رواية جديدة وبها متيم أنا لأمل نصر -اقتباس الفصل 37
قراءة رواية وبها متيم أنا كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية وبها متيم أنا
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
اقتباس
الفصل السايع والثلاثون
الحركة الغير عادية بالشقة جعلتها تخرج من غرفتها مبكرًا عن ميعادها الاساسي في يوم أجازتها من العمل، والتي تقضي معظمه في النوم، كانت زبيدة تنظف بقطعة قماش قديمة وتمسح على الزجاج وأطراف الخشب في الصالون، وكل ما تقع عليه عينيها، رغم استبناطها للسبب الذي يدفع والدتها لهذا الأمر، نبهتها لوجودها بالسؤال الساخر:
- ايه يا ست الكل الهمة والنشاط دا على أول الصبح، احنا جاينا ضيوف اياك؟
طالعتها بنظرة كاشفة لتجيبها بنفس الأسلوب:
- اه يا غالية تصدجيها دي؟ بس ايه عاد، ضيوف زينة وحاجة تشرف كدة.
تقلص وجهها بامتعاض لم تخفيه أمام والدتها، والتي أضافت بعدم اكتراث:
- وياللا انتي كمان يا حبيبتي، افطري بسرعة عشان تشوفي وراكي ايه؟
صاحت صبا باعتراض وعدم تقبل لهذه التحضيرات المبالغ فيها:
- ورايا انا كمان؟! ما انتي مخلية البيت بيلمع اها،
دا غير الفاكهة والحلويات اللي جابها ابويا امبارح وعبت التلاجة جوا ، ولا جلابية الصوف اللي خلاني اكويها من عشية عشان المجابلة الهامة، هو احنا جاي لنا رئيس الجمهورية يعني وانا مش عارفة ولا ايه بالظبط؟
أوقفت زبيدة ما تقوم بفعله لتلتف إليها قائلة ببساطة أذهلتها:
- لا يا حبيبتي مش رئيس الجمهورية، بس دا عريس متجدم لبتي، يعني لازم اشرفها انا وابوها بالضيافة الزينة، وهي بجى تشرف نفسها بنفسها.
زوت ما بين حاجبيها بعدم فهم وصل للأخرى، فبتابعت لها بتشديد:
- يعني تهتمي بنفسك يا صبا، انا مش طالبة منك حاجة تانية، تلبسي، تتزوجي، تشوفي الحاجات دي اللي بتعملها البنتة في الأوقات اللي زي دي، فهمتي يا زينة البنات.
ردت تجاريها بابتسامة صفراء:
- فهمت طبعًا، حاضر يا ست زبيدة، اروح بس اشوف رحمة عايزاني في ايه؟ وهاجي اعمل كل اللي انتي عايزاه.
قالتها وتحركت على الفور، عقبت والدتها من خلفها بتوتر:
- ودا وجته يا صبا تروحي بيوت الناس وفي يوم زي ده؟
ردت متابعة السير نحو باب الخروج دون أن تلتفت لها:
- احنا في اول اليوم يا ست الكل، لسة عريس الهنا جدامه وجت طويل على ما ياجي.
انتظرت زبيدة حتى تخرج لتتمتم بعدم رضا :
- ولزوموا ايه الروح والمجي، ولا تعب الجلب اساسًا...... وانتي طريجك معروف يا بت بطني.
❈-❈-❈
التوتر، والقلق الذي كان يعصف به، ليلة طويلة قضاها في الفكر والسهد، حتى اشرقت شمس الصباح، ليبدأ مرحلة العذاب في الأنتظار والترقب كل دقيقة لباب المنزل، متوقعًا ظهورها، صداع يفتك برأسه وهو على حاله من افكار متلاحقة، وتساؤلات وهواجس، لا يستطيع التوقف عنها، لقد حسم الأمر، ولابد من العثور مرسى لتحط سفنه بالقرب منه، لم يعد يملك رفاهية التمهل أو التأجيل، لابد أن يعرف رأيها اليوم والاَن، حتى يحدد أمره بعد ذلك، إما معركة الدفاع عن حقه بها، وإما البحث عن مأوى آخر له بعيدًا عن محيطها، سواء في العمل او حتى المسكن.
صدر صوت جرس الباب، لينتفض من مقعده قرب المدخل، وبلهفة فتح باب المنزل، ليرتد بأقدامه للخلف بإحباط وقد خاب أمله بالزائر والتي ردد اسمها بصدمة:
- سامية.
- اه سامية، صباح الخير يا بن خالي عامل ايه؟
قالتها وهي تدفع بنفسها لداخل المنزل، وتغلق الباب بعد أن أعطاها ظهره عائدًا أدراجه، فرد إليها التحية بصوت ميت:
- صباح الخير اتفضلي يا سامية.
عقبت من خلفه بتذمر، وهذه اللهجة المائعة التي تتعمد التحدث بها هذه الأيام لتزيد من حنقه:
- ومالك كدة بتقولها من غير نفس، هي دي مقابلة برضوو.
إلتف نحوها يجلس بتعب على كرسيه، وليرد بتأسف متجنبًا الجدال معها:
- معلش متاخديش عليا، اصلي صاحي مصدع.
ردت بجرعة زائدة من النعومة:
- صاحي مصدع، سلامتك يا بن خالي، تحب اعملك حاجة سخنة تخفف ولا انزل الصيدلية اجيب لك برشامة؟
رفض العرض هاتفًا بحزم:
- لا دي ولا دي يا سامية، فنجان القهوة في ايدي والبرشامة جوا في الأجازانة هروح اتناولها بنفسي واشربها، ريحي نفسك انتي.
مطت شفتيها تلوك داخل فكيها العلكة التي لا تغادر فمها تقول:
- خلاص يا عم بس من غير زعيق، هو انا قولت حاجة غلط يعني.
زفر يشيح بوجهه عنها، يقلب عينيه بتعب، ليس لديه أدنى طاقة لها، وحين لم تجد هي ردًا منه مصمصت بشفتيها تتابع:
- يا سيدي ولا تزعل نفسك، انا اصلاً جاية لرحمة مرات اخويا اقعد معاها شوية.
قالتها وتحركت نحو غرفة شقيقته، ضعف تركيزه جعله لا يستدرك سوى بعد أن دخلت إليها، لينتفض مرددًا:
- يا نهار اسود ودا وقته.
وليكتمل أحباطه، دوى صوت جرس المنزل وكانت هذه المرة صبا .
- صباح الخير.
القت التحية بوجهها الصبوح وصوتها الرقيق، ليلتجم عن الرد، طاردًا من صدره كتلة كثيفة من الهواء المشبع بيأسه، لاعنًا حظه البائس دومًا، فقد كان ينقصه سامية في هذا الوقت الحساس، لتقطع عليه الفرصة التي كان يترجاها منذ الأمس، لا بل قبل ذلك بكثييير.
اربكها فعله الغريب وهذا الصمت حتى عن رد التحية، فقالت باضطراب:
- انا كنت جاية لرحمة على فكرة، لو لسة نايمة خلاص اجي في وجت تاني....
- استني يا صبا.
هتف بها قبل أن تستدير عنها ذاهبة فقال مبررُا:
- رحمة صاحية، بس المشكلة هي ان سامية عندها دلوقت.
- اممم.
زامت بها بتفهم، لترد بابتسامة ساخرة:
- يبجى كدة برضوا انا هجيها في وجت تاني برضوا، لأن بصراحة سامية دي ما بيطجنيش.
حينما التفت هذه المرة وفور أن تحركت خطوتين، تفاجأت يهتف بحزم يوقفها:
- صبا ممكن دقيقة؟
انتظرته حتى خطأ الخطوتين ليقابلها قائلًا بحسم ما يدور بداخله:
- بصراحة انا اللي عايزك في كلمتين مش رحمة، وبما ان البيت مش فاضي مضطر اعرض عليكي تقابليني برا.
ارتدت للخلف تنظاره باندهاش، فتابع مستطردًا:
- عارف ان طلبي غريب، بس والله ما عندي فرصة، لازم اخد رأيك في حاجة ضروري ودلوقتي حالًا....
ظلت على صمتها بحيرة، لا تعرف إجابة جيدة للرد عليه، ليضيف هو:
- انا نازل دلوقتي انتظرك في الكافيه اللي في اخر الشارع، بتمنى لو عندك ذرة ثقة فيا، تيجي وتسمعي مني، ولو رفضتي طبعا انتي حرة، مع إن اتمنى متكسفنيش.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر (بنت الجنوب) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية