-->

رواية جديدة عشق الرعد 2 لسماء أحمد - الفصل 14

 

قراءة رواية عشق الرعد الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية عشق الرعد الجزء الثاني

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سماء أحمد


الفصل الرابع عشر




نظر يوسف باتجاه سيلا التي وقفت في البلكون بعدما بدلت ملابسها، ارتسمت الإبتسامة على ثغرها وهي تشعر بيوسف يضمها، رفعت وجهها له فطبع قُبلة بسيطة أسفل ذقنها قائلاً : أكيد أنا مش باعد غيث عن حضني عشان حضرتك تقفي كدة في البلكونة 


ابتسمت قائلة بخبث : أيوة يعني أنت عايز ايه الوقتي؟ هتتكلم كتير هسيبك واروح أبات مع ماما 


يوسف بضيق : وعلى ايه! لساني جوه بوقي ومش هنطق في ليلتي دي، أنتِ عارفة أنا مستني اليوم دا من أمته؟ 


حركت رأسها بنفي فأكمل : من اكتر من ست سنين وأنا حلمي حضنك يا سيلا بس 


دفعته قائلة بمرح خفي : وحضنت روح نام بقى 


يوسف وهو ينحني يحملها : أنتِ شكلك مش جيباها لبره وأنا خلقي اضيق من خرم الإبره النهاردة 


سيلا وهي تتحرك بعشوائية : نزلني يا يوسف عشان مروحش لماما واسيبك، بطل قلة أدب انا فاهماك ومش هـ ... 


قاطعها بطريقته سرعان ما ذابت بين يديه، ثم ذهبت معه إلى عالم خاص بكلاهما وفي نفس الوقت انتقض رعد جالسًا وهو يستمع لأحد رجاله يقول بعملية : مرات بسام باشا توفت 


رعد بأسف : لا حول ولا قوة إلا بالله، جهز العربية أنا جاي 


اعتدل واقفًا وتحدثت عشق بتوتر : في ايه؟ رد يا رعد متلعبش بأعصابي 


كاد يجيب لكن هاتفه عاد يرن، رد وجد زياد يقول له : رعد جايدا أغمى عليها فجأة وحصلها نزيف شديد، وهي الوقتي في اوضة العمليات 


رد رعد عليه بصوت عالي : لا حول ولا قوه الا بالله، جاي يا زياد ومتقلقش كل حاجة هتبقى كويسه 


أغلق معه ثم نظر لعشق التي قالت بتوتر : جايدا أختي كويسة 


سألها رعد في غاية الجدية : أنتِ قولتيلي من شوية ايه على يوسف؟ يوم ايه؟ 


عشق ببساطة : يوم جميل ذي نيته بالظبط 


تحدث رعد بسخرية : اة طيب مرات بسام ماتت ومرات زياد حصلها نزيف وفي العمليات


شهقت عشق بصدمة ثم اعتدلت واقفه، نظر رعد لها نظرة شاملة ثم استغفر ربه بصوت مرتفع ودخل الحمام، دقائق وخرج وجدها ترتدي ملابسها وتجلس منتظره إياه، سألها باستغراب : في ايه؟ مش هتيجي يا عشق


عشق بعناد : لا هاجي مش كفاية مش هتقعد معايا، خليني أنا بقى معاك 


عاد يستغفر ربه ثم قال : والله ما وقت رومانسيتك دي نهائي، اقولك قومي تعالي 


مسك يده فعاد يستغفر وهو يُقبل جبينها ثم نزل معها يجلس في السيارة، وصل المستشفى ثم قال بحدة واضحة : جدعة اسمع صوتك، اكتر من بقاء لله لبسام متتكلميش مع جنس واحد خلقه ربنا


عشق بخبث : حتى أنت 


نظر باتجاهها قليلاً، ما هذه الملامح التي لا تتوقف عن استنزاف ما بداخله، تحدث بزفير : حتى أنا طول ما احنا بره البيت 


هزت رأسها في برائة ثم اتجه حيث بسام الذي كان يسعى خلف الاجراءات، عيناه تكاد تنفجر من كثرة الدموع التي تجمعها لكنه لا يتحدث، ربط رعد على كتفه قائلاً : البقاء لله يا بسام، شد حيلك عشان ولادك وروح اقعد جنب مراتك وأنا هخلص ليك الورق 


يريد أن ينفي ويجيب على ما هو المفروض، لكنه لم يتمكن من قول شيء سوا : عايز ادفنها الصبح، إكرام الميت دفنه و ... 


صمت فربط رعد على كتفه ثم هز رأسه قائلا : روح يا بسام اقعد معاها 


هز رأسه وذهب في ضعف لا يليق به، دقائق وانهى رعد جميع الإجراءات بالمستشفى ملك له، اتجه حيث زياد مع عشق الباكية وهي تقول : يا حرام مش قادر يتكلم، لو مُت هتزعل عليا كدة؟ 


رعد بهدوء : مش هلحق أصلاً 


ربط على كتف زياد الذي ضمه بخفة ثم عاد يجلس، يحرك قدمه بعشوائية ثم قال : بقالها ساعتين ونص جوه و ... 


خرج الطبيب وظهر الأسف على ملامحه ثم قال : البقاء لله


شهقت عشق بصدمة وكادت تقع، حاوط رعد كتفها وتحدث زياد بلهفة : مين؟ ابني قول ابني متقولش مراتي، أنا قولتلك قبل ما تدخل متخاطرش بحياتها ولا بنسبة واحد في المية، أنا مليش غيرها وهي كل حاجة ليا 


صرخ زياد وهو يقبض على ملابسه بجنون : قول ابني متقولش هي، انطق وريحني بقى 


قبض الطبيب على يديه ثم حرك رأسه بأسف قائلا : .... 


❈-❈-❈


انطلق الطفلين جريًا داخل المستشفى، الفتى في العاشرة من عمره والفتاة لم تكمل الثلاثة أعوام، عقدت الصغيرة حاجبيها ثم انفجرت باكية وهي ترفع ذراعيها لجميلة التي تبكي بانهيار، حملتها جميلة تُقبل وجنتيها ثم اتجهت بها هي وأخيها للداخل 


تحدث الصغير ببكاء : ماما 


نظر بسام باتجاه جميلة التي تبكي بانهيار، بكاء الصغير جعل بسام يخرج وهو يشعر بعجز في تهدئة حال ابنه الصغير، صرخت الصغيرة بانهيار وهي تندفع باتجاه أمها وهذا كان أكبر غلط فعلوه 


تحدثت الصغيرة ببكاء : ماما اثحي يلا ابوثك ومش اعيط يا ماما 


عاد بسام ثم اخرج طفليه وضمهم يبكي على بكائهم وقد انزاح حمل عن صدره، ضمت جميلة أختها وهي تصرخ من أعماقها وتنادي عليها لعلها تعود للحظة، لكن ما خرج لا يعود.. 


❈-❈-❈


قبض الطبيب على يديه ثم حرك رأسه بأسف قائلا : هو فعلاً الطفل، المدام عايشه بس وضعها الصحي وحش اوي يا دكتور وهننقلها الوقتي للعناية بس النزيف وارد يرجع، وضعها فوق السيء كمان 


ترك زياد ملابسه وعاد يجلس قائلا : هتعيش، مش معقول أخسر خسارتين وبعدين ربنا عارف أنا بحبها قد ايه، مش هياخدها مني، هو رحيم بعباده وأنا مش هزعلها تاني خلاص اتعلمت الدرس


ربط رعد على كتفه بعدما جلست عشق بضعف، مر الليل بقسوة على الجميع ورعد ينتقل بين بسام وزياد، حضر مراسم الدفن مع بسام كذلك العزاء في حين أرسل الجميع بجانب زياد، احضر أدم وأسد أولاده حتى يهونوا على ابن بسام وعشق أيضًا أتت العزاء 


دخل زياد غرفة العناية المركزة والبعض يقف خلف الزجاج، سحب كرسي وجلس بجانبها يحاوط أعلى رأسها بيد والآخرى يمسك يدها، أنفاسه على قُرب منها


دقائق ثم فتحت عيناها ببطء لتجده على قُرب منها، همست بخفوت : زياد 


لمعت الدموع في عيناه وهو يقول : جنبك اهو يا حبيبتي ونور عيني 


جايدا وهي تضغط على يده : فكرت مش هشوفك تاني 


طبع قُبلة بسيطة على طرف فمها وهو يقول : وأنا روحي اتسحبت وراكي، متقوليش كدة هتشوفيني وهنكمل سوا وهنجيب بدل العيل مية وهخطفك بعيد اوي 


ابتسمت بخفة ثم قالت بتوتر : ابننا كويس؟ أنا حسيت ...


بدأ يطبع قُبلاته على وجهها وهو يهمس بخفوت : المهم أنتِ جنبي، اسأليني عنك بس يا جايدا، اوعي تبعدي عني، بحبك يا كل ما ليا


ابتسمت بخفة ثم رفع رأسها على ذراعه يضمها له ودموعه تنهمر، تحدث وهو يُقبل كل ما يقابله من وجهها : خوفت عليكي اوي يا جايدا .. إياكي تفرطي فيا تاني يا حبيبتي


ابتسمت بخفة وهي تهمس بتعب : متبعدش عني لحظة فاهم؟ 


زياد بخفوت : حاضر 


عادت تنام مرة آخرى وجمان تتابعهم بإبتسامة ثم قالت لأختها چيلان بدموع : فعلاً محدش بياخد كل حاجة، هي خدت زياد وخسرت ابنها وانا خدت نور وخسرت ياسين


چيلان بإبتسامة : احمدي ربنا 


أكدت برأسها وهي تشاهد أختها وزياد الذي أخذ أكبر درس في حياته كلها ..


❈-❈-❈


سحبت سيلا تيشيرت يوسف ترتديه، انفجرت ضاحكة وهي تجده يتساقط من احد كتفيها ويصل للركبة ثم خرجت حافية تبحث عنه، وجدته يرتشف القهوة في البلكونة فحاوطت عنقه من الخلف تُقبل وجنته قائلة : أحلى صباح دا ولا ايه! 


جذبها حتى تجلس في حضنه ثم قَبل جبينها وهو يضمها قائلاً : دا أحلى كل حاجة بوجودك، ايه الجمال ده! 


بدأت ترتشف قهوته قائلة : عيونك الجميلة يا حبيبي، بجد أنا في حضنك يا يوسف، والله ما مصدقه 


تعالت ضحكاته ثم قال : هو ولا انا لحد أمبارح بعدين خلاص بقى صدقت، كنت بحاول اتهرب واسافر الوقتي انا قتيل البيت ده لآخر نفس 


ابتسمت وهي تمرر يدها على وجهه، اقتربت تُقبل كلتا وجنتيه بمرح ثم رن هاتفه، أجاب قائلا : لا حول ولا قوة إلا بالله، متقولش لحد بقى إنك قولتلي عشان انا عريس


عادت تضحك بصوت مرتفع قائلة : في ايه؟ 


يوسف بضيق : عمار قالي مرات بسام ماتت وجايدا ابنها مات والظاهر إن تقابل الشمس والقمر عمل لغبطة في الأبراج وأدى لاصطدام .. استغفر الله العظيم، ايه العبط اللي أنا بقوله ده 


سيلا بضحك : طيب قوم نعزي وبعدين نرجع، أحنا معتش ورانا حاجة غير بعض 


يوسف بتأكيد : معاكي حق 


❈-❈-❈


مر اليوم وأتى الليل على الجميع

عاد الكل إلى المنزل ماعدا زياد الذي لم يترك غرفة جايدا لحظة، فتحت عيناها بتعب ثم نظرت باتجاهه تبتسم بخفة، بدأت تمرر يدها على خصلاته نزولاً بوجنته وهي تهمس باسمه 


فتح عيناه قائلا بتعب واضح : عاملة ايه؟ 


سألته والدموع تجري في عيناها : ابني فين؟ رد يا زياد ومتكدبش عليا 


زياد وهو يضغط على يدها : ربنا يعوضنا يا جايدا


نفت برأسها وهي تنفجر باكية، بدأت تنطق بصراخ مكبوت : متقولش كدة يا زياد، ابني كان كويس والله، ابني يا زياد 


قرب وجهها له يبكي على بكائها ثم ضمها بقوة يعتذر، يومان وهي على هذا الوضع لا تكف عن البكاء بتعب ولا تتناول الطعام 


نظرت لأعلى بشرود وهو دخل الغرفة بعدما بدل ملابسه، تحدث بتنهيد : على فكرة أنا مأكلتش ومفيش حد هنا ياخد باله ويقولك عشان تأكلي وتأكليني 


نظرت باتجاهه ثم قالت بتعب : مأكلتش ليه؟ 


بدأ يسندها حتى تعتدل جالسه ثم جلس خلفها يسندها قائلاً : بصراحة كدة في واحدة عايزة تتاكل وانا مش عارف اكلها 


ابتسمت بخفة ثم قالت له : كُل عشان خاطري، مش كفاية مش راضي تروح ترتاح شوية 


رن على الممرضة لإحضار الطعام ثم قال : انا راحتي مكان ما تكوني يا جايدا، لو تعرفي بحبك قد ايه! 


وضعت الممرضة الطعام ثم خرجت فاردفت : يلا كُل 


زياد : معاكي يا حبيبتي بكفاية عناد، ربنا يجعله في ميزان حسناتنا ويعوضنا بأكتر من طفل ويحفظ زاد 


تحدثت جايدا بدموع : والله ما أثرت ف حقه يا زياد 


دفن وجهه في عنقها معتذرًا واردف : أنا أسف أنا اللي أثرت في حقكم يا حبيبتي، سامحيني يا جايدا 


أخذت نفس عميق ثم قربت أنفها من وجهه تُقبل كل إنش يقابلها، شبك أنامله مع أناملها يهمس بعشقه لها وهو يُقبل عنقها، تحدثت چيلان بخجل : احم ممكن ادخل


شعر زياد بالاحراج ثم ابتسمت جايدا قائلة : تعالوا يا اخواتي


سلمت چيلان كذلك جمان عليها ووضع زياد الوسائد خلفها ثم خرج فاردفت چيلان بمرح : استنوا الدكتور يكتب على خروج طيب 


جايدا بمرح : هو ايه اللي حصل؟ 


جمان بمرح : طبعًا محستيش ما أنتِ .. استغفر الله العظيم


تعالت ضحكات الفتيات كذلك جايدا التي بدأت تتعافى بوجود زياد بجانبها والأجواء الرومانسية التي يغرقها بها..


❈-❈-❈


انطلق الأطفال جريًا خلف بعضهم البعض في جو مرح، وعشق تقف في غرفتها تجعل ريان ينام بصعوبة، نام بصعوبة وكادت تتحرك شعرت بمن حاوط خصرها من الخلف قائلا : أخيرًا فضيتي ليا 


التفتت له ثم ضمته بقوة قائلة : بيني وبينك عايزة اصرخ واقول كل واحدة تاخد ابنها بعيد عني وخدوا ولادي، ادوني فرصة مع جوزي حبيبي 


بدأ رعد يقلدها ساخرًا : وقف تنظيم الوقت ده وانا هتصرف، اتفضلي اتصرفي عشان تعرفي إن الفوضى مصيبة كبيرة 


اطلقت زفير مُتعب ثم قالت : خلاص عرفت والله، ظبط الدنيا تاني والله أنت بتوحشني اوي 


همس في اذنها بمرح : عشان الجملة دي بس 


وبالفعل عادي رعد ينظم لها وقتها كله، ووقت أولاده الذين باتوا يعتادوا على الفوضى، عاد كل شيء كما كان ويجب أن نعلم أن تنظيم وقتنا ليس شيء مُقيد أو ممل بل يجعل لدينا فراغ لذاتنا.. 


❈-❈-❈


بعد مرور ثلاثة أسابيع 

كانت زينة تجلس في الصالون تتابع بعض الجرائد في صمت، تفكر كل قليل ف أول جلسة لحضانة ابنها، اطلقت تنهيدة بسيطة حين استمعت لجدها ينادي عليها، خرجت قائلة : ايوة يا جدي 


تحدث رجل برسمية تامة : أنتِ زينة إبراهيم جلال 


زينة بتوتر : ايوة انا 


الرجل بحدة طفيفة : اتفضلي معايا، الأستاذ محمد منصور طالبك ف بيت الطاعة 


هي اتصدمت وطبعًا مقدرتش تعارض، راحت معاهم لحد بيت محمد بطريقة مُهينه اوي بالنسبة ليها بس هو مكنش مهتم 


زينة بانفعال : أنت أزاي تعمل كدة! أنت مفكرني ايه!


محمد بحدة وعصبية : اخرسي مسمعش نفسك، أنتِ الظاهر الاحترام مش بيجيب معاكي نتيجة وعايزة طريقة تليق بيكي فعلاً، قولت هتتغيري وتبقي إنسانه أثبتي ليا يوم ورا يوم إنك متصلحيش تكوني زوجة بس عشان تكوني أم، أنتِ اللي ذيك المفروض يتحرم من الخلفة والحياة خالص 


انهمرت دموعها ثم صرخت به : أنت مين عشان تقول كدة! 


رد عليها بحدة : أنا واحد لقيت إنسانة حقودة بتسعى إنها توصل اللي حواليها للتعاسه، وعايزة تدمر حياة إنسان ملوش اي ذنب بقاله سنين بيحفى ورا السعادة مع ابنه وكان في ايدي اتصرف فاتصرفت 


عادت تصرخ بجنون وهي تقول : وأنت مالك! دا ابني اللي أنا حملت فيه تسع شهور، أنا حره اسيبه اخده اولع فيه مش شغلتك يا محمد، وطلقني 


قبض على فكها قائلاً : اسمعي يا بت أنتِ هتبقى واحدة مش محترمة فقلة الاحترام مفيش أسهل منه، أنا يوسف خدمني كتير ودا أقل واجب اعمله معاه، أنا ممكن اقطع لسانك ده، اتفضلي على جوه وكلام مع حد من عيلتك ممنوع لحد ما تتعدلي وتنضفي السواد اللي جواكي ده


دفعت يدها قائلة بانفعال : قول أنك جايبني خدامه لولادك تاني 


ضحك ساخرًا ثم قال : ولادي! أنا لو على ولادي ف من الصبح اتجوز واحدة ضافرها برقبة مليون ذيك، أنا مش عايز منك نقطة ماية، ومتبقيش تبلعي ريقك عشان متتسمميش 


زينة بتوعد : ماشي يا محمد.. 


❈-❈-❈


وما أفضل من الفراق في وضعهم هذا! 

نظرت جايدا باتجاه ابنها الذي يلعب مع بيبرس، ثم دخلت بعدما اطمئنت عليه وجلست مع أختها جمان، بدأت جمان تحاول فهم ما كتبته لها جايدا وهي تهز رأسها قائلة : خلاص يا جايدا حفظت، اقدر اسمع ليكي الوقتي 


جايدا بهدوء : سمعي 


بدأت هي وجايدا تستمع لها بانتباه وتهز رأسها بتأكيد، انتهت جمان قائلة : أنتِ معايا بجد! جايدا


جايدا بزفير : زياد وحشني اوي، جاي الوقتي واحبسيني جوا اوضتي عشان والله لو شوفته هحضنه 


تعالت ضحكات جمان قائلة : يا بنتي حرام عليكي اتقي الله، زياد بيموت فيكي اومال لو ذي ياسين 


جايدا بانفعال : متشبهيش زياد بالجاموس بتاعك ده! بعدين هو يستاهل عشان يعرف بعد كده هو متجوز مين


جمان بغيظ : قادرة وجايه على الغلبان 


اطلقت جايدا زفير مُتعب وهي تتذكر اليوم الأخير في المستشفى، كان زياد يرتب اغراضها ثم اقترب منها قائلاً : هنزل اشتري مايه لأن اللي هنا خلصت، ممكن حقها بقى 


جايدا بإبتسامة : لما نروح يا حبيبي 


قَبل جبينها ثم اتجه لأسفل في حين دخلت وئام قائلة بغل واضح : حمدلله على سلامتك يا جايدا 


جايدا ببرود : الله يسلمك يا حبيبتي، عايزة حاجة؟ 


ظهر الغل في عيناها وهي تقول : جايه اقولك زياد مكنش طايق وما زال ليه، دا لأنه عرف الحقيقة وإنك نمتي مع جوز أختك 


ظلت جايدا دقيقة تستوعب ثم أكملت وئام : ايوة ودا اللي خلاه يطلقك ويهرب منك، قرفان منك وصدقيني مكمل معاكي عشان ابنك وطالما مات صدقيني مش هيفكر مرتين قبل ما يطلقك 


حاولت جايدا السيطرة على ما أصابها ثم تحدثت ساخرة : وهيتجوزك بعدها على طول صح! من غير الدبلة وبعد ما فضل قاعد جنبي و .. بلاش أكمل المفروض إن الكلام وصلك 


اغتاظت وئام منها فالجميع رأى مدى عشق الطبيب زياد لزوجته، اقتربت وئام قائلة : هل دا يغير إنك نمتي مع جوز أختك؟ 


صفعتها جايدا بكل غضب يليها صرخة وهي تمسك جرح بطنها، قبل أن تفعل وئام رد فعل عادت للخلف برعب وهي تجد جايدا تصرخ، بدأ جايدا بالصراخ بقوة وأتى زياد جريًا، صرخ بها : أنتِ بتعملي ايه هنا؟ جايدا حبيبتي يا دكتووور جايدا 


جايدا بصراخ وهي تدفعه : ابعد عني، أنت صدقت واحد تعرفه من كذا شهر ومراتك اللي معاك من سنين مقدرتش تثق فيها وروحت تكشف أسرارنا لواحدة متسواش، اةةة 


امتلأ السرير بالدماء وصرخ زياد بعشوائية : هدفعك التمن غالي يا وئام، والله ما هرحمك، يا دكتووور 


أتت طبيبتان وهو معهم وبدأوا يساعدوا جايدا، انهمرت الدموع من جايدا وهي تشيح بوجهها عنه، انحنى يهمس : أنا أسف بس والله العظيم كل ده كان خارج عن إرادتي


جايدا ببكاء : مش عايزة اشوفك، أنت لا يمكن تكون زياد اللي أنا حبيته واتجوزته، معقول شايفني وحشة للدرجة دي


سند جبينه على وجنتها قائلة : أنتِ كنتِ بتحبيه 


دفعته صارخه به : أنا محبتش حد غيرك يا زياد، أنا كنت صغيرة مكنتش أعرف يعني ايه حب! لو العبط دا كان حب فاللي عيشته معاك ايه! رد 


تنهد زياد قائلاً : أنا مش هبرر ليكي كتير لأن أنا شايف مبررات الدنيا كلها مش مستاهله اللي أنا عملته 


يسألونها لما لم تطلب الطلاق من زياد، أجل لا يمكنها فعل هذا وليس لأنها تحبه بل لأنها على علم بمعدن زياد الحقيقي، هو رجل لا يتهرب من أخطائه ولا يضع مبررات بل يعترف بها، تحدثت بهدوء : هرجع على بيت أهلي 


زياد وهو يُقبل جبينها : روحي بس اعرفي مرجعك لحضني 


تجاهلت الرد وها هي تجلس بجانب أختها ثم قالت بدون مقدمات : أنا هخلي الحيوان جوزك دا يبلع التراب 


جمان بانزعاج : طيب متغلطيش ومتنسيش هو في الأول والآخر ابو ولادي 


جايدا بغيظ منها : دا أنتِ كرامتك دي ماتت من سنين اقسم بالله 


كادت تجيب لكن أتى بيبرس قائلاً : عمو زياد جيه بره، وواقف مع جدو محمد وتيتا وبيقولوا لماما تلبس حجابها


جمان بضحك : لابساه يا حبيبي خليه يدخل 


خرج فاردفت جايدا وهي تنظر لنفسها : شكلي حلو ولا اغير والبس بيجامة اضيق، استني والله لاجننه 


واتجهت جريًا للداخل تخلع وشاح البيجامة ثم وضعت روج وقلبت شعرها ثم اعادته، انفجرت جمان ضاحكة وهي تقول : طب خلي عندك دم دا ابوكي جاي معاه 


جايدا وهي تجلس : وانا فيا ايه غريب! ايه يعني لابسه كت وبعدين دا روج بحطه وأنا خارجة عادي 


دخل زياد الذي لمعت عيناه فور رؤيتها، رفعت فيروزتيها له ثم انزلتها كأنها لا تهتم، همست بخفوت : هو قمر كده ليه! 


جمان بضحك : أهلا يا زياد تعالى 


سلم زياد عليها باليد ثم مد يده لجايدا التي نظرت لها ومدت يدها، شدها زياد بقوة لتقف ثم ضمها وهمس لها : وحشتيني 


ابتعد يُقبل جبينها قائلاً : بس ايه القمر ده! 


جايدا وهي تشعر بالخجل يتصاعد لخديها : أقل ما عندي والله


عادت تجلس وهو جلس أمامها يتحدث مع والدها ويحمل ابنه، تحدثت بضيق : هو الحضن كان قصير ولا ايه! غير البرفيوم بتاعه وبعدين جسمه اتشد اكتر شكله بيلعب رياضه ولا ايه! كمان لابس تيشيرت بس هو من امته بيلبسه من غير بليزر او شميز، الواد اتغير هي في واحدة لافيه عليه 


جمان بضحك : كل ده وقصير 


جايدا بانزعاج وهي تنظر له : والله ما لحقت وبعدين مقصر دقنه كده ليه، شايفة شكله حلو أزاي، استنى انا اللي بحلق ليه دقنه يا ترى مين اللي ... 


انفجرت جمان ضاحكة وهي تقول بهمس : يا بت اسكتي هتجنني نفسك 


أشارت على نفسها قائلة : أنا .. جمان والله واحشني وشكلي هتهور واقوم احضنه قدام ابوكي، طب بذمتك ما قمر 


جمان بمرح : هو من نحية قمر ففعلاً زياد أحلى واحد في المنيلين اللي اتجوزناهم، وموضع طمع 


نظرت جايدا باتجاهه وجدته يأكلها بعيناه، تحدث بإبتسامة : يا ريت بس بنتك تحن علينا يا بابا واخدها تشوف الشقة الجديدة 


جايدا بلهفة : شقة ايه! 


ابتسم قائلاً : اشتريت أنا ويوسف برج سوا وبظبط شقة ليا انا وأنتِ وزاد وتكون حلوة وتليق بأم قلب قاسي دي 


لمعت عيناها لكنها عادت تقول بتجاهل مقصود : عيش فيه مع نفسك 


زياد بغمزة طفيفة : منا هعيش فيه مع نفسي، أنتِ متعرفيش أنك نفسي ولا ايه! 


جمان بضحك : عشرة على عشرة ونجمة والله يا زياد 


استأذن محمد معللاً انه سوف يفعل شيء كذلك زوجته ثم أشار لجمان بالبقاء حتى لا تذهب جايدا، وقف زياد بعدما ذهب ابنه ثم جلس بجانبها يجذبها لحضنه قائلاً : هتفضلي بعيدة عني كدة كتير 


وقفت جمان وتركت لهم المجال، فهي تعلم أن اختها لن تتركه، تحدثت بعتاب : لما تبقى تثق فيا 


مرر يده على وجنتها ثم قال : أنا مش عارف اقولك ايه لأني فعلاً غلطان بس أنا والله ما عارف اعيش من غيرك


جايدا بحزن : عرفت يا زياد لما طلقتني وبعدين


جذبها داخل احضانه يضمها بقوة، انفجرت باكية وهي تمنع نفسها من ضمه فهي اشتاقت له أكثر مما يتصور، أنتهى الأمر ترفض كالعادة.



وقف أدهم في شباك شركته الزجاجي الكبير يتابع اللاشيء، لقد خطط لكل شيء من أجلها هي فقط، قام بشراء ڤيلا كبيرة له ولها وصممها كما تريد، قام بعمل غرف لأولاد وازاد لأطفال ينوي على إحضارهم منها 


تحدث بحزن : كل حاجة ناقصة تنوريها يا لارا، أنا نفسي ناقصني وجودك


عاد لمكتبه ينظر لصورة تجمعه بها ثم أغمض عيناه، فاق على صوت والدته تقول : أدهم في اجتماع وراك ولا نسيت 


حرك رأسه بالنفي قائلاً : لا بس مش قادر، ممكن تحضريه يا ماما 


مررت يدها على شعره قائلة بلهفة : أنت كويس يا حبيبي 


هز رأسه بتأكيد فاتجهت تحضر نفسها للاجتماع، يومًا خلف يوم يزداد قلقها على ابنها لكن ما باليد حيلة، قررت رؤية عقب هذا الإجتماع لكن الأمر لا يحتمل تأخير على صاحب الشركة 


دخلت الغرفة تلقي السلام بإبتسامة بشوشة : سلام عليكم، أسفة جدًا على التأخير، مع حضرتك نورهان المهدي رئيسة مجلس الإدارة في الشركة 


اعتدل واقفًا الرجل بإبتسامة بشوشة ذو وقار والتقط يدها قائلاً : أهلا وسهلاً مدام نورهان، أنا وليد نصار 


عقدت حاجبيها باستغراب ثم ابتسمت، كان رجل في أواخر الأربعين امتلك الشيب بعض خصلات شعره كذلك ذقنه مما جعله يزداد وسامة، جلست وبدأ الإجتماع وكلاهما تولد إعجاب لديه تجاه الآخر.. 


تساءل وليد عقب خروج نورهان : دي أرملة ياسر الأسيوطي صح؟ 


رد الرجل عليه بتأكيد : ايوة بس دي مراته التانية مش الأولى، دي مش أم أدهم الاسيوطي 


هز رأسه بتفهم ثم قال : تعرف تجيب ليا معلومات عنها 


هز الرجل رأسه بتأكيد... 


❈-❈-❈


 عقد كرم حاجبيه بانزعاج لأنه لم يراها اليوم، الغبية هذه لا تعلم أنه يأتي خصيصًا لأجلها فقط، يحب رؤيتها وحديثها كذلك وجودها، ادخلت رأسها قائلة بمرح : ممكن ادخل يا دكتور 


وقف كرم واتجهت للداخل جريًا، اندفعت داخل احضانه تضحك بقوة فتحدث بحدة : متضايق منك ومش طايقك


رفعت وجهها قائلة بإبتسامة : ليه بس؟ دا أنت حبيبي 


اطلق تنهيدة قوية وهو يعيد ضمها، تحدث بجدية : تالا عازمك النهاردة على العشا مفهوم؟ ومتقوليش لا 


تالا بإبتسامة : أنا اقدر اقول لا بس! 


كرم وهو يطرق جبينه بجبينها : ضحكتك دي بتموتني لما بشوفها 


انفجرت ضاحكة ثم قالت بمرح : تيجي نرقص، انا عايزة ارقص 


فكرت قليلاً ثم قالت بحماس : نعمل ذي الهنود هنرقص وهي تشتغل مع المطر لوحدها في المكتب 


كرم باستغراب : سبحان الله، بس والله ما ازعلك 


جذب يدها ثم اتجه لمنتصف المكتب يرقص معها، ثواني واشتعلت الموسيقى بفعل حفلة اقيمت للطلاب، انفجر كلاهما ضاحكين وهو يسند جبينه على جبينها، حملها يدور بها بخفة ثم انزلها قائلاً : متضحكيش قدامي بقولك!


تالا بضحك : ليه بس يا كراملة؟ 


عقد حاجبيه بانزعاج ثم قال : ايه كراملة دي! 


ضغطت على وجنتيه قائلة بمرح : أحلى كراملة في الدنيا. 


وفي المساء 

ارتدت فستان اسود ينسدل على جسدها ووضعت القليل من المكياج، رسمت عينيها بطريقة جميلة ثم جلست تنتظره، دق جرس الباب فاتجهت تفتح الباب، تحدث بإبتسامة : جاهزة يا توتا 


تحدثت قاصدة استفزازه : جاهزة يا كراملة 


التقط يدها يُقبلها قائلاً بمرح : مش هتضايق لا 


نزل معها وهو يقبض على أناملها بين أنامله، ركبت السيارة بجانبه وبدأ هو يقود في نفس الوقت وصل آدم مع ابن عمه أسفل منزلها، نزل أمجد قائلاً : أنا مش عارف رد فعلها هيكون ايه! 


آدم بتشجيع : اكيد هتفرح اوي صدقني، هي بتحبك فوق ما تتصور


صعد كلاهما وقد تشجع أمجد قليلاً، دق الجرس لم يجب أحد، ظلوا قرابة النصف ساعة لكنها لم تأتي.


في حين وصلت إلى المطعم ثم شهقت بسعادة وهي تنظر حولها، تحدث بضحكتها الجميلة : ايه القمر ده يا كراملة! 


ضمها من ظهرها قائلاً : أقل واجب لتوتا يا رب بس نعجب سيادتك 


مررت وجنتها على وجنته قائلة : وايه المناسبة بقى يا كراملة؟ 


همس في اذنها : بحبك مثلاً وعايز اتجوزك 


شهقت بصدمة وهي تلتفت له، مسك يدها ورقص معها بخطوات ثابته وهذا المرة بموسيقى رائعه، وقف واخرج خاتم من الماس في عبوة قطيفة ثم قال : تتجوزيني يا تالا؟ طبعًا انا مش محتاج اسمع منك كلمة اة لأن دا مش بمزاجك أصلاً 


ضربته بخفة قائلة بدموع : بوظت جمال اللحظة منك لله، بس ايوة موافقة يس ايفيت بكل اللغات موافقة يا كرم 


ضحكت كذلك هو ثم البسها الخاتم وضمها يدور بها ثم انزلها ينظر لعيناها، تحدثت بأنفاس مضطربة : أنت لازم تسمع مني حاجة قبل ما تكمل 


كرم بإبتسامة : مش محتاج اسمع منك حاجة، يكفي أني بحبك وانك وافقتي 


تالا بحدة طفيفة : بس لازم 


حاوط خصرها يسند جبينه على جبينها قائلاً : هسمع ولو مفرقش حاجة هعمل حاجة هموت واعملها كل مرة بشوفك


تالا بضحك : كدة مش هتركز 


كرم بإبتسامة : دا اكتر وقت هبقى مركز فيه


تعالت ضحكاتها الذي يتراقص عليها قلبه، ثم قالت : بص وأنا في الكلية كان ليا زميل حبينا بعض وللأسف سلمت نفسي ليه ونتج عنه ابني إياس، بس هو سافر ومات هناك وأنا عشان كدة اتجوزت أدم، أنا عارفة إن فكرتك عني هتبقى وحشة بس أنا ... 


همس بخفوت : متجبيش سيرة حد واعرفي أنا الحاضر والمستقبل ليكي 


تالا بخفوت : يعني مش هتاخد فكرة عني ولا في يوم هتقولي ماضيكي كان كذا 


ازداد قربه منها وهو ينفي فأكملت وهي تبتسم : مش هتكمل..


وبالفعل لم يعطي لها المجال وغرق في شهدها لدقائق طويلة يتذوق طعم النعيم، لم يكن يعلم أنها ربما الأولى والأخيرة، ابتعد وهو يضمها وبقوة ولأول مرة يشعر بهذا الشعور 


ظلوا معًا أكثر من ساعتين ثم عادت معه في السيارة، تنظر له طوال الطريق وتتأمله فتحدث بضحك : أنتِ مش هتجبيها لبره، أول مرة اشوف نظرة وضحكة بيشقلبوا الكيان كدة 


تالا بضحك : أنا عملت ايه! 


وقف أمام منزل أهلها ثم قال وهو ينظر لها : اتكلم عن ايه ولا ايه! عليكي نظرة بتدوب حرفيًا وضحكة، أنتِ فيكي كم برائة يستعجب ليكي الشخص 


وضعت يدها على خدها قائلة : او جايز دي مراية الحب 


جذب يضمها بقوة وهي تضحك، همس لها : أنا حاسس اني مكنتش عايش قبل ما اشوفك، بحبك حب انا نفسي مستعجب ليه، أزاي في الفترة دي تعملي فيا كدة 


تنهد وهو يكمل : يلا ننزل لأهلك عشان عايز اتجوزك بكره 


عادت تضحك ثم صعدت معه تأخذ ابنها ويخبرهم، دقت الجرس وهي تقول بضحك : أهدى، شكلك حلو والله 


فتح والدها الباب فاردفت بمرح : كيف احوالك يا حاچ حسن، أحب اعرفك دا ... آدم 


استغربت لما لقت آدم قدامها وهو رفع يده يشير على كرم : دا بيعمل ايه معاكي 


توترت ملامح كرم فبالتأكيد آدم على علم تام بماضي كرم وسيلا فهو صديق رعد، عقدت حاجبيها باستغراب : أنت اللي بتعمل ايه هنا؟ وبعدين بتكلم كرم كده ليه؟ 


آدم بانفعال : عشان دا واحد زبالة ومريض نفسي، تعالي هنا 


بدأت تالا ترد عليه بانفعال مماثل : هو ايه اللي تعالي وايه طريقتك دي مع ضيفي، افهم الأول جاي ليه بعدين اندفع وحضرتك مش هتعرف كرم أكتر مني 


وعادت خطوة للخلف تمسك يد كرم، نظرت باتجاهه تغمض عيناها بمعنى " استرخي أنا بجانبك " اقترب آدم وكاد يجذبها لكن كرم دفعه بخفة قائلاً : اتكلم وأنت بعيد، انا مجتش اكلمك أنت 


تحدث آدم بسخرية : هو انا واحدة ولا ايه! لا افهم اللي قدامك راجل وعارف انك مش بتتشطر غير على الحريم


هنا لم يعد كرم يسيطر على غضبه ثم لكم آدم بعصبية وهو يقول : لا بعرف اتشطر على الرجالة كمان 


شهقت تالا بخوف ثم مسكت كتف كرم قائلة : يا كرم حرام عليك، متعقدش الدنيا علينا 


كرم بانفعال : شوفتيه 


كادت تجيب لكنها شهقت بقوة وهي تجد أمجد أمامها يحمل ابنها، انهمرت الدموع من عيناها وهي تقول بخفوت : أمجد 


آدم بعصبية مكبوتة : أيوة أمجد ابو ابنك يا هانم ... 


❈-❈-❈


جلس بسام وفي يده صورة زوجته، يتأملها والدموع تأبي الإنهمار منذ يوم وفاتها، وقفت جميلة لدى باب غرفة الأطفال تتابعه ببكاء وقد انفطر قلبها على حاله، تعلم أنه يعشق أختها حد الجنون لكن ما لا يعلمه أنها في التاسعة وعشرون ورفضت الجواز حتى الآن لأجله فقط 


تذكرت حين كانت في الثامنة عشر من عمرها تتابعه وهو جارهم، تختلس النظرات له منذ أن كانت في الرابعة عشر، ابتسمت وهي تقول : يا رب تاخد بالك مني يا بسام 


سمعت والدتها تقول : يا بنات خدوا اقولكم 


اتجهت هي واختها التي تكبرها بخمس أعوام كاملين، تحدثت حنان بفضول معتاد : في ايه يا ماما؟ 


تحدثت أمهم بسعادة : بسام جاي يشرب القهوة مع باباكم 


بدأ قلب جميلة يخفق بقوة وهي تتجه لغرفتها تتحدث بعدم تصديق : أخيرًا يعني حس بيا، الحمد لله يا رب 


في حين قالت والدتها لحنان : شوفتي أختك زعلانة أزاي من فكرة انك هتبعدي 


تحدثت حنان بإبتسامة : ربنا ما يحرمني منها أبدًا 


أتى بسام وبدلاً ان يطلب جميلة قام بطلب حنان، أتعرفوا اليوم الذي تسمعوا فيه صوت تكسير قلبكم، كان هذا يوم جميلة التي دخلت غرفتها تشهق عدة شهقات بعدم استيعاب، تلتقط أنفاسها وفي نفس الوقت تكتم فمها حتى لا يخرج صوتها 


شعرت بتمزيق قلبها والزغاريد تتساقط على أذنها كمياه النار، كتمت فمها في الوسادة تصرخ بقهر مكبوت .. أيام تمر عليها كالنار، تستمع لأختها وهي تتحدث معه، يأتي لرؤيتها، وذات مرة اعترف بحبه لها وكل هذا تشهد عليه 


تحدثت بإبتسامة وهي تتأمله بقهر : حنان ماتت مرة واحدة بس يا بسام، أنا مُت يوم ما اتقدمت ليها، وكل مرة كنت بتكلمها وبسمعك، ويوم ما اعترفت بحبك ليها، ويوم ما لبستها الدبلة، ويوم ما كتبتوا الكتاب دي كانت ... 


تذكرت يومها وهي تضغط موضع قلبها بيدها وتصرخ صرخة مكبوته : كفاية، أنا مش قادرة اتحمل الوقع ارحمني يا رب، مش قادرة يا رب 


أغمى عليها يومها وقاموا بأخذها للمستشفى، تم فحصها وخرج الطبيب قائلاً : ايه اللي حصل يوصلها لكده! البنت حالها ذبحة صدرية وكانت هتقلب بجلطة لولا ما لحقناه 


رد والدها بدموع : والله ما حصل حاجة يا دكتور، دا كان كتب كتاب أختها 


عاشت جميلة في تعاسه حتى يوم الزفاف الذي كان كالسكين التي شقت عنقها ببرود وعدم رحمة، نظرت له وهو بجانب أختها ثم قالت وهي تضم أختها : ربنا يسعدكم ويكتب ليكم كل خير 


عادت للمنزل دون أهلها وفور دخولها اطلقت صرخة نبعت من أعماقها، كانت تطرق رأسها بالحائط وتنازع وسط حيطان المنزل وحدها، لا أحد يشعر بها 


تمددت على سريرها تنظر أمامها والدموع جفت، ألم قلبها أدى لحدوث جلطة يومها لها، كان ابيها يجري بها بين الأطباء كالمجنون وهي تنازع .. وصل للمستشفى وتم نقلها للعناية دقائق وبدأت تبثق الدماء من فمها وهي ترى صورته بالبدلة أمامها 


تشهق كل قليل وهي تنازع ولا تتوقف عن تذكره، بعد عدة أيام تحدثت والدتها ببكاء : اتكلمي يا جميلة مالك يا ضنايا؟ ايه اللي وصلك لكدة يا حبيبتي 


لم تتحدث وظلت حوالي ثلاثة أشهر تمتنع عن الحديث، أتت أختها وكانت في غاية السعادة وقالت : أنا حامل يا جميلة، افرحيلي


ابتسمت جميلة وضمها ثم همست : مبروك يا حنان يتربى في عزكم يا نور عين أختك 


حنان بلهفة : اتكلمتي يا جميلة خلاص، سمعت صوتك أخيرًا 


جميلة بتأكيد : أيوة يا حبيبتي، أزاي متكلمش في يوم ذي ده


أحد عشر عامًا ولم تتزوج، سمعت الكثير والكثير ووصل الأمر أن تصرخ أمها بها : أحنا هنكشف عليكي، أنتِ اكيد حد عمل معاكي حاجة 


صرخت جميلة بجنون : أنا مش هتجوز فاهمة؟ اكشفي عليا ولفي بيا على الدجالين اللي في الدنيا والشيوخ والله ما هتجوز 


صرخت والدتها بعدم استيعاب : ليه! مين يستاهل؟ 


شهقت جميلة بقوة وهي تضع يدها على قلبها فور سماع هذه الجملة، تحدثت وهي تصرخ بتعب : متسأليش السؤال ده، محدش يسأله ارحموني ربنا ياخدني وارتاح، بكره نفسي لما بتسأليه وبقرف منها، ببقى هاين عليا اموت نفسي يا ماما 


ضمتها والدتها بخوف وهي تقول : خلاص أهدي 


بدأت جميلة تبكي بصراخ جنوني، وهذا حالها طوال هذه السنوات، لا يخرج من قلبها ولا من عقلها كذلك تعيش وهي تشعر بالاشمئزاز والكراهية لذاتها ففي الأول والآخر هو زوج أختها 


تحدثت قبل ان تعود للداخل : قلبي مكسور على أختي وروحي محروقة عشانك 


عادت تنام بجانب ابنة أختها تضمها لها بقوة، تمنع بكائها الذي سوف يحضر لها حالة من الصراخ لأنها تتألم في هذه اللحظات، وهذه هي قصة جميلة التي لا تعرف هي الظالمة أم المظلومة، لكن ما تعرفه أنها خائنه برغم أنها من أحبته أولاً ... 


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سماء أحمد من رواية عشق الرعد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة