رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 35
قراءة رواية نزيلة المصحة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية نزيلة المصحة
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل الخامس والثلاثون
نجح حمزه في إنتشال حسام و إعادة راحته النفسيه إليه، ثم حثه بطريقته علي المواصله حين اردف له مؤكداً:
فندق جميل فعلاً، سمعت عنه كتير، وفأقرب فرصه هروح ازوره بإذن الله.. ومن الواضح إنها كانت فتره جميله فحياتك، لكن قولنا أيه اللي حصل بعدها؟
غامت عيون حسام وهو يكمل حديثه وقد تجهم وجهه:
ورجعنا بعدها من الأجازه وانا حاسس إن الدنيا إدتني جرعة سعاده عاليه جداً.. أوفر دوس سعادة هههه، جددنا نشاطنا ورجعنا أنا وود من تاني لروتين الشغل، وكان لازم أنا اخلص كل حاجه فأيدي في خلال الفتره دي؛ عشان آخد الأجازه.. اللي المفروض هاخد أمي فيها وأوديها تحج..
أما أمي فشاعت خبر بين ود وكريمه، إن سمر بنت خالتها هتتجوز، وإنها هتكون متواجده عندهم بإستمرار اليومين دول، عشان تساعدهم في تجهيزات الفرح..
وراحت لبيت خالتي فعلاً، وفضلت هناك تساعدهم زي ماقالت بالظبط،وكمان كانت تروح الشقه توضبها..
وأنا فضلت في الفيلا مع ود في الفتره دي، والمفروض إني بخلص إجرءات السفر بتاعي أنا وأمي.
وخلاص بعد بكره اليوم اللي المفروض فيه السفر، وأمي جات الفيلا قبلها بيوم، وإبتدت تجهز حاجتي وحاجتها كأننا مسافرين فعلاً.
ورحنا علي الشقه بتاعتنا، وتاني يوم كتبنا الكتاب وتم الجواز.. وأخدت سمر علي الشقه، وأمي فضلت مع خالتي فبيتها، وقالت إنها هتفضل طول المده اللي إحنا المفروض مسافرين فيها.
ودخلت أنا وسمر الشقه، وأنا حاسس إن دماغي هتتفرتك من الصداع وجسمي متكسر من الإجهاد، وطول الوقت في الفرح، وأنا حاسس إحساس صعب جداً.. حاسس إن سمر دي حراميه، وخطفتني من ود، وأخدت حاجه مش من حقها.. وكنت حاسس إنها المفروض تتعاقب علي عملتها دي.
فاأول حاجه عملتها من أول مادخلنا.. إني قلعت البدله، وقلعت القميص وكل حاجه مغطيه جرحي، وكشفته قدامها.. كنت عايزها تتألم بشوفته زي ماود بتعمل، او حتي تتدايق وتأنب نفسها لأنها إتجوزت واحد مشوه وتندم.
لكن دا محصلش، ولقيتها بتبص علي الجرح عادي، لا دي كمان قربت عليا، ومدت أيدها كانت عايزه تلمس الجرح! لكني مسكت أيدها، ومنعتها وأنا بقولها:
-أياكي تمدي أيدك علي حاجه مش بتاعتك.. وخليكي فاكره إنك سبق وقولتي قبل كده إنك مش عايزه مني حاجه، وإنك هترضي باللي أنا هديهولك،وانا اللي عندي ليكي مش أكتر من كده..
وإبتديت أتعامل معاها بمنتهي الوحشيه، وبطريقه غير آدميه، متليقش بليلة العمر لبنت المفروض ان الليله دي هتكون من أجمل ذكرياتها.
وبعدت عنها وسبتها وأنا حاسس نفسي حيوان،والغريبه إنها معترضتش، ولا إتألمت، ولا كان ليها أي رد فعل غير الدمعه الوحيده اللي نزلت منها، ومسحتها بسرعه قبل ماأشوفها ، وبعدها قامت إبتدت تمحي كل اثر للي حصل.. وهي راسمه علي وشها إبتسامه كانت بتعذبني أكتر من دمعتها اللي نزلت.
وقمت أنا طلعت في البلكونه، وولعت سيجار، وإبتديت أشرب فيها.. وأنا بفكر ياتري أيه أخرت الوضع اللي أنا فيه دا، وياتري هيستمر لغاية إمتا؟
فضلت واقف وقت كبير، محستش بنفسي غير وقرآن الفجر إبتدى،
دخلت الأوضه وبصيت عليها، لقيتها نايمه بهدوء، ووشها مرسوم عليه سلام غريب!
دخلت إتوضيت وصليت الفجر، وبعدها دخلت في السرير ونمت، محسيتش بنفسي غير على لمسه رقيقه علي دراعي وصوت مُتردد بيقولي:
-"حسام قوم أنا حضرت الفطار.. قوم عشان تفطر العصر أذن."
فتحت عنيا وأنا حاسس إن دماغي تقيله، وإستغربت من جملة العصر أذن دي، وبصيت للساعه لقيت فعلاً ميعاد العصر عدى بقاله نص ساعه! فهمست لنفسي.. غريبه هو انا نمت كل دا إزاي؟ دنا حاسس إني مكملتش ساعه نايم!
قمت دخلت الحمام، وأخدت شاور سريع، وقعدت جنبها، وإبتديت أفطر معاها
كانت بتاكل بهدوء ومبتتكلمش، معرفتش وقتها سكوتها دا.. ياتري زعل من اللي حصل إمبارح، ولا كسوف مني، ولا عايزاني أنا اللي أبدأ الاول بالكلام.. لكني إكتشفت بعدين إن دا طبعها، وإن الهدوء دا صفه متأصله فيها.
وإبتدت الايام تعدي، وخلصت الفتره اللي مفروض فترة الحج، وكلمت ود علي الايمو بفرحه أبلغها إني خلاص راجع بعد بكره.. وحقيقي كنت فرحان برجوعي ليها كأني طير محبوس وخلاص هيتفتحله القفص.
فضلت اليومين دول مع سمر، وإتحملتهم زي ماإتحملت اللي قبلهم.. مع إن الصراحه لله.. البنت كانت طول الوقت زي النسمه ميتسمعلهاش صوت،وكل حاجه كانت بتعملها عشان ترضيني، من أكل وشرب لنضافه فوق المستوي لإهتمام بنفسها ومظهرها.
لكن للأسف مع كل دا أبداً متتحطش عندي فمقارنه بود؛ لأن ود بالنسبالي مكانتش مجرد زوجه..ود حاجه أنا بأنتمي ليها ومقدرش أبعد عنها ولا تبعد عني، وحد عندي فوق الكل.. علاقتنا عامله بالظبط زي علاقة السمكه بالبحر.. الأتنين مخلوقين عشان يعيشوا فقلب بعض.
وعدوا اليومين، وفي اليوم الي كنت راجع فيه.. صحيت الصبح بدري بنشاط، وإبتديت أحضر هدومي، وكل دا تحت أنظار سمر.. اللي كانت لأول مره من يوم ماإتجوزنا بتبصلي وإبتسامتها مش مرسومه علي وشها! وعنيها فيها حزن كبير.. لكن أنا مهمنيش كل دا، ولا همني إحساسها، وكل اللي همني إني هرجع أضم جنتي المتمثله فود فحضني من تاني.
ونزلت بيها في الميعاد، ورحنا علي بيتهم، نزلتها وأخدت أمي ورجعنا الفيلا..
وسبتها حتي من غير وداع.
وصلنا الفيلا وكنت حاسس طول الطريق وانا راجع.. إني طاير علي جناح الشوق وقلبي سبقني ووصل الفيلا قبلي وزمانه حاضنها في اللحظه دي.
ونزلت من العربيه، وجريت علي الفيلا حتي من غير ماانزل الحاجه اللي فيها، ولا أستني أمي تنزل..
جريت ومع كل خطوه كنت بقول.. اهي هتخرج من الفيلا علي صوتي وصوت كلكس العربيه، وهي فاردالي دراعاتها بلهفه تضاهي لهفتي..
لكن للأسف..كل دي كانت أمنيات فخيالي انا بس.. لأني دخلت الفيلا وعرفت من كريمه إن ود مجاتش من الشركه، ولا موجوده في الفيلا زي ماوعدتني إني هرجع الاقيها مستنياني!
❈-❈-❈
قعدت علي الكنبه وأنا حاسس بخيبة أمل جديده وإحباط،وفضلت مستنيها لغاية ماوصلت بعد ٣ ساعات من وصولنا.. وغير دا إستقبالها ليا، وسلامها عليا كان غير اللي كنت مستنيه منها ومتوقعه بالمره.. كان فاتر، خالي من أي لهفه.. ولما عاتبتها بكده قالتلي:
-" مالك ياحسام المرادي، ماإحنا دايماً بنسافر ونبعد عن بعض، أول مره أشوفلك رد فعل بأفوره كده"!
قلت لنفسي:
-فعلا عندها حق، ماإحنا فعلاً أحياناً بنفترق عن بعض قد المده دي، ويمكن أكتر.. إشمعنا المره دي موقفي من إستقبالها ليا كان كده!
وعرفت إن الأشتياق الزياده دا، واللهفه كانت مني أنا، وكانوا نابعين من إحساسي بالذنب ناحيتها.
-إبتدت تمر الأيام، وعدى أسبوع، ولقيت أمي بتسألني بزعل:
حسام إنت نسيت إنك متجوز وحده غير ود ولا أيه؟
هو أنا لازم أقولك يابني عشان تروح لمراتك وتديها حقوقها ولا ايه؟
بصيتلها وضحكت ورديت عليها بتهكم:
-هي لحقت تشتكي وتستغيث بيكي من دلوقتي؟ دا هو يادوب أسبوع اللي عدي!
ردت عليا أمي بغضب وقالتلي:
-"والله العظيم البنت ماإشتكت ولا إستغاثت، ولا فتحت بوقها وكلمتني من أساسه..هو أنا ياحسام صغيره عشان أستني حد يقولي حاجه زي دي؟ ماأنا شايفه بعيني إنك من ساعة مارجعت وإنت بتتصرف كأنك في حال الأول، ولا كأنك متجوز ولا معاك ست تانيه أكيد مستنيه طلتك عليها بفارغ الصبر.. وخصوصاً إنها عروسه، لسه ماشبعت منك".
غمضت عنيا وأخدت نفس وزفرته ورديت عليها:
-طيب ياامي خلاص بكره هروحلها.
لقيتها إبتسمت وهي بتقولي:
-" ايوه كده ياقلب أمك إرضيني عشان يرضي عليك ربك ويراضيك".
وبالفعل تاني يوم كلمت سمر وقولتلها تروح علي الشقه، وإني هعدي عليها النهارده بعد الضهر؛ أقعد معاها ساعتين وأرجعها بعد كده لبيت أهلها وأروح.
ورحتلها.. واللي إستغربته جداً.. اللهفه اللي شفتها فعنيها ليا.. مع إني مغبتش عنها غير أسبوع! وفرحتها اللي كانت واضحه من إبتسامتها اللي مفارقتهاش..
وإستقبالها ليا بأجمل طله، وأحلي أكل عاملاه بأديها مخصوص عشاني.. ريحة الشقه اللي كانت جميله جداً وتريح الأعصاب ،معرفش كانت راشه فيها أيه عامل الريحه دي!
كل دي حاجات عملتها عشاني فيوم واحد، وأنا بتمني من ود تعملي حاجه وحده بس منهم كل يوم وتستقبلني بيها،
أو عالاقل اشوف نفس اللهفه دي فعنيها، وساعتها هكون أسعد واحد في العالم،لكن للأسف ود مش فاضيالي.
قضيت معاها ٣ ساعات، قامت فيهم بواجبها معايا كزوجه لأبعد حد.. وأنا في المقابل اديتها لحظات قرب، وأنا مغلوب علي أمري، وكالعاده رضيت باللي أديتهولها، وكانت طول الوقت مبتسمه برضى.. حتي في الطريق وأنا مروحها.
بعد كده رجعت تاني لدوامة الشغل، وود إتشغلت عني أكتر؛ عشان مهرجان الجونه كان قرب وكانت لازم تصمم كولكشن للمثلين، وتخلصه قبل المهرجان بوقت. ومع إنشغالها عني ووحدتي، لقيتني غصب عني بسرح بخيالي فى سمر.. فإبتسامتها وهدوئها..
في الراحه النفسيه اللي بحسها وأنا في الشقه هناك،
حسيت إني محتاج إهتمامها بيا.. فأديتها خبر عشان تروح الشقه وروحتلها.. ولأول مره أروحلها من نفسي وأنا عايز دا.
وقضيت معاها ساعات بجد فصلوني عن العالم.. والمره دي كانت غير، إستمتعت فيها بقرب سمر.. كأني أول مره أقربلها!
وحتي هي حسيتها لمست إحساسي دا، وكانت طول الوقت تبصلي وهي طايره من السعادة،
ولقيتها قربت مني مره وحده، وحضنتني وأيدها إبتدت تمسد علي جرحي.. وأنا في اللحظه دي إفتكرت ود،وإفتكرت موقفها من بالجرح دا.. ومعرفش ليه أي حاجه متعلقه بجرحي بفتكر فيها ود علي طول؟! فمسكت أيدها وبعدتها عن أثر الحرق بعنف، وحتي هي كلها زقيتها بعيد عني؛كأني كنت مغيب من ساعة ماجيت، ودلوقتي بس فوقت لنفسي.
وبعدها زعقت فيها بعلوا صوتي، ونبهت عليها إن دي أول وآخر مره تلمس فيها جرحي، أو تحط أيدها عليه.. نبهت عليها إنها متقربش مني مره تانيه، ولا تحضني إلا لما أنا اللي ابتدي بكده، وحذرتها وقولتلها أياكي تقربيلي من غير ماأنا أءذنلك.. ولو حصل وعملتي كده انتي اللي هتتحملي العواقب لوحدك.. وقد اعذر من أنذر..
وسبتها وخرجت بعد مانبهت عليها للمره المليون من ساعة ماإتجوزنا.. إياها تفكر تتصل بيا لأي سبب من الأسباب.
ونزلت وركبت عربيتي، ورجعت للفيلا، حتي من غير ماأخدها أوصلها لبيت أهلها. كنت بتعامل معاها بمنتهي القسوة.. كأني بعاقبها علي لحظات ضعفي ولجوئي ليها، كأني بدفعها تمن خيانتي لود.. كأني بعكر عليها لحظات السعاده اللي عيشتهالها قبل شويه.
وصلت الفيلا وطلعت أوضتي ونمت بهدومي اللي عليا حتي مغيرتش، وصحيت وإتلفتت حواليا، لقيت الدنيا ضلمه،
والظاهر إن الليل دخل! وفعلاً بصيت في الساعه لقيتها ١٠ بالليل.. إتصلت بسمر وعرفت إنها رجعت بيت أهلها، وقفلت معاها فوراً، ودخلت أخدت شاور ونزلت أشوف ود رجعت ولا لأ.
ولما سألت أمي عنها قالتلي انها لسه مرجعتش.. إتصلت عليها وعرفت منها إنها هتتأخر النهارده في الشركه عشان وراها شغل كتير.. طلعت غيرت هدوم البيت لهدوم خروج، وأخدت العربيه ورحتلها الشركه، وفضلت معاها لغاية ماخلصت شغل ورجعنا سوا..
وقضينا مع بعض ليله غسلت فيها بقربي من ود؛ ذنوبي اللي كنت حاسس بيها ناحيتها بقربي من سمر.
ومن بعد الليله دي إنشغلت عني ود بالمهرجان وتحضيراته.. لدرجة إني تقريباً مبقتش أشوفها،
ورجعت تاني أروح لسمر وقت إحتياجي، واقضي معاها الوقت اللي انا عايزه، بشروطي أنا، وقوانيني أنا.. اللي من ساعة ماسنيتها وشرعتها وأمليتها عليها، مخالفتش منها قانون واحد.
وفضل الحال مستمر بالشكل دا، لغاية ماإحساسي بالذنب من ناحية ود بجوازي من سمر إبتدا يقل عن بداية جوازي منها.. قل لكن ماأختفاش.
وعلي هذا الحال عدت شهور..منها أيام احتاج سمر وأروحلها، وأيام أتجاهلها وأكتفي بالقليل من ود واللي كان بينسيني الدنيا ومن فيها.
وفضلت كده لغاية ماأمي بلغتني بإن سمر حامل.. وهنا إنقلبت جميع الموازين.. حسيت ساعتها إن الموضوع دخل في الجد.. لأن طول الفتره اللي فاتت دي كان متهيألي إن جوازي من سمر لعبه وهتنتهي.
وإبتدت مرحله جديده من التفكير.. ياتري اللي جاي هيكون أيه؟
إتصلت يومها بسمر من بعد ماأمي بلغتني بالخبر وسألتها:
ماكلمتنيش تقوليلي الخبر دا بنفسك ليه؟
سكتت شويه وردت عليا بهدوء:
"يمكن عشان إنت قايلي متتصليش بيا لأي سبب من الأسباب مهما كان!.. أو جايز لأني متأكده من رد فعلك علي الخبر، واللي محبتش إني أشوفه أو أسمعه، وفضلت إني أتخيل رد فعل فخيالي، وأحاول أصدق إن دا رد فعلك علي الخبر!"
أخدت نفس وقولتلها: وياتري أيه هو رد فعلي اللي متاكده منه ياود؟
ردت عليا وهي بتضحك بخفه:
رد فعلك هيكون بارد ؛ لأني عارفه إن الموضوع مش هيفرق معاك، وهيضايقك ويشيلك هم أكتر من الهم اللي إنت شايله من يوم جوازي منك.
وحاجه تانيه.. أنا إسمي سمر ياحسام، وحاجه تالته.. سلام عشان رايحه للدكتوره دلوقتي؛ عشان أكشف سونار علي البيبي وأتطمن عليه.. أصلي حامل في شهرين.
قالتها وقفلت السكه، وسابتني وأنا حاسس إني لتاني.. أو لعاشر مره كسرت فرحتها، وإكتشفت إنها قرياني صح جداً، كأنها دخلت جوايا وفتشت فأحاسيسي وشافتها كلها بوضوح.
وإبتدت تعدي شهور الحمل، ومع كل يوم جديد يعدي، بلاقي فرحة أمي وارتياحها يكبر عن اليوم اللي قبله، وكانت بتعد الايام، كأنها منتظره الحدث اللي هيغير مجري الكون.
وفي الفتره دي بعدت عن سمر خالص، وإتحججت بالحمل سبب لبعدي، وإبتديت أعوض ود بإهتمام أكبر..
حتي وهي مش بتبادلني بأي إهتمام في المقابل،لكن إحساسي بالذنب كان هو الدافع لده، إحساسي بإني ظالم، وكنت سبب في حرمانها من إنها تكون أم، وإني في المقابل هكون أب لطفل مش منها كان بيحرق في روحي،
وخصوصاً وانا عارف إنها بتعوض النقص دا بالشغل.
وكملت شهور الحمل، وولدت سمر وجابتلي "قاسم".
نطق الإسم ثم تبسم بسعادة، وقد فاضت عيناه حباً لذلك الماكر الصغير، وإكتشف للتوا إنه قد إشتاق له كثيراً.. فخُيل له إنه يسمع صوته الصغير، وهو يناديه بفرحة حينما يراه بعد يوم من الغياب.. "بابى"
فشعر بقلبه يرفرف بين اضلعه ويصبوا الي ضمة من صغيره تهدئ فؤاده.
فنظر الي الطبيب حمزه، وقد ألحت عليه فجأه رغبة بالعودة الي المنزل في هذه اللحظه..
وشرع في الإستئذان لفعل ذلك، ولكن قبل أن ينطقها.. فوجئ بعبد الله، يهجم عليه ويضمه ضمة تملك، وهو يردف له بفحيح يشبه فحيح الأفاعي:
أوووعى تنطقها.. قسما عظماً أفجرك وأفجر نفسي معاك، ونروح أنا وإنت للمكان اللي متقدرش تروح منه هنا ولا هنا وتفضل تحكيلي، وتعيد وتزيد في الحكايه لغاية ماتقوم القيامه.. فخاف علي عمرك وشبابك، وكمل بدال ماأفقد أعصابي وأعمل فيك حاجه عمري فيوم ماكنت أتوقع أعملها.
فضحك حسام بخفه وهو يحاول التخلص من عبد الله، وكتلة الدهون المتمركزه في بطنه، والتي إستقرت علي جانب حسام الأيمن.. فجعلت أنفاسه تتقطع..
أما بالنسبه لحمزه.. فصاح هذه المره مؤيداً لعبدالله بصوته لا بعقله: أيوه ياعبده جدع إثبت علي موقفك.
وأنهي جملته وضحك كأنه يمزح، ولكنه في الحقيقه يريد أن يكمل حسام القصه اليوم بأية طريقه؛ فهو قد شارف للوصول لنهاية الأحداث،
ولايريد حمزه ان يضيع يوماً آخر في الإستماع والإنتظار، فالأولي به أن يستغل هذا اليوم في البحث عن الحقائق والتأكد منها.. قبل فوات الأوان.
فهم حسام بالمواصله، وهو مغلوب على أمره.. ولكن جاءت المقاطعه هذه المره من سماح.. التي تعالا صوتها.. معلناً عن الأنتهاء من تحضير وجبة العشاء،
فنظر ثلاثتهم في الساعات في آن واحد، كل في ساعته، وتفاجأ الجميع بأنها قد شارفت علي التاسعه مساءً.. وتلاقت اعينهم في نظرة فيما معناها.. أبلفعل إستغرقنا كل هذا الوقت!؟
فنهض الجميع حين تداركوا عدد الساعات الطويله التي أمضوها في غرفة الاعترافات، دون الشعور بالوقت، أو بالجوع، أو بأي شيئ سوي الفضول فقط.
فخرجوا وتناولوا العشاء، وشاركهم الأطفال هذه المره في الجلوس علي مائدة الطعام، وتناول العشاء، فهم مثلهم لم يشعروا بالوقت هم الآخرين، بسبب إلتهائهم باللعب في الالعاب التي أحضرها لهم حسام.
انهي كلً من الثلاثه تناول طعامه في آن واحد، وعلي الفور أصدر عبدالله فرمانه للأولاد.. بالخلود اللي النوم في التوا واللحظه، وأعطى أمره لسماح زوجته بتحضير طاقم من القهوة..
وقام بإختطاف حسام، وإدخاله الي غرفة الإعترافات سحباً، دون إعطائه أية فرصه للتملص من قبضته.
فعاد الجميع الي الغرفه، وأغلق عبدالله الباب، وأشعل حسام سيجارً وبدأ في تدخينه، واضطر عبدالله للصبر؛ الي أن ينتهي حسام من سيجارته.. وأيضاً ينتهي حمزه من طقوس قهوته.. التي أعلنت سماح عن الإنتهاء من إعدادها،
فخرج عبدالله لإحضارها علي الفور، وقام يشرب فنجانه علي رشفتين، وبدأ في مراقبة حمزه وحسام..
الذى رأى أنهم يتلكأون بلا داعي، وإن كان له حكم عليهم في هذه اللحظه.. لأمسك قهوة حمزه والقاها من النافذه، ويليها سيجار حسام، ويتخلص من وسائل الالهاء هذه دفعة واحده، وتكتمل الحكايه..
ولكنه يعلم أن هذا غير ممكن،ولذلك إكتفي بوضع يده على خده راجياً من الله الصبر..
وها هو يعتدل في جلوسه، وقد إنفرجت أساريره، فقد أنهي حمزه قهوته تواً، بالتزامن مع إنهاء حسام لخاصته وها هو حسام يتنحنح كي يجلوا صوته لمواصلة الحديث:
مكدبش عليكم طول فترة حمل سمر، ولغاية ميعاد ولادتها، كان كل شيئ عادي بالنسبالي.. يعني مفيش أي حاجه إتغيرت جوايا، ولا حملها كان فارقلي زي ماكانت عارفه ومتأكده من ده..
لكن يوم ولادة قاسم، وأول لحظه أشيله فيها بين إيديا وأبصله.. كل دا إتغير.. حسيت ساعتها بإحساس غريب، توتر علي رهبه، علي خوف.. علي إحساس تاني مختلف كلياً معرفتش أفسره.. لكني رغم كل الأحاسيس دي إبتسمتله لما إبتدي يبكي بصوته الناعم ويعلن عن وجوده، ويأكدلي إنه أكبر حقيقه فحياتي.. إبني وحته مني.
أخدته أمي مني بعد ماكبرت فودنه وسمت هي كمان عليه وبصتله وضحكت، وبعدين بصتلي والدموع إبتدت تتكون فعنيها وهي بتهمسلي:
سميه قاسم ياحسام.. خلد إسم عمك ياحبيبي اللي مجابش ولد عشان يشيل إسمه، وبنته مش هتخلف، وخلاص نسله هيتقطع من الدنيا.
هزيتلها دماغي بموافقه وبصيت للولد وقولتله:
خلاص ياقاسم إسمك إتقرر وهتتسمي علي إسم أعز الحبايب.
وسميناه قاسم، ومن يوم ماقاسم بيه شرف، وإبتدا رباط قوي كل مادا يربطني بسمر ويقربني منها.. بقيت أحب القعده معاهم، واللعب مع قاسم.. كانت شقتهم هي واحة الراحه بالنسبالي.. اللي بفصل فيها من العالم كله.. وحتي إحساسي بالذنب من ناحية ود وإحساسي بالخيانه ليها إختفي.. وشفت إن البصه فوش قاسم وضحكه منه تستحق المخاطره اللي خاطرتها لما إتجوزت أمه.
ولكن بالرغم من كل دا.. الا إن ود لسه مكانتها فقلبي محفوظه، وحبي ليها منقصش ولاذره.. وكنت بتفنن في إرضائها دايماً، وتعويضها عن عدم الخلفه، وحتي في إستقطابها ليا، وإغرائها إنها تقضي معايا وقت أكبر.. ودا كان من خلال حاجات كتيره جداً.. زي خطفي ليها من شغلها فالوقت اللي اشوفه مناسب، واللي أحس إن جسمها وعقلها محتاجين لساعات من الراحه يفصلوا فيها شويه من إجهاد الشغل..هدايا من وقت للتاني،
وزي كمان زراعتي للجنينه، اللي بنيت أحواضها من فتره طويله، ومن ساعتها مش لاقي الوقت إني أعمل دا.. وبعت إشتريت كل أنواع الورود اللي بتحبها وزرعتها، عشان الجنينه تكون مكان مريح وجميل تحبه ود وتحب القعده فيه معايا.
وإبتدت أشجار الورود تكبر وتعلي، والجنينه كلها إتحولت لبساط أخضر، ويوم عن يوم بعتني بيها، ومنظرها بيكون أجمل..وخلاص بوادر طرح الورود بانت بشايره، وشفت برعم صغير ظهر فشجرة ورد بلدي،
حسيت روحي طاير من الفرحه أول ماشفته، وكنت مقرر إني أقول لود عليه النهارده وأفرحها بولادة أول ورده من تعب أيدي، ومن الورود اللي زارعها عشانها.
وطلعت التليفون عشان أتصل بيها وأقولها.. لكني قبل ماأتصل بيها لقيت تليفوني بيرن برقم سمر!
قلقت ورديت عليها فوراً.. أصلها مش متعوده تتصل بيا، فقولت أكيد فيه كارثه حصلت لإتصالها دا.
رديت عليها بخوف، وصوتها الباكي خلي كل حيلي باد وهي بتقولي:
حسام الحقني قاسم تعبان وهيروح مني، وأنا مش عارفه أتصرف إزاي، أنا من الصبح بديله فمخفضات حراره، وأعمله كمادات، لكن كل مالحراره تنزل.. شويه وبتطلع تاني أكتر من الأول.
صرخت فيها من خوفي بدون وعي ولا إداراك للمكان اللي أنا فيه:
ولما الولد تعبان من الصبح موديتيهوش لدكتور ليه ياسمر؟! معقوله إهمالك دا! اقفلي انا جايلك مسافة الطريق.. عايز لما أوصل تكوني لبستي ولبستي الولد؛ عشان آخده للدكتور.
وقفلت مع سمر، ولسه هتحرك.. لقيت كريمه واقفه ورايا.. وأنا شفتها من هنا، وقلبي وقع فرجلي، وحسيت إن فيه مصيبه علي وشك الحدوث.
وهنا صاح عبدالله صيحة مفاجئة:
ياااابويا.. دنا قلبي وقع فرجلي وأنا قاعد بسمعك دلوقتي..داأنت كتر خيره قلبك ده.
فأكمل حسام متجاهلاً تعقيب عبدالله..
ساعتها مكانش فيا دماغ إنى أحاول أتصرف مع كريمه، أو أصرف تركيزها بأي حيله، وأشتت دماغها..
جايز فموقف تاني كنت قدرت أعمل كده، أو كنت حاولت، لكن في الموقف دا بالذات مقدرتش، ولا كان في دماغي غير تعب قاسم، وصوت سمر اللي بتبكي بحرقه لأول مره فحياتها، وأنا عارف إن دموع سمر متنزلش غير فأصعب الأحوال.
فأخدت عربيتي وجريت، وودينا الولد مركز، وإبتدوا الدكاتره في علاجه من التهاب رئوي حاد + ميكروبه في الدم، وبصيت للولد لقيته منتهي فأيد الدكاتره، ومش عارف أمتا حصله كده! وهو لسه أول إمبارح لما كنت عندهم كان بيلعب معايا وزي الفل!
وبعد ساعات من الفحص والعلاج، أخيراً جسم الولد إستجاب للادويه، وبدأت حرارته تنزل، والدكاتره طمنونا عليه، ولما إتصلت أمي علي تليفون سمر، قولتلها تطمنها، لأن سمر قالتلي إنها عرفتها إن قاسم تعبان، وكانت كل خمس دقايق تتصل عشان تتطمن عملنا أيه..وهِديت أخيراً، وحسيت صوتها إرتاح؛ لما سمر طمنتها.. أصل قاسم دا بالنسبه لأمي النفس اللي بتتنفسه.
وأخدناه ورجعنا للبيت، وأنا حاطط في حسباني.. ماهي الا مسألة وقت قليل جداً وود وهتعرف كل حاجه.. وبدأت أستعد نفسياً للحظه دي، وأتوقع كل ردود أفعال ود لما تعرف إني متجوز عليها من سنين ومخلف كمان.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية