رواية جديدة ومقبل عالصعيد لرانيا الخولي - الفصل 28
قراءة رواية ومقبل عالصعيد كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ومقبل عالصعيد
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة رانيا الخولي
الفصل الثامن والعشرون
فتح جاسر باب السيارة بعد أن توقفت اثر تلك الصدام الذي تلقاه من سيارة أخرى
ترجل بمساعدة احد للأشخاص الذين أسرعوا للمساعدة فقال احدهم
_ اتصلوا على الاسعاف.
رفض جاسر
_ لا اني زين مفيش حاچة
قال أحدهم
_ إزاي بس يابني وانت وشك كله جروح
رغم الالم الذي يشعر به إلا إنه أخفاه قائلاً
_ صدجني اني زين بس لو سمحت وجفلي تاكسي لإني لازمن اروح دلوجت.
لم يستطيع أحد اقناعه بالذهاب إلى المشفى فقال آخر
_ انا معايا تاكسي اتفضل معايا هوصلك
نظر إلى سيارته التي تحطم زجاجها والجزء الأمامي
فعلم الرجل ما يدور بخلده فطمئنه
_ متخافش على العربية هكلم الميكانيكي اللي قريب من هنا ييجي ياخدها
أومأ بتفاهم ثم صعد معه السيارة وانطلق.
لم يكف الرجل عن الحديث وعن كم الحوادث التي يصادفها يوميًا لكن جاسر كان بعالم آخر ليس به سواها
يتحرى شوقًا لرؤيتها وكأنها غائبة عنه منذ أمد بعيد
لم يمضي على زواجهما سوى عشرون يومًا إلا إن العشق بداخله وصل لمنتهاه
كان يقضي لياليه وهو يتقلب على فراشه الذي اصبح شديد القسوة يحارب شوقه الذي يطالبه بالغرق في بحور عشقها
ولولا عقله الذي يجبره على الثبات لكان الآن يروي ظمأه من شهدها
يمر الوقت ويزداد حنينه لها وصورتها التي حفرة بقلبه لا تتركه لحظة واحدة
عينيها التي تخفي حزنًا وانكسارًا يمزق قلبه كلما نظر بداخلهما
ابتسامتها التي لا يراها إلا نادرًا إما ردًا لحديث أو مجاملة.
انتبه على صوت السائق الذي اقترح عليه أن يسمح وجهه من الدماء كي لا يفزع اهله عليه عندما اقترب من منزله
توقفت السيارة أمام المنزل ليلتفت السائق له
_ تحب أساعدك
رفض جاسر
_ لا متشكر
ثم اخرج الحافظة واخرج منها بعض النقود وقدمها له
_ اتفضل.
رفض الرجل بتهذيب
_ بلاش دلوقت خليها لما تيجي تاخد عربيتك
دون له رقمه في ورقة وأعطاها له
_ ده رقمي اول ما تتحسن يبقى كلمني وهجيبلك العربية لحد عندك
حاول جاسر اثناءه عن رأيه لكنه اصر على ذلك وانطلق بسيارته
دلف جاسر المنزل بهدوء كي لا يشعر به أحد ويراه بتلك الحالة
دلف غرفته ليجدها جالسة على الفراش تنتظر عودته
اتسعت عيناها عندما وجدته بتلك الحالة
مما جعلها تهز رأسها بخوفٍ ظنًا منها أن وائل تربص له وفعل به ذلك
اسرعت اليه بلهفة
_ جاسر.
ايه اللي حصل.
لم يستطيع الوقوف
فتقدم يجلس على الفراش وأجاب بتعب
_ مفيش حاجة دي حادثة بسيطة
انقبض قلبها أكثر وكانت تود أن تسأله عن سببها لكن ليس وقته تقدمت منه
_ طيب انت كويس؟
أومأ لها
_ اه زين مفيش حاچة.
دققت في الجروح التي ظهرت واضحة على وجهه وتحدثت بقلق
_ طيب ادخل خد شاور لحد ما اجهز اسعافات اعقم بيها الجروح دي.
لم يجادل لأنه حقًا يرغب بحمام دافئ يهدئ عضلاته قليلًا
دلف المرحاض بأرهاق وأحضرت له ملابسه وهمت بطرق الباب كي تناولها له لكنها شعرت بالإحراج فقامت بتركها على الفراش وخرجت كي تأتي بحقيبة الإسعافات التي صادفتها في غرفة ليلى
ثم ذهبت إلى المطبخ لتعد عشاءًا خفيفًا قبل أخذ الدواء..
بعد الانتهاء تذكر أنه لم يأخذ ملابس له فقرر الخروج لأخذ الملابس لعلمه أنها لم تعد منذ أن سمع صوت الباب
انتهى من ارتداء ملابسه لكنه لم يستطيع تحمل منامته على ذلك الجرح الذي أصاب كتفه
انتهت سارة من تحضير الطعام وعادت إلى الغرفة لتجده جالسًا على الفراش والألم واضحًا على ملامحه
وضعت الطعام على الطاولة ثم تقدمت منه وهي تحمل الحقيبة وقالت بتعاطف
_ تسمحلي اعقملك الجروح دي
اومأ برأسه بصمت فجلست بجواره ليزداد قربهم وهي تداوي جراحه حتى شعر بأنفاسها تداعب وجهه مما جعله يتناسى آلامه ويستنشق عبيرها الذي أسكره بعطره الأخاذ
كانت جروح سطحية لا تأخذ بعين الاعتبار نسبةً لجراح قلبه الذي يدق بعنف
وتوقفت يدها عندما وجدت يده تمسك يدها تمنعها من مواصلة ما تفعله وعيناه تنظر إلى عينيها بعمق جعلها تحبس انفاسها بخوف وهمت بالابتعاد لكن يده التي تمسك رسغها منعتها من الابتعاد وقال بتحشرج
_ متبعديش.
تاهت نظراتها في محيط عينيه وتلك العيون الرمادية تجذبها حتى تجعلها مسلوبة الإرادة أمامه.
أما هو فقد تنسى كل شئ وقرر عيش تلك اللحظة
وينعم بعشقها ولو قليلًا
رفع يده الأخرى ووضعها على عنقها يتحسسه بشوق وهى مستسلمة له تمامًا
كانت عينيه تنظر إلى شفتيها برغبة جعلته يزدرد لعابه بصعوبة فأصبح لا يطيق صبرا
قربها إليه أكثر لتتلاقى الشفاه في قبله عصفت بكليهما وجعلت كل شيء يتلاشى من حولهم.
كانت قبله هادئه كأنه يخشى عليها من حدة شفتاه
أما هى فقد كانت مرحبة بتلك المشاعر التي تختبرها لأول مرة وما كانت تعلم بأن لها وجود من الأساس
انجرفت خلف مشاعرها وبدأت تبادله قبلاته بجهل جعل رغبته بها تزداد أكثر وأكثر
كانت تطلب منه بقبلاتها أن يمحي أى أثر للمسات ذلك البغيض
رفعت يدها تضعها على صدره لكنه صدرت منه أهه جعلتها ترتد للخلف قليلًا وتنظر إلى موضع يدها لتجد بقعت دماء على منامته تطلعت إليه بخوف وسألته بريبة
_ جاسر انت متعور في كتفك؟
هز رأسه كي يفيق مما كان به وقال بتشتت
_ جرح بسيط متجلجيش.
ترددت قليلًا قبل ان تقول
_ طيب ممكن تقلع التي شيرت عشان اشوفه؟
اومأ بصمت ثم قام بخلعه لتلاحظ حقًا مدى عمقه.
_ الجرح عميق ولازم خياطة، نروح للدكتور ولا اخيطه انا
نظر إليها بعد استيعاب لتطمئنه
_ متقلقش أنا اخذت كورس في الاسعافات وبعدين هما غرزتين مش اكتر
اومأ لها ثم أخرجت بنج موضعي ووضعته على الجرح وهو يراقبها بحب حتى انتهت
كانت السعادة واضحه عليها وهى تنظر إلى الجرح مما جعله يسألها مبتسمًا
_ عچبتك الخياطة؟
وضعت اللازق عليه وردت قائلة
_ ملاحظة انك بتستهزء بقدراتي، صحيح انا اول مرة اخيط، بس الخياطة جميلة جدًا ومش باينه
رفع حاجبيه مندهشًا من البساطة التي تتحدث بها
_ واضح فعلًا.
نهضت من جواره كي تتركه يرتدي منامته وقامت بحمل الطعام ووضعته أمامه
_ يلا كُل بقى عشان تاخد العلاج وترتاح شوية
حاول الرفض لكنها أصرت
_ لازم تاكل بجد ، دي سندوتشات خفيفة عشان العلاج
أخذه من يدها وبدأ في تناوله وقامت هى بإعادة الأشياء داخل الحقيبة وعادت إليه
اخذ دوائه واستلقى على الفراش بتعب وقد بدأ مفعول المخدر بالتلاشي، وعندما لاحظت ذلك تحدثت بتعاطف
_ المسكن اللي أخدته هيريحك حاول تنام والصبح هتكون كويس.
اوما بألم ثم أغمض عينيه لينام
❈-❈-❈
وقفت أمام النافذة الزجاجة تراقبه بقلب ملتاع وقد رفضوا بقاءها بجانبه
حاول الدكتور عصام اقناعها بالعودة إلى الفندق كي ترتاح قليلًا لكنها لم تستطيع
وظلت بجواره تتحجج بأى شئ كي تدلف إليه تطمئن قلبها ثم تخرج وتتركه في تلك الغيبوبة التي تهدد بأخذه منها
وعندما رآها الدكتور عصام على هذا الحال هز رأسه بيأس منها
_ هتفضلي كدة كتير، جسمك محتاج للراحة.
نظرت إليه بحزن وقالت
_ مش قادرة يادكتور بحس إني لو سبته هرجع مش هلاقيه خليني كدة لحد مـ اطمن عليه.
رد عصام بتعب
_ يابنتي الدكتور اكدلنا إن العملية نجحت والقلب بيعمل بشكل جيد بس الغيبوبة دي شئ طبيعي عشان كمية البنج اللي أخذها
الموضوع مسألة وقت مش أكتر.
يلا بقى روحي الفندق وارتاحي شوية وبعدين يبقي تيجي مع عمك
وما إن حركت قدميها حتى سقطت على الأرض دون حراك.
❈-❈-❈
أستيقظت لتجد نفسها في مكان مظلم لكن تعرفه جيدًا، فليس هذه مرتها الأولى، بل مرات لا تعد ولا تحصى
ظلت مكانها حتى وجدت الباب يفتح ويدلف منه جدها الذي نظر إليها بقوة جلت أوصالها ترتعد بخوف
وخاصةً عندما سمعته يقول بغضب هادر
_ يظهر إن تحذيري ليكي مجبش نتيچة وانتي أكدة اللي چانيتي على نفسك.
هزت راسها بخوف وقد انقبض قلبها بخوف مما هو آتي وقالت برعب
_ والله ياچدي مـ عملت حاچة، انا ركبت التاكسي وكان هيخطفني بس هو اللي انقذنـ….
قاطعتها صفعة قوية جعلتها تسقط أرضًا وتنزف الدماء من جانب فمها
مال عليها يجذبها من خصلاتها وقال بغضب
_ رايده تحطي راسنا في الطين وتجيبلنا العار؟
هزت راسها بنفي وهي تقول بألم
_ والله مـ عملت حاچة وماشية على طوعك، الله يخليك صدجني.
دفعها بحدة جعل رأسها يرتطم بالأرضية الصلبة
_ اكدة وماشية على طوعي؟! أومال لو عصتيني هتعملي أيه؟
ضرب بعصاة الأرض وتابع
_خروج من البيت بعد النهاردة مفيش، وچامعتك تنسيها
اتسعت عيناها ذهولًا مما سمعت فنهضت حلم وأسرعت إليه تقبل يده
_ لا ياچدي، چامعتي لأ
دفعها مرة أخرى بيدها وقال بأمر
_ احمدي ربنا اني مجتلتكيش فيها ومنعتك بس من الچامعة أني منعت مهران بالعافية وهو اللي حكم إنك متروحيش تاني
خرج من الغرفة واغلق الباب خلفه وتركها تصرخ وترجوه أن يسامحها.
❈-❈-❈
أستيقظ مصطفى ليجد نفسه في المشفى هم بالنهوض لكنه شعر بألم حاد في ذراعه وصوت معتز
_ خليك زي ماانت متتحركش
نظر إلى حازم الذي ينظر إليه بغيظ فقال بضيق
_ بقولك ايه اعدل خلقتك دي عشان مش نقصاك.
ثم وضع يده على ذراعه مكان فقال حازم بتشفي
_ والله تستاهل اكتر من أكده
تحدث معتز بامتعاض
_ انت شايف ان ده وجته، مـ تهدى شوية
ثم نظر إلى مصطفى ولم يستطع الثبات
_ بصراحة عنده حجك، انت زودتها جوي، بس ده قرصة ودن عشان تشيل الموضوع ده من دماغك
نظر إليهم باستياء
_ هو كنت بتصل عليكم عشان تكدروني ده.
رد حازم
_ احمد ربنا إنك لسة عايش وربنا يستر بقى والموضوع ده يعدي على خير
تذكر مصطفى أمر حلم فسألهم بقلق
_ طيب حلم معرفتوش عنها حاجة؟
زم حازم فمه بغيظ ثم قال لمعتز
_ عجله المخبوله ده وإني هكلم أبوك اشوفه هيعمل أيه؟
خرج حازم ونظر معتز لمصطفى وقال بجدية
_ لساتك مصر عـ اللي في دماغك؟
اشاح بوجهه بعيدًا عنه وقال
_ مـ انت لسه قايل مش وقته.
تحدث معتز بإصرار
_ اومال وجته ميتي لما يخلصوا عليك؟ البنت دي نجوم السما اقربلك منيها وهجولها تاني وعاشر ومليون شيلها من دماغك وعيش حياتك بعيد عنها، المرة دي كانت ضرب على الإيد المرة التانية هتكون واعرة جوي
رد مصطفى بعذاب
_ حاولت ومقدرتش.
_ هو انت لحجت دا معداش عليكم شهر حتى لحجت تتعلج بيها في الفترة دي.
أومأ له
_ واكتر كمان، انا زيك مستغرب من نفسي وخصوصًا انها ديمًا صداني يعني مش مدياني أي أمل بس بردوا مش قادر أبعد
تحدث معتز بجدية
_ لازمن تجدر وتشيلها من نفوخك ياإما اللي جاي هيكون أصعب، ده إن چاه من أساسه
_ بابا عرف حاجة؟
_ لأ ميعرفش بس زمانه حازم جال لعمك دلوجت والجيامة هتجوم في البلد
اندهش مصطفى وسأله بريية
_ هتقوم ليه
تحدث بتهكم هو يربت على كتفه المصاب جعله يتأوه
_ لإن اللي حصل مينفعش يتسكت عليه، ولازمن يكون الرد عليه واعر
بدا بالتأوه عندما حاول النهوض وتحدث بحدة
_ مكنش لازم تعرفوا عمي باللي حصل
_ لازمن يعرف ولازمن يكون في رد عـ اللي حصل، الموضوع مش سهل زي مـ انت فاكر.
تحامل مصطفى على نفسه وهو ينهض
_ انا لازم أروح البلد
أعاده معتز إلى فراشه وقال بأمر
_ خليك مكانك وكفاياك تهور بجى خلينا نشوفوا هنعملوا ايه
رد بإصرار أقوى
_ مش هيحصل ولازم اروح البلد، لازم اتكلم معاهم براحة واطلبها منهم واللي هما عايزينه هعمله.
نهض وهو يتحامل على نفسه بصعوبة، حاول معتز تعديله عن رأيه لكنه أصر على ذلك
_ مهما تحول تقنعني لازم اسافر
دلف حازم الذي انهى المكالمة لتوه ليجده يحاول النهوض
_ انت بتعمل ايه؟
أجاب معتز بحدة
_ البية عايز يرچع البلد، وكمان عايز يطلبها من أهلها
نظر إليه ببرود قائلاً
_ وماله، هى ديتك طلجتين ويرتاحوا منيك وخلصت الحكاية.
أخذ يرتدي قميصه وهو يقول بلهجة لا تقبل نقاش.
_ مش هسيبها ولو السما أطبقت على الأرض.
نظر معتز إلى حازم يسأله ماذا سيفعل فتحدث بانفعال
_ سيبه خليه يروح ويشوف الوش التاني لأبوك، وهو وحظه بجى.
تحدث بإصرار
_ موافق يلا حد منكم يجيبلي هدوم بسرعة
خرج معتز
بحث عن هاتفه الذي وجده مع معتز وقام بالاتصال
على والدته التي ما إن وجدت رقمه حتى اجابة بلهفة
_ ايوة يا مصطفى انت اخرت ليه؟
نظر مصطفى إلى حازم الذي ينظر إليه بغيظ وقال
_ معلش اصلي كنت مع حازم ومعتز وكنت عايز اسافر معاهم البلد لإني جدي تعبان شوية
كانت تود الرفض لكن بعد ما حدث وبعد أن تأكدت بأن داين تدان وافقت وبداخلها حنين جارف لإبنتها وقالت
_ طيب لما تروح هناك يبقى خليني اكلم سارة لأن فونها غير متاح ديمًا
_ حاضر ياأمي
أغلق هاتفه ثم نظر إليهم باستياء ليسأله معتز
_ مش هتجول لابوك؟
هز رأسه بنفي
_ مبقاش فضيلنا، هتودوني ولا اروح لوحدي؟
رد حازم بتهكم
_ هتركب الجطر كيف بحالتك دي.
رد بهدوء
_ هروح بالطيارة.
رفع حاجبيه مندهشًا من البساطة التي يتحدث بها
_ هو انت فاكرها باص هتركب وتروح بلدكم
نهى معتز النقاش
_ انا هتصل على المطار واعرف طيارة المنيا طالعة ميتي.
أجرى معتز اتصاله وعلم باقلاع الطائرة بعد ساعة منذ الآن فقام بحجز التذاكر وأخبرهم بالميعاد
نظر حازم إلى مصطفى ببرود رغم استيائه منه
_ تمشي لوحدك ولا أجيبلك كرسي.
نهض مصطفى متحاملًا على نفسه رغم الألم الذي يشعر به
_ لا همشي
أسنده معتز وخرج به من المشفى متجهين إلى المطار
❈-❈-❈
في غرفة المتمرد
استيقظ الاثنين بعد أن نعما كلاهما بنومًا هنيئًا بجوار بعضهما البعض
فتحت عينيها لتجده مستيقظًا ينظر إليها بنظرة هادئها تراها بعينيه لأول مرة، تاهت في بحورها واندهشت من ذلك التغيير الذي لامسته بكل شئ
لم تعرف شيئًا مما حدث أمس
كانت تود أن تسأله عمّ حدث لكنها خشيت أن تعرض نفسها لغضب لن تقوى على تحمله.
نهضت من جواره بخجل وهى تسأله
_ عامل ايه دلوقت؟
قبل أن يجيبها طرق الباب ليعتدل جاسر في فراشه وقال
_ دي اكيد أمي افتحي انتي، وقوليلها إني لساتني نايم عشان متجلجش.
اومأت له وقامت بفتح الباب لتجد وسيلة تسألها بقلق
_ صباح الخير ياسارة، جاسر صحي ولا لساته نايم
شعرت سارة بالقلق من لهجتها وسألتها بتوجس
_ في حاجة ياطنط
لم يستطيع جاسر البقاء وأسرع إليها يسألها
_ خير ياأمي؟
اتسعت عين وسيلة بارتياع وهي تري ابنها بتلك الحالة وسألته بصدمة
_ أيه اللي حصل ياجاسر؟
طمئنها بهدوء وهو يتقدم منها
_ اني زين الحمد لله، دي بس حادثة بسيطة؛ المهم ايه اللي حُصل؟
التاع قلبها عليه وقالت بخوف وهي تتقدم منه أكثر تطالعه بخوف
_لا حول ولاقوة الا بالله ايه اللي حُصل بالظبط؟ وازاي متخبرش حد منينا؟
أجابها بقلق
_ اني زين والله بس جولي أيه اللي حصل؟
نظرت لسارة بتردد ثم تهربت قائله
_ انزل شوف أبوك تحت خارب الدنيا
تخطاهم جاسر بقلق ونزل للاسف ليجد جمال في مكتبه يهدر بغضب في هاتفه
_ وليه مجلتليش من لول؟
_……..
تحدث بتوعد
_ طب اجفل دلوجت لحد مـ أشوف حل للمصيبة دي، ولما أشوفكم هيكون ليا كلام تاني معاكم.
ألقى جمال الهاتف على الأريكة بغضب واستدار ليتفاجئ بجاسر يتقدم منه وهو بتلك الحالة
زم فمه بغضب رغم قلقه وتحدث بحدة
_ وانت كمان اتخانجت مع مين؟
اجابه باضطراب
_ دي حادثة بسيطة واني راچع امبارح
انقبض قلبه بخوف وسأله بتوجس
_ كيف ده؟ وليه مـ جولتش؟
طمئنه جاسر
_ دي حاچة بسيطة وانا بجيت كويس المهم ايه اللي حُصل؟
عاد الغضب لملامحه وقال بانفعال
_ البيه ولد عمك رايح يعشجلي بنت الهواري والاتنين التنيين كانوا خابرين وساكتين.
اندهش جاسر وسأله بتوجس
_ اوعى تكون بنت سالم الهواري؟
اجاب بحدة
_ هي بعينها لا وكمان رايح يخطفها بالعربية، وأول ما شفوه معها طلعوا عليه وضربوه
قطب جبينه بغضب وتحدث بانفعال
_ كيف ده؟ وازاي يمدوا ايدهم على فرد من أولاد عمران المنياوي؟ اني لازمن أرد عليهم
رغم تأييده لما يقول لكنه قال بامتعاض
_ بس الغلط علينا احنا واللي هيسمع اللي حصل هيقف معاهم
تحدث جاسر باستياء
_ يعني ايه هنعدي اللي حصل اكدة ونضيع هيبتنا في البلد.
قبل أن يرد عليه سمع صوت الباب الذي يطرق بحدة
همّ جاسر بالذهاب لفتح الباب لولا أن منعه جمال
_ استنى عندك ده أكيد سالم مينفعش يشوفك أكدة، اطلع انت فوج
هم بالمعارضة لكنه منعه بحزم
_ ولا كلمة زيادة اطلع زي مـ جلتلك.
خرج جاسر على مضد ليجد وسيلة تقف اسفل الدرج بجوار سارة التي انتابها القلق وهى لا تعرف شيئًا مما يدور، أسرعت إليه وسيلة ما انت رأتهم يخرجوا من المكتب وسألتهم بقلق
_ هتعمل ايه
تحدث جمال بأمر
_ اطلعوا كلكم فوج واني وأبوي اللي هنرد عليهم
صعدوا جميعًا وقام جمال بفتح الباب ليجد سالم ومهران يقفوا على أعتاب منزله والغضب ظاهرًا عليهم
❈-❈-❈
في غرفة ليلى
خرج عصام من الغرفة ليجد صابر واقفًا أمام الغرفة بقلق، وعند رؤيته سأله
_ خير ياعصام البنت مالها؟
طمئنته عصام
_ مفيش حاجة هى الحمد لله كويسة بس ده لأنها ارهقت نفسها الفترة اللي فاتت انا علقتلها محاليل ولما تفوق هتكون كويسة
شعر صابر بأن الحمل أثقل كاهله فقال بألم
_ طيب وأمجد انا خايف أوي.
ربت على كتفه وقال بثقة
_ ابنك الحمد لله بقى كويس والغيبوبة دي شئ طبيعي العملية مكنتش سهلة والحمد لله القلب بيقوم بدوره كويس
أومأ له بتفاهم ثم عاد إلى مقعده أمام غرفة ابنه.
أستيقظت ليلى وهى ترفع عينيها بتثاقل، وتشعر بدوار شديد جعلها لا تستطيع النهوض لكن صوتٍ منعها بالإنجليزية
_ إبقى مكانك كي لا تؤذني نفسك
نظرت إليها بوهن لتجدها إحدى الممرضات وقد أبدلت لها المحاليل
لم تستطيع صياغة الكلمات كي تسألها عنه فالتزمت الصمت حتى تسترد وعيها أكثر من ذلك
ولوهلة شعرت بوحدة قاتلة وشعرت بأن ليس لها مكان بدونه
انتظرت بصعوبة حتى انتهى المحلول وقامت هى برفعه من يدها ونهضت من السرير رغم الدوار الذي يكتنفها
خرجت من الغرفة لتتفاجئ بالممرضة تمنعها
_ إلى أين؟ لا يجوز لكِ ترك السرير وانتِ بـ هذه الحالة.
ابتسمت ليلى بمجاملة
_ لا تقلقِ فـ أنا بخير وأريد الاطمئنان على السيد أمجد.
أومأت لها الممرضة وتركتها تمضي
فسارت وهي تشعر بفراغ كبير بداخلها من تلك الفترة التي بعدها عنه وعليها أن تملئه بالنظر إليه
دلفت الغرفة لتجده كما تركته بدون حراك
وقفت تنظر إليه بألم وهي تراه يسارع الموت الذي يسعى لأخذه منها
كانت الأجهزة تحاوطه من كل جانب ويبدو أنها لا تبشر بخير مطلقًا رغم ان الجميع بشرها بسلامته، لكن خوفها من الفقد يتلاعب بقلبها.
تساقطت دموعها وهي تتقدم منه تراقب مؤشراته التي تعلو وتهبط برتابة
جعلت قلبها هى ينتفض خوفًا
ماذا إن استسلام وتركها، ماذا سيكون مصيرها؟
فليس لها حياة بدونه
هو حبيبها الذي أسر قلبها منذ أن وقعت عيناها عليه ولن ترضى بغيره بديلًا
عليه أن يقاوم لأجلها، هو مجبر على ذلك، هو من اوقعها بعشقة وملزم ان يعود إليها
اقتربت منه لتقول بقلب ملتاع
_ أرجوك يا أمجد قاوم عشان خاطري أنا مقدرش أعيش من غيرك
جلست على المقعد بجواره وأمسكت يده تقبله بلوعة وتابعت رجاءها
_ لازم تقوم عشان توعدني إنك عمرك مـ هتسبني
انت مجبر انك تفضل معايا متتخلاش عني..
قاطع حديثها تلك التي اقتحمت الغرفة وتلاها دخول صابر الذي تحدث برفض لما يحدث
_ يا بنتي مينفعش كده الدكاترة مانعين اى حد يدخله
أجابت بـ النفي
_ أنا مش أى حد أنا خطيبته وهو اكيد محتاجني معاه
الجمتها الصدمة وجعلتها غير مدركة لما يحدث حولها
تناست تمامًا يدها التي مازالت تمسك يده بإحكام مما جعل تلك الفتاة تنظر إليها باستنكار وسألتها
_ انتي مين؟
نظرت إلى صابر الذي لم ينفي ما قالته ثم تطلعت إليها بصدمة وكأنها داخل كابوس مزعج وعليها الاستيقاظ منه.
يُتبع..