-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 37 - 1 - الخميس 28/11/2024

 

قراءة رواية حان الوصال كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل السابع والثلاثون

1

تم النشر يوم الخميس

28/11/2024  


تقبض على عجلة القيادة بشدة من فرط غيظها، وفمها لا يتوقف عن صب اللعنات نحو هذا السمج الذي جعلها أضحوكة الليلة كما يصور لها عقلها:


- غتت وغلس ودمه يلطش، لأ وعاملي فيها 

دكتور بجد وبيوجه النصايح،  بس كله من مدام نجوان، هي السبب، خلته ياخد الثقة عشان يفتي براحته. 


على الكرسي المجاور لها، كانت بهجة تكتم بكفها على فمها الذي لا يتوقف عن الضحك منذ ان استقلت معها السيارة، تسمع لها ولا تستطيع المجادلة،  تقديرًا  لحالتها، فما فعله هذا الشيطان معها اليوم ، في مشاكسة خجلها والغزل المبطن بصورة مقصودة أظهرت اهتمامه الصريح بها امام الجميع ممن كانوا حاضرين سهرة اليوم،  حتى شقيقتها الصغرى انتبهت للأمر.


- كفاية ضحك يا بهجة انا على اخري .

صاحت بها لتجبرها على التحدث وإبداء الأسف:

- يا ستي سامحيني، بس انا والله ما قادرة أوقف،  كل ما افتكره وهو بيناديلك الأستاذة الآنسة صفية مبقدرش امسك نفسي، ولا كمان لما يناغشك ويستفسر بغلاسة على اي جملة تقوليها، فظيييع.......


- هو فعلا فظييع،  بس بغلاسة بغتتاتة بأي حاجة وحشة.

كانت تتحدث ضاغطة على اسنانها بصورة تزيد من استمتاع بهجة التي كانت تجاهد للأ تزيد عليها:

- معلش يا حبيبتي، هو يمكن هزاره تقيل عليكي، عشان شايفك بس مؤدبة زيادة عن اللزوم وبتصديه على اي كلمة يقولها .


- وعشان مؤدبة بيستغل يقلل من احترامي ويضحك اي حد عليا، دا حتى شادي ابن عمتك، الراجل الوقور المحترم مكنش قادر يمسك نفسه هو ومراته، ولا اخواتك هما كمان، مكنش ناقص غير اللي على باقي الطرابيزات في الكافيه تتفرج علينا  


هذه المرة تحدثت بلهجة أوشكت على البكاء، تجبر بهجة على التوقف،  بل والتخفيف عنها:.

- بس هو مقللش منك ولا ضيع احترامك في وضع،  انتي اللي واخدة الأمر على اعصابك، عشان عارفة قصده كويس اوي واحنا كمان عارفين وشادي ابن عمتي راجل حبيب وحاجة زي دي متخفاش عليه، ميبقاش عقلك مقفل واستوعبي .


ارتخت معالمها وخفت حدتها بعض الشيء مرددة باستفهام:

- استوعب لإيه بالظبط؟ هو قصدك إعجاب ولا الكلام الفارغ ده انا مليش دعوة ولا اعترف بيه أساسًا،  انا محامية يا بهجة، والبلاوي اللي بشوفها في مهنتي تخليني اكره الصنف كله.


- يا سلام، انتي مصدقة نفسك يا صفية، الرجالة زي الستات، في كل حتة في الوحش والحلو ، في الطيب وفي الشرير .


- عارفة.

تمتمت بها ثم توقفت برهة قبل أن تستطرد بقلق:

- بس برضو انا معرفهش عشان عمري ما اختلطت بحد غريب عني منهم، كل معرفتي بيهم تتمثل في اتنين، واحد فيهم ابويا وانتي عارفاه دا يخليكي تقتلي الصنف كله مش تكرهيه، اما بقى التاني فهو خالد خال زهرة اختي وخالي انا بالتبيعية لها، ودا بيعاملني زي بنته، لكن ناس من سني مجربتش، حتى لما كنت في الجامعة،  عمري ما سمحت لحد من الشباب يزود عن السؤال معايا، ولما اشتغلت محامية بقى كل علاقاتي يا خناق في المحكمة مع حد منهم، يا يبقى برا المحكمة في منافسة العمل وإثبات الذات،  


تركتها بهجة حتى انتهت لتعقب بمرح:

- يا عيني يا حبيبتي، شوفي انتي بتكرهيهم ازاي؟ قوم حظك يوقعك مع واحد منهم زي الدكتور هشام، استاذ في الفرض والمكر، زي التعلب بالظبط. 


- دا على نفسه؟

قالتها صفية لتتبدل ملامحها للشراسة مرددة:

- تعلب بقى ولا ديب ميهمنيش انا، لا هو ولا غيره، حد يقدر يهز شعرة فيا، وانا هوقفه عند حده، وابقي تشوفي. 


رددت من خلفها بجدية وحماس:

- ماشي هبقى اشوف


❈-❈-❈


- إنت قاعد في الضلمة ليه يا رياض ؟

صدر السؤال من والدته بعد عودتها إلى المنزل وتفاجأها بجلوسه في بهو المنزل دون إضاءة ولو خفيفة حتى من مصابيح المنزل المتعددة، لتضغط وتنير عدد منهم ، قبل ان تتجه وتأخذ جلستها على الكرسي المقابل، متابعة بقلق عقب عدم رده :


- بكلمك يا رياض،  هو انت مسمعتش 

زفر يجيبها:

- سمعت يا ماما، بس انا دماغي مشغولة، ومكنتش حاسس بجو الضلمة اساسا.


تمتمت بما يشبه السخرية:

- لدرجادي؟ ع العموم اللي ياخد عقلك يتهنا به، المهم تكون بخير بس .


- بخير يا ماما، أن شاء الله هكون بخير

قالها بتحدي جعلها تنهض عن مقعدها قائلة:

- اتمنى والله ، مفيش ام تكره الراحة لابنها، عن اذنك بقى اروح انام .


وما شرعت بأن تحركت حتى سمعته يوقفها:

- على فكرة انا عندي ليكي خبر جديد 


- سألته بدهشة:

- هو ايه؟


  ❈-❈-❈


في اليوم التالي. 

خرجت مع شقيقاتها صباحًا على ميعاد فتح محلهم ، في ظل انشغال شقيقها باستعدادته لدخول الجامعة،  فقد قررت صرف عقلها عن التفكير او على الاقل المحاولة بالانشغال الدائم، وقد ساهم لقاء امس مع الأحبة ان يعطيها دفعه للاستمرار حتى يحدث الله امرَا،


كانت في هذا الوقت تمسح على الطالاوت وعائشة وجنات قد تولتا أمر المطبخ، في التحضير لعمل اليوم مع الرواد

وكانت المفاجأه حينما وجدته فجأة أمامها ، حتى كادت ان تفرك بعينبها حتى تتأكد بهويته، ولكنه أكد بقوله اليها:

- صباح الخير يا بهجة، عندك وقت تقعدي معايا وتسمعيني؟

كتمت زفرة الإحباط داخلها، فالبداية غير مبشرة على الإطلاق، لتربط على قلبها في محاولة للتماسك والاستعداد للقادم منه:


- اكيد طبعا، اتفضل وقول اللي انت عايزه.

وأشارت بيدها  على أقرب طاولة بينهما، وجلست تسبقه في الجلوس، تبتلع ريقها بتوتر شديد تحاول السيطرة عليه،  فتبعها بهدوء يتخذ مقعده مقابلا لها، لتلتقي بندقتيه بخضرواتيها وحديث سريع دار بينهما ، يحمل عتابًا، يحمل اشتياقًا ولوعة، يحمل قلقًا ترتجف له أطرافها:


- اتفضل انا سمعاك، ومستعدة لأي قرار منك. 

لم يجيبها إلا بعد فترة من التأمل قائلا:

- تصدقي انك وحشتيني رغم اني شايفك امبارح ، ورغم الخناق، مش عارف هعمل ايه في الايام اللي جاية بعد.....


- إنت خلاص قررت وهننفصل خلاص؟

فضحتها اللهفة امامه، حتى اثارت على ثغره ابتسامة رائقة يشاكسها:

- انتي عايزة ايه؟

اخجلها بلفتته، فحاولت الإنكار بردها:


- يعني هعوز ايه؟ ما انت سمعتني امبارح، القرار في ايدك .

خبئت ابتسامته فور ذكرها عن حديث الأمس، ليتمالك متحدثًا بجدية:

- تمام يا بهجة عرفت، وانا جي النهاردة عشان ابلغك...


انتبهت جميع الحواس وتحفزت كل خلية بجسدها في الترقب مرددة بضيق بعد قطعه للعبارة:

- تبلغني بإيه؟


- ابلغك اني مسافر يا بهجة.

تقافزت الأسئلة برأسها تتمتم بها باستفهام لا يتوقف:

- مسافر فين بالظبط؟ وليه؟ وكدة معناها انك مفارق خالص يعني؟ طب هتسيب طنط نجوان ولا هتاخدها معاك؟


زم شفتيه في انتظار انتهائها، حتى إذا توقفت جاء رده:

- اديني فرصة اكمل يا بهجة.

ابتعلت رمقها بقلق متعاظم توميء له بالمواصلة، وخفقان قلبها المتسارع تخشى ان يصل لأسماعه:


- انا مسافر اخلص شوية شغل يا بهجة، كان المفروض اللي يقوم بالمهمة دي كارم، بس انا نحيته عشان أخدها فرصة اغير جو وافكر كويس، يعني ممكن المدة تطول عن الكام يوم لأسبوع، او الشهر لو احتاجت....


- او لسنة كمان براحتك خالص على فكرة 

أضافت بها بانفعال آثار تسليته ليعقب:

- وافرضي وصلت لكدة فعلا، ايه اللي يعصبك؟


- ازاي يعني ايه اللي يعصبني؟ انت واخد  بالك بتتكلم في ايه؟ وأحنا كنا متفقين على ايه امبارح؟ لو ناوي تخلع يا بن الناس قول وخلص، عشان كل واحد يروح في طريقه ويشوف سكته، مش اقعد انا في انتظارك وانت تلوف على واحدة تنسيك البلد واللي فيها هنا.

الصفحة التالية