-->

رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 13

 

قراءة رواية نزيلة المصحة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


قراءة رواية نزيلة المصحة

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الثالث عشر



ساعات قليله من السفر بالسيارة ووصل الطبيب حمزه للقاهرة،، 

وهاهو علي بداية الطريق المؤدي لبيته،، وقد بدأت احلام اليقظه تراوده عن  الراحه التي سيحظي بها اخيراً بعد يوم كامل من التعب والجهد و القلق،، وترائت له صورته وهو نائم يتقلب في فراشه ذات اليمين وذات الشمال،،


 ولان الاحلام لا تتحقق دائماً مهما كانت بساطتها،، 

ولأن دائماً للقدر والنصيب رأي آخر،، فقد ذهبت جميع احلام الطبيب حمزه هباء كذرات من غبار في مهب الريح،،

 فبمجرد ان توقف بسيارته امام المبني الذي يقطن فيه وترجل منها بتعب بالغ،،


 حتي وجد نفسه محاطاً بأربعة رجال اقل من فيهم ضخامة يعادل حجم الطبيب حمزة مرتان ونصف تقريباً،، 

وزراعيه اقل كتلة عضلية بهم تقريباً بحجم رأسه ،،

 فأتسعت عينا حمزه ورفع يده عدل نظارته التي لو كانت حية ترزق وتتحدث في هذه اللحظه لصرخت به قائلة،،، اتركني الأن ايها الأبله فآنا اتمسك بأذنيك جيدا،، واهتم انت بالحوائط الاربع المحيطين بك!!


فبلع الطبيب حمزة ريقه بقلق وشك ،،  سرعان ماتحول ليقين وهو يرى من ظهر من خلف سيارة سوداء، وتقدم نحوه وهو يستنشق نفساً من سيجارته الفاخره المعروفه بنوع السيجار الكوبي ،،

 قبل ان يرميها على الارض كاملة وقد بدا انه اشعلها تواً فلازالت صحيحة لم ينقص منها شيئاً، 

وبعد ان رماها قام بدهسها بحذائة حتي اتلفها تماماً.. 

فهتف حمزة فى نفسه : لماذا اتلفها هذا الاحمق! ،،  الم تُطفئ هذة السيجار فى الغالب وتستخدم مرة اخري فى وقت لاحق؟ 

نعم انى اراهم في التلفاز يفعلون هذا دائماً!!


فصرخ عقله معترضاً مستنكراً من الاشياء الغريبه التي يفكر بها في اكثر المواقف سوءاً :

عد الى رشدك ايها المعتوه فهذا ليس وقت احدى نوبات جنونك!! 

وجعله يعود لرشده ويقدر حجم الخطر المحدق الذي يحيط به وبدأ يدب الخوف فى اوصاله،، 

وماأن استشعرت خلايا جسدة انها على وشك التعرض لبعض الكدمات والصفعات والركلات، التى لن تكون سهلة بكل تأكيد وخاصة وهي تصدر من هؤلاء البلدوذرات البشرية المحيطين به،، 


حتى بدأ عقله يأخذ منحني آخر من التفكير وهو :

 ترى أي مناطق جسده تتصدر الاهمية القصوى بالنسبة له، وتستحق ان يحميها بيديه اكثر من غيرها نظراً لسهولة اتلافها؟  


اهي اسنانه،، ام عينيه؟ ام وجهه كله؟ ، ام بطنه التي بها كامل اعضائه الحيويه،، ام.... وهنا اخذ الطبيب حمزه قراره بأن الأولي والاحري والاحق بدفاعه وحمايته له هو اكثر اعضاء جسدة الحيويه اهميه،، 

فكل شيء آخر له بدائل وحلول،، الا هذه المنطقه..،، 

❈-❈-❈


كل هذا التفكير وهذة القرارات لم تأخذ من الوقت سوى ثوانٍ معدودة،،

 وهي المسافة التى تطلبها وصول حسام اليه من مسافة لا تبعد اكثر من عشر خطوات فقط .. 

وبمجرد وقوف حسام امام الطبيب حمزه،، حتي تبسم وهو يرى الطبيب حمزه يقوم بقلع نظارته ويلقي بها داخل سيارته علي المقعد،، 

ويقف مستقيماً آخذاً وضعاً معينا يتخذه لاعبي كرة القدم اثناء وقوفهم امام المرمي وعمل حائط بشري لصد فاول . 


وسرعان ماتحولت ابتسامة حسام  لقهقهات عالية وهو يري حمزة يغمض عيناه خوفاً ويصر وجهه كأنه ينتظر صفعة في اى لحظه.. 


وكان الاجدر بالطبيب حمزه ان تضايقه ضحكات حسام الساخره،،

 ولكنه لم يهتم فهو يعلم ان السخريه قادمة قادمة،،

 سواء استسلم ام قاوم،، 

ففي النهايه لا امل له فى التغلب على هؤلاء العمالقه،، 

او ربما لا امل فى النجاة من تحت ايديهم والخروج حياً.. 

فحسبها جيداً ورأي ان المقاومه لن تفيد،، وأن الاستسلام هو الطريق الاقصر لأنهاء الموقف،، وان الغلبة و البقاء دائماً وابداً للاقوى.. 


خفتت قهقهات حسام اخيراً و نظر الي حمزه طويلا وهو بهذا  الشكل المضحك،، ثم اردف بنبرة آمرة تشبه فحيح الافاعى :

وديتهم فين يلا؟ 

فتح الطبيب حمزه عيناً بعد الاخرى،، وكالعادة فكر فى الانكار وقول الجمله المعتادة في هذه الحاله والتي يتوقعها الجميع،، وهي :

 انا مش عارف انت بتتكلم عن ايه؟ ،، 


ولكن الطبيب حمزه اذكي من ذلك،، وعلم ان الانكار لا يفيد،، فأجابه علي الفور :

معرفش انا وصلتهم لمحطة القطر وسبتهم ورحت لأختي فكفر الشيخ قضيت معاها باقي اليوم.. 


حسام بصوت هادر : كداب يابروح امك،، انت كنت معاهم وتعرف هما فين،، ولو منطقتش دلوقتي انا هخلي الرجاله دي تعمل منك بطاطس محمره دلوقتي.. 


اومأ الطبيب حمزة برأسه  بالموافقه وهو ينظر لحسام الذي انفرجت اساريره،، 


فلم يأخذ معه الطبيب حمزة وقتاً طويلا من الجهد والتهديد والوعيد او الضرب حتي،، 


وها هو سيتحدث ويخبره عن مكانهم بمنتهي السهولة واليسر،، 

فأثنى عليه حسام قائلاً : شااااطر،، برافو عليك يادكتور المجانين،، كويس ان المجانين اللي بتعالجهم مأثروش على عقلك ولسه قاعد عاقل وبتوزن امورك كويس،، ها قول بقي... 


تنحنح الطبيب حمزه ليجلي احبال صوته وخرجت الكلمة من فمه بحشرجة واضحه : 

بالطول.. 

فهز حسام رأسه مستفسراً عن معني مانطق به الطبيب حمزة تواً؟ 

فأجابه حمزه علي الفور : البطاطس المحمرة خلوها بالطول،،

ومقرمشه ياريت..

 قالها وعاد لنفس الوضع السابق واغمض عينيه وهو يتمني ان تحدث معجزة من السماء فهو يعلم ان اول الصفعات في طريقها اليه،، 

ولأن المعجزات نادرة الحدوث فلم يكن حظ الطبيب حمزة بالحظ الوفير الذي يجلب المعجزات،،

 وها هى أذنه اليمني تطلق صفيراً عالياً نتيجة الصفعه الافتتاحية من يد حسام،، والتي كانت بمثابة قصة للشريط الذي سمح بعبور سائر انواع الضرب الى جسده،، 

و كانت صفعة حسام رغم قوتها اخف والطف واحدة بينهم.. 


وها هو الطبيب حمزة ملقى ارضاً يئن وهو يشعر ان شاحنة من شاحنات النقل الثقيل قد عبرت قوق جسده ذهاباً واياباً لعدة مرات.. 


وبدأ يجاهد لفتح عيناه ليكتشف ان كان لازال في الحياة الدنيا ام انتقل الى الرفيق الاعلى،، 

وعلم انه لازال على قيد الحياة وهو يرى نفس الاشخاص يقفون فوق رأسه،، حقيقتاً هو الان لا يراهم جيداً والرؤية ضبابيه، ولكن نفس الاحجام والاطوال،، وتأكد اكثر حين سمع صوت حسام يحادثه :


خساره يادكتور كنت فاكرك اذكى من كده،، لكن طلعت اغبي مما تصورت،، ممكن تقولى ايه وجه استفادتك من اللي عملته دا،،

 والسبب اللي خلاك عملته عشان انا مش لاقي تفسير يخليك تعمل حركه غبيه زي دي الصراحه،، 

وياريت متقوليش شهامه ولا مروئة عشان انا مشفتش الشهامه جات تجري تحوش عنك الضرب دلوقتي،،

 ولا شفت المروئة بتصوت وهي سامعه عضمك بيتكسر عشان حد يلحقك،،،


 هاه يادكتور قولى بقي عملت كده ليه مع ناس متعرفهمش ؟


وهنا خرجت الحروف من فم الطبيب حمزة مصحوبة بدماء تسيل على طرفي فمه،،

 وسعال بين كل كلمة واخري :

ا.. ن.. س.. ا.. ن. ي. ة..،، ا.. كي.. د..، م. ت. ر. ف. ه. اش.. 

حسام بسخرية : 

اه ماهو لازم تقول كده،، ماهم اكيد ملوا دماغك بكلامهم ومسكنتهم ،، 


اسمع يادكتور،، انت هتتكلم وتقول هما فين يعني هتتكلم،، مفيش حل تاني او حل وسط،،

 انا لازم اوصل لود فأقرب وقت قبل ماتهرب وتسيب البلد،،

 ولو دا حصل ودينى لأكون دابحك وشارب من دمك،، انت مش ملزم تعمل معاهم كده او تساعدهم لأي سبب من الأسباب،، حتي لو كانت اسباب انسانيه،، وخلي بالك ان ممكن انسانيتك دي اللي طلعت مع ناس غلط تنهى حياتك.. 

❈-❈-❈


صمت الطبيب حمزة فقد استنزف كامل قواه وطاقته المتبقيه في الثلاث كلمات السابقه،،

 واغمض عيناه مستسلماً لظلام دامس،، لم يدخله شعاع من النور،، الا حينما فتح عيناه ببطئ فوجد نفسه فى غرفة في مشفى،، 

ورفع يده يتحسس جسده فوجد انه قد جرد من الجزء العلوى من ملابسه،، 

وهناك الكثير من اللاصقات الطبيه والشاش الذي يفوح برائحة المطهرات متفرقات علي صدرة،، 

فأخذ نفساً عميقاً ثم زفره،، وكم شعر بالألم من مجرد دخول النفس وخروجه لجسده،، كانه بذل مجهوداً جباراً.. 


واكمل جولته فى الغرفه ليجد صديقه الطبيب عمروا جالساً بجواره على اريكة،، 


ممسكاً بهاتفه ويطالعه بإهتمام،، فحاول ان ينادي بإسمه حتي يُعلمه بأنه قد عاد الى وعيه،،

 لكن  الكلام لم يخرج  الا همساً لم يتخطى محيط شفتاه حتى؟!! 


فلم يجد بداً غير ان يصدر صوتاً بديلاً يخبر عمرو بذلك،، 

فقلب كفة يدة،، وضرب بظهرها قائمة السرير الحديدي،، فأصدرت الضربه صوتاً نبه عمرو في الحال، وجعله يهب واقفاً ويسرع نحو حمزه ويسأله متلهفاً عن حاله وكيف اصبح؟ 


اومأ حمزه لعمرو مطمئنا،، ولكن دون جدوي فحالته لا تطمئن بالمرة.. 


وحاول حمزه مراراً وتكراراً ان يتحدث كي يسأله كيف اتي الي هنا علي الاقل او من الذي اتي به.. وللأسف فشلت جميع محاولاته.. 


ولم يكن عمرو بحاجة الي ان يسمعها بأذنيه لكي يعلم مايدور في خلج صديقه،، 


فسحب المقعد وجلس بجواره وبدأ يقص له كيف اتي الي المشفى هنا،، 


وكان ذلك بمساعدة بعض سكان عمارته الذين  وجدوه ملقى على الارض وقاموا بحمله وإيصاله الي المشفي،، 

وبعدها قاموا بالاتصال عليه من هاتفه كي يأتي اليه بحكم انه آخر من اجرى معه اتصالاً قبل رقم اخر  هاتفوه فوجدوه مغلقاً.. 


ظل حمزه يسمع كل هذا بحنق شديد متمنياً ان يتنتقل عمرو بالحديث الي مايشغل باله اكثر،،

 الا وهو هروب ود من المشفي وكيف سار الامر بعد اكتشافهم لهذا الخبر،،

فكل مايرويه عمرو الآن لا يعني له مثل هذا الامر. 


وهاهو يحملق فى عمرو بإهتمام شديد حين اردف عمرو بحماس كأنه تذكر شيئاً عظيما كان قد نسيَه  :

اسكت مش الحاله المزة بتاعتك اللي فى في المستشفي، البنت عارضت الازياء دي هربت امبارح والمستشفي اتقلبت،، وجوزها طربق المستشفي على راسنا كلنا وعمل في المستشفي بلاغ والمدير متحول للتحقيق بتهمة الاهمال،، 


انتظرالطبيب حمزه بأعصاب مشدوده الى ان شارفت على التلف،، الفقره التي سيذكر فيها عمرو اسمه، ويقرنه بهروب ود، ولكنها لم تأتي،، 

وكل ماذكره عمرو لاحقاً هي تفاصيل وشكوك  حول الطريقه التي يحتمل ان تكون قد هربت بها المريضه،، وتخمينات حول وقت الهروب،، 

فإرتخت اعصاب الطبيب حمزه حينها،، فقد علم انه قد برء من التهمه قانونياً علي الاقل...واما بالنسبه لمدير المشفي فهو سيخطى ذلك فكثيراً ماتحدث معه مثل هذه الأمور.. 


مضي بعدها اليوم وقد قضاه عمرو كاملاً بجوار الطبيب حمزه يعتني به،، 


فهو يعلم انه ليس لديه احد سوى اخته القاطنة في محافظة اخري،، ولن تأتي اليه سريعاً إن طلبها،، وايضاً لأن حمزة يستحق هذا الاهتمام وهذه العناية منه فهكذا يكون رد الجمايل وهذا هو وقته،، 

وحمزه رصيده لدي عمرو ليس بالقليل.. 


وبحلول الليل اتي وحيد اليهم  ليتولي هو الورديه الليليه مع حمزه ليذهب عمرو الي بيته،، على وعد بالقدوم في اليوم التالي لتبديل الورديه مرة اخري مع وحيد ،، 


فغادر عمرو وجلس وحيد بجانب حمزه،، ولكن فضوله لم يسمح له بأن يصمت ويكتفي بإن يتحدث هو فقط،، 

فقد كان فضولة قاتلاً يريد ان يعرف ماالذي او من الذي فعل هذا بحمزه،، ومالسبب وراء ذلك؟ 

ورغم انه يري ان حمزه لا يستطيع الكلام او الإجابه علي اسئلته، 

الا انه استمر في طرح نفس الاسئلة بين الحين والاخر آملاً ان يقوي حمزه علي الاجابه في مرة من المرات.. 

❈-❈-❈


ولكن للأسف فها هو اليل قد بدأ في الانسحاب ولم يتلقى منه اية اجابات،، ولكن التحسن في حالته بات  ملحوظا فها هو قد بدأ يئن الان، 

وهذا دليل علي انه سيتحدث قريباً.. 


واثناء ذلك صدح هاتف  حمزه برقم  اخته للمرة الخمسون تقريباً من أول  اليوم الي الآن،، وكل هذا لانه لم يتصل بها منذ الامس،،


فتجاهله هذة المرة ايضا،،مضطراً فهو ليس لديه خيار آخر غير التجاهل، والا كيف سيجيبها؟ 

اما اخته فألتهم القلق روحها علي اخيها الوحيد،، 

فها هو اليوم يقطع عادته اليوميه لأول مره،، 

وهذا ما جعل قلبها يحدثها ان مكروها قد  حدث له،، وخاصة مع عدم رده عليها مهما حاولت الاتصال به ،، 

فما كان منها الا ان تركت اولادها مع زوجها، واستقلت اول وسيلة مواصلات وانطلقت الي القاهرة فوراً لتطمئن على اخيها وكل اهلها.. 



وبعد ساعات وصلت سماح شقيقة حمزه الي مسكنه،، وصعدت الي شقته واخرجت المفتاح الخاص بها،، وهمت ان تفتح باب الشقه لتدخل وتري ماذا حدث لاخيها،، ولكنها توقفت عما تفعل  على صوت احدي الجيران :


اهلا ياسماح يابنتي حمداله عالسلامه،، لو بتدوري على الدكتور حمزه اخوكي فهو في المستشفي السكان نقلوه امبارح الصبح.. 


وهنا تهاوى قلب سماح من السماء السابعه  فور سماعها ذلك،، 

فهاهي جميع مخاوفها قد تحققت واتضح ان احساسها لم يكن يكذب ابداً،، وهاهو غاليها اصابه مكروه ما.. 


فصرخت بزعر وهي تنظر للسيده :


حمزه في المستشفي ليه؟ ،، جراله ايه،،؟ وفأنهي مستشفي ارجوكي اتكلمي قوام 


السيده : هما لقوه الصبح واقع قدام العماره وسايح في دمه،، جراله ايه دي محدش يعرفها،، 

وفأنهي مستشفي دي تسألي عليها عمك صابر في السوبر ماركت عشان هو كان مع الناس اللي ودوه،، واصلا هو وجوزي وباقي السكان كانو رايحينله  كمان شويه،، وانا كمان كنت بجهزله اكل وا... 

وقبل ان تكمل جملتها نظرت لسماح التي اطلقت قدميها للريح، وهرولت مسرعة نحو السوبر ماركت لتسأل في أي مشفى يرقد اخيها،،

 وماأن وصلت وسألت،، حتي اسرعت تسابق الريح الي هناك،، بقلب يرجف وعبرات تتسابق للسقوط،،

 ودعوات وتضرع الي الله ان يحفظه لها من كل شر وسوء لم تنقطع الا بوصولها الي باب غرفته التي اندلت اليها  اخيراً.. 


فتحت سماح باب الغرفه مرة واحده ودخلت مسرعه ،بكل ماتحمل من خوف بداخلها،،

 مما ادي الي جفل واستغراب حمزه والطبيب وحيد وخوفهم من هذا الهجوم المفاجئ الذي حدث للتو،، َلكن سرعان ماسكن وجل قلوبهم وهم يروا من صاحبة الهجوم.. 


فتغيرت ملامح الطبيب حمزه للضيق وهو يراها ويري حالتها ودموعها،، فلم يكن يود ان يقلقها عليه،، او ان تراه في هذة الحاله وتكون النتيجه هى مايراه الآن.. 


هجمت عليه سماح ماإن افسح لها وحيد المجال،، وبدأت تتحسسه بقلق بالغ وهي تسأله بصوت قد اختنق من كثرة البكاء :


مالك يااخويا، مالك يانور عيني قولي مين عمل فيك كده؟ 

وبدأت تكرر نفس الاسئلة مرة بعد مره وحينما لم تجد رداً توجهت بالحديث لوحيد وسألته الاسئلة ذاتها راجية منه ان يجيبها لعله يعلم،، 

ولكن وحيد اجابها بأسف انه لا يعلم مثلها تماماً،،


فجلست سماح بجانب اخيها،، 

واستأذن وحيد بالمغادرة بعد ان  اطمئن على حمزه بقدوم اخته اليه،،


 ولكنه لم يغادر الا بعد ان سألها إن كانت تحتاج لشيئ ما يجلبه لها،، وهي تشكرته واخبرته انها علي مايرام ولا تريد شيئاً.. 


فغادر وحيد وما هي الا دقائق معدودة بعد مغادرته وتوالت الناس عليهم من الجيران والمعارف، وكل من علم بما حدث، لكي يطمئن علي حمزه.. 


ساعة كامله انقضت بين فوج يأتي وآخر يغادر الي ان خلت الغرفه اخيراً من الناس، وبدأت الضوضاء تختفي،، وهاهو حمزه يغمض عينيه محاولاً اخذ قسط من الراحه، تحت انظار اخته المشفقة على حاله،،

 ولكن هيهات،، فها هو يفتح عينيه مجدداً ليراها تتجسد امامه بشكلها الملائكى،، برقتها،، بأنوثتها،، بنوبات هلعها،، بعيناها البراقه التي تنظر اليه ،، وكأنها اقسمت ان لن تجعل الراحه تستطع اليه سبيلاً بعد اليوم الذي وقعا عليه فيه،، وكأنها ميدوسا، وقد اصابته لعنة عينيها .. 


فظل هائماً يتأملها وهي متجسدة في الفراغ امامه،، ويسأل نفسه تُري كيف امست،، وكيف اصبحت،، وتمني لو كان يستطيع الكلام كي يهاتفها ويطمئن عليها،، 


واخيراً افاق على اصوات زقزقات بطنه وهي تعلن عن حاجتها للطعام،،


 فنظر لاخته لكي يخبرها، ولكنه لم يستطع اخبارها قولاً،، 

فبدأ يمسد بيده علي بطنه بحركة دائريه،، ففهمت اخته مايرمي اليه،، وقامت علي الفور وتوجهت اليه ببعضاً من الطعام الذي جلبته معها تلك الجاره،، وبدأت تطعمه بالقليل القليل،،ورويداً رويداً 


وهو برغم صعوبة المضغ والبلع، الا انه استمر في تناول الطعام مرغماً ليسد جوعه.. 

❈-❈-❈


وبعد الانتهاء من الطعام،، كم اشتهي كوباً من القهوه،،و َتمني لو يستطيع الحصول علي واحداً الان،، والامنيه التي تضاهي  الامنية الاولي هي ان يري ود او يسمع صوتها،،

 وها هو يعادل احتياجه لها احتياجه للقهوة،، وأصبح يعلم ان سعادته الكبري الآن تكمن في،،، قدح من القهوة وعيناها. 


اما في هذا الوقت في فيلا حسام.. 


سعاد : حسام اهدا مش كده هتجرالك حاجه 


حسام : اهدا ازاي ياامي اهدا ازاي والعقربتين دول قدروا يهربوا مني ويغيبوا عن عيني،، 

وياعالم دلوقتي ست ود بتخططلى لايه ولا بدأت في تنفيذ انهي خطه عشان تخلص مني،، ومننا كلنا،، 


ونظر الى طفله بحسره ثم ذهب اليه فالتقطه من الأرض وحمله بعد ان تبسم له الصغير،، وطبع قبلة حانية على جبينه وهو يهمس له :


انا مش خايف غير عليك انت بس،، انا متهمنيش دلوقتي  اي حاجه تانيه فى الدنيا غيرك.. 


فتقدمت منه زوجته وقامت بوضع يدها علي كتفه وهمست له مطمئنه :


متخافش مفيش، اي حد ولا اي حاجه هتقدر تأذيه،، ولا تأذيك، ولا تأذي حد فينا،، طول ماانا جنبك متشلش هم حاجه ابداً،، 

ركز بس انت فشغلك وخلي بالك وانتبه عشان طول ماود بعيد متعرفش هتضربك فأنهي وقت والضربه هتجيك من انهي اتجاه.. 


أومأ لها حسام برأسه تأييداً ثم اغمض عينيه وضم طفله اليه بكلتا يديه واستنشق رائحته الطفولية الجميله،، اما هي فإبتسمت ورفعت يدها تربت على رأس صغيرها وتلاطفه هي الاخرى.. 


وكل هذا تحت انظار سعاد التي كانت تنظر لإبنها بشفقة بالغه،، وهي تري الرعب يسيطر عليه بالكامل ويضرب اوصاله،،


 ولم لا يفعل واكبر عدوة له قد اصبحت حرة طليقه،، وليست بمفردها فمعها وصيفتها والعقل المدبر،، والتي تتحكم في ود بكل سهوله ويسر كقطعة من الصلصال.. 



اما في الاسكندريه.. 


دلفت كريمه الي غرفة ود فوجدتها تقف امام المرآه وهي بكامل اناقتها،، وتقوم بوضع بعض مساحيق التجميل،، فتبسمت كريمه. واخذت تنظر اليها بفرحة شديده وهي تراها تعود الي الحياة من جديد،، 


ثم تقدمت وجلست علي طرف السرير تتأمل في ود التي تبسمت لها هي الاخري وسألتها في غنج بالغ :


هاه ياماما كريمه ايه رأيك فيا حلوه؟ 


كريمه بنبرة صوت فائضة من المحبه والاعجاب : احلي واجمل وارق والطف ود في الدنيا دي كلها،، حمداله على سلامتك ونجاتك يانور عيوني 


انزلت ود الفرشاة التي بيدها ووضعتها في مكانها المخصص بين الفرشيات الاخرى،،

 وتركت مقعدها وتقدمت نحو السيدة كريمه فجلست بجانبها،، وقامت بإحتضانها،،، وضمتها هي الاخري وبدأت تمسد علي شعرها فتنهدت ود واردفت هامسه في حضن كريمه  :


واخيراً ياماما،، واخيراً اتحررنا من حسام وسعاد وبقينا احرار،، اخيراً بعدت عن حسام وهتنفس بحريه،، اخيراً هقدر اعمل كل اللي انا عايزاه من غير قيود او فرض سيطره،، اخيراً هنعيش من غير خوف ياماما اخيراً 


فردت كريمه عليها هامسه :


 ايوه ياود بس برضوا حريتنا مش هتكون كامله طول ما حسام وامه علي وش الدنيا،، طول ما عايشين مش هيسمحولنا نعيش ابداً،، احنا من البدايه ومن ساعة ظهورهم في حياتنا  واتحط لسعادتنا  وسعادتهم في الدنيا شرط واحد،، ان سعاد وحسام ميكونوش فيها،، يأما احنا الاتنين مانكنش فيها،، 


وطول ماكلنا موجودين في حياة بعض لا هيكون فيه سعادة ولا راحه.. 


ابتعدت ود عن احضان كريمه وقامت بإرجاع خصلات شعرها للوراء وهي تنظر بعيدا ثم اردفت : 


وعشان كده احب اطمنك ان سعادتنا خلاص على الابواب،، لان نهايتهم خلاص علي وشك.. استعدي ياأمي لأيام حلوه كتير جايه،، 


انهت جملتها ثم هبت واقفه وقامت بألتقاط بعض الاوراق وحمل حقيبة. يدها الصغيره وتوجهت الي الخارج لم تقف حتي بعد ان سألتها كريمه بخوف :


 علي فين ياود يابنتي؟ 

فأجابتها ود ولازالت تبتعد،،، رايحه احط النقط عالحروف ياماما وارجع الحقوق لأصحابها ،، 

وماإن انهت جملتها حتي كانت تخرج من باب الشقه وتقوم بغلقة خلفها ولم يتسني لكريمه منعها او اللحاق بها،، 


وتركتها وهي  تنتفض عليها خوفاً فهي لازالت في خطر محدق وتعلم كريمه ان  خروجها بمفردها قرار متهور  قد لا يحمد عقباه نهائياً 


فهزت رأسها بمنتهي الاسى والاعتراض،، وهى لا تملك اكثر من ذلك،، فتلك هي ود،، وتلك هي رأسها اليابس،، 


وها هي تعود للعند من جديد،، وبرغم الخوف والقلق،، لكن مرحى والف مرحى بعودتها مرة اخرى..

 

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة