رواية جديدة وبها متيم أنا لأمل نصر - اقتباس الفصل 27
قراءة رواية وبها متيم أنا كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية وبها متيم أنا
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
اقتباس
الفصل السابع العشرون
- إدخلي يا صبا.
قالها عدي بلهجة تبدوا طبيعية ولكنها تخفي من وراءها، سعادة ممتزجة ببهجة لا مثيل لها، لا يصدق أنه نجح هذه المرة لتأتي إليه بقدميها، رغم عدم استحسانه لهذا الأسلوب الرخيص في البداية، إلا أن النتيجة تستحق، هذه العنيدة المتمردة تدخل إليه الاَن، طالبة المساعدة وهو لن يتأخر معها، يتابعها بعينيه وهي تخطو بتردد، ويجاهد بكل قوة حتى لا تخونه تعابير وجهه، جميلة وبهية لدرجة تحبس الأنفاس بالصدر، فتجعل رؤياها قبلة للنظر.
توقفت فجأة وقبل أن تصل للمكتب، وتوقفت على وسط السجادة التي تغطي الأرضية، لتجعله يجفل بخوف أن تغير رأيها وتعود أدراجها، فقال مشجعًا:
- نعم يا صبا، كنتي عايزاني في إيه بقى؟
همت لتتكلم، ولكنه سبق بقوله:
- طب اتفضلي اقعدي الأول وبعدها اتكلمي، انتي مش هتاخدي اوامرك مني وتمشي، دا انتي طالبة رؤيتي في طلب على حسب كلامك ولا إيه؟
اومأت برأسها صامتة وتقدمت تقطع الخطوتين لتجلس أمامه خلف المكتب، فعاد بجسده للخلف يبادرها بالحديث حتى يسهل عليها المهمة:
- اتفضلي يا ستي، انا سامعك كويس اهو
رفعت عينيها الجميلة إليه بتشتت في اختيار بداية مناسبة للحديث، وهو يتابعها بوله صامتًا، حتى همست قائلة:
- يا فندم انا طالبة حضرتك في أمر... يخص واحدة صاحبتي
- صاحبتك مين يا صبا؟ اتكلمي انا سامعك، ولا اقولك ثواني لحظة.
انتظرت لتجده يتصل بأحدهم قائلًا:
- ايوة يا بني، اتنين عصير لو سمحت، تحبي تشربي إيه يا صبا؟
قال الأخيرة بسؤال مباشر لها، وكان ردها باعتراض واضح:
- لا ما انا مش عايزة اشرب حاجة.
تجاهل حدتها وتابع لمحدثه في الهاتف:
- هات اتنين لمون.
- بس انا حضرتك قولت مش عايزة.
انهى المكالمة ليرد بحزم:
- وانا مطلبتش غدا، دا مجرد عصير يا صبا.
ادهشها هذا الهدوء المبالغ فيه، وهذه الأريحية في خطابها، قبل حتى أن يعرف السبب الحقيقي لقدومها، وكأنه شخص عادي ومتفرغ، لديه من الوقت ليستضيف موظفيه ويطلب العصائر لهم أيضًا.
- ها يا صبا، كنتي عايزاني في إيه بقى؟
سألها لتستفيق من شرودها متذكرة أمرها الجلل، فخرجت إجابتها هذه المرة بشكل مباشر ودون مماطلة، حتى تنهي هذه الزيارة:
- حضرتك انا كنت طلباك في أمر مودة.
رد مستهبلًا يدعي عدم المعرفة:
- مودة دي اللي البنت بتاعة النظافة صاحبتك، مالها بقى؟
اشاحت عينيها عنه بحرج، تلعن الأخيرة لتسببها في هذا الوضع المخزي الذي وضعتها به، فخرج صوتها بصعوبة تجيبه:
- بصراحة انا مش عارفة اقولهالك ازاي بس هو أصل......
توقفت تبحث عن كلمات فتابع يحفزها وعينيه تنهل عن قرب من جمالها، فلا يفصله عنها سوى مسافة المكتب:
- قولي يا صبا متتكسفيش، لو صاحبتك عايزة أجازة مرضية ولا سلفة انا على استعداد...
- لأ هي مش عايزة سلفة ولا أجازة مرضبة.....
قالتها سريعًا لتبتلع ريقها قبل أن تتابع وهي تنهج بانفعال:
- حضرتك مودة طالبة مساعدة مختلفة خالص، وانت ممكن ترفض عادي على فكرة، دا شيء انا متوقعاه، بس انا جيتلك بناءًا عن رغبتها.
تقلصت تعابير وجه ليبدوا أمامها مفكرًا بحيرة قبل أن يسألها:
- صبا جيبي م الاَخر، بجد أنا مش فاهم حاجة.
عاد بها لنفس النقطة التي تجعلها تكره مودة وتكره اليوم الذي عرفتها به، ظهر الإضطراب على قسماتها، ورأسها مطرق نحو الأرض بضيق وانزعاج، فقال ملطفًا ليخفف عنها:
- ليه التفكير الكتير ده يا صبا، قولي عن مشكلة صاحبتك وانا مستعد للمساعدة مهما كان الأمر، كفاية انها من جهتك.
قال الاَخيرة لترفع عينيها إليه غير مستسيغة الجملة، مما جعل الرد هذه المرة يكون بسؤال:
- صحيح هو انت ازاي حضرتك مش عارف بالمشكلة وهي تمت في المول بتاعك؟
ببراعة اخفى ارتباكه، ليرد بلهجة عادية قاربت الإقناع:
- المول دا مجرد رقم في أملاك العيلة يا صبا، وانا راجل بدير مية حاجة تانية معاه، يعني مش بتابعه يومي زي الفندق مثلا عشان اعرف كل اللي بيحصل فيه، المهم دلوقتي بقى، ايه المشكلة اللي عملتها صاحبتك في المول بتاعي؟
عبارته الاخيرة كانت مستفزة لتجعلها ترد على الفور:
- صاحبتي معملتش مشكلة في المول، دي هي اللي اتحطت فيها بغباءها، م الاَخر كدة هي كانت بتشتري فستان من محل هناك، وعلى حسب كلامها يعني، هي لقت خاتم مكنتش تعرف بقيمته، حطيته في جيبها ، وتاني يوم الست صاحبة المحل بلغت عنها.
- يعني هي سرقته يا صبا.
قالها بلهجة ماكرة منتبهًا لهذا التجهم الذي غطى معالم وجهها لترد بقوة:
- ممكن يكون هو كدة زي ما انت بتقول، بس المهم بقى في الموضوع، هو أنها عايزة ترجعه ومش عارفة لانها مسجونة طبعًا، ودا اللي هي قصداك فيه، انك لو تقبل يعني، تستخدم نفوذك أو علاقتك مع الست وتخليها تخرجها، عشان تروح بيتها وتدور على الخاتم بنفسها.
انشق ثغره فجأة بابتسامة أثارت توجسها، قبل أن يفصح لها قائلًا:
- صاحبتك دي جريئة اوي يا صبا، يعني تسرق وعايزاني أنا صاحب المول كمان اتدخل لها.
إلى هنا وقد فاض بها، نهضت تفاجئه برد فعلها قائلة:
- تمام يا عدي باشا، انا كدة عملت اللي عليا، وع العموم صاحبتي كان طلبها منك انساني مش جراءة ولا حاجة، لكن طبعًا انت معاك حق، عن إذنك.....
- استني هنا.....
هدر بالاَخيرة ليوقفها قبل أن تغادر نهائيًا، فهذه المجنونة كادت أن تضيع فرصته بفعلها، ونهض منفعلًا ليلتف حول المكتب فيقابلها بقوله:
- إنت ماشية كدة على طول، هو انا لسة اديت رأيي؟
وترها هذا القرب وهذه النظرات التي لا تريحها منه، ولكنها تغاضت لترد بعزة من شيم شخصيتها المعروفة:
- سعادتك انا عارفة من الأول ان الموضوع صعب، وأدخلت فيه مضطرة تحت إلحاح مودة وخوفي على مستقبلها، ولتاني مرة بقولك، أنت لك حرية الأختيار ، في أنك تقبل أو ترفض، المهم ان انا عملت إللي عليا.
أنهت جملتها ونزلت بعينيها على الأرض، متكتفة الزراعين في انتظار قراره، ولا تعلم أنه قد سرح في ملامحها، بعد أن تقلصت المسافة بينهم، لتزيده انبهارًا بها، مميزة وفريدة في كل شيء، ليته قابلها منذ زمن.
حينما طال شروده رفعت عينيها إليه بتساؤل جعله يتحمحم مستجمعًا نفسه ليرد برسمية لا تخلو من المماطلة:
- خلاص يا صبا، انا هبحث الموضوع ده بنفسي واشوف اتصرف فيه ازاي؟
اومأت برأسها لتخرج تنهيدة مثقلة، وكأنها أزاحت همًا من صدرها، لتستأذن خارجة، فتتركه يراقب سيرها حتى خرجت من الغرفة وأغلقت الباب خلفها، فاستطاع التحرك اخيرًا،
ليجلس على حافة مكتبه بانشداه ظل ملازمه لعدة لحظات، وهو بعيد برأسه اللقاء من أوله، ليردد بعد ذلك بذهول مع ابتسامة ارتسمت على ملامحه:
- دي حتى مدتنيش فرصة عشان اشد ولا ارخي، يا نهار أبيض، قال وانا اللي كنت راسم وحاطط خطط.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر (بنت الجنوب) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية