي بينك وبين أدهم الوقتي مكنش اكبر من وقت ليلة وجبتيها، متظلميش الطفل


لارا وهي تضـ ـم عشق : مش هظلمه 


سار زياد مع أحد الأطباء الذي يعطيه فكرة عن جو المستشفى، كاد يطرق بها لكنه تراجع في آخر لحظة قائلاً : أسف مقصدش 


چمان بهدوء : ولا يهمك 


زياد بصدمة : جايدا! 


چمان باستغراب : أفندم! 


زياد بهدوء : لا بعتذر مرة تانية. 


في حين وقفت جايدا وفي يـ ـدها شيء تمسح بيه الشبابيك، لم ترد النوم بدون زياد التي تعلم أنه لن يرتاح، تنهدت وهي تستنشق الهواء الذي يداعب خصلاتها في نفس الوقت كان ياسين يمر بسيارته واستوقفته جايدا، حاول تكذيب عيناه لكن مهلاً هي في الدور الخامس كيف يعرفها من خيالها، بالتأكيد يتخيل .... سار ياسين وهو يضحك ساخرًا على نفسه التي جعلته ينظر لأعلى ويظن أنها جايدا. 


❈-❈-❈


" كنتِ فين؟ "

هذا ما قاله كرم بحدة واضحة قابلتها ببرود تام وهي تقول : عند عشق 


كرم بانفعال : ومين سمحلك؟ 


سيلا بلامبالة : أنا سمحت لنفسي بعدين دي صاحبتي اكيد مش هتمنعني عنها 


كرم وهو يجـ ـذب ذراعها : أكيد لما تكون أخت يوسف يبقى لازم امنعك عنها، ويا ترى روحتي كده ولا عشان عارفه إنه هناك؟ 


حاولت دفعه يـ ـده عنها قائلة بحدة : سيب إيـ ـدي بعدين أنت مش هتحاسبني، أنت ليك إني مش بخونك وشكرًا، اسمي سيلا ربنا خلقني سيلا مش تابعة كرم فاهم؟ 


جذب فكها قائلاً : أنتِ الظاهر نسيتي التعامل معاكي بيبقى أزاي، أنتِ تحت رجلي 


سيلا بتحدي : وأنت نسيت أنت عندي ايه، لو أنا تحت رجلك فأنت ولا اي حاجة 


" اخرسي "

قالها وهو يصـ ـفعها بقسوة، شعرت بطعم الدماء عقب اصطدام شـ ـفاها بأسنانها وجعدت جبينها بألم، أكمل كرم حديثه : بتحبي تطلعي اوحش ما فيا، شكلك اتعودتي تكوني كلبة وتتعاملي معاملة الحيوانات 


ضحكت ساخرة ثم قالت : أنتِ ليه مش مستوعب إني مش عايشه عشانك، لو عندك كرامة طلقني 


كرم : بالعند فيكي لا وخليكي كده لا طايلاه ولا طايلة سعادتك 


سيلا بسخرية : خدتني من مرارهم وعيشتني في مرار أكبر، فكرتك ابن ناس طلعت زبالة، يوسف أذاني اة بس عمره ما رفع إيـ ـده عليا، كان راجل معايا وعشان كده مقدرتش انساه بالدنيا 


وكان من نصيبها الضـ ـرب المبرح الذي اعتادت عليه، اجل لقد اعتادت على هذا من العالم اجمع إلا يوسف الذي رفعت يـ ـدها وسددت له صفعة، لم يردها ولم يكن من طبعه، سيء وترك أثر أسوأ لكن يظل الأذى النفسي اهون بكثير من معناة كل لحظة هذه.


❈-❈-❈


عادت عشق تحمل أثقال على اكتافها من صديقاتها، بدأت تنشغل في أعمال المنزل محاولة نسيان وضع لارا وسيلا كذلك حزن چمان التي تحاول إخفائه لكنها تفشل ... حاوط رعد خـ ـصرها فشهقت بخفة ليردف : عقلك فين؟ 


عشق بهدوء ظاهري : كويس إنك جيت، أنا متضايقة اوي على مخنوقة كده 


رعد باستغراب : في ايه مالك؟ 


التفتت له واستندت برأسها على صـ ـدره، وكأن العالم توقف عند هذه اللحظة واختفت الكلمات في حضور الرعد 


" بتعملوا ايه؟ " 

هذا ما قاله رعد الصغير بفضول محبب لقلبهما، فاردفت عشق : بحب في جـ ـوزي حبيبي يا بارد، اطلع بره 


رعد بتفكير : جـ ـوزك اللي هو بابا، بابا اللي هو متجوزك عشانا وممكن يطلقك


اتسعت اعين عشق ثم نظرت لرعد الذي ضحك، تحدث وهي تضيق عيناها : حقا يا رعد! 


رعد وهو يحرك كتفه : ولو حقا مفكراه هيقولك!


عشق : أنت مستحيل تكون طفل، ولا أنت ابني أنت لقيط، أصلاً انا لقياك على باب مسجد، روح شوف أهلك ياض 


وقف صقر بجانب رعد وتحدث : يا ماما رعد اخويا قالي إننا جايبينك مش قدام مسجد عشان تخلفينا 


عشق : أنت جبت الكلام ده منين يا رعد


رعد : منك يا ماما ما أنتِ كل اما تضايقي تقوليلنا كده، فبدأنا نقول عليكي كده 


نظرت عشق باتجاه رعد الذي يضـ ـمها ويضحك، دخل فهد مع يعقوب جريًا ووقفوا أمام رعد، تحدث فهد : حقا يا بابا أنت قولت ليعقوب اللي هيقولك عايز يتجوزها هتجوزها ليه؟ 


رعد الكبير : ايوة 


فهد وهو يهز جزعه العلوي : طيب أنا عايز اتجوز رقاصة من اللي بتعمل كدهو 


شهقت عشق ونظر رعد لها ثم لفهد قائلاً : شوفتها فين دي؟


فهد : في التلفزيون 


اكتفى رعد بهز رأسه ثم قال : طيب يا فهد عيب يا بابا تتفرج على الحاجات دي 


تسأل رعد الصغير بطفولية في نفس الوقت دخل عمار وهمس : عيب يا بابا ولا حرام ؟


عمار باستغراب : هو فيه فرق؟ 


صقر بتأكيد : أيوة العيب عيب يخصنا أحنا البشر، الحرام يخص ربنا، العيب ممكن يتعمل الحرام منعملوش نهائي لو هنموت، فهمت يا بابا؟ 


رعد بإبتسامة : شاطر يا صقر، ودا حرام يا رعد متعملش كده تاني يا فهد 


فهد : حاضر يا بابا 


رعد الكبير بخبث : بمناسبة سؤالك يا رعد النهاردة هسمع ليكم قرآن


نظروا لبعضهم فاردف رعد بنبرة أشبه بالبكاء : انا مني لله


دخل آدم وبجانبه أسد، ابتسم آدم قائلاً : بابا مش هتسمعلي بقى 


اتجه رعد لأبنائه يضم كلاهما قائلاً : ليكم جايزة كبيرة اوي عندي، وأنتم الأربعة يا قرود بعد الغدا هسمع ليكم والشاطر ميبقاش حافظ


حرك رعد رأسه قائلاً بنبرة شبه باكية : أنا هبقى شاطر ومش حافظ 


انطلق جريًا وتعالت الضحكات عليه، صعد رعد يحضر مصحفه ثم نزل جريًا يبحث عن بسام، وجد بسام يتحدث مع الأمن فاردف بصوت عالي : بساااام الحقني يا بساااام عصابة 


بسام باستغراب : عصابة ايه؟


رعد وهو يشير للداخل : هجموا علينا وقتـ ـلوا صقر وابوه و ...


تحفز بسام وكاد يخرج سلاحه لولا ضحكة رعد الذي رفع مصحفه قائلاً : بهزر معاك، خد حفظني القرآن عشان بابا هينفخني، بسرعة قبل الغدا عما بابا يغير يلا 


انفجر بسام ضاحكًا وهو يداعب شعره قائلاً : أنت مش هتبطل شقاوة 


قشعر ملامحه واردف : لا مش هبطل حفظني بقى 


بسام وهو يأخذه لغرفة الأمن : هحفظك بس هقول لباباك إنك كذبت وهو يتصرف


رعد : متقولش مش هتتكرر بس خليه في سرك


بسام : هفكر. 


❈-❈-❈


وقف يوسف في منتصف شقته معها، مسك ورقة مرت عليها سنوات لكن ما زال خطها يزينها، كلماتها لعشق ترن في أذنه كلمة تلو الأخرى بقسوة، نزل وسار في الشوارع في نفس الوقت كانت تسير هي الآخرى، وقفت أمام العمارة التي تسكن فيها مع يوسف 


يوسف : سيلا 


ترتدي نظارة شمسية سوداء والدموع تنزل من أسفلها، وقف أمامها قائلاً : أنتِ جيتي هنا ليه؟ 


سيلا بحدة : وأنت مالك


يوسف بإبتسامة : طيب لابسة نضارة ليه؟ حد يبقى عينه خضرا ويخفيها 


سيلا بانفعال : ملكش دعوة بيا 


يوسف بتنهيد : طيب ... أنا عايز اقولك إني اة السبب في كل اللي حصلك بس والله حقك اتاخد مني، كل لحظة كنت بحط راسي على المخدة وعارف إن راسك جنب راجل تاني كان بيتاخد، كل مرة ببص فيها لابني وافتكر إنه مش منك بيتاخد، شغلي بيتي حياتي اللي بحبه واللي بكرهه كان بيفكرني بيكي، أنا حبيتك حب عمر ما حد يتخيله ودموعي يوم اما نزلت منزلتش غير عشانك من البداية 


تعالت شهقاتها الباكية ثم سارت مبتعدة فاتجه خلفها قائلاً : قوليلي بس بتعيطي ليه؟ بسببي صح؟


سيلا : مش بسببك يا يوسف 


وقف أمامها قائلاً : لا بسببي، متعيطيش ولا مستاهلش دموعك يا سيلا، طيب تيجي احكيلك نكتة 


سيلا بتنهيد : كفاية يا يوسف متناهدش فيا 


يوسف : طيب اعملك ايه؟ هاتي النضارة دي 


وسحب النظارة الشمسية، تفاجىء بالكدمة الموجودة جانب عيناها، جذبتها منه صارخه به : أنت غبي 


يوسف بصدمة : مين عمل فيكي كده؟ هقتله اكيد هو اللي عمل كده


جذبت سيلا ذراعه قائلة : استنى يا يوسف 


يوسف : ابن الـ •••• مش هسيبه، أنتِ يتعمل فيكي كده


صرخت سيلا به وهي تدفعه : ملكش دعوة بيه، هو جوزي


مسك فكها فأطلقت صرخة متألمة، أغمض عيناه بقوة واردف : حرام عليكي، جـ ـوزك محروقة لمحروق اللي جابوه، يعمل كده ليه؟ قتلتيله حد؟ ردي يا سيلا ايه يستاهل أنتِ بالذات يتعمل فيكي كده


انسابت دموع سيلا وبدأت بضربه في صـ ـدره صارخة : أنا بالذات ايه يا يوسف؟ مكنتش بالذات وأنا مر..اتك ليه؟ أنت ليه فتحت عليا الباب ده، أنت المصيبة في حياتي يا يوسف سامع أنتِ سبب كل كارثة حصلتلي حتى وجودي في الدنيا دي بسببك 


يوسف بغضب : ربنا ياخدني يا ستي من وشك 


سيلا : لو خدك هياخدني يا يوسف، هموت والله هموت وراك 


يوسف : ارجعيلي ... عاقبيني وأنا جنبك 


انطلقت جريًا مبتعدة عنه دون رد، اتجه يوسف لسيارته وقادها عائد لقصر الشافعي، وجد رعد ينزل من أعلى فاتجه له قائلاً : تعالي عايز أكلمك في حاجة 


رعد باستغراب : في ايه؟ 


سحبه يوسف ودخل به المكتب سرعان ما بدأ يقص له ما حدث، تنهد قائلاً : أعمل ايه يا رعد؟ جيتلك قبل اي تصرف اهو 


رعد بتنهيد : أنا هكلم كرم 


يوسف : الحل مش إنك تكلم كرم يا رعد، أنا بحب سيلا 


رعد بزفير : بس هي مر..اته


يوسف بانزعاج : مش مقدرها 


رعد بهدوء : هي تحكم في الأمر ده مش أنت يا يوسف، بس ابعد عن طريقها يا يوسف، بكفاية اللي حصلكم اكيد أنت مش حمل ذنب تاني تعمله


يوسف بصوت عالي : أنا بحبها وعايزها يا رعد، ست سنين والله كتير اوي 


تنهد رعد وربط على كتفه قائلاً : ربنا سبحانة وتعالى قال " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "


يوسف : ايوة وفي الآخر متبقاش نصيبي وابقوا اسألوا يوسف اتجنن ليه


رعد بحدة : يوسف اجبهالك من الآخر كده ومن غير زعل


يوسف بزفير : هتتعبني بالكلام متقولش 


صمت رعد قليلاً يستجمع ما يقول ثم قال : بص يا يوسف أنت دماغك دماغ أختك وأنا بصراحة حاولت أبقى على هواك بس مش عاجبك عشان كده اسمع مني لأن يشهد عليا ربنا، الطريق اللي أنت ماشي فيه خراب بيوت ناس، أنت بتسعى لخراب بيت واحدة عشان تتجوزها وأخرة الطريق ده وحشة وهتتحرم عليك الجنة وهتؤدي بيها لطريق هي مش شبهه ... متخليش الحب يعمي بصريتك يا يوسف أحنا مسلمين 


تراجع يوسف خطوة للخلف ونكس رأسه قائلاً بخفوت : ساعدها أنت 


رعد بهدوء : هساعدها يا يوسف بس اطلع أنت من الموضوع، وسيبها على الله 


يوسف قبل ان يتجه للخارج : حاضر 


صفق رعد الصغير بمرح حين أنهى الحفظ بسلام، فهو شديد الذكاء لكنه يأبى الاستسلام لأمر كالتعليم والحفظ وهكذا 


تجمع الكل على الطعام وبدأوا يتناولوا طعامهم بصمت، انتهت عشق ووقفت تتجه للمطبخ تحضر للأولاد بعد التسالي 


جلس رعد وأمامه آدم الذي بدأ يتلو القرآن، أتت عشق وجلست بجانبه قائلة : طالع ذكي ذي أمه 


صمتت قليلاً ثم أكملت : وعسل ذي أبوه


ضحك رعد ثم أشار بعيناه : يلا يا عشق اقعدي ورا مش ناقصاكي 


أشار الأولاد لها بترجي فاردفت وهي تُقـ ـبل وجنته : خلاص يا رعودي مش شرط النهاردة 


نظر رعد للأولاد الذي لمعت أعينهم فاردف بهدوء : خلاص يا حبيبتي، اجهزي بعدهم هسمعلك سورة البقرة ومريم 


شهقت عشق بصدمة بينما انفجر الأولاد ضاحكين، ضرب رعد كفه بكف صقر ثم يعقوب وأسد، خلعت خفها المنزلي واردفت : أنتم بتستغلوا طيبتي يا حيوانات، أنا هعرفكم


رعد بإبتسامة : أنتِ عبيطة وكل مرة بتقعي في نفس الفخ


ضحك يوسف وعمار عليها حين دبت قدمها في الأرض، اخذت المصحف وبدأت تراجع سريعًا، بدأ رعد يستمع لأولاده واحد يلو الآخر ويخرج هدية من ينجح، رعد عقابه لأولاده هو حرمانهم من الهدايا المختلفة مثل اخواته فكانوا يروا الأمر كبير أن الجميع يتكرم سواه 


جلس رعد أمام والده وبدأ يسمع له، نظروا لبعض واردف يعقوب : دا مكنش حافظ يا بابا 


فهد وهو يقف : يا بابا غلط احنا نحفظ ونراجع ورعد يروح لعمو بسام يخليه يحفظه وياخد هدية ذينا


رعد الصغير بعبوس : ولادك حقودين يا بابا 


رعد بإبتسامة : هنتكلم في الحوار دا بليل يا رعد


اغلق رعد المصحف وأتت فقرته المفضلة، فكان من صفاته يفتح المصحف حين يسمع للأولاد لكن عشق يغلقه وينظر لها، مسك يـ ـديها ونظر لعيناها وهي تبدأ 


وضع رعد يـ ـده على خده والجميع ذهب وظلت هي وهو فقط، كل قليل تقول : صدق الله العظيم، حرام عليك يا رعد متبصش ليا كده 


رعد : أعمل ايه بحـ ـبك 


عادت تكمل تسميع حتى انتهت من سورة البقرة، احضر كوب ماء لها ثم قال : كفاية عليكي كده الوقتي 


عشق وهي تفتح يدها : فين هديتي؟ 


قبل باطن كفها واردف : اللي نفسك فيه هيكون 


اعتدلت واقفة ثم جلست في حـ ـضنه قائلة : عمار هياخد ابنه ويوسف هياخد يعقوب 


هز رأسه بمعنى أجل فأكملت : مش عايزاك تزعل، مبحبش اشوفك زعلان 


ابتسم رعد بخفة قائلاً : فاكرة زمان لما كنت بتحمل كل تصرفاتك وبتستغربوا كلكم


هزت رأسها بمعنى ايوة فأكمل : أنا الوقتي بستغرب أزاي بأطباعي الجديدة قادرة تكوني كده 


طبعت قُـ ـبلة قوية على وجنته ثم قالت : شيء يخصني 


حملها بين يـ ـديه ثم صعد بها للدور الأعلى حيث جناحهما، رتب خصلاتها قائلاً : متزعليش مني، أحيانًا ببقى أناني فيكي بس دا من حبي وببقى شديد ... 


عشق وهي تقرص أنفه : دا طبعك حفظت ... أنت مش طبيعي النهاردة 


رعد بتنهيد : كنت قاعد النهاردة وفكرت شوية لقتني بزعلك اوي 


عشق بحزن : النهاردة لما كنت في المستشفى، كنت ماشية أنا وچمان ولارا بعدين ... 


اختنق صوتها وهي تقول : لقيت دكتورتين بيتكلموا وحسيت إن قصدهم اسمع، قالوا هي دي مرات رعد الشافعي، وقعته أزاي دي، شكلها لا يليق بيه ولا منظرها


انفجرت باكية فاردف وهو يضـ ـمها : يا نهار ابيض، بتعيطي وهما قاصدين اومال لو طلعت عفوية، عشق متزعليش طيب عايزة ايه؟ 


عشق ببكاء : هما بيقارنونا بناءًا على ايه؟ أنا كنت صح لما بعدت عن العالم اللي بره ده واكتفيت بيك وبولادنا 


مسح دموعها واردف بحزن : أنا اللي عملت فيكي كده صح؟ 


عشق : عملت ايه؟ 


رعد بتنهيد : سيبتك للبيت، عشق هتنزلي معايا الشركة الأيام اللي بنزلها 


عشق : مش عايزة اشتغل 


رعد بهدوء : خلاص أنا قررت، هتنزلي معايا أربع وخميس الشركة وتشوفي الدنيا فيها ايه، ولو حبيتي تكملي باقي الأسبوع كملي 


عشق بتوتر : الولاد يا رعد، لا مش هسيبهم، يولع الشغل والدنيا كل دا هيروح بس ولادي مش هينسوا 


رعد وهو يرتب شعرها : حبيبتي أنتِ هتيجي بعدهم على طول بعدين دول يومين، هما مش هيقعدوا من غيرك حاجة بعدين مش معنى إنك تشوفي نفسك وحريتك ولادك يزعلوا 


ظهر التردد على ملامحها كذلك الخوف، ربط على يـ ـدها قائلاً : متخافيش يا عشق، وجربي 


هزت رأسها بمعنى أجل ثم قالت : يلا ننزل شكلنا بقى وحش وهنتفهم غلط 


رعد بخبث : بما إن كده كده هنتفهم غلط، خلينا نتفهم بجد بقى 


اطلقت ضحكة عالية جعلته يضحك هو الآخر. 


❈-❈-❈


" زيااااااد " 

صرخت باسمه في أذنه فخرج من شروده قائلاً : يا جايدا ودني حرام عليكي 


جايدا وهي تعـ ـض وجنته : بقى أنا يا غلس افضل صاحيه عشانك وفي الآخر تجيلي سرحان، أكيد من البنات اللي بتشوفهم هناك ولا استنى يمكن في حب قديم شوفته هناك خلى قلبك يدق يدق ليه


زياد بسخرية : مؤلفة روايات بربع جنية إنما ايه حاجة لوز


جايدا وهي تنظر له : خلاص مش هألف، قولي بقى بتفكر في ايه؟ 


زياد بتنهيد : شوفت واحدة نسخة طبق الأصل منك النهاردة 


اتسعت أعين جايدا لتردف بلهفة : بجد يا زياد! يعني ممكن  تكون من أهلي 


زياد وهي يهز رأسه : مش عارف ... هحاول اعرف مين دي واكلمها


خفق قلبها بقوة حين قال هذا، فهو فكر في امرها قبل ان تطلب منه، جلست في حضنه وضـ ـمته بقوة فابتسم قائلاً : المهم وحشتيني 


جايدا بتفكير : زياد 


زياد بإبتسامة : نعم 


جايدا : بفكر انزل اشتغل بصراحة، كده هحس بملل 


زياد بنفي : تؤ أنا عندي فكرة تانية تشغلك 


ضيقت عيناها فأكمل : نجيب بنوتة ذي القمر ذي مامتها


جايدا بنفي قاطع : لا.


❈-❈-❈


جلست لارا بجانب أدهم النائم شاردة الذهن، ودون مقدمات انفجرت في البكاء سرعان ما بدأت في الصراخ، انتفض أدهم جالسًا وجذبها له فعادت تصرخ بإنهيار 


أتى الجميع على صوتها ولم يجرؤ أحد على الدخول سوا ليلة التي انتفضت خائفة وهي تنظر لوضع أمها، دخل بيبرس وجذبها للخارج فبدأت تشير على لارا قائلة : ماما ... ماما ... ماما 


فرت دموعها وأغمضت عيناها بقوة فاحتـ ـضنها بيبرس، هدأت لارا عقب إغمائها واحضروا لها طبيب ... فتحت عيناها وجدت الكل حولها فاردفت بهدوء : اطلعوا برة 


ضـ ـمت جـ ـسدها لها بيـ ـديها ودخلت ليلة تربط على كتف لارا قائلة : ماما أنتِ تعبانة؟ 


التفتت لارا لها ونفت برأسها سرعان ما جـ ـذبتها لحـ ـضنها تضـ ـمها بقوة، بكت ليلة كذلك لارا. 


❈-❈-❈


" البقاء لله "

هذا ما قاله الطبيب لكرم على والدته عقب فحصها، شهقت سيلا بصدمة بينما فرت دموع كرم بقهر على والدته، نظر كرم لها وجذبها من عنقها قائلاً : دي دعوتك عليا ... أنتِ السبب، أمي مـ ـاتت بسببك


ضحكت سيلا بسخرية سرعان ما فرت دموعها بقهر، منذ سنوات منعها من والدتها حتى التحدث في الهاتف كي لا تشكو لها مما يفعله كرم فتحاول مساعدتها عن طريق يوسف 


سيلا ببكاء : أمي تعبانة يا كرم، عشان خاطري اكلمها دقيقة واحدة بس ... أمك قالتلك هي عايزة تكلمني 


كرم بحدة : مش هتكلميها يا سيلا 


سيلا بصراخ : افرض مـ ـاتت، تموت وهي نفسها تكلمني


كرم بغضب : تموت، وكلام مفيش ونزول مصر هكسرلك رجلك 


سيلا بقهر وصوت عالي : ربنا يقهرك على انك يا كرم، يا رب تتحرم منك وما توعى تتهنى بأمك ذي ما حرمتني من أمي، ياااا رب 


صرخة قوية خرجت عقب انتهائها وما بين المظلوم والرب حاجز، اليوم وقبل مرور عام على الأمر استجاب الله، لقد جعلها تتجول حول العالم حتى لا تنزل مصر وما حدث أنها عادت لترى المظلومة انتقام الظالم منها بنفس الشكل والطريقة. 


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سماء أحمد من رواية عشق الرعد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة