رواية جديدة وبها متيم أنا لأمل نصر - اقتباس الفصل 32
قراءة رواية وبها متيم أنا كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية وبها متيم أنا
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
اقتباس
الفصل الثاني والثلاثون
على طرف مكتبه كان جالسًا بتحفز، وقد فاض به، ولم يعد لديه قدرة على الصمت أكثر من ذلك، ولا حتى ادعاء جمود يزيد على حرق اعصابه المرهقة من الأساس، عقله على وشك الأنفجار، وقد ذهبت عنه حكمته ورزانته المعتادة، كان يعلم من البداية بخطر اقترابه منها، ومع ذلك غامر، ف ناله من العذاب ما فاق كل مقدرته، جاهد لإخفاء هذا الألم المتعاظم بداخله، لتزيد عليه الآن نيران الغيرة.
ارتفعت رأسه فجأة نحو مدخل الباب حينما شعر بها، وقد بدا على ملامحها الإندهاش لجلسته الغريبة تلك، وازداد شعورها حينما ظلت أنظاره ثابتة عليها ولم تتزحزح، فخرج سؤالها بتردد:
- في حاجة؟
نزل بأقدامه عن الأرض يجيب سؤالها بسؤال:
- عدي عزام عايز منك ايه يا صبا؟
كان السؤال مباغتًا لها حتى ارتدت للخلف مجفلة قبل أن تتدارك لتجيبه بارتباك :
- ااا طلب كدة يعني...... انا كنت طلباه....
- طلب ايه يا صبا؟
لمست من لهجته حدة على غير عادته معها دائمًا، مما استفزها لترد باندفاع:
- في إيه يا مستر؟ دي اول مرة تكلمني باللهجة دي؟
بغضب فاق قدرته على التحمل، تقدم نحوها بهدوء خطر :
- بغض النظر عن حدتي يا صبا، انا عايز اعرف دلوقتي ايه اللي يدخلك عند واحد زي عدي عزام؟ اي طلب ده اللي يخليكي تدخلي عنده كذا مرة.
- كذا مرة؟
هتفت لتتابع بدفاعية :
- اقسم بالله ما دخلت عنده غير عشان طلب محدد، مودة في ضيقة، وهو الوحيد اللي يملك يساعدها......
توقفت فجأة باستدراك سريع لتسأله:
- لكن انت عرفت منين اني دخلت عنده كذا مرة؟
بابتسامة جانبية جافة اظهرت حجم خيبة أمله فيها:
- من واحد زميلنا هنا في الشغل يا صبا، وقفني قبل ما اجي النهاردة، وقالي وهو بيستهزأ، ايه حكاية الموظفة اللي عندك؟ بتدخل عند عدي عزام رئيس الفندق، يكونش عايزة ترقية، خدتي بالك يا صبا من التلميح؟
شهقت بجزع لتردد بدفاعية وسخط:
- جطع لسان اللي يجول عليا أي كلمة شينة، هي حصلت كمان........
توقفت بدموع حارقة انسابت على وجنتيها ، لتتابع بسؤال له:
- إنت تعرف عني كدة؟
رد مقربًا وجهه منها:
- وهو انا لو عندي شك ولو واحد في المية فيكي، كنت سألتك اساسًا؟ بس دا ما ينفيش خيبة املي فيكي يا صبا، أنا معرفتش ارد ع المتخلف ده بإيه؟ واثق فيكي وفي اخلاقك، لكني برضوا غضبان، بتقولي انك عايزة تساعدي صاحبتك اللي هي مختفية بقالها فترة عن الفندق، مجتيش ليه وقولتيلي انا عن مشكلتها يا صبا؟
بشهقات أصبحت تزداد وتيرتها ردت من بكاءها:
- عشان كنت اظن ان هو اللي عنده الحل، مودة ورطت نفسها في مصيبة كبيرة بسبب غباءها، وانا مجدرتش اتخلى عنها عشان ملهاش حد غيري، لو اتخليت عنها ومستقبلها ضاع ، ساعتها انا هعيش حياتي ازاي؟
رد بغضب متصاعد:
- ويعني عشان تنفذيها انتي تجيبي على نفسك الكلام يا صبا؟ مفيش اي طريقة تانية لمساعدتها غير عند عدي عزام.
انهارت لتسقط بثقلها على الكرسي خلفها، ليزداد نشيج بكاءها، هذه أول مرة تتعرض لهذا الموقف، لأول مرة تجد أحد ما يشكك في اخلاقها، وهي التي تترفع بعزة عن التحدث مع أي فرد من الرجال، سوى بكل احترام وأدب، هذا ما تربت عليه، ان يأتي هذا اليوم، ويحدث هذا في مقر عملها، وأمام شادي!
- صبا.
رفعت رأسها إليه لتجده يقول:
- ممكن تقوليلي عن نوع المساعدة اللي طلبتيها من عدي عزام؟
اومأت برأسها تجيبه:
- انا هحكيلك عن الموضوع من أوله، وانت تحكم لعد كدة.
❈-❈-❈
الباب الخشبي المتهالك كان الطرق بعنف يكاد أن يقتلعه من محله، عنف ازعج المرأة العجوز لتنهض عن محلها مجبرة حتى تفتح خوفُا على ملكها، وحتى تعطي الفاعل درس قاسي بالتوبيخ والسباب إن استدعى الأمر.
صارخة على الطارق في الخارج:
- ايه ايه في إيه؟ ما تكسر الباب أحسن.....
قطعت الباقي من كلماتها فور أن وقعت عينيها على حفيدتها الملعونة المتغيبة منذ أيام:
- مودة!
- أيوة يا ستي أنا مودة، اتفضل يا باشا اتفضل.
قالتها الأخيرة وهي تتزحزح عن موقعها ليلج أمين بخطوته السريعة داخل المنزل متخطيًا المرأة وخلفه رجل الأمن والحفيدة التي صاحت عليها جدتها:
- مين البهوات دول اللي جراهم معاكي يا موكوسة؟ بقى بتغيبي يومين وبعدها ترجعيلي بجوز رجالة؟ اشتغلتي في الحرام با بت الكلب؟
- يخربيتك
دمدم بها أمين مبهوتًا لقول المرأة التي قد تسبب له ولحفيدتها بفضيحة بحماقتها، ليحدج مودة بنظرة نارية حتى تسكتها، فلا يضطر لإسكاتها هو بطريقته، والتي من جهتها استجابت بصوت مرتجف تصلح لها ولكن بتهديد حتى تستوعب سريعًا:
- يا ستي خلي بالك من كلامك، الباشا ظابط قد الدنيا وممكن يخلي العسكري اللي معاه يحط الكلبشات في إيديكي دلوقتي ويحبسك
طالعته جدتها بتشكك تجادلها:
- وايه اللي يخلي الباشا الظابط يجي بيتنا؟ دا أكيد ملعوب منك يا ملعونة، انا مش مصدقاكي ولا بالعة الملعوب بتاعك.
- طب كدة تقتنعي؟
هتف بها ملوحًا بسلاحه الميري أمام وجهها بعد أن اخرجه سريعًا، ليردف بشراسة لا تصدر سوى في أصعب الأوقات:
- كلمة تانية يا ست انتي وهتلاقيني سأحبك ع البوكس، وفي التخشيبة تبلطي فيها كام يوم، عشان تبقى تصدقي براحتك.
تجمدت المرأة برعب فاغرة فمها، بهيئة تقارب التمثال وكأن القط قد أكل لسانها.
اطمئن أمين من جانبها، ليتلتف نحو مودة يأمرها بحسم:
- ادخلي بسرعة يالا يا مودة دوري ع الحاجة، وانت يا مدبولي ساعدها خلينا نخلص من المشوار الزفت ده.
انصياعًا لأمره تحركت على الفور نحو غرفتها، ليلحق بها رجل الأمن، وتبقى أمين مواجهًا للمرأة التي غمغمت بتساؤل غبي:
- هما دخلوا الأوضة يعملوا ايه؟
زمجر بصوت مرعب افزعها عن التكملة:
- امممممم
أنكمشت المرأة على نفسها بخوف منه ومن تهديده، فخطا ليجلس على الكنبة القريبة من المدخل، ليجلس واضعًا قدمًا فوق الأخرى ثم يأمرها:
- اقعدي.
تحركت بتردد ثم افترشت الأرض متربعة بقدميها ، لتزيد على جلبابها المهترئ بالأتربة والغبار، فصاح يجفلها بصيحته:
- قعدتي ع الأرض ليه؟ قومي اقعدي على أي نيلة ولا كرسي قدامك، ما تقومي.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر (بنت الجنوب) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية