رواية جديدة البحث عن هوية لهالة محمد الجمسي - الفصل 26
رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة
هالة محمد الجمسي
رواية البحث عن هوية
رواية جديدة
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل السادس والعشرون
رتوش صور مهترئة
وضع إسماعيل علبة مكعبة مزخرفة أنيقة في يد تهاني وقال وهو يضع كريم بين قدميها:
_هذة هدية كريم لك
فتحت تهاني العلبة في لهفة وأخرجت القلادة الذهبية وقالت:
_رائعة حقاً
ثم وضعت يد على شعر الطفل وتابعت:
_ أعشق حفيدي الوحيد
مد كريم يده يمسك يد جدته في حين قال إسماعيل وهو يخرج بذلة زرقاء اللون ويضعها بين يد شوكت:
_هذة هدية كريم لك
حاول شوكت أن يرسم إبتسامة على وجه وقال وهو يرفع كريم عالياً:
_عادات إسماعيل والدك لا تنقطع يا صغير، كل وقت يعود فيه من السفر يجلب لنا الهدايا الثمينة
ثم نظر إلى تهاني والقلادة وقال:
_ولا ينسي فرد واحد
وضع إسماعيل يده على كتف زوجته وقال:
_أنا أعتز بوجودكم في حياتي، وهذا تعبير عن امتناني لموافقتكم على زواجي من ريناد
قالت تهاني وهي ترتدي القلادة:
_وأنت إبن لنا، سعادة ريناد معك هي سعادة لنا جميعاً
القى إسماعيل نظرة إلى ريناد التي تقف صامتة ثم قال:
_ما بك عزيزتي؟
تنهدت ريناد ثم قالت:
_بعض الإرهاق من السفر
دفعت تهاني الكرسي ذو العجلات المتحركة وقالت في صوت به لهجة حماس مصطنعة:
_ريناد يجب أن نصنع وليمة اليوم، لن اقبل أن يرحل اي فرد منكم دون تناول غذاء مميز
قال شوكت وهو يضع كريم أرضاً في رفق:
_ربما من الأجدر أن يؤجل سفركم إلى الغد، الطابق العلوي خالي منذ زواج ريناد، إنه مكان ريناد المقدس
تلاقت نظرة شوكت مع ريناد، الثعبان ينظر إلى فريسته في تحدي وغرور، وحدها ريناد تقرأ نظراته جيداً، وحدها تستطيع أن تلمس زيف محبة تهاني وشوكت، ولكنها في أوقات كثيرة
تحمد الله أن كل من الزوجين يجيدان التظاهر
كل من الزوجين يجيدون
تمثيل أطراف العائلة الحقيقة، هذا الأمر يجد صدى لدى الطفل كريم،
هو طفل ويحتاج إلى حنان واهتمام الجدود،
وهذا الأمر كانت ريناد
تجده أمر جيد نسبة إلى طفلها في طفولته فهي
في حاجة إلى أن يشعر
كريم أن عائلة والدته
تهتم به وتحبه لأنه
الحفيد الوحيد لديهم
ورغم كامل معرفتها
أن ما يبثه كل من شوكت وتهاني من مظاهر خادعة مدفوعة الأجر كاملة
ولكنها تعترف أن هذا الأمر يجعل الطفل في حالة توازن إلى حد بعيد
فهو يجد بين عائلة والدته صخب وحب
سوف يحمل في طيات
ذاكرته في كل وقت
ويشب عليه، فهو يجعل كفة العائلة وتصرفاتها في كفة المعيار السوي
المتعارف عليه بين أسرتى والده ووالدته
خاصةً وكريم يجد من إيفون عطايا كافة الرعايا والحب والحنان والرقي
والنشئة السليمة والصحيحة التي تريدها
ريناد له
قالت تهاني وهي تضع أمام ريناد بعض اللحوم
-إسماعيل سخي اليد، هذا من حسن حظك
ألقت ريناد نظرة على تهاني ثم قالت في صوت منخفض:
- يستطيع الجميع أن يلمس سخاء إسماعيل،والحظ الجيد صادفته حين عرفته فقط
لم تجب تهاني في حين استدركت ريناد:
-زوجك يأتي إلى الإسكندرية كثيراً، لم يكفيه ما مضى
قالت تهاني وهي تلمس القلادة بيدها:
_لا ادري عن خطواته شيء
ألقت ريناد نظرة على تهاني التي تتظاهر بالغباء ثم قالت:
_عليك إبلاغه أن الكيل قد فاض
قالت تهاني وهي تجر كرسيها المتحرك إلى الخارج:
_عزيزتي، أنت فكرة وأختيار شوكت من البداية
تنهدت ريناد في غيظ، هي تعلم جيداً أن الحية الرقطاء تهاني يروق لها أن تبتعد يد شوكت عن أموالها، وما يقوم به من ابتزاز لريناد هي تعلمه جيداً ولن تناقش زوجها به، فهي لن يسرها أن تعود من جديد إلى
بطش شوكت أو تدعى محبة ريناد والخوف على حياتها الزوجية فهذا يعني أن تضع نقودها هي
كبش فداء لريناد،وهذا الأمر محال أن تفعله
تهاني محال أن تفكر به
سياسة النفوس الجاحدة النفع بالصالحين
في كل وقت وفي كل مكان، ودرء الضرر بعيداً عنهم مطلوب حتى إذا
كان الأذي ينال من من يمد لنا يد العون والعطاء
❈-❈-❈
وضعت ريناد الاطباق على المائدة حرصت أن تجعل هناك أصناف متعددة، في حين استأثرت تهاني بالطفل كريم في غرفتها، وضعت في يده كيس كامل من الحلوى ولعبة طائرة كبيرة، ارتفع صوت
ريناد بالنداء:
_أمي الغذاء جاهز
ثم نظرت إلى شوكت وإسماعيل العارفين في حديث في إحدى الزوايا وقالت وعيناها تلمع بالذكاء:
_لم اشاهد زوجي وأبي بهذا التناغم من قبل منذ زواجي، هل هو مشروع ما قادم?
ظهر بعض الضيق على وجه شوكت وقال وهو ينهض في إتجاه المائدة:
_هي فقط اثنتي عشر شهراً وأحال إلى المعاش، ولا طاقة لي بالجلوس في المنزل، رغبت في إدارة مشروع كبير ويدر مال وفير ولن اجد أفضل من زوجك يشاركني المال وسوف اتكفل أنا بالمجهود
ألقت تهاني نظرة ترقب وانتظار رد فعل من إسماعيل الذي قال وهو يجلس في مقعد إلى جوار شوكت:
_لا مانع لدي، المال الذي يحتاج له المشروع ضخم لأن والدي شوكت يرغب في بناء مول تجاري متكامل وهذا يحتاج عدة ملايين، في خلال هذا العام سوف أحرص على أن يتواجد المال في الرصىد البنكي حتى نقوم على تمويل المشروع
تنهدت ريناد في عمق في حين قالت تهاني وهي تشير إلى كريم أن يجلس إلى جوارها:
_المشروع سوف يكون هنا في القاهرة
شرد إسماعيل لحظات ثم قال وهو ينظر إلى ريناد:
_الأرض الأخيرة التي قمت على شراءها وتمت كتابتها باسم كريم تقع في مكان مميز وتصلح أيضاً إلى المشروع
ثم نظر إلى تهاني وقال:
_ريناد لا تدخر شيء لذاتها، كل ما تقوم على شراءه هو بأسم كريم أو بأسمي أنا
ابتسمت تهاني ونظرت إلى ريناد في إعجاب وتابعت:
_ريناد تستطيع أن تدير أمور حياتها جيداً في كل الأوقات وفي كل الأحوال
نظر شوكت إلى كل من ريناد وتهاني في مكر ثم تابع:
_تهاني وريناد متناقضتين
لم يستمع إسماعيل إلى كلمات شوكت، في حين قالت تهاني:
_أنت على حق يا شوكت، تهاني تفوقني ذكاء وحكمة
قال كريم وهو يتجه صوب التلفاز:
_أرغب بمشاهدة الكارتون
قالت تهاني في اعتراض:
_ماذا عن وجبتك؟ كريم يجب أن تكون طفل مطيع
عاد كريم مرة ثانية إلى مقعده، لمست ريناد رأسه في حنان وقالت:
_عليك أن تنتهى من وجبتك سريعاً، يجب أن نعود إلى الإسكندرية قبل حلول الظلام
اعترض شوكت في صراخ حاول أن يكتم انفعاله ولكنه فشل:
_يمكنكم العودة في الغد
هزت ريناد رأسها علامة النفي وتابعت:
_إسماعيل لديه العديد من المشاغل
ثم نظرت إلى كريم وقالت:
_وكريم أيضاً لديه فروض دراسية يجب انهاءها اليوم
نظر إسماعيل إلى شوكت وتابع:
_اقترح أن تعودا معنا إلى الأسكندرية هناك أماكن عديدة ينبغي على امي تهاني زيارتها
قال شوكت وهو ينظر إلى إسماعيل في حماس:
_سوف أحرص على زيارتكم في وقت قريب،
لم ارتوي بعد من إبنتي الوحيدة وحفيدي
أطلق إسماعيل بوق السيارة عدة مرات، وقام كريم بالنداء من السيارة الخاصة بهم المتوقفة أمام باحة المنزل يحث والدته على النزول والانضمام لهم من أجل سرعة العودة إلى الإسكندرية في حين قالت ريناد وهي تضع المال في يد تهاني وقالت:
_هذا ثمن اللعبة والحلوى
ثم نظرت إلى شوكت وقالت:
_لا تعد إلى الإسكندرية مرة ثانية، سوف أقوم على إرسال حوالة بريديه لك بمبلغ كاف
ألقى شوكت نظرة تحذير على ريناد التي تابعت في تحدي:
_سوف تكون هذي آخر مرة ارسل لك فيها المال، عليك أن تتفهم هذا جيداً
قال شوكت وهو يقترب منها في غضب:
_كل أموال زوجك تحرصين على جعلها عقارات باسمه هو والطفل حتى لا أقترب من المال، أيتها الملعونة كنت أنال الفتات فقط،
ولكن بعد عام واحد فقط سوف أحرص على إقامة المشروع الخاص بي مع زوجك، وحين تتم تلك الخطوة أعدك أن اكتفى بما يجود به المشروع
ألقت ريناد نظرة تحذير له ثم قالت:
_في احلامك اللعينة
أقترب شوكت منها في غضب أمسك يدها في حدة ثم قال في صوت مكتوم:
_بل أحلامك اللعينة التي تصور لك أن دجاجتك الذهبية بيضها لك فقط،
لقد أنفقت عليك سنوات وسنوات التقطت جسدك الهزيل من الشتات ووضعتك في منزلي، أعطيتك أسم ولقب وعائلة، أعطيتك كيان،
وسوف استرد ما قمت على إنفاقه مضاعف
رغم أنفك وأنف سليل الثراء
حررت ريناد يدها في قوى من يد شوكت ثم قالت وهي تتخذ خطاها نحو الخروج من الباب:
_ ألم تكتفى؟ عن أي عطاء تتحدث؟ لقد كنت مسجونة في زنزانة إحبارية تحت سوط الخوف والتعذيب،
لم أذق هنا سوى طعم الحرمان والشقاء،
لا تظن أن ريناد لا تمتلك قوة حتى تدافع عن صغيرها وزوجها،
سوف تنقلب مكيدتك
عليك، سوف أنال منك
سوف ألقنك درس قاسي أعدك بهذا
ثم ألقت نظرة على تهاني التي تتابع ما يدور في صمت تام وقالت:
_ربما من الأفضل أن تحذريه هذي المرة فلقد فقدت السيطرة على كل ذرة تفكير سليم في عقلي
قال شوكت وهي تشير إلى النافذة:
_عزيزتي، يجب عليك الانصراف عائلتك تنتظر أسفل المنزل، من الأفضل الأ يشعر زوجك بشيء ، لا داعي لهذا الشجار العقيم، يمكن لكل منا الوصول إلى حل وسط
بإمكان شوكت دائماً التفاوض، والأزمة سوف
تنقضي سريعاً إذا تنازلت
قليل عن عنادك وعن بعض من المال أيضاً
تعرفين والدك لا شيء أحب إليه أكثر من المال
لا داعي للعب مع العجوز
تمتمت ريناد في غضب:
_اللعنة
(لقد حاولت مرات ومرات أن أجعل الصورة المتنافرة الأجزاء تتقارب بعض الشيء ولكن محاولاتي لم تفلح أبداً،
أحرف الصورة حادة سوداء قاتمة، ترفض أن تلين حروفها بعض الوقت وترفض أن تظلل مساحتها بعض النور، صلابة زواياها تجعل الأمر عسير بل محال،
لقد حاولت أن انزع الشوك من الأيام، وما جنيت سوى يد بها من الجراح ما يكفى العمر
دون طب أو دواء
لقد حاولت
أن أجعل طاقات من نور تتسلل إلى نهاري ولكن
أبى الشوك أن يغادر أيامي، و أصر الليل أن يعتم حياتي ودنياي لقد تعبت من رؤية كياني
ينهار يوم بعد يوم
وتساءلت هل سوف
تنهض عني الاحزان ذات وقت؟ ولكن إجابة السؤال لم تأت في حاضري أبداً
لم تأت)
ضمت ريناد كريم إلى صدرها ليلاً في حين قال كريم:
_أمي لماذا أنت حزينة؟
ريناد وهي تقبل رأس طفلها:
_أنا فقط متعبة يا حبيبي
ظهر بعض العبوس على وجه الطفل ثم قال:
_لماذا لم نذهب الى الأميرة صديقتك التي تعيش في الظل؟
تنهدت ريناد ثم شردت قليلاً وقالت:
_الوقت كان ضيق جداً، في المرة القادمة أعدك أن نذهب الى زيارتها أنا وأنت
رفع كريم رأسه عن صدر والدته ثم قال:
_الأميرة التي تعيش في الظل تستطيع أن تخفف ألمك، أشاهد وجهك حين نكون معها يبتسم
قالت ريناد وهي تنظر في وجه صغيرها:
_أنت أيضاً تكون سعيد حين تشاهد أميرة الظل أليس كذلك؟
هز كريم رأسه في سعادة ثم تابع:
_هي تلعب معي حين يتملك منك النوم، نبني أكواخ جميلة من الخشب
ونقوم على طلاء الألعاب القديمة حتى تصبح جديدة، وهي تقوم ببعض الحيل السحرية الممتعة،
وتستطيع الأميرة كذلك
أن تصنع لي ألعاب من خشب و صنعت لي مملكة كبيرة وجميلة
من أشخاص وغابات
وأطلقت على المملكة
اسم بلاد الفارس كريم
لقد أخبرتني أن كريم
طفل مميز وسوف يكون له شأن عظيم في الأيام القادمة،وأخبرتني أن كريم فارس ومسئول عن والدته، وتحضر لي حلوى شهية تحمل وجوه الأقزام
لم تجب ريناد في حين قال كريم:
_ أنها أميرة طيبة وجميلة، لماذا يجب أن تكون الأميرة في الظل؟
قالت ريناد وهي تمسح بيد على رأس طفلها:
_لأنها ضعيفة جداً ولا تريد التعامل مع الغرباء
هتف كريم وهو ينظر إلى السماء:
_لن أخبر أحد عنها حتى لا تتعرض إلى الأذي
قالت ريناد وهي تبتسم:
_أنت فتى شجاع يستطيع الجميع الأعتماد عليه، أميرة الظل تعلم جيداً أنك تحافظ على هذا السر الذي نمتلكه نحن الثلاثة فقط
قال كريم وهو يشير لها في إعجاب:
_أجل الكلمات المخبئة بين أمي وأنا لا يجب أن يعرف عنها أحد شيء
تمتمت ريناد في حنان:
_هذا صحيح يا صغيري
صمت كريم لحظات ثم قال:
_هل الشمس تحرق الأميرة؟
هزت ريناد رأسها بالموافقة دون أن تجيب
في حين قال كريم:
_هل أسم أميرة الظل هو إيمان؟ لقد سمعت نداءك لها
قالت ريناد وهي تلمس جبين طفلها:
_أجل هذا صحيح إيمان هي أميرة الظل التي لا يشاهدها في الكون سوى أنا وأنت ويجب أن يظل هذا الأمر سر إلى الأبد
قال كريم وهو ينظر في براءة إلى وجه والدته:
_من الذي أبلغك عن سر الأميرة؟
تمتمت ريناد في هدوء:
_هي من أخبرتني عن أمرها منذ الطفولة
قال كريم في فرح:
_هل الأميرة صديقتك منذ الصغر؟
قالت ريناد وهي تنظر إلى الساعة المعلقة على الحائط:
_أجل يا صغيري أميرة الظل صديقتي منذ زمن بعيد، منذ أيام وسنوات بعيدة، ولقد اختارت أن تكون الأ سرار مخبأة بين كل منا، وحين جئت إلى الحياة كانت رغبتها هي أيضاً أن تعرف عنها كل الأمور، لأنك كما أخبرتك فارس والفارس يحفظ الأسرار ويفي بالوعد دائماً، والآن أيها الفارس الشجاع يجب أن تخلد إلى النوم، فالساعة تقترب من العاشرة مساء ولا يجب أن تظل متيقظ وقت أطول
قال كريم في استسلام:
_هل تبلغين سلامي الى أبي؟ وإلى أميرة الظل أيضاً؟
هزت ريناد رأسها علامة الموافقة، في حين ظهرت بعض الأسئلة على وجه الطفل وقال:
_هل يمكنك أخبار أبي عن الأميرة؟
قالت ريناد وهي تلمس شعر كريم:
_الأميرة لا تريد هذا، يجب أن نحافظ على رغبات وقرارات من نحب أليس كذلك؟
هز كريم رأسه علامة الموافقة قبل أن يطبع قبلة على خد والدته قائلاً:
_طابت ليلتك والدتي
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي من رواية البحث عن هوية لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية