-->

جديدة قلوب حائرة (الجزء الثاني) لروز أمين - الفصل 35

 

رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة روز أمين
رواية قلوب حائرة
الجزء الثاني



رواية جديدة 

تنشر حصريًا 

على مدونة رواية وحكاية 

قبل أي منصة أخرى


الفصل الخامس والثلاثون

خرجت ثُريا إلي حديقتها لتستنشق بعضاً من هواء البحر علهُ يُحسن من حالتها الصحية والمزاجية في ظل ما تعيشهُ مؤخراً من ضغوطات،تحدثت نرمين التي أتت لتطمأن عليها مصطحبة صغارها: 

-أنا هدخل أساعد يُسرا في الأكل اللي بتعمله لمليكة وإنتِ خلي بالك من رائف وعلي يا ماما


مش عاوزة حاجة أعملها لك؟...هكذا سألتها فعقبت ثُريا قائلة: 

-إعملي لي كباية عصير برتقال

  


أومأت لها بهدوء وأجابتها: 

-حاضر يا حبيبتي 



تحركت إلي الداخل وبدأت ثُريا تنظر بترقب إلي الزهور من حولها،تنفست بهدوء في محاولة منها للإسترخاء علها تنالُ قسطاً منه،رأت خيالاً يوحي بدخول أحدهم عبر البوابة فحولت بصرها لتتطلع وتكشف عن هوية الزائر



ضيقت عيناها متعجبة حين رأت منال تدخل بخطوات هادئة،تابعتها بعيناها حتي وصلت إلي جلوسها وتحدثت بنبرة هادئة:

-ازيك يا ثُريا



أهلاً يا منال...نطقتها بصوتٍ خافت نظراً لحالتها ثم استرسلت وهي تُشير إليها بكف يدها لتستدعيها للجلوس:

-إتفضلي



سحبت منال المقعد وجلست فوقهُ وتحدثت بايضاح:

-كنت بكلم ياسين من شوية علشان أطمن علي مليكة فقال لي إنك تعبتي إمبارح في المستشفي،قُلت أجي أطمن عليكِ 


عقبت علي حديثها بنبرة هادئة: 

-فيكي الخير يا منال،أنا الحمد لله كويسة 



هزت رأسها بهدوء ثم أردفت بنبرة شاكرة: 

-أنا متشكرة يا ثُريا علي وقفتك معايا في جنازة ليالي وعلي إنك أخدتي بنت عُمر عندك وراعيتيها بعد ما أبوها رفض وجودها في البيت 



أجابتها بنبرة صادقة: 

-إحنا أهل ومفيش بينا شُكر،وياما عدت علينا أزمات وإحنا مع بعض،ربنا يكملها بالستر إن شاء الله 


إن شاء الله...نطقتها بخفوت وصمتت وكأن بجوفها أحاديث تريد البوح بها لكنهُ الخجل هو من يمنعها،بادرت ثُريا بسؤالها كي تقطع ذاك السكون: 

-نرمين بتعمل لي عصير برتقال جوة،تشربي معايا ولا أخليها تعمل لك حاجة تانية؟ 



عقبت قائلة: 

-مش عاوزة أشرب حاجة يا ثُريا 


ثم أخذت نفساً عميقاً واسترسلت بعدما إستدعت جرأتها علي الحديث: 

-أنا جاية لك وطالبة منك خدمة واتمني ما تكسفنيش فيها


قطبت ثُريا جبينها وتابعت الحديث بترقُب فاسترسلت الأخري بإيضاح: 

-قبل أي حاجة أنا جاية أتأسف لك علي الكلام اللي أنا قُلته في حقك 


واستطردت بدمعة نزلت من عيناها بإنكسار:

-ربنا أخد لك حقك مني يا ثُريا،كلمة حسبي الله ونعم الوكيل اللي قُلتيها لي في وشي ربنا إستجابها وحول حياتي لجحيم في أقل من شهرين



هزت رأسها بأسي واردفت باستياء: 

-أنا لما إستجرت بربنا ما كنتش بدعي عليكي يا منال ولا كان ده قصدي


واستطردت بوجع ظهر بَيِنّ داخل مقلتيها: 

-أنا قُلتها لما إتوجعت من إتهامك الباطل ليا وأنا الشريفة اللي عُمر ما حد جاب سيرتي غير بكل الخير،لما قولت حسبي الله ونعم الوكيل كنت بقولها من وجع،بس والله ما كنت أقصد بيها الأذي


واستطردت بدمعة حزينة سرت فوق وجنتها: 

-وأقصده إزاي وأنا وجعي من اللي حصل ما يقلش عن وجعك،إذا كان علي المسكينة ليالي اللي إتغدر بيها ولا علي عُمر واللي جري له،وبنته اللي بقت عايشة يتيمة في وجود أبوها وأمها




بنبرة مستسلمة أردفت بإيضاح: 

-أياً كان اللي تقصديه أهو اللي حصل حصل وربنا أخد لك مني حقك،سواء بموت ليالي اللي كنت بعتبرها بنتي اللي مخلفتهاش،أو عمر واللي حصل له 


واستطردت برجاء وهي تُجفف دموعها:

-أنا جاية لك وعوزاكي ترجعي لمة العيلة من تاني



قطبت جبينها متعجبة طلبها وتحدثت باستغراب: 

-جاية تطلبي مني أرجع أفتح لكم بيتي وألمكم علي سُفرتي علشان ترجعي تعيدي نفس كلامك تاني يا منال؟! 



أكيد مش هعمل كدة بدليل إن أنا اللي جاية لك وبترجاكي بعد ما عرفت غلطتي في حقك يا ثُريا...هكذا نطقت بنبرة صادقة 


سألتها مستفسرة: 

-يا ريت يا منال تقولي لي الحقيقة


واستطردت بإبانة: 

-من يوم ما اتجوزتي عز ودخلتي بيت العيلة وإنتِ كل حلمك تقعدي في بيت لوحدك وتبعدي عن أي تجمعات للعيلة،وياما حصل بينك إنتِ وعز مشاكل كتير بسبب رفضه للفكرة ومكنتيش بتيأسي وبتحاولي تاني،وبعد مرور السنين دي كلها قدرتي تحققي حلمك وتعزلي نفسك وعيلتك الصغيرة عن باقي العيلة



واسترسلت مستفسرة بتعجُب: 

-يبقي إية اللي يخليكي تغيري رأيك بعد ما أخيراً حققتي اللي عشتي عمرك كله تحلمي بيه؟!


تنهدت بأسي وتحدثت بنبرة صوت تملؤها الحسرة: 

-أنا عيلتي بتضيع مني ومش عارفة احتوي حد منهم يا ثُريا،عمر حابس نفسه ليل ونهار جوة أوضته،وولاد ياسين كل واحد حابس نفسه في أوضته وكل يوم بيدبلوا عن اليوم اللي قبله،وبباهم الله يكون في عونه مش فاضي،ده غير ليزا اللي قاعدة هنا عندك،وكله كوم وعز واللي حصل له من يوم ما إتقطع من عيلته الكبيرة كوم تاني



واسترسلت بإعترافٍ صادق:

-أنا اكتشفت بعد السنين دي كلها إني ست فاشلة يا ثُريا،لا عرفت أكون أم ولا زوجة ولا حتي تيتا كويسة لأحفادي



واستطردت بيأسٍ إعتري ملامحها: 

-إكتشفت إن صمود عيلتي السنين اللي فاتت دي كلها كان بسبب لمة العيلة اللي كانت سندانا كُلنا 


علشان كدة بترجاكي تساعديني في إني ألحق اللي باقي من عيلتي  


واسترسلت بتوضيح: 

-علي فكرة،الشيطانة اللي إسمها لمار هي اللي كانت بتحرضني عليكِ وهي السبب في اللي حصل مني في حقك ليلة الوقفة


أومأت لها ثريا بتفهم وعقبت علي طلبها بتردُد:

-إديني وقت أفكر وأرد عليكي يا منال


وبقلبٍ متألم استرسلت بتبيان: 

-ما أكدبش عليكِ،أنا قلبي لسة شايل منك ومش قادرة أصفي لك بعد اللي قولتيه عليا،وأنا ما اتعودتش أعمل حاجة ولا أخد قرار بعقل مُشتت


جنبت غرورها في سبيل إنقاذ عائلتها من الضياع وتحدثت بنبرة توسلية: 

-أنا مقدرة موقفك بس أتمني وإنتِ بتاخدي قرارك تحطي مصلحة عُمر وبنته وولاد ياسين قدام عنيكي 


أومأت بهدوء وانسحبت منال عائدة إلي منزلها من جديد تحت حيرة ثُريا ووضعها بموقف لا تُحسد عليه



❈-❈-❈



داخل مبني جهاز المخابرات المصرية

وبالتحديد داخل الغُرفة المُعدة للتحقيقات،يقف الرائد كارم المعداوي يتابع التحقيقات مع تلك الخائنة وشريكاها اللذان ضُبطا معها أثناء هروبهم،من خلف الزجاج العازل يقف رئيس الجهاز شخصياً يتابع سير التحقيقات ويستمع إلي إعترافات المتهمين أثناء مواجهتهم ببعضهم



بحِدة بَالغة هتفت تلك الجالسة بمقعدها بهيأتها المزرية بعدما ضغط عليها كارم في توجيه الأسئلة إليها كي يُشتت تركيزها ويجعلها تفقد إتزانها وتدلي بما في جُعبتها:

-معرفش،والله العظيم ما أعرف غير اللي قولتهُ لك ده،والكلام ده أنا قُولته لياسين المغربي لما حقق معايا أول مرة



بعُجالة إقترب عليها وفاجأها بسؤال كي لا يدع لها فرصة للتفكير: 

-يعني إنتِ عاوزة تفهميني إنك ما قابلتيش أي حد من قيادات المُنظمة قبل كدة لما كُنتي في لندن؟ 


وتابع متهكماً: 

-أُومال مين اللي إتفق معاكِ علي المهمة وعلي الفلوس؟!



هتفت بنبرة غاضبة توحي إلي وصولها للمنتهي من الصبر والتحمل: 

-إنتَ ليه مش عاوز تصدقني،أنا إتلعب عليا وإتغدر بيا زي ليالي،ولولا إنكم وصلتم في الوقت المناسب كان زماني مقتولة زيها بالظبط



هتف بحِدة سائلاً إياها من جديد: 

-ما تبقيش غبية وساعدي نفسك وأكشفي عن أسماء الأشخاص اللي تعرفيهم علشان تخففي من الحُكم عليكِ 



صاحت بنبرة صارخة وانهيار: 

-قلت لك ما أعرفش أي حد منهم غير عزيز،وحتي ده كمان ما طلعش إسمه الحقيقي


نطقت جملتها الأخيرة بخيبة أمل تحت إطلاق ضحكات عالية ساخرة خرجت من عزيز الأسم الحركي لـ حسين توفيق الصراف مما أشعل داخل كارم وأثار حفيظتهْ،فتحدث ذاك الحسين لإستفزاز كارم:

-ما أنا قُلت لك من أول التحقيق تريح نفسك لأنك مش هتطلع منه غير بالخيبة التقيلة 



إستشاط داخل كارم لكنه تمالك حالهُ واستطاع ضبط النفس لإستكمال التحقيق بمهنية وأعصاب هادئة ثم هتف متوعداً إياه بملامح وجه مشمئزة: 

-الخيبة التقيلة دي يعرفها ويعيشها الخونة أمثالك يا أقذر ما أنجبت البشرية 


واستطرد باعتزاز: 

-أما إحنا فمنعرفش غير العزيمة اللي بنمسك بيها الأشكال الضالة اللي علي شكيلة خلقتكم يا شوية فيران 



ضحك ساخراً ثم أردف بنبرة إستفزازية: 

-عاوزك توصل رسالة للباشا بتاعك اللي شكله كده راح ينخرب ورا اللي دبحوا مراته ومن غبائه فاكر إنه هيوصل لهم



واستطرد بتبيان:

-قول له حسين بيقول لك ورحمة أبويا اللي فضحته وعريته قدام الناس،وأمي اللي ماتت مقهورة علي حاله وحالي ما هسيبك حتي وأنا في قبري،قول له حسين مش غبي علشان ما يعملش حساب اليوم اللي هيتقبض عليه فيه




واستطرد شارحاً بطريقة شامتة: 

-أنا كنت عامل حساب لكل حاجة حتي اليوم اللي ممكن يتقبض عليا فيه وأتعدم،علشان كدة جندت عضو جديد ودربته كويس قوي واديته كُل المعلومات اللي يقدر بيها يحمي نفسه ويتحرك بأريحية


واستطرد بنبرة حاقدة تقطرُ سُماً وعيناي تطلقُ سُخطاً:

عرفت أدخُل جوة عقله وأشربه الكُره لحد ما بقي نسخة مُكررة مني وأصبح كل همه في الدنيا هو وجع قلب ياسين،وما فيش حاجة هتوجعه وتقهر قلبه قد إن بنته تحصل أمها وقريب قوي وبنفس الطريقة بل وأبشع


ثم ضيق عيناه واسترسل بإبانة: 

-وحتي لو فلتت من الراجل بتاعي فمش هتقدر تفلت من الجماعة الإرهابية وخصوصاً بعد اللي حصل للراجل بتاعهم واتقبض عليه 



إبتسامة ساخرة إرتسمت فوق ملامح وجه كارم الذي تحدث متهكماً: 

-إوعي تكون صدقت نفسك يَلاَ وإفتكرت إنك صاحب حق وعندك قضية بتحارب علشانها؟!


واستطرد بتَقزُّز:

-فوق،ده أنتَ مُجرد دلدول تافة في أيدين أسيادك اللي روحت رميت نفسك في حُضنهم وخلتهم حولوك لمسخ دميم 



أمثالك من الحاقدين والمغيبين هما اللي سمحوا للأشكال الضالة دي يدمروا ويخربوا في بلادنا عن طريق الجشعين اللي محسوبين عليها من ولادها



ضحك بقوة فرمقهُ كارم ببُغضٍ،أما رئيس الجهاز فزفر بضيق وتحدث للرجل المجاور له: 

-بنت ياسين بقت الهدف الرئيس ليهم خلاص،مش هيسبوها


عقب علي حديثه الرجل المجاور وهو يهز رأسهُ بتأكيد: 

-واضح يا أفندم 


من جديد تحدث الرئيس موضحاً بتبيان: 

-علشان كدة لازم نأمنها كويس قوي قبل ما يوصلوا لها زي ما وصلوا لأمها وتبقي فضيحة جديدة لياسين وضربة لينا كُلنا ككجهاز مصنف من أكفئ وأعلي أجهزة المخابرات العالمية 



وضع كفه فوق ذقنه وحكها بتفكر ثم انسحب إلي الخارج واتبعه الرجل تاركين غرفة المراقبة



❈-❈-❈



بعد مرور حوالي الساعة 

كان سيادة اللواء عز المغربي يجلس قبالة رئيس الجهاز ويجاورهُ ياسين الجالس يستمع بهدوء،وجه لهُ الرئيس الإنتقادات ولامهُ بشدة علي تصرفهُ الغير محسوب والذي لا يخرج من شخص مسؤول مثلهُ،برر لرئيسهُ أسباب تصرفاتهُ التي قبلها الرئيس بغض الطرف عنها إكراماً لصديقه الذي طلب الشُفعة لنجله 




سألهُ الرئيس مستفسراً بعدما إطلع علي كل ما وصل إليه من نتائج هائلة وسريعة نالت إستحسانه:

-تفتكر المهندس ده عميل للمخابرات الألمانية؟ 



قطب جبينهُ وأجابهُ بثقة: 

-هو أكيد فيه علاقة ومصلحة بتربطة بالجهاز،بس ما أظنش إنه هيكون جاسوس علي بلده،لأن واضح من التحريات اللي عملناها عنه إن شخصيته بعيده كل البعد عن إنه يكون خاين لبلده 


واسترسل مطمأناً إياه: 

-أنا مش عاوز جنابك تقلق من ناحية الموضوع ده،أوعد سعادتك إني هكشف اللغر وأحاول أستغل الموضوع قدر المستطاع



وأنا واثق في إنك هتوصل للحقيقة يا ياسين،ده أنتَ تربية ذئب المخابرات عز المغربي...كلمات إطرائية نطق بها الرئيس وهو يتناقل النظر بين كلاهما مما جعل ياسين يشعر بالفخر بتاريخ أبيه المُشرف له


 واسترسل بنبرة جادة:

-القضية من النهاردة معاك وكل اللي تحتاجه هيكون تحت أمرك،أنا بلغت الإنتربول الدولي وهو هيتابع معانا القضية وهنبلغه بالمعلومات اللي هنقدر نوصلها علشان يتم القبض علي الجماعات دي من خلالهم 



أومأ له ياسين واسترسل الرجل بجدية:

-خلينا نرجع لموضوع بنتك وحمايتها اللي أصبحت أهم أولويات الجهاز 



تحدث عز المغربي برصانة: 

-أحسن قرار أخده ياسين هو إنه أجل دخول أيسل الإمتحانات السنة دي



عقب الرئيس قائلاً بمصادقة علي حديثهُ: 

-ده حقيقي يا سيادة اللواء،قرار صائب وهيقفل لنا باب كان هييجي لنا منه صداع إحنا في غني عنه حالياً


واسترسل بإعلام: 

-بس لازم نستعد من الأن ونخصص لها فرقة حراسة قوية علشان نقدر نأمنها كويس لما الدراسة تبدأ من جديد كمان ست شهور،وخصوصاً إن البنت هتسافر يومياً القاهرة 



واستطرد بتفكُر: 

-أنا بفكر نخصص لها ظابط متميز من رجالة الجهاز علشان يقدر يحميها كويس ويكون عنده خلفية عن الموضوع ومقدر خطورة الموقف



واسترسل بتوقير وهو ينظر إلي عز المغربي: 

-ولا أنتَ إيه رأيك يا سيادة اللواء؟ 


رأي صائب سعادتك وأنا معاه جداً...هكذا عقب عز علي صديقه الذي اومأ له ثم تحدث إلي ياسين: 

-كدة متفقين،شوف ظابط من عندنا ينفع للمهمة وبلغني يا ياسين



برزانة تحدث إلي الرئيس شارحاً بعدما وصل لنتيجة: 

-بعد إذن سعادتك يا أفندم أنا شايف إن الرائد كارم المعداوي مناسب جداً للمهمة دي،وده لأنه حاصل علي تدريبات قتالية ده غير إنه ذكي جداً وعنده سرعة بديهة وده المطلوب 



وافقاه الرأي واكمل إجتماعهم


❈-❈-❈



بعد مرور حوالي إسبوع،تحسنت مليكة بعد يومان لكنها رفضت العودة إلي منزلها وترك صغيرتها لحالها وخصوصاً بعدما لاحظ الطبيب المعالج للصغيرة تحسنها الملحوظ بفضل تلامسها المباشر بمليكة وإرضاعها طبيعياً،وخرجا معاً من المشفي علي منزل رائف المغربي بعدما رفضت عرض والدها بالذهاب والمكوث داخل منزلهُ،ويرجع أسباب رفضها هو عدم إبتعادها عن أطفالها أو تفريقهم عن جدتهم الحنون



داخل الأراضي الألمانية

كان ياسين يجلس بصحبة هولاء النسوة اللواتي كن يسهرن مع من تُدعي بخديجة الراوي وذلك بعدما طلب الجلوس معهن ووافقن عندما علمن أنهُ زوج تلك المغدورة،تحدثت إحداهن إليه بصدقٍ: 

-إحنا قُلنا علي كل اللي نعرفه عن اللي إسمها خديجة الراوي للشرطة لما إستدعتنا وسألتنا عن علاقتنا بيها 


فقد كشفت الشرطة الألمانية عن شخصية خديجة من خلال رسمة قام بها رسام مختص بعدما حصل علي وصف لها من موظفين الأوتيل الذين تعاملوا معها أثناء حجزها للحُجرة  


واسترسلت المرأة بملامح وجه جادة: 

-صدقني إحنا ما نعرفش عنها أي حاجة،إحنا إتخدعنا فيها زي مرات حضرتك بالظبط،بس هي كانت عاملة كل ده ومرتبة له علشان توصل لها هي. 


أومأ لهن وشكرهُن علي تعاونهن معهُ وانسحب  خاوي الوفاض 




عندما حل الليل 

ذهب إلي منزل سليم الدمنهوري الذي إستقبلهُ بحجرة المكتب وباغتهُ ياسين بسؤالهُ المفاجئ عن علاقتهُ بالمخابرات الألمانية مما أربك سليم ببادئ الأمر لكنهُ سُرعان ما تمالك من حاله وسألهُ بنبرة صارمة: 

-هو سيادتك بتراقبني ولا إيه؟



الداخلة كدة غلط يا باشمهندس...نطقها ياسين ببرود ثم استرسل بنبرة مرتفعة ونظرات تحذيرية: 

-شكل علاقاتك مع المخابرات الألمانية قوت قلبك لدرجة إنك ناسي إنك قاعد قدام عميد في جهاز مخابرات بلدك 


واستطرد بنبرة صارمة لملامح وجه حادة: 

-وبدل ما تجاوبني علي سؤالي واقف تحقق معايا،لا ومن بجاحتك كمان بتلومني 

 


أجابهُ بثقة لإقتناعهُ التام أنهُ لم يفعل شيئاً يُشينه أو يجعلهُ موصوماً بالعار: 

-علاقتي بالمخابرات الألمانية شئ ما يعيبنيش ولا يخليني أخجل أو أخاف وأنا قاعد قدامك أو قدام أي حد أياً كان هو مين




رفع ياسين حاجبه مستنكراً حديثه وأردف بنبرة حادة محذرة: 

-ده انتَ طلعت جرئ قوي،أنا كان ممكن أبلغ عنك الجهات المصرية باللي عرفته،وزي ما أنتَ عارف إن دي تعتبر خيانة وقضية تخابر من الدرجة الأولى 


إكفهرت ملامح سليم الدمنهوري ثم هتف معترضاً بنبرة مستاءة: 

-من فضلك تسحب كلمة خيانة لأن العلاقة اللي بيني وبين المخابرات الألمانية ما فيهاش أي ضرر ولا خيانة لبلدي 



بنبرة متفهمة وصادقة تحدث ياسين لثقته في شخص سليم وعقله الواعي حسب ما ورد من معلومات عنه أثناء التحريات الذين قاموا بها رجاله:

-طب إتفضل إشرح لي علي الأقل علشان أطمن علي مراتك وولادك اللي ملهومش ذنب تدخلهم في مواضيع خطيرة زي دي

 


أومأ بتفهم وشعر بخوف ياسين الصادق علي أسرته مما نال استحسانه،فتحدث بنبرة واثقة: 

-من حوالي تلات سنين،زارني في مكتبي شخص مسؤل من المخابرات وطلب مني الحضور لمبني الجهاز وقالي إن الموضوع سري للغاية وممنوع أكشف عنه لأي مخلوق حتي لمراتي



واستطرد بإبانة:

-وبالفعل روحت في الميعاد اللي إتحدد لي،واستقبلني في مكتبه شخص له وضعه هناك،في الأول أثني علي شُغلي وسيطي اللي سمع في ألمانيا كلها في المجال،بعدها طلب مني إني أكون الراجل بتاعهم وإني أعمل نَسخ إحتياطي لأي نظام مراقبة أركبه في أي مكان عام أو حتي خاص ووقت ما يحتاجوه يلاقوه،لأن كتير بتحصل جرايم والمجرمين بيقدروا يوصلوا لنظام المراقبة ويهكروه ويحذفوا التسجيلات،زي ما حصل في جريمة مرات سعادتك كدة بالظبط



واسترسل شارحاً:

-أنا طبعاً فكرت ووافقت لعدة أسباب،أولهم إني قاعد في بلدهم ومن الطبيعي أنفذ الأوامر اللي تخدم أمنهم وتحافظ عليه،وتاني سبب إنهم ما كانوش هيسبوني في حالي لو رفضت،وأكيد كانوا هيرحلوني أنا وعيلتي بعد ما يلبسوني مصيبة


واستطرد موضحاً بملامح وجهٍ جادة:

-ده طبعاً لو طلعوا كرما معايا وسابوني عايش وما أتعرضتش لعملية إغتيال زي ما حصل لكتير قبلي



وأكمل بتبيان:

-تالت سبب خلاني أوافق هو إنهم عرضوا عليا الحماية الكاملة وكتير من الإمتيازات اللي لا تقاوم في حال موافقتي،وبصراحة حسيت إنه حقهم يضمنوا أمن بلدهم ويحاولوا يفرضوا سيطرتهم علي أراضيهم


واستطرد مؤكداً: 

-وأكتر حاجة خلتني أوافق بدون تفكير هو إن الموضوع بعيد عن أي أذية لبلدي 


كان يستمع إليه بتمعُن شديد وبعد إنهاء سليم حديثهُ أردف هو بإطراء واستحسان: 

-هايل يا باشمهندس،أنا كُنت واثق من وطنيتك وإنك لا يُمكن تكون جاسوس علي بلدك


واستطرد مطالباً: 

-وعلشان كدة أنا طالب منك تقف معانا وتمدنا بأي معلومات تعرفها من الجهاز عن أي حاجة وخصوصاً التسجيلات والمعلومات اللي تخص الجماعات الإرهابية


زفر سليم وتحدث بنبرة ساخطة: 

-يعني سيادتك لسة من دقيقتين بس بتشيد بعقلي وبإني ما أعرضتش مراتي وألادي للخطر


واسترسل متعجباً: 

-وجاي تطلب مني أتجسس علي مخابرات البلد اللي أنا عايش فيها لحسابكم؟!



دول لو عرفوا هيمحوني أنا وكُل أهلي من علي وش الدُنيا ومش هيخلوا لينا أثر...نطقها موضحاً له ما سوف سيحدث إذا ما تم كشفهُ،فتحدث إليه ياسين مطمأناً إياه: 

-الموضوع مش بالخطورة دي يا باشمهندس،ثم أنتَ راجل ذكي وأنا متأكد إنك هتقدر تساعد بلدك من غير ما تورط نفسك وتنكشف



واسترسل ليحثهُ علي الموافقة: 

-إنت بموافقتك هتبقي بتقدم خدمة كبيرة لبلدك،لأن زي ما أنتَ عارف ما فيش بينا وبين معظم دول أوربا تبادل معلومات وده عن قَصد


واستطرد موضحاً: 

-ده غير علاقاتهم المريبة بالجماعات دي،وكتير بتم إتفاقيات بينهم من تحت التربيزة علشان يضربوا بيها بلادنا ويدمروها بالإرهاب اللي هو في الأصل صَنيعة أديهم


واستطرد مطمأناً إياه بعدما لاحظ توترهُ: 

-تأكد إن بلدك عمرها ما هتعرضك للخطر لا انتَ ولا عيلتك،ومن اللحظة اللي هتوافق فيها علي الإنضمام لينا فوراً هتكون تحت عنين رجالتنا وفي حمايتنا إنتَ وعيلتك،وهنكون معاك في كل لحظة 



بعد محاولات عِدة من ياسين وافق سليم تحت توجسهُ،وأتفقا علي أن يرسل لهم جميع ما سيطلب منه من قِبل المخابرات الألمانية واتفقا علي السرية التامة فيما دار بينهما لأمانه وأمان أسرته أولاً 



❈-❈-❈

###



بعد مرور عدة أيام أخر

وصل ياسين إلي فرنسا حيث علم من خلال تحرياتهم والتي ساعدهُ بها سليم عن طريق الكاميرات المتواجدة بالأماكن العامة والخاصة والتي أشرف هو علي تركيبها من خلال الشركة التي يعمل بها



داخل أحد المنازل المتواجدة بإحدي الضواحي  المجاورة للعريقة باريس،كانت تُلقي بجسدها بإهمال فوق أريكتها بجوار ذاك العلاء بحالة يثري لها،مُلقيان بجسدان مرتخيان حيثُ كانا يتناولان أحد المشروبات الكحولية التي حرمها الله وحرمتها جميع الديانات السماوية الثلاث،بما لها من أثار سلبية ضخمة علي صحة الإنسان وأيضاً تُذهب العقل وتغيب الوعي،إستمع كلاهما إلى رنين جرس الباب ليعلن عن زائر لمنزلهما



هتفت بنبرة حانقة:

-ده إيه قلة المزاج اللي علي المسا دي،مين قليل الذوق اللي هيجي لنا في الوقت المتأخر ده


بيده أشار مترنحاً باتجاة الباب واردف بصوتٍ حاد:

-قومي إفتحي وشوفي مين الرخم ده


باعتراض ونبرة ساخطة أجابتهُ: 

-هي كل حاجة ترميها عليا يا علاء،ما تقوم تفتح  إنتَ


رد عليها بمعارضة:

-أنا تعبان يا ناهد ومش قادر أصلب طولي



أشاحت بيدها وأستندت علي حافة الأريكة وبصعوبة وقفت وتحركت باتجاة الباب بخطوات مُترنحة وجسدٍ يتمايل باضطراب بفضل عدم إتزانها من إفراطها في تناول مشروب الكحول،وصلت إلي الباب وقامت بفتحه،حاولت بصعوبة فتح عيناها المرتخيتان لتنظر لذاك الواقف أمامها بطولهُ الفارع ينظر عليها بعيناي مشتعلة،فسألتهُ مُستفسرة بالفرنسية: 

-من أنتَ وماذا تُريد؟! 



وما أن إنتهت من كلماتها حتي وجدت ذاك الحانق وهو يباغتها بتسديد لكمة قوية بأنفها أفقدتها لوعيها في الحال وجعلتها تترنح قبل أن تقع مُنبطحة أرضاً بفضل تلك اللكمةِ القوية


   

أشار إلي رجاله وتحدث بصرامة أظهرت كم النيران المشتعلة بداخله من مجرد رؤيته لتلك التي خدعت زوجته وكانت سبباً رئيسياً بمقتلها: 

-لموا لي الزبالة دي وارموها جوة 



جحظت عيناي ذاك العلاء الذي هب واقفاً وهو يتناقل النظر برَوَّع بين تلك المستلقية علي الأرض وذاك الضخم ورجالهُ المرافقين له،إقترب عليه ياسين وبقلبٍ مُشتعل باغتهُ بتسديد عدة لكمات متفرقة في وجهه تحت صياح ذاك الجبان الذي تحدث بنبرة أظهرت كم زعرهِ بعدما رأي وجه ياسين الذي رأهُ من قبل علي موقع تلك القناة الإخبارية:

-أنا مليش دعوة باللي حصل لمراتك يا باشا،والله ما أعرف أي حاجة   



لكمهُ بقوة جعلت أنفهُ ينزف بشدة وبسُبابٍ لازع تحدث بصرامة أظهرت كم إشتعاله الداخلي: 

-ما عملتش حاجة يا أبن ال.... أومال مين اللي نقلها بعربيته ووصلها للأوتيل اللي كانت بنت الكلب دي مستنياها فيه؟ 




إرتجف جسدهُ وبدأ قلبهُ يخفق بشدة وعلم حينها أن نهايتهُ أتت لا محال،وأن ما كان يخشاه طيلة الأيام المنصرمة وتسبب له بهاجس قد وقع وانتهي الأمر



بعد حوالي الساعة،بدأت بتحريك أهدابها بصعوبة بالغة في محاولة منها بفتح عيناها بعدما حُقنت بدواء تستعيد به وعيها،باغتها شعورها بألماً شديداً بمنطقة الرأس نتج جراء لكمات ذاك الغاضب التي سددها لها منذ القليل،إرتعش جسدها وشعرت بريبة حين أحَست بتقييدها بالمقعد القابعة فوقهُ،بارتياعٍ قامت بفتح عيناها سريعاً لتتأكد من هواجسها التي سريعاً ما إقتحمت مخيلتها،إتسعت عيناها وتحدثت بذُعرٍ وهي تنكمش علي حالها من رؤيته الغاضبة أمامها:

-إنتَ مين وعاوز مني إيه؟! 



بفجاجة أجابها وهو ينحني مقترباً عليها بفحيحٍ كالأفعي: 

-أنا قدرك الأسود يا روح أمك،أنا اللي ربنا حطك في طريقي علشان أسود أيامك وادفعك تمن اللي عملتيه من يوم ما الست الوالدة ولدتك وبلت البشرية بخلقتك دي



إرتعب جسدها وهتفت بعلو صوتها بعدما فقدت صبرها وأوشكت علي الجنون:

-إنتَ مين؟


أنا سيادة العميد جوز ليالي العشري اللي دبحتيها يا مُجرمة


إرتعش جسدها بقوة وهتفت بذُعرٍ: 

-صدقني أنا مليش علاقة بقتلها ولا كنت أعرف أساساً إنهم ناويين علي كدة،الشخص اللي إتفق معايا طلب مني أجيب له مدام ليالي وبنتها،ولما لقاني مترددة قال لي إنه هيصورهم كام صورة علشان يضغطوا عليك بيهم وعلشان كدة أنا وافقت، 


ثم حولت بصرها علي ذاك المقيد بمقعده ويوضع علي فمة شريطاً لاصقاً ليحجب عنه محاولاته بالصياح أو الكلام،وتحدثت:

-حتي إسألوا علاء أنا كنت حاكية له علي كل حاجة 


أنا أسفة والنبي تسامحني...جملة نطقتها بذعر فسألها ياسين متجاهلاً توسلاتها: 

-تعرفي مين تاني غير الأتنين اللي جم الأوتيل وسلموكي الفلوس؟ 



هتفت بدموعٍ حارة:

-والله العظيم ما أعرف غير اللي إسمه عزيز اللي إتفق معايا هنا في فرنسا وسلمني نص المبلغ، والأتنين اللي سلموني باقي فلوس في الأوتيل



أشار ياسين إلي عابد الذي تحرك ووقف بجانب ذاك العلاء ثم نزع عنه الشريط اللاصق بشدة جعلتهُ يتأوة بقوة،هتف ياسين بنبرة ساخرة: 

-ما تسترجل يَلاَ وتظبط نفسك،خليت إيه للنسوان يا روح أمك 



هز رأسهُ بطاعة وهو ينظر حولهُ بإرتياب ثم استرسل ياسين متسائلاً وهو يشير لتلك الناهد ويرمقها بإشمئزاز: 

-تعرف مين غير التلاتة اللي قالت عليهم بنت الكلب دي


والله العظيم يا باشا ما أعرف أي حاجة،حتي الناس اللي بتقول عليهم دول عمري ما شفتهم،أنا سمعت عنهم منها...كانت تلك كلماته التي نطق بها،هتفت تلك الناهد قائلة بنبرة حماسية بعدما تذكرت: 

-إفتكرت يا باشا،فيه سِت جت لي مرة وادتني عناوين الستات اللي طلبوا مني إني أتصاحب عليهم علشان نُحبِك الدور علي ليالي،أنا وقتها كنت خايفة وراقبتها لما مشيت واخدت عنوانها،أنا ممكن اديهولك وممكن يفيدك ويوصلك للي بتدور عليه 



بالفعل أخذ منها العنوان وبعثهُ لرجاله المتواجدون بدولة ألمانيا،ثم اتصل بالانتربول الذي حضر ومعهُ الشرطة الفرنسية بعد إنسحاب ياسين ورجاله منعاً لتعرضهم لمضايقات أو لوم من قِبل الشرطة الفرنسية،وتم القبض علي كلاهما وترحيلهما إلي ألمانيا،وبعد عدة أسابيع تم القبض علي عدة أشخاص ممن ثبت تورطهم في قضية مقتل ليالي وبعض أفراد جماعة داعش الإرهابية وأيضاً بعض عناصر المنظمة الذي تمكنت السلطات الألمانية والبريطانية من القبض عليهم



تم إبرام إتفاقية تبادل للمحكومين بين مصر وكلتا الدولتين وتم ترحيل كل من إشترك بالجريمة ومبادلتهم بمواطنين للدولتين المذكورتين،ليتم محاكمتهم داخل دولة مصر، وتم تحويل القضية للمحاكمة العسكرية لينالوا عقابهم بما يستحقون



❈-❈-❈



بعد مرور ستة أشهر علي كل هذة الأحداث 

كان يغفو فوق تختهُ باسترخاء بعد إستمتاعهِ بقضاء ليلة رومانسية حالمة داخل أحضان حبيبتهُ مما جعلهُ يدخل بحالة مزاجية ممتازة،شعر وكأن أحدهم يداعب وجنتهُ بأصابع كفهِ الرقيق،وبعدها شعر بها تصعد فوق صدرهُ لتعتليه



إبتسامة واسعة زينت ثغره وعلي الفور فتح عيناه لينظر لتلك المُشاكسة الصغيرة وهي تنظر إلي عيناه وتضحك ببرائتها التي تخطف لُبهُ وتستحوذ علي كُلَ كُلهُ


إبنتسم إلي نسختهُ المُصغرة وكأن حبيبتهُ عشقته حد الجنون لذا جلبت لهُ نسختان مكررتان منه،صاحت الصغيرة بهمهمة طفولية وحروف بالكاد مفسرة مما ادخل السرور علي قلب أبيها: 

-داددا



يا روح قلب دادا،ونور عيون داددا وعمر دادا كُله يا مِسك حياتي...كلمات مُدللة نثرها فوق تلك الجميلة نطقها بصوتٍ متحشرج تأثراً بنومهِ،مما جعل وجهها يتهلل وباتت تتراقص وتهز جسدها بقوة فوق صدره مما جعل روح ياسين تنتفض وقشعريرة سرت بداخل جسدهِ من شدة إبتهاجهُ



إبتسمت تلك المجاورة له حيثُ تجلسُ بصمتٍ تام تتابع بقلبٍ سعيد مداعبة صغيرتها المشاكسة لوالدها الحنون بعدما قربتها منه وتركتها تتعامل بفطرتها مع والدها،تمسك بجسدها جيداً ثم سحب بدنهِ لأعلي حتي إستقر بجلوسهُ واستند علي خلفية التخت وأخذ صغيرتهُ بين أحضانه وبات يُكيلُ لها قُبلاتهُ الشغوفة والتي أبدت كم تعلق روح ذاك الحنون بتلك المشاكسةُ الجميلة  



حول ببصرهِ ونظر علي تلك المبتسمة وتحدث بعيناي تنطق عِشقً: 

-صباح الفل يا حبيبي 


بإبتسامة رقيقة ونبرة صوت حنون ردت: 

-صباح الخير يا ياسين


واستطردت محفزة إياه: 

-يلا علشان نلحق فطار العيلة من أوله،الكُل إتجمع تحت في الجنينة ومستنيينك علشان يبدأوا في الفطار


أيسل تحت؟...سألها مُترقباً فأجابتهُ بتحفظ ونبرة هادئة ويرجع هذا إلي طبيعة علاقتهم والتحفظ والجمود الذي أصابها منذ وفاة ليالي وحتي من قبلها: 

-أه يا حبيبي،جت من شوية مع عمو عز وقاعدة مع العيلة في الجنينة


واستطردت بإيضاح: 

-لكن حمزة جه من بدري هو وطنط منال وكانوا قاعدين مع ماما ومروان وليزا في الريسبشن 



أومأ لها بهدوء وقام بوضع قُبلة حنون بجانب شفاة صغيرته التي سرقت لُبهُ،في حين استطردت وهي تداعب صغيرتها بأصابع يدها داخل بطنها مما جعل الصغيرة تدخل في نوبة شديدة من القهقهة وأوصلَ كلاهما لشعورهما لقمة سعادتهما وكأنهما يستمعان إلي أروع معزوفة موسيقية: 

-ولما الفطار جهز أنا ومِسك ياسين جينا علشان نصحي بابي وننزل نفطر كلنا  


واسترسلت بإبتسامة واسعة وهي تحدثها بدلال: 

-مش كدة يا مِسكي 


ضحكت الصغيرة بشدة وضم ياسين كِلتاهما إلي أحضانه وشدد من ضمتهِ ثم بات يتنفس براحة بينت إسترخائهِ ومدي وصولهُ للسلام النفسي الذي حُرم منه لعدة أشهر قد ذاق بها الأمرين لحتي وصل إلي تلك النقطة من الإستقرار والذي مازال ينقصهُ فقط رجوع أيسل إلي طبيعتها، بعدما أصبحت عنيدة تتشبث بأرائها بحِدة وتتعامل مع الغير ببرودٍ وكبرياء صانعة لحالها قُبة عالية محاطة بسور ممنوع الإقتراب منه



حتي طبيبها النفسي قد فشل باحتوائها وعودة روحها كما السابق ويرجع ذلك لعدم إستجابتها للمعالجة ورفضها للطبيب بالخوض داخل روحها كي يساعدها علي إجتياز تلك المرحلة الصعبة،وكأنها تُعاقبهُ علي رحيل والدتها وبينها وبين حالها قررت بأن لا تجعلهُ يصل إلي السلام الكُلي لكي لا ينعم بالقرب من محبوبتهُ 


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة روز أمين من رواية قلوب حائرة (الجزء الثاني) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة