رواية رومانسية جديدة حرب نواعم 

(قواعد عشق النساء)

من روايات وقصص الكاتبة

 هالة محمد الجمسي

داخل سيارة قاسم مصيلحي يختلس  النظر إلى قاسم كل ثانية في قلق أثناء قيادة الطريق  مما دفع قاسم أن يقول وهو يغمض عينيه:

_ركز في الطريق شوي يا مصيلحي السواق اللي كان قبلك مكنش متعب كدا

مصيلحي في خوف:

_لا مؤاخذة  يا جناب العمدة  لو مكنتش أخاف عليك اخاف على مين؟

وضع قاسم يد على وجهه بنفاذ صبر :

_تخاف من أي عاد؟ هو أنا كنت في الصحر و الديابة  بتجري  وراي 

مصيلحي وهو ينظر إلى الطريق ثم ينحرف إلى اليمين:

_يا بيه لا مؤاخذة الراجل اللي كنت لسه وياه كان عايز ياخد منك العمودية وحاول ي_ق_تلك ازاي يعني تدخل بيته كدا لوحدك؟ 

كاد قاسم أن ينفجر غاضباً فيه ولكنه تذكر سبب خوف مصيلحي 

فقال في صوت منخفض بعض الشيء:

_الراجل اللي انت خايف منه دا يتخاف عليه, اسمع يا مصيلحي أنا فاهم انت بتفكر ازاي؟ خوفك عليا دا  علشان عقلك بيصورلك حكاية طخ النار اللي حصلت من زمن 

مصيلحي وقد خفف سرعة السيارة قليل حتى يتحدث مع العمدة ويشرح له ما يفكر فيه:

_واه يا بيه هو اللي حصل سابق كان هين ولا كان هين وبعدين كه أنا اوديك بنفسي الخطر تاني واجب على يا بيه أحذرك  و مبقاش خاين و اضلك لا  مؤاحدة يا بيه 

أنا اصون  لقمتي واصونك 

أشار له قاسم بيده أن يتجه إلى الشمال 

_  أنا 

قادر احمي نفسي كويس اوي من أي حد زي ما بحمي بلد كاملة، وانا ليا دماغ يعرف الدنيا ماشية ازاي وعارف الصالح مين ومين الرضي وفاهم انت بتفكر كيف ؟ وبقولك تاني واخر نوبة هقولك فيها اقفل على الموضوع دا ومكان ما اقولك امشي تمشي فهمت ولا اي؟

تمتم مصيلحي في صوت به استسلام:

_تمام يا بيه

أشار العمدة إلى المدرسة وقال:

_اوقف هنا عايز اشوف المدرسة فاتحة لدلوقت ليه الساعة عدت تلاتة 

واي الواغش اللي جوا دا 

اوقف مصيلحي السيارة في سرعة ثم هبط العمدة اولا في سرعة إلى الداخل، كان حوش المدرسة يلعب به عدد من الأطفال وفي زوايا من الحوش تجلس سيدة أمام وابور جاز قديم موضوع أعلاه قدر به 

بعض البطاطس المطبوخة والى جوارها 

يجلس فراش المدرسة 

قاسم وقد وقف أمام الفراش:

_بتعمل اي يا شوقي هنا؟ ومين دي؟ واي اللي بيحصل في المدرسة ؟ وفاتح البوابة ليه لحد دلوقت؟

نهض شوقي في فزع ثم قال وهو يتلعثم من الخوف والرهبة وقد تفاجيء بوجود العمدة:

_دا دا مافيش حاجة 

ثم نظر خلف العمدة وقال؛

_هو المدير جاي وياك؟ 

نظر قاسم إلى المرأة التي تنظر له في صمت ثم قال:

_أنت مين؟ حكايتك اي؟ 

تنهدت المرأة في حزن ونظرت إلى شوقي الغفير وقالت:

_أنا همشي من هنا بس أمانة عليك لا تأذي شوقي 

نظر قاسم  إلى شوقي ثم إلى المرأة وقد فطن من لهجتها أنها ليست من أهل الصعيد:

_هو كدا شوقي جاب المشاكل لنفسه  

نكس شوقي رأسه في الأرض في حين قالت المرأة:

_لا أنا خلاص هشوفلي مكان تاني اقعد فيه 

نظر قاسم إلى المرأة ثم ألقي نظرة إلى الأطفال وتابع وهو ينظر إلى شوقي:

_ اي اللي بيحصل هنافي اي عاد؟

شوقي نظر إلى المرأة في حزن ثم قال:

_دي عمتي اخت ابويا لزم كانت قاعدة في دمنهور وجوزها مات  كان شغال  في مطعم هناك وقبل ما يموت التعب حالة شديد وقوي 

واستلفوا يا ما علشان يعالجوه كان عندهم امل كبير يعيش وكل حكيم كانوا يسمعو عنه  يجرو عليه وكل دوا غالي كان يجيبون كانوا متعشمين في صحته ترد له   بس أمر الله نفذ وراح للي خلقه اسبوع عدا وراح والديانة وقفوا ليها على الباب وعمتي معهاش تدي و جوزها سابها لوحدها مع عيالها  والديون هم وكرب ليل نهار على دماغها تعمل اي هي؟ ما حد رحمها طفشت من ضيق الحال وأنت عارف يا جناب العمدة أن بيتي كله  اوضتين وعيالي سبعة ومراتي وأمي وخناق العيال مش مبطلين شجار ونقار   وقلت تقعد هنا  بعد المدرسة في اوضتي 

العمدة وهو ينظر إلى كل منهم في تفكير عميق:

_اوعاك تكون فاكر أن الغلط هيتدارى أو هيتسكت عنه المدرسة مش مكان للأهالي ومش مضيفة 

شوقي في لهجة حزن:

_عارف يا جناب العمدة بس انا بين نارين ومش عارف اعمل اي؟  مقدرش اسيبها أو افوتها لوحدها ابداً ولو على الغلط أنا مستعد اتحمله كله 

ثم نظر إلى عمته وقال:

_يا لا يا عمتي نرجع البيت نسع بعض هناك 

نظر العمدة إلى المرأة وقال:

_أنت بتعرفي تخيطي هدوم؟ 

المرأة رفعت رأسها له ثم نظرت إلى شوقي الغفير وقالت:

_لا مبعرفش

فكر قاسم دقيقة ثم قال:

_عندك استعداد تتعلمي؟ 

هزت المرأة رأسها علامة الموافقة وقالت:

_ايوا يا سعادتي البيه اتعلم وماله

نظر قاسم  إلى شوقي وقال:

_تروح للست ازهار مديرة المشغل بتاعت البنات  وتقول لها العمدة بيقولك الدور الارضي بتاع بيتك يتفتح للست وعيالها هتقعد فيه و الست دي تستلم شغل من الصبح مع البنات هناك  علشان تكون قريبة من مكان شغلها 

نظر قاسم إلى المرأة وقال:

_الدور الارضى هناك مفروش ونضيف و هتقعدوا براحتكم انت وعيالك 

تهلل وجه شوقي وقال :

_الله يعمر بيتك يا جناب العمدة

نظر قاسم إلى المرأة التي كانت تنظر إلى أطفالها في حسرة وحزن

ثم نظرت إلى قاسم:

_الله يعمر بينك ويعلي مراتبك وينصرك على من يعاديك 

أخرج العمدة من جيبه مبلغ من المال وضعه في يد المرأة التي رفضت أن تاخده:

_لا يا بيه خيرك سابق 

نظر شوقي إلى عمته و قال:

_خديها يا عمتي انصاف   ولا ترد ايده ابن الاصول دا الكل عايش بنفسه وفي خيره دا كبير البلد 

نظرت المرأة في حياء إلى العمدة ثم أخذت المال وهي تقول:

_ربي يكتر لك رزقك ويبارك فيك 

نظر قاسم إلى الأطفال وقال:

_ربنا يعينك على تربيتهم 

أشار شوقي إلى الأطفال قائلاً:

_يا لا تعالوا  اتغذو علشان هتروح بيتكم الجديد يا لا 

تدافع الصبيان في إتجاه شوقي وهم يرددون:

_بجد هيكون لينا بيت جديد نقعد فيه ؟

شوقي وهو ينظر إلى قاسم وهو يغادر المدرسة:

_ايوا يا ولد منك ليه، ربنا راد ليكم انكم تقعدوا هنا 

وكتب لكم رزق هنا وبيت كمان 

ثم نظر إلى أنصاف وقال:

_المشغل اللي هتروح  تشتغلي فيه دا بتاع العمدة فاتحه للبنات والستات اللي عايزن يشتغلوا والشغل فيه نص نهار بس يعني هترجعي والشمس طالعة وتشوفي حاجتك وحاجات عيالك 

الحمد لله يا اخت أبوي 

كنت شايل همك و خايف عليك دلوقت خلاص ربنا بعت لينا اللي حل المشكل كله من الأساس  

تقعدي معانا هنا وترتاحي 

نظرت انصاف إلى أطفالها وقالت:

_ديون جوزي هسددها يا ابن اخويا  من الشغل اللي هشتغله علشان جوزي يرتاح في نومته،  اللي يقسم بيه ربنا كل شهر نروح أنا وأنت دمنهور نسدد شوية وشوية ونستسمح الكل بالصبر عليا

شوقي وهو يربت على كتفها:

_حاضر يا عمتي هروح أنا للديانة بنفسي واعرض عليهم الأمر كله وعارف أن الناس هترضى تاخد فلوسها مقسطة وسامحيني على ضيق الحال لو بيدي كنت سديت دين جوزك بس العين بصيرة واليد قصيرة  وأنا مش هسيبك هطل عليك يوماتي  

ثم نظر إلى الخارج وشاهد سيارة قاسم وهي تبتعد وقال:

_ربنا يعمر بيتك ويعطيك الواد اللي يشيل اسمك يا ابن الجارحي

يتبع